معارف إِلٰهيَّة : (181) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة
18/07/2024
الدرس ( 181) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، بعد أَنْ وصل البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (140) الى مسالة جديدة ، وكانت تحت عنوان : «التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة» ، وتم الكلام عن ادلتها في الدرس (150) ، ووصلنا في الدرس (151) الى العنوان التالي : و « مِمَّا تقدَّم يتَّضح الجمّ الغفير من طوائف بيانات الوحي الأُخرى » ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) (27) طائفة ، وصل بنا الكلام ( بحمد الله تعالى) الى الطَّائفة التالية : / أَمير المؤمنين عليه السلام باب مدينة العلم والحكمة والفقه لجملة العوالم والمخلوقات/ / الطائفة الثالثة عشرة ، ويُمثِّلها : / 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «أَنَا مدينة العلم وَعَلِيّ بابها ، وقد أَوجب اللّٰـه على خلقه الاستكانة لِعَلِيّ عليه السلام بقوله : [ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ] (1)»(2). 2ـ بيانه صلى الله عليه واله أَيضاً : «أَنَا مدينة العلم وَعَلِيّ بابها ، وَلَنْ يدخل المدينة إِلَّا من بابها ...»(3). 3ـ بيانه صلى الله عليه واله أَيضاً : «أَنَا مدينة العلم وَعَلِيّ بابها ، فَمَنْ أَراد العلم فليأتِ الباب»(4). 4ـ بيانه صلى الله عليه واله أَيضاً : «أَنَا مدينة العلم وَعَلِيّ بابها ، فَمَنْ أَرَادَ العلم فليقتبسه مِنْ عَلِيٍّ»(5). 5ـ بيانه صلى الله عليه واله أَيضاً : «يا عَلِيّ ، أَنَا مدينة الحكمة وَأَنت بابها ، وَلَنْ تُؤْتَىٰ المدينة إِلَّا مِنْ قِبَلِ الباب ...»(6). 6ـ بيانه صلى الله عليه واله أَيضاً : «أَنَا مدينة العلم وَعَلِيّ بابها ، فَمَنْ أَراد الحكمة فليأتها من بابها ، وَأَنتم جميعاً مصطرخون فيما أُشكل عليكم من أُمور دينكم إِليه ، وهو مستغن عن كُلِّ أَحَدٍ منكم ؛ إِلى ماله من السَّوابق الَّتي ليست لأَفضلكم عند نفسه ...»(7). 7ـ بيانه صلى الله عليه واله أَيضاً : «... يَا عَلِيّ ، أَنا مدينة الحكمة وَأَنْتَ بابها ، فَمَنْ أَتَىٰ المدينة من الباب وصل ، يا عَلِيّ أَنتَ بابي الَّذي أُوتىٰ منه ، وَأَنا باب اللّٰـه ، فَمَنْ أَتاني من سواك لم يصل ، ومَنْ أَتىٰ سواي لم يصل ...»(8). 8 ـ بيانه صلى الله عليه واله أَيضاً : «أَنا مدينة الفقه وَعَلِيّ بابها»(9). ودلالة الجميع قد اِتَّضحت أَيضاً ؛ فإِنَّ أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام لَـمَّا كانت طبقات حقائقهم الصَّاعدة وتتبعها طبقاتها المتوسطة والنَّازلة هي : نظام عَالَم الوجود على الإِطلاق ، ووسائط الفيض الإِلٰهيّ في قوس النزول ، والوسيلة الإِلٰهيَّة الحصريَّة في قوس الصعود والنزول ، وجنب اللّٰـه ووجهه (جلَّ شأنه) ؛ والسَّبيل والسَّبب والباب والحجاب والرِّباط الإِلٰهيّ الفارد والأَدنىٰ في قوس الصعود والنزول بين الخالق ـ المُسَمَّىٰ ـ (جلَّ وعلا) وكافَّة العوالم وسائر المخلوقات بقضِّها وقضيضها على الإِطلاق قاطبة ؛ فلا ينزل فيضٍ ـ كالعلم والحكمة والفقه ـ من ساحة القدس الإِلٰهيَّة ولو كان بمقدار مثقال ذرَّةٍ إِلَّا عن سبيلها ، وحيث إِنَّ طبقات حقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله الصَّاعدة وتتبعها طبقاتها المتوسطة والنَّازلة مُتقدِّمة على سائر طبقات حقائق سائر أَهل البيت عليهم السلام نابها الأَكبر وسنامها الأَطول ، وهامتها الأَعظم ، ورأس هرمها ، والأَلصق بالذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة على الإِطلاق ، أبد الآباد ودهر الدُّهور كانت طبقات حقيقته صلى الله عليه واله : الظهور والتَّجلِّي الأَعظم على الإِطلاق لحقيقة علم الذَّات الإِلٰهيَّة المُقدَّسة وحكمته وفقهه (جلَّ قدسه) ، فصارت ذاته وحقيقته صلى الله عليه واله مدينة الوحي والعلم والفقه الإِلٰهيّ ، والحكمة الإِلٰهيَّة ، ونظام لا يختل ولا يتبدَّل ولا يتخلَّف ولا يختلف أَبداً ، وبحور زاخرة لا تنزف ، وكنوز لا تفند ، وجبال شامخة لا تقهر ، الكالّ عن نعتها أَفهام النَّاعتين ، والعاجز عن وصفها لسان الواصفين. وحيث إِنَّ طبقات حقيقة أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه التَّالية والأَلصق بها على الإِطلاق كان كُلُّ ما يرد من خيرٍ ووحيٍ إِلٰهيٍّ ، وعلومٍ وحِكَمٍ إِلٰهيَّةٍ وفقهٍ إِلٰهيٍّ لجملة العوالم ولطُرِّ المخلوقات ، وعبر كافَّة النَّشَآت ؛ من بداية الخلقة وعبر سالف الأَزمان وغابر الدُّهور إِلى أَبد الآباد ودهر الدهور ما دام للّٰـه حاجة في خلقه لا يكون إِلَّا عن طريق باب فارد أَوحد : طبقات حقيقة أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه ليس إِلَّا ، مفاتيح أَبواب الكرم ، ومجاديع هواطل النعم ، مَنْ أَتاها عرف من أَين تؤكل الكتف ، ومَنْ تخلَّفَ عنها كَمَنْ يتعلَّق بنسيج العنكبوت للعروج إِلى أَسباب السَّماوات!! وهذا ما يشير إِليه بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «لو يعلم النَّاس متىٰ سُمِّيَ عَلِيّ أَمير المؤمنين لَـمَا أَنكروا فضائله ، سُمِّيَ بذلك وآدم بين الرُّوح والجسد ، وحين قال اللّٰـه : [أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ] (10)فقال اللّٰـه تعالىٰ : أَنَا رَبّكم ، وَمحمَّد نَبِيُّكم ، وَعَلِيّ أَميركم»(11) ، منضمّاً إِليه بيان أَبي جعفر عليه السلام ، عن عبد المؤمن الأَنصاري ، قال : «قلتُ له : لِمَ سُمِّيَ أَمير المؤمنين (صلوات اللّٰـه عليه) أمير المؤمنين ؟ قال: لأَنَّ ميرة المؤمنين منه ، وهو كان يميرهم العلم»(12)، وبيانه عليه السلام أَيضاً ، عن جابر ، قال : «قلتُ : جُعِلْتُ فداك ، لِمَ سُمِّيَ أَمير المؤمنين أَمير المؤمنين؟ قال : لأَنَّه يميرهم العلم ، أَمَا سمعتَ كتاب اللّٰـه عزَّوجلَّ : [وَنَمِيرُ أَهْلَنَا] (13)»(14). فإِنَّ البيان الأَوَّل دالٌّ على أَنَّ أَمير المؤمنين (صلوات اللّٰـه عليه) تمتَّع بهذا المقام الإِلٰهيّ وهو في عَالَم الذَّرِّ والميثاق ، والبيان الثَّاني والثَّالث دالَّان على أَنَّ دور هذا المقام علَّة فاعليَّة لإِمارة العلم وإِفاضته وتزويد المخلوقات به ، وحيث إِنَّ المقام والهبة الإِلٰهيَّة أَمر تكوينيّ يُفعَّل لدىٰ المخلوق من حين تمتُّعه به كان أَمير المؤمنين (صلوات اللّٰـه عليه) هو العلَّة الفاعليَّة لإِمارة المخلوقات وتزويدها بالعلم والمعرفة في العوالم السَّابقة ، كـ : عَالَم : الذَّرِّ والميثاق ، والبرزخ النَّازل ، والأَصلاب ، والأَرحام. ويُشير إِلى هذه القضيَّة في عَالَم الأَصلاب بيانه (صلوات اللّٰـه عليه) المُتقدَّم : «... وأَنا الخضر عَالَم موسىٰ ، وأَنَا مُعَلِّم سليمان بن داود ...»(15). / جملة علوم طُرّ المخلوقات وفي كافَّة العوالم لا تكون إِلاَّ بأَمير المؤمنين عليه السلام/ وممَّا تقدَّم يتَّضح : الجمّ الغفير من بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان أَمير المؤمنين عليه السلام ، مخاطباً كميل بن زياد : «يا كميل ، ما مِنْ علم إِلَّا وأَنا أفتحه ...»(16). ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) البقرة : 58. (2) بحار الأَنوار ، 24 : 203. (3) المصدر نفسه ، 31 : 436. (4) المصدر نفسه ، 34/189. (5) المصدر نفسه ، 40 : 203/ح9. الإِرشاد ؛ للمفيد : 15. (6) بحار الأَنوار ، 23 : 126/ح53. أَمالي الصدوق : 162. إِكمال الدين : 140. (7) بحار الأَنوار ، 28 : 199/ح6. (8) المصدر نفسه ، 40 : 204. (9) تذكرة خواص الأَئمَّة : 29. اللآلي المصنوعة ، 1 : 329. طبعة بيروت. (10) الأعراف : 172. (11) بحار الأَنوار ، 26 : 278/ح20. (12) المصدر نفسه ، 37 : 295/ح11. بصائر الدرجات : 149. (13) يوسف : 65. (14) بحار الأَنوار ، 37 : 293/ح7. معاني الأَخبار : 63. علل الشرائع : 65. البرهان : 258. (15) بحار الأَنوار ، 26 : 5/ح1. (16) المصدر نفسه ، 74 : 266 ـ 277/ح1. بشارة المصطفىٰ : 29