معارف إِلٰهيَّة : (157) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة
22/06/2024
الدرس (157) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، بعد أَنْ وصل البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (140) الى مسالة جديدة ، وكانت تحت عنوان : «التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة» ، وتم الكلام عن ادلتها في الدرس (150) ، ووصلنا في الدرس (151) الى العنوان التالي : و « مِمَّا تقدَّم يتَّضح الجمّ الغفير من طوائف بيانات الوحي الأُخرى » ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) (27) طائفة ، لازال البحث في الطائفة الاولى ، وكانت تحت عنوان : « طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة انعكاسات لصفات الذَّات المُقدَّسة » ، وعنوان : « صفات أهل البيت عليهم السلام وشؤونهم تجلِّيات لصفات وشؤون الذَّات الإِلهيَّة » ، وصل بنا الكلام الى العنوان التالي : / الإِماتة وسائر الأَفعال الإِلهيَّة على طبقات / وَمِنْ كُلِّ ما تقدَّم يتَّضح : أَنَّ الإِماتة على مراتب وطبقات من حيث الغلظة واللطافة. أَحدها : ما يقوم به جنود عزرائيل عليه السلام . ثانيها : أَلطف وأشف ، وهي : ما يقوم به عزرائيل عليه السلام . ثالثها : أَلطف وأَشف مِمَّا يقوم به عزرائيل عليه السلام ، وهي : ما يقوم به الاسم الإِلٰهي (المميت) ، وهو : أَحد طبقات حقيقة أَمير المؤمنين وحقائق سائر أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم الصَّاعدة في مرتبة الأَسمآء والصفات الإِلٰهيَّة. وهذا ما تُشير إِليه بياناتهم صلوات اللَّـه عليهم ، منها : ما تقدَّم ، ويضاف إِليها : بيان أَمير المؤمنين عليه السلام أَيضاً ، مُخاطباً الحارث الهمداني : «يا حار همدان ، من يمت يرني ، من مؤمن أَو منافق قبلاً»(1). وبيانه صلوات اللَّـه عليه أَيضاً ، عن عبد الرحيم القصير ، قال : «قلت لأَبي جعفر عليه السلام : حدَّثني صالح بن ميثم ، عن عباية الأَسدي أَنَّه سمع عليّاً عليه السلام يقول : واللَّـه، لا يبغضني عبد أَبداً يموت على بغضي إِلَّا رآني عند موته حيث يكره ، ولا يحبّني عبداً أَبداً فيموت على حبِّي إِلَّا رآني عند موته حيث يحب . فقال أَبو جعفر عليه السلام : نعم، ورسول اللَّـه صلى الله عليه واله باليمين»(2). رابعها : وهي الأَلطف والاشف والأَشدُّ على الإِطلاق والمهيمنة على جميع ذلك ما يقوم به : (الـمُميت) ـ المُسَمَّىٰ ـ صاحب الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة. وعلى هذا قس الإِحياء وسائر الأَفعال والصفات والأَسماء والشؤون الإِلٰهيَّة (3). فأَين الغلوّ في المقام. / نكتة عدم استيعاب عقول المخلوقات لشؤون أَهل البيت عليهم السلام / إِنَّه لَـمَّا كانت هذه المعارف الإِلٰهيَّة بكراً لم تُفتق من قبل قطُّ بهذا الشَّكل والبيان الموجود في سلسلة المعارف الإِلٰهيَّة هذه ، ولم يُنبس بها ببنت شفة مع أَنَّ بيانات الوحي زاخرة بها فمن الطبيعي يحصل فيها توقُّف وتردُّد لدىٰ مَنْ يُخبر من ضعيفيِّ الإِيمان بمقاماتهم صلوات اللَّـه عليهم وبصفاتهم وأَسمائهم وكمالاتهم وفضائلهم وشؤونهم وأَحوالهم ؛ وإِنْ قام عليها الدَّليل القطعي. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 6 : 181. (2) المصدر نفسه ، 39 : 238/ح25. فروع الكافي ، 3 : 132ـ133. (3) هناك خلط حصل لدىٰ البعض بين الفاعل بالآلة ـ كحال عزرائيل وإسرافيل وجندهما عليهم السلام ـ ، والفاعل بالتَّجلِّي ـ كحال الباري المُسَمَّىٰ (تعالىٰ ذكره) ، والأَسماء والصفات الإِلٰهيَّة ؛ طبقات حقائق أَهل البيت عليه السلام الصَّاعدة ـ وحكم بالوحدة. والحقُّ : أَنَّ بينهما فرق وبون شاسع ؛ فإِنَّ الفاعل بالآلة ناقص ؛ لإِحتياجه إِلى حركة ، وقرب وبُعد ، ومُوازاة ، ومباشرة ومعالجة. بخلاف الفاعل بالتَّجلِّي ؛ فإِنَّه أَكمل أَنواع الفاعل ، ولا نقص فيه ؛ ومن ثَمَّ لا يحتاج إِلى جملة ذلك. وإِلى هذا تُشير بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصادق عليه السلام في ردِّه على سؤال الزنديق : «... فما هو ؟ قال أَبو عبداللَّـه عليه السلام : هو الرَّبُّ ، وهو المَعْبُود ، وهو اللَّـهُ ... قال السَّائلُ : فيُعاني الأَشياء بنفسه ؟ قال أَبو عبداللَّـه عليه السلام : هو أَجَّلُّ من أَنْ يُعَانِيَ الأَشياء بمباشرةٍ ومعالجةٍ ؛ لأَنَّ ذلك صِفَةُ المخلوق الَّذي لا تجِيءُ الأَشياءُ له إِلَّا بالمباشرةِ والمعالجةِ ، وهو مُتعَالٍ نافِذُ الإِرادة والمشِيئَة ، فَعَّالٌ لِـمَا يَشاءُ». أُصول الكافي ، 1: 59ـ 61/ح6. ودلالته واضحة