معارف إِلٰهيَّة : (6) قضايا و تنبيهات / القضيَّة و التَّنْبِيه السادس :
18/04/2024
القضيَّة و التَّنْبِيه السَّادس : / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / المعرفة الحقَّة هي العملة الصَّعبة / إِنَّ المعرفة الحقَّة هي العملة الصَّعبة في عَالَم : القبر ، والبرزخ ، والرَّجعة، والقيامة ، والآخرة الأَبديَّة وما بعدها. / عَظَمَة وخطر وهول الرُّؤْيَة العقائديَّة / وبعبارة أُخْرَى : هناك فارق بين الرُّؤْيَة العقائديَّة من جهة والرُّؤية الفكريَّة والسياسيَّة والأَخلاقيَّة وفقه الفروع من جهةٍ أُخرىٰ ؛ فإِنَّ طبيعة الرُّؤية العقائديَّة رؤية جبَّارة واسعة الأُفق والمدىٰ ، وعبارة عن ملفَّات وبرامج تبقىٰ فعَّالة في العوالم اللَّاحِقَة غير المتناهية ؛ فلذا صارت العقيدة أَصل الدِّين وعروته الوثقىٰ ، ومن ثَمَّ مَنْ يتمسَّك بالعقيدة والمعرفة الْحَقَّة تكون له أَمان عبر جملة العوالم غير المتناهية ، وضمان واثق جِدّاً أَعظم من دون قياس من ضمان فقه الفروع (1)؛ فلذا مَنْ يمتلك معلومات وخريطة ورؤية عقائديَّة ومعرفيّة حَقَّة يُنتقل به من عَالَمٍ إِلى آخر من دون أَنْ يعتريه اِضطراب أَو حيرة أَو بلبلة ؛ لكون الخريطة العقائديَّة والمعرفيَّة للعوالم اللَّاحِقَة ـ كعَالَم : البرزخ ، والرَّجْعَة ، والقيامة ، والآخرة الأَبديَّة وما بعدها ـ مكشوفة ومعلومة لديه من البداية ، فتهون عليه أَهوال تلك العوالم غير المتناهية ، ولا تحصل لديه مفاجئة واضطراب . بخلاف مَنْ حَرَمَ نفسه أَو حُرِمَ من تلك المعلومات والخريطة والرُّؤية العقائديَّة والمعرفيَّة ؛ فإِنَّه سرعان ما يضطرب بمُجرَّد اِنتيابه أَو اِعتراءه حالة في بدنه أَو في نفسه أَو في روحه أَو عقله أَو قلبه أَو سرِّه أَو خفيِّه أَو أَخفاه ؛ كمفارقة كُلّ واحدةٍ من هذه الطَّبقات لحقيقته . بعد الاِلتفات : أَنَّ أَهوال كُلّ عَالَم ٍمن العوالم الصَّاعدة بالنِّسبَة إِلى ما قبلها من أَهوال العوالم النَّازلة أَكثر اِضطراباً وأَخطر اِنْزِلاقاً . وبالجملة : طبيعة الرُّؤية العقائديَّة : رؤية واسعة المدىٰ ، عظيمة الشأن والتَّأثير والهيمنة والتَّحَكُّم في توازن المخلوق ـ لاسيما الإِنسان ـ في جملة شؤونه وحالاته ، وعبر كافَّة العوالم غير المتناهية ؛ لاسيما في العوالم الصَّاعدة . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) لَا بَأْسَ بالْاِلْتِفَات إِلى أَنَّ مقصود الفقهاء والمُتكلِّمين من أَنَّ تفاصيل العقائد من الفروع : أَنَّها لا تُخرج مَنْ لا يعتقد بها من حومة الإِيمان . نعم قد يَحْرِمَ نفسه ويُفوِّت عليها في الآخرة الأَبديَّة مراتب وكمالات وفضائل أَبديَّة صاعدة . فانظر : بيانات الوحي ، منها : بيان أَبي جعفر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « فضل إِيمان المؤمن بحمله : [إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ] [القدر: 1] وبتفسيرها على من ليس مِثْله في الإِيمان بها كفضل الإِنسان على البهائم . وإِنَّ اللّٰـه تعالىٰ ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدُّنيا لكمال عذاب الآخرة لِـمَن علم أَنَّه لا يتوب منهم ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين ، ولا أَعلم في هذا الزَّمان جهاداً إِلَّا الحجّ والعمرة والجوار ». بحار الأَنوار، 25: 74/ ح63. كنز الفوائد: 395ـ 398