الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة | معارف ألهية (3)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »

معارف ألهية (3)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »

18/01/2024


الدرس : ( 3 ) بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين .لازال البحث في تفسير بيان اميرالمؤمنين صلوات الله عليه : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »، لكن قبل الدخول في صميم البحث يجدرالإِلتفات إِلى امور ، سنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ستة منها ، مر الكلام عن الامر الاول والثاني ، ووصلنا ( بحمد الله تعالى ) الى الامر : الثَّالث : أَنَّ حقيقة الأَسماء والصفات الإِلٰهيَّة ، بل وكذا حقيقة القرآن الكريم والمعارف الإِلٰهيَّة لاتكمن بوجوداتها الإِعتباريَّة ـ الصوتيَّة والكتبيَّة ـ بل ولا بمعانيها الذهنية ، ولا ببحور معانيها، فإِنَّ هذه الوجودات وإِنْ كانت لها قدسية وشعشعانيَّة ونورانيَّة عظيمة جِدّاً ، ولها آثار طلسميَّة عجيبة وغريبة وردت في بيانات الوحي ، لكن حقائقها تكمن في عوالم وبحور صاعدة ، تُهيمن على ما دونها ، وتتصرَّف بها تصرُّف اللطيف في الأَغلظ. وبالجملة : هناك قاعدة منهجيَّة مطَّردة ، وردت في بيانات الوحي المتواترة ، تأتي في كافَّة أَبواب المعارف الإِلٰهيَّة ، لا يمكن للباحث في أَبواب المعارف ، وفي جميع خطاه البحثيَّة تخطِّيها والإِعراض أَو الغفلة عنها أَو نسيانها أَو تناسيها ، وهي : «أَنَّ كُلَّ عنوانٍ معرفيٍّ ورد في أَبواب المعارف الإِلٰهيَّة لابُدَّ أَن تكون له عينيَّة تَحَقُّقيَّة ، وحقيقة خارجيَّة تكوينيَّة ثابتة في العوالم الصَّاعدة». ومِنْ ثَمَّ لا يبحث أَصحاب المعارف عن الأَصوات ، ولا عن النقوش ؛ لكونها أُموراً إِعتباريَّة ، بل ولا عن الوجودات الذهنيَّة فحسب ؛ لأَنَّها ليست هي الغاية ، وإِنَّما يبحثون عن الواقعيَّات الخارجيَّة والعينيَّات التَّحقُّقِيَّة. وإِلى هذا تشير بيانات الوحي ، منها: بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... هو الرَّبُّ ، وهو المعبودُ وهو اللَّـهُ ، وليس قولي : اللَّـه إِثبات هذه الحروف : ألِفٍ ولآمٍ وهَاءٍ ، ولا راءٍ ، ولا باءٍ ، ولكن ارْجِعْ إِلى مَعْنَىٰ ، وشيءٍ خالق الأَشياء وصانِعِهَا ، ونعت هذه الحروف ، وهو المعْنَىٰ ، سُمِّيَ به اللَّـهُ والرَّحْمٰنُ والرَّحيم والعزيز ، وأَشباه ذلك من أَسمائه ، وهو المعبودُ جلَّ وعزَّ» (1) . وهذا بمثابة جرس وإِيقاظ علمي ، وصحوة علميَّة تُوهِّج أَنوار البصيرة. إِذَنْ : أَبواب المعارف قائمة على الحقائق التَّكوينيَّة ، فبيئتها وموضوعها : (الحقائق). بخلاف أَبواب فقه الفروع ؛ فإِنَّها قائمة على الوجودات الرَّمزيَّة الإِعتباريَّة في دار الدُّنيا. وبعبارة أُخرىٰ : أَنَّ موضوع فقه الفروع هو : (الشَّريعة) ، والمراد منها : مبدأ الإِنطلاق ، وهو يتحقَّق بالإِعتبار. ثُمَّ إِنَّ الحقائق على مراتب وطبقات ودرجات جليَّة وخفيَّة ، والجليَّة كالخفيَّة على مراتب وطبقات ودرجات لا متناهية ، بل وعلى أَلوان وأَثواب وأَنماط وأَنواع وأُطر ولغات. وعليه : فلا يكفي المخلوق لا سيما الباحث التَّعَرُّف على طبقة منها ، بل لا بُدَّ أَنْ يسير سيراً لا متناهياً ، دؤوباً ودائماً. ومِنْ ثَمَّ كانت جملة العلوم لغات للحقيقة ، فلذا يمكن إِقامة البراهين والبيانات العلميَّة على المعارف الحقَّة الإِلٰهيَّة ـ كالواردة في أَبواب : التَّوحيد ، والنُّبُوَّة ، والإِمامة ، والمعاد ـ في كُلِّ علمٍ من العلوم وإِنْ كانت علوم تجريبيَّة ؛ فيمكن البرهنة على المعارف الحقَّة بلغة علم : الفيزياء ، والكيمياء ، وعلم : الإِجتماع ، والقانون والإِدارة وهلمَّ جرّاً. وهذا ما يوضِّح : نكتة وفلسفة تعدُّد معاجز الأَنبياء عليهم السلام ؛ فإِنَّ البرهان بعدما كان لمعان غيب فلا يمكن أَنْ يكون مختصّاً بالبرهان العقلي ـ خلافاً لمنهج الفلاسفة والمُتكلِّمين ـ بل يمكن إِقامته بالحسِّ والخيال وبقيَّة العلوم والفنون وقوىٰ النَّفس ، ومن ثَمَّ نظرة السحرة للمعان غيب القدرة الإِلٰهيَّة في فنِّ تبديل عصا النَّبيّ موسىٰ عليه السلام الغيبي دعتهم أَنْ يكونوا أَوَّل المؤمنين ؛ مع أَنَّه برهان من عالم الفنّ والخيال. إِذِنْ : الوصول إلى الحقيقة لا ينحصر في نمط مُعَيَّن ، بل له أَنماط وأَلوان وأَنواع وطبقات مُختلفة. ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1 ) أُصول الكافي ، 1: 60/ح6