معارف إِلٰهيَّة : (167) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة
01/07/2024
الدرس ( 167) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، بعد أَنْ وصل البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (140) الى مسالة جديدة ، وكانت تحت عنوان : «التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة» ، وتم الكلام عن ادلتها في الدرس (150) ، ووصلنا في الدرس (151) الى العنوان التالي : و « مِمَّا تقدَّم يتَّضح الجمّ الغفير من طوائف بيانات الوحي الأُخرى » ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) (27) طائفة ، ووصل بنا الكلام ( بحمد الله تعالى) الى الطَّائفة الثَّالثة ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : (طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام علل فاعليَّة) ، وصل الكلام الى العنوان التالي : / خارطة جملة عوالم الخلقة برسم وتخطيط أَهل البيت عليهم السلام / ومِنْ كُلِّ ما تقدَّم يتَّضح : أَنَّ المستفاد من بيانات الوحي : أَنَّ خارطة مسار جملة عالم الدُّنيا برسم وتخطيط أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم ، بل وخرائط مسارات كافَّة العوالم وجميع مخلوقاتها ، كـ : عَالَم البرزخ ، وعَالَم الرَّجعة ، وعَالَم القيامة ، وعَالَم الآخرة الأَبديَّة ، وعوالم ما بعدها ، بل وعوالم ما قبل هذه النشأة الأَرضيَّة لم تكن إِلَّا بتخطيطهم صلوات اللَّـه عليهم وهندستهم وتنفيذهم. فانظر : بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام ـ المُتقدِّم ـ : «... أَنا دحوتُ أَرضها، وأَنشأتُ جبالها ، وفجَّرتُ عيونها ، وشققتُ أَنهارها ، وغرستُ أَشجارها ، وأَطعمتُ ثمارها ، وأَنشأتُ سحابها ، وَأَسمعتُ رعدها ، ونوَّرتُ برقها ، وأَضحيتُ شمسها ، وأَطلعتُ قمرها ، وأَنزلتُ قطرها ، ونصبتُ نجومها ... وسكنتُ أَطوادها ، وأَنشأتُ جواري الفلك فيها ، وأَشرقتُ شمسها ... ادخلوا الباب سجّداً أغفر لكم خطاياكم وأزيد المحسنين ، بي وعلى يديّ تقوم السَّاعة...»(1). 2ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : ««... أَنَا مُنزل الملائكة منازلها ... أَنا المُنادي لهم : أَلستُ بربِّكم ؛ بأَمر قيُّوم لم يزل ... أَنا صاحب الهبات بعد الهبات ولو أَخبرتكم لكفرتم ... أَنا منشئ الأَنام ... أَنا صاحب النجوم ، أَنا مُدبِّرها بأَمر ربّي ... أَنا المُعطِي ، أَنا المُبذِل ، أَنا القابض يدي على القبض ... أَنا صاحب القطر والمطر ، أَنا صاحب الزلازل والخسوف ... أَنا صاحب الغيث بعد القنوط...»(2). 3ـ بيان خطبته عليه السلام أَيضاً : «أَنَا عندي مفاتيح الغيب ... أَنا أَقمتُ السَّماوات بأَمر ربِّي ... أَنا أَمر الحي الَّذي لا يموت ، أَنا ولي الحقّ على سائر الخلق ... أَنا المفوَّض إِلَيَّ أَمر الخلائق ، أَنَا خليفة الإِلٰه الخالق ... أَنا أرسيتُ الجبال الشَّامخات ، وفجَّرتُ العيون الجاريات ... أَنَا مُقدِّر الأَقوات ، أَنا ناشر الأَموات ، أَنا منزل القطر ، أَنَا مُنَوِّر الشَّمس والقمر والنجوم ، أَنَا قيِّم القيامة ... أَنَا محصي الخلائق وإِنْ كثروا ...»(3). 4ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، الوارد في حقِّ أَهل البيت عليهم السلام : «... هذا كُلّه لآل محمَّد لا يُشاركهم فيه مُشارك ... خلقهم اللّٰـه من نور عظمته ، وولَّاهم أَمر مملكته ...»(4). 5ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن سلمان (رضوان اللَّـه عليه) ، قال: «... وإنَّ اللَّـه عزَّوجلَّ جعل أَمر الدُّنيا إِلَيّ ...قال سلمان: ...ثُمَّ إِنَّ أَمير المؤمنين عليه السلام أَمر الريح فسارت بنا إلى جبل قاف فانتهيت(5) إليه ، وإذا هو من زمرِّدة خضراء وعليها(6) ملك على صورة النسر ، فلَمَّا نظر إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال الملك : السَّلَامُ عَلَيْكَ يا وصيّ رسول اللَّـه وخليفته ، أَتأذن لي في الكلام؟ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلام وقال له: إِنْ شئتَ تكلَّم ، وإِنْ شئتَ أَخبرتُكَ عمَّا تسألني عنه. فقال الملك: بل تقول أنت يا أمير المؤمنين. قال: تُريد أَنْ آذن لَكَ أَنْ تزور الخضر عليه السلام ، قال: نعم، فقال عليه السلام : قد أذنتُ لَكَ ... فقال سلمان : يا أَمير المؤمنين ، رأيتُ الملك ما زار الخضر إِلَّا حين أَخذ إذنكَ. فقال عليه السلام : والَّذي رفع السماء بغير عمدٍ ، لو أَنَّ أَحدهم رام أَنْ يزول من مكانه بقدر نفسٍ واحدٍ لَـمَا زال حتَّىٰ آذن له ، وكذلك يصير حال ولدي الحسن ، وبعده الحسين وتسعة من ولد الحسين... والَّذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة إِنِّي لأَملك من ملكوت السَّماوات والأَرض ما لو علمتم ببعضه لما احتمله جنانكم...»(7). 6ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام : «إِنَّ اللَّـه لم يزل فرداً مُتَفَرِّداً في الوحدانيَّة ، ثُمَّ خلق محمَّداً وعليّاً وفاطمة عليهم السلام ... وفوَّض أَمر الأَشياء إِليهم في الحُكم والتصرُّف والإِرشاد ، والأَمر والنهي في الخلق ؛ لأَنَّهم الولاة فلهم الأَمر والولاية والهداية ، فهم أَبوابه ونوَّابه وحجَّابه ، يُحلِّلون ما شآء ، ويُحرِّمون ما شآء ، ولا يفعلون إِلَّا ما شآء ، عباد مُكرمون ، لا يسبقونه بالقول ، وهم بأمره يعملون...»(8). 7ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن المفضَّل بن عمر ، قال: «... فقلتُ له: يابن رسول اللَّـه ، فعَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام يُدخل مُحبّه الجنَّة ومبغضه النَّار أَو رضوان ومالك ؟ فقال: يا مفضَّل ... فَعَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام إِذاً قسيم الجنَّة والنَّار عن رسول اللَّـه صلى الله عليه واله ، ورضوان ومالك صادران عن أَمره بأمر اللَّـه (تبارك وتعالىٰ)، يا مفضَّل ، خُذ هذا ؛ فإِنَّه من مخزون العلم ومكنونه ، لا تخرجه إِلَّا إِلى أَهله»(9). 8ـ إِطلاق بيانه عليه السلام ، عن إِسماعيل بن عبد العزيز ، قال : «قال لي جعفر بن مُحمَّد عليه السلام : إِنَّ رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله كان يُفوَّض إِليه ... وإنَّ اللّٰـه فوَّض إِلى مُحمَّد صلى الله عليه واله نبيّه فقال: [مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا] (10)، فقال رَجُلٌ: إِنَّما كان رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله مفوَّضاً إِليه في الزَّرع والضَّرع ، فلوّىٰ جعفر عليه السلام عن عنقه مُغضباً ، فقال: في كُلِّ شيءٍ ، واللّٰـه في كُلِّ شيءٍ»(11). 9ـ بيان زيارتهم صلوات اللَّـه عليهم الجامعة : «...السَّلام عليكم يا أَهل بيت النُّبوَّة ، وموضع الرسالة ... وقادة الأُمم ... وساسة العباد ... إِصطفاكم بعلمه ... وفوَّض إِليكم الأُمور ، وجعل لكم التَّدبير ، وعرَّفكم الأَسباب ... وأَعطاكم المقاليد ، وسخَّر لكم ما خلق ... إِياب الخلق إِليكم ، وحسابهم عليكم ، وفصل الخطاب عندكم ... وأَمره إِليكم ... لم تزالوا بعين اللَّـه وعنده ، وفي ملكوته تأمرون ، وله تخلفون ، وإِيَّاه تُسبِّحون ، وبعرشه محدقون ، وبه حافُّون حتَّىٰ مرَّ بكُم علينا ، فجعلكم في بيوتٍ أَذن اللَّـه أَنْ تُرفع ويُذكر فيها اسمه ...»(12). 10ـ بيان زيارة أَمير المؤمنين عليه السلام : «...السَّلام عليك يا أَمير المؤمنين عَلِيّ ابن أَبي طالب ... السَّلام عليكَ يا ... صاحب الدُّنيا ... السَّلام عليكَ يا حافظ سرّ اللّٰـه ، وممضي حكم اللّٰـه ، ومجلي إِرادة اللّٰـه ، وموضع مشيَّة اللّٰـه ... وولي الملك الدَّيَّان ... السَّلام عليكَ يا عماد الجبَّار ... السَّلام عليكَ يا مشهوراً في السَّماوات العليا ، ومعروفاً في الأَرضين السَّابعة السفلىٰ ... السَّلام عليكَ أَيُّها النَّازل من عليِّين ، والعَالِم بما في أَسفل السَّافلين ... اجتباكَ اللّٰـه لقدرته ، فجعلكَ عصا عزِّه ، وتابوت حكمته ...»(13). ودلالة الجميع واضحة ، ولا غبار عليها. ومن ثَمَّ لا تكون بياناتهم المعرفيَّة وسِيَرُهم وأَفعالهم عليهم السلام استراتيجيَّة حضارة فحسب ، بل واستراتيجيَّة عوالم ومخلوقات لا يعيها(14) سائر البشر ، بل ولا سائر الأَنبياء والملائكة المُقرَّبين عليهم السلام. ومن ثَمَّ فلسفة بياناتهم صلوات اللَّـه عليهم وسِيَرِهم وأَفعالهم ليست محدودة بأَمد زمانيّ دنيويّ ، بل ولا بعَالَم الدُّنيا برمَّته ؛ فإِنَّ ساحة القدس الإِلٰهيَّة وَظَّفَتْهُم لرسم خارطة مسار جملة العوالم وطُرّ المخلوقات. ومنه يتَّضح : مدىٰ وضوح جملة الخريطة التَّكوينيَّة واستراتيجيَّة العوالم ومخلوقاتها لدىٰ أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم. / طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة آيات إِلهيَّة ومرادفاتها العقليَّة/ / الطَّائفة الرابعة ، ويُمثِّلها : / أَوَّلاً : بيان أمير المؤمنين عليه السلام : «أَنَا عينُ اللّٰـه ، وَأَنا جنب اللّٰـه ، وَأَنا يَد اللّٰـه ، وَأَنا باب اللّٰـه»(15). ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 39: 348. (2) مشارق أَنوار اليقين في أَسرار أَمير المؤمنين عليه السلام ، الخطبة الإِفتخاريَّة: 165 ـ 166. (3) المصدر نفسه : 269 ـ 270. (4) بحار الأَنوار ، 25 : 169 ـ 174/ح38. (5) في المصدر : (فانتهينا). (6) في نسخة : (من زمرِّدة خضرة وعليه). (7) بحار الأَنوار، 27: 33 ـ 40/ح5. المحتضر: 71 ـ 76. (8) بحار الأَنوار ، 25: 339/ح21. (9) المصدر نفسه ، 39 : 194ـ 196/ح5. علل الشرائع : 65. (10) الحشر : 7. (11) بحار الأَنوار ، 17 : 9/ ح16. بصائر الدرجات : 111 ـ 112. (12) بحار الأَنوار، 99/ الزيارة الثالثة: 146 ـ 159. (13) بحار الأَنوار ، 97 : 347 ـ 352. المزار الكبير : 97 ـ 101. (14) مرجع الضمير : (بيانات أَهل البيت عليه السلام المعرفيَّة وسِيَرُهم وأَفعالهم). (15) بحار الأَنوار ، 24 : 194/ح16. بصائر : 19