معارف إِلٰهيَّة : (158) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة
23/06/2024
الدرس (158) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، بعد أَنْ وصل البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (140) الى مسالة جديدة ، وكانت تحت عنوان : «التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة» ، وتم الكلام عن ادلتها في الدرس (150) ، ووصلنا في الدرس (151) الى العنوان التالي : و « مِمَّا تقدَّم يتَّضح الجمّ الغفير من طوائف بيانات الوحي الأُخرى » ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) (27) طائفة ، لازال البحث في الطائفة الاولى ، وكانت تحت عنوان : « طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة انعكاسات لصفات الذَّات المُقدَّسة » ، وعنوان : « صفات أهل البيت عليهم السلام وشؤونهم تجلِّيات لصفات وشؤون الذَّات الإِلهيَّة » ، وصل بنا الكلام الى العنوان التالي : / نكتة عدم استيعاب عقول المخلوقات لشؤون أَهل البيت عليهم السلام / إِنَّه لَـمَّا كانت هذه المعارف الإِلٰهيَّة بكراً لم تُفتق من قبل قطُّ بهذا الشَّكل والبيان الموجود في سلسلة المعارف الإِلٰهيَّة هذه ، ولم يُنبس بها ببنت شفة مع أَنَّ بيانات الوحي زاخرة بها فمن الطبيعي يحصل فيها توقُّف وتردُّد لدىٰ مَنْ يُخبر من ضعيفيِّ الإِيمان بمقاماتهم صلوات اللَّـه عليهم وبصفاتهم وأَسمائهم وكمالاتهم وفضائلهم وشؤونهم وأَحوالهم ؛ وإِنْ قام عليها الدَّليل القطعي. مضافاً : أَنَّ ما جادت به يد ساحة القدس الإِلٰهيَّة على أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم عطايا لا تتحمَّل تصوُّرها طاقة وقابليَّة مخلوق قَطُّ ، ولا يمكن خطورها على بالٍ قَطُّ فمن الطبيعي أَيضاً حصول توقُّف وتردُّد لدىٰ من يطَّلع عليها من ضعيفيِّ الإِيمان أَو يُخبر بها وإِنْ قام عليها الدَّليل القطعي. بعد الإِلتفات : أَنَّ لازم ذلك التوقُّف والشَّكّ والتردُّد : إِلحاد وشرك وكفر باللَّـه (العزيز الجبَّار). وهذا ما نبَّهت عليه وحذَّرت منه بيانات الوحي ، منها: 1ـ إِطلاق بيان الحديث القدسي : «... يا مُـحَّمَّد ... وعزَّتي وجلالي، لو لقيني جميع خلقي يشكُّونَ فيكَ طرفة عين ، أَو يبغضون صفوتي مِنْ ذُرِّيَّتكَ لأَدخلتهم ناري ولا أُبالي...»(1). 2ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «إِنَّ حديث آل مُـحمَّد صعب مستصعب ، لا يؤمن به إِلَّا مَلَك مُقَرَّبٌ ، أَو نَبِيٌّ مرسل ، أَو عبد امتحن اللَّـه قلبه للإِيمان... وإِنَّما الهالك : أَنْ يُحدَّث بشيءٍ منه لا يحتمله فيقول : واللَّـه ، ما كان هذا شيئاً ، والإِنكار هو الكفر»(2). 3ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام ، عن جابر بن يزيد ، قال : «... يا جابر ، حديثنا صعب مستصعب ، أَمرد ، ذكوان ، وعر أَجرد ، لا يحتمله واللَّـه إِلَّا نَبِيٌّ مُرْسَل ، أَو مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، أَو مؤمن مُمتحن ، فإذا ورد عليك يا جابر شيءٌ من أَمرنا فلان له قلبكَ فاحمد اللَّـه ، وإِنْ أَنكرته فردَّه إِلينا أَهل البيت ، ولا تقل: كيف جاء هذا ؟ وكيف كان ؟ وكيف هو ؟ فإنَّ هذا واللَّـه الشرك باللَّـه العظيم»(3). ودلالتها واضحة. وبالجملة : لعظم هول ما أُعطي لأَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم وعظم خطره يحصل لدىٰ من يطَّلع عليه أَو يُخبر به وإِنْ كان بدليل قطعيٍّ يقينيٍّ توقُّفاً أَو شَكّاً أَو تردُّداً أَو إِلحاداً أَو شركاً أَو كفراً بعضه جليّ ، والآخر خفيّ على دركات غير متناهية ، مشمولة ببيان قوله تعالىٰ : [ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ] (4)، يرجع إِلى مدىٰ تحمُّل قابِليَّات واستعدادات المخلوق. / حيلولة أَهل البيت عليهم السلام مِنْ نشر علومهم عند مَنْ لا يتحمَّلها / ولأَجل الحيلولة من وقوع المخلوقات وفي طُرِّ العوالم ؛ في هذه المحاذير المعرفيَّة العقائديَّة الجسيمة الخطيرة الفادحة ، القاصمة للظهر ، بل لا تبقي ولا تذر منع أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم نشر علومهم عند مَنْ لا يتحمَّلها ، بل سيرتهم قائمة على ذلك. فانظر : بيناتهم صلوات اللَّـه عليهم ، منها : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 18 : 397/ح100. اليقين في أُمرة أَمير المؤمنين : 89 ـ 91. (2) بحار الأَنوار ، 2 : 189/ح21. (3) المصدر نفسه : 208/ح102. (4) يوسف : 106