معارف إِلٰهيَّة : (194) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة
30/07/2024
الدرس (194) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، بعد أَنْ وصل البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (140) الى مسالة جديدة ، وكانت تحت عنوان : «التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة» ، وتم الكلام عن ادلتها في الدرس (150) ، ووصلنا في الدرس (151) الى العنوان التالي : و « مِمَّا تقدَّم يتَّضح الجمّ الغفير من طوائف بيانات الوحي الأُخرى » ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) (27) طائفة ، وصل بنا الكلام ( بحمد الله تعالى) الى الطَّائفة الثَّانية والعشرون : / الشَّاك بأَمير المؤمنين عليه السلام والمخالف له مشرك وكافر / / الطَّائفة الثَّانية والعشرون ، ويُمثِّلها : / بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله الوارد في حقِّ أَمير المؤمنين عليه السلام : «المخالف لِعَلِيِّ بعدي كافر ، والشَّاك به مُشرك مغادر ، والمحبّ له مؤمن صادق ، والمبغض له منافق ، والمحارب له مارق ، والرَّاد عليه زاهق ، والمقتفي لأَثره لاحق»(1). ودلالته قد اِتَّضحت أَيضاً ؛ فإِنَّه بعدما كانت طبقات حقائق أَهل البيت الأَطهار صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة ، وعلى رأس هرمها طبقات حقيقة أَمير المؤمنين عليه السلام ، بعد طبقات حقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، وتتبعها طبقات حقائق ذواتهم صلوات اللّٰـه عليهم المتوسطة والنَّازلة : نظام عَالَم الوجود قاطبة ، والوسيلة الإِلٰهيَّة ، والسَّبيل والسَّبب والباب والحجاب والرباط الإِلٰهيّ الأَدنىٰ والفارد بين الباريّ ـ المُسَمَّىٰ ـ (جلَّ قدسه) ، وكافَّة العوالم وكُلّ المخلوقات بقضِّها وقضيضها ؛ فلا يمكن لمخلوق مهما علا شأوه ومقامه ، وارتفعت درجته ومرتبته الوصول لساحة القدس الإِلٰهيَّة من دون سلوك هذه الرابطة والحلقة التكوينيَّة الموصلة ؛ ومن ثَمَّ يكون المحب لهم صلوات اللّٰـه عليهم والمقتفي لآثارهم مؤمن صادق ، ولاحق بهم ، وواصل إِلى الجنان ورضى الرحمٰن ، بخلاف المخالف والمبغض والمحارب لهم ، والشَّاكّ بهم ، والرَّادّ عليهم ؛ فإِنَّه بعدما لم يسلك هذا الصراط التَّكويني الحصري ؛ المجعول من قِبَل يد السَّاحة الإِلٰهيَّة المُقدَّسة ؛ فمِن الطَّبيعي يستحيل عليه ولوج ساحة القدس الإِلٰهيَّة ، وكسب رضى الرحمٰن (تقدَّس ذكره) ، ووراثة الجنان ، وليس له إِلَّا لظى خالداً فيها وبئس المصير ، وكُلّ ما أَتىٰ به من أَعمال وعبادات ومعارف ومعتقدات لا تخرج عن طور الكفر والشرك والنفاق ، والمروق عن الدِّين في مقام توحيد حاكمية اللّٰـه تعالى ، ومقام توحيد تطبيق الأَحكام الإِلٰهيَّة ، ولا يُمَيَّز بين صالحها كصلاته وفاسدها كزناه، فجميعها حطب جهنَّم. فلاحظ : بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : 1ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام : «سوآء على مَنْ خالف هذا الأَمر صلَّىٰ أَو زنا»(2). 2ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «إِنَّ النَّاصب لنا أَهل البيت لا يبالي صام أَم صلَّىٰ ، زنا أَو سرق ؛ إِنَّه في النَّار إِنَّه في النَّار»(3). ودلالته ـ كدلالة سابقه ـ قد اِتَّضحت. بل قد تكون صلاته وصيامه وحَجَّه وسائر عباداته أَشنع وأَشدُّ جرماً من دون قياس من شناعة وجرم الزِّنىٰ والسَّرقة وسائرالكبائر ، وذلك إِذا كان لمُؤدِّي تلك العبادة جنبة إِعلاميَّة ، كما لو كان مُؤدِّيها عَالِم دين ، أَو من وجهاء القوم ، أَو من وجوه المجتمع ؛ كما لو كان قائداً أَو سياسيّاً معروفاً ؛ بحيث يُعطي بإِدائه لتلك العبادة جنبة إِعلاميَّة ومقبوليَّة وترويج لخطِّه المعرفي والعقائديّ المُنحرف ، لا سيما إِذا اجتمع مع ذلك جنبة المكان أَو الزمان أَو كليهما ، كما لو صلَّىٰ صلاة الجمعة ، وكان إِمام جماعة لفرقة مخالفة أَو مُنحرِفة في الأَماكن المُقدَّسة ؛ كـ : المسجد الحرام ، أَو المسجد النَّبويّ . وهذه العبادة أَضرّ بالدِّين وأَهله من دون قياس مِـمَّن لو ارتكب أَحد الكبائر المُشار إِليها في فقه الفروع . فالتفت ، وتدبَّر جِيِّداً . بل من دون سلوك هذا الصراط المُستقيم ؛ صراط أَهل البيت عليهم السلام ، والجادَّة والمنزلة الوسطىٰ الدَّقيقة الوزن ، والحادَّة اللسان ، والصعبة الترقِّي إِلَّا على المؤمن الحاذق الذكي ، فلا طهارة ؛ ويكون حيُّهم أَعمىٰ نجس ومَيِّتهم في النَّار مُبلس . فانظر : بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... وإِيّاك أَنْ تغتسل من غسالة الحمَّام ، ففيها تجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والنَّاصب لنا أَهل البيت وهو شرّهم ، فإِنَّ اللّٰـه تبارك وتعالىٰ لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب ، وإِنَّ النَّاصب لنا أَهل البيت أَنجس منه»(4). وبالجملة : المخالف لأَمير المؤمنين وسائرأَهل البيت الأَطهار صلوات اللّٰـه عليهم ؛ والشَّاكّ به وبهم ، والمبغض والمحارب له ولهم ، والرَّادُّ عليه وعليهم : كافر ومشرك ومنافق ومارق وزاهق في مقام : (توحيد حاكميَّة اللّٰـه عزَّ ذكره) ومقام : (توحيد تطبيق أَحكامه جلَّ ذكره) ؛ لكونه حاد عن النَّاموس الأَنور ، والسراج والزلفة والكوثر ، نور الأَنوار ، ومحلّ سرّ الأَسرار ، الصراط المستقيم ، والجادَّة الواضحة الَّتي لا تخرج سالكها إِلى عوجٍ ، ولا تزيله عن منهجِ ما حُمِّل في عَالَم الذَّرِّ والميثاق ؛ وهدي إِليه ، فيكون كفر وشرك ونفاق وضلال في مقام توحيد حاكميَّة اللّٰـه (تعالىٰ ذكره) ؛ وفي مقام توحيد تطبيق أَحكامه (تقدَّس ذكره) ، ومُحرِّم ومانع على نفسه من الوصول إِلى ساحة القدس الإِلٰهيَّة ورضى الرحمٰن ، والتَّنعُّم بالجنان ، ومردي بنفسه في غياهب مسالك خُطْل ، تورث سالكها غضب الجبَّار (علا ذكره) ، وتورده جهنَّم خالداً فيها وبئس المصير. بخلاف المقتفي لأَثره وسائرأَهل البيت الأَطهار عليهم السلام ، فإِنَّه مُوحِّد وسالك الصراط المُستقيم ، والسَّبيل والسَّلسبيل ، والنهج القويم ، والدَّليل إِذا عميت المهالك، ومؤمن صادق ولاحق برضىٰ الرحمٰن ، وواصل من دون ريب وارتياب لساحة القدس الإِلٰهيَّة ، والنَّعيم الَّذي لا يبيد أَبداً. / أَهل البيت عليهم السلام تُطيعهم وتواليهم جملة المخلوقات وفي كُلِّ العوالم / / الطَّائفة الثَّالثة والعشرون ، ويُمثِّلها : / أَوَّلاً : بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... ويطيعنا كُلّ شيءٍ حتّىٰ السَّماوات والأَرض ، والشَّمس والقمر والنجوم ، والجبال والشَّجر والدواب والبحار ، والجنَّة والنَّار ... ومع كلّ هذا نأكل ونشرب ونمشي في الأَسواق ...»(5). ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 27 : 226/ح22. مشارق الأَنوار : 8 . (2) بحار الأَنوار ، 27 : 235/ح50. ثواب الأَعمال : 203. (3) المصدر نفسه/ح51. ثواب الأَعمال : 203. (4) بحار الأَنوار ، 78 : 47/ح14. علل الشرائع ، 1 : 276. الكافي ، 6 : 508. (5) بحار الأَنوار ، 26 : 7/ح1