الرئيسية | تنبيهات وقضايا وملاحظات | قضايا و تنبيهات | معارف إِلٰهيَّة : ( 44 ) قضايا و تنبيهات / القضيَّة و التَّنْبِيه الرابع و الاربعون

معارف إِلٰهيَّة : ( 44 ) قضايا و تنبيهات / القضيَّة و التَّنْبِيه الرابع و الاربعون

23/04/2024


القضيَّة و التَّنْبِيه الرابع و الاربعون: / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين . / وجوب أَخذ الطبقات الثلاث في الحدِّ التَّام لماهيَّة الإِمام عليه السلام/ مَنْ يُريد تعريف ماهيَّة الإِمام عليه السلام وبيان حقيقته فعليه أَنْ يأخذ في حدِّه ما أَخذته بيانات الوحي الإِلٰهيّ من تلك الطبقات الثلاث ـ أَي : الطبقات الصَّاعدة والمتوسطة والنَّازلة ـ من حقائق أَهل البيت عليهم السلام ، لا سيما الطبقة الصَّاعدة ؛ فإِنَّها الكمال الأَعظم ؛ والعِلَّة الغائيَّة من خلقه ذواتهم وحقائقهم عليهم السلام المقدَّسة الشريفة المتوسطة والنَّازلة ، ومن ثَمَّ أَقَرَّ أَصحاب العلوم العقليَّة ـ كـ : المناطقة والفلاسفة ـ : أَنَّ غاية الشيء أَعظم وأَكمل تعريفاً له من تعريفه بجنسه وفصله. ومعناه : أَنَّ كُنْه الشيء وكمال حقيقته يتمثَّل في : (عِلَّته الغائيَّة). إِذَنْ : معرفة الشيء بـ : (عِلَّته الغائيَّة) أَعظم وضوحاً وأَخطر بياناً ومعرفة وغوراً من معرفته بأَجزائه الدَّاخليَّة. ومنه يتَّضح : المراد من قولهم : «إِنَّ حقيقة الشيء بفصله الأَخير» أَي : بغايته وكماله الأَخير. / طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام علل غائيَّة/ وللتوضيح أَكثر نقول : إِنَّ هناك قاعدة تُذْكَر في المباحث المعرفيَّة ، وهي: «إِنَّ الموجود والمخلوق السَّافل لا يُخلق لأَجل الموجود والمخلوق السَّافل ، بل لأَجل الموجود والمخلوق العالي». وعليه : تكون جملة العوالم الإِلٰهيَّة غيرالمتناهيَّة ، وكافَّة المخلوقات الإِلٰهيَّة غيرالمتناهية ايضا مخلوقة لأَجل طبقات حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة. وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان حديث الكساء : «... وعِزَّتي وجلالي ... إِنِّي ما خَلَقتُ سمآءُ مبنيَّة ولا أَرضاً مدحِيَّةً ، ولَا قَمَراً مُنيراً ، ولَا شمساً مُضيئةً ، ولا فَلَكاً يَدُور ، ولا بحراً يَجري ، ولا فُلْكاً تَسرِي إِلَّا لأَجْلِكُمْ ... [إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا](1) ...»(2). 2ـ بيان الحديث القدسي مُنضمّاً إِليه بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... وأَنَّ أَبي آدم لَـمَّا رأَىٰ اسمي واسم عَلِيّ وابنتي فاطمة والحسن والحسين وأَسمآء أَولادهم مكتوبة على ساق العرش بالنُّور قال : إِلٰهي وسيِّدي ، هل خلقتَ خلقاً هو أَكرم عليكَ مِنِّي ؟ فقال : يا آدم ، لولا هذه الأَسمآء لَـمَا خلقتُ سمآءً مبنيَّة ، ولا أَرضاً مدحيَّة ، ولاملكاً مُقَرَّباً ، ولا نبيّاً مرسلاً ، ولا خلقتك يا آدم ، فلَمَّا عصىٰ آدم ربَّه وسأله بحقِّنا أَنْ يتقبَّل توبته ، ويغفر خطيئته فأجابه ، وكُنَّا الكلمات تلقَّاها آدم من ربِّه (عزَّوجلَّ) ، فتاب عليه، وغفر له ... فحمد آدم ربَّه (عزَّوجلَّ) وافتخر على الملائكة بنا...» (3). 3ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه : «... وإِنَّ جميع الرسل والملائكة والأَرواح خلقوا لخلقنا ...»(4). 4ـ بيان الإِمام زين العابدين عليه السلام : «...إِنَّ لَنَا عند اللَّـه منزلة ومكاناً رفيعاً ، ولولا نحن لم يخلق اللَّـه أَرضاً ولا سمآءً ، ولا جنَّةً ولا ناراً ، ولا شمساً ولا قمراً ، ولا بَرّاً ولا بحراً ، ولا سهلاً ولا جبلاً ، ولا رطباً ولا يابساً ولا حلواً ولا مرّاً ، ولا ماءً ، ولا نباتاً ولا شجراً ، اخترعنا اللَّـه من نور ذاته، لا يُقاس بنا بشر...»(5). 5ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... لَـمَّا رأَوا أَسماءنا مكتوبة على سرادق العرش ... قال اللَّـه : ... لولا هؤلاء ... ما خلقتُ سمآءً مبنيَّة ، ولا أَرضاً مدحيَّة ، ولا مَلَكاً مُقرَّب ، ولا نبيّاً مرسل ، ولا خلقتكَ يا آدم ...»(6). 6ـ بيان الإِمام الرضا صلوات اللَّـه عليه : «... وإِنَّ آدم لَـمَّا أَكرمه اللَّـه (تعالىٰ ذكره) بإسجاد ملائكته له ، وبإِدخاله الجنَّة قال في نفسه : هل خلق اللَّـه بشراً أَفضل مِنِّي ؟ فعلم اللَّـه (عزَّوجلَّ) ما وقع في نفسه فناداه : ارفع رأسكَ يا آدم ، فانظر إِلى ساق عرشي ، فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش، فوجد عليه مكتوباً : لَا إِلٰه إِلَّا اللَّـه ، مُـحمَّد رسول اللَّـه ، عَلِيّ بن أبي طالب أَمير المؤمنين ، وزوجته فاطمة سيِّدة نساء العالمين ، والحسن والحسين سيِّدا شباب أَهل الجنَّة. فقال آدم عليه السلام : يا ربّ ، مَنْ هؤلاء ؟ فقال (عزَّوجلَّ) : من ذرِّيَّتكَ ، وهم خير منكَ ، ومن جميع خلقي ، ولولا هُم ما خلقتك ، ولا خلقتُ الجنَّة والنَّار ، ولا السَّمآء والأَرض ، فإِيَّاكَ أَنْ تنظر إِليهم بعين الحسد؛ فأخرجكَ عن جواري...»(7). ودلالة الجميع واضحة. وهذا أَحد معاني خلوص وإِخلاص السافل للعالي ؛ لأَنَّ كمال السَّافل يكمن في توجُّهه إِلى العالي ، لا في تمحوره حول ذاته. ومنه تتَّضح : كثير من بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان الحديث القدسي مخاطباً (تقدَّس ذكره) سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «يا أَحمد، لولاك لَـمَا خلقتُ الأَفلاك ، ولولا عَلِيّ لَـمَا خلقتُكَ ، ولولا فاطمة لَـمَا خلقتكما»(8). فإِنَّه دالٌّ على أَنَّ جملة الأَفلاك لم تُخلق لولا حقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ؛ فإِنَّها علَّة غائيَّة لها. وكذا طبقات حقيقته صلى الله عليه واله النَّازلة ؛ فإِنَّها لم تُخلق لولا طبقات حقيقة أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه الصَّاعدة ؛ فإِنَّ طبقات حقيقته عليه السلام الصَّاعدة علَّة غائية لطبقات حقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله النازلة. وعلى هذا قس طبقات حقيقتيهما صلوات اللَّـه عليهما وعلى آلهما النازلة ؛ فإِنَّها لم تُخلق لولا طبقات حقيقة فاطمة الزهراء صلوات اللَّـه عليها الصَّاعدة؛ فإِنَّها علَّة غائيَّة لطبقات حقيقتيهما صلوات اللَّـه عليهما وعلى آلهما النازلة. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الأَحزاب : 33. (2) عوالم العلوم ، 11/قسم : 2 : 933. (3) بحار الأَنوار ، 35 : 23/ح15 . الروضة البهية : 17 ـ 18. روضة الواعظين : 72 ـ 74. (4) بحار الأَنوار ، 39 : 350/ح24. تفسير فرات : 61 ـ 62. (5) بحار الأَنوار ، 26 : 8 ـ 17/ح2. (6) الهداية الكبرىٰ : 432. (7) بحار الأَنوار ، 26 : 273/ح15. عيون الأَخبار : 170. (8) عوالم العلوم ، 11: 43. ملتقىٰ البحرين: 14. مستدرك سفينة البحار، 3: 334.