/ الفَائِدَةُ : (152) /
04/08/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / تَعَصِّي البعض عن قبول ما ورد في حقِّ أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ / العجب مِـمَّن يدَّعي ويزعم انتسابه إِلى مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وهو لا يقبل ببيانات الوحي الواردة في حقِّهم ، ويرفض طُرق العامَّة فضلاً عن طُرق الخاصَّة ، وكأَنَّه يقطع نفسه عن تراث السُّنَّة الشَّريفة . وقد حكمت كلمة المسلمين بالإِجماع على مَنْ يقطع نفسه عن هذا التراث العظيم والخطير بـ : الخروج عن مِلَّة المسلمين ؛ فإِنَّ أَقلّ وأَدْنَى مراتب الإِسلام ؛ ولا يصير الشخص من عبدة الشَّيطان(1) قبوله بالروايات المتواترة بين الفريقين . والإِنسان وإِنْ كان حرّاً في ذلك ، لكن : عليه أَنْ يعلن عن نفسه ، ويكون صريحاً مع الآخرين ، ولا يخدعهم ، ولا يُشبِّه ولا يُزيِّف عليهم : أَنَّه من المُتشبِّثين ببيانات الثقلين ، والصدق هو الأَهم ، والخداع معيب ودجل ومكر وخديعة . وإِلى أَصحاب هذا الخطّ تُشير بيانات الوحي ، منها : بيان سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : « ... أَيُّها النَّاس ، مالكم إِذا ذُكر إِبراهيم وآل إِبراهيم أَشرقت وجوهكم ، وإِذا ذكر مُحمَّد وآل مُحمَّد قست قلوبكم وعبست وجوهكم ؟! والَّذي نفسي بيده لو عمل أَحدكم عمل سبعين نبيّاً لم يدخل الجنَّة حتَّىٰ يحبّ هذا أَخي عليّاً ووُلْده ، ثُمَّ قال عَلَيْهِ السَّلاَم : إِنَّ للّٰـه حقّاً لا يعلمه إِلَّا أَنا وَعَلِيّ، وإِنَّ لي حقّاً لا يعلمه إِلَّا اللّٰـه وعَلِيّ ، وله حقّ لا يعلمه إِلَّا اللّٰـه وأَنا » (2). ودلالته واضحة ؛ فإِنَّ أَصحاب هذا الخطّ والمنهج والمسلك ومن جرىٰ على شاكلتهم يُحاولون بكُلِّ ما أُوتوا من صنعةٍ ـ بدعوىٰ التَّحقيق ـ هدم كُلّ ما ورد ـ من شؤونٍ وأَحوالٍ ومقاماتٍ وفضائلٍ وكمالاتٍ ـ في حقِّ أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم تحت ذريعة : الغُلُوّ ؛ وما شاكله من ادِّعاء : ضعف السند ، أَو ضعف الدلالة ، أَو عدم المقبوليَّة ؛ وإِنْ كان ذلك ثابتاً بعشرات ، بل بمئات الطُّرق والبيانات الوحيانيَّة والسِّيَر والنقول التأريخيَّة وما شاكلها ، وكانت دلالاتها صريحة وواضحة كالشَّمس الضاحية ولا غبار عليها ، وفي مقابل ذلك لا يتورَّعون ولا تجد هذه الحساسيَّة موجودة عندهم في حقِّ سائر المخلوقات ، فيتشَبَّثون من دون أَيّ تقوىٰ بكُلِّ شاردةٍ وواردةٍ ، كتشبُّث الغريق بالطحلب ؛ لإِثبات مقامات لهم(3) وكرامات وفضائل وكمالات ، ولا يعتنون بسندها ولا بدلالتها ، فما عدا مِمَّا بدا . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مشكلة (إِبليس) وأزمته السرمديَّة في الخلقة ، الَّتي تذكرها بيانات الوحي لبدء طريق الشَّرِّ تكمن في عدم الولاية لولي اللّٰـه (عَزَّ وَجَلَّ) . وشعاره ليس الإِلحاد ، بل التَّوحيد ، لكن بكفر واِنكار الوسائط . وَمِنْ ثَمَّ ورد في بيانات أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : أَنَّه يُحاجج جملة من الأَنبياء عليهم السلام في التَّوحيد ، ويَدَّعي أَنَّه أَدقُّ تنظيراً في بعضها. وهذا المذهب نفس مذهب الوهابيَّة والسَّلفيَّة حَذْوَ النَّعْلِ بالنَّعْلِ . وهو نفس عبادة الشَّيطان الْمُتَّخَذَة في العصر الرَّاهن ، نعم هذه العبادة على مذاهب ، وتتلبَّس بموضات مختلفة ؛ كيما لا تُكشف ، وهي قائمة على الفواحش والفجور ، وسفك الدماء ، وهتك الأَعراض ، وسلب الأَموال . (2) بحار الأَنوار، 27: 196/ح56. الروضة : 147. (3) مرجع الضمير: سائر المخلوقات