الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة | معارف إِلٰهيَّة : (144) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة

معارف إِلٰهيَّة : (144) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة

08/06/2024


الدرس (144) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، لازال البحث ( بحمد الله تعالى) في المطلب السابق ، وكان تحت عنوان : ( التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة) ، ووصل بنا الكلام الى بيانات و أَدلَّة المسالة : / أَدلَّة ضرورة التَّوسُّل والوسيلة والآية وسائر مرادفاتها العقليَّة / وإِلى ما تقدم يشير كم غفير من بيانات و أَدلَّة وبراهين الوحي الدَّالَّة على ضرورة التَّمَسُّك بالوسيلة ـ والآية الإِلٰهيَّة وسائر مرادفاتها الإِلٰهيَّة العقليَّة ـ للارتباط بساحة القدس الإِلٰهيَّة في قوس الصُّعود والنزول ، منها : أَوَّلاً : بيان قوله تعالىٰ ذكره : [ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ](1). بتقريب : أَنَّ الآيات الإِلٰهيَّة على نمطين : أَحدهما : ناطقة. الآخر : صامتة. والنَّمط الثَّاني حيث ليست لها دعوىٰ وادّعاء فلا يتَّصَف المؤمن بها بـ : (التَّصديق بها) ، ومنكرها بـ : (التَّكذيب بها) ، وإِنَّما يتَّصف بـ : (الإِيمان والإِعتبار بها) ، و (الكفر والجحود بها والإِعراض عنها). فانظر : بيانات الوحي ، منها : بيان قوله علا ذكره : [ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ](2). بخلاف النَّمَط الأَوَّل ، حيث إِنَّ لها دعوىٰ وادِّعاء صحَّ اتِّصاف مَنْ يُؤمن بها بـ : (التَّصديق بها) ، ومَنْ لا يُؤمن بها بـ : (التَّكذيب بها)(3). فلاحظ : بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... والدَّليل على أَنَّ هذا في الرَّجعة قوله عزَّوجلَّ :[ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ](4) قال : الآيات أَمير المؤمنين والأَئمَّة عليهم السلام ...» (5). وحيث حَكَمَ بيان قوله (تعالىٰ ذكره) بـ : أَنَّ مَنْ يُكذِّب بآيات اللّٰـه ويستكبر عليها ويصدُّ عنها(6) يستحيل عليه وعلى معارفه وأَعماله الصَّالحة وعباداته : ولوج أَبواب السَّمآء والدُّخول في الجنَّة ثبت المطلوب. وهذا برهان وحيانيٌّ دالٌّ بإِطلاق منطوقه : أَنَّ تحصيل التَّوحيد والإِيمان الحقّ ، والمعارف الحقَّة ، وقبول التَّوبة ، ونيل الحُظوَة والحبوة الإِلٰهيَّة، والقرب إِليه (سبحانه وتعالىٰ) لا يكون إِلَّا بالتَّشَفُّع بالوسائل والآيات الإِلٰهيَّة النَّاطقة ؛ وسائر مرادفاتها العقليَّة المنصوبة من قِبَل الباري (تبارك اسمه) ؛ طبقات حقائق أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام الصَّاعدة ، وحصر العروج والوصول إِلى السَّاحة الإِلٰهيَّة المُقدَّسة بها. ودالٌّ بمفهومه : أَنَّ التَّوسُّل والتَّشَفُّع بالوسائط غير المجعولة ؛ وغير المنصوبة مِنْ قِبَلِ اللّٰـه (تبارك وتعالىٰ) حوالة على مُفلِّس ؛ تورِث مَنْ تَمَسَّكَ بها : شرك ووثنيَّة ، وضلال وانحراف ، وعبادة لغير اللّٰـه تعالىٰ ، وظنون فاسدة ، وتوهمات كاذبة تمليها عليهم أَنفسهم وتوهمهم الحقيقة ، لكنَّ واقعها [ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ](7). ثانياً : بيان قوله جلَّ جلاله : [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ] (8). فإِنَّه يُثبت بإِطلاقه : ضرورة التَّشَفُّع بالواسطة والوسيلة الإِلٰهيَّة ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الأعراف : 40. (2) القمر : 1 ـ 2. (3) هذه نتفة معرفيَّة مهمَّة جِدّاً ينبغي الإِلتفات إِليها. ومنه يُعلم : أَنَّ كُلَّ لبنةٍ وخطوةٍ ولفظةٍ واردة في بيانات الوحي : معادلة مجهريَّة ضخمة ورهيبة جِدّاً. (4) النمل : 83 ـ 84. (5) مختصر البصائر : 152/ح118 ـ 18. (6) ينبغي الإِلتفات : أَنَّ بيان قوله (تعالىٰ ذكره) : [ وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا ] دالٌّ مِنْ باب التَّضمين على فعل وفاعل محذوف ، يُناسب سياق الكلام ، ويناسب الجار والمجرور [ عَنْهَا ] ، وهو: [ ويصدُّون ]، وإِلَّا كان المناسب لجملة :[ وَاسْتَكْبَرُوا ] أَنْ يكون الجار والمجرور المرتبط بها : (عليها) كما هو واضح. (7) النور : 39. (8) المائدة : 35