الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (200 ـ 400 ) المقصد الأَوَّل / الباب الأَوَّل | معارف إِلٰهيَّة : (226) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /

معارف إِلٰهيَّة : (226) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /

31/08/2024


الدرس (226) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه العشرين ، وكان تحت عنوان (الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة) ؛ فلِحُجِّيَّة الخبر مراتب طوليَّة من عدَّة جهات ، أَهمُّها ثلاث : الأُوْلَىٰ : حُجِّيَّة المتن. الثَّانية : صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب. الثَّالثة : حُجِّيَّة الطَّريق والسَّند. ولازال الكلام فيها ، ووصلنا في هذا الدرس الى العنوان التالي : / أَدلَّة تراتب الحُجَج الثلاث / وتشير إِلى ترتُّب وتراتب هذه المراحل وجهات الحُجِّيَّة الثلاث بيانات الوحي الوافرة ، منها : 1ـ بيان قوله تقدَّس ذكره : [هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ] (1)(2). فـ : (التلاوة) ـ المُشار إِليها في بيان قوله تقدَّس ذكره : [ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ] ـ : إِشارة إِلى العلم النَّقلي الحسِّي ، وهو مُقدِّمة. وضرورة (التَّعَلُّم) ـ المُشار إِليها في بيان قوله تقدَّس ذكره: [وَيُعَلِّمُهُمُ](3)ـ : إ ِشارة إِلى الفهم العقلي لموارد الوحي ؛ لتحصيل العلم واليقين والبرهان الوحياني ، وهو ذو المُقدِّمة والغاية الأَسْمَىٰ ، الَّذي هو فحوىٰ مفاد المُعجزة. فانظر : بيان قوله عزَّ قوله : [وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ * اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ] (4)( 5). ودلالته واضحة على أَنَّ المعاجز ـ كمعجزة القرآن الكريم ، وهي الأَعظم ـ ، بل والكرامات الإِلٰهيَّة تُورِث لِـمَنْ تأَثَّر بها : العلم واليقين والبرهان الوحياني. وبالجملة : أَحد تعاريف المُعجزة : أَنَّها عبارة عن بزوغ وبروز لمعان أَشعَّة أَنوار غيبيَّة مهولة ؛ إِمَّا في القُدرة ، أَو في آيةِ كمالٍ غيبيٍّ رهيبٍ ، تنتشل بخطفة مَنْ يرىٰ من خلالها لمعان أَنوارِ غيبٍ عظيمةٍ ، ومن ثَمَّ تحصل له حالة إِخبات دفعيّ قهريّ ، تتضعضع له أَعماق ذاته وكافَّة قواه ؛ فيسجد لباعثها تذلُّلاً ، كما حصل ذلك لسحرة بني إِسرائيل. فلاحظ : بيان قوله تعالىٰ : [فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ * فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ * قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ](6) . وهذه نفس فائدة البرهان ؛ فإِنَّه يُخرج الطرف من ساحة الفكر إِلى تجلِّيات في الفطرة الإِلٰهيَّة ، فإِذا شاهد العظمة الإِلٰهيَّة خبت. إِذَنْ : المعجزة الإِلٰهيَّة خطاب إِلهيّ مباشر ؛ ومن دون واسطة من اللّٰـه عزَّوجلَّ مع مخلوقاته. 2ـ بيان قوله جلَّ قوله : [وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ](7)( 8) . ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الجمعة : 2. (2) يجدر الاِلتفات :أَنَّه يجب على مَنْ يُريد اِستيضاح بيانات أَهل البيت عليهم السلام المُفسِّرة لآية من آيات القرآن الكريم فلا يخدعنَّه الفحص بمراجعة تفسير أَو تفسيرين ، بل عليه التَّيقُّظ والتَّفطُّن إِلى موارد وجود هذه الآية بأَلفاظها أَو بما يُقارب أَلفاظها ومعانيها في بيانات الوحي الأُخرىٰ ، وعليه أَيضاً أَنْ لا يُراجع مصدراً واحداً من مصادر التَّفسير ، بل عِدَّة مصادر. وبالجملة : باب الفحص والتَّنقيب العلمي باب واسع وشاسع جِدّاً ، ومن ثَمَّ لا ينخدع الباحث بدرجةٍ من الفحص والتنقيب ، ولا بدرجةٍ من التَّفكير والتَّأمُّل ، وإِذا ظَنَّ أَن ما توصَّل إِليه هو الذروة ورأس الهرم فليعلم أَنَّه اِرتطم بغفلة شنيعة وجهالة كبيرة ؛ فإِنَّ ما توصَّل إِليه بالضرورة الوحيانيَّة والعقليَّة لا بُدَّ أَنْ يكون متناهياً ومحدوداً ، ومعاني وحقائق بيانات الوحي غير متناهية وغير محدودة أَبداً بالضرورة الوحيانيَّة والعقليَّة أَيضاً ، ولا توجد نِسبة رياضيَّة بين المحدود وغيرالمحدود ؛ فإِنَّه دائماً إِذا قيس المحدود إِلى غيرالمحدود كان لا شيء وصفراً على جهة الشِّمال ، وإِلَّا لانقلبت ماهيَّة غيرالمحدود وكانت متناهية ، وبطلان اِنقلاب الماهيَّة من الواضحات ، بل هو خُلف الفرض. (3) الطريقة التعليميَّة السَّارية عليها بيانات الوحي في إِيصال المعلومة للطرف هي : التَّدرُّج في التَّعليم وعلى مراحل. (4) القصص : 31 ـ 32. (5) لا بأس الاِلتفات : أَنَّه لا توجد لقطة في القرآن الكريم إِلَّا وتصبّ في ذكر اللّٰـه تقدَّس ذكره وخشيته وخشوعه. (6) الشعراء : 41 ـ 51. (7) التوبة : 122. (8) ينبغي الاِلتفات : أَنَّ القرآن الكريم هو : دستور اللّٰـه الخالد ، لكنَّ دستوريَّته وخلوده ومُؤدَّاه وفائدته وخطره وعلومه وعقائده ومعارفه لا تختصُّ في هذه النَّشأَة الأَرضيَّة ، ولا يُخاطب به الجنّ والإِنس فحسب ، بل شاملة لجملة العوالم وكافَّة المخلوقات ؛ لأَنَّه من الدِّين ، وهو شامل للجميع ، ومِنْ ثَمَّ خطاباته الواردة بلسان : «يا أَيُّها الَّذين آمنوا» شاملةٌ لكافَّة المؤمنين ، منهم : جملة الملائكة عليهم السلام ، فلذا ورد في بيانات الوحي : «أَنَّ الملائكة ، منهم المُقَرَّبين ـ كـ : جبرئيل وإِسرافيل وميكائيل عليهم السلام ـ حينما ينزل وحي القرآن الكريم على سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله يتعلَّمون منه صلى الله عليه واله ذلك القرآن المُنَزَّل»