معارف إِلٰهيَّة : (164) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة
28/06/2024
الدرس (164) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، بعد أَنْ وصل البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (140) الى مسالة جديدة ، وكانت تحت عنوان : «التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة» ، وتم الكلام عن ادلتها في الدرس (150) ، ووصلنا في الدرس (151) الى العنوان التالي : و « مِمَّا تقدَّم يتَّضح الجمّ الغفير من طوائف بيانات الوحي الأُخرى » ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) (27) طائفة ، وصل بنا الكلام ( بحمد الله تعالى) الى الطَّائفة الثَّالثة : / طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام علل فاعليَّة / / الطَّائفة الثَّالثة ، ويُمثِّلها : / أَوَّلاً : بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «أَنَا دحوتُ أَرضها ، وَأَنْشأتُ جبالها ، وَفَجَّرت عيونها ، وشققتُ أَنهارها ، وغرستُ أَشجارها ، وَأَطعمتُ ثمارها ، وَأَنْشَأَتُ سحابها ، وَأَسمعتُ رعدها ، ونوَّرتُ برقها ، وَأَضحيتُ شمسها ، وَأَطلعتُ قمرها ، وَأَنزلتُ قطرها ، ونصبتُ نجومها ، وَأَنا البحر القمقام الزَّاخر ، وسكَّنتُ أَطوادها ، وَأَنشأَتُ جواري الفلكَ فيها ، وَأَشرقتُ شَمسها ، وَأَنا جنب اللّٰـه وكلمته ، وقلب اللّٰـه وبابه الَّذي يؤتىٰ منه ، ادخلوا الباب سُجَّداً أَغفر لكم خطاياكم وَأَزيد المُحسنين ، وبي وعلى يديّ تقوم السَّاعة ، وَفيَّ يرتاب المبطلون ، وَأَنا الأَوَّل والآخر ، والظَّاهر والباطن ، وبكلِّ شيء عليم»(1). ثانياً : بيانه عليه السلام أَيضاً : «... وَأَنا الأَوَّل وأَنا الآخر ، وَأَنا الباطن وَأَنا الظَّاهر ، وَأَنا بكلِّ شيءٍ عليم ، وَأَنا عَين اللّٰـه ، وَأَنا جنب اللّٰـه وَأَنا أَمين اللّٰـه على المرسلين ... وَأَنا أُحيي وَأَنا أُميت ، وَأَنا حي لا أَموت»(2). ثالثاً : بيانه عليه السلام أَيضاً : «... أَنَا الَّذي حملتُ نوحاً في السفينة بأَمر رَبِّي ، وَأَنا الَّذي أَخرجتُ يونس من بطن الحوت بإِذنِ رَبِّي ، وَأَنا الَّذي جاوزتُ بموسىٰ بن عمران البحر بِأَمر رَبِّي ، وَأَنا الَّذي أَخرجتُ إِبراهيم من النَّار بإِذن رَبِّي ، وَأَنا الَّذي أَجريتُ أَنهارها ، وَفَجَّرْتُ عيونها ، وغرستُ أَشجارها بإِذنِ رَبِّي ، وَأَنا عذاب يوم الظِّلَّة ، وَأَنا المنادي من مكانٍ قريبٍ قد سمعه الثقلان: الجنّ والإِنس ، وفهمه قوم ، إِنِّي لأُسمع كُلّ قومٍ(3) الجَبَّارين والمنافقين بلغاتهم ، وَأَنا الخضر عَالِم موسىٰ ، وَأَنا مُعَلِّم سليمان بن داود ، وَأَنا ذو القرنين، وَأَنا قُدرة اللّٰـه عزَّوجلّ ... إِنَّ مَيِّتَنا لم يَمُت ، وغائبنا لم يَغِب ، وإِنَّ قتلانا لَنْ يُقتلوا ... لِأَنَّا آيات اللّٰـه ودلائله ، وحُجَج اللّٰـه وخلفاؤه وأُمناؤه وَأَئِمَّتَه ، ووجه اللّٰـه وعين اللّٰـه ولسان اللّٰـه ، بِنَا يُعَذِّبُ اللّٰـهُ عباده ، وبِنَا يُثيب ... وَلَو قال قائل : لِمَ وكيف وفيم؟ لكفر وَأَشرك ؛ لأَنَّه لا يُسأل عمَّا يفعل وهم يُسألون ... أَنَا أُحيي وأُميت بإِذن ربِّي ...»(4). رابعاً : بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، مخاطباً أَمير المؤمنين عليه السلام : «يا عَلِيُّ ، كُنتَ مع الأَنبياء سِرّاً ، ومعي جهراً»(5). خامساً : بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «كُنْتُ مع الأَنبياء باطناً ، ومع رسول اللّٰـه ظاهراً»(6). سادساً : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام مُخاطباً أَبا حنيفة ، عن كنز الفوائد للكراجكي ، قال : «ذُكر : أَنَّ أَبا حنيفة أَكَلَ طعاماً مع الإِمام الصَّادق جعفر بن محمَّد عليهما السلام ؛ فلَمَّا رفع عليه السلام يده من أَكله قال : الحمد للّٰـه ربِّ العالمين ، اللَّهُمَّ إِنَّ هذا مِنكَ ومن رسولكَ. فقال أَبو حنيفة : يا أَبا عبداللّٰـه ، أَجعلتَ مع اللّٰـه شريكاً؟ فقال له : ويلكَ ، إِنَّ اللّٰـه تعالىٰ يقول في كتابه : [ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ] (7)، ويقول في موضع آخر : [ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُه] (8). فقال أَبو حنيفة : واللّٰـه لكأَنِّي ما قرأتهما قَطُّ من كتاب اللّٰـه ، ولا سمعتهما إِلَّا في هذا الوقت. فقال أَبو عبداللّٰـه عليه السلام : بَلَىٰ ، قَدْ قرأتهما وسمعتهما ، ولكنَّ اللّٰـه تعالىٰ أَنزل فيكَ وفي أَشباهكَ : [ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا] (9)، وقال : [ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] (10)»(11). سابعاً : بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... وَلَولَا ما نَهَىٰ اللّٰـهُ عنه من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكرٌ فَضَائلَ جَمَّةً تعرِفُها قلوبُ المؤمنين ، وَلَا تَمُجُّها آذانُ السَّامعينَ ، فَدَعْ عنكَ مَنْ مالَت به الرَّمِيَّةُ ؛ فإنَّا صَنَائعُ ربُّنا ، والنَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ لَنَا ...»(12). ثامناً : بيان النَّاحية المُقدَّسة : «... ونحن صنائعُ ربُّنا ، والخلق بعد صنائعنا ...»(13). ودلالتها قد اِتَّضحت ؛ فإِنَّه بعدما كانت طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة : وسائط الفيض الرُّبوبي ، والسَّبب والباب والحجاب والرباط الإِلٰهيّ الأَدنىٰ بين الخالق (جلَّ وتقدَّس) و جملة العوالم وسائر المخلوقات كانت عللاً فاعليَّة ؛ تفيض الوجود على ما تعلَّقَت به المشيئة والإِرادة الإِلٰهيَّة ، فخُلقت السَّماوات والأَرضين ومَنْ فيهنَّ وما بينهنَّ بأَيدي وقوىٰ أَهل البيت (صلوات اللّٰـه عليهم) الصَّاعدة. إِذَنْ : طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة إِضافة لكونها عللاً غائيَّة هي علل فاعليَّة ؛ إِذْ الباري (تقدَّست أَسماؤه) يتنزَّه عن مباشرة الأَشياء بنفسه ، بل مُنزَّه عنها(14)، وإِنَّما هي من شأن المخلوقات المُكرَّمة ؛ لاحتياج الخلق والإِماتة والإِحياء والإِيحاء ، وسائر الأَشياء والمفاعيل إِلى مُحاذاة وقرب وحركة ، وملابسة وملامسة ومباشرة ومعالجة ، واستنزال وزوال وما شاكلها من أَفاعيل وصفات وشؤون المخلوقات ، والباري (عظمت آلاؤه) مُنَزَّه عن جميع ذلك بالضَّرورة الوحيانيَّة والعقليَّة. فانظر : بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان جواب الإِمام الصَّادق عليه السلام على سؤال الزنديق : «... فيُعَانِي الأَشْيَاءَ بنفسه؟ قال أَبوعبداللّٰـه عليه السلام : هُوَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُعاني الأَشياء بمباشرةٍ ومُعَالَجةٍ ؛ لأَنَّ ذلك صِفَةُ المَخْلُوقِ الَّذي لا تجيءُ الأَشياءُ له إِلَّا بالمباشرةِ والمُعَالجَةِ ، وهُوَ مُتَعَالٍ نافِذُ الإِرَادَةِ والمَشيئَةِ ، فَعَّالٌ لِـمَا يَشاءُ»(15). ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 39 : 348/ح20. مناقب آل أبي طالب ، 1 : 512 ـ 514. (2) بحار الأَنوار ، 39 : 347. (3) في نسخةٍ : (كُلّ يوم). (4) بحار الأَنوار ، 26 : 5/ح1. (5) معارج العُلىٰ (مخطوط). (6) مصباح الهداية : 142. (7) التوبة : 74. (8) التوبة : 59. (9) محمَّد : 24. (10) المطففين : 14. (11) بحار الأَنوار ، 47 : 240/ح25. كنز الفوائد للكراجكي : 196. (12) بحار الأَنوار ، 33 : 57 ـ 60/ح398. نهج البلاغة/باب : المختار من كُتُب أَمير المؤمنين عليه السلام / 28 ـ من كتاب له عليه السلام إِلى معاوية جواباً : 411 ـ 415. (13) بحار الأَنوار ، 53 : 178 ـ 180/ح9. غيبة الشَّيخ : 184 ـ 185. الاحتجاج : 253. (14) مرجع الضمير : (مباشرة الأَشياء بنفسه). (15) أُصول الكافي ، 1 : كتاب التَّوحيد/24 ـ باب إِطلاق القول بأَنَّه شيء: 59 ـ 61/ح6