معارف إِلٰهيَّة : (197) ، التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة
02/08/2024
الدرس (197) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، بعد أَنْ وصل البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (140) الى مسالة جديدة ، وكانت تحت عنوان : «التَّوسُّل والوسيلة الإِلهيَّة فرض وضرورة إِلهيَّة» ، وتم الكلام عن ادلتها في الدرس (150) ، ووصلنا في الدرس (151) الى العنوان التالي : و « مِمَّا تقدَّم يتَّضح الجمّ الغفير من طوائف بيانات الوحي الأُخرى » ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) (27) طائفة ، وصل بنا الكلام ( بحمد الله تعالى) الى الطَّائفة التالية : / طهارة المخلوق وقبول أَعماله لا تكون إِلاَّ بولاية أَهل البيت عليهم السلام / / رفع الأَعمال لا يكون إِلاَّ بولاية أَهل البيت عليهم السلام / / الطَّائفة الخامسة والعشرون ، ويُمثِّلها : / أَوَّلاً : بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... أَوَ لَا أُنَبِئكم بِأَسوأ حالاً من هذا ؟ قالوا : بلىٰ يا رسول الله. قال : رَجُلٌّ حضر الجهاد في سبيل اللّٰـه ، فَقُتل مُقْبِلاً غير مُدْبِر ، والحور العين يطلَّعن إِليه ، وخزَّان الجنان يتطلَّعون ورود روحه عليهم ، وَأَملاك الأَرض يتطلَّعون نزول حور العين إِليه ، والملائكة وخزَّان الجنان فلا يأتونه ، فتقول ملائكة الأَرض حوالي ذلك المقتول : ما بال الحور العين لا ينزلن إِليه ؟ وما بال خزَّان الجنان لا يردون عليه ؟ فَيُنادون من فوق السَّماء السَّابعة : يَا أَيَّتُها الملائكة ، انظروا إِلى آفاق السَّماء ودوينها ، فينطرون فإذا توحيد هذا العبد وإِيمانه برسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ؛ وصلاته وزكاته وصدقته وأَعمال برّه كُلّها محبوسات دوين السَّمآء قد طبقت آفاق السَّمآء كلّها كالقافلة العظيمة ، قد ملأت ما بين أَقصى المشارق والمغارب ومهاب الشمال والجنوب ، تُنادي أَملاك تلك الأَثقال الحاملون لها الواردون بها : ما بالنا لا تفتح لنا أَبواب السَّمآء لندخل إِليها بأَعمال هذا الشَّهيد ، فيأمر اللّٰـه بفتح أَبواب السَّمآء فتفتح ، ثُمَّ يُنادي : يا هؤلاء الملائكة ، أدخلوها إِنْ قدرتم ، فلا تقلهم أَجنحتهم ولا يقدرون على الإِرتفاع بتلك الأَعمال ، فيقولون : يا ربّنا ، لا نقدر على الإِرتفاع بهذه الأَعمال ، فيناديهم منادي ربّنا عزَّوجلَّ : يا أَيُّها الملائكة ، لستم حُمَّال هذه الأَثقال الصَّاعدين بها ، إِنَّ حملتها الصَّاعدين بها مطاياها الَّتي ترفعها إِلى دوين العرش ، ثُمَّ تقرُّها في درجات الجنان. فيقول الملائكة : يا ربّنا ، ما مطاياها ؟ فيقول اللّٰـه تعالىٰ : وما الَّذي حملتم من عنده ؟ فيقولون : توحيده لَكَ ، وإِيمانه بنبيِّكَ. فيقول اللّٰـه تعالىٰ : فمطاياها : موالاة عَلِيّ أَخي نبيِّي ، وموالاة الأَئِمَّة الطَّاهرين ، فإِنْ أَتَت فهي الحاملة الرَّافعة ، الواضعة لها في الجنان ، فينظرون فإذا الرَّجُل مع ماله من هذه الأَشياء ليس له موالاة عَلِيّ والطَّيبين من آله ؛ ومعاداة أَعدائهم ، فيقول اللّٰـه تبارك وتعالىٰ للأَملاك الَّذين كانوا حامليها : اعتزلوها والحقوا بمراكزكم من ملكوتي ؛ ليأتيها مَنْ هو أَحقُّ بحملها ووضعها في موضع إِستحقاقها ، فتلحق تلك الأَملاك بمراكزها المجعولة لها ، ثُمَّ يُنادي مُنادي ربّنا عزَّوجلَّ : يا أَيَّتها الزبانية ، تناوليها وحطِّيها إِلى سوآء الجحيم ؛ لأَنَّ صاحبها لم يجعل لها مطايا من موالاة عَلِيّ عليه السلام والطَّيبين من آله ، قال : فتنادي(1) تلك الأَملاك ، ويقلب اللّٰـه تلك الأَثقال أَوزاراً وبلايا على باعثها(2)؛ لما فارقها عن مطاياها من موالاة أَمير المؤمنين عليه السلام ، ونادت تلك الملائكة إِلى مخالفته لِعَلِيّ عليه السلام ، وموالاته لأَعدائه ، فَيُسلِّطها اللّٰـه عزَّوجلَّ وهي في صورة الأُسود على تلك الأَعمال وهي كالغربان والقرقس(3)، فيخرج من أَفواه تلك الأُسود نيران تحرقها ، ولا يبقىٰ له عمل إِلَّا أُحبط ، ويبقىٰ عليه موالاته لأَعداء عَلِيّ عليه السلام ، وجحده ولايته فيقر ذلك في سوآء الجحيم ...»(4). ثانياً : بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... فواللّٰـه ، لرَجُلٍ على يقين من ولايتنا أَهل البيت خير مِمَّن له عبادة أَلف سَنة ، ولو أَنَّ عَبداً عَبَدَ اللّٰـه أَلف سَنَة لا يقبل اللّٰـه منه حتَّىٰ يعرف ولايتنا أَهل البيت ، ولو أَنَّ عبداً عَبَدَ اللّٰـه أَلف سنَة ؛ وجاء بعمل اثنين وسبعين نبيّاً ما يقبل اللّٰـه منه حتَّىٰ يعرف ولايتنا أَهل البيت ، وإِلَّا أَكبَّه اللّٰـه على منخريه في نار جهنَّم»(5). ثالثاً : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن المفضَّل ، قال : «... أُخبركَ أَنَّ من عرف أَطاع ... وَمَنْ زَعَمَ أَنَّه يحلِّل الحلال ويحرِّم الحرام بغير معرفة النَّبيّ لم يُحَلِّل للّٰـه حلالاً ، ولم يُحَرِّم له حراماً ، وإِنَّه مَنْ صَلَّىٰ وَزَكَّىٰ وحجَّ واعتمر وفعل ذلك كلّه بغير معرفةِ من افترض اللّٰـه عليه طاعته لم يقبل منه شيئاً من ذلك ، ولم يصلِّ ولم يصم ولم يزكِّ ولم يحجّ ولم يعتمر ، ولم يغتسل من الجنابة ولم يتطَهَّر ، ولم يُحرِّم للّٰـه حراماً ، ولم يحلِّل للّٰـه حلالاً ، وليس له صلاة وإِنْ ركع وسَجَد ، ولا له زكاة وإنْ أَخرج لكلِّ أَربعين درهماً درهماً ، وَمَنْ عرفه وأَخذ عنه أَطَاعَ اللّٰـه ...»(6). ودلالتها قد اِتَّضحت أَيضاً ؛ فإِنَّ من يُريد الوصول لغايةٍ مُعيَّنةٍ فعليه : أَوَّلاً : معرفة الطَّريق الموصل لتلك الغاية. وثانياً : سلوكه بوسيلة موصلة. ومِنْ ثَمَّ مَنْ أَراد الوصول إِلى ساحة القدس الإِلٰهيّ ، وصعود معارفه ومعتقداته وعباداته وأَعماله وقبولها : معرفة الطِّريق والصراط المُستقيم الموصل ، وسلوكه وسيلة موصلة لمبتغاه ، وقد تقدَّم بعض دلائل وبيانات الوحي الطَّاهرة ، وبراهينه الواضحة الباهرة ، وحُجَجِه البالغة المُصرِّحة بـ : أَنَّ أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم هم : الصراط القويم ، والسَّبيل المُستقيم الموصل إِلى النَّعيم المُقيم ، والجادَّة الواضحة الَّتي لا تخرج سالكها إِلى عوجٍ ، ولا تزيله عن منهج الحقّ ، والوسيلة والسفينة المنجية في ظلمات الجهالات ، والمشحونة بذخائر السَّعادات ، والموصلة في سلوك شوارعها إِلى رياض نضرة ، وحدائق خضرة مُزيَّنة بأَزهار كُلّ علمٍ ، وثمار كُلّ حكمةٍ ، وفي طيِّ منازلها طُرقاً مسلوكة معمورة ، موصلة إِلى كلِّ شرفٍ ومنزلةٍ ، فلم يُعثر على حكمةٍ إِلَّا وفيها صفوها ، ولم يظفر بحقيقةٍ إِلَّا وفيها أَصلها. / عرض أَعمال جملة المخلوقات على أَهل البيت عليهم السلام / / الطَّائفة السَّادسة والعشرون ، ويُمثِّلها : / أَوَّلاً : بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... وإِنَّ أَعمال الخلق تعرض في كُلِّ يوم عَلَيَّ ثُمَّ تُرْفَع إِلى اللّٰـه عزَّوجلَّ ...»(7). ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) في نسخة : (فتأتي). (2) في نسخة من المصدر : (على فاعلها). (3) في نسخة : (القرقش). (4) بحار الأَنوار ، 27 : 187 ـ 190/ح46. التفسير المنسوب للإِمام العسكري عليه السلام : 27 ـ 29. (5) بحار الأَنوار ، 27 : 196/ح57. جامع الأَخبار : 207. (6) بحار الأَنوار ، 24 : 293/ح1. بصائر الدرجات : 154 ـ 157. (7) بحار الأَنوار ، 27 : 35/ح5