معارف الهية (70) تعريف حقيقة الامام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية
25/03/2024
الدرس (70 ) بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، لازال البحث في تعريف حقيقة الامام عليه السلام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية ، ومر الكلام في الدرس ( 54) انه لابد من التعرض لبيانات الوحي ليتجلى ذلك التعريف ، واذا رجعنا الى تلك البيانات لوجدناها على طوائف ، تذكر كل طائفة منها بعض خصائص ذلك التعريف وفصوله واجناسه ، وسنذكر ( ان شاء الله تعالى ) ( 13 ) طائفة ، مر الكلام عن الطائفة الاولى في الدرس ( 54 ) ، وعن الطائفة الثانية والثالثة في الدرس ( 55 ) ، وعن الطائفة الرابعة في الدرس ( 56 و 57 ) ، وعن الطائفة الخامسة في الدرس ( 58 ) ، ووصل البحث ( بحمد الله تعالى ) ولا زال في الطائفة السادسة، وكانت تحت عنوان : ( لامامة اهل البيت عليهم السلام اياد خطيرة ومهولة ) ، منها الاسم الاعظم ، وروح القدس ، ولازال الكلام في هذا المبحث الاخير ، ووصل بنا البحث الى المطلب التالي : /الفيوضات الإِلهيَّة لا تكون إِلاَّ عن طريق حقيقة سيِّد الأَنبياء ’ وحقيقة أَمير المؤمنين ×/ ومنه يتَّضح أَيضاً : أَنَّ الَّذي يُنبئ عن اللَّـه عزَّوجلَّ بالمباشرة ليس هو إِلَّا سيِّد الأَنبياء ’ حسب ، أَمَّا سائر المخلوقات المُكرَّمة فلا تنبئ عن اللَّـه تقدَّس ذكره إِلَّا بتوسط طبقات حقيقة سيِّد الأَنبياء ’ الصَّاعدة ؛ فسائر أَنبياء أُولي العزم ـ كالنَّبيّ إِبراهيم ـ ، بل وطبقات حقيقة سيِّد الأَنبياء ’ المتوسطة والنَّازلة ؛ والملائكة المُقرَّبين ـ كجبرئيل وإِسرافيل ـ وحقيقة القرآن الكريم الصَّاعدة لا ينبؤون عن اللَّـه تعالىٰ ذكره بالمباشرة ، وإِنَّما بتوسُّط نور وطبقات حقيقة ذات سيِّد الأَنبياء ’ الصَّاعدة ، بل ولا ينبؤون عن نور سيِّد الأَنبياء ’ وطبقات حقيقته الصَّاعدة من دون واسطة ، وإِنَّما بواسطة بابه الأَوحد : نور وطبقات حقيقة ذات أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه الصَّاعدة ، فالَّذي ينبئ عن نور وحقيقة ذات سيِّد الأَنبياء’ الصَّاعدة من دون واسطة قَطُّ ليس هو إِلَّا نور وطبقات حقيقة ذات أَمير المؤمنين × الصَّاعدة. وعليه : فيكون وحي جبرئيل × ليس هو من اللَّـه عزَّوجلَّ بالمباشرة ، بل من نور وقلب سيِّد الأَنبياء ’ في تلك الطبقة ، وبواسطة نور وقلب أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه في تلك الطبقة أَيضاً ، ثُمَّ يوصله ويُبلِّغه بدن ونفس سيِّد الأَنبياء ’ الجزئيَّين ، فحقيقة وحي جبرئيل × هو من سيِّد الأَنبياء إِلى سيِّد الأَنبياء ’ ، بوساطة نور أَمير المؤمنين ×. وهذا ما يوضِّح : نكتة وسبب وفلسفة : غاية التواضع الَّذي يبديه جبرئيل × لسيِّد الأَنبياء ’. فانظر : بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق × : «كان جبرئيل إِذا أَتىٰ النَّبيّ ’ قعد بين يديه قعدة العبد ، وكان لا يدخل حتَّىٰ يستأذنه»(1). وعلى هذا قس : نبوَّة سائر الأَنبياء والرُّسل ^ ، منهم : سائر أَنبياء أُولي العزم ، كالنَّبيّ إِبراهيم × ؛ فإِنَّها ليست من اللَّـه (جلَّ ذكره) بالمباشرة ، وإِنَّما بواسطة نور وقلب وطبقة حقيقة سيِّد الأَنبياء ’ الصَّاعدة ؛ وبتوسط نور وقلب وطبقة حقيقة أَمير المؤمنين × الموازية لتلك الطبقة والمرتبة. وإِلى هذا تُشير بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء ’ مخاطباً أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه : «ياعَلِيُّ ، كنتَ مع الأَنبياء سرّاً ومعي جهراً»(2). 2ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه : «كنتُ مع الأَنبياء باطناً ومع رسول اللَّـه ظاهراً»(3). 3ـ بيانه صلوات اللَّـه عليه أَيضاً : «كان اللَّـه ولا شيء معه ، فأَوَّل ما خلق نور حبيبه مُحمَّد ’ ... فقطرت منه قطرات كان عددها مائة أَلف وأَربعة وعشرين أَلف قطرة ، فخلق اللَّـه تعالىٰ من كلِّ قطرةٍ من نوره نبيّاً من الأَنبياء ، فلَمَّا تكاملت الأَنوار صارت تطوف حول نور مُحمَّد ’ ، كما تطوف الحجاج حول بيت اللَّـه الحرام ، وهم يُسبحون اللَّـه ويحمدونه...»(4). 4ـ بيان الإِمام الصَّادق × ، عن المُفضَّل ، قال : «قال لي أَبو عبداللَّـه×: يا مُفضَّل ، أَمَا علمت أَنَّ اللَّـه تبارك وتعالىٰ بعث رسول اللَّـه’ وهو روح إِلى الأَنبياء ^ ؛ وهم أَرواح قبل خلق الخلق بألفي عام؟ قلتُ: بلىٰ. قال: أَما علمتَ أَنَّه دعاهم إلى توحيد اللَّـه وطاعته واتباع أَمره، ووعدهم الجنَّة على ذلك ، وأَوعد من خالف ما أَجابوا إِليه وأَنكر النَّار؟ فقلتُ: بلىٰ»(5). ودلالة الجميع واضحة على أَنَّ نبوَّة سائر الأَنبياء والرُّسل ^ لا تكون إِلَّا عن طريق نور ومراتب حقيقة سيِّد الأَنبياء ’ الصَّاعدة ، وحيث ثبت في بيانات الوحي في المسائل والأَبحاث المُتقدِّمة ، بل وما سيأتي (إِنْ شاء اللَّـه تعالىٰ) : أَن نور وطبقات حقيقة أَمير المؤمنين × الصَّاعدة هي السبيل والطريق الحصري الوحيد للوصول إِلى فيض نور سيِّد الأَنبياء ’ كانت نبوَّة سائر الأَنبياء والرسل ^ ووحيها وكُلّ ما يتعلَّق بارتباطها بالسَّاحة الإِلٰهيَّة عن طريق نور وحقيقة طبقات أَمير المؤمنين × الصَّاعدة. وهذا بعض ما قصداه البيانان الأَوَّلان. والخلاصة : أَوَّلاً : أَنَّه من نور سيِّد الأَنبياء ’وطبقات حقيقته الصَّاعدة أُوحي إِلى جملة سائر الأَنبياء والرسل والأَوصياء ، منهم : سائر أَنبياء أُولي العزم ... وتتمة البحث تاتي (ان شاء الله تعالى )، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 26 : 338/ح2. علل الشرائع : 14. (2) معارج العُلىٰ (مخطوط). (3) مصباح الهداية : 142. (4) بحار الأَنوار ، 54 : 198 ـ 202/ح145. (5) المصدر نفسه ، 39 : 194 ـ 196/ح5. علل الشرائع : 65.