الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة | معارف إِلٰهيَّة : (148) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة

معارف إِلٰهيَّة : (148) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة

12/06/2024


الدرس (148) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، لازال البحث ( بحمد الله تعالى) في المطلب السابق ، وكان تحت عنوان : ( التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة) ، ووصل بنا الكلام الى بيانات و أَدلَّة المسالة ، البيان والدليل العاشر : العاشر : بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «إِنَّ اللّٰـهَ تبارك وتعالىٰ أَحَد واحد ، تفرَّدَ في وحدانيَّته ، ثُمَّ تكلَّم بكلمة فصارت نوراً ، ثُمَّ خلق من ذلك النُّور محمَّداً صلى الله عليه واله وخلقني وذرِّيَّتي ... وبنا احتجب عن خلقه ، فما زلنا في ظلَّة خضراء حيث لا شمس ولا قمر ، ولا ليل ولا نهار ، ولا عين تطرف، نعبده ونقدِّسه ، ونُسَبِّحه قبل أَنْ يخلق خلقه ...»(1). الحادي عشر : بيان فاطمة الزهراء عليها السلام (2): «... الَّذي لعظمته ونوره يبتغي مَنْ في السَّماوات والأَرض إِليه الوسيلة ، ونحن وسيلته في خلقه ...»(3). الثَّاني عشر : بيان الإِمام زين العابدين عليه السلام : «فلولانا لم يخلق اللّٰـه تعالىٰ الدُّنيا والآخرة ... بنا عُرِفَ اللّٰـه ، وبنا عُبِدَ اللّٰـه ، ونحن السبيل إِلَى اللّٰـه ...»(4). الثَّالث عشر : بيان الإِمام الباقر عليه السلام : «بِنَا عُبِدَ اللّٰـه ، وبِنَا عُرِفَ اللّٰـه ، وبِنَا وُحِّدَ اللّٰـه ، ومحمَّد صلى الله عليه واله حجاب اللّٰـه»(5). الرابع عشر : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... نحن العالمون بِأَمرِهَ ، والدَّاعون إِلَى سبيله ، بِنَا عُرِفَ اللّٰـه ، وبِنَا عُبِدَ اللّٰـه ، نحن الأَدِّلَاء على اللّٰـه ، ولولانا ما عُبِدَ اللّٰـه»(6). الخامس عشر : بيانه عليه السلام أَيضاً : «ليس شيءٌ يخرج مِنْ اللّٰـه حتَّىٰ يبدأ برسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ، ثُمَّ بأمير المؤمنين ، ثُمَّ واحداً بعد واحد ...»(7). السَّادس عشر : بيانه عليه السلام أَيضاً : «... وكان رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله وَأَمير المؤمنين عليه السلام دين اللّٰـه ووجهه وعينه في عباده ، ولسانه الَّذي ينطق به ، ويده على خلقه ، ونحن وجه اللّٰـه الَّذي يُؤْتَىٰ منه ، لن نَزَال في عباده ما دامت للّٰـه فيهم روية. قلتُ : وما الروية؟(8) قال : الحاجة ، فإذا لم يكن للّٰـه فيهم حاجة رفعنا إِليه فصنع ما أَحَبّ»(9). السَّابع عشر : بيانه عليه السلام أَيضاً : «... ونحن السَّبيل فيما بين اللّٰـه وخلقه، ونحن الرباط الأَدنىٰ ...»(10). الثَّامن عشر : بيانه عليه السلام أَيضاً : «نحن السَّبَب بينكم وبين اللّٰـه عزَّوجلَّ»(11). التَّاسع عشر : بيانه عليه السلام أَيضاً : «... ونحن أُمناؤه على خلقه ، والدُّعاة إِلى دينه ، والحجاب فيما بينه وبين خلقه ...»(12). العشرون : بيان زيارة أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام (13) : «... مَنْ أَرَاد اللّٰـه بدأَ بكم ، ومَنْ وحَّدَه قَبِلَ عنكم ، ومَنْ قصده توجَّه بكم ...»(14). ودلالة الجميع قد اتَّضحت مِمَّا تقدَّم ، بل واضحة في نفسها ؛ فإِنَّه بعدما كانت طبقات حقائق أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام الصَّاعدة هي : السَّبيل والوسيلة ، ووجه اللّٰـه ، والسبب ، والباب ، والحجاب ، والرباط الإِلٰهي الأَدنىٰ بين الخالق (عزَّ وجهه) وكافَّة العوالم وجملة المخلوقات بقَضِّها وقضيضها ، وبعدما كانت طبقات حقائقهم عليهم السلام هي : نظام عَالَم الوجود والخلقة على الإِطلاق قاطبة فلابُدَّ كيما يصل المخلوق وتصل أَعماله وعباداته ـ ولو كانت بمقدار حبّةٍ مِنْ خردَلٍ ـ إِلى ساحة القدس الإِلٰهيَّة ، في نعيم لا يبيد ، وسرور لا يشوبه غمّ ، وحُبُور لا يختلط به همّ ، وحياة لا تتعقَّبها وفاة، ونعمة لا يعتورها نقمة ، وحَبْوَات وحُظُوَات وكرامات ، ورعاية وقرب وجوديّ في كلِّ آنٍ من المبدأ العالي (جلَّ ذكره) في (قوس الصعود) ، وليتنعَّم بفيوضات إِلٰهيَّة لا غاية لعددها ، ولا نهاية لمددها ، ولا نفاد لأَمدها (في قوس النزول) أَنْ ينشب أَظفاره ويتمسَّكَ بِكُلِّ ما أُوتي مِنْ قُوَّةٍ ، ويتوسَّل بتلك الطبقات والقنوات الحصريَّة ، الَّتي لا يعرج من المخلوق إِلى السَّاحة الرُّبوبيَّة ولا ينزل إِليه مِنها شيء ولو كان بمقدار مثقال ذرة إِلَّا عن طريقها. بعد الإِلتفات أَيضاً : أَنَّ ما أَخذته هذه البيانات الوحيانيَّة الشَّريفة من عناوين ، كـ : عنوان : (وجه اللّٰـه) ، و(السَّبيل) ، و(السَّبب) ، و(الحجاب)، و(الرباط الأَدنىٰ) مشيرةٌ إِلى مخلوقاتٍ عظيمةٍ وخطيرةٍ ومهولةٍ جِدّاً ؛ من مخلوقات عَالَم : (الأَسمآء والصِّفات الإِلٰهيَّة) ، ومن المرادفات العقليَّة للآية الإِلٰهيَّة ، وهي بعض طبقات ومراتب ودرجات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ، مهيمنة على ما تحتها من جملة العوالم وطُرِّ المخلوقات من بداية الخلقة إِلى ما لا نهاية ، وتتصرَّف فيها تصرُّف اللَّطيف في الأَغلظ ، فهي : (داخلة فيها ، لكن لا بالمزاولة والممازجة ، وخارجة عنها ، لكن لا بالمزايلة والمفارقة) ، إِذا قيست ـ جملة العوالم وطُرّ المخلوقات ـ إِليها كانت كالنقطة في بحورها الطمطامة غير المتناهية. فاغتنم. / رأي بعض المدارس البشريَّة في التَّوسُّل / هذا وقد نقل صاحب تفسير الميزان قاعدة معرفيَّة ، ذكرها أَهل المعنىٰ والمعرفة ، وهي : «أَنَّه لا بُدَّ للنَّفس النَّازلة لتحصيل معرفة الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة من التَّوسُّل بالوسائط والآيات الإِلٰهيَّة ، وهي على نمطين : فتارة تُلحظ الوسائط ـ كنزول جبرئيل عليه السلام ـ ، وأُخرىٰ لا تُلحظ». ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 26 : 291 ـ 292/ح51. كنز الفوائد : 55. (2) يجدر صرف النظر في المقام إِلى القضايا الثلاث التَّالية في حقِّ فاطمة الزهراء صلوات اللّٰـه عليها: الأُوْلَىٰ : أَنَّه من العقائد الأَساسيَّة ، ومن الأُمور المُبَدَّهة الثابتة في مدرسة أَهل البيت عليهم السلام : أَنَّ فاطمة الزَّهراء صلوات اللّٰـه عليها من ولاة الأَمر ، وهذا مقام من مقاماتها. الثَّانية : أَنَّها صلوات اللّٰـه عليها ـ بشهادة القرآن الكريم ـ من أَكبر المُحَدَّثين. بل إِذا كان جبرئيل عليه السلام نزل على مريم عليها السلام وحدَّثها فكيف بسيِّدتها : فاطمة صلوات اللّٰـه عليها. الثَّالثة : أَنَّ لها صلوات اللّٰـه عليها موقف عظيم في قضيَّة السَّقيفة ، ولولاه لعميت الحقيقة عن أَجيال المسلمين ، ولَـمَا وصلت إِلينا ـ الحقيقة ـ كاملة. وهذا يُدَلِّل على أَنَّ بينها وبين أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آلهما كفؤيَّة. (3) السقيفة وفدك : 101. شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، 16 : 211. (4) بحار الأَنوار ، 46 : 201 ـ 203/ح77. كفاية الأَثر ، للخزَّاز : 326. (5) بحار الأَنوار ، 23 : 102/ح8 . بشارة المصطفىٰ : 119. (6) بحار الأَنوار ، 26 : 260/ح38 . توحيد الصدوق : 141. (7) بحار الأَنوار ، 26 : 92/ح20. بصائر الدرجات : 116. الإِختصاص : 313. (8) في المصدر : (الرؤية). واستظهر صاحب البحار : (رؤبة) بالهمزة والباء ، قال : «الروية : إِمَّا بالتشديد بمعنىٰ : (التَّفَكُّر) ؛ فإِنَّ من له حاجة إِلى أَحَدٍ ينظر ويتفكَّر في إِصلاح أُموره. أَو بالتَّخفيف مهموزاً ، أَي : (نظر رحمة). والأَظهر أَنَّه كان بالباء المُوحَّد ، قال الفيروزآبادي : الرؤية ويضم : الحاجة ، وعلى التقادير هي كناية عن إِرادة بقائهم وخيرهم وصلاحهم». البحار، 24 : 194. (9) بحار الأَنوار ، 24 : 197/ح23. توحيد الصدوق : 140. (10) بحار الأَنوار ، 24 : 216 ـ 217/ح8. تفسير العياشي ، 1 : 212. (11) بحار الأَنوار ، 23 : 101/ح5. أَمالي ابن الشَّيخ : 97. (12) بحار الأَنوار ، 25 : 363/ح23. المحتضر : 159 ـ 160. (13) يجدر الإِلتفات : أَنَّ في كلِّ زيارةٍ من زيارات أَهل البيت عليهم السلام معلومات ومعطيات وبيانات وحقائق تختلف عن الزيارات الأُخرىٰ. (14) بحار الأَنوار ، 99 : 131. الزيارة الجامعة الثَّانية. البلد الأَمين : 302