الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (200 ـ 400 ) المقصد الأَوَّل / الباب الأَوَّل



معارف إِلٰهيَّة : (200) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة
الدرس (200) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين . وردت بيانات وحيانية كثيرة ، دالة ومؤكدة على مدى خطورة وعظيم فائدة طلب العلم ، منها : 1 ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، عن أبي ذر رضي الله عنة ، قال : « قال رسول الله صلى الله علية وآلة : يا أبا ذر ، الجلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحب الى الله من قيام ألف ليلة ، يصلى في كل ليلة ألف ركعة ، والجلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحب الى الله من ألف غزوة وقراءة القرآن كلة . قال: يا رسول الله مذاكرة العلم خير من قراءة القرآن كلة ؟ فقال رسول الله صلى الله علية وآلة : يا أبا ذر ، الجلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحب الى الله من قراءة القرآن كلة اثنا عشر ألف مرة ، عليكم بمذاكرة العلم ، فأن بالعلم تعرفون الحلال من الحرام . يا أبا ذر ، الجلوس ساعة عند مذاكرة العلم خير لك من عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها ، والنظرالى وجة العالم خير لك من عتق الف رقبة » (1). 2ـ بيان أمير ألمؤمنين صلوات الله علية ، قال : « اذا أرذل الله عبدا حظر علية العلم ». أي: لم يوفقة لتحصيلة . (2) 3ـ بيان أَبي جعفر صلوات الله عليه : «... ففضل إِيمان المؤمن بحمله: [إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ](3) وبتفسيرها على مَنْ ليس مِثْله في الإِيمان بها كفضل الإِنسان على البهائم ...»(4). 4ـ بيان الإِمام الصَّادق صلوات الله عليه : «النَّاس إثنان : عَالِم ومُتعلِّم ، وسائر النَّاس همج ، والهمج في النَّار»(5). والهمج ـ بالتحريك ـ جمع : همجة ، وهي : ذباب صغير كالبعوض يسقط على وجوه الغنم والحمير وأَعينها. كذا ذكره الجوهري(6). ودلالة الجميع واضحة على عظيم خطر طلب علوم أَهل البيت صلوات الله عليهم ، وعظيم ثمارها ؛ وهول فوائدها ، ومن ثم ورد في بيانات الوحي الاخرى ، منها : بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : « إِنَّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم حتى يطأ عليها رضا به »(7). وليس في ذلك اي نحو تجوز ـ كما يفعله البعض ؛ لقصورمعارفه وادراكاته واحكامه المسبقة ـ ؛ فانها الفاظ ومعاني دالة على حقائق تكوينية ، فانه بعدما كانت للملائكة أجسام ولها أجنحة ، ولعظيم خطر معارف الوحي ؛ معارف أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم وعلومهم تقوم الملائكة بفعل ما اخبر عنه بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله من دون اي تجوز وحزازة واشكال ، والفضل والكرامة والمكرمة لعلوم أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ومعارفهم . وليس المقصود مما ذكرناه ترغيب للقارئ ، بل بيان واقع ، وكل مخلوق حر في تصرفاته ومعتقداته ومعارفه . ثُمَّ إِنَّه بانتهاء الدرس المتقدم تنتهي ( بحمد الله تعالى) هذه المسألة ، وبانتهائها تنتهي المسائل الثلاث المتقدمة والمتعرضة لجملة من حقائق ومقامات وشؤون أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، والتي كان الهدف من تقديمها ـ اضافة للتبرك ـ عطش الساحة البشرية للتعرف عليها ، وسننتقل في الدرس اللحق (إِنْ شآء الله تعالىٰ) الى بداية المسائل المعرفية التي وعدنا سابقا بالتعرض اليها . وفق الله المطلعين عليها للتدبر في بحور أسرارها ودررها وجواهرها. وصلى الله على محمد وآلة ألطاهرين . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار ألأنوار ، 1: 203 ـ 204/ ح 21. (2) ألمصدر نفسة : 196/ ح 18. (3) القدر : 1. (4) بحار الأَنوار ، 25 : 74/ح63. كنز الفوائد : 395 ـ 398. (5) بحار الأَنوار ، 1 : 187/ح3. (6) المصدر نفسه. (7) المصدر نفسه ، 1 : 177 / ح47
معارف إِلٰهيَّة : (201) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (201) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين . / المُقدَّمة / الحمدُ لِلّٰـه الـمُمْتَنِع عن الإِدراك بما ابتدع من تصريف الذَّوات ، الخارج بالكبرياء والعظمة من جميع تصرُّف الحالات ، مُحَرَّم على بَوارع ناقبات الفِطَن تحديده ، وعلى عوامق ثاقبات الفِكَر تكييفه ، وعلى غوائص سابحات النَّظر تصويره . والصَّلاة والسَّلام على مُحمَّدٍ عبده ورسوله ، المُخرَج من أَكرم المعادن مَـحْتِداً ، وأَفضل المنابت منبتاً ، من أَمنع ذِرْوَة وأَعزّ أُرُوْمَة ، من الشَّجرة الَّتي صاغ الله منها أَنبياءه ، وانتجب منها أُمناءه ، الطَّيِّبة العود ، المعتدلة العمود ، الباسقة الفروع ، النَّاضِرة الغصون ، اليانعة الثمار ، الكريمة الحشا ، في كرمٍ غُرست ، وفي حرمٍ أُنبتت ، وفيه تشعَّبت وأَثمرت وعزَّت وامتنعت فَسَمَت به وشمخت ، وعلى آله القُبَّة الَّتي طالت أَطنابها ، واتَّسع فناؤها ، مَنْ ضوىٰ إِليهم نجا إِلى الجنَّة ، ومَنْ تخلَّفَ عنهم هوىٰ إِلى النَّار ، معدن الكرم ، وموضع الحِكَم ، وقادة الأُمم إِلى الخير والنَّعيم ، نور الأَنوار ، ومحلّ سرّ الأَسرار ، وعنصر الأَبرار ، ومعلن الأَخيار . واللَّعنة الدَّائمة أَبد الآباد ودهر الدُّهور على أَعدائهم وشانِئيهم وظالميهم ومتابعهيم وغاصبي حقوقهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم، ومناوئي شيعتهم من الأَوَّلين والآخرين. وبعد : فقد كُنتُ ومنذُ مُدَّة وبحمد الله ومَنِّه وكرمه مُشتغلاً بتحرير أَهم المسائل والفوائد والقواعد العقائديَّة والمعرفيَّة والعقليَّة الحديثة ، المُستفاد بعضها من الأَبحاث الدَّائرة في يومنا هذا في أَروقة السَّاحة المعرفيَّة لدىٰ أَتباع مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم في حوزة النجف الأَشرف ، وبعضها الآخر جهود وتحقيقات خاصَّة ؛ لا سيما جملة القضايا والأَبحاث المُختصَّة بطبقات حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة ، والَّتي لم يُنبس بها قبل هذه المنشورات بنبرة شفةٍ قَطُّ. وكان الهدف من هذا الجهد إِبراز أَهمّ الأَبحاث والتَّحقيقات ـ العلميَّة والعقائديَّة والمعرفيَّة والعقليَّة ـ المُستجدَّة في يومنا هذا ؛ والمُستفادة من بيانات الوحي القطعيَّة ، والمغيَّبة عن عقول أَتباع مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم طوال القرون الماضية ، وقد تجمَّعت لديَّ (وبحمد الله) مئات من تلك المسائل والفوائد والقواعد ، أَوقعتها تحت عنوان عام : (المسائل والفوائد والقواعد النَّجفيَّة في معارف الإِماميَّة) ، منتشرة على ستَّة مقاصد ، مشتملة على نيفٍ وستين باباً ومبحثاً عامّاً ، وبالشَّكل التَّالي : المقصد الأَوَّل : قواعد أُصول الفقه في عِلم الكلام . ويُعبَّر عنه أَيضاً بـ: (نظريَّة المعرفة) ، أَو (منطق المعرفة). وفيه : تسعة أَبواب : الباب الأَوَّل : أَعظم ضرورة في العلم ضرورة اختيار نوع المنهج . ويُعبَّر عنه أَيضاً بـ : (ضرورة تمهيد المنهج في البحث العقائدي والمعرفي). الباب الثَّاني : لسان ومصطلحات المعرفة والنظام اللغوي فيها . ويُعبَّر عنه أَيضاً بـ : (نظام القراءات في النَّصِّ الدِّيني). الباب الثَّالث : قواعد في أُصول الحُجِّيَّة والمعرفة العقائديَّة. ويُعبَّر عنه أَيضاً بـ : (قواعد نظميَّة في المعرفة). الباب الرَّابع : الفوارق بين المدارس المعرفيَّة. الباب الخامس : الغلو والتَّقصير. الباب السَّادس : أَدلَّة البحوث المعرفيَّة. الباب السَّابع : وظائف العقل. وفيه : فصلان : الأَوَّل : وظائف مُطلق العقل وحُجِّيَّته واعتباره. الثَّاني : وظائف العقل العملي والعقل النَّظري. الباب الثَّامن : ما يرتبط بالإِدراك والذِّهن. الباب التَّاسع : درجات الحسّ والمعرفة. المقصد الثَّاني : القواعد العامَّة في عَالَم التَّكوينيَّات. ويُعبَّر عنه أَيضاً بـ: (الإِلٰهيَّات بالمعنىٰ الأَعم). وفيه : أَحد عشر باباً : الباب الأَوَّل : القواعد النظميَّة في معرفة التَّكوينيَّات. الباب الثَّاني : القواعد العامَّة للأَجسام. الباب الثَّالث : تقسيم العوالم. الباب الرَّابع : المُجرَّدات. معنىٰ : (اللَّطيف). الباب الخامس : السَّببيَّة والمُسبَبِيَّة. الباب السَّادس : الإِبداع. الباب السَّابع : المادِّي. الباب الثَّامن : عَالَم الخيال. الباب التَّاسع : الجِسمِيَّة وطبقاتها. (الملائكة). الباب العاشر : عَالَم الذَّرِّ والميثاق. الباب الحادي عشر : الرُّوح والنَّفس. المقصد الثَّالث : الإِلٰهيَّات بالمعنىٰ الأَخصِّ. وفيه : بابان : الباب الأَوَّل : التَّوحيد. وفيه : ثلاثة فصول : الفصل الأَوَّل : التَّوحيد وأَقسامه. وفيه : ثلاثة أُمور : الأَمر الأَوَّل : إِثبات معرفة الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المقدَّسة. الأَمر الثَّاني : الرؤية. الأَمر الثَّالث : المعرفة بالآيات ومرادفاتها الإِلٰهيَّة العقليَّة ، ونفي التَّجسيم والتَّعطيل. الفصل الثَّاني : الصِّفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة. وفيه : ثلاثة أُمور : الأَمر الأَوَّل : مُطلق الصِّفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة. الأَمر الثَّاني : الصِّفات الإِلٰهيَّة الذَّاتيَّة. الأَمر الثَّالث : الصِّفات الإِلٰهيَّة الفعليَّة. الفصل الثَّالث : الأَفعال الإِلٰهيَّة ؛ (البحوث التفصيليَّة لعَالَم التَّكوين). الباب الثَّاني : العدل الإِلٰهي. وفيه : ثلاثة فصول : الفصل الأَوَّل : القضاء والقدر. الفصل الثَّاني : الأَمر بين الأَمرين. الفصل الثَّالث : البَدَاء. المقصد الرَّابع : النُّبُوَّة. وفيه : تسعة أَبواب : الباب الأَوَّل : النُّبوَّة العامَّة. الباب الثَّاني : النُّبوَّة الخاصَّة لسيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله . الباب الثَّالث : مقامات سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله . الباب الرَّابع : المعراج. الباب الخامس : حقيقة الوحي. الباب السَّادس : أَقسام الحُجَج. الباب السَّابع : الدِّين والملَّة والشَّريعة والنِّحْلَة. الباب الثَّامن : الأَديان والملل والنِّحَل. الباب التَّاسع : الكُتُب السَّماويَّة ، وحقيقة القرآن الكريم ؛ ومراتبه وبحوثه المرتبطة بالعقائد. المقصد الخامس : الإِمامة. وفيه : ثلاثة عشر باباً : الباب الأَوَّل : الإِمامة والولاية الإِلٰهيَّة. الباب الثَّاني : مقامات وشؤون وأَحوال أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم . الباب الثَّالث : مقامات وشؤون وأَحوال أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه . الباب الرَّابع : مقامات وشؤون وأَحوال وحُجِّيَّة فاطمة الزهراء صلوات اللّٰـه عليها . الباب الخامس : مقامات وشؤون وأَحوال سيِّدا شباب أَهل الـجنَّة صلوات اللّٰـه عليهما . الباب السَّادس : مقامات وشؤون وأَحوال الإِمام زين العابدين والباقر والصَّادق صلوات اللّٰـه عليهم . الباب السَّابع : مقامات وشؤون وأَحوال الإِمام الكاظم والرِّضا والجواد صلوات اللّٰـه عليهم . الباب الثَّامن : مقامات وشؤون وأَحوال الإِمامين العسكريين صلوات اللّٰـه عليهما . الباب التَّاسع : مقامات وشؤون وأَحوال الإِمام المهدي عجل الله تعالى فرجه . الباب العاشر : الدَّائرة الاِصْطِفائيَّة، والقواعد العامَّة في الاصطفاء . الباب الحادي عشر: أَفراد الدائرة الاصطفائيَّة الثانيَّة . الباب الثَّاني عشر : مصحف فاطمة صلوات اللّٰـه عليها . الباب الثَّالث عشر : المذاهب ، والوحدة ، والتَّقريب. المقصد السَّادس : المعاد. وفيه : تسعة أَبواب : الباب الأَوَّل : القضاء والقدر ؛ (الآجال والأَرزاق). الباب الثَّاني : عَالَم الموت. الباب الثَّالث : عَالَم البرزخ. الباب الرَّابع : عَالَم الرَّجعة ؛ (آخرة عَالَم الدُّنيا). الباب الخامس : عَالَم القيامة. الباب السَّادس : الميزان والحساب. الباب السَّابع : الشفاعة. الباب الثَّامن : الجنَّة والنَّار. الباب التَّاسع : ما بعد الجنَّة والنَّار. / تنبيهات: / وقبل الدخول في صميم البحث ـ ولخطورة وجسامة واهميَّة العلوم والمعارف المصحر بها في هذه المسائل والمطالب العلميَّة والمعرفيَّة ـ لابدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، والتنبيهات هي : / التنبيه الأَوَّل: / / بيان واقع / إِنَّ السَّاحة العلميَّة والمعرفيَّة لدىٰ أَتباع مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، بل البشريَّة ستشهد (إِنْ شآء الله تعالىٰ) على اِثرِ هذه الجهود والمسائل طفرة نوعيَّة ـ علميَّة وعقائديَّة ومَعرفيَّة وعقليَّة ـ لم تُشْهَد من قبل قَطُّ ،... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
معارف إِلٰهيَّة : (202) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (202) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، لازال الكلام في مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإِماميَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، ووصل البحث الى العنوان التالي : / تنبيهات: / وقبل الدخول في صميم البحث ـ ولخطورة وجسامة واهميَّة العلوم والمعارف المصحر بها في هذه المسائل والمطالب العلميَّة والمعرفيَّة ـ لابدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، والتنبيهات هي : / التنبيه الأَوَّل: / / بيان واقع / إِنَّ السَّاحة العلميَّة والمعرفيَّة لدىٰ أَتباع مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، بل البشريَّة ستشهد (إِنْ شآء الله تعالىٰ) على اِثرِ هذه الجهود والمسائل طفرة نوعيَّة ـ علميَّة وعقائديَّة ومَعرفيَّة وعقليَّة ـ لم تُشْهَد من قبل قَطُّ ، لاسيما الأَبحاث المُتعلِّقة بطبقات حقائق أَهل البيت صلوات الله عليهم الصَّاعدة. وهذا ما لا يخفىٰ على النَّاقد المُنصِف البصير ، بعد مراجعته لأَوَّلها وآخرها ، وتدبَّر في معانيها وحقائقها ، وعمل نظره في ملحمة التَّحليل وسندان التَّعَمُّق ، وغاص في بحر التَّفكير ، فإِنَّه سيجد كم هائل من المعلومات والمعارف والعقائد والحقائق الوحيانيَّة المهولة الخطيرة الَّتي كانت قبل هذا اليوم ومنذُ قرونٍ مُغيَّبة ، ولم يُنبس بها بنَبْرَةِ شفةٍ ، ولم يشمَّ رائحتها قبل هذه المنشورات أَحد قَطُّ. وهذا ليس من باب التَّبَجُّح ، وإِنَّما لبيان واقع ، والتَّحدُّث بنعمة الله وأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، وإِبراز مفخرة وبناء حضاري وعلمي ومعرفي وعقائدي وعقلي حصل في العصر الرَّاهن في جامعة العلم الكبرىٰ ؛ حوزة النجف الأَشرف العلميَّة ، وإِلفات نظر المُتلقِّي ؛ كيما لا يتفاجأ بنوعيَّة وجرأت الطرح المُستفاد من بيانات الوحي القطعيَّة ؛ بالقطع الوحياني والعقلي ، بل واللفظي ، والمُتَّكئة قراءتها ونتائجها على آليَّات علميَّة ومعرفيَّة، منها : التَّرادف بأَنحائه الثلاثة ـ اللَّفظي ، والعقلي (المعنوي) ، والوجودي ـ ، لاسيما التَّرادف العقلي ، والقائمة على وفق المُحكمات والموازين والقواعد والضوابط والمعادلات : الوحيانيَّة والعلميَّة والعقليَّة والمعرفيَّة ، ومن ثَمَّ لا يُقال : لا تقولوا ما لم يقله الأَوائل. نعم ، من لوازم وطبيعة الطفرات العلميَّة والمعرفيَّة لاسيما العقائديَّة حصول الأَخذ والرَّد فيها ، بل قد يحصل الطعن في رجالاتها ، كما حصل ذلك في الأَزمان السَّالفة ، وفي الباقي من الماضي اعتبار . وهذه الجهود المبذولة وإِن لم يُقدَّر عطاؤها في هذا العصر ، بل قد تُسَوَّف وتُقَزَّم وتُحارب ؛ لغايةٍ في نفس يعقوب قضاها ، لكنَّه ستأتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَجيال لاحقة ـ بعد أَنْ تنقشع عنها الموانع ؛ كـ : قُصور الفهم والتَّدبُّر، والجهل المُركَّب ، والقناعات المُسبَّقة ، والأَمراض النَّفسيَّة كالشَّكِّ والرِّيبة وما شاكلهما ـ تُقَدِّر هذه الجهود لا محالة . وهذا هو حال كُلّ طفرةٍ علميَّةٍ وعقائديَّةٍ ومعرفيَّةٍ وعقليَّةٍ تحصل في حينها ، فالتفت. / التَّنْبِيه الثَّاني : / / العقائد والمعارف الإِلهيَّة علوم تكوينيَّة / / آليَّات التَّوصُّل إِلى النتائج في أَبواب المعارف آليَّات تكوينيَّة / إِنَّ العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة : حقائق تكوينيَّة كونيَّة من أَكوان وعوالم غيبيَّة صاعدة ، ومن ثَمَّ لا ينفع معها إِلَّا البراهين العقليَّة المُستفادة من متون ومضامين بيانات الوحي المعرفيَّة العقليَّة ؛ فلذا لا يوجد في صناعة علم العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة إِطلاق وعموم وتقييد وتخصيص بمنفصل ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
معارف إِلٰهيَّة : (203) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (203) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، لازال الكلام في مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإِماميَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، ووصل البحث بنا الى التَّنْبِيهات ، ولازال الكلام فيها ، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى : / التَّنْبِيه الثَّاني : / / العقائد والمعارف الإِلهيَّة علوم تكوينيَّة / / آليَّات التَّوصُّل إِلى النتائج في أَبواب المعارف آليَّات تكوينيَّة / إِنَّ العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة : حقائق تكوينيَّة كونيَّة من أَكوان وعوالم غيبيَّة صاعدة ، ومن ثَمَّ لا ينفع معها إِلَّا البراهين العقليَّة المُستفادة من متون ومضامين بيانات الوحي المعرفيَّة العقليَّة ؛ فلذا لا يوجد في صناعة علم العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة إِطلاق وعموم وتقييد وتخصيص بمنفصل ، وإِلَّا فدليل على بطلان الصَّنعة والنتائج ؛ كحال سائرالقواعد والعلوم العقليَّة ، نعم يوجد فيها خروج تخصُّصي ونسبي ومُجمل ومفصَّل ، ومن ثَمَّ وجوه الجمع بين الأَدلَّة المُتعارضة أَو الدِّلالات المُتعارضة في أَبواب المعارف تختلف عن وجوه الجمع في باب فقه الفروع . وعليه : فلا يصحُّ الإِشكال على النتائج المُتحصَّلة منها بآليَّات علم فقه الفروع ؛ كضعف سند الدَّليل ؛ لأَنَّ فقه الفروع علم اعتباري ، وآليَّاته آليَّات اعتباريَّة ؛ فلذا يصحُّ فيه التَّقييد والتَّخصيص. وضعف الطَّريق والسَّنَد واعتباره لا دخالة له في تحصيل البرهان العقلي والوحياني من المتون والمضامين . فالتفت . بل التَّواتر السَّنَدي لا يغني ولا يُسمن من جوعٍ ، ولا ينفع في أَبحاث العقائد ؛ لأَنَّه يُورِث اليقين الحسِّي ؛ وهو في معرض الخطأ ، والمطلوب في أَبحاث العقائد تحصيل اليقين العقلي الَّذي لا يقبل الخطأ ، واستفادة اليقين العقلي لا يُفرَّق فيه بين الدَّليل المتواتر والضَّعيف سنداً ؛ لأَنَّ اليقين العقلي يدور مدار متون ومضامين الأَدلَّة بغضِّ النَّظر عن أَسانيدها ؛ ومن باب ما ورد في بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «لا تنظر إِلى مَنْ قال ، وانظر إِلى ما قال»(1). ويُضاف إِليه : أَنَّ الدَّليل المتواتر سنداً قد يكون متنه ظَنِّيّ الدِّلالة ، فعاد إِلى الظَّنِّ ، وهو لا ينفع في أُسس وأُصول العقائد بالإِجماع . نعم ، إِنْ كان متنه ومضمونه مفيداً لليقين العقلي كان حُجَّةً في أَبواب العقائد وغيرها ، لكنَّه لا لكونه متواتراً سنداً ، بل لكون متنه ومضمونه أَورث القطع العقلي . فتدبَّر جيِّداً . ثُمَّ إِنَّه يجب على مَنْ ليس له باعٌ عقليٌّ في صناعة وأَبحاث العقائد ترك أَبحاث وتحقيقات هذا الباب ، ولا يلجه ولا يتصدَّىٰ له ، وليترك المجال لأَهله . بعد الالتفات : أَنَّ لغة بيانات الوحي المعرفيَّة : لغة عقليَّة وحيانيَّة ، وهي أَعظم من نتاج العقل البشري الأَرضي بما لا يُتَنَاهىٰ . / المُرَاد مِنْ حُجِّيَّة المتن والمضمون / والمراد من حُجِّيَّة المتن ليست حُجِّيَّة الدِّلالة ، وإِنَّما ـ المراد ـ : نفس نظام المعلومات المُودعة في متن الدَّليل ، فيدرس الفقيه أَو الباحث ذلك المتن والمضمون ـ بِغَضِّ النَّظَر عن الدَّليل ودلالته ؛ وصدوره وسنده وجهته ؛ والكتاب الَّذي ورد فيه المتن والمضمون ـ ويعرضه على مُحكمات القرآن الكريم ، ومُحكمات السُّنَّة الشَّريفة القطعيَّة ، ومُحكمات وبديهيَّات العقل ، ومُحكمات وبديهيَّات الوجدان الَّتي لا يختلف عليها وجدان بشر ، ويوزنه مع منظومة معادلات وقواعد الدِّين والشَّريعة ؛ فإِذا أَورث له ذلك العرض : القطع واليقين بمطابقة هذا المتن والمضمون لتلك المُحكمات أخذ به ، وكانت حُجِّيَّة ذلك المتن عقليَّة وحيانيَّة ذاتيَّة . ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) كنز العمَّال ، 16 : 197/ح44218
معارف إِلٰهيَّة : (204) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (204) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، لازال الكلام في مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، ووصل البحث بنا الى التَّنْبِيهات ، ولازال الكلام فيها ، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه الثَّاني ، ولازلنا فيه ، ووصل البحث الى العنوان التالي : / المُرَاد مِنْ حُجِّيَّة المتن والمضمون / والمراد من حُجِّيَّة المتن ليست حُجِّيَّة الدِّلالة ، وإِنَّما ـ المراد ـ : نفس نظام المعلومات المُودعة في متن الدَّليل ، فيدرس الفقيه أَو الباحث ذلك المتن والمضمون ـ بِغَضِّ النَّظَر عن الدَّليل ودلالته ؛ وصدوره وسنده وجهته ؛ والكتاب الَّذي ورد فيه المتن والمضمون ـ ويعرضه على مُحكمات القرآن الكريم ، ومُحكمات السُّنَّة الشَّريفة القطعيَّة ، ومُحكمات وبديهيَّات العقل ، ومُحكمات وبديهيَّات الوجدان الَّتي لا يختلف عليها وجدان بشر ، ويوزنه مع منظومة معادلات وقواعد الدِّين والشَّريعة ؛ فإِذا أَورث له ذلك العرض : القطع واليقين بمطابقة هذا المتن والمضمون لتلك المُحكمات أخذ به ، وكانت حُجِّيَّة ذلك المتن عقليَّة وحيانيَّة ذاتيَّة . ثُمَّ إِنَّ تحصيل حُجِّيَّة المتن والمضمون ليست إِلَّا من شأن الفقهاء المُتضلِّعين في فقه الفروع ، وعلم الكلام ، وعلم العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة ، وعلم الأَخلاق والآداب والنِّظام الرُّوحي والأَخلاقي والآدابي الدِّيني ، وعلم التَّفسير ، وعلم السِّيَر ، وغيرها . بخلاف حُجِّيَّة السَّنَد ؛ فإِنَّها يُمكن معرفتها من قِبَلِ عامَّة النَّاس ، وتدور مدار الحافظة ، كما أَشارت إِلى ذلك بيانات الوحي ، أَمَّا حُجِّيَّة المتن والمضمون فتحتاج إِلى حصول مطابقة لمُحكمات وأُصول وأُسس وقواعد ومعادلات الشَّرع والدِّين ، وهذه ليست من اختصاص إِلَّا الفقيه المُتَضلِّع في شَتَّىٰ العلوم الشَّرعيَّة والدِّينيَّة ؛ فحُجِّيَّة المتن والمضمون لا تدور مدار فقاهة الفقيه فحسب ، بل وتضلُّعه في كافَّة العلوم الشَّرعيَّة والدِّينيَّة . إِذَنْ : حُجِّيَّة المتن والمضمون تتطلَّب فقاهة وتضلُّع الفقيه بذلك العلم الَّذي يختصُّ به ذلك المتن والمضمون ؛ فلو لم يكن للفقيه باعٌ بالعلم الَّذي يختصُّ به المتن والمضمون فمن أَين يعرف حُجِّيَّة المتن والمضمون وعدمها. فتأَمَّل . وهذا بحث تصوُّريٌّ وتصديقيٌّ لا يتوقَّف على حُجِّيَّة صدور الخبر وسنده . / التنبيه الثَّالث: / / دين اللّه لا يُصاب بالعقول / إِنَّ العقل بمفرده يتيه في مباحث وأَبواب العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة ومباحث وأَبواب فقه الفروع ؛ لكونها خارجة عن حريمه وعَالَمه ومكنته ، فلابُدَّ له من الإِهتداء والإِقتداء ببيانات الوحي ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
معارف إِلٰهيَّة : (205) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (205) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، لازال الكلام في مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، ووصل البحث بنا الى التَّنْبِيهات ، ولازال الكلام فيها ، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التنبيه الثَّالث: / / دين اللّه لا يُصاب بالعقول / إِنَّ العقل بمفرده يتيه في مباحث وأَبواب العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة ومباحث وأَبواب فقه الفروع ؛ لكونها خارجة عن حريمه وعَالَمه ومكنته ، فلابُدَّ له من الإِهتداء والإِقتداء ببيانات الوحي ، ونشب أَظفاره بكُلِّ ما أُوتي من قوَّةٍ والالتصاق بها ، بل كُلَّما ارتقت وتصاعدت معاني وحقائق أُصول الدِّين والعقائد والمعارف الإِلٰهيَّة ؛ ومعاني وحقائق الأَخلاق والآداب والسُّنن ؛ والأَعمال والحالات والرِّياضيات الرُّوحيَّة والنَّفسيَّة ؛ ومعاني وحقائق فروع الدِّين كُلَّما ازدادت حاجته أَكثر وأَعظم إِلى هدي بيانات الوحي . / التنبيه الرَّابع : / / المطالب العقائديَّة أَشقُّ وأَصعب من مطالب فقه الفروع / إِنَّ مباحث وأَبواب العقائد بحورٌ موَّاجةٌ ، متلاطمة وخطيرة جِدّاً ، وبحوثها صعبة ومُعقَّدة وخطيرة وعظيمة جِدّاً ؛ ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
معارف إِلٰهيَّة : (206) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (206) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، لازال الكلام في مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، ووصل البحث بنا الى التَّنْبِيهات ، ولازال الكلام فيها ، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التنبيه الرَّابع : / / المطالب العقائديَّة أَشقُّ وأَصعب من مطالب فقه الفروع / إِنَّ مباحث وأَبواب العقائد بحورٌ موَّاجةٌ ، متلاطمة وخطيرة جِدّاً ، وبحوثها صعبة ومُعقَّدة وخطيرة وعظيمة جِدّاً ؛ أَصعَب وأَخطر وأَعظم من أَبحاث فقه الفروع بمئات المرّات ، ومن ثَمَّ سُمِّيَّت العقائد بـ : (الفقه الأَكبر) ؛ فلذا يُراد لها جهود ضخمة تُبذل من قِبَلِ أَجيال العلماء والفضلاء والباحثين وطلبة العلوم الدِّينيَّة. / لكلِّ بابٍ عقائدي لغته الخاصَّة / ثُمَّ إِنَّ كُلَّ بابٍ عقائديٍّ يحتاج له إِلى لغته الخاصَّة ؛ فمباحث التَّوحيد شَكْلٌ ، ومباحث النُّبُوَّة شَكْلٌ آخر ، ومباحث الإِمامة شَكْلٌ ثالث ، ومباحث المعاد شَكْلٌ رابع ، ومباحث عِلم الخلاف شَكْلٌ خامس ، ومباحث المذاهب والأَديان شَكْلٌ سادس ، ومباحث الكُتُب السَّماويَّة شَكْلٌ سابع ، وهلُمَّ جرّاً. وقد يصير الشَّخص مُتَنَمِّراً في بابٍ وفي لغةٍ وأُمِّيّاً في باب آخر ولغةٍ أُخرىٰ. ومعناه : أَنَّ البحث العقائديَّ صعبٌ ومُعقَّدٌ وشاقٌ جِدّاً. / التَّنبيه الخامس: / / لابُدَّ من التَّحَرُّر من ضيق المشرب في متابعة الحقيقة / إِنَّ مَنْ يُريد تحرِّي حقيقةً فعليه التَّحَرُّر من ضيق المشرب والمدرسة الَّتي ينتمي إِليها ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
معارف إِلٰهيَّة : (207) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (207) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، لازال الكلام في مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، ووصل البحث بنا الى التَّنْبِيهات ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنبيه الخامس: / / لابُدَّ من التَّحَرُّر من ضيق المشرب في متابعة الحقيقة / إِنَّ مَنْ يُريد تحرِّي حقيقةً فعليه التَّحَرُّر من ضيق المشرب والمدرسة الَّتي ينتمي إِليها ، لكن الواقع يشهد عكس ذلك ؛ مع أَنَّ كثير من المدارس البشريَّة ـ كالمدرسة الفلسفيَّة ـ مأخوذ في شعارها عدم التَّعَصُّب. ومن ثَمَّ كثير من الإِشكالات والاعتراضات والشُّبهات الواردة والنَّاشئة على مشهد الثقافة الإِسلاميَّة والإِيمانيَّة حصلت نتيجة البناء على قناعاتٍ مرسومة في المدارس المعرفيَّة البشريَّة ـ كـ : المدرسة : الفلسفيَّة والكلاميَّة والعرفانيَّة والتَّفسيريَّة ـ . / التَّنبيه السَّادس: / / المعرفة الحقَّة هي العملة الصَّعبة / إِنَّ المعرفة الحقَّة هي العملة الصَّعبة في عَالَم : القبر ، والبرزخ ، والرَّجعة، والقيامة ، والآخرة الأَبديَّة وما بعدها. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
معارف إِلٰهيَّة : (208) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (208) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث ـ ولخطورة وجسامة واهميَّة العلوم والمعارف المصحر بها في هذه المسائل والمطالب العلميَّة والمعرفيَّة ـ لابدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنبيه السَّادس: / / المعرفة الحقَّة هي العملة الصَّعبة / إِنَّ المعرفة الحقَّة هي العملة الصَّعبة في عَالَم : القبر ، والبرزخ ، والرَّجعة، والقيامة ، والآخرة الأَبديَّة وما بعدها. / التَّنبيه السَّابع: / / خطورة آثار الهويَّة العقائديَّة / / تلوِّن الأَخلاق والآداب والفضائل بتلوِّن العقائد / إِنَّ أَكبر وأَعظم مُجنِّد وأَكبر وأَعظم مُسخِّر للمخلوق على الإِطلاق : الهويَّة العقائديَّة ؛ فإِنَّها تُجنِّد جملة طبقات حقيقة المخلوق . إِذَنْ : العقيدة أَعظم وأَخطر ميزان وآليَّة لتجنيد المخلوقات وانتماءاتها إِلى أَيِّ مسيرٍ كان . ومنه يتَّضح : أَنَّ فلسفة جمال الأَخلاق وحسن الفضائل لا تكون إِلَّا بتوسُّط العقائد الحقَّة . إِذَنْ : جمال الفضائل في الأَخلاق والآداب والأَعمال مُترشِّح من جمال العقيدة . فالتفت ، وتأمل جيدا . / التَّنبيه الثَّامن: / / العقيدة رؤية عامَّة لجميع الأَزمان / / للعقيدة تداعيات وأَمواج خطيرة على أَوضاع المخلوق / / العقيدة أَمرٌ مصيريٌّ / إِنَّ العقيدة ليست تُراث لتأريخ مضىٰ ، وإِنَّما هي رؤية لحاضر راهن ولمُستقبلٍ واعد ؛ ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
معارف إِلٰهيَّة : (209) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (209) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث ـ ولخطورة وجسامة واهميَّة العلوم والمعارف المصحر بها في هذه المسائل والمطالب العلميَّة والمعرفيَّة ـ لابدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنبيه الثَّامن: / / العقيدة رؤية عامَّة لجميع الأَزمان / / للعقيدة تداعيات وأَمواج خطيرة على أَوضاع المخلوق / / العقيدة أَمرٌ مصيريٌّ / إِنَّ العقيدة ليست تُراث لتأريخ مضىٰ ، وإِنَّما هي رؤية لحاضر راهن ولمُستقبلٍ واعد ؛ فهي رؤية عامَّة تختصُّ وتشمل الوضع الرَّاهن والمُستقبل الواعد والمُستقبل البعيد المدىٰ الآتي ، ومن ثَمَّ تكون لها تداعيات خطيرة وأَمواج جسيمة على وضع المخلوق الرَّاهن وعلى وضعه في المُستقبل ؛ فلذا العقيدة ليست أَمراً خياريّاً وندبيّاً ، بل أَمرٌ مصيريٌّ. وهذه القضيَّة يجب الالتفات إِليها والعَضُّ عليها بِضِرْسٍ قاطِعٍ في جملة أَبواب العقائد والمعارف ، لاسيما في أَساسيَّات وأُصول العقائد ، كالإِعتقاد بأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، لاسيما طبقات حقائقهم الصَّاعدة. / التنبيه التَّاسع: / / خارطة المعارف والعقائد الإِلهيَّة / إِنَّ الباحث إِذا بنىٰ خارطة بحوثه المعرفيَّة والعقائديَّة على ما رقَّمه المُتكلِّمون فسيرتطم لا محالة بمآزق معرفيَّة وعقائديَّة كثيرة جِدّاً ؛ ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
معارف إِلٰهيَّة : (210) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (210) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التنبيه التَّاسع : / / خارطة المعارف والعقائد الإِلهيَّة/ إِنَّ الباحث إِذا بنىٰ خارطة بحوثه المعرفيَّة والعقائديَّة على ما رقَّمه المُتكلِّمون فسيرتطم لا محالة بمآزق معرفيَّة وعقائديَّة كثيرة جِدّاً ؛ لأَنَّ الخريطة والفهرسة المعرفيَّة والعقائديَّة الَّتي رسمها جملة من علماء كلام الإِماميَّة ؛ وساروا عليها نَشَأَت نتيجة انشغالهم بالجدل والحوار الكلامي مع المذاهب الإِسلاميَّة ، فألجأتهم هذه الحواريَّات الَّتي لا انقطاع لها إِلى نوع تبويب ؛ ورسم خارطة للمعارف والعقائد الإِلٰهيَّة ؛ يفهمها ويلتفت إِليها الطرف الآخر . ومعناه : أَنَّهم اضطروا إِلى تنزيل الخطاب الكلامي والخطاب العقائدي إِلى مستوىٰ معارف وعقائد الطرف ، مع أَنَّه ليس لديه من الإِسلام إِلَّا استقبال الكعبة فقط. وهذا ما صرَّحت به بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق صلوات الله عليه : «... لا والله ، ما هم على شيءٍ مِـمَّا جاء به رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله إِلَّا استقبال الكعبة فقط»(1). وعليه : فكيف يمكن رسم خارطة وثقافة للمعارف والعقائد الحقَّة المُصْحَرَة في بيانات الوحي الإِلٰهي على وفق هذه الوضعيَّة التجاذبيَّة الكلاميَّة؛ وإِلَّا فستحصل لا محالة لأَصحاب هذه الخرائط والثقافات مشاكل وأَزمات معرفيَّة وعقائديَّة لا حصر ولا منتهىٰ لها . بل سبَّبت وتُسبِّب هذه المنهجيَّة وهذه الثقافات طامَّات معرفيَّة وعقائديَّة أَشدُّ خطراً وضرراً وفتكاً بأَهل البيت صلوات الله عليهم من خطر وضرر وفتك يزيد بن معاوية وجيشه (عليهم لعائن الله) وما فعلوه بسيِّد الشهداء صلوات الله عليه وبأَهل بيته وصحبه ؛ لأَنَّ تلك قتلت الأَبدان ، وحرمت أَصحابها الحياة الدُّنيويَّة الزائلة، بخلاف هذه ؛ فإِنَّها تقتل : أَرواح أَهل البيت صلوات الله عليهم ؛ وعلومهم وعقائدهم ومعارفهم ، وتحرم أَتباعهم ، بل جملة البشريَّة ، بل طُرّ المخلوقات الحياة الأُخرويَّة الأَبديَّة ، ومن ثَمَّ لا قياس بين الخطرين والضَّررين والفتكين . وكانت هذه القضيَّة هي السبب في إِعراض أَو غفلة مُتكلِّمي الإِماميَّة ، وأَصحاب العقائد والمعارف عن كثير من أَبواب وأَبحاث العقائد والمعارف الثابتة في بيانات الوحي الوافرة الباهرة. وعلى هذا قس : علم الفلسفة ؛ فإِنَّ تبويبه وفهرسته ورسم خارطته جرت على وفق نتاج بشري ، بل اعترف أَصحابها(2) بذلك ؛ فقالوا : إِنَّ الفلسفة تعني : معرفة حقائق الأَشياء بقدر الطَّاقة البشريَّة. وبين المعرفة على قدر الطاقة البشريَّة ؛ والَّتي مهما علت لا بُدَّ أَنْ تكون محدودة ومتناهية ، وبين المعرفة على وفق طاقة الوحي غيرالمتناهية وغير المحدودة فارق من دون قياس ؛ فإِنَّ الثابت في محلِّه أَنَّه لا توجد نسبة رياضيَّة بين المحدود وغير المحدودة ، فإِنَّه مهما علت ووضعت للمحدود من قيمٍ وأَرقامٍ إِذا قيس لغير المحدود لا بُدَّ أَنْ تكون قيمة المحدود صفراً على جهة الشمال ؛ وإِلَّا ـ أَي : إِذا جُعِلَ للمحدود قيمة وإِنْ كانت ضئيلة جدّاً كالواحد مقابل الترليون ـ لانقلبت ماهيَّة غيرالمتناهي وغير المحدود وصارت متناهية ومحدودة ، وبطلان ، بل استحالة انقلاب الماهيَّة من الواضحات ، بل خلف الفرض أَيضاً . ومِنْ ثَمَّ التبويبات الجارية في علم الفلسفة ـ سوآء كانت فلسفة : مشاء أَو إِشراق أَو حكمة متعالية أَو فلسفات غربيَّة حديثة أَو فلسفات أَلسنيَّة أَو فلسفات الهرمنيوطيقا التعددية أَو فلسفات الكلام الجديد ـ وحبس المباحث المعرفيَّة والعقائديَّة ؛ وحشر مواد الوحي في هذه التبويبات البشرية كارثة علميَّة. وليس في هذا التعبير رجزٌ حماسيٌّ ، بل بكُلِّ هدوء وبكُلِّ قناعة أَنَّه : كارثة علميَّة ومعرفيَّة وعقائديَّة. وهذه القضيَّة لا بُدَّ من التَّنبُّه إِليها دائماً ؛ فإِنَّ أَصل الفهرسة في علم : (الفقه) و(الأُصول) و(الكلام) و(الفلسفة) و(التفسير) و(العرفان) وغيرها، بل وفي أَيِّ أَيدلوجيَّة حديثة أَو قديمة نتاج بشريّ محدود ، وتبويباتها لا تشمل عَالَم الحقيقة غيرالمتناهية ، ولا تتَّسع لِـمَا هو موجود في تراث الوحي أَبداً ، بل قوالب وبنود أَبواب معارف وعقائد النتاج البشري في علم : (الكلام) و(الفلسفة) و(العرفان) و(التفسير) تختلف عن قوالب وبنود بيانات الوحي ، ومن ثَمَّ يُحاول الكثير من الباحثين في المعارف والعقائد لَيِّ أَعناق العبائر والقوالب الوحيانيَّة ذات السعة والقوَّة والمتانة والرَّصانة غيرالمتناهية ؛ ليستبدلها أَو يحشرها في قوالب النتاج البشري ؛ الهزيلة والهشَّة والضَّيِّقة. وبالجملة : أَنَّ الأُطر والقوالب الَّتي ينبغي أَنْ يُسبح بها في عَالَم المعاني غيرالمتناهية ، واستكشاف الحقائق العيانيَّة غير المحدودة : أُطر وقوالب وحيانيَّة، وهي تختلف عن أُطر البشر ؛ فإِنَّ قوالب المعاني الوحيانيَّة أُطر تكوينيَّة غير متناهية ، تُباين قدرة وسعة ودقَّة أُطر وقوالب المعاني البشريَّة ، فإِنَّها اعتباريَّة متناهية. وهذه قضيَّة بالغة الأَهميَّة والثمرة والخطورة. فالتفت تربت يداك. وإِلى هذا تشير بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان قوله جلَّ وتقدَّس : [وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ](3) . 2ـ بيان قوله تقدَّس ذكره : [مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ](4). ودلالتهما واضحة. والاضطرار يجرُّنا للتوسُّع في هذه القضيَّة ؛ لنبيِّن كيفيَّة بُعد الثقافة الإِسلاميَّة المُنتشرة بين المؤمنين فضلاً عن المسلمين عن حقيقة معارف وعقائد وثقافة الوحي الأَصيلة والوسيعة والشفَّافة. بل أَحياناً يكون النتاج المعرفي والعقائدي البشري حجاباً ومانعاً عن الوصول إِلى سعة الحقيقة. نعم الشبهات والإِثارات على النتاج البشري تُنبِّه الإِنسان إلى أَنَّ النتاج الوحياني شيء آخر غير النتاج البشري. / التنبيه العاشر: / /حقيقة الدِّين/ / الدِّينُ شاملٌ لجملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية/ إِنَّ الدِّين عبارة عن منظومة ونظام تَحَكُّم ، راسم للعلاقة بين الخالق عزَّوجلَّ وجملة المخلوقات ، ومن ثَمَّ لا يختصُّ بِعَالَمٍ مُعيَّنٍ ، ولا ببعض المخلوقات ـ كالجنِّ والإِنسِ ـ ، بل شامل للجميع. بخلاف الشَّريعة ؛ فإِنَّها مُختصَّة بِعَالَم الدُّنيا وبالثقلين ـ الجنّ والإِنس ـ. لكن : كثير من أَصحاب كُتُب : علم الفقه ، وعلم الكلام وعلم التَّفسير وغيرها يخلطون بين الدِّين والشَّريعة. والفارق بينهما : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 65 : 91/ح26. المحاسن : 156. (2) مرجع الضمير : (الفلسفة). (3) لقمان : 27. (4) النحل : 96
معارف إِلٰهيَّة : (211) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (211) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه العاشر: / /حقيقة الدِّين/ / الدِّينُ شاملٌ لجملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية/ إِنَّ الدِّين عبارة عن منظومة ونظام تَحَكُّم ، راسم للعلاقة بين الخالق عزَّوجلَّ وجملة المخلوقات ، ومن ثَمَّ لا يختصُّ بِعَالَمٍ مُعيَّنٍ ، ولا ببعض المخلوقات ـ كالجنِّ والإِنسِ ـ ، بل شامل للجميع . بخلاف الشَّريعة ؛ فإِنَّها مُختصَّة بِعَالَم الدُّنيا وبالثقلين ـ الجنّ والإِنس ـ . لكن : كثير من أَصحاب كُتُب : علم الفقه ، وعلم الكلام ، وعلم التَّفسير وغيرها يخلطون بين الدِّين والشَّريعة. والفارق بينهما : إِنَّ الدِّين يُطلق ويُراد به : مجموع العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة ، وأَركان الفروع ، وأُصول الأَخلاق والآداب ، وأُصول واجبات ومُحرَّمات فقه الفروع . وهو شامل لكافَّة العوالم ولجملة المخلوقات ، ومن ثَمَّ يكون دين الأَنبياء عليهم السلام واحداً لدىٰ الجميع ، وهو دين الإِسلام . وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان قوله عزَّ من قائل : [إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ](1). 2ـ بيان قوله جلَّ قوله : [أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ](2). ودلالتهما واضحة . بخلاف الشَّريعة ؛ فإِنَّها تُطلق ويُراد بها : تفاصيل الفروع ، وهي مُختصَّة بالإِنس والجنِّ ، وبِعَالَم الدُّنيا بِنَشَآته الثلاث ـ عَالَم الدُّنيا الأُولىٰ ، وعَالَم البرزخ ، وعَالَم آخرة الدُّنيا (الرَّجعة) ـ ، ولكُلِّ نبيٍّ شريعته الخاصَّة . وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان قوله عزَّ قوله : [لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا](3) . ودلالته واضحة. إِذَنْ : الدِّين بمنظومته ومعارفه وعقائده لا يختصُّ بِعَالَم الدُّنيا الأُولىٰ ، بل يشمل جملة العوالم والنَّشَآت ؛ وكافَّة المخلوقات غير المتناهية ؛ لكونه الرَّابطة بين الخالق عزَّوجلَّ وجميع المخلوقات غير المتناهية . وحيث إِنَّ ولاية أَهل البيت عليهم السلام من الدِّين ، بل من أُصوله وأُسسه وأَركانه كانت شاملة لكُلِّ العوالم وجملة المخلوقات غيرالمتناهية ؛ من بداية الخلقة والوجود إِلى ما لا نهاية له. وعليه : فالموقعيَّة العقائديَّة والمعرفيَّة المرتبطة تداعياتها بالدِّين تكون أَعظم هولاً ، وأَخطر أَثراً ، وأَعظم فائدةً من الموقعيَّة العقائديَّة المرتبطة تداعياتها بالشَّريعة. وحيث إِنَّ ولاية أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ومقاماتهم من الدِّين ، بل من أُصوله وأُسسه وأَركانه تكون تداعياتها أَخطر وأَعظم هولاً من دون قياس من تداعيات فقه الفروع والشريعة . / التَّنْبِيه الحادي عشر : / / تَعَصِّي البعض عن قبول ما ورد في حقِّ أَهل البيت عليهم السلام/ العجب مِـمَّن يدَّعي ويزعم انتسابه إِلى مدرسة أَهل البيت صلوات الله عليهم وهو لا يقبل ببيانات الوحي الواردة في حقِّهم ، ويرفض طُرق العامَّة فضلاً عن طُرق الخاصَّة ، وكأَنَّه يقطع نفسه عن تراث السُّنَّة الشَّريفة. وقد حكمت كلمة المسلمين بالإِجماع على مَنْ يقطع نفسه عن هذا التراث العظيم والخطير بـ : الخروج عن مِلَّة المسلمين ؛... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) آل عمران : 19. (2) آل عمران : 83. (3) المائدة : 48
معارف إِلٰهيَّة : (212) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (212) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات الله عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : التَّنْبِيه الحادي عشر : / / تَعَصِّي البعض عن قبول ما ورد في حقِّ أَهل البيت عليهم السلام/ العجب مِـمَّن يدَّعي ويزعم انتسابه إِلى مدرسة أَهل البيت صلوات الله عليهم وهو لا يقبل ببيانات الوحي الواردة في حقِّهم ، ويرفض طُرق العامَّة فضلاً عن طُرق الخاصَّة ، وكأَنَّه يقطع نفسه عن تراث السُّنَّة الشَّريفة. وقد حكمت كلمة المسلمين بالإِجماع على مَنْ يقطع نفسه عن هذا التراث العظيم والخطير بـ : الخروج عن مِلَّة المسلمين ؛ فإِنَّ أَقلّ وأَدنىٰ مراتب الإِسلام ؛ ولا يصير الشخص من عبدة الشَّيطان(1) قبوله بالروايات المتواترة بين الفريقين. والإِنسان وإِنْ كان حرّاً في ذلك ، لكن : عليه أَنْ يعلن عن نفسه ، ويكون صريحاً مع الآخرين ، ولا يخدعهم ، ولا يُشبِّه ولا يُزيِّف عليهم : أَنَّه من المُتشبِّثين ببيانات الثقلين ، والصدق هو الأَهم ، والخداع معيب ودجل ومكر وخديعة. وإِلى أَصحاب هذا الخطّ تشير بيانات الوحي ، منها : بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... أَيُّها النَّاس ، مالكم إِذا ذُكر إِبراهيم وآل إِبراهيم أَشرقت وجوهكم ، وإِذا ذكر مُحمَّد وآل مُحمَّد قست قلوبكم وعبست وجوهكم؟! والَّذي نفسي بيده لو عمل أَحدكم عمل سبعين نبيّاً لم يدخل الجنَّة حتَّىٰ يحبّ هذا أَخي عليّاً وولده ، ثُمَّ قال عليه السلام: إِنَّ لله حقّاً لا يعلمه إِلَّا أَنا وَعَلِيّ ، وإِنَّ لي حقّاً لا يعلمه إِلَّا الله وعَلِيّ ، وله حقّ لا يعلمه إِلَّا الله وأَنا»(2). ودلالته واضحة ؛ فإِنَّ أَصحاب هذا الخطّ والمنهج والمسلك ومن جرىٰ على شاكلتهم يُحاولون بكُلِّ ما أُوتوا من صنعةٍ ـ بدعوىٰ التَّحقيق ـ بهدم كُلّ ما ورد من شؤونٍ وأَحوالٍ ومقاماتٍ وفضائلٍ وكمالاتٍ في حقِّ أَهل البيت صلوات الله عليهم تحت ذريعة : الغلو ؛ وما شاكله من ادِّعاء: ضعف السند أَو الدلالة ؛ وإِنْ كان ذلك ثابتاً بعشرات ، بل بمئات الطُرق والبيانات الوحيانيَّة والسِّيَر والنقول التأريخيَّة وما شاكلها ، وكانت دلالاته صريحة وواضحة كالشَّمس الضاحية ولا غبار عليها ، وفي مقابل ذلك لا يتورَّعون ولا تجد هذه الحساسيَّة موجودة عندهم في حقِّ سائر المخلوقات ، فيتشَبَّثون من دون أَيّ تقوىٰ بكُلِّ شاردةٍ وواردةٍ ، كتشبُّث الغريق بالطحلب؛ لإِثبات مقامات وكرامات وفضائل وكمالات لها ، ولا يعتنون بسندها ولا بدلالتها ، فما عدا مِمَّا بدا. / التَّنْبِيه الثَّاني عشر: / / أَعظم ظُلامة لأَهل البيت عليهم السلام جفوتهم في علومهم/ إِنَّ أَعظم ظُلامة وقطيعة تحصل بيننا وبين أَهل البيت صلوات الله عليهم: هجرانهم وجفوتهم في علومهم ؛ لاسيما العقائديَّة والمعرفيَّة ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مشكلة (إِبليس) وأزمته السرمديَّة في الخلقة ، الَّتي تذكرها بيانات الوحي لبدء طريق الشَّرِّ تكمن في عدم الولاية لولي الله (عزَّوجلَّ). (2) بحار الأَنوار ، 27 : 196/ح56. الروضة : 147
معارف إِلٰهيَّة : (213) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (213) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات الله عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّاني عشر: / / أَعظم ظُلامة لأَهل البيت عليهم السلام جفوتهم في علومهم/ إِنَّ أَعظم ظُلامة وقطيعة تحصل بيننا وبين أَهل البيت صلوات الله عليهم: هجرانهم وجفوتهم في علومهم ؛ لاسيما العقائديَّة والمعرفيَّة ، وأَعظم وأَكبر وصال وصلة تحصل بيننا وبينهم عليهم السلام ـ والَّذي أَمرنا الله عزَّوجلَّ بصلته ـ ، وأَعظم وأَخطر رحم نصلها ونتواصل معها : الاتصال بهم صلوات اللّٰـه عليهم والتَّواصل معهم في علومهم لاسيما العقائديَّة والمعرفيَّة. / التَّنْبِيه الثَّالث عشر: / / زيادة المعرفة بأَهل البيت عليهم السلام/ إِنَّ زيادة معرفة المخلوق بأَهل البيت عليهم السلام توجب علو مراتبه ودرجاته؛ وعلو تكامل جوهره . فانظر : بيانات الوحي منها : بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : « ... إِنَّه لا يستكمل أَحد الإِيمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانيَّة ؛ فإِذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للإِيمان ، وشرح صدره للإِسلام وصار عارفاً مستبصراً ، ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاك ومرتاب ... معرفتي بالنورانيَّة معرفة الله عزَّوجلَّ ، و معرفة الله عزَّوجلَّ معرفتي بالنورانيَّة ، وهو الدين الخالص ... فهذا معرفتي بالنورانيَّة فتمسك بها راشداً ؛ فإِنَّه لا يبلغ أَحد من شيعتنا حدَّ الاستبصار حتى يعرفني بالنورانيَّة ؛ فإِذا عرفني بها كان مستبصراً بالغاً كاملاً ، قد خاض بحراً من العلم ، وارتقى درجة من الفضل ، واطلع على سر من سر الله ومكنون خزائنه »(1) . ودلالته واضحة . ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ،26: 1 ـ 7 /ح1
معارف إِلٰهيَّة : (214) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (214) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّالث عشر: / / زيادة المعرفة بأَهل البيت عليهم السلام/ إِنَّ زيادة معرفة المخلوق بأَهل البيت عليهم السلام توجب علو مراتبه ودرجاته؛ وعلو تكامل جوهره . وهذا ما تشير اليه بيانات الوحي منها : بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : « ... إِنَّه لا يستكمل أَحد الإِيمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانيَّة ؛ فإِذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للإِيمان ، وشرح صدره للإِسلام وصار عارفاً مستبصراً ، ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاك ومرتاب ... معرفتي بالنورانيَّة معرفة الله عزَّوجلَّ ، و معرفة الله عزَّوجلَّ معرفتي بالنورانيَّة ، وهو الدين الخالص ... فهذا معرفتي بالنورانيَّة فتمسك بها راشداً ؛ فإِنَّه لا يبلغ أَحد من شيعتنا حدَّ الاستبصار حتى يعرفني بالنورانيَّة ؛ فإِذا عرفني بها كان مستبصراً بالغاً كاملاً ، قد خاض بحراً من العلم ، وارتقى درجة من الفضل ، واطلع على سر من سر الله ومكنون خزائنه »(1) . ودلالته واضحة . / التَّنْبِيه الرَّابع عشر: / / تعظيم المخلوق/ إِنَّ تعظيم المخلوق مهما بلغ إِذا كان على وفق الموازين والأُسس والأُصول والقواعد الوحيانيَّة لا يكون إِلَّا عين التَّوحيد ، وليست فيه شائبة ورائحة الغلوّ والتَّأليه. فالتفت. / التَّنْبِيه الخامس عشر: / /التَّعامل مع معارف أَهل البيت عليهم السلام/ /التَّقصير أَشَدُّ جرماً ومُؤاخذة وانحطاطاً من الغلوِّ/ ينبغي الاِلتفات : أَنَّنا نتعامل في هذه المنشورات مع علوم أَهل البيت عليهم السلام ومعارفهم وعقائدهم ، وهي جسيمة وعظيمة وخطيرة جِدّاً ، بعض مراتبها لا يحتملها مَلَكٌ مُقرَّب ـ كـ : جبرئيل عليه السلام ـ ولا نبيٌّ مرسل ـ كـ : النَّبيِّ إِبراهيم عليه السلام ـ ولا مؤمنٌ مُمتحن ـ كـ : سلمان رضوان الله عليه ـ . فانظر : بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن أَبي الصَّامت ، قال : «... إِنَّ حديثنا صعب مُستصعب ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ،26: 1 ـ 7 /ح1
معارف إِلٰهيَّة : (215) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (215) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الخامس عشر: / /التَّعامل مع معارف أَهل البيت عليهم السلام/ /التَّقصير أَشَدُّ جرماً ومُؤاخذة وانحطاطاً من الغلوِّ/ ينبغي الالتفات : أَنَّنا نتعامل في هذه المنشورات مع علوم أَهل البيت عليهم السلام ومعارفهم وعقائدهم ، وهي جسيمة وعظيمة وخطيرة جِدّاً ، بعض مراتبها لا يحتملها مَلَكٌ مُقرَّب ـ كـ : جبرئيل عليه السلام ـ ولا نبيٌّ مرسل ـ كـ : النَّبيِّ إِبراهيم عليه السلام ـ ولا مؤمنٌ مُمتحن ـ كـ : سلمان رضوان الله عليه ـ . فانظر : بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن أَبي الصَّامت ، قال : «... إِنَّ حديثنا صعب مُستصعب ، شريف كريم ، ذكوان ذكيٌّ وعر ، لا يحتمله مَلَكٌ مُقَرَّب، ولا نَبيٌّ مُرْسَلٌ ، ولا مؤمنٌ مُمتحنٌ. قلت: فَمَنْ يحتمله جُعِلْتُ فداك؟ قال: مَنْ شئنا يا أبا الصامت. قال أبو الصامت: فظننتُ أَنَّ للّٰـه عباداً هم أَفضل مِنْ هؤلاء الثلاثة»(1). ودلالته واضحة. لكن : الشَّكّ والتَّرديد فيها ـ بعد قيام الدَّليل القطعي عليها ـ يكشف عن وجود تقصير وعداء ونصب خفيّ لأَهل البيت عليهم السلام. فلاحظ : بيانات الوحي ، منها : بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... لا تسمُّونا أَرباباً وقولوا في فضلنا ما شئتم؛ فإِنَّكم لن تبلغوا من فضلنا كُنْه ما جعله الله لنا ، ولا معشار العشر؛ لأَنَّا آيات الله ودلائله ... ولو قال قائل : لِمَ ، وكيف ، وفيم؟ لكفر وأَشرك؛ لأَنَّه لا يُسأل عمَّا يفعل وهم يُسألون ... مَنْ آمن بما قلتُ وصدَّق بما بيَّنتُ وفسَّرتُ وشرحتُ وَأَوضحت ونوَّرتُ وبرهنتُ فهو مؤمنٌ مُمتحن ، امتحن اللهُ قلبه للإِيمان ، وشرح صدره للإِسلام ، وهو عارف مُستبصر ، قد انتهىٰ وبلغ وكمل ، وَمَنْ شَكَّ وعند وجحد ووقف وتحيَّر وارتاب فهو مُقصِّرٌ وناصب ...»(2). ودلالته واضحة ، بعد الالتفات : أَنَّ النصب والعداء لأَهل البيت عليهم السلام وان عدَّه بعض العامَّة : خمسة عشرة دركة ؛ لكنَّ واقعه لا حدَّ ولا مُنتهىٰ له ، وليس له إِلَّا لظىٰ. وعلى المخلوق تحديد موقفه من طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام ومن معارفهم وعلومهم ؛ فإِنَّه على أَقلِّ تقدير أَنَّ الابتعاد عنهم عليهم السلام وعن علومهم ومعارفهم لاسيما العقائديَّة تقصير جَلِيّ ، وهو أَشَدُّ ذنباً وجُرماً وانحطاطاً من الغلوِّ فيهم عليهم السلام وفيها. والوجه : أَنَّ الباري عزَّوجلَّ طعن في قرآنه الكريم على النصارىٰ ونعتهم بالضَّالين ؛ لغلوِّهم في النَّبيّ عيسىٰ عليه السلام ، لكنَّه جلَّ شأنه طعن في قرآنه الكريم أَيضاً على بني إِسرائيل بأَشَدِّ من ذلك ونعتهم بـ : (المغضوب عليهم) ؛ وذلك لتقصيرهم في معرفته عليه السلام ، وبين التَّعبيرين فرق شاسع ، يكشف عن مدىٰ جرم وشناعة وانحطاط التَّقصير ؛ لاسيما في معرفة علوم أَهل البيت عليهم السلام وحقائقهم لاسيما طبقاتها الصَّاعدة. وعليه : فليلتفت الهارب من شائبة الغلوّ في أَهل البيت عليهم السلام ومعارف وعلومهم أَنْ لا يرتطم من حيث لا يشعر بمحذور التَّقصير ، وهو الأَشنع والأَشَدُّ جرماً وانحطاطاً ومُؤاخذة لاسيما في حقِّ أَهل البيت عليهم السلام وعلومهم ومعارفهم لاسيما العقائديَّة ؛ وذلك عن طريق الابتعاد وعدم التَّعَرُّض لمعارفهم وعقائدهم عليهم السلام الواردة في طبقات حقائقهم لاسيما الصَّاعدة. والنَّجاة تكمن في الجادَّة الوسطىٰ ، وهي : (الأَمر بينُ الأَمرين) ، وذلك عن طريق الأَخذ ببيانات الوحي الواردة في حقِّهم بعد عرضها على مُحكمات الشَّرع والدِّين. والإِنسان وإِنْ كان حُرّاً في تصرُّفاته واعتقاداته لكنَّنا أَحببنا التَّنبيه على ذلك. / التَّنْبِيه السَّادس عشر: / / نكتة عدم استيعاب عقول المخلوقات لشؤون أَهل البيت عليهم السلام/ إِنَّه لَـمَّا كانت هذه المعارف الإِلٰهيَّة بكراً لم تُفتق من قبل قطُّ بهذا الشَّكل والبيان الموجود في سلسلة المعارف الإِلٰهيَّة هذه ، ولم يُنبس بها ببنت شفة مع أَنَّ بيانات الوحي زاخرة بها فمن الطبيعي يحصل فيها توقُّف وتردُّد لدىٰ مَنْ يُخبر من ضعيفيِّ الإِيمان بمقاماتهم صلوات اللَّـه عليهم وبصفاتهم وأَسمائهم وكمالاتهم وفضائلهم وشؤونهم وأَحوالهم ؛ وإِنْ قام عليها الدَّليل القطعي. مضافاً : أَنَّ ما جادت به يد ساحة القدس الإِلٰهيَّة على أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم عطايا لا تتحمَّل تصوُّرها طاقة وقابليَّة مخلوق قَطُّ ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 2 : 192/ح34. (2) المصدر نفسه ، 26 : 1 ـ 7/ح1
معارف إِلٰهيَّة : (216) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (216) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السَّادس عشر: / / نكتة عدم استيعاب عقول المخلوقات لشؤون أَهل البيت عليهم السلام/ إِنَّه لَـمَّا كانت هذه المعارف الإِلٰهيَّة بكراً لم تُفتق من قبل قطُّ بهذا الشَّكل والبيان الموجود في سلسلة المعارف الإِلٰهيَّة هذه ، ولم يُنبس بها ببنت شفة مع أَنَّ بيانات الوحي زاخرة بها فمن الطبيعي يحصل فيها توقُّف وتردُّد لدىٰ مَنْ يُخبر من ضعيفيِّ الإِيمان بمقامات أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم وبصفاتهم وأَسمائهم وكمالاتهم وفضائلهم وشؤونهم وأَحوالهم ؛ وإِنْ قام عليها الدَّليل القطعي . مضافاً : أَنَّ ما جادت به يد ساحة القدس الإِلٰهيَّة على أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم عطايا لا تتحمَّل تصوُّرها طاقة وقابليَّة مخلوق قَطُّ ، ولا يمكن خطورها على بالٍ قَطُّ فمن الطبيعي أَيضاً حصول توقُّف وتردُّد لدىٰ من يطَّلع عليها من ضعيفيِّ الإِيمان أَو يُخبر بها وإِنْ قام عليها الدَّليل القطعي . بعد الالتفات : أَنَّ لازم ذلك التوقُّف والشَّكّ والتردُّد : إِلحاد وشرك وكفر باللَّـه (العزيز الجبَّار). وهذا ما نبَّهت عليه وحذَّرت منه بيانات الوحي ، منها: 1ـ إِطلاق بيان الحديث القدسي : «... يا مُـحَّمَّد ... وعزَّتي وجلالي، لو لقيني جميع خلقي يشكُّونَ فيكَ طرفة عين ، أَو يبغضون صفوتي مِنْ ذُرِّيَّتكَ لأَدخلتهم ناري ولا أُبالي...»(1). 2ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «إِنَّ حديث آل مُـحمَّد صعب مستصعب ، لا يؤمن به إِلَّا مَلَك مُقَرَّبٌ ، أَو نَبِيٌّ مرسل ، أَو عبد امتحن اللَّـه قلبه للإِيمان... وإِنَّما الهالك : أَنْ يُحدَّث بشيءٍ منه لا يحتمله فيقول : واللَّـه ، ما كان هذا شيئاً ، والإِنكار هو الكفر»(2). 3ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام ، عن جابر بن يزيد ، قال : «... يا جابر ، حديثنا صعب مستصعب ، أَمرد ، ذكوان ، وعر أَجرد ، لا يحتمله واللَّـه إِلَّا نَبِيٌّ مُرْسَل ، أَو مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، أَو مؤمن مُمتحن ، فإذا ورد عليك يا جابر شيءٌ من أَمرنا فلان له قلبكَ فاحمد اللَّـه ، وإِنْ أَنكرته فردَّه إِلينا أَهل البيت ، ولا تقل: كيف جاء هذا ؟ وكيف كان ؟ وكيف هو ؟ فإنَّ هذا واللَّـه الشرك باللَّـه العظيم»(3). ودلالتها واضحة. وبالجملة : لعظم هول ما أُعطي لأَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم وعظم خطره يحصل لدىٰ من يطَّلع عليها أَو يُخبر بها وإِنْ كان بدليل قطعيٍّ يقينيٍّ توقُّفاً أَو شَكّاً أَو تردُّداً أَو إِلحاداً أَو شركاً أَو كفراً بعضه جليّ ، والآخر خفيّ على دركات غير متناهية ، مشمولة ببيان قوله تعالىٰ : [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ](4)، يرجع إِلى مدىٰ تحمُّل قابِليَّات المخلوق واستعداداته . / التَّنْبِيه السَّابع عشر: / / الإِصلاح الأَكبر يكمن في بث البصيرة/ / إِعداد الكُلّ لمركزيَّة المعصوم من أَهل البيت عليهم السلام / إِنَّ الإِصلاح الأَكبر يقوم على بث البصيرة في الأُمَّة الإِسلاميَّة والإِيمانيَّة ، بل في كافَّة البشريَّة. وأَكبر طريق صلاح وإِصلاح : إِعداد الكُلّ لمركزيَّة المعصوم عليه السلام ، وبث منهاج أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، لكن : لا بآليَّة تُنفِّر الطرف. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 18 : 397/ح100. اليقين في أُمرة أَمير المؤمنين : 89 ـ 91. (2) بحار الأَنوار ، 2 : 189/ح21. (3) المصدر نفسه : 208/ح102. (4) يوسف : 106
معارف إِلٰهيَّة : (217) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (217) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السَّابع عشر: / / الإِصلاح الأَكبر يكمن في بث البصيرة/ / إِعداد الكُلّ لمركزيَّة المعصوم من أَهل البيت عليهم السلام / إِنَّ الإِصلاح الأَكبر يقوم على بث البصيرة في الأُمَّة الإِسلاميَّة والإِيمانيَّة ، بل في كافَّة البشريَّة. وأَكبر طريق صلاح وإِصلاح : إِعداد الكُلّ لمركزيَّة المعصوم عليه السلام ، وبث منهاج أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، لكن : لا بآليَّة تُنفِّر الطرف. وهذا الطريق يحتاج إِلى توازن ، وهو صعب ومستصعب . والمُحكَّم في المقام قاعدة : (لا يسقط الميسور بالمعسور). وهذه بحوث معرفيَّة مُعقَّدة . / التَّنْبِيه الثَّامن عشر: / / الإِعاقة الفكريَّة والرُّوحيَّة أَخطر من الإِعاقة البدنيَّة/ إِنَّ الإِعاقة الفكريَّة والرُّوحيَّة أَخطر من دون قياس من الإِعاقة البدنيَّة؛ لأَنَّ الإِعاقة البدنيَّة لا تُعيق المخلوق عن التَّكامل ، بخلاف الإِعاقة الفكريَّة والرُّوحيَّة ؛ فإِنَّها تُعيقه عن التَّكامل ، بل قد يحصل من صاحبها دماراً للبشريَّة. / التَّنْبِيه التَّاسع عشر: / / فائدة وثمرة التَّعَرُّف على ماهيَّة الإِمامة الإِلهيَّة والإِمام/ رُبَما يتساءل المُثقَّفون ومَنْ يستأنس باللغة الأَكاديميَّة : عن النفع والفائدة والثمرة من وراء التعريفات والتصوّرات الماورائيَّة لمعرفة الدِّين والعقائد والمعارف الإِلٰهيَّة ، لاسيما معرفة ماهيَّة وحقيقة الإِمامة الإِلٰهيَّة ، وماهيَّات وحقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، ولماذا هذا التحليق والعروج والتَّطلُّع ؟ وأَيّ اِتِّصال وارتباط بين معرفة هذه الحقائق والماهيات و حياتنا ، بل وحياة البشريَّة المعاصرة والمستقبليَّة ؟ والجواب : أَنَّ حقيقة هذه التساؤلات ناشئة من حصر حياة البشر بهذه النشأة والكوكب الأَرضي ، والحال : أَنَّ الإِنسان مرَّ وسيمرّ في قوس النزول والصعود بِعِدَّة عوالم ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
معارف إِلٰهيَّة : (218) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (218) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه التَّاسع عشر: / / فائدة وثمرة التَّعَرُّف على ماهيَّة الإِمامة الإِلهيَّة والإِمام/ رُبَما يتساءل المُثقَّفون ومَنْ يستأنس باللغة الأَكاديميَّة : عن النفع والفائدة والثمرة من وراء التعريفات والتصوّرات الماورائيَّة لمعرفة الدِّين والعقائد والمعارف الإِلٰهيَّة ، لاسيما معرفة ماهيَّة وحقيقة الإِمامة الإِلٰهيَّة ، وماهيَّات وحقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، ولماذا هذا التحليق والعروج والتَّطلُّع ؟ وأَيّ اِتِّصال وارتباط بين معرفة هذه الحقائق والماهيات و حياتنا ، بل وحياة البشريَّة المعاصرة والمستقبليَّة ؟ والجواب : أَنَّ حقيقة هذه التساؤلات ناشئة من حصر حياة البشر بهذه النشأة والكوكب الأَرضي ، والحال : أَنَّ الإِنسان مرَّ وسيمرّ في قوس النزول والصعود بِعِدَّة عوالم ، وهي أَخطر وأَعظم هولاً من هذا العَالَم وهذه النشأَة الأَرضيَّة ، كـ : عَالَم : (البرزخ الصَّاعد) ، و(الرجعة ـ آخرة الدُّنيا ـ) ، و(القيامة) ، و(الآخرة الأَبدية) ، وعوالم ما بعدها . والعقائد والمعارف الإِلٰهيَّة الحقَّة ؛ ومعرفة ماهيّاتها وحقائقها عبارة عن خارطة طريق لمستقبل المخلوقات عبر هذه العوالم . بعد الالتفات : أَنَّ كلمة البشر قائمة على عدم فناء الرُّوح . وعليه : فإِذا كان الإِنسان عاقلاً ومؤمناً ، وكيِّساً وذكيّاً وحكيماً فعليه ـ وهو في هذه النشأة الأَرضية ـ فهم خارطة مُستقبله عبر العوالم التَّالية ، وإِلَّا كان حاله كحال الطفل ، بل البهيمة. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان الإِمام الصَّادق صلوات اللّٰـه عليه : «النَّاس إثنان : عَالِم ومُتعلِّم ، وسائر النَّاس همج ، والهمج في النَّار»(1). والهمج ـ بالتحريك ـ جمع : همجة ، وهي : ذباب صغير كالبعوض يسقط على وجوه الغنم والحمير وأَعينها. كذا ذكره الجوهري(2). 2ـ بيان أَبي جعفر صلوات اللّٰـه عليه : «... ففضل إِيمان المؤمن بحمله: [إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ](3) وبتفسيرها على مَنْ ليس مِثْله في الإِيمان بها كفضل الإِنسان على البهائم ...»(4). ودلالتهما واضحة. / التَّنْبِيه العشرون: / / الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة / إِنَّ لِحُجِّيَّة الخبر مراتب طوليَّة من عدَّة جهات ، أَهمُّها ثلاثة : الأُوْلَىٰ : حُجِّيَّة المتن . الثَّانية : صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب . الثَّالثة : حُجِّيَّة الطَّريق والسَّند . ثُمَّ إِنَّ أَعظم مراتب الحُجَج هي : (المُحْكَمَات)(5) ، وهي على مراتب طوليَّة أَيضاً ، أَعلاها ورأس هرمها : أُمُّهات المُحْكَمَات ، ومعناها : المركز والمُحور والمُهيمن. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : ... وتتمَّة البحث تأتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 1 : 187/ح3. (2) المصدر نفسه. (3) القدر : 1. (4) بحار الأَنوار ، 25 : 74/ح63. كنز الفوائد : 395 ـ 398. (5) المراد من المُحْكمات : القوانين الدستوريَّة المُبَدَّهة. ثُمَّ إِنَّ مُحْكَمات الكتاب الكريم والسُّنَّة الشَّريفة تعني : يقين وحياني. لكنْ : إِذا دخلت في وعاء المُتلقِّي وكان غير معصومٍ فلا تكون وحياً ولا محكماً ، وحُجِّيَّتها ظنيَّة الدلالة، وإِنْ حصل له القطع واليقين بتلك الدلالة ؛ فإِنَّ هذا القطع واليقين لا يخرج عن حريم الحسِّ ، وهو في عِرضة الخطأ والإِشتباه ، وَمِنْ ثَمَّ تؤول حقيقة هذا القطع واليقين إِلى ظنٍّ ، فالتفت ، وتأَمَّل جيِّداً
معارف إِلٰهيَّة : (219) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (219) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه العشرون: / / الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة / إِنَّ لِحُجِّيَّة الخبر مراتب طوليَّة من عدَّة جهات ، أَهمُّها ثلاث : الأُوْلَىٰ : حُجِّيَّة المتن . الثَّانية : صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب . الثَّالثة : حُجِّيَّة الطَّريق والسَّند . ثُمَّ إِنَّ أَعظم مراتب الحُجَج هي : (المُحْكَمَات)(1) ، وهي على مراتب طوليَّة أَيضاً ، أَعلاها ورأس هرمها : أُمُّهات المُحْكَمَات ، ومعناها : المركز والمُحور والمُهيمن . وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : بيان قوله تعالىٰ : [هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأوِيْلِهِ] (2). والإِحْكَام المأخوذ في بيان هذه الآية الكريمة وإِنْ كان قد يُفسِّره البعض بإِحْكَام الدلالة ، لكنَّ الحقّ : أَنَّ عظمة إِحْكَام المُحْكَم وعمدته لا تكمن في الدلالة ، وإِنَّما ـ تكمن ـ في جهة المتن والمضمون الحاوي على معلومات ومعادلات علميَّة مُحيطة ومُهيمنة على ما تحتها . نظيره : العلوم البشريَّة ـ كعلم : الرياضيَّات ، والهندسة ، والفيزياء ، والكيمياء ، والأَحْيَاء ـ ؛ فإِنَّ فيها معلومات وقواعد ومعادلات علميَّة فوقيَّة، مُحيطة ومُهيمنة على سائر مسائل ومباحث علومها المختصَّة بها ، وتتفرَّع منها تلك المسائل والمباحث وأَبواب العلم . وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي ، منها : بيان قوله عزَّ ذكره : [وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ](3). فإِنَّه برهانٌ وحيانيٌّ دالٌّ على أَنَّ نفس المعلومات والمعادلات العلميَّة والعقليَّة والمعرفيَّة الإِلٰهيَّة المُودعة في بيانات القرآن الكريم لها هيمنة وإِشرَاف وإِحاطة وسَعَة تتخطَّىٰ ما موجود في سائر الكُتُب السَّماويَّة الأُخرىٰ ـ كـ : التوراة ، والإِنجيل ـ (4). ثُمَّ إِنَّ الإِحْكَام في عَالَم المعاني غير الإِحْكَام في عَالَم البلاغة والدِّلالة والأَلفاظ . ويحتاج ـ الإِحْكَام في عَالَم المعاني ـ إِلى علمٍ وافرٍ . وكُلَّما زاد العلم فيه صعد الفهم في تشخيص المُحْكَم . إِذَنْ : القرآن الكريم وإِنْ كان جميعه ـ صدوراً وأَلفاظاً ودلالات ـ نوراً وحُجَّة قطعاً ، لكنَّه مع كلِّ ذلك يُحذِّر الباري عزَّوجلَّ من المساواة بين طبقاته ومراتبه ، وإِيَّاكَ أَنْ تأخذ بها بمفردها ، بل بعضها فتْنَوِي وزيغي وهو المُتشابه إِنْ اِتَّبَعَهُ المخلوق بمفرده وبعقله ، أَمَّا إِذا أَخذ به وبالمُحْكَمات تحت رعاية الراسخين في العلم لا بعقله فسيهتدي . إِذَنْ : مع أَنَّ جميع القرآن الكريم عظيمٌ ونورٌ ومُقَدَّسٌ ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، لكن نفس القرآن الكريم يُشير إِلى أَنَّ نظام المعلومات ونظام المعادلات العلميَّة الموجودة فيه ليس على طبقةٍ واحدةٍ في الأَهميَّة والعظمة ، بل على طبقات. وعلى هذا قس السُّنَّة الشَّريفة ؛ فإِنَّهما يرتضعان من ثدي واحد ، ومن ثَمَّ ورد عن أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم : أَنَّ في أَخبارهم مُحْكَمَاً ومُتشابهاً، والمُتشابه لا يجوز الأَخذ به إِلَّا تحت رعاية المُحْكَمات . فلاحظ : بيان الإمام الرَّضا عليه السلام : «مَنْ رَدَّ مُتشابه القرآن إِلى مُحْكَمه هُدِيَ إِلى صراطٍ مستقيم ٍ، ثُمَّ قال عليه السلام : إِنَّ في أَخبارنا مُتشابهًا كمتشابه القرآن ، ومُحْكَماً كمُحْكَمْ القرآن ، فردُّوا متشابهها إِلى مُحْكَمها ، ولا تَتَّبِعُوا متشابهها دون مُحْكَمها فتضلُّوا»(5). / حجِّيَّة الخبر / ثُمَّ إِنَّ العمدة عندنا وركن أَركان حُجِّيَّة الخبر ؛ والسُّلَّم الَّذي يُرتقىٰ ويُعرج به في عَالَم المعاني ـ سوآء أَكان ذلك في علم الفروع أَم في علوم المعارف الإِلٰهيَّة(6) وجملة العلوم الدِّينيَّة والشَّرعيَّة ـ لا يكمن في حُجِّيَّة صدور الخبر وسنده(7) وإِنْ كان متواتراً (8) ؛ ولا في حُجِّيَّة دلالته وإِنْ كانت صريحة وقطعيَّة ـ فإِنَّ هذه الحُجَج لا تؤمِّن إِلَّا لقلقة الأَلفاظ ، أَمَّا المعاني فلا(9) ـ وإِنَّما يكمن في المتن. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) المراد من المُحْكمات : القوانين الدستوريَّة المُبَدَّهة. ثُمَّ إِنَّ مُحْكَمات الكتاب الكريم والسُّنَّة الشَّريفة تعني : يقين وحياني. لكنْ : إِذا دخلت في وعاء المُتلقِّي وكان غير معصومٍ فلا تكون وحياً ولا محكماً ، وحُجِّيَّتها ظنيَّة الدلالة، وإِنْ حصل له القطع واليقين بتلك الدلالة ؛ فإِنَّ هذا القطع واليقين لا يخرج عن حريم الحسِّ ، وهو في عِرضة الخطأ والاشتباه ، وَمِنْ ثَمَّ تؤول حقيقة هذا القطع واليقين إِلى ظنٍّ ، فالتفت ، وتأَمَّل جيِّداً. (2) آل عمران : 7. (3) المائدة : 48. (4) معنىٰ كلمة : (التوراة) في اللغة العبريَّة : الشَّريعة. ومعنىٰ كلمة : (الإِنجيل) في اللغة العبريَّة أَيضاً : البشارة الملكوتيَّة. (5) بحار الأَنوار ، 2 : 185/ ح9. (6) يجدر الاِلتفات : أَنَّ المعارف والعقائد الإِلٰهيَّة حقائق تكوينيَّة من أَكوان وعوالم غيبيَّة صاعدة. (7) ضعف الطَّريق واعتباره لا دخالة له في تحصيل البرهان من المتن والمضمون. (8) التَّواتر السندي لا ينفع في أَبحاث العقائد ، لأَنَّه يُورث اليقين الحسِّي ، والمطلوب في أَبحاث العقائد تحصيل اليقين العَقلي ، وفيه ـ اليقين العقلي ـ لا يُفرَّق بين الرواية المتواترة والضعيفة سنداً ، لأَنَّ البيان والبرهان العقلي المُستفاد من المتون والمضامين هو المطلوب في هذه الأَبحاث. ويُضاف إِليه : أَنَّ الخبر المُتواتر سنداً قد يكون متنه ظنِّيّ الدلالة فعاد إِلى الظَّنِّ ، وهو لا ينفع في أُسس وأُصول العقائد. فالتفت. ثُمَّ إِنَّه يجب على الَّذي ليس له باع عقلي في أَبحاث العقائد ترك أَبحاث هذا الباب ، ولا يلجه ولا يتصدَّىٰ إِليه ، وليترك المجال لمن له الأَهليَّة في ذلك. (9) ينبغي الاِلتفات : أَنَّ لقلقة ودغدغة المعاني ـ فضلاً عن الحقائق ـ غير لقلقة ودغدغة الأَلسن. وكذا حفظ المعاني فضلاً عن حفظ الحقائق فإِنَّهما غير حفظ الأَصوات
معارف إِلٰهيَّة : (220) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (220) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه العشرين ، وكان تحت عنوان (الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة) ، ولازال الكلام فيه ، ووصلنا في هذا الدرس الى العنوان التالي : / حجِّيَّة الخبر / ثُمَّ إِنَّ العمدة عندنا وركن أَركان حُجِّيَّة الخبر ؛ والسُّلَّم الَّذي يُرتقىٰ ويُعرج به في عَالَم المعاني ـ سوآء أَكان ذلك في علم الفروع أَم في علوم المعارف الإِلٰهيَّة(1) وجملة العلوم الدِّينيَّة والشَّرعيَّة ـ لا يكمن في حُجِّيَّة صدور الخبر وسنده(2) وإِنْ كان متواتراً (3) ؛ ولا في حُجِّيَّة دلالته وإِنْ كانت صريحة وقطعيَّة ـ فإِنَّ هذه الحُجَج لا تؤمِّن إِلَّا لقلقة الأَلفاظ ، أَمَّا المعاني فلا(4) ـ وإِنَّما يكمن في المتن. والمراد من حُجِّيَّة المتن ليس حُجِّيَّة الدلالة ، وإِنَّما المراد : نفس نظام المعلومات المودعة في متن الخبر ، فيدرس الفقيه أَو الباحث ذلك المتن والمضمون ـ بغض النَّظر عن الدَّليل ودلالته وصدوره وسنده وجهته ؛ والكتاب الَّذي وَرَدَ فيه المتن والمضمون ـ ويعرضه على مُحْكَمات الكتاب الكريم، ومُحْكَمات السُّنَّة القطعيَّة، ومُحْكَمات وبديهيَّات العقل ، ومُحْكَمات وبديهيَّات الوجدان الَّتي لا يختلف عليها وجدان بشر ، ويوزنه مع منظومة معادلات وقواعد الدِّين والشَّريعة ، فإِذا أَورث له ذلك العرض : القطع واليقين بمطابقة هذا المتن والمضمون لتلك المُحْكَمات كانت حُجِّيَّة ذلك المتن وحيانيَّة ذاتيَّة . وهذا هو أَعظم ميزان وضابطة قُرِّرَت في بيانات الوحي لحُجِّيَّة الخبر . ثُمَّ إِنَّ صحَّة وحُجِّيَّة المتن والمضمون ليست من شأن الرواة بما هم رواة ، وإِنَّما هي من شأن الفقهاء المُتضلِّعين في فقه الفروع ، وفي علم الكلام ، وعلم العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة ، وعلم الأَخلاق والآداب(5) والنظام الرُّوحي والأَخلاقي والآدابي الدِّيني ، وعلم التَّفسير ، وعلم السِّيَر، وغيرها . بخلاف صحَّة السَّنَد وحُجِّيَّته ؛ فإِنَّه يمكن معرفتها من قِبَلِ عامَّة النَّاس ، وتدور مدار الحافظة ، كما أَشارت إِلى ذلك بيانات الوحي ، أَمَّا حُجِّيَّة المتن والمضمون فتحتاج إِلى حصول مطابقة ـ المتن والمضمون ـ لأُصول وقواعد الشرع والدِّين ، وهذه ليست من اِختصاص إِلَّا الفقيه المُتضلِّع في شَتَّىٰ العلوم الشرعيَّة والدِّينيَّة ؛ فصحَّة المتن والمضمون لا تدور مدار فقاهة الفقيه فحسب ، بل وتضلُّعه في كافَّة العلوم الشَّرعيَّة والدِّينيَّة . إِذَنْ : صحَّة المتن والمضمون تتطلّب فقاهة وتضلُّع الفقيه بذلك العلم الَّذي يختصُّ به ذلك المتن والمضمون ، فلو لم يكن للفقيه باعٌ بالعلم الَّذي يختصُّ به المتن والمضمون فَمِنْ أَين يعرف صحَّة وحُجِّيَّة ذلك المتن والمضمون وعدمها . وهذا بحث تصوِّري وتصديقي لا يتوقَّف على حُجِّيَّة صدور الخبر وسنده . وهذه القضيَّة ـ أَي : التعامل مع حُجِّيَّة المتن وعرضه على مُحْكَمَات الشَّرع والدِّين ـ ليست خاصَّة بمدرسة الإِماميَّة ، بل شاملة لكافَّة مدارس ومذاهب المسلمين . هذا هو المذهب والمنهج العلمي لمشهور طبقات الفقهاء ، ومشهور علماء مدرسة الإِماميَّة ، بل ومدارس العامَّة ، كما نقل ذلك الشَّيخ الأَنصاري في رسائله، ومن أُولئكَ الفقهاء والعلماء : الشَّيخ المفيد ، والسيِّد المرتضىٰ ، وابن البرَّاج ، والحلبيُّون ، والكشي ، وابن الغضائري ـ الابن ـ ، والنجاشي ، وابن إدريس ، وابن زهرة ، والمُحقِّق الحلِّي ، بل والشَّيخ الطُّوسي وإِنْ اختلف مبناه قليلاً . ويُعبَّر عن هذا المنهج بـ : (دراسة المتن ومحوريَّة المُحْكَمَات) . لكنَّه منهج مهجور ومُغَيَّب في العصر الراهن . وقد أَطلق الشَّيخ المفيد والمُحقِّق الحلِّي عنوان الحشويَّة والقشريَّة على مَنْ يجعل السند والطَّريق هو الرُّكن الرَّكين في حُجِّيَّة الخبر ، لكن هذا لا يعني أَنَّه لا دور للسند والطَّريق في حُجِّيَّة الخبر ، بل له دور لكنَّه ليس هو الرُّكن الرَّكين ، ولا يؤمِّن إِلَّا لقلقة الأَلفاظ ، أَمَّا المعاني فالَّذي يُؤمِّنها ويُؤمِّن الانطلاق إِلى العمق هو المتن بتوسُّط أَلفاظ الوحي . ولك أَنْ تقول : إِنَّ الاقتصار على النقل منهج المبتدئِين ، وطمع الباحث عن الحقيقة لا يكون إِلَّا في الفهم العقلي بالنَّقل ، والعلم العقلي المُنظَّم للنَّقل ، ولا يتمُّ إِلَّا من خلال البرهان والعلم والنُّور المُستفاد من الإِشارات الإِرشاديَّة للمُقدِّمات العلميَّة اليقينيَّة الموجودة في متون بيانات الوحي الإِلٰهيّ الطَّاهرة الباهرة . / ضرورة التَّمسُّك بقوالب بيانات الوحي والغور في أَعماقها غير المتناهيَّة / / قاعدة التَّوقيفيّة شاملة لكافَّة المعارف الإِلهيَّة / / معنى قاعدة التَّوقيفيَّة : التَّمسُّك بأَلفاظ الوحي والغور في بحور معانيها / وهناك توصية وردت في بيانات أَهل البيت عليهم السلام المعرفيَّة ، حاصلها : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) يجدر الالتفات : أَنَّ المعارف والعقائد الإِلٰهيَّة حقائق تكوينيَّة من أَكوان وعوالم غيبيَّة صاعدة . (2) ضعف الطَّريق واعتباره لا دخالة له في تحصيل البرهان من المتن والمضمون . (3) التَّواتر السندي لا ينفع في أَبحاث العقائد ، لأَنَّه يُورث اليقين الحسِّي ، والمطلوب في أَبحاث العقائد تحصيل اليقين العَقلي ، وفيه ـ اليقين العقلي ـ لا يُفرَّق بين الرواية المتواترة والضعيفة سنداً ، لأَنَّ البيان والبرهان العقلي المُستفاد من المتون والمضامين هو المطلوب في هذه الأَبحاث . ويُضاف إِليه : أَنَّ الخبر المُتواتر سنداً قد يكون متنه ظنِّيّ الدلالة فعاد إِلى الظَّنِّ ، وهو لا ينفع في أُسس وأُصول العقائد. فالتفت . ثُمَّ إِنَّه يجب على من ليس له باع عقلي في أَبحاث العقائد ترك أَبحاث هذا الباب ، ولا يلجه ولا يتصدَّىٰ إِليه ، وليترك المجال لمن له الأَهليَّة في ذلك . (4) ينبغي الاِلتفات : أَنَّ لقلقة ودغدغة المعاني ـ فضلاً عن الحقائق ـ غير لقلقة ودغدغة الأَلسن. وكذا حفظ المعاني فضلاً عن حفظ الحقائق فإِنَّهما غير حفظ الأَصوات . (5) ينبغي الاِلتفات : أَنَّ الأَدب والخُلق وجهان لحقيقة واحدة ، غاية الأَمر : أَنَّ الخُلق هيئة نفسانيَّة ، والأَدب هيئة بدنيَّة ، وبينهما ترابط ؛ فالأَدَب الصَّالح هيئة بدنيَّة نابعة من الخُلق الصَّالح ، والأَدب الطَّالح هيئة بدنيَّة أَيضاً ، لكنَّها نابعة من الخُلق الطَّالح . إِذَنْ : الفارق بين الآداب والأَخلاق : أَنَّ الأَخلاق هي : الصِّفات والهيئات النَّفسانيَّة ، أَمَّا الآداب فهي : الهيئات البارزة على السلوك العملي الجارحي ، وهي انعكاسات عن تلك الصِّفات والهيئات النفسانيَّة ؛ فهي هيئات عارضة على الأَعمال الجوارحيَّة منبعثة عن الصِّفات والهيئات النَّفسانيَّة . وبالجملة : الآداب أُمور محسوسة تُرىٰ بالعين المُجرَّدة ؛ كآداب المائدة والحمَّام وما شاكلها ، بخلاف الأَخلاق ؛ فإِنَّها لا تُرىٰ ولا تُلمس باليد . والأَدب إِنْ كان سيئاً يكشف عن خُلقٍ سيء ، والخلق السيء يكشف عن نقصٍ في المعرفة على أَقلِّ تقدير
معارف إِلٰهيَّة : (221) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (221) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه العشرين ، وكان تحت عنوان (الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة) ، ولازال الكلام فيه ، ووصلنا في هذا الدرس الى العنوان التالي : / ضرورة التَّمسُّك بقوالب بيانات الوحي والغور في أَعماقها غير المتناهيَّة / / قاعدة التَّوقيفيّة شاملة لكافَّة المعارف الإِلهيَّة / / معنى قاعدة التَّوقيفيَّة : التَّمسُّك بأَلفاظ الوحي والغور في بحور معانيها / وهناك توصية وردت في بيانات أَهل البيت عليهم السلام المعرفيَّة ، حاصلها : أَنَّ الباحث والمُستنبط إِذا أَراد الاستعصام والتَّخَلُّص من الضَّلال والزيغ والانحراف فعليه نشب أَظفاره والتَّمَسُّك بكُلِّ ما أُوتي من قوَّة بأَلفاظ بيانات الوحي وعناوينها وقوالبها ، وإِلَّا ـ أَي : إِذا استبدل أَلفاظ بيانات الوحي وعناوينها وقوالبها بألفاظ وعناوين ومصطلحات وقوالب البشر ـ كان في معرض الارتطام في الضَّلال والزَّيغ والاِنحراف . وهذا أَحد معاني ما ورد عنهم صلوات اللّٰـه عليهم ؛ عن الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... فواللّٰـه لنحبّكم أَنْ تقولوا إِذا قُلْنا ، وتصمتوا إِذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين اللّٰـه»( 1) . فإِنَّه شامل بإِطلاقه إِضافة إِلى معاني بيانات الوحي شامل أَيضاً لأَلفاظها . إِذَنْ : حُجِّيَّة المتن المُنطلِقة من أَلفاظ بيانات الوحي هي الأَساس . ومعناه : أَنَّ قاعدة التوقيفيَّة والتَّوقيتيَّة لا تختصُّ بباب الأَسماء والصِّفات الإِلٰهيَّة ، بل تشمل كافَّة المعارف الإِلٰهيَّة . لكن : ليس معنىٰ هذه القاعدة الجمود على أَلفاظ بيانات الوحي ؛ فإِنَّ ذلك حشويَّة وقشريَّة أَيضاً ، وإِنَّما معناها : التَّمسُّك بالقوالب الوحيانيَّة والغور في بحور معانيها المُتلاطمة الطمطامة غيرالمتناهية ، وهنا تكمن الصعوبة ، وتظهر حذاقة الفقيه المُتضَلِّع، وقوَّة فقاهته . /خلاصة ما تقدَّم/ والخلاصة : أَنَّ حُجِّيَّة الخبر عند جلَّ العلماء مُترتِّبة طولاً في مقام الاستنباط وبالشَّكل التَّالي : أَوَّلاً : حُجِّيَّة المتن والمضمون ، ثُمَّ صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب ( 2)، ثُمَّ حُجِّيَّة الطَّريق والسند . ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1) بحار الأَنوار ، 2: 95/ح37. ( 2) سيأتي (إِنْ شاء اللّٰـه تعالىٰ) في ختام هذه القضيَّة التَّعَرُّض إِلى هذه الحُجِّيَّة والجهة الثانية من جهات الحُجِّيَّة ، وهي صِحَّة و حُجِّيَّة الكتاب ؛ فانتظر هُنيئة . ونكتة التَّأخير : كيما لا يحصل تشتيت وتشويش في المطلب
معارف إِلٰهيَّة : (222) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (222) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه العشرين ، وكان تحت عنوان (الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة) ، ولازال الكلام فيه ، ووصلنا في هذا الدرس الى العنوان التالي : /خلاصة ما تقدَّم/ والخلاصة : أَنَّ حُجِّيَّة الخبر عند جلَّ العلماء مُترتِّبة طولاً في مقام الاستنباط وبالشَّكل التَّالي : أَوَّلاً : حُجِّيَّة المتن والمضمون ، ثُمَّ صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب ( 1)، ثُمَّ حُجِّيَّة الطَّريق والسند. وهذه حُجَجٌ طوليَّة ، فإِذا حصل للفقيه المُتضلِّع : القطع واليقين بمطابقة متن الخبر ومضمونه لمُحْكَمَات الدِّين والشَّريعة أُخذ به وإِنْ كان ذلك ـ المتن ـ وارداً في خبر ضعيف السند ؛ وذلك للقطع بمطابقة متنه ومضمونه لمُحْكَمَات الدِّين والشَّريعة ، وتكون حُجِّيَّته حينئذٍ ذاتية وحيانيَّة ، وهي مُقدَّمة على كافَّة الحُجَج ، نعم إِذا لم يحصل القطع واليقين لدىٰ الفقيه المُتضَلِّع بمطابقة متن ومضمون الخبر لمُحْكَمَات الدِّين والشَّريعة انتقل إِلى المرتبة الثّانية من مراتب حُجِّيَّة الخبر ، وهي : صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب الوارد فيه ذلك الخبر ، فإِنْ كان ـ ذلك الخبر ـ وارداً في كتابٍ صحيح وحُجَّة ـ كـ : كتاب الكافي ـ أَخذ به وأَفتىٰ على وفقه ، وإِلَّا ـ أَي : إِذا لم يكن الكتاب صحيحاً و حُجَّة ـ انتقل ـ الفقيه ـ إِلى المرتبة الثالثة من مراتب حُجِّيَّة الخبر ، وهي حُجِّيَّة سنده ، فإِنْ كان مُعتبراً سنداً أَخذ به وأَفتىٰ على وفقه في فقه الفروع وفي أَبواب المعارف وتفاصيل العقائد ، وإِلَّا ـ أَي : إِنْ لم يكن مُعتبراً سنداً أَيضاً ـ سقط عن الحُجِّيَّة والإِعتبار ، وأَعرض عنه ـ هذا إِنْ لم تكن هناك حُجَجٌ طوليَّةٌ أُخرىٰ يتبنَّاها الفقيه كـ : (حُجِّيَّة عمل الطائفة) ـ نعم ، يُمكن الأَخذ به على نحو المؤيِّد والمُنبِّه على برهانٍ في دليلٍ آخر. لكن : عكس المعاصرون هذه الحُجَج ، بل جعلوا المجموع في عرضٍ واحدٍ ، بل حصروها في حُجِّيَّة الطَّريق والسند ، وغرابة حصر منهج وطريق المعرفة والإِستنباط بالظَّنِّ التَّعَبُّدي والتواتر الحسِّي واضحة ؛ فإِنَّ الظَّنَّ التَّعَبُّدي النقلي ، بل والتواتر واليقين النقلي لا يزيد عن دائرة إِيجاد العلم واليقين الحسِّي ، ولا يرتقي إِلى العلم واليقين العقلي فضلاً عمَّا فوقه من العلم واليقين الوحياني. نعم ، لا غنىٰ عن العلم النقلي ، بل لا مجال لإِنكار ضرورته ، لأَّنَّه مُقدِّمة لليقين العقلي ولليقين الوحياني الواسع بِسَعَة أُفق الوحي ، ومن ثَمَّ لابُدَّ من الابتداء بالعلم النقلي ؛ لتحصيل اليقين العقلي والوحياني ، لكن : العِلم النَّقلي ـ وهو منهج المبتدئين ـ لا يُقتصَر عليه ، وإِنَّما لا بُدَّ من الغور في أَعماق بحور معاني وحقائق بيانات الوحي غيرالمتناهية ؛ من خلال التَّدبُّر والتَّأَمُّل العقلي في متون النقول ومضامينها. / إِشكال وجواب/ ومنه يتَّضح : حَلّ إِشكال البعض على الشَّيخ الأَنصاري وغيره ممَّن يقول في بحث أُصول الفقه بـ : أَنَّ الخبر حتَّىٰ يصحُّ الأَخذ به في مقام الاستنباط لابُدَّ أَنْ يكون مُعتبراً شرعاً ، لكنَّه في بحث الفقه والتَّوصُّل إِلى النتائج يغفل أَو يتغافل عن هذه القضيّة الَّتي حرَّرها في بحث أُصول الفقه، ويأخذ بالخبر ويُرتِّب عليه الآثار الفقهيَّة وإِنْ كان ضعيفاً سنداً ، فَمَا عدا مِمَّا بدا. والجواب : أَنَّ الشَّيخ الأَنصاري وإِنْ كان يقول باعتبار حُجِّيَّة سند الخبر ، لكنَّ ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1) سيأتي (إِنْ شاء اللّٰـه تعالىٰ) في ختام هذه القضيَّة التَّعَرُّض إِلى هذه الحُجِّيَّة والجهة الثانية من جهات الحُجِّيَّة ، وهي صِحَّة و حُجِّيَّة الكتاب ؛ فانتظر هُنيئة. ونكتة التَّأخير : كيما لا يحصل تشتيت وتشويش في المطلب
معارف إِلٰهيَّة : (223) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (223) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه العشرين ، وكان تحت عنوان (الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة) ، ولازال الكلام فيه ، ووصلنا في هذا الدرس الى العنوان التالي : / إِشكال وجواب/ ومنه يتَّضح : حَلّ إِشكال البعض على الشَّيخ الأَنصاري وغيره ممَّن يقول في بحث أُصول الفقه بـ : أَنَّ الخبر حتَّىٰ يصحُّ الأَخذ به في مقام الاستنباط لابُدَّ أَنْ يكون مُعتبراً شرعاً ، لكنَّه في بحث الفقه والتَّوصُّل إِلى النتائج يغفل أَو يتغافل عن هذه القضيّة الَّتي حرَّرها في بحث أُصول الفقه، ويأخذ بالخبر ويُرتِّب عليه الآثار الفقهيَّة وإِنْ كان ضعيفاً سنداً ، فَمَا عدا مِمَّا بدا . والجواب : أَنَّ الشَّيخ الأَنصاري وإِنْ كان يقول باعتبار حُجِّيَّة سند الخبر ، لكنَّ مبناه ـ كمبنىٰ استاذه صاحب الجواهر وغيره هو ـ مبنىٰ مشهور المُتقدِّمين القائلين بهذه الحُجَج الطوليَّة ، فإِنَّه وإِنْ قرَّر الفقيه في بحث الأُصول : أَنَّ الخبر لا يصحُّ الأَخذ به إِلَّا إِذا كان مُعتبراً سنداً ، لكنَّه في بحث الفقه ومقام الاستنباط أَوَّل ما يُلاحظ الفقيه من المُتقدِّمين المتن والمضمون ، ويعرضه على مُحْكَمَات الكتاب الكريم والسُّنَّة الشَّريفة ، فإِذا أَورث له ذلك العرض القطع واليقين بمطابقة ذلك المتن والمضمون لمُحْكَمَات الثقلين كانت حُجِّيَّته ذاتيَّة إِمَّا عقليَّة أَو وحيانيَّة ، ووجب الأَخذ به وترتيب الآثار الشَّرعيَّة والمعرفيَّة والعقائديَّة عليه وإِن كان ضعيفاً وغير مُعتبرٍ سنداً ؛ لأَنَّ حُجِّيَّة واعتبار سند الخبر تأتي في مرتبة مُتأخِّرة طوليَّة ثالثة ؛ لم تصل إِليها حاجة الفقيه بحسب الفرض. نعم ، إِذا لم يحصل له القطع واليقين بمطابقة متن ومضمون الخبر لمُحْكَمَات الثقلين التجأ إِلى الجهة التالية من جهات الحُجِّيَّة ، وهي صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب ، فإِنْ كان وارداً في كتابٍ صحيحٍ ومعتبرٍ عند الإِماميَّة ـ كـ : كتاب الكافي ـ أَخذ به ، وإِلَّا صار أَمر الفقيه إِلى الجهة الثالثة من جهات الحُجِّيَّة ، وهي حُجِّيَّة السند، فإِنْ كان مُعتبراً بحسب مبانيه الرجاليَّة أَخذ به ، وإِلَّا فلا . هذا إِنْ لم يَقُل بغير هذه الحُجَج الثلاث ؛ كحُجِّيَّة: (عمل الطائفة) ، وإِلَّا التجأ إِليها ؛ وصحَّح الخبر على وفقها إِنْ أَمكن . / المراد من الجهة الثانية من جهات الحُجِّيَّة/ / مراد الفقهاء من صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب/ إِنَّ أَحد معاني صحَّة الكتاب واعتباره ليس ما توهَّمه الأِخباريون وبنىٰ عليه السيِّد الخوئي في كامل الزيارات وتفسير القُمِّيّ ، بل وبنىٰ عليه أستاذه الميرزا النائيني في حقِّ كتاب الكافي تبعاً لأُستاذه الميرزا النوري ؛ وأَنَّ كُلَّ ما موجود فيه قطعي الصدور أَو ظَنِّي الصدور بالظَّنِّ المُعتبر ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
معارف إِلٰهيَّة : (224) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (224) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه العشرين ، وكان تحت عنوان (الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة) ، ولازال الكلام فيه ، ووصلنا في هذا الدرس الى العنوان التالي : / المراد من الجهة الثانية من جهات الحُجِّيَّة/ / مراد الفقهاء من صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب/ إِنَّ أَحد معاني صحَّة الكتاب واعتباره ليس ما توهَّمه الأخباريون وبنىٰ عليه السيِّد الخوئي في كامل الزيارات وتفسير القُمِّيّ ، بل وبنىٰ عليه أستاذه الميرزا النائيني في حقِّ كتاب الكافي تبعاً لأُستاذه الميرزا النوري ؛ وأَنَّ كُلَّ ما موجود فيه قطعي الصدور أَو ظَنِّي الصدور بالظَّنِّ المُعتبر ، فإِنَّ هذه صحَّة مُحدِّثين ، وليست صحَّة فقهاء ؛ والمراد من صحَّة الفقهاء : ما ذكره الشَّيخ الكليني في أَوَّل الكافي ، وما ذكره الصدوق في أَوَّل الفقيه ، وما ذكره محمَّد بن الحسن الأَشعري في كفاية الأَثر ، وما ذكره الشَّيخ الطوسي في أَوَّل التَّهذيب ، وهو : أَنَّ مُصَنِّف الكتاب يتعهَّد بجميع ما وضعه في كتابه من روايات ـ بقطع النظر عن صدورها وسندها ـ أَنَّ متونها ومضامينها لا تُناقض ولا تُخالِف ضرورة من ضروريَّات الدِّين والكتاب والسُّنَّة ، ولا تُخالِف مُحْكَمَاتها، وهذه الصحَّة أَعظم فقاهة من مسلك صحَّة الطريق ؛ فإِنَّه مسلك حشوي ؛ إِذْ الاقتصار على صحَّة الطريق من دون النظر إِلى متن ومضمون الرواية ـ كما يقول الشَّيخ المفيد والمُحقِّق الحلِّي ـ حشويَّة وقشريَّة ليست للفقهاء مسلكاً ، فإِنَّ مسلكهم يعتمد على فهم المتون والمضامين : فهل هي مناقضة ومخالفة لضروريَّات ومُحْكَمَات الدِّين والشِّريعة ، أَو أَنَّها مطابقة ولم تخالف القوانين الدستوريَّة العقائديَّة والمعرفيَّة في الدِّين ؛ أَو القوانين الدستوريَّة الثابتة في الفقه. / نُكتة تقدُّم الجهة الأُولى والثانية على الثالثة: / وصارت حُجِّيَّة المتن والمضمون مُقدَّمة على حُجِّيَّة السند ؛ وذلك ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
معارف إِلٰهيَّة : (225) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (225) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه العشرين ، وكان تحت عنوان (الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة) ، ولازال الكلام فيه ، ووصلنا في هذا الدرس الى العنوان التالي : / نُكتة تقدُّم الجهة الأُولى والثانية على الثالثة: / وصارت حُجِّيَّة المتن والمضمون مُقدَّمة على حُجِّيَّة السند ؛ وذلك لأَنَّ حُجِّيَّة المتن والمضمون تتمُّ من خلال عرض المتن والمضمون على مُحْكَمَات الكتاب الكريم والسُّنَّة الشَّريفة ، فإِذا أَورث ذلك العرض للفقيه القطع واليقين بمطابقته لتلك المُحْكَمَات كانت هذه الجهة ـ أَي : الجهة الأُولىٰ والثانية ـ من جهات الحُجِّيَّة مُقدَّمة على الجهة الثالثة وهي حُجِّيَّة السند وإِنْ كان الخبر متواتراً سنداً ؛ لأَنَّ هذا العرض إِنْ ولَّد للفقيه أَو لمُصنِّف الكتاب ـ كالكليني ـ القطع واليقين بمطابقة الخبر لمُحْكَمَات الثقلين كانت حُجِّيَّة ذلك اليقين ـ لدىٰ الفقيه أَو المُصنِّف ـ ذاتيَّة عقليَّة أَو وحيانيَّة ، وهي مُقدَّمة على حُجِّيَّة اليقين الحسِّي المستفاد من التواتر السندي فضلاً عن حُجِّيَّة الظن المُعتبر ؛ لأَنَّ التواتر السندي فضلاً عن الظَّنِّ السندي المُعتبر لا يُؤمِّن اليقين بمطابقة متن ومضمون الخبر لمُحْكَمَات الثقلين ، وإِلَّا كانت حُجِّيَّة الخبر ذاتيَّة ـ وحيانيَّة كانت أَم عقليَّة ـ ومن الجهة الأُولىٰ أَو الثانية . وتأَخَّرت الجهة الثانية من جهات الحُجِّيَّة عن الجهة الأُولىٰ ؛ وذلك لأَنَّ الَّذي يقوم بعمليَّة عرض المتن والمضمون في الجهة الأُولىٰ نفس الفقيه المُتصدِّي لعمليَّة الاستنباط وتحصيل النتائج ، بخلاف الجهة الثَّانية من جهات الحُجِّيَّة ؛ فإِنَّ الَّذي يتصدَّىٰ لهذا العرض مُصنِّف الكتاب كالكليني، وهو بحسب الفرض من ثِقات وكُبَّار علماء الإِماميَّة ، فاعتمدت هذه الجهة على خبر الثقة. وتقدَّمت الجهة الثانية على الثالثة مع أَنَّ المُعتَمَد عليه في كليهما خبر الثقة ؛ بل في الثالثة قد يُعتَمَد على التواتر الحسِّي ؛ وذلك : أَنَّ مُصنِّف الكتاب ناظر إِلى متن ومضمون الخبر ـ كما تقدَّم ـ ؛ وأَنَّه مقطوع بمطابقته لمُحْكَمَات الثقلين ، بخلافه في الجهة الثالثة ؛ فإِنَّ النظر يكون إِلى السند بقطع النظر عن مطابقة مضمون الخبر للمُحْكَمَات وعدمها. وبالجملة : دراسة متون الأَحاديث ومضامينها أَعظم : دراسة علميَّة صناعيَّة اجتهاديَّة ، بل بها تُقام دراسة الأَسانيد والطرق لا العكس . وهذا أَمرٌ مهمٌّ ، فلذا من يكون لديه باع في علوم المعارف يتمكَّن من تشخيص عن بصيرةٍ واجتهادٍ المنحرف من الرواة عن غيره ، وذلك من خلال مطابقة مضامين ما ينقله مع مُحْكَمَات الثقلين وعدمها . ومن ثَمَّ كان مبنىٰ النجاشي والغضائري المُتشدِّد : أَنَّ صحَّة الكتاب المرتبطة بالمضمون أَعظم من صحَّة الطَّريق ، وهذا يتَّضح من خلال مراجعة جرحهما وتعديلهما. وهذه الأُمور لابُدَّ للباحث أَنْ يجدها بنفسه ، فعليه التتبُّع والتنقيب والاجتهاد عن دراية وبصيرة ، فَمَنْ كان يُريد مراجعة كتاب النجاشي ـ مثلاً ـ فعليه أَنْ لا يُلاحظ النتائج الصَّادرة من مُصنِّفه من جرح وتعديل وما شاكلها ؛ لأَنَّ الأَخذ بها تقليد له ، وإِنَّما عليه قراءة النظام والصرح العلمي في مبناه ومساره العلمي ، وحينئذٍ تكون ـ تلك المراجعة ـ مراجعة علميَّة نافعة . وعلى هذا قس العمل مع كتاب الفهرست للشَّيخ الطوسي ، وكتاب رجال : (البرقي) ، و (العقيقي) ، و (ابن الغضائري) ؛ لمعرفة مبانيهم ومساراتهم العلميَّة ، وليست آرائهم وفتاويهم النهائيَّة. إِذَنْ : علم الرجال علم مضامين ، وليس علم نقول . وبالجملة : ليس مراد الكليني في الكافي ولا ابن قولويه في كامل الزيارات ولا الأَشعري في كفاية الأَثر ؛ ولا الصدوق في الفقيه ولا الطوسي في التهذيب من صحَّة الكتاب صحَّة الصدور ـ فإِنَّ بعض رواياتهم في تلك الكُتُب مراسيل ومقطوعات ومرفوعات ـ ، وإِنَّما مرادهم : صحَّة وحُجِّيَّة المتن والمضمون، وأَنَّه ليس في روايات تلك الكُتُب ما يُناقض أَو يُخالف ضروريَّات ومُحْكَمَات الدِّين والشَّريعة . فحينما يروي ـ مثلاً ـ الكليني والصدوق ، عن أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «... إِنَّ نور أَبي يوم القيامة يُطفئ أَنوار الخلائق إِلَّا خمسة أَنوار : نور مُحمَّد صلى الله عليه واله ونوري(1) ونور الحسن والحسين ، ونور تسعة من ولد الحسين ؛ فإنَّ نوره من نورنا الَّذي خلقه اللّٰـه تعالىٰ قبل أَنْ يخلق آدم بألفي عام»(2) ، فإِنَّ مُرادهما : أَنَّ مضمون هذا الحديث ـ بغض النظر عن اعتبار سنده وصحَّة صدوره ـ لا يتصادم ولا يخالف مُحْكَمَات الدِّين والشَّريعة والكتاب والسُّنَّة ويوافق خطوطها العامَّة. إِذَنْ : منهج ومسلك الفقهاء في المقام يختلف عن منهج ومسلك المُحدِّثين ، ومن ثَمَّ الَّذي يرفع علامة صحَّة الصدور من دون أَنْ يهتم بالمضمون فمنهجه ومسلكه ليس منهج ومسلك فقهاء الإِماميَّة ، وإِنَّما منهج ومسلك المُحدِّثين. ومنه يتَّضح : أَنَّ زعماء اتباع مدرسة أَهل البيت عليهم السلام كالكليني والصدوق والمفيد والمرتضىٰ والطوسي حينما يودعون كُتُبهم روايات عن أَفراد أَصحاب الدائرة الاِصطِفائيَّة الثانية لأَهل البيت عليهم السلام فهذا يُدلِّل على أَنَّهم يفهمون : أَنَّ لأَصحاب هذه الدائرة شأن كبير ، وعلاوة في الاِصطِفاء. / أَدلَّة تراتب الحُجَج الثلاث / وتشير إِلى ترتُّب وتراتب هذه المراحل وجهات الحُجِّيَّة الثلاث بيانات الوحي الوافرة ، منها : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) في رواية الشَّيخ بعد قوله : «ونوري» «ونور فاطمة» . وعلى هذا فالخمسة إِمَّا مبنيّ على اتِّحاد نورَي مُحمَّد وعَلِيّ صلوات اللّٰـه عليهما ، أَو اتِّحاد نورَي الحسنين عليهما السلام ؛ بقرينة عدم توسُّط النور في البين ، ويُحتمل أَنْ يكون قوله : «ونور تسعة» معطوفاً على الخمسة. (بحار الأَنوار). (2) بحار الأَنوار ، 35: 69/ح3. أَمالي الشَّيخ : 192. الإِحتجاج : 122
معارف إِلٰهيَّة : (226) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (226) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه العشرين ، وكان تحت عنوان (الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة) ؛ فلِحُجِّيَّة الخبر مراتب طوليَّة من عدَّة جهات ، أَهمُّها ثلاث : الأُوْلَىٰ : حُجِّيَّة المتن. الثَّانية : صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب. الثَّالثة : حُجِّيَّة الطَّريق والسَّند. ولازال الكلام فيها ، ووصلنا في هذا الدرس الى العنوان التالي : / أَدلَّة تراتب الحُجَج الثلاث / وتشير إِلى ترتُّب وتراتب هذه المراحل وجهات الحُجِّيَّة الثلاث بيانات الوحي الوافرة ، منها : 1ـ بيان قوله تقدَّس ذكره : [هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ] (1)(2). فـ : (التلاوة) ـ المُشار إِليها في بيان قوله تقدَّس ذكره : [ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ] ـ : إِشارة إِلى العلم النَّقلي الحسِّي ، وهو مُقدِّمة. وضرورة (التَّعَلُّم) ـ المُشار إِليها في بيان قوله تقدَّس ذكره: [وَيُعَلِّمُهُمُ](3)ـ : إ ِشارة إِلى الفهم العقلي لموارد الوحي ؛ لتحصيل العلم واليقين والبرهان الوحياني ، وهو ذو المُقدِّمة والغاية الأَسْمَىٰ ، الَّذي هو فحوىٰ مفاد المُعجزة. فانظر : بيان قوله عزَّ قوله : [وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ * اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ] (4)( 5). ودلالته واضحة على أَنَّ المعاجز ـ كمعجزة القرآن الكريم ، وهي الأَعظم ـ ، بل والكرامات الإِلٰهيَّة تُورِث لِـمَنْ تأَثَّر بها : العلم واليقين والبرهان الوحياني. وبالجملة : أَحد تعاريف المُعجزة : أَنَّها عبارة عن بزوغ وبروز لمعان أَشعَّة أَنوار غيبيَّة مهولة ؛ إِمَّا في القُدرة ، أَو في آيةِ كمالٍ غيبيٍّ رهيبٍ ، تنتشل بخطفة مَنْ يرىٰ من خلالها لمعان أَنوارِ غيبٍ عظيمةٍ ، ومن ثَمَّ تحصل له حالة إِخبات دفعيّ قهريّ ، تتضعضع له أَعماق ذاته وكافَّة قواه ؛ فيسجد لباعثها تذلُّلاً ، كما حصل ذلك لسحرة بني إِسرائيل. فلاحظ : بيان قوله تعالىٰ : [فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ * فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ * قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ](6) . وهذه نفس فائدة البرهان ؛ فإِنَّه يُخرج الطرف من ساحة الفكر إِلى تجلِّيات في الفطرة الإِلٰهيَّة ، فإِذا شاهد العظمة الإِلٰهيَّة خبت. إِذَنْ : المعجزة الإِلٰهيَّة خطاب إِلهيّ مباشر ؛ ومن دون واسطة من اللّٰـه عزَّوجلَّ مع مخلوقاته. 2ـ بيان قوله جلَّ قوله : [وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ](7)( 8) . ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الجمعة : 2. (2) يجدر الاِلتفات :أَنَّه يجب على مَنْ يُريد اِستيضاح بيانات أَهل البيت عليهم السلام المُفسِّرة لآية من آيات القرآن الكريم فلا يخدعنَّه الفحص بمراجعة تفسير أَو تفسيرين ، بل عليه التَّيقُّظ والتَّفطُّن إِلى موارد وجود هذه الآية بأَلفاظها أَو بما يُقارب أَلفاظها ومعانيها في بيانات الوحي الأُخرىٰ ، وعليه أَيضاً أَنْ لا يُراجع مصدراً واحداً من مصادر التَّفسير ، بل عِدَّة مصادر. وبالجملة : باب الفحص والتَّنقيب العلمي باب واسع وشاسع جِدّاً ، ومن ثَمَّ لا ينخدع الباحث بدرجةٍ من الفحص والتنقيب ، ولا بدرجةٍ من التَّفكير والتَّأمُّل ، وإِذا ظَنَّ أَن ما توصَّل إِليه هو الذروة ورأس الهرم فليعلم أَنَّه اِرتطم بغفلة شنيعة وجهالة كبيرة ؛ فإِنَّ ما توصَّل إِليه بالضرورة الوحيانيَّة والعقليَّة لا بُدَّ أَنْ يكون متناهياً ومحدوداً ، ومعاني وحقائق بيانات الوحي غير متناهية وغير محدودة أَبداً بالضرورة الوحيانيَّة والعقليَّة أَيضاً ، ولا توجد نِسبة رياضيَّة بين المحدود وغيرالمحدود ؛ فإِنَّه دائماً إِذا قيس المحدود إِلى غيرالمحدود كان لا شيء وصفراً على جهة الشِّمال ، وإِلَّا لانقلبت ماهيَّة غيرالمحدود وكانت متناهية ، وبطلان اِنقلاب الماهيَّة من الواضحات ، بل هو خُلف الفرض. (3) الطريقة التعليميَّة السَّارية عليها بيانات الوحي في إِيصال المعلومة للطرف هي : التَّدرُّج في التَّعليم وعلى مراحل. (4) القصص : 31 ـ 32. (5) لا بأس الاِلتفات : أَنَّه لا توجد لقطة في القرآن الكريم إِلَّا وتصبّ في ذكر اللّٰـه تقدَّس ذكره وخشيته وخشوعه. (6) الشعراء : 41 ـ 51. (7) التوبة : 122. (8) ينبغي الاِلتفات : أَنَّ القرآن الكريم هو : دستور اللّٰـه الخالد ، لكنَّ دستوريَّته وخلوده ومُؤدَّاه وفائدته وخطره وعلومه وعقائده ومعارفه لا تختصُّ في هذه النَّشأَة الأَرضيَّة ، ولا يُخاطب به الجنّ والإِنس فحسب ، بل شاملة لجملة العوالم وكافَّة المخلوقات ؛ لأَنَّه من الدِّين ، وهو شامل للجميع ، ومِنْ ثَمَّ خطاباته الواردة بلسان : «يا أَيُّها الَّذين آمنوا» شاملةٌ لكافَّة المؤمنين ، منهم : جملة الملائكة عليهم السلام ، فلذا ورد في بيانات الوحي : «أَنَّ الملائكة ، منهم المُقَرَّبين ـ كـ : جبرئيل وإِسرافيل وميكائيل عليهم السلام ـ حينما ينزل وحي القرآن الكريم على سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله يتعلَّمون منه صلى الله عليه واله ذلك القرآن المُنَزَّل»
معارف إِلٰهيَّة : (227) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (227) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه العشرين ، وكان تحت عنوان (الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة) ؛ فلِحُجِّيَّة الخبر مراتب طوليَّة من عدَّة جهات ، أَهمُّها ثلاث : الأُوْلَىٰ : حُجِّيَّة المتن. الثَّانية : صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب. الثَّالثة : حُجِّيَّة الطَّريق والسَّند. ولازال الكلام في أَدلَّة تراتب هذه الحُجَج الثلاث ، ووصلنا في هذا الدرس الى الدليل والبيان الثاني : 2ـ بيان قوله جلَّ قوله : [وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ] ( 1)( 2). فـ : (النفر) : إِشارة إِلى مرحلة الرُّواية ؛ والنقل الحسِّيّ ؛ وهو مُقدِّمة. و (التَّفقُّه) ـ المُشار إِليه في بيان قوله جلَّ قوله : [لِيَتَفَقَّهُوا] ـ وهو: الفهم(3): إِشارة إِلى الفهم العقلي لمضامين متون بيانات الوحي في المرحلة الثانية ، وهو: ذو المُقدِّمة ؛ والغاية الأَسْمَىٰ ؛ المُشار إِليها بلام الغاية : [لِيَتَفَقَّهُوا] ( 4). 3ـ بيان قوله جلَّ جلاله : [ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا] ( 5). وتقريب الدلالة واضح ؛ فإِنَّه مع عدم تماميَّة السَّند ونسبة الصُّدور ـ إِذ بحسب ما فرضه بيان الآية الكريمة أَنَّه خبر فاسق ـ ، ومع عدم صحَّة طرحه ، أَو الأَخذ به بعماية هناك مسلك ثالث أَوصىٰ به بيان الآية الكريمة وأَوجبه ، وهو : (فحص المتن والمضمون ، والتَّبيُّن منه). وهذه التَّوصية الوحيانيَّة دالَّة على أَنَّ الأَساس والعُمدة والرُّكن الرَّكين في حُجِّيَّة الخبر والأَخذ والعمل به هو : (تبيُّن المتن والمضمون). نعم ، السَّند المُعتبر معاضد لحُجِّيَّة الخبر ، لكنَّ الرُّكن الرَّكين والعُمدة فيها هو : (حُجِّيَّة المتن والمضمون). 4ـ بيان قوله جلَّ وعلا : [فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ] ( 6). ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)التوبة : 122. ( 2) ينبغي الاِلتفات : أَنَّ القرآن الكريم هو : دستور اللّٰـه الخالد ، لكنَّ دستوريَّته وخلوده ومُؤدَّاه وفائدته وخطره وعلومه وعقائده ومعارفه لا تختصُّ بهذه النَّشأَة الأَرضيَّة ، ولا يُخاطب به الجنّ والإِنس فحسب ، بل شاملة لجملة العوالم وكافَّة المخلوقات ؛ لأَنَّه من الدِّين ، وهو شامل للجميع ، ومِنْ ثَمَّ خطاباته الواردة بلسان : «يا أَيُّها الَّذين آمنوا» شاملةٌ لكافَّة المؤمنين ، منهم : جملة الملائكة عليهم السلام ، فلذا ورد في بيانات الوحي : «أَنَّ الملائكة ، منهم المُقَرَّبين ـ كـ : جبرئيل وإِسرافيل وميكائيل عليهم السلام ـ حينما ينزل وحي القرآن الكريم على سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله يتعلَّمون منه صلى الله عليه واله ذلك القرآن المُنَزَّل». ( 3) ينبغي الاِلتفات : أَنَّ (الفهم) : أَمرٌ غيبيٌّ ، صادر من عوالم غيبيَّة صاعدة ، تتحكَّم فيها طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ، ومرتبتها فوق عَالَم الآخرة الأَبديَّة ، وهي فوق عَالَم السَّماوات السَّبع بعوالم ومراتب ، والكلُّ من عوالم الأَجسام. ( 4) يجدر الاِلتفات في المقام إِلى الأُمور الأَربعة التَّالية : الأَوَّل : أَنَّ المعرفة الإِلٰهيَّة ناموس مُقدَّس ، والسعي إِليها ناموس مُقَدَّس أَيضاً يقضُّ مضجع فِطَر المخلوقات. الثَّاني : أَنَّ أَعظم نِعَمِ اللّٰـه الواردة في بيان قوله تعالٰ : [ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا] [النحل: 18] النعم المعرفيَّة والمعنويَّة ، وليست البدنيَّة. الثَّالث : أَنَّ أخطر قلعة يغير عليها العدو : قلعة الفكر والرؤية العقائديَّة ؛ فإِنَّ أَمكنه زحزحة المخلوق عن الورع في العقيدة فسوف يتنجَّس باطنه وظاهره بكُلِّ نجاسةٍ ورجاسةٍ. ثُمَّ إِنَّ أَطهر الطهارات تكمن في التَّعَقُّل. الرابع : أَنَّ التكليف في العوالم اللاحقة لا ينقطع ، بل يزداد ويشتدُّ ، وهو شامل لكافَّة المخلوقات. ( 5) الحجرات : 6. ( 6) الزمر : 17 ـ 18
معارف إِلٰهيَّة : (228) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (228) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه العشرين ، وكان تحت عنوان (الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة) ؛ فلِحُجِّيَّة الخبر مراتب طوليَّة من عدَّة جهات ، أَهمُّها ثلاث : الأُوْلَىٰ : حُجِّيَّة المتن. الثَّانية : صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب. الثَّالثة : حُجِّيَّة الطَّريق والسَّند. ولازال الكلام في أَدلَّة تراتب هذه الحُجَج الثلاث ، ووصلنا في هذا الدرس الى الدليل والبيان الرَّابع : 4ـ بيان قوله جلَّ وعلا : [فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ](1). ودلالته واضحة ؛ فإِنَّ مضمونه نفس مضمون بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «خُذِ الحِكْمَة مِمَّن أَتاك بها ، وانظر إِلى ما قال ، ولا تنظر إِلى مَنْ قال»(2) ؛ فإِنَّ الأَساس ينبغي أَنْ يكون النَّظر إِلى المتن والمضمون. 5ـ بيان قوله علا ذكره : [هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ](3). فإِنَّه برهانٌ وحيانيٌّ دالٌّ أَيضاً على أَنَّ المركز وقطب مرجعيَّة الفقيه والباحث والمُستنبِط وطالب الحقيقة ينبغي أَنْ يكون نظره إِلى المتن والمضمون ؛ فإِنَّ المُحكمات صارت كذلك ليس من جهة سندها وصدورها، وإِنَّما من جهة متنها ومضمونها. وهذا البيان الوحيانيُّ من البيانات والبراهين القرآنيَّة العظيمة المُبيِّنة لهذا المنهج المعرفيّ الخطير والدالَّة عليه. 6ـ بيان خطبة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «نضّر اللّٰـه ، عبداً سمع مقالتي فوعاها ؛ وبلَّغها مَنْ لم يسمعها ، فكم من حامل فقه غير فقيه ، وكم من حامل فقه إِلى من هو أَفقه منه ...»(4). 7ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «همَّة السفهاء الرواية ، وهمَّة العلماء الدِّرَايَة»(5). ودلالته ـ كدلالة سابقه ـ واضحة ؛ فإِنَّ المراد من عنوان : (السُّفهاء) المأخوذ في هذا البيان الإِلٰهيّ الشَّريف : مَنْ يتعامل مع بيانات الوحي بسطحيَّة وعدم رشد ، وعدم غور ، فيقتصر على صدور الرُّواية وأَلفاظها. 8 ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الزمر : 17 ـ 18. (2) غرر الحكمة ، 1 : 394. ميزان الحكمة ، 6 : 485. كنزل العمَّال /42218. (3) آل عمران : 7. (4) بحار الأَنوار ، 2 : 148/ح22. (5) المصدر نفسه : 160/ح13
معارف إِلٰهيَّة : (229) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /
الدرس (229) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه العشرين ، وكان تحت عنوان (الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة) ؛ فلِحُجِّيَّة الخبر مراتب طوليَّة من عدَّة جهات ، أَهمُّها ثلاث : الأُوْلَىٰ : حُجِّيَّة المتن. الثَّانية : صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب. الثَّالثة : حُجِّيَّة الطَّريق والسَّند. ولازال الكلام في أَدلَّة تراتب هذه الحُجَج الثلاث ، ووصلنا في هذا الدرس الى الدليل والبيان الثَّامن : 8 ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «عليكم بالدِّرَايَات لا بالروايات»( 1). 9ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «اُعْقُلُوا الخبر إِذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية ؛ فإنَّ رواة العلم كثير ورعاته قليل»(2). 10ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «... وترككَ حديثاً لم تروه خير من روايتكَ حديثاً لم تحصه ، إِنَّ على كُلِّ حَقٍّ حقيقة ، وعلى كُلِّ صوابٍ نوراً ، فما وافق كتاب اللّٰـه فخذوا به وما خالف كتاب اللّٰـه فدعوه» ( 3). 11ـ بيان الإِمام الباقر مُخاطباً ولده الإِمام الصَّادق عليهما السلام : « يا بُنَيَّ ، اُعْرُف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم ؛ فإنَّ المعرفة هي الدِّرَايَة للرُّواية ، وبالدِّرَايَات للرُّوايات يعلو المؤمن إِلى أَقصى درجات الإِيمان ، إِنِّي نظرتُ في كتابٍ لِعَلِيٍّ عليه السلام فوجدتُ في الكتاب : أَنَّ قيمة كُلّ امرئٍ وقدره معرفته ، إِنَّ اللّٰـه تبارك وتعالىٰ يُحاسب النَّاس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدُّنيا»( 4). 12ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «رواة الكتاب كثير ، ورعاته قليل ، فكم من مستنصحٍ للحديث مستغش للكتاب ، والعلماءُ تحزنهم الدِّرَايَة ، والجهَّال تحزنهم الرواية»( 5). 13ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «حديث تدريه خير من أَلفٍ ترويه ، ولا يكون الرَّجُل منكم فقيهاً حتَّىٰ يعرف معاريض كلامنا ...»( 6). ودلالته ـ كدلالة سوابقه ـ واضحة على ضرورة الدِّرَايَة بمتن ومضمون الرُّواية ، وعدم صحَّة واعتبار وحُجِّيَّة منهج الاِقتصار على مُجَرَّد الرُّواية . ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 2 : 160/ح12. (2) المصدر نفسه : 161/ح21. (3) المصدر نفسه : 165/ح25. ( 4) المصدر نفسه : 184/ح4. ( 5) المصدر نفسه ، 2 : 161/ح14. ( 6) المصدر نفسه : 184/ح5
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (230) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (230) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تَنْبِيهَات وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِلُ والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الحادي و العشرون: / / الْاِسْتِدْلَاَل بالخبر الواحد في أَبواب العقائد / إِنَّ كلمة العلماء اِتَّفَقْت على عدم كفاية الْاِسْتِدْلَاَل بالخبر الواحد المُعتبر في الدوائر المركزيَّة وأُصول وضروريَّات وأُسس الدِّين والعقائد ، وإِنَّما لابُدَّ أَنْ تكون مُبْتَنِيَة على البراهين والقطع واليقين ؛ وحيانيٌّ كان ذلك القطع واليقين أَم عقليٌّ. نعم وقع الخلاف في التفاصيل ؛ فذهب أَكثر المُحقِّقين من فقهاء الشيعة وفلاسفة ومُتكلِّمين وذوي العلوم المُختلفة ـ كما نقل ذلك الكثير ، منهم : الشَّيخ الأَنصاري ـ : إِلى صحَّة التَّمسُّك بالخبر المُعتبر في تفاصيل العقائد. ومن القائلين بذلك : الخواجة نصير الدِّين الطوسي(1)، والشَّيخ محمَّد حسين الأَصفهاني الكمباني(2). / التَّنْبِيه الثاني و العشرون: / / لغات ترجمة وقراءة معارف الوحي بقدر تعدُّد العلوم / هناك قاعدة مُهمَّة جِدّاً ، ينبغي الاِلتفات إِليها بِيَقَظَةٍ ، و اِسْتِذْكَارهَا مراراً ، حاصلها : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مُتكلِّم ، لكنَّه في الأَصل من الفلاسفة اللامعين. (2) فقيه ، وأُصولي ، وفيلسوف
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (231) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (231) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تَنْبِيهَات وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِلُ والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثاني و العشرون: / / لغات ترجمة وقراءة معارف الوحي بقدر تعدُّد العلوم / هناك قاعدة علميَّة ومعرفيَّة مُهمَّة جِدّاً ، ينبغي الاِلتفات إِليها بِيَقَظَةٍ ، واستذكارها مراراً ، حاصلها : «أَنَّ ترجمة وقراءة أُصول وأَبواب العقائد والمعارف الحقَّة يجب أَنْ تكون بلغات مُتعدِّدة »؛ فإِنَّ لكلِّ علمٍ لغته الخاصَّة به ؛ يمكن من خلالها إِيصَال المعلومة الحقَّة إِلى مُختلف شَرَائِح البشر ؛ عبر جودة اِنْتِخَاب اللُّغة العلميَّة المناسبة لِلطَّرْفِ ؛ مع حفظ ثوابت الحقائق. فإِيصَالها للمُتخصِّص بعلم القانون ـ مثلاً ـ ينبغي أَنْ يكون بلغة علم القانون ، وإِلَّا فلغة علم الكلام وما شاكلها قد تكون بالنِّسْبَة إِليه لغة مُشَفَّرة لا يلتفت من خلالها إِلى المُراد ، وحينئذٍ لا يستجيب للطَّرح ، وذلك لم يكن ناشئاً من عناده وجُحُوده ، بل لإِبهام اللُّغة المُستعملة ، فالحزارة لم تكن في البيان اللِّسَانِيّ ، وإِنَّما في بيان اللُّغَة العلميَّة . وهذا ما يكون غالباً هو السبب المانع من اِنْتِشَار نور الدِّين والإِيمان وحقائق الثقلين. وهذا الأَمر يأتي أَيضاً في تربية الإِنسان لأُسرته ، بل ولنفسه ؛ فلرُبَما تستعصي عليه نفسه في جانب ما فيأخذها بلغةٍ وبرنامجٍ علميٍّ آخر ؛ أًسهل في تطويعها وترويضها وتربيتها من اللُّغة والبرنامج السَّابق. / فلسفة استخدام النَّبيّ سليمان عليه السلام لعلم الفنِّ والجمال / وهذا ما يوضِّح : نكتة وفلسفة استخدام النَّبيّ سليمان عليه السلام وتوظيفه لعلم الفنِ والجمالِ المُحلَّل ؛ للدعوة إِلى التَّوحيد. وهذا أَمر بديع كشفت عنه بيانات الوحي ، منها : بيان قوله جلَّ شأنه المُقتصّ لخبره عليه السلام مع بلقيس ملكة سبأ : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (232) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (232) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تَنْبِيهَات وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِلُ والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثاني و العشرون ، وكان تحت عنوان ( لغات ترجمة وقراءة معارف الوحي بقدر تعدُّد العلوم ) ، ولازال الكلام فيه ، ووصلنا الى العنوان التالي : / فلسفة استخدام النَّبيّ سليمان عليه السلام لعلم الفنِّ والجمال / وهذا ما يوضِّح : نكتة وفلسفة استخدام النَّبيّ سليمان عليه السلام وتوظيفه لعلم الفنِ والجمالِ المُحلَّل ؛ للدعوة إِلى التَّوحيد. وهذا أَمر بديع كشفت عنه بيانات الوحي ، منها : بيان قوله جلَّ شأنه المُقْتَصّ لخبره عليه السلام مع بلقيس ملكة سبأ : [قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ](1). فإِنَّه برهانٌ وحيانيٌّ ، وأَصلٌّ قرآنيٌّ مُشرِّع لجواز استعمال الفنّ والجمال في الدَّعوة الإِلٰهيَّة. ومعناه : أَنَّ نشر الدَّعوة إِلى الحقِّ لا يتوقَّف على البرهان العقلي والفكر الجاف ، بل أَدقُّ المعاني المُعقَّدة والصعبة يمكن تسويقها في أَذهان ونفوس وأَرواح البشر لإِيجاد الجذبات المعنويَّة في دخيلة ذواتهم ؛ بتوسُّط لغة الفن والجمال ؛ ولعلَّ بلقيس لم تستجب لِلُغة البرهان العقلي كما استجابت للغة الفنّ والجمال ؛ نتيجة أَنَّها صاحبة فنون وسلطان وإِمكانيَّات دولة ، فلمست من خلال إِمكانيات دولة النَّبيّ سليمان عليه السلام ؛ ومهاراتها الخارجة عن مِكنة وقدرة دولة البشر : التَّوحيد ، لكن لا بلغة البرهان العقلي واللُّغة الفكريَّة ؛ والدَّليل الفلسفي والكلامي والعرفاني ، وإِنَّما ـ لمسته ـ من خلال لغة : (علم الفن والمهارات والجمال). وهذا ما يُوضِّح : نكتة تعدُّد معاجز الأَنبياء والرُّسل عليهم السلام ؛ في السِّحر، والطب ، والنحت ، والفنِّ ، والبلاغة ، وهلَّمَ جرّاً. وهذا ما نفتقده بشكلٍ استراتيجي كبير في الدَّعوة إِلى هدي نور الثقلين؛ فنحن أَتباع أَهل البيت عليهم السلام لم نستخدم الفنّ والجمال في جانبه المُحلَّل لجهة الخير والصلاح كما استخدمه أَعدائهم عليهم السلام لجهة الشرّ والفساد ونشر الرذيلة ، ومن ثَمَّ كانت شعوب كثير من البلدان الإِسلاميَّة قبل فترة موالية لأَهل البيت عليهم السلام ، لكن الوهابيَّة وعِبر فنّ وجمال قراءة القرآن الكريم وجماليَّة صوت ترتيله وتجويده قلبت ولائهم إِلى عداء لأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم. ولك أَنْ تقول : هناك معارف وعقائد ولطائف توحيديَّة عظيمة جِدّاً؛ أَصحرت بها بيانات الوحي من خلال لغة القصص وما شاكلها من سائر اللُّغات ، ولم تُبيِّنها بلغة البرهان العقلي ، أَو بلغة الحكمة والأَحكام ، ومن ثَمَّ لا يظنّ الباحث أَنَّ تراث وبيانات الثقلين تُبيَّن من خلال قالب تعليميّ فارد؛ وهو قالب البرهان العقلي ، فلذا ذكر جملة من المُحَقِّقين الْبَارِعين في علم التَّفسير وسائر علوم المعارف : أَنَّ بيانات الثقلين تصحر بمعارف عظيمة ومهولة جِدّاً في التَّوحيد بلغة الدُّعاء ؛ فإِنَّه أَحد اللُّغات والأَساليب البيانيَّة التعليميَّة ، الَّتي لا تقتصر على قالب : الحكمة والبرهان العقلي ، بل لها عدَّة قوالب ، منها : القصص ـ كما تقدَّم ـ ، والأَمثال ، والزيارات ، والأَذكار ، والخطابة ، والمواعظ ، والجدل ، والمغالطة ، والشعر ، والزجر ، والطلب ، والسنن ، والآداب ، والأَحكام ، والتأريخ ، والتصوير والتمثيل والتخييل . والنكتة : أَنَّ طبيعة قوالب بيانات المعارف الإِلٰهيَّة مُتداخلة وبأَثواب مُتعدِّدة. إِذَنْ : في جملة العلوم يقين عقلي ، لكنَّه لا ينحصر بالبرهان العقلي ـ خلافاً لِـمَا ادَّعاه أَرسطو ، وابن سينا ، وسائر فلاسفة المشاء وفَلاسفة الإشراق ـ ، فلا ينحصر البرهان بعلم الفلسفة ، ولا بِعلم الكلام ، ولا بعلم العرفان ، وإِنَّما يعمُّ كافَّة العلوم ، ومن ثَمَّ يحصل لكثير من نوابغة علم الفيزياء وعلم الكيمياء ، وغيرهم من نوابغة سائرالعلوم مُشاهدات عظيمة، وحالات انبهار معنوي ، رهيبة تُضعضع ذواتهم ونفوسهم ، ويشتدُّ بسببها خضوعهم وخشوعهم لساحة القدس الإِلٰهيَّة ، ويدركون ببركتها براهين عقليَّة وعلميَّة قد لا تحصل لفيلسوفٍ أَو مُتكلِّمٍ أَو عارفٍ ما ، تكشف ـ تلك المُشاهدات العظيمة ـ عن مدىٰ هول وعظمة السَّاحة الإِلٰهيَّة وأَفعالها(2). إِذَنْ : البراهين والشُّهود والمُشاهدات لا تختصُّ بعلم الفلسفة وعلم الكلام وعلم العرفان ، بل تشمل جميع العلوم. وعليه : فرُبَما يُثبِت الفيزيائي : التَّوحيد وسائر مباحث وحقائق أَبواب العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة كالنُّبُوَّة والإِمامة والمعاد بعلم الفيزياء . وهذا أَمر دارج ومعروف . / التَّنْبِيه الثالث و العشرون: / / المانع من اعتناق دين الله وشرعه / / الحاجز عن السير على نهج أَهل البيت عليهم السلام / إِنَّ سبب عدم اعتناق البشريَّة لأَفكار خارطة المستقبل الإِلٰهيَّة ، المشار إِليها في بيان قوله تعالىٰ : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) النمل : 44. (2) الحكمة الإِلٰهيَّة ـ الإِلٰهيَّات بالمعنىٰ الأَعم ـ ، وهي : الخطوط العامَّة للأُلوهيَّة والرؤية العقائديَّة والمعرفيَّة بتسالم جميع أَصحاب العلوم هي أَساس انطلاق جملة العلوم
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (233) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (233) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّالث و العشرون: / / المانع من اِعْتِنَاق دين الله وشرعه / / الحاجز عن السير على نهج أَهل البيت عليهم السلام / إِنَّ سبب عدم اِعْتِنَاق البشريَّة لأَفكار خارطة المستقبل الإِلٰهيَّة ، المشار إِليها في بيان قوله تعالىٰ : [هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ](1)، وهي عقيدة الثقلين ـ أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، والقرآن الكريم ـ : الأَمراض النفسيَّة ـ ؛ كالحسد لأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ـ والشَّهوات ؛ فالأَزمة ليست في الفكر والإِدراك والمنطق والتَّعَقُّل ، وإِنَّما في الأَصل أَزمة روحيَّة ؛ وأَزمة طغيان الأَمراض النَّفسيَّة والشَّهوات والنزوات ، وهذا ما يشير إِليه بيان قوله تعالىٰ : [ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ](2)، فإِنَّه لم يقل : «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بالبرهان» وإِنَّما قال بـ : « الْمَوْعِظَةِ» ، وهذه إِشارة إِلى أَنَّ الأَزمة الَّتي تمرُّ بها البشريَّة ليست منحصرة بالبرهان والفكر ، وإِنَّما أَزمة أَمراض نفسيَّة وطغيان الشَّهوات ـ كـ : شهوة : البطن والفرج وحبّ الرياسة والشُّهرة والبذخ واللباس والزينة ـ والَّذي يداوي ويُعالج الأَمراض النَّفسيَّة والشَّهوات ليست لغة البرهان ، بل لغة الْمَوْعِظَة . / التَّنْبِيه الرَّابع و العشرون: / / عموم الفتن والاِمتحانات الإِلهيَّة لجملة عوالم المخلوق / / إِزدياد شدَّة ودقَّة الفتن والاِمتحانات بتصاعد عوالم المخلوق / الثَّابت في بيانات البراهين الوحيانيَّة : أَنَّ الفتن والاِمتحانات والاِختبارات الإِلٰهيَّة لبني البشر ؛ معرفيَّة وعقائديَّة كانت أَم غيرها ـ والَّتي أَشارت إِليها بيانات الوحي ، منها : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الصف : 9. (2) النحل : 125
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (234) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (234) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الرَّابع و العشرون: / / عموم الفتن والاِمتحانات الإِلهيَّة لجملة عوالم المخلوق / / اِزْدِيَاد شدَّة ودقَّة الفتن والاِمتحانات بتصاعد عوالم المخلوق / الثَّابت في بيانات البراهين الوحيانيَّة : أَنَّ الفتن والاِمتحانات والاِختبارات الإِلٰهيَّة لبني البشر ؛ معرفيَّة وعقائديَّة كانت أَم غيرها ـ والَّتي أَشارت إِليها بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيانات قوله تعالىٰ : [أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ] (1). 2ـ بيان قوله عزَّ قوله : [يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ] (2) ـ لا تختصُّ بعَالَم الدُّنيا الأُولىٰ وهذه النَّشْأَة الأَرضيَّة ، بل تأتي في جملة العوالم المارُّ بها الإِنسان ، منها : ما تقدَّم ، وما سيأتي ـ كـ : عَالَم البرزخ، وعَالَم الرَّجعة ، وعَالَم القيامة ، وعَالَم الآخرة الأَبديَّة ، وعوالم ما بعدها ـ ، والنكتة واضحة ؛ فإِنَّه لا يوجد هناك عَالَم ولا توجد نشأة وبقعة في عَالَم الإِمكان والوجود والحقيقة خالية من الدِّين ، بل في تلك العوالم تكون الفتن والاِمتحانات والاِختبارات الإِلٰهيَّة لاسيما المعرفيَّة والعقائديَّة سيما المُختصَّة بمعرفة أَهل البيت عليهم السلام أَشدَّ وأَطَمّ ، ومن ثَمَّ عُبِّرَ عن عَالَمنا هذا بـ : (المهد) ، ومعناه : أَنَّ ما يحصل فيه من فتنٍ واِمْتِحَانَات واِختبَارَات اِبتدائيّة ؛ كاِمْتِحَانَات واِختبَارَات أَطفال الروضة. ومنه تتَّضح : كثير من بيانات الوحي ، منها : بيان خطبة أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «... فإِنَّ اليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا عمل»(3). فقوله عليه السلام : «فإِنَّ اليوم عمل ولا حساب» ، يعني : أُخروي أَبدي محسوم وصارم ، وإِلَّا فالحساب الدُّنيوي في نشأتنا هذه موجود ، كما أَشارت إِلى ذلك بيانات الوحي ، منها : بيان قوله علا ذكره : [وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ] (4). وقوله عليه السلام : «وغداً حساب ولا عمل» ، يعني : ولا عمل ذو مهلة ومُتيسِّر بسهولة ؛ فالعمل في العوالم والنَّشَآت التَّالية في قوس الصعود موجود ، لكنَّه يمتاز بسرعة الحساب والجزاء ، وبصعوبة الإِيجاد ، وقلَّة النتاج والثمار بالقياس إِلى عَالَمنا ونشأتنا هذه ، وكأَنَّ العمل ممتنع الإِيجاد ، ففي عَالَم البرزخ الصَّاعد ـ مثلاً ـ يوجد عمل للمكلَّف ، لكنَّه يمتاز عن أَعمال المُكلَّف في نشأتنا وعَالَمنا هذا : أَنَّه يحتاج إِيجاده من المُكلَّف إِلى كُلفة وطاقة شديدة وقويَّة ، ومع هذا يتَّصف بقلَّة النتاج والثمار والجزاء ، عكس نشأتنا هذه ، فمُجمل أَعمالنا لا تحتاج إِلى تلك الكُلفة والشِّدَّة والقوَّة ، ومع هذا يكون نتاجها وثمارها وجزائها عظيم جدّاً ، فيحصل العبد ـ مثلاً ـ في عَالَم البرزخ نتيجة قطع آلاف الكيلو مترات على ثمارٍ قليلةٍ ونتاجٍ وجزاءٍ قليلٍ ، وكأَنَّه إِذا قيس إِلى أَفعال عَالَمنا ونشأتنا هذه لا شيء ، فإِنَّ العبد في عَالَمنا هذا ونشأتنا هذه يحصل إِذا مشىٰ خطوة واحدة لزيارة أَهل البيت عليهم السلام على ثمار عظيمة ، ونتاج وجزاء مهول وخطير جِدّاً. إِذَنْ : يبقىٰ العبد في تلك العوالم مواظباً على عمله لأَحقابٍ ومِئات السنين ليحصل على فوائد ونتاج سنة واحدة من عمل عَالَمنا هذا. / التَّنْبِيه الخامس و العشرون: / / اقتناص منظومة العقائد والمعارف لا يتمُّ إِلَّا من مجموع المصادر / هناك الكثير من المؤمنين ، بل من أَهل الفضل والفضيلة والإِجتهاد والتَّحقيق والتَّحصيل يعيشون في غفلة عميقة جِدّاً عن منظومة العقائد الإِيمانيَّة ؛ فإِنَّهم رُبَما ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) العنكبوت : 2. (2) الإِنشقاق : 6. (3) بحار الأَنوار ، 74 : 417/ح39. إرشاد المفيد : 113. (4) الشورىٰ : 30
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (235) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (235) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الخامس و العشرون: / / اِقتِنَاصُ منظومة العقائد والمعارف لا يتمُّ إِلَّا من مجموع المصادر / هناك الكثير من المؤمنين ، بل من أَهل الفضل والفضيلة والْاِجْتِهَاد والتَّحقيق والتَّحصيل الْعِلْمِيِّ يعيشون في غفلةٍ عميقةٍ جِدّاً عن منظومة العقائد الإِيمانيَّة ؛ فإِنَّهم رُبَما يتخيَّلون إِمكان اِقتِنَاصها من مصدر أَو مصدرين أَو ثلاثة ـ كـ : كتاب التَّجريد وشرحه ، وكتاب الباب الحادي عشر ، وكتاب عقائد الإمَامِيَّة ـ ، لكنَّها : غفلة بعيدة عن الحقيقة ؛ فإِنَّ ما كتبه الأَعلام بالضرورة ليس كمال وتمام بناء مدرسة أَهل البيت عليهم السلام ؛ لأَنَّها بحور خِضَمٌّ زاخرة ، طمطامة غير متناهية أَبد الآباد ودهر الدُّهور ؛ فتكون خارجة عن مكنة إِستيعاب جملة المخلوقات. وعليه : فلا يمكن حصر المسار الرسمي لمدرسة أَتباع أَهل البيت عليهم السلام إِلَّا بمجموع أَجيال علماء الإمَامِيَّة ـ فقهاء وفلاسفة ومُتكلِّمين وأَهل المعرفة ومُفسِّرين ورجاليِّين وغيرهم ـ منذُ عصر النصُّ والتَّشريع إِلى يومنا هذا ، ومن ثَمَّ لا يُمكن تلخيص واختصار مدرسة الإمَامِيَّة (أَعزَّهم اللّٰـه تعالىٰ) بشخصيَّة مُعيَّنة من علماء الإمَامِيَّة وفي أَيِّ مجالٍ كان ـ كالشَّيخ الطُّوسيّ والنَّجاشي(1) ـ ولا بجيلٍ ولا بأَجيالٍ مُتعدِّدةٍ ، فيُخطئ مَنْ يتوهَّم خلاف ذلك ، ويكون بعيداً عن الحقيقة والصَّواب ؛ وصاحب منهجاً منكوساً. وبالجملة : مدرسة الإمَامِيَّة لا تتمثَّل إِلَّا بمجموع علماء الإمَامِيَّة عبر كافَّة الأَجيال. وهذه ليست عاطفة ودغدغة أَحاسيس ، وإِنَّما قضيَّة لبيان واقع. / التَّنْبِيه السادس و العشرون: / / قصور التصانيف من شمول جملة علومها/ / جملة العلوم والمعارف مُودعة في البديهيَّات/ / فتقُ غير المعصوم للبديهيَّات لا يكون إِلَّا بالتَّدريج/ هناك كثير من المتواترات والمُبدَّهات والضروريَّات الثَّابتة في بيانات الوحي ؛ والبديهيَّات(2) والضروريَّات الثابتة إِرتكازاً عند المسلمين فضلاً عن المؤمنين مغفول عنها تفصيلاً في كُتُب العقائد والمعارف والكلام وكلمات الأَعلام ، ومن ثَمَّ يحتاج فتقها وبلورتها إِلى تنامي في العقل البشري. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ذهب البعض إِلى أَنَّ النجاشي أَقوىٰ علماء الإمَامِيَّة في علم الرِّجَال. والحقّ : أَنَّه وإِنْ كان كذلك في علم الأَنساب والتَّراجم والتأريخ وعلم الأَسمآء والكُنىٰ ، لكنَّه ليس كذلك في علم العقائد ؛ والَّذي هو أَخطر وأَهمّ العلوم لتنقيح المُفردات الرجاليَّة وتوثيق الرُّواة ، فإِنَّه قطرة في بحر الشَّيخ الطوسي ، ومن ثَمَّ لا يُعتَمَد على جرحه وتعديله. ثُمَّ إِنَّ مَنْ لم يلتفت إِلى هذه القضيَّة فسيجني على تراث الوحي ، وعلى باب الجرح والتَّعديل عند الإمَامِيَّة وغيرهم ، فالتفت . (2) ينبغي الاِلتفات : أَنَّ تبدُّه مباحث التَّوحيد والنُّبوَّة والوحي والإِمامة والمعاد وسائر أَبواب المعارف الإِلٰهيَّة مبتنية على التنزيل والتدريج ، بل قابليَّة وطبيعة الإِنسان ، بل وطبيعة عَالَم الدُّنيا مبتنية على ذلك
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (236) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (236) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السادس و العشرون: / / قصور التصانيف من شمول جملة علومها/ / جملة العلوم والمعارف مُودعة في البديهيَّات/ / فتقُ غير المعصوم للبديهيَّات لا يكون إِلَّا بالتَّدريج/ هناك كثير من المتواترات والمُبدَّهات والضروريَّات الثَّابتة في بيانات الوحي ؛ والبديهيَّات(1) والضروريَّات الثابتة اِرْتِكَازاً عند المسلمين فضلاً عن المؤمنين مغفول عنها تفصيلاً في كُتُب العقائد والمعارف والكلام وكلمات الأَعلام ، ومن ثَمَّ يحتاج فتقها وبلورتها إِلى تنامي في العقل البشري. وهذه القضيَّة لا تختصُّ بالعلوم الدينيَّة ، بل تشمل أَيضاً جملة العلوم البشريَّة ، ومن ثَمَّ ذهب المناطقة والفلاسفة والمُتكلِّمون وذوي المعرفة والعقليَّات إِلى أَنَّ جملة العلوم ومسائل العلم والمعرفة مُودعة في البديهيَّات ، لكنَّها تحتاج إِلى مَنْ يُفكِّكها ويخرج لباب دررها. فاللّٰـه عزَّوجلَّ والمعصوم عليه السلام لهما القدرة على تفكيكها من دون تدريج ، بخلاف سائر البشر؛ فإِنَّ لهم القدرة على تفكيكها ، لكن بشكلٍ تدريجي جيلاً بعد جيل. وهذه نكتة مُهمَّة. وعليه : فلا يُستَغْرَب من وصول جيل من علماء المسلمين إِلى حقائق في الدِّين ـ استناداً للضروريَّات والبديهيَّات والمتواترات ـ غفلت عنها أَجيال المُتقدِّمين ، مع أَنَّها واقعة بين أَيديهم ، لكنَّهم لم يلتفتوا إِليها ومن ثَمَّ غفلوا عن فتقها وبلورتها. / الفارق بين البِدْعَة والتَّحقيق والتَّجديد/ وهذه القضيَّة ليست من البِدْعَة في شيءٍ ، بل تحقيقٌ وتجديدٌ في الدِّين. بعد الاِلتفات : أَنَّ الفاصل والفارق بين التَّحقيق والبِدْعَة يكمن في : أَنَّ النتائج الَّتي يتوصَّل ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ينبغي الاِلتفات : أَنَّ تبدُّه مباحث التَّوحيد والنُّبوَّة والوحي والإِمامة والمعاد وسائر أَبواب المعارف الإِلٰهيَّة مبتنية على التنزيل والتدريج ، بل قابليَّة وطبيعة الإِنسان ، بل وطبيعة عَالَم الدُّنيا مبتنية على ذلك
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (237) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (237) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه السادس و العشرون ، وكان تحت عنوان (قصور التصانيف من شمول جملة علومها ) ، وعنوان (جملة العلوم والمعارف مُودعة في البديهيَّات ) ، وعنوان (فتقُ غير المعصوم للبديهيَّات لا يكون إِلَّا بالتَّدريج ) ولازال الكلام فيه ، ووصلنا الى العنوان التالي : / الفارق بين البِدْعَة والتَّحقيق والتَّجديد/ وهذه القضيَّة ليست من البِدْعَة في شيءٍ ، بل تحقيقٌ وتجديدٌ في الدِّين. بعد الاِلتفات : أَنَّ الفاصل والفارق بين التَّحقيق والبِدْعَة يكمن في : أَنَّ النتائج الَّتي يتوصَّل إِليها الباحث عبر التَّحقيق تكون على وفق الموازين العلميَّة ؛ وإِنْ كانت موازين ظنيَّة فضلاً عن الضَّروريَّة والبديهيَّة والمتواترة. بخلاف البِدْعَة ؛ فإِنَّها لا تكون على وفق تلك الموازين العلميَّة. وهذا بحثٌ مُهمٌّ ، وجدليَّة ولغط دائر بين الأَصالة والتَّجديد ، فالأَصالة إِذا كانت بمعنىٰ عدم فتق علوم وحقائق الدِّين فهذه أَصالة مذمومة جامدة. أَمَّا إِذا كانت بمعنىٰ : أَنَّ كُلَّ نتيجة يُتوصَّل إِليها ـ سوآء أَكانت ظنيَّة معتبرة أَو يقينيَّة وقطعيَّة ـ لابُدَّ أَنْ تكون على وفق ثوابت وضروريَّات وبديهيَّات ومتواترات الدِّين والشَّريعة ـ والمُعبَّر عنها : بـ : (العرض على الكتاب الكريم والسُّنَّة الشَّريفة) ـ فهذه أَصالة حيَّة ونشطة. وعليه : فالتَّجديد : إِنْ كان يتوافق مع بديهيَّات وضروريَّات ومتواترات الدِّين والشَّريعة فهذا تجديد يتوافق ويتطابق ويتعانق مع الأَصالة. وإِنْ كان ـ التَّجديد ـ يصطكُّ ويتدافع ويتنافىٰ مع بديهيَّات وضروريَّات ومتواترات الدِّين والشَّريعة فهذا هو البِدْعَة. وهذه نكاتٌ ونتفٌ منهجيَّة ، يجب الاِلتفات إِليها ، والتَّعامل معها في البحوث العقائديَّة والمعرفيَّة والعلميَّة. / التَّنْبِيه السابع و العشرون: / / عدم تناهي الحقيقة / / عدم وقوف المعارف والعقائد الإِلهيَّة عند حدٍّ مُعيَّن/ إِنَّ معرفة العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة في جملة أَبوابها لا تقف بالضرورة أَبداً عند مرتبة مُعيَّنة. وهذا لا يعني سفسطة وتشكيك في الحقيقة ، وإِنَّما يعني: عدم تناهي الحقيقة ، ومن ثَمَّ أَقرَّت البشريَّة بوجدانها : أَنَّ مسيرة العلم لا تقف أَبداً عند حدٍّ مُعيَّنٍ ؛ ولا يُسَدُّ بابها في يوم ما . ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (238) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (238) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السابع و العشرون: / / عدم تناهي الحقيقة / / عدم وقوف المعارف والعقائد الإِلهيَّة عند حدٍّ مُعيَّن/ إِنَّ معرفة العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة في جملة أَبوابها لا تقف بالضرورة أَبداً عند مرتبة مُعيَّنة. وهذا لا يعني سفسطة وتشكيك في الحقيقة ، وإِنَّما يعني: عدم تناهي الحقيقة ، ومن ثَمَّ أَقرَّت البشريَّة بوجدانها : أَنَّ مسيرة العلم لا تقف أَبداً عند حدٍّ مُعيَّنٍ ؛ ولا يُسَدُّ بابها في يوم ما . وهذا لا يعني التَّشكيك في بديهيَّات العلوم والحقائق المُكتشفة ، وإِنَّما يعني : أَنَّ الحقيقة الماديَّة في بُعدها الفيزيائي ـ مثلاً ـ غير متناهية بالقياس إِلى الإِمكانيَّات والقدرات البشريَّة. ومنه يتَّضح : مدىٰ فساد دعوىٰ مَنْ يدَّعي : أَنَّه لا تقولوا ما لم يقله الأَوائل. ويتَّضح أَيضاً : أَنَّ التفاوت في درجات ومراتب الكمال نسبيَّة في الحقيقة ، كما أَشارت إِلى ذلك بيانات الوحي ؛ وتعني : سعة مراتب الحقيقة ، بخلاف النِّسبيَّة المطروحة في المدارس الماديَّة والسفسطيَّة ؛ فإِنَّها تعني : المزج بين الحقيقة والباطل ، وهذه نسبيَّة تشكيكيَّة. / التَّنْبِيه الثامن و العشرون: / / استحالة استقصاء خرائط عَالَم المخلوقات الواردة في بيانات الوحي/ إِنَّ فهرست خرائط عَالَم المخلوقات الواردة في بيانات أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم مهولة وعظيمة ومفزعة جِدّاً ، بل لا يمكن لمخلوق ما استقصائها ؛ لأَنَّها وحي مُعجز. وهذه حقيقة تطفح لمن يستيقظ بحاسته العقليَّة والذوقيَّة. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (239) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (239) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه التاسع و العشرون: / / دين اللَّه لا يُصَاب بعقول البشر/ إِنَّ التَّفسير الدارج للقاعدة والمقولة الوحيانيَّة العظيمة الواردة في بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام زين العابدين عليه السلام : «إِنَّ دين اللّٰـه لا يُصاب بالعقول ... ولا يُصَاب إِلَّا بالتَّسليم ، فَمَنْ سَلَّمَ لنا سَلِم ، وَمَنْ اهتدىٰ بنا هُدي ، وَمَنْ دان بالقياس والرأي هَلَك ، وَمَنْ وجد في نفسه شيئاً مِمَّا نقوله أَو نقضي به حرجاً كفر بالَّذي أَنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم»(1)من اختصاصها بتشريعات الفروع ليس بسديدٍ ؛ فإِنَّها شاملة أَيضاً، بل أَبرز مصاديقها : أُصول الدِّين وسائر العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة ، وشاملة أَيضاً لأَحكام الأَخلاق والآداب والسنن والأَعمال والحالات والرياضات الرُّوحيَّة والنَّفسيَّة. والنكتة واضحة ؛ فإِنَّ العقل بمفرده يتيه في هذه المباحث والأَبواب ؛ لكونها خارجة عن حريمه وعالمه وحدوده ومكنته ، فلا بُدَّ له من الاهتداء ببيانات الوحي . بل كلَّما ارتقت وتصاعدت معاني وحقائق أُصول الدِّين والعقائد والمعارف الإِلٰهيَّة ، ومعاني وحقائق الأَخلاق والآداب والسُّنن ؛ والأَعمال والحالات والرياضات الروحيَّة والنَّفسيَّة ، ومعاني وحقائق فروع الدِّين كُلَّما ازدادت الحاجة أَكثر إِلى هدي بيانات الوحي. وبالجملة : الجزء الأَعظم من الدِّين وعمدته يكمن في العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة ، فيكون التَّفسير المناسب لهذه القاعدة : أَنَّ جملة دين اللّٰـه وشرعه لا يُصَاب بالعقول. ومعناه : أَنَّه لا يُمكن استبداد عقول البشر وذواتهم وقواهم الإِدراكيَّة مهما عَلَت وارتقت من الوصول إِلى حقائق العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة ؛ لأَنَّها موجودات نوريَّة حيَّة شاعرة ، من عوالم نوريَّة صاعدة ، فوق عَالَم العقل وعوالم طبقات حقائق ذوات البشر وأَرواحهم الصَّاعدة. لكن : هذا لا يعني تشطيب لدور العقل وإِقصائه ـ كيف وهو والُمخاطب الأَوَّل بالدِّين. فانظر : بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام : «لَـمَّا خَلَقَ اللّٰـهُ العقلَ اسْتَنْطَقَهُ ثُمَّ قال له: أَقْبِل ، فَأَقْبَل ، ثُمَّ قال له : أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ . ثُمَّ قال : وعِزَّتِي وجَلَالي ، مَا خَلَقْتُ خَلْقاً هو أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ ، ولا أَكْمَلْتُكَ إِلَّا فِيْمَنْ أُحِبُّ ، أَمَا إِنِّي إِيّاك آمُرُ، وإِيَّاكَ أَنْهىٰ ، وَإِيّاكَ أُعَاقِب ، وَإِيّاكَ أُثِيبُ»(2). 2ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... إِنَّ اللّٰـهَ عزَّوجلَّ خَلَقَ العقل ، وهو أَوَّلُ خَلْقٍ من الرُّوحَانِّيينَ عن يمين العرش من نورهِ ، فقال له : أَدْبِرْ ، فَأَدْبَرَ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : أَقْبِل ، فَأَقْبَل ، فقالَ اللّٰـه تبارَكَ وتعالىٰ : خَلَقْتُكَ خَلْقاً عَظِيماً ، وكرَّمْتُكَ على جميع خلقي ...»(3). ـ وإِنَّما يعني : عدم صحَّة استبداد العقل في إِقامة أَقيسة الاستدلال في أَبواب العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة وفروع الدِّين لاستكشاف الحقيقة ، فدين اللّٰـه وشرعه لا يُصَاب بانفراد وتفرُّد العقل. فلاحظ : بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن الحسن بن عَمَّار ، قال : «... قِيْلَ له : فهل يكتفي العباد بالعقل دون غيره؟ قال : إِنَّ العاقل لدلالة عقله الَّذي جعلهُ اللّٰـه قِوَامَهُ وزينته وهدايته ، عَلِمَ أَنَّ اللّٰـه هو الحقُّ ، وأَنَّه هو رَبُّهُ ، وعَلِمَ أَنَّ لخالقه مَحَبَّةً ، وأَنَّ له كراهية ، وَأَنَّ له طاعةً ، وأَنَّ له معصيةً ، فلم يجد عقلهُ يَدُلُّهُ على ذلك ، وَعَلِمَ أَنَّه لا يُوصَلُ إِليه إِلَّا بالعلم وطلبه ، وأَنَّه لا يَنْتَفِعُ بعقله إِنْ لم يُصِبْ ذلك بعلمه ، فوَجَب على العاقل طلب العلم والأَدَبِ الَّذي لا قوامَ له إِلَّا به»(4). 2ـ بيان الإِمام موسىٰ الكاظم عليه السلام : «... نَصْبُ الحقِّ لطاعة اللّٰـه ، ولا نجاة إِلَّا بالطَّاعة ، والطَّاعة بالعِلْم ، والعِلْمُ بالتَّعَلُّم ، والتَّعَلُّمُ بالعقل يُعْتَقَدُ ، ولا عِلْمَ إِلَّا من عَالِمٍ رَبَّانِيٍّ ، ومعرِفَةُ العلم بالعقل ...»(5). ودلالته ـ كدلالة سابقه ـ واضحة. وعلى هذا قس أَشباه ونظائر هذا البيان الوحيانيّ الشَّريف(6)، كبيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... والسُّنَّة إِذا قيست محق الدِّين»(7). ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 2 : 303/ح41. (2) أصول الكافي ، 1 : 11/ح1. (3) المصدر نفسه : 17/ح4. (4) أصول الكافي ، 1 : 22/ح34. (5) المصدر نفسه : 13/ح12. (6) المراد من البيان الوحياني : ما تقدَّم في صدر المبحث ، وهو : بيان الإِمام زين العابدين عليه السلام : «إِنَّ دين اللّٰـه لا يُصاب بالعقول ...». (7) وسائل الشيعة ، 29 : 352/ح1. الكافي ، 7 : 299/ح6
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (240) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (240) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التاسع و العشرون ، وكان تحت عنوان (دين اللَّه لا يُصَاب بعقول البشر) ، ولازال الكلام في تتمة بحثه التالي : وعلى هذا قس أَشباه ونظائر هذا البيان الوحيانيّ الشَّريف(1)، كبيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... والسُّنَّة إِذا قيست محق الدِّين»(2). ومن ثَمَّ إِذا أَراد أَصحاب جملة المدارس المعرفيَّة البشريَّة ـ فلاسفة أَو عرفاء كانوا أَم غيرهم ـ الوصول إِلى جواهر ودرر ولباب العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة بعقولهم وفلسفتهم وعرفانهم وما شاكلها بمنأىٰ عن بيانات الوحي فهذه حوالة على مُفلِّس ؛ ولن يصلوا أَبداً ، والواقع الخارجي يشهد عليهم ـ نتيجة هذا السلوك ـ بإخفاقات حصلت لهم في لبِّ لباب التَّوحيد فضلاً عن غيره ، ومن ثَمَّ وقعوا في شراك الشرك والكفر الخفي ، المشمول بقوله تعالىٰ : [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ] (3). نعم ، لا بأس بتجنيد جهود أَصحاب المدارس المعرفيَّة البشريَّة ونتاجاتهم لقراءة بيانات وعلوم ومعارف الوحي الإِلٰهيّ. ومنه يتَّضح : مدىٰ ضحالة ما يقوم به أَصحاب المذاهب والمدارس المعرفيَّة ؛ فإِنَّهم يأتون بأَقوالٍ وآراءٍ وفتاوىٰ علماء البشر لتوسعة أُفق البحث العقائدي والمعرفي ، ويعرضون عن ما يأتي به كُمَّل المخلوقات : رسل الغيب ورجالات الوحي ـ رأس هرمهم أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ـ ، فأَيُّ تعصُّبٍ أَعمىٰ هذا. بعد الاِلتفات : أَنَّ عقول كُمَّل المخلوقات فوق عقول سائرالبشر. فانظر : بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... ولا بَعَثَ اللّٰـهُ نبيّاً وَلَا رَسُولاً حتَّىٰ يستكمِل العقل ، ويكون عقلُهُ أَفضل مِنْ جميع عُقُول أُمَّتِهِ»(4). ثانياً : بيانه صلى الله عليه واله ، مُنْضَمّاً إِليه بيان الإِمام الصادق عليه السلام ، قال : «مَا كلَّمَ رسولُ اللّٰـه صلى الله عليه واله العِبَادَ بِكُنْه عَقْلِهِ قَطُّ». وقَالَ : قَالَ رسولُ اللّٰـهِ صلى الله عليه واله : «إِنَّا مَعَاشِرَ الأَنبياء أُمِرْنَا أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ على قَدْرِ عُقُولِـهِمْ»(5). ودلالتهما واضحة. إِذَنْ : الوحي لا يدعو إِلى عدم تحكيم العقل ، ولا يدعو إِلى قراءة الوحي بلغة حسيَّة أَو لغة عاطفيَّة ، وإِنَّما يدعو إِلى قراءة وفهم بيانات الوحي العقائديَّة والمعرفيَّة وقراءة سائر الحقائق بلغة وبراهين عقليَّة ، لكن من خلال الخوض في نتاج بحور بيانات الوحي الطمطامة غيرالمتناهية وهدايتها. ولَكَ أَنْ تقول : على الباحث والمُسْتَنْبِط للنتائج في أَبواب العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة كما يقرأ كلام علماء البشر بقراءة عقليَّة عميقة عليه أَنْ يقرأ أَيضاً كلام الوحي بقراءة عقليَّة عميقة ، ويكون التَّعامل على وفق قاعدة : «أُنظر إِلى ما قيل ولا تنظر إِلى مَنْ قال» ، وكما يعكف الباحث الدَّهر كُلّه على قراءة كلام فيلسوفٍ أَو عارفٍ بشريٍّ فليعكف أَيضاً الدَّهر كُلّه على قراءة بيانات الوحي. والغريب أَنَّ الكثير من الفلاسفة والعرفاء إِذا طُلب منهم ذلك أَجابوا: أَنَّ ذلك مسلكٌ أخباريٌّ حشويٌّ قشريٌّ ، لكن نقول له : مَنْ قال لكَ اِقرأ بيانات الوحي بقراءة حشويَّة قشريَّة ، ولا تغوص في أَعماق بحور معاني وحقائق كلمات الوحي ، بل عمدة التَّعَبُّد هو : «التَّعَقُّل» ، لكن برافد وعين الوحي النوريَّة. وهذه المُؤاخذة لا تُسجَّل على الفلاسفة والعرفاء حسب ، بل على كُلِّ مَنْ لم يجعل الأَربعة عشر معصوماً عليهم السلام هم المدار ، وهذا نحو صنميَّة تقف أَمام الوحي لتعطيله. / التَّنْبِيه الثلاثون: / / أَبواب المعارف الإِلهيَّة قائمة في الحقائق/ إِنَّ أَبواب المعارف الإِلٰهيَّة عبارة عن جرعات مُنَبِّهَة عن سكر المجاز ؛ والعَود إِلى الحقيقة ، فالتَّوسُّل والدُّعاء والطَّلَب والصَّلاة وما شاكلها من العبادات لا تدور ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) المراد من البيان الوحياني : ما تقدَّم في صدر مبحث الدرس السابق ، وهو : بيان الإِمام زين العابدين عليه السلام : «إِنَّ دين اللّٰـه لا يُصاب بالعقول ...». (2) وسائل الشيعة ، 29 : 352/ح1. الكافي ، 7 : 299/ح6. (3) يوسف : 106. (4) أُصول الكافي ، 1 : 12/ح11. (5) المصدر نفسه : 19/ح15
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (241) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (241) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثلاثون: / / أَبواب المعارف الإِلهيَّة قائمة في الحقائق/ إِنَّ أَبواب المعارف الإِلٰهيَّة عبارة عن جرعات مُنَبِّهَة عن سكر المجاز ؛ والعَود إِلى الحقيقة ، فالتَّوسُّل والدُّعاء والطَّلَب والصَّلاة وما شاكلها من العبادات لا تدور حقيقتها مدار الجوارح كاللسان ، بل مدار القلب وأَعماق الرُّوح والجوانح والجَنَان ، ومن ثَمَّ مَنْ يتوسَّل ويُصلِّي ويدعو ويتعبَّد وقلبه ساهٍ فليس بمتوسِّلٍ ولا مصلٍّ ولا داعٍ ولا مُتعبِّدٍ حقيقة ، بل مجازاً ، فإِنَّ حقيقة العبادة قائمة بالخضوع والخنوع القلبي ، وليس البدني . / التَّنْبِيه الحادي و الثلاثون: / / دور الاِصطلاحات في أَبحاث المعارف الإِلهيَّة / إِنَّ أَبواب المعارف الإِلٰهيَّة وبحوثها المعرفيَّة ليست قائمة على الاِصطلاحات بقدر ما هي قائمة على الحقائق وتُمَيِّزها عن غيرها. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (242) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (242) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الحادي و الثلاثون: / / دور الاِصطلاحات في أَبحاث المعارف الإِلهيَّة / إِنَّ أَبواب المعارف الإِلٰهيَّة وبحوثها المعرفيَّة ليست قائمة على الاِصطلاحات بقدر ما هي قائمة على الحقائق وتُمَيِّزها عن غيرها. نعم التَّعَرُّض إِلى المُصطلحات ضرورة لبيان المطالب ، وإِيصال معارف بيانات الوحي إِلى الطّبَقَة المُثقَّفة ، وأَوساط بيئيَّة بشريَّة لم تعتنق ديننا ومدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم. / التَّنْبِيه الثاني و الثلاثون: / ينبغي الاِلتفات : في البحوث المعرفيَّة وغيرها إِلى الأَمرين التَّاليين : الأَمْرُالأَوَّل : / خطورة التَّصَوُّر / إِ نَّ بداية كُلّ الاِنْزِلاقِات تنطلق من غفلة تصوُّريَّة ، فرغم سهولة التَّصَوُّر ، لكنَّه مُؤثِّر جِدّاً. الأَمْرُالثَّاني : / التَّصديقُ العفوي حالة مرضيَّة / إِ نَّ التَّصديق العفوي الاِستِرسالي : حالة مرضيَّة حَمُقَيَّة ؛ تُصيب الإِنسان كحال (الرِّيبة) ؛ فإِنَّها حالة أَيضاً مرضيَّة جهاليَّة حَمُقَيَّة تُصيب الإِنسان. والتَّكامل والاِسْتِقَامَة ، والحالة الصحيَّة تكمن في الفحص والسعي العلمي من دون توقُّف ؛ القائم على : «الأَمر بين الأَمرين». هذه هي حالة العلم ، وهو(1) منهج علميٌّ عقليٌّ فطريٌّ. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مرجع ضمير (هو) : الفحص والسعي العلمي من دون توقُّف ؛ القائم على : «الأَمر بين الأَمرين»
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (243) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (243) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّالث و الثلاثون: / / القوقعة على النتاج البشري حجبٌ لحقائق الوحي / هناك مُحورٌ مُهمٌّ يلزم تصحيحه في المعرفة والثقافة الإِسلاميَّة والإِيمانيَّة، حاصله : أَنَّ هناك أَبوباً معرفيَّةً إِلٰهيَّةً كثيرةً ، ثابتة في بيانات الوحي، عظيمة جِدّاً ، لا زالت إِلى الآن بكراً لم تُفتق ، ولم يُنقَّب ولم يُنجز فيها عملٌ، وسببه : تشاغل العلماء بالنتاج المعرفي البشري والقوقعة عليه ، وعدم السباحة في بحور حقائق الوحي الطَّمْطَامة الْمُتَلَاطِمَة غيرالمتناهية أَبد الآباد ودهر الدهور. / التَّنْبِيه الرَّابع و الثلاثون: / / التَّعَمُّق والتَّدقيق في المطالب مذمومٌ ومحمودٌ / إِنَّ ظاهرة مَنْ يهتم بالتَّفاصيل ويترك الأُسس والقواعد والأُصول ظاهرة خطيرة ، عبَّرَ عنها منطق بيانات أَهل البيت عليهم السلام بـ : «التَّعَمُّق والتَّدقيق الخاطئ والمذموم» ؛ فإِنَّ التَّعَمُّق والتَّدقيق على نحوين : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (244) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (244) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الرَّابع و الثلاثون: / / التَّعَمُّق والتَّدقيق في المطالب مذمومٌ ومحمودٌ / إِنَّ ظاهرة مَنْ يهتم بالتَّفاصيل ويترك الأُسس والقواعد والأُصول ظاهرة خطيرة ، عبَّرَ عنها منطق بيانات أَهل البيت عليهم السلام بـ : «التَّعَمُّق والتَّدقيق الخاطئ والمذموم» ؛ فإِنَّ التَّعَمُّق والتَّدقيق على نحوين : أَحدهما : إِيجابيٌّ ومحمودٌ ؛ ذلك إِنْ كان اِهْتِمَام الباحث بالأُسس والقواعد والأُصول كاِهْتِمَامه بالتَّفاصيل ، بل أَكثر. ثانيهما : خاطئ ومذموم ، وهو : ما تقدَّمت الإِشارة إِليه. وفي تسمية هذا النحو بـ : (التَّعَمُّق) مُسامحةٌ ظاهرة. والمراد منه : التَّركيز على التَّفاصيل، والغفلة أَو التَّغَافل عن الأُسس والقواعد والأُصول. وهذه الظَّاهرة ابْتُلِيَت بها التيَّارات المذهبيَّة والفكريَّة الإِسلاميَّة ؛ المنفصلة عن منهج مدرسة أَهل البيت عليهم السلام ، فضيَّعت الأُسس والقواعد والأُصول ، وركَّزت على التفاصيل ، ومن ثَمَّ لم يبقَ لديها من الإِسلام إِلَّا اسمه ورسمه واستقبال الكعبة. وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، الوارد في حقِّ المخالفين : «لا واللّٰـه ما هم على شيءٍ مِمَّا جاء به رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله إِلَّا استقبال الكعبة فقط»(1). ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 65 : 91/ح26. المحاسن : 156
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (245) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (245) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الخامس و الثلاثون: / / أَعظم الفواحش بث ثقافة التَّخاذل بين المؤمنين / إِنَّ ما ورد في بيان قوله تعالىٰ : [إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ] (1) قاعدة معرفيَّة شاملة بالإِضافة إِلى القضايا الأَخلاقيَّة والفجور شاملة أَيضاً لبثِّ روح وثقافة تخاذل المؤمنين ، ونشر ثقافة الإِياس والتَّقاعس ، وعدم الْإِحْسَاسِ بالمسؤوليَّة ، والنظرة السوداويَّة والتَّشاؤُمِيَّة بين المؤمنين ، وهذه من أَكبر وأَعظم الفواحش. ومن ثَمَّ يلزم على المؤمنين النَّظر إِلى مواقع القوَّة فيهم ؛ لِيُفَعِّلوها ويحتفظوا بها ، والنَّظر أَيضاً إِلى المواقع السَّلبيَّة فيهم لعلاجها. ويلزم عليهم أَيضاً تنبيه المؤمنين إِلى ذلك وتنبيههم إِلى ما يتمتَّعون به من نقاط القوَّة ، ومن إِمكانيَّات ، وكيفيَّة تفعيلها وتوظيفها واستثمارها. وهذه القضايا ليست أَموراً راجحةً شرعاً وعقلاً ومُستحبَّة ، أَو واجبة وجوباً كفائيّاً ، وإِنَّما واجبة على كُلِّ مُكلَّفٍ وجوباً عينيّاً. / التَّنْبِيه السَّادس و الثلاثون: / /خطورة الفرعونيَّة وما شاكلها لدى أَصحاب العلوم/ هناك ظواهر ومناهج خطيرة نراها في عَالَم السياسة وفي المجتمع وفي المذاهب والِملَل والنِّحَل ؛ موجودة أَيضاً بنفس تلك المناهج الخطيرة في العلم أَيضاً ، لكنَّها بشكلٍ أَشَدُّ وأخطر بمراتب. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) النور : 19
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (246) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (246) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السَّادس و الثلاثون: / /خطورة الفرعونيَّة وما شاكلها لدى أَصحاب العلوم/ هناك ظواهر ومناهج خطيرة نراها في عَالَم السياسة وفي المجتمع وفي الْمَذَاهِب والِملَل والنِّحَل ؛ موجودة أَيضاً بنفس تلك المناهج الخطيرة لَدَى أَصْحَابِ الْعُلُوم والْمَعَارِف أَيضاً ، لكنَّها بشكلٍ أَشَدُّ وأخطر بمراتب. وهذه قضيَّة مُهمَّة ومُؤثِّرة جِدّاً ، فمثلاً : الجبتيَّة وَالطَّاغُوتِيَّة والفرعونيَّة لَدَى أَصْحَابِ الْعُلُوم والْمَعَارِف أَخطر بمراتب من الجبتية وَالطَّاغُوتِيَّة والفرعونيَّة في عَالَم السياسة وفي المجتمع وفي الْمَذَاهِب والمِلَلِ والنِّحَلِ ، والنُمْرودِيَّة لَدَى أَصْحَابِ الْعُلُوم والْمَعَارِف أَخطر بمراتب أَيضاً من النُمْرودِيَّة في عَالَم السياسة وفي المجتمع وفي الْمَذَاهِب والمِلَل والنِّحَل ، والسقيفيَّة لَدَى أَصْحَابِ الْعُلُوم والْمَعَارِف أَخطر بمراتب أَيضاً من السقيفة في عَالَم السياسة وفي المجتمع وفي الْمَذَاهِب والمِلَل والنِّحَل ، والأَمويَّة لَدَى أَصْحَابِ الْعُلُوم والْمَعَارِف أَخطر بمراتب من الأَمويَّة في عَالَم السياسة وفي المجتمع وفي الْمَذَاهِب والمِلَل والنِّحَل، والعبَّاسيَّة لَدَى أَصْحَابِ الْعُلُوم والْمَعَارِف أَخطر بمراتب من العبَّاسيَّة في عَالَم السياسة وفي المجتمع وفي الْمَذَاهِب والمِلَل والنِّحَل ، والزَّيْدِيَّةُ لَدَى أَصْحَابِ الْعُلُوم والْمَعَارِف أَخطر بمراتب من الزَّيْدِيَّةُ في عَالَم السياسة وفي المجتمع وفي الْمَذَاهِب والمِلَل والنِّحَل ، والْجَاهِلِيَّة لَدَى أَصْحَابِ الْعُلُوم والْمَعَارِف أَخطر بمراتب من الْجَاهِلِيَّة في عَالَم السياسة وفي المجتمع وفي الْمَذَاهِب والمِلَل والنِّحَل. / التَّنْبِيه السَّابع و الثلاثون: / / قضيَّتان من القضايا الَّتي تميَّزت بهما مدرسة أَهل البيت عليهم السلام/ هناك قضيَّتان ترتبطان بحيويَّة مدرسة أَهل البيت عليهم السلام وفاعليَّتها وتنامي قدرات أَتباعها ، وبهما تميَّزت على جملة الْمَذَاهِب والمدارس ، بل دليل على إِعجازها ، وقد أَكَّدت عليهما بياناتهم صلوات اللّٰـه عليهم كثيراً ، ومن لم يلتفت إِلى نظام هاتين القضيَّتين وضوابطهما ومحاورهما ، أَو التفت لكن لم يراعها لم يتمكَّن من السير في ركاب هذه الحيويَّة ؛ والمسيرة العظيمة لهذه المدرسة الشَّريفة المُقدَّسة ، بل يزيغ به المسار والمسير لا محالة. إِحداهما : حفظ نظام مراتب الحُجَج. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (247) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (247) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السَّابع و الثلاثون: / / خطورة الورع والتَّقوى في أَبواب العلم والمعرفة / قد يكون الإِنسان ورعاً وتقيّاً في الأَعمال البدنيَّة ، لكنَّه غويٌّ ورديٌّ وهالكٌ ومرتطم في أَمواج الكفر والشرك والضلال والْاِنْحِرَاف في أَبواب العلم والمعرفة ، ومشمول بقوله تعالىٰ : [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ] (1). والورع والتَّقوىٰ في العمل العلمي والمعرفي أَشَدُّ وأَعظم مسؤوليَّة من الورع والتَّقوىٰ في العمل البدني. وإِلى هذا تشير بيانات الوحي ، منها : بيان تفسير الإِمام أَبي جعفر عليه السلام ، عن زيد الشحام : «في قول اللّٰـه : [فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ] (2). قال : قلتُ : ما طعامه؟ قال : علمه الَّذي يأخذه مِمَّن يأخذه»(3). ودلالته واضحة . ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) يوسف : 106. (2) عبس : 24. (3) بحار الأَنوار ، 2 : 96/ح38
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (248) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (248) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّامن و الثلاثون: / /للإِنسان كينونة في العوالم السَّابقة أَشَدُّ شاعريَّة من كينونته في هذه النَّشْأة/ / أَبدان الإِنسان في العوالم السَّابقة تختلف عن أَبدانه في هذه النَّشْأة/ الثَّابت في بيانات الوحي : أَنَّ الإِنسان مرَّ بعوالم ونَشَآت كثيرة سابقة قبل عَالَمنا ونَشْأتنا الأَرضيَّة هذه ، وعاش فيها بأَبدان عديدة غير بدنه الدُّنيوي الأَرضي الغليظ هذا ، وكانت له كينونة حيَّة بحياةٍ شاعرةٍ أَعظم من كينونته في عَالَم الدُّنيا وشؤونها. وهذه القضيَّة مع ثبوتها في بيانات الوحي لكن لم يستوعبها أَصحاب المدارس المعرفيَّة البشريَّة ـ كـ: المُتكلِّمين ، والعرفاء ، والصوفيَّة ، والمُفسِّرين، والفلاسفة بما فيهم المشَّاء والإِشراق القائلين بِقِدَم الرُّوح ؛ فإِنَّهم لا يقولون بـ : أَنَّ للرُّوح أَبدان سابقة ـ وغُيِّبت في ثقافاتهم. بعد الاِلتفات : أَنَّ ما رُسم من خريطةٍ معرفيَّةٍ في علم : الكلام والعرفان والتَّصَوُّف والتَّفسير والفلسفة بناء بشريٍّ ضئيل جِدّاً ، ومن ثَمَّ أَوَّلوا حقائق معرفيَّة وحيانيَّة دامغة ومهمة ومهولة وخطيرة جدا ، واردة في صريح بيانات الوحي الإِلٰهي ، وحملوها على معانيها المجازيَّة. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (249) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (249) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه التَّاسع و الثلاثون: / / قضيَّتان من القضايا الَّتي تميَّزت بهما مدرسة أَهل البيت عليهم السلام/ هناك قضيَّتان ترتبطان بحيويَّة مدرسة أَهل البيت عليهم السلام وفاعليَّتها وتنامي قدرات أَتباعها ، وبهما تميَّزت على جملة المذاهب والمدارس ، بل دليل على إِعجازها ، وقد أَكَّدت عليهما بياناتهم صلوات اللّٰـه عليهم كثيراً ، ومن لم يلتفت إِلى نظام هاتين القضيَّتين وضوابطهما ومحاورهما ، أَو التفت لكن لم يراعها لم يتمكَّن من السير في ركاب هذه الحيويَّة ؛ والمسيرة العظيمة لهذه المدرسة الشَّريفة المُقدَّسة ، بل يزيغ به المسار والمسير لا محالة. إِحداهما : حفظ نظام مراتب الحُجَج. وإِلى هذه القضيَّة أَشارت بيانات الوحي ، منها : بيان قوله جلَّ شأنه : [ِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ] (1). وعدم مراعاة المخلوق لهذه المراتب يوقعه لا محالة في الكفر الخفي ، شعر بذلك أَم لا. الأُخرىٰ : فتح باب الْاِجْتِهَاد ؛ بالموازين والضوابط العلميَّة ؛ من خلال مراعاة ضروريَّات وبديهيَّات العلوم الدِّينيَّة. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) البقرة : 253
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (250) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (250) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الْأَرْبَعُون: / / الفارق بين اِسْتِعْمَالَات فقه الشريعة وفقه الدِّين / إِنَّ اِسْتِعْمَالَات الوحي الواردة في أَبْوَابِ المعارف ليست على نسق اِسْتِعْمَالَاته في أَبْوَابِ الفروع ؛ لأَنَّ معاني الأَوَّل كمعارفه لا تختصُّ بالنشأة الأَرضيَّة ، بل شاملة لمطلق الْعَوَالِم والنَّشَآت. بخلاف الثاني ؛ فإِنَّه غالباً ما يختصُّ بهذه النَّشْأة الارضية. وهذا يرسم فارقاً مُهمّاً في الاِسْتِعْمَالَات اللُّغويَّة الواردة في بيانات الوحي بين فقه المعارف وفقه الفروع. وهذا مؤيِّد ومُؤكِّدة لصحَّة القاعدة اللُّغويَّة المختارة ـ ( خذ الغايات واترك المبادئ ) ـ ؛ لأنَّ أَبْوَاب المعارف ـ كهذه القاعدة ـ شاملة لمطلق الْعَوَالِم سواء كانت قبل هذه النشأة ـ كعَالَم : الذر والميثاق والأَظلَّة والأشباح ، والأَصلاب ، والأَرحام ـ أَم في هذه النشأة أَم بعدها ـ كعَالَم : البرزخ ، والرَّجعة ، والقيامة ، والآخرة الأَبديَّة ، وبعدها ـ . وعليه : لا بُدَّ من اِخْتِلَاَف ضوابط الاِسْتِعْمَالَات والظُّهورات في أَبْوَابِ المعارف عن ضوابطهما في أَبْوَابِ الفروع ؛ وذلك بحكم اِخْتِلَاَف موضوع البحث. لكن : هناك رهط من الأُمَّة ، ضرب الله بينهم وبين الحقِّ بسورٍ ظاهره الرَّحمة وباطنه العذاب ، لم يراعوا هذه الضابطة ؛ فوقعوا بين إفراط وتفريط. فمنهم مَنْ لم يُحَكِّم هذه القاعدة في أَبْوَابِ المعارف ، ومن ثَمَّ وسَّعَ حُكم الماديَّات والنشأة الأَرضيَّة إِلى العَالَم الرُّبُوبِيّ وعَالَم النُّور والملائكة. ومنهم ـ كبعض العرفاء والصوفيَّة وأَصحاب الفرق الباطنيَّة ـ حَكَّمَ العكس في فقه الفروع ، وقال: إِنَّه ناظر حصراً إِلى الباطن والنشأة الخفيَّة والغيبيَّة ، وليس بناظر إِلى المصاديق والنشأة الماديَّة. مثاله : ماهيَّة الصَّلاة وحقيقتها ؛ فإِنَّها ليست ما هو المعهود من أَجزاء وشرائط ، بل غايتها ، وهي : ذكر الله سبحانه وتعالى. وماهيَّة الصُّوم وحقيقته ؛ فإِنَّها ليست ما هو المعهود ، وإِنَّما : الإِعراض عمَّا عدا الله عَزَّ وَجَلَّ؛ وإِن أَرتكب الصائم المفطِّرات المعهودة . وماهيَّة الحَجِّ وحقيقته ؛ فإِنَّها ليست ما هو المعهود ، وإِنَّما : التوجُّه إِلى كعبة القلوب : ( الذَّات المقدَّسة ) وإِنْ لَمْ تُقصد الديار المُقدَّسة ؛ ولم يُؤتَ بأفعال الحجِّ خارجاً . وإِنَّ قوله تعالىٰ : [وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ](1) دليل على ذلك ؛ وأَنَّ غاية العبادة : ( اليقين ) ، فإذا حصل أَنتفت الغاية ، فلا عبادة . وهي كما ترى تخطب على نفسها ؛ بأَنَّ أَصحابها عملوا بالشُّبهات ، وساروا في الشَّهوات ، فخالفوا ما أَنجبته بيانات الوحي الشريف ، وطاهر كلماته ، منها : 1ـ بيان الإمام الصَّادق عليه السلام ، عن الهيثم التميميّ ، قال: « قال أَبو عبداللَّـه عليه السلام : يا هيثم التميميّ ، إِنَّ قوماً آمنوا بالظَّاهر وكفروا بالباطن فلم ينفعهم شيء ، وجاء قوم من بعدهم فآمنوا بالباطن وكفروا بالظَّاهر فلم ينفعهم ذلك شيئاً ، ولا إِيمان بظاهر إِلَّا بباطن ، ولا بباطن إِلَّا بظاهر »(2). 2ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن المفضَّل : « أَنَّه كَتَبَ إِلى أَبي عبد الله عليه السلام ، فجاءه هذا الجواب مِنْ أَبي عبد الله عليه السلام : ... كتبتَ تَذْكُر : أَنَّ قُوماً أَنَا أَعرفهم كان أَعجبك نحوهم وشأنهم ، وأَنَّكَ أُبْلِغْتَ عنهم أُموراً تُرْوَى عنهم كرهتها لهم ، ولَمْ تَرَ بهم إِلَّا طريقاً(3)حسناً وورعاً وتخشّعاً ، وبَلَغَكَ أَنَّهم يزعمون أَنَّ الدِّين إِنَّما هو معرفة الرِّجال ، ثُمَّ بعد ذلك إِذا عرفتهم فاعمل ما شئتَ ... وَذَكَرْتَ : أنَّه بلغكَ أَنَّهم يزعمون أَنَّ الصَّلاة والزَّكاة وصوم شهر رمضان والحجّ والعمرة والمسجد الحرام ، والبيت الحرام والمشعر الحرام والشهر الحرام هو رَجُل(4)، وأَنَّ الطهر والاِغتِسَال من الجنابة هو رَجُل ، وكلُّ فريضة افترضها الله على عباده هو رَجُل(5)، وأَنَّهم ذكروا ذلك بزعمهم : أَنَّ مَنْ عرف ذلك الرَّجُل فقد اكتفى بعلمه به من غير عمل ، وقد صَلَّـى وآتى الزَّكاة وصام وحجَّ واعتمر واغتسل من الجنابة وتطهَّر وعظَّم حرمات الله والشَّهر الحرام والمسجد الحرام(6)، وأَنَّهم ذكروا : أَنّ من عرف هذا بعينه وبحدِّه ، وثبت في قلبه جاز له أنْ يتهاون ، فليس له أَنْ يجتهد في العمل ، وزعموا أَنَّهم إِذا عرفوا ذلك الرَّجُل فقد قُبِلَت منهم هذه الحدود لوقتها وإِنْ لم يعملوا بها ... ويزعمون أَنَّ لهذا ظَهْرَاً وبَطْناً يعرفونه ، فالظَّاهر ما يتناهون عنه يأخذون به مدافعة عنهم ، والباطن هو الَّذي يطلبون ، وبه أُمروا بزعمهم ... وأَنا أُبيِّنه حتَّى لا تكون من ذلك في عمى ولا شُبْهَة ... أُخبرك أَنَّه مَنْ كان يدين بهذه الصِّفة الَّتي كَتَبْتَ تسألني عنها فهو مشرك بالله تباك وتعالى ، بيّن الشّرك لا شَكّ فيه ، وأُخبرك أَنَّ هذا القول كان من قوم سمعوا ما لم يعقلوه عن أَهله ، ولم يعطوا فَهْمَ ذلك ، ولم يعرفوا حدّ ما سمعوا ، فوضعوا حدود تلك الأَشياء مقايسة برأيهم ومنتهى عقولهم ، ولم يضعوها على حدود ما أُمروا كذباً وافتراء على الله ورسوله ، وجرأة على المعاصي ، فكفى بهذا لهم جهلاً ... ومَنْ أَطاع حرَّم الحرام ظاهره وباطنه ، ولا يكون تحريم الباطن واستحلال الظَّاهر ، إِنَّما حرَّم الظَّاهر بالباطن ، والباطن بالظَّاهر معاً جميعاً ، ولا يكون الأَصل والفروع وباطن الحرام حرام وظاهره حلال ، ولا يحرّم الباطن ويستحلّ الظَّاهر ، وكذلك لا يستقيم أَن يعرف صلاة الباطن ولا يعرف صلاة الظَّاهر ، ولا الزَّكاة ولا الصوم ولا الحجّ ولا العمرة ولا المسجد الحرام وجميع حرمات الله وشعائره وأَنْ يترك معرفة الباطن ؛ لأَنَّ باطنه ظهره ، ولا يستقيم إِنْ ترك واحدة منها إِذا كان الباطن حراماً خبيثاً فالظَّاهر منه إِنَّما يشبه الباطن ، فمن زعم أَنَّ ذلك إِنَّما هي المعرفة وأنَّه إذا عرف اكتفى بغير طاعة فقد كذب وأَشرك ذاك لم يعرف ولم يطع ، وإِنَّما قيل: « اعرف واعمل ما شئت من الخير » ... »(7). ودلالته ـ كدلالة سابقه ـ واضحة . وبالجملة : الظَّاهر في قاموس الدِّين يُسمَّى : شريعة ، فإذا لم يُتَّبع لم يلج المخلوق في الدِّين والباطن. وسبب هذا الِانْحِرَافَ : التَّطبيق الخاطئ لقاعدة : ( خذ الغايات واترك المبادئ ) في أَبْوَابِ فقه الفروع ؛ فإنَّ حقيقة هذه القاعدة تتوخَّى عدم حصر الوضع في المبادئ ، بل يشمل الغايات ، وليس معناها نسف المبادئ. إِذَنْ : على الباحث الاِلْتِفَات بدقَّة لموارد تطبيق هذه القاعدة. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات : 99 . (2) بصائر الدرجات ، 2 : 518/ح1896 ــ 5 . (3) خ . ل : (إِلَّا هدياً حسناً). (4) في المختصر : (هم رجال). (5) في المختصر : (فهي رجال). (6) في المختصر : (والمسجد الحرام ، والبيت الحرام). (7) بحار الأَنوار ، 24 : 286/ح1
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (251) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (251) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الْحادِي و الْأَرْبَعُون: / / لا تلازم في المعارف بين الحقيقة اللُّغويَّة والعقليَّة/ إِنَّه لا تلازم في أَبواب المعارف بين الحقيقة اللُّغويَّة والحقيقة العقليَّة ؛ فإِنَّ اللفظ إِنْ أُستُعْمِل في ما وضع له كان اِسْتِعْمَالاً حقيقياً لغة ، لكنَّه إِنْ أُسند المصداق والحال هذه إِلى غير ما هو له تكويناً كان مجازاً عقليّاً(1). وَمِنْ ثَمَّ تكون أَبواب المعارف غير قائمة على الحقائق اللُّغويَّة فحسب ، بل وعلى الحقيقة العقليَّة ، وهي الأَهمُّ. وهذا أَمر بالغ الخطورة والثَّمرة في أَبواب المعارف الدِّينيَّة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) المصاديق المستعملة في دار الدُّنيا دائماً مجازات عقليَّة وإِنْ لم تكن مجازات لُغويَّة
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (252) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (252) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّاني و الْأَرْبَعُون: / / السيادة في أَبواب المعارف للحقيقة العقليَّة/ إنَّ أَبواب المعارف غير قائمةٍ على المجهر الحسيِّ فحسب ، بل قائمة أَيضاً على المجهر العقلي ، والَّذي هو عين مُسَلَّحة ، تثقب وتتجاوز عوالم خطيرة ومهولة جِدّاً ، بل ينبغي أَن تسود فيها(1) لغة الحقيقة العقليَّة ؛ لأَنَّها أَوسع باعاً وأَخطر مدى من دون قياس من الحقيقة التَّكوينيَّة الخارجيَّة الحسيَّة. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مرجع الضمير : (أَبواب المعارف)
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (253) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (253) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّالث و الْأَرْبَعُون: / / الاِرتياض في اِقْتِنَاصِ غاية المعنى/ إنَّه ينبغي للباحث في أَبواب المعارف : تدريب وترويض فكره ـ من خلال الضوابط والموازين العلميَّة ـ على اِقْتِنَاصِ روح وغاية كلّ معنى يواجهه، وحينئذٍ تنفتق له أبواباً وأَسراراً مُهمَّة وخطيرة جِدّاً ؛ لأَنَّه كلَّمَا لطف حسِّ المخلوق وأَدْرَكَ روح المعنى وغايته وكمالاته كُلَّما قويت معرفته. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار.
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (254) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (254) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الرَّابع و الْأَرْبَعُون: / / الْاِعْتِبارُ وغفلة الحقيقة/ هناك مبحث لطالما أُكِّد عليه في أَبواب المعارف ، حاصله : « أَنَّ مصاديق المعاني الَّتي يتعاطاها أَهل الدُّنيا غالباً ما تكون اِعْتِبَارِيَّة ومجازيَّة ، ويعيشون حالة الغفلة عن الحقيقيَّة منها ، والحال أَنَّ عالم الاِعْتِبَارِ مهدٌ تربويٌّ تُستفاق من خلاله الحقائق ». فالملكيَّة وما شاكلها من أَبواب المعاملات ، بل عامَّة فقه الفروع والأَسماء والأَقوال والكلمات والأَدبيَّات الفقهيَّة والقانونيَّة ، بل وغيرها الَّتي يُتعاطى بها في عالم الدُّنيا أُمورٌ اِعْتِبَارِيَّة لما ورائها من حقائق. وخذ على ذلك المثال التَّالي : ( الرِّفْعَةُ) و ( العِزَّة ) ؛ فبحسب ما يتصوَّره ويتخيَّلَه أَرباب الهوى وأَبناء الدُّنيا : أَنَّهما يحصلا بكثرة : الأَولاد ، والأَتباع ، والأَموال ، والجاه ، والمظهر الخارجي الـمُمِيِّز. فلاحظ: ما أَشارت إِليه بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان قوله تعالى: [فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ](1). ثانياً : بيان قوله تقدَّس ذكره : [وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا](2). ومن ثَمَّ كان الظَّالم هو الأَعزُّ بحسب المحاسبات الدُّنيويَّة ؛ فيُحسب أَنَّ الرِّفْعَة والعزَّة تتمُّ من خلال : سفك الدِّماء وهتك الأَعراض ونهب الأَموال ، لكنَّ : واقعهما أَنَّهما : للَّـه ، ولرسوله صلى الله عليه واله ، ولسائر أهل البيت الأَطهار عليهم السلام. فانظر : ما أَشارت إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان قوله تعالى : [وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ](3). 2ـ بيان قوله جلَّ قدسه : [وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا](4). وبالجملة : المشهد الحقيقي الَّذي يعيشه البشر في عالم الدُّنيا عبارة عن مسرحيَّات تمثيليَّة لما وراء ذلك من حقائق ، وهذا أَحد تفاسير : أَوَّلاً : بيان قوله تعالى: [فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ](5). ثانياً : بيان قوله تقدَّس ذكره : [اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ](6). ثُمَّ إِنَّ لغة الْاِعْتِبار وإِنْ أُخذت في أَبواب فقه الفروع كطريق موصل للحقائق ، لكنَّها لم تُؤخذ كذلك في سائر أَبواب فقه المعارف والعقائد ، فإنَّ الحاكم فيها لغة الحقائق ، وهذه توصية وقاعدة مُهمَّة ، وقاموس وناموس مطَّرد، وأَصل أَصيل لا بُدَّ من ضرورة مراعاته ، لكنَّه يُغفل عنه عادةً ، ومِنْ ثَمَّ ورد بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : « النَّاس نيام فإِذا ماتوا انتبهوا »(7) ، فنفس ما يحسبه الإنسان يقظة في عالم الدُّنيا رقدة ونومة عميقة وسكرة عن الحقيقة ، نظيرها : رؤى المنامات ، فإنَّ صاحبها يأخذها حال نومه مأخذ الجدِّ والحقيقة ، فيُصيبه الجَذَل والبهجة ويبكي سروراً إِنْ كانت زاهرة ، ويصيبه السدم والوجل والوهل ، وترتعد فرائصه ويحصل له : البكاء والشهيق والزفير والحركات البدنيَّة إِن كانت سيِّئة ، غير أَنَّه سرعان ما تنكشف له الحقيقة بعد ما يستفيق ليجدها كرماد تذروه الرِّياح ، ليس لها عين ولا أَثر. فعلى اللبيب أَنْ يكن ذا عينين ، ويُشمِّر عن ساق الجدِّ والْاِجْتِهَاد ليتخلَّص من هذه الرَّقدة والسكرة ؛ ليفز بالحسنيين قبل الفوات. وهذا ما دعت إِليه بيانات الوحي ، منها : بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : « موتوا قبل أنْ تموتوا »(8). والتخلُّص من ذلك وإِنْ كانت فيه حزازة ومرارة لكنَّهما(9) حلم ، يجد لذَّته(10)بعد اِنْكِشَاف الحقيقة. فلاحظ : بيان سيِّد الشهداء عليه السلام : « ... الدُّنيا حلوها ومرّها حلمٌ والإِنْتِبَاه في الآخرة »(11)، فسفك الدِّماء في سبيل الله عَزَّ وَجَلَّ وإِن كانت فيه مرارة ، لكنَّه لِـمَنْ يستفيق يجده شهد المذاق ، وجراحات وسلاح الحديد برداً وسلاماً . ومن ثَمَّ ورد في بيان الدُّعاء في زيارة سيِّد الشهداء عليه السلام : « اللَّهُمَّ اجْعَلْ ما أَقُولُ بلساني حقيقته في قلبي وشريعته في عملي »(12). ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) القصص : 79. (2) الكهف : 34. (3) المُنَافِقُون : 8. (4) الفرقان : 27. (5) قٓ : 22. (6) الحديد : 20. (7) بحار الأَنوار ، 50 : 134 . (8) المصدر نفسه ، 69 : 59 . (9) مرجع الضمير : الـ (حزازة) والـ (مرارة). (10) مرجع الضمير : (التخلُّص). (11) بحار الأنوار ، 11 : 150 . (12) كامل الزيارات : 358/ح1
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (255) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (255) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الخامس و الْأَرْبَعُون: / / كميَّة تراث الوحي الواصلة إِلينا نَزُرٌ يسير/ هناك مادَّة ومعلومة رجاليَّة ، ومادَّة ومعلومة درائيَّة ضروريّة ونفيسة جِدّاً ؛ يلزم أَنْ تعيش في الذهن ، يُستفاد منها في مباحث رجاليَّة وحديثيَّة ودرائيَّة كثيرة جِدّاً ، ينبغي صرف النظر إِليها ، وعدم الغفلة أَو التَّغافل عنها ، حاصلها : أَنَّ مصادر تراث حديث مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الواصلة إِلينا في العصر الرَّاهن لا تُمثِّل كم التراث الحديثي الواصل في القرن الرابع(1)، بل ولا القرن الخامس(2)، أَو السَّادس(3) أَو السَّابع(4) أَو الثَّامن(5) أَو التَّاسع(6) أَو العاشر(7) أَو الحادي عشر(8)؛ فإِنَّ كميَّته الواصلة في هذه القرون أَوسع وأَكثر مِـمَّا وصل إِلينا في هذه العصر ، بل كلَّما تقدَّمت القرون ـ والعياذ باللّٰـه تعالىٰ ـ تآكل تُراث الحديث. والاِلْتِفَاتُ إلى هذه الظاهرة ينفع في أُمورٍ كثيرةٍ. وللتوضيح : لاحظ الأَمثلة التالية(10): الأَوَّل : كُتُب المقاتل ؛ فإِنَّ من يستقصي مِئات المصادر الرجاليَّة والحديثيَّة القديمة كـ : كتاب : (رجال الكشي) و(رجال النجاشي) و(فهرست الشَّيخ الطوسي) و(فهرست منتخب الدِّين ؛ لابن بابويه) فسيجد أَنَّ الفارق بين ما وصل إِلينا من مَقاتل وما وصل إِليهم شاسع جِدّاً. الثَّاني : كُتُب المزار ؛ فإِنَّ مَنْ يتتبَّع عنوان : (المزار) المسطور في كُتُب الرِّجَال والحديث وغيرها فسيجد أَنَّ الفارق بين ما وصل إِلينا من تصانيف وكُتُب المزار ، وما وصل إِلى المُتقدِّمين شاسع جِدّاً. وعلى هذا قس : كُتُب : (الأَدعية) و(التَّفسير) و(الحديث) وغيرها من كُتُب التراث الدِّيني. وعليه : كيف يحقُّ لمُحقِّقٍ أَو باحثٍ أَو ناقدٍ بناء استظهاراته وتساؤولاته وإِشكالاته على عدم معروفيَّة كتاب مُعيَّنٍ وصل إِلينا في العصر الراهن من كُتُب المَقاتل أَو كُتُب الزيارات أَو كُتُب الأَدعية ، وعدم معروفيَّة دعاء مُعيَّن وصل إِلينا ، أَو عدم معروفيَّة زيارة مُعيَّنة اِعْتِمَاداً على ما وصل إِلينا من مصادر كُتُب الأَدعية والمزارات. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) القرن الرَّابع الهجري قرن : ابن قولويه الابن أُستاذ الشَّيخ المفيد ، وقرن الشَّيخ الصدوق والمفيد. (2) القرن الخامس قرن : السيِّد المرتضىٰ ، والشَّيخ الطوسي. (3) القرن السَّادس قرن : ابن إِدريس الحلِّي ، وقطب الدِّين الراوندي ، والمشهدي ـ صاحب كتاب: (مزار المشهدي). (4) القرن السَّابع قرن : المحقِّق الحلِّي ، وابن طاووس. (5) القرن الثَّامن قرن : العلَّامة الحلِّي. (6) القرن التَّاسع قرن : فخر المحقِّقين ابن العلَّامة الحلِّي ، والشهيد الأَوَّل. (7) القرن العاشر قرن : الشَّهيد الثاني ، ووالد الشَّيخ البهائي. (8) القرن الحادي عشر قرن : المجلسيين ، والحرّ العاملي ، والسيِّد هاشم البحراني ، والفيض الكاشاني. (9) هذه الأَمثلة مُهمَّة جِدّاً
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (256) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ 256) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السَّادس و الْأَرْبَعُون: / / تطوُّر النظام السياسي بنموِّ العقل البشري/ مرَّ عقل الإِنسان وفكره وسلسلة مدارس البشر إِلى يومنا هذا ـ ولا زالت منذُ كانت البشريَّة تعيش في الكهوف ، ثُمَّ البداوة ، ثُمَّ العشيرة والقبيلة ، ثُمَّ الريف ، ثُمَّ المدينة ، ثُمَّ الأَمصار(1) ـ بتأريخ في تطوير النظام السياسي. إِذَنْ : مرَّت البشريَّة بسلسلة مدارس تطوَّر فيها العقل البشري إِلى أَنْ وصل إلى صياغات وآليَّات عديدة ؛ نبذ فيها البشر الاِسْتِبْدَاد والتَّعَجْرُف ـ والَّذي رُبَما يُسَمَّىٰ بـ : (الدِّيكْتَاتُورِيَّة) ونظام حاكميَّة الفرد ، وهو نوع من العدالة السياسيَّة والعدالة الحقوقيَّة ـ وحاول تخطِّي الاِسْتِبْدَاد الفردي إِلى الاِسْتِبْدَاد : الحزبي والقومي والعنصري والعرقي والشعوبي ، لكن جميع ذلك خطوط وأَلوان من الاِسْتِبْدَاد مرَّت عبر الأَجيال والحضارات ؛ ترقَّىٰ عنها العقل البشري وتجاوزها في العصر الرَّاهن. إِذَنْ : تخطَّىٰ العقل البشري عقبات من الاِسْتِبْدَاد ، ووصل إِلى مرحلة كُلَّما كانت مشاركة المجتمع والمجموع أَكثر كُلَّما كانت الرقابة ؛ وكان العدل والعدالة والحريَّة ؛ وعدم التفرُّد وعدم الاِسْتِبْدَاد مُتحقِّقاً أَكثر. إِنْ قُلْتَ : على هذا كيف تؤمن مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم بحكومة الفرد المعصوم ؛ فإِنَّه نحو دِيكْتَاتُورِيَّة واِسْتِبْدَاد فردي. قلتُ : هذا قياس مع الفارق ؛ فإِنَّ مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم تؤمن بالمشاركة للجميع والمجموع في كُلِّ طبقات المجتمع ، ودور المعصوم عليه السلام دورٌ ضروريٌّ ، وقطب مُنَسِّق ومُحرِّك في النُّظم والإِدارة والتَّدبير. بخلاف الدِّيكْتَاتُورِيَّة فإِنَّها تعني : إِعاقة حصول الجميع على الفُرص المُستحقَّة ليصلوا إِلى التنامي العام . بعد الْاِلْتِفَات : أَنَّ الإِعاقة الفكريَّة والرُّوحيَّة أَخطر من دون قياس من الإِعاقة البدنيَّة ؛ لأَنَّ الإِعاقة البدنيَّة لا تُعيق المخلوق عن التكامل ، بخلاف الإِعاقة الفكريَّة والرُّوحيَّة ؛ فإِنَّها تُعيقه عن التكامل ، بل قد يحصل من صاحبها دماراً للبشريَّة ، ودور المعصوم عليه السلام يجعل الفرص مُتاحة في كُلِّ الجوانب والمجالات ، فلا تُعيق شريحة من المجتمع شريحة أُخرىٰ ، سوآء أَكان في الجانب الْاِقْتِصَادِي أَو الْاِجْتِمَاعِيّ أَو الحقوقي أَو الرُّوحي أَو التعليمي أَو التنموي أَو غيرها. وبعبارة أُخرىٰ : أَنَّه لا بُدَّ لحركة البشر من لولبٍ في هندسة : النظام المروي ، ونظام الشبكة المائيَّة ، ونظام الشبكة الكهربائيَّة ، ونظام الشبكة الزراعيَّة ، ونظام الشبكة الْاِقْتِصَادِيَّة ، ونظام الشبكة التجاريَّة ، وهلمَّ جرّاً؛ مُنسِّق وقُطب رحىٰ يُسبِّب اِنسيابيَّة جميع الأَطراف. هكذا حال دور الإِمام عليه السلام في اِنسيابيَّة الدولة الْإلَهِيَّة وإدارتها؛ ببركة ما مُتِّع به من العِلْم اللَّدُنِّيّ ؛ وسائر الآليَّات والمقامات والفضائل والكمالات الْإلَهِيَّة ، بخلاف سائرالبشر ؛ فإِنَّهم لَـمَّا لم يتمتَّعوا بذلك العِلْم اللَّدُنِّيّ وبسائر الآليَّات والمقامات والفضائل والكمالات الْإلَهِيَّة عجزوا عن القيام بدور المعصوم تنظيراً فضلاً عن التطبيق ، ومن ثُمَّ كُلَّما أَتوا بنظامٍ لإِدارة الدولة أَو النظام(2) السياسي أَو النظام الْاِقْتِصَادِي وما شاكلها تجده سرعان ما تتكشَّر ثغراته ونواقصه وتناقضاته وينهار. / رجوع إِلى صلب الموضوع/ إِذَنْ : حصل لدىٰ العقل البشري نوع تنمويَّة في الإِدارة والتدبير ، بعد الْاِلْتِفَات : أَنَّه كُلَّما تكاملت البشريَّة كُلَّما تعقَّدت ثقافتها : الأَمنيَّة والعسكريَّة والسياسيَّة والْاِقْتِصَادِيَّة والصحيَّة والمروريَّة وهلمَّ جرّاً ، وصعب : نظمها وتدبيرها وإِدارتها. وهذا برهانٌ عقليٌّ دالٌّ على علوِّ سُؤدد سيِّد الأَنبياء وسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، وتقدُّمهم على جملة سائركُمَّل المخلوقات ؛ فإِنَّ العقل البشري بعدما كان في دوامة التنامي والتكامل غيرالمتناهي كان يتعطَّش دائماً ويطلب مُعَلِّماً أَكبر وأَعظم : شأناً ومقاماً ؛ ورفعةً وفضلًا وكمالًا. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الأَمصار جمع : مصر ، ومعناه : البلد المشتمل على المدن والأَرياف. (2) هذا وما بعده عطف على كلمة : (الدولة) ، فتكون العبارة كالتالي : «ومن ثَمَّ كُلَّما أَتوا بنظام لإِدارة الدولة ، أَو أَتوا بنظام لإِدارة النظام السياسي ، أَو أَتوا بنظام لإِدارة النظام الْاِقْتِصَادِي ...»
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (257) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ ( 257) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، لازال البحث في التَّنْبِيه السَّادس و الْأَرْبَعُون ، وكان تحت عنوان : « تطوُّر النظام السياسي بنموِّ العقل البشري » ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : / رجوع إِلى صلب الموضوع/ إِذَنْ : حصل لَدَى العقل البشري نوع تنمويَّة في الإِدارة والتدبير ، بعد الْاِلْتِفَات : أَنَّه كُلَّما تكاملت البشريَّة كُلَّما تعقَّدت ثقافتها : الأَمنيَّة والعسكريَّة والسياسيَّة والْاِقْتِصَادِيَّة والصحيَّة والمروريَّة وهلمَّ جرّاً ، وصعب : نظمها وتدبيرها وإِدارتها. وهذا برهانٌ عقليٌّ دالٌّ على علوِّ سُؤدد سيِّد الأَنبياء وسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، وتقدُّمهم على جملة سائر كُمَّل المخلوقات ؛ فإِنَّ العقل البشري بعدما كان في دوامة التنامي والتكامل غيرالمتناهي كان يتعطَّش دائماً ويطلب مُعَلِّماً أَكبر وأَعظم : شأناً ومقاماً ؛ ورفعةً وفضلًا وكمالًا. ومنه يتَّضح : عدم غرابة القول بتقدُّم شؤون وأَدوار ومسؤوليَّات ومقامات وفضائل وكمالات : آباء وأَجداد سيِّد الأَنبياء وأَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آلهما من أَصحاب الدائرة الاِصْطِفائيَّة الثانية ، كـ : (عبداللّٰـه ، وأَبي طالب ، وعبدالمطَّلب ، وهاشم ، وعبد مناف عليهم السلام) على جملة من تقدَّمهم من كُمَّل المخلوقات ، منهم : سائر أَنبياء أُولي العزم ـ كالنَّبيِّ إِبراهيم ـ عليهم السلام ؛ لأَنَّ مسؤوليَّة اللَّاحق تكون أَعظم وأَخطر وأَعقد ، فالمجتمع البشري صار في زمان آباء وأَجداد سيِّد الأَنبياء وأَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آلهما : أَعقد إِدارة وتدبيراً وصلاحاً من أَزمنة سائر جملة الأَنبياء والرُّسل السَّابقين ـ كالنَّبيِّ : إِبراهيم وموسىٰ وعيسىٰ ـ عليهم السلام ؛ فتكون مقامات وشؤون ومسؤوليَّات المدير والمُدبِّر لشؤون هذه الأَعْصار المتأخِّرة أَرفع وأَعظم خطراً. إِنْ قلتَ : إِنَّه على هذا الأَساس يلزم أَنْ يكون الإِمام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه ومقامه ودوره ومسؤوليَّاته وشؤونه وفضائله وكمالاته اَرفع وأَعظم خطراً من مقامات وأَدوار ومسؤوليَّات وشؤون وفضائل وكمالات سيِّد الأَنبياء وسائر أَصحاب الكساء صلوات اللّٰـه عليهم ؛ لأَنَّ المجتمع البشري في زمان إِمامته عجل الله تعالى فرجه تطوَّر عمَّا كان في تلك الأَزمنة ، وتعقَّدت إِدارته ومسؤوليَّاته ، وتعقَّد صلاحه ، لكنَّه مخالف للضَّرورة الدينيَّة ، فإِذا بطل هذا اللازم فالملزوم(1) مثله. قلت : صحيح : أَنَّ إِدارة المجتمع وإِصلاحه قد تعقَّد أَكثر مِـمَّا كان في زمان سيِّد الأَنبياء وسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، لكنَّ الثابت في عقيدتنا نحن الإِماميَّة ؛ وما دلَّت عليه بيانات القرآن الكريم وروايات الفريقين المتواترة ، منها : بيان قوله تعالىٰ : [وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ](2): أَنَّ المخلوق الأَوَّل والرئيس الَّذي يتولَّىٰ إِدارة الأُمور في هذا الزمان ، بل وفي كُلِّ زمان : سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، ووزرائه : أَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت منهم : الإِمام الثَّاني عشر صلوات اللّٰـه عليهم ؛ ضمن نظام واحد للدولة الإِلٰهيَّة العظيمة ، لا يحجزهم فاصِل عَالَم البرزخ وغيره عن أَداء مسؤوليَّاتهم ؛ وإِدارة شؤون هذه النشأة الأَرضيَّة على مرِّ الدهور والأَزمان. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله منضمّاً إِليه بيان أَمير المؤمنين عليه السلام ـ المُتَقدِّم ـ : «... أَيُّهَا اَلنَّاسُ ، خُذُوهَا عَنْ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ صلى الله عليه واله : «إِنَّهُ يَمُوتُ مَنْ مَاتَ مِنَّا وَلَيْسَ بِمَيِّتٍ ، وَيَبْلَى مَنْ بَلِيَ مِنَّا وَلَيْسَ بِبَالٍ» ، فَلاَ تَقُولُوا بِمَا لاَ تَعْرِفُونَ ، فَإِنَّ أَكْثَرَ اَلْـحَقِّ فِيمَا تُنْكِرُونَ ...»(3). ودلالته قد اِتَّضَحْت ؛ فإِنَّ معنى هذا البيان الشريف وأَشْبَاهه ونَظَائِره ليس ما فهمه بعض العرفاء والصُّوفِيَّة من أَنَّ اَهْلَ الْبَيْتِ صلوات الله عليهم لم يموتوا ولم يدفنوا ، بل معناه : أَنَّهُمْ صلوات الله عليهم ماتوا ودفنوا لكنهم بعد الموت وانتقالهم الى عالم البرزخ لم تمت ارتباطاتهم وتصرفاتهم في عالمنا الارضي هذا ، فيتصرفون صلوات الله عليهم في هذه النشاة الارضية ويديرون ويدبرون احوال وشؤون مخلوقاتها بابدانهم صلوات الله عليهم البرزخية كتصرفهم وادارتهم وتدبيرهم لاحوالها وشؤونها قبل موتهم صلوات الله عليهم وتبقى ارتباطاتهم بهذه النشاة الارضية على حالها من دون اي تغير واختلاف . وبهذا البدن البرزخي يَتَّصِل المعصوم منهم وهم في عالم البرزخ بالإمَامِ الحي ؛ كالإمَامِ الْحُجَّة ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه . ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) المراد من الملزوم : (أَنَّ آباء وأَجداد سيِّد الأَنبياء وأَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آلهما أَفضل شأناً وأَعلىٰ وأَعظم وأَخطر أَدواراً ومسؤوليَّات ومقامات وفضائل وكمالات إِلٰهيَّة مِنْ جميع مَنْ تقدَّمهم من جملة كُمَّل المخلوقات ، كسائر أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام ؛ لأَنَّ مسؤوليَّاتهم صلوات اللّٰـه عليهم كانت أَعظم وأَخطر وأَعقد من مسؤوليَّات من تقدَّمهم). (2) التوبة : 105. (3) نهج البلاغة / خ86 : 143
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (258) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ ( 258) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، لازال البحث في التَّنْبِيه السَّادس و الْأَرْبَعُون ، وكان تحت عنوان : « تطوُّر النظام السياسي بنموِّ العقل البشري » ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : ومنه يتَّضح : عدم غرابة القول بتقدُّم شؤون وأَدوار ومسؤوليَّات ومقامات وفضائل وكمالات : آباء وأَجداد سيِّد الأَنبياء وأَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آلهما من أَصحاب الدائرة الاِصْطِفائيَّة الثانية ، كـ : (عبداللّٰـه ، وأَبي طالب ، وعبدالمطَّلب ، وهاشم ، وعبد مناف عليهم السلام) على جملة مَنْ تقدَّمهم من كُمَّل المخلوقات ، منهم : سائر أَنبياء أُولي العزم ـ كالنَّبيِّ إِبراهيم ـ عليهم السلام ؛ لأَنَّ مسؤوليَّة اللَّاحق تكون أَعظم وأَخطر وأَعقد ، فالمجتمع البشري صار في زمان آباء وأَجداد سيِّد الأَنبياء وأَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آلهما : أَعقد إِدارة وتدبيراً وصلاحاً من أَزمنة سائر جملة الأَنبياء والرُّسل السَّابقين ـ كالنَّبيِّ : إِبراهيم وموسىٰ وعيسىٰ ـ عليهم السلام ؛ فتكون مقامات وشؤون ومسؤوليَّات المدير والمُدبِّر لشؤون هذه الأَعصار المتأخِّرة أَرفع وأَعظم خطراً. إِنْ قلتَ : إِنَّه على هذا الأَساس يلزم أَنْ يكون الإِمام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه ومقامه ودوره ومسؤوليَّاته وشؤونه وفضائله وكمالاته اَرفع وأَعظم خطراً من مقامات وأَدوار ومسؤوليَّات وشؤون وفضائل وكمالات سيِّد الأَنبياء وسائر أَصحاب الكساء صلوات اللّٰـه عليهم ؛ لأَنَّ المجتمع البشري في زمان إِمامته عجل الله تعالى فرجه تطوَّر عمَّا كان في تلك الأَزمنة ، وتعقَّدت إِدارته ومسؤوليَّاته ، وتعقَّد صلاحه ، لكنَّه مخالف للضَّرورة الدينيَّة ، فإِذا بطل هذا اللازم فالملزوم(1) مثله. قلت : صحيح : أَنَّ إِدارة المجتمع وإِصلاحه قد تعقَّد أَكثر مِـمَّا كان في زمان سيِّد الأَنبياء وسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، لكنَّ الثابت في عقيدتنا نحن الإِماميَّة ؛ وما دلَّت عليه بيانات القرآن الكريم وروايات الفريقين المتواترة ، منها : بيان قوله تعالىٰ : [وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ](2): أَنَّ المخلوق الأَوَّل والرئيس الَّذي يتولَّىٰ إِدارة الأُمور في هذا الزمان ، بل وفي كُلِّ زمان : سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، ووزرائه : أَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت منهم : الإِمام الثَّاني عشر صلوات اللّٰـه عليهم ؛ ضمن نظام واحد للدولة الإِلٰهيَّة العظيمة ، لا يحجزهم فاصِل عَالَم البرزخ وغيره عن أَداء مسؤوليَّاتهم ؛ وإِدارة شؤون هذه النشأة الأَرضيَّة على مرِّ الدهور والأَزمان. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله منضمّاً إِليه بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... أَيُّهَا اَلنَّاسُ ، خُذُوهَا عَنْ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ صلى الله عليه واله : «إِنَّهُ يَمُوتُ مَنْ مَاتَ مِنَّا وَلَيْسَ بِمَيِّتٍ ، وَيَبْلَى مَنْ بَلِيَ مِنَّا وَلَيْسَ بِبَالٍ» ، فَلاَ تَقُولُوا بِمَا لاَ تَعْرِفُونَ ، فَإِنَّ أَكْثَرَ اَلْـحَقِّ فِيمَا تُنْكِرُونَ ...»(3). ودلالته قد اِتَّضَحْت ؛ فإِنَّ معنى هذا البيان الشريف وأَشْبَاهه ونَظَائِره ليس ما فهمه بعض العرفاء والصُّوفِيَّة من أَنَّ اَهْلَ الْبَيْتِ صلوات الله عليهم لم يموتوا ولم يدفنوا ، بل معناه : أَنَّهُمْ صلوات الله عليهم ماتوا ودفنوا لكنهم بعد الموت وانتقالهم الى عالم البرزخ لم تمت ارتباطاتهم وتصرفاتهم في عالمنا الارضي هذا ، فيَتَصَرَّفُون صلوات الله عليهم في هذه النشاة الأَرْضِيَّة ويديرون ويدبرون احوال وشؤون مخلوقاتها بابدانهم صلوات الله عليهم البرزخية كتصرفهم وادارتهم وتدبيرهم لاحوالها وشؤونها قبل موتهم صلوات الله عليهم ؛وتبقى ارتباطاتهم بهذه النشاة الأَرْضِيَّة على حالها من دون اي تغير واختلاف . وبهذا البدن البرزخي يَتَّصِل المعصوم منهم وهم في عالم البرزخ بالإمَامِ الحي ؛ كالإمَامِ الْحُجَّة ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه . 2ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... إِنَّ مَيِّتنا لم يمت ، وغائبنا لم يغب ، وإِنَّ قتلانا لن يُقتلوا ...»(4). 3ـ ما حصل لسماعة مع الإِمام الصَّادق عليه السلام ، قال : «دخلتُ على أَبي عبداللّٰـه عليه السلام وأَنا أُحدِّث نفسي ، فرآني فقال : مالك تُحدِّث نفسكَ ؟ تشتهي أَنْ ترىٰ أَبا جعفر ؟ قلتُ : نعم ، قال : قم فادخل البيت . فدخلتُ فإِذا هو أَبو جعفر عليه السلام . قال : أَتىٰ قوم من الشيعة الحسن بن عَلِيّ عليهما السلام بعد قتل أَمير المؤمنين عليه السلام فسألوه فقال : تعرفون أَمير المؤمنين إِذا رأيتموه ؟ قالوا : نعم . قال : فارفعوا الستر ، فعرفوه فإذا هم بأَمير المؤمنين عليه السلام لا ينكرونه ، وقال أَمير المؤمنين : يموتُ مَنْ مات منَّا وليس بمَيِّت ، ويبقىٰ من بقي مِنَّا حُجَّة عليكم»(5). 4ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، قال : «إِنَّ أَمير المؤمنين عليه السلام أَتَىٰ أَبا بكر فقال له : أَما أَمركَ رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله أَنْ تطيعني؟ فقال : لا ، ولو أَمرني لفعلتُ . قال : فانْطَلِق بنا إِلى مسجد قبا ؛ فإذا رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله يُصَلِّي ، فلَمَّا انصرف قال عَلِيّ عليه السلام: يا رسول اللّٰـه ، إِنِّي قلت لأَبي بكر : أَمركَ اللّٰـه ورسوله أَنْ تطيعني ، فقال : لا. فقال رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله : قد أَمرتُكَ فأطعه . قال : فخرج فلقي عمر وهو ذعر فقال له : مالك ؟ فقال : قال لي رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله : كذا وكذا. فقال عمر : تبّاً لأُمَّةٍ ولَّوكَ أَمرَهم ، أَمَا تعرف سحر بني هاشم؟!»(6). 5ـ بيان الإِمام الكاظم عليه السلام ، قال : «خرجتُ مع أَبي إِلى بعض أَمواله ، فلَمَّا برزنا إِلى الصَّحراء استقبله شيخ أَبيض الرأس واللِّحْيَةِ ، فسلَّم عليه فنزل إِليه أَبي ، جعلتُ أسمعه يقول له : جُعِلْتُ فداك ، ثُمَّ جلسا فتساءلا طويلاً ، ثُمَّ قام الشَّيخ وانصرف وودَّع أَبي ، وقام ينظر في قفاه حتَّىٰ توارىٰ عنه ، فقلتُ لأَبي : مَنْ هذا الشَّيخ الَّذي سمعتكَ تقول له ما لم تقله لأَحدٍ ؟ قال : هذا أَبي»(7). 6ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن إِبراهيم بن أَبي البلاد ، قال : «قلتُ لأَبي الحسن الرضا عليه السلام: حدَّثني عبد الكريم بن حسَّان ، عن عبيدة بن عبد اللّٰـه بن بشر(8) الخثعميّ ،عن أَبيك أَنَّه قال : كُنتُ ردف أَبي وهو يريد العريض ، قال: فلقيه شيخ أَبيض الرَّأس واللِّحْيَةِ يمشي ، قال : فنزل إِليه فقبَّل بين عينيه . فقال إِبراهيم : ولا أَعلمه إِلَّا أَنَّه قَبَّلَ يده ، ثُمَّ جعل يقول له : جُعِلْتُ فداك ، والشَّيخ يوصيه ، قال : وقام أَبي حتَّىٰ توارىٰ الشَّيخ ثُمَّ ركب ، فقلتُ : يا أبه ، مَنْ هذا الَّذي صنعت به ما لم أَركَ صنعته بأحد ؟ قال : هذا أَبي يا بنيّ»(9). 7ـ ما حصل لسماعة مع الإِمام أَبي الحسن عليه السلام ، قال : «كُنْتُ عند أَبي الحسن عليه السلام فأطلت الجلوس عنده ، فقال : أَتحب أَنْ ترىٰ أَبا عبداللّٰـه عليه السلام ؟ فقال : وددتُ واللّٰـه . فقال: قم وادخل ذلك البيت . فدخلتُ البيت فإذا أَبو عبداللّٰـه عليه السلام قاعد»(10). 8ـ بيان الإِمام الرضا عليه السلام ، عن الحسن الوشاء ، قال : «قال لي اِبْتِدَاءً : إِنَّ أَبي كان عندي البارحة ، قلتُ : أبوك ؟ قال : أَبي ، قلتُ : أَبوك ؟ قال : أَبي ، قلتُ : أَبوك ؟ قال : في المنام ، إِنَّ جعفراً عليه السلام كان يجيئ إِلى أَبي فيقول : يا بنيَّ اِفْعَل كذا ، يا بنيَّ اِفْعَل كذا يا بنيّ اِفْعَل كذا. قال : فدخلتُ عليه بعد ذلك فقال لي : يا حسن ، إِنَّ منامنا ويقظتنا واحدة»(11). 9ـ بيان زيارة أَمير المؤمنين عليه السلام : «... بأَبي أَنتَ وأُمِّي يا أَمير المؤمنين ، أَشهدُ أَنَّك تراني وتبصرني وتعرف كلامي وتجيبني ، وتعرف ما يجنَّه قلبي وضميري ...»(12). ودلالة الجميع واضحة. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) المراد من الملزوم : (أَنَّ آباء وأَجداد سيِّد الأَنبياء وأَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آلهما أَفضل شأناً وأَعلىٰ وأَعظم وأَخطر أَدواراً ومسؤوليَّات ومقامات وفضائل وكمالات إِلٰهيَّة مِنْ جميع مَنْ تقدَّمهم من جملة كُمَّل المخلوقات ، كسائر أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام ؛ لأَنَّ مسؤوليَّاتهم صلوات اللّٰـه عليهم كانت أَعظم وأَخطر وأَعقد من مسؤوليَّات من تقدَّمهم). (2) التوبة : 105. (3) نهج البلاغة / خ86 : 143. (4) بحار الأَنوار ، 26 : 6/ح1. (5) بحار الأَنوار ، 27 : 303 ـ 304/ح4. بصائر الدرجات : 78. (6) المصدر نفسه/ح6. بصائر الدرجات : 78. (7) بحار الأَنوار ، 27 : 305/ح8. بصائر الدرجات : 80 ـ 81. (8) في المصدر : (بشير). (9) بحار الأَنوار ، 27 : 303/ح3. بصائر الدرجات : 78. (10) بحار الأَنوار ، 27 : 304/ح5. بصائر الدرجات : 78. (11) بحار الأَنوار ، 27 : 302/ح1. قرب الإِسناد : 151 ـ 152. (12) بحار الأَنوار ، 97 : 351/ح34. المزار الكبير : 97 ـ 101
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (259) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ ( 259) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السَّابع و الْأَرْبَعُون: / / الاستلزام بين معرفة التَّوحيد والنُّبوَّة والإِمامة/ إِنَّ ما ورد في بيان دعاء الإِمام الصادق صلوات اللّٰـه عليه : « اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسكَ ، فإِنَّكَ إِنْ لم تعرِّفني نفسكَ لم أَعرف نبيّكَ ، اللَّهُمَّ عرِّفني رسولكَ ؛ فإِنَّكَ إِنْ لم تعرِّفني رسولكَ لم أَعرف حُجَّتكَ ، اللَّهُمَّ عرِّفني حُجَّتكَ ؛ فإِنَّكَ إِنْ لم تُعَرِّفني حُجَّتكَ ضللتُ عن ديني»(1) برهان وحيانيٌّ دالٌّ على أَنَّ أَيَّ خللٍ في معرفة التَّوحيد سيؤدِّي لا محالة إِلى خللٍ في معرفة النُّبوَّة ؛ وخللٍ في معرفة حقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، وأَيّ خللٍ في معرفة النُّبوَّة ؛ وحقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله سيُؤدِّي لا محالة إِلى خللٍ في معرفة حقيقة الإِمام والإِمامة الإِلٰهيَّة ؛ وحقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، وأَيُّ خللٍ في معرفة الإِمام والإِمامة الإِلٰهيَّة ؛ وحقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم سيُؤدِّي لا محالة إِلى خللٍ في المنظومة المعرفيَّة والعقائديَّة والوقوع في الضَّلاَلِ والزَّيْغِ والْاِنْحِرَافِ. ولازمه : أَنَّه كُلَّما اِزْدَادَت معرفة المخلوق بالتوحيد اِزْدَادَت معرفته بالنُّبوَّة وبحقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، وكلَّما اِزْدَادَت معرفته بالنُّبوَّة وبحقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله اِزْدَادَت معرفته بالإِمام ؛ وبالإِمامة الإِلٰهيَّة ؛ وبحقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، وكُلَّما اِزْدَادَت معرفته بالإِمام وبالإِمامة الإِلٰهيَّة وبحقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم كُلَّما حصَّنَ نفسه عن الوقوع في الضَّلاَلِ والزَّيْغِ والْاِنْحِرَافِ . ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 52 : 146 ـ 147/ح70. كمال الدين ، 2 : 12. الكافي ، 1 : 337 ـ 342. غيبة النعماني : 86 و87. غيبة الشَّيخ : 217
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (260) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ ( 260) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّامن و الْأَرْبَعُون: / / اِنْبِثَاق شؤون المخلوق من السَّاحة الإِلهيَّة / إِنَّه يتَّضح مِـمَّا تقدَّم : ما هو ثابت منطقيّاً وعقليّاً ، بل ومن ثوابت وقوانين وقواعد علوم المعارف : (أَنَّ جملة شؤون المخلوق منبثقة من الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المقدَّسة) ؛ فإِنَّه بعدما مرَّ في الأَبحاث المُتقدِّمة ، بل وما سيأتي (إِنْ شاء اللّٰـه تعالىٰ) من أَنَّ طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة هي : (نظام عَالَم الخلقة والوجود والإِمكان ، ووسائط الفيض الإِلٰهيّ الحصريَّة ، والوسيلة والعلل الغائيَّة والفاعليَّة الإِلٰهيَّة الفاردة ، ووجه اللّٰـه ، والسبيل والسبب والباب والحجاب والرباط الإِلٰهي الحصري والأَدْنَى) بين الخالق ـ المُسَمَّىٰ ـ (جلَّت آلاؤه) ، و طُرّ العوالم وجملة المخلوقات تنعكس فيها كافَّة الأَسمآء والصِّفات والشؤون الإِلٰهيَّة ـ إِلَّا الأُلوهيَّة ؛ لخروجها تخصُّصاً وموضوعاً ـ ، وتتصرَّف(1) بالمخلوقات وعوالمها وشؤونها ، وبكُلِّ ما يرد إِليها ويصدر منها ، ولا يعزب عنها مثقال ذرَّة في السَّماوات والأَرضين من شؤون جميع المخلوقات وأَفعالها ، ولا أَصغر من ذلك ولا أَكبر ، كُلّ ذلك بإِذن اللّٰـه ـ المُسَمَّىٰ ـ (تبارك اسمه) ، وبقوَّته ومَنِّه وعطائه ، وكُلُّ ما يصدر من تلك الطبقات ـ طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ـ هو : (اِنْعِكَاسٌ ، وحكاية ، وظهور ، وتَجَلِّي) لأَسماء وصفات وشؤون الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ؛ كانت(2) جملة شؤون المخلوقات منبثقة عن الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة . ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) هذا عطف على كلمة (تنعكس) ، فتكون العبارة هكذا : (بعدما مرَّ ... أَنَّ طبقات حقائق أَهل ... هي ... علل إِلٰهيَّة ... تتصرَّف بالمخلوقات ...). (2) هذه الجملة تعود لصدر المبحث ، أَي : جواب (الفاء) الداخلة على (إِنَّه) ، فتكون العبارة هكذا: (فإِنَّه بعدما مرَّ ... كانت جملة شؤون ...)
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (261) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (261) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه التَّاسع و الْأَرْبَعُون: / / التفكيك في مقام البحث والْاِسْتِنْبَاط بين أَصُول الدين وفروعه / إِنَّ نكتة عدم تفرقة بعض الفقهاء بين أَحوال وشؤون وخواصّ وصفات أَبدان أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم ، وأَحوال وشؤون وخواصّ وصفات أَبدان سائر البشر ـ ومن ثَمَّ حكموا (والعياذ باللّٰـه تعالىٰ) بالنجاسة على ما يخرج من أَبدانهم صلوات اللَّـه عليهم الشَّريفة المُقدَّسة ؛ كالدم وما شاكله من الأُمور المحكوم عليها شرعاً بالنجاسة ؛ الخارجة من أَبدان سائر البشر ؛ تمسُّكاً بإِطلاقات الأَدلَّة الشرعيَّة الدالَّة على النجاسة ، ولم يلتفتوا وغفلوا أَو تغافلوا عن الكم الغفير الهائل من بيانات الوحي المعرفيَّة ، البالغة حدّ الضرورة ، الحاكمة والمُصرِّحة بوجود فارق سنخيّ بين أَبدان أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم وأَبدان سائر البشر ـ وذلك تبعاً للمنهج المُتَّبع الَّذي يُفكِّك في مقام اِسْتِنْبَاط الأَحكام الشرعيَّة بين الشريعة والدِّين ؛ فيصبُّون نظرهم في مقام الْاِسْتِنْبَاط على الأَدلَّة الشرعيَّة ، ويعرضون عن الأَدلَّة الدينيَّة ـ المعرفيَّة والعقائديَّة ـ الواردة في بيانات الوحي ، وهذه عثرة شنيعة ؛ فإِنَّه كيف يمكن الوصول إِلى النتائج الحقَّة بعد التفكيك بين الأَصل وفرعه . فالفقيه من أَتباع مدرسة أَهل البيت عليهم السلام لا يمكنه الطيران والتحليق في سماء معرفة الأَحكام الشرعيَّة ، والغوص والغور في بحور معاني وحقائق بيانات وأَدلَّة الوحي المتلاطمة في مقام الْاِسْتِنْبَاط ، والوصول إِلى النتائج الحقَّة المَرَضِيَّة لدىٰ أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم بجناحٍ فاردٍ ، بل لا بُدَّ له من أَنْ يضمَّ إِليه الجناح الآخر ، ليطير ويُحَلِّق ويغور في عوالم علوم الوحي الطَّمْطَامة ، وحقائقه المهولة العظيمة غيرالمتناهية أَبد الآباد ودهر الدهور بجناحين : أَحدهما ـ وهو الركن الرَّكين والعمود الفقري والأَساسي ـ : ملاحظة البيانات الوحيانيَّة الدينيَّة العقائديَّة والمعرفيَّة ؛ فإِنَّ لها عظيم الانعكاسات والآثار والثمار والفوائد الواضحة على الشريعة . ثانيهما : ملاحظة البيانات الوحيانيَّة الشرعيَّة. وهذه العثرة أَوقعت مُتَّبعي هذا الخط والمنهج بعثرات شنيعة ، وأَنكروا بسببه جملة أُمور وقضايا وأَحكام وقواعد ، بعضها نخاعيَّة في الدِّين والشريعة . ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (262) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (262) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الخَمْسُونَ : / / أَصل اِنْحِرَاف الْغُلَاة قراءتهم الخاطئة / إِنَّ ما أَتىٰ به الغلاة من أُمورٍ وإِنْ كانت سلبيَّة ، لكنَّها تكشف عن صدور إِرْهَاصَات غيبيَّة شوهدت من أَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، لكن زَلَّ البعض واِنْحَرَفَ وأَخْطَأَ في قراءتها . ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (263) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (263) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الْحادِي الخَمْسُونَ : / /لا بُدَّ من أَخذ الطبقات الصَّاعدة في تعاريف حقائق أَهل البيت عليهم السلام / إِنَّه إِذا لم تُلحظ في حدِّ حقيقة وماهيَّة سيِّد الأَنبياء وأَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم طبقات ذواتهم وحقائقهم النوريَّة والكُنْه الرُّوحَانِيّ فما يُؤْتَى به من تعاريف لماهيَّاتهم وحقائقهم عليهم السلام الشَّريفة المُقدَّسة شَطَطٌ من القول ، واِبْتِعَادٌ عن جادَّة الحقِّ والحقيقة. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (264) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (264) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّاني الخَمْسُونَ : / / وجوب أَخذ الطبقات الثلاث في الحدِّ التَّام لماهيَّة الإِمام عليه السلام/ مَنْ يُريد تعريف ماهيَّة الإِمام عليه السلام وبيان حقيقته فعليه أَنْ يأخذ في حدِّه ما أَخذته بيانات الوحي الإِلٰهيّ من تلك الطبقات الثلاث ـ أَي : الطبقات الصَّاعدة ، والْمُتَوَسِّطة ، والنَّازلة ـ من حقائق أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، لا سيما الطبقة الصَّاعدة ؛ فإِنَّها الكمال الأَعظم ؛ والعِلَّة الغائيَّة من خلقه ذواتهم وحقائقهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ المقدَّسة الشريفة الْمُتَوَسِّطة والنَّازلة ، ومن ثَمَّ أَقَرَّ أَصحاب العلوم العقليَّة ـ كـ : المناطقة والفلاسفة ـ : أَنَّ غاية الشيء أَعظم وأَكمل تعريفاً له من تعريفه بجنسه وفصله. ومعناه : أَنَّ كُنْه الشيء وكمال حقيقته يتمثَّل في : (عِلَّته الغائيَّة). إِذَنْ : معرفة الشيء بـ : (عِلَّته الغائيَّة) أَعظم وضوحاً وأَخطر بياناً ومعرفة وغوراً من معرفته بأَجزائه الدَّاخليَّة. ومنه يتَّضح : المراد من قولهم : «إِنَّ حقيقة الشيء بفصله الأَخير» أَي : بغايته وكماله الأَخير. / طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام علل غائيَّة/ وللتوضيح أَكثر نقول : إِنَّ هناك قاعدة تُذْكَر في المباحث المعرفيَّة ، وهي: «إِنَّ الموجود والمخلوق السَّافل لا يُخلق لأَجل الموجود والمخلوق السَّافل ، بل لأَجل الموجود والمخلوق العالي». وعليه : تكون جملة العوالم الإِلٰهيَّة غيرالمتناهيَّة ، وكافَّة المخلوقات الإِلٰهيَّة غيرالمتناهية ايضا مخلوقة لأَجل طبقات حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة. وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان حديث الكساء : «... وعِزَّتي وجلالي ... إِنِّي ما خَلَقتُ سمآءُ مبنيَّة ولا أَرضاً مدحِيَّةً ، ولَا قَمَراً مُنيراً ، ولَا شمساً مُضيئةً ، ولا فَلَكاً يَدُور ، ولا بحراً يَجري ، ولا فُلْكاً تَسرِي إِلَّا لأَجْلِكُمْ ... [إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا](1) ...»(2). 2ـ بيان الحديث القدسي مُنضمّاً إِليه بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... وأَنَّ أَبي آدم لَـمَّا رأَىٰ اسمي واسم عَلِيّ وابنتي فاطمة والحسن والحسين وأَسمآء أَولادهم مكتوبة على ساق العرش بالنُّور قال : إِلٰهي وسيِّدي ، هل خلقتَ خلقاً هو أَكرم عليكَ مِنِّي ؟ فقال : يا آدم ، لولا هذه الأَسمآء لَـمَا خلقتُ سمآءً مبنيَّة ، ولا أَرضاً مدحيَّة ، ولاملكاً مُقَرَّباً ، ولا نبيّاً مرسلاً ، ولا خلقتك يا آدم ، فلَمَّا عصىٰ آدم ربَّه وسأله بحقِّنا أَنْ يتقبَّل توبته ، ويغفر خطيئته فأجابه ، وكُنَّا الكلمات تلقَّاها آدم من ربِّه (عزَّوجلَّ) ، فتاب عليه، وغفر له ... فحمد آدم ربَّه (عزَّوجلَّ) وافتخر على الملائكة بنا...» (3). 3ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه : «... وإِنَّ جميع الرسل والملائكة والأَرواح خلقوا لخلقنا ...»(4). 4ـ بيان الإِمام زين العابدين عليه السلام : «...إِنَّ لَنَا عند اللَّـه منزلة ومكاناً رفيعاً ، ولولا نحن لم يخلق اللَّـه أَرضاً ولا سمآءً ، ولا جنَّةً ولا ناراً ، ولا شمساً ولا قمراً ، ولا بَرّاً ولا بحراً ، ولا سهلاً ولا جبلاً ، ولا رطباً ولا يابساً ولا حلواً ولا مرّاً ، ولا ماءً ، ولا نباتاً ولا شجراً ، اخترعنا اللَّـه من نور ذاته، لا يُقاس بنا بشر...»(5). 5ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... لَـمَّا رأَوا أَسماءنا مكتوبة على سرادق العرش ... قال اللَّـه : ... لولا هؤلاء ... ما خلقتُ سمآءً مبنيَّة ، ولا أَرضاً مدحيَّة ، ولا مَلَكاً مُقرَّب ، ولا نبيّاً مرسل ، ولا خلقتكَ يا آدم ...»(6). 6ـ بيان الإِمام الرضا صلوات اللَّـه عليه : «... وإِنَّ آدم لَـمَّا أَكرمه اللَّـه (تعالىٰ ذكره) بإسجاد ملائكته له ، وبإِدخاله الجنَّة قال في نفسه : هل خلق اللَّـه بشراً أَفضل مِنِّي ؟ فعلم اللَّـه (عزَّوجلَّ) ما وقع في نفسه فناداه : ارفع رأسكَ يا آدم ، فانظر إِلى ساق عرشي ، فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش، فوجد عليه مكتوباً : لَا إِلٰه إِلَّا اللَّـه ، مُـحمَّد رسول اللَّـه ، عَلِيّ بن أبي طالب أَمير المؤمنين ، وزوجته فاطمة سيِّدة نساء العالمين ، والحسن والحسين سيِّدا شباب أَهل الجنَّة. فقال آدم عليه السلام : يا ربّ ، مَنْ هؤلاء ؟ فقال (عزَّوجلَّ) : من ذرِّيَّتكَ ، وهم خير منكَ ، ومن جميع خلقي ، ولولا هُم ما خلقتك ، ولا خلقتُ الجنَّة والنَّار ، ولا السَّمآء والأَرض ، فإِيَّاكَ أَنْ تنظر إِليهم بعين الحسد؛ فأخرجكَ عن جواري...»(7). ودلالة الجميع واضحة. وهذا أَحد معاني خلوص وإِخلاص السافل للعالي ؛ لأَنَّ كمال السَّافل يكمن في توجُّهه إِلى العالي ، لا في تمحوره حول ذاته. ومنه تتَّضح : كثير من بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان الحديث القدسي مخاطباً (تقدَّس ذكره) سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «يا أَحمد، لولاك لَـمَا خلقتُ الأَفلاك ، ولولا عَلِيّ لَـمَا خلقتُكَ ، ولولا فاطمة لَـمَا خلقتكما»(8). فإِنَّه دالٌّ على أَنَّ جملة الأَفلاك لم تُخلق لولا حقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ؛ فإِنَّها علَّة غائيَّة لها. وكذا طبقات حقيقته صلى الله عليه واله النَّازلة ؛ فإِنَّها لم تُخلق لولا طبقات حقيقة أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه الصَّاعدة ؛ فإِنَّ طبقات حقيقته عليه السلام الصَّاعدة علَّة غائية لطبقات حقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله النازلة. وعلى هذا قس طبقات حقيقتيهما صلوات اللَّـه عليهما وعلى آلهما النازلة ؛ فإِنَّها لم تُخلق لولا طبقات حقيقة فاطمة الزهراء صلوات اللَّـه عليها الصَّاعدة؛ فإِنَّها علَّة غائيَّة لطبقات حقيقتيهما صلوات اللَّـه عليهما وعلى آلهما النازلة. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الأَحزاب : 33. (2) عوالم العلوم ، 11/قسم : 2 : 933. (3) بحار الأَنوار ، 35 : 23/ح15 . الروضة البهية : 17 ـ 18. روضة الواعظين : 72 ـ 74. (4) بحار الأَنوار ، 39 : 350/ح24. تفسير فرات : 61 ـ 62. (5) بحار الأَنوار ، 26 : 8 ـ 17/ح2. (6) الهداية الكبرىٰ : 432. (7) بحار الأَنوار ، 26 : 273/ح15. عيون الأَخبار : 170. (8) عوالم العلوم ، 11: 43. ملتقىٰ البحرين: 14. مستدرك سفينة البحار، 3: 334
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (265) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (265) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّالث والخَمْسُونَ : / / الإِمامة الإِلهيَّة وأَبحاثها ظواهر تكوينيَّة وعقليَّة / هناك خطأٌ فاحشٌ اِرْتَكَبْته أَقلام كُتُب مُتكلِّمي المدارس الإِسلاميَّة الأُخرىٰ ، بل اتَّسع الخرق على الرَّاقع فانسحب إِلى بحوث كثير من مُتكلِّمي الإِماميَّة ؛ فإِنَّهم زعموا :اختصاص بحث الإِمامة الإِلٰهيَّة بالقيادة الْاِعْتِبَارِيَّة ؛ ومن باب علم السياسة والقانون وما شاكلهما ، غير أَنَّه عريٌّ عن أَيِّ شاهدٍ ، بل ظنون فاسدة ، وتَوَهُّمَات كاذبة أملتها عليهم أَنفسهم الأَمَّارة بالسوء. بل ، المُتمعِّن في بيانات الوحي ـ منها ما تقدَّم ـ يراها على عكس المطلوب أَدلُّ ، بل صارخة بحقيقة معيَّنة ، أَلَا وهي : أَنَّ الإِمامة الإِلٰهيَّة وأَبحاثها من الأُمور والظواهر التَّكوينيَّة والعقليَّة ، ومن أَنكر ذلك فقد كابر وأَنكر شيئاً واضحاً. نعم ، بعض ذيول أَبحاثها أُمور اِعْتِبَارِيَّة . وعليه : فَمِنْ الخطأ الفاحش مراعاة الباحث والمستنبط في أَبواب العقائد ، بل مُطلق المعارف الإِلٰهيَّة ؛ واستخدام الموازين والقواعد والقوانين الْاِعْتِبَارِيَّة فيها ؛لاِخْتِصَاصِها بـ : (فقه الفروع) ، وبينهما بون وفرق سنخيّ شاسعٌ. وهذه قضيَّة مُهمَّة يجدر الْاِلْتِفَات إِليها. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (266) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (266) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الرَّابع و الخَمْسُونَ : / / اِسْتِحَالَة الإِحاطة بالجهة المخلوقيَّة في حقائق أَهل البيت عليهم السلام/ إِنَّ من علامات الإِيمان : اِعْتِقَاد المخلوق ـ مهما بلغ نبوغه وارتقت مراتبه المعرفيَّة والعلميَّة وتعالت فضائله وكمالاته ـ بـ : عدم إِمكان إِحاطته بسرِّ خلقة ومخلوقيَّة المعصوم عليه السلام ، بل ولا بلوغها ، وإِلَّا اِرْتَطَمَ بالتقصير في حقِّ المعصوم عليه السلام ، وبالغلوِّ في حقِّ نفسه. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي الوافرة الباهرة ، منها : 1ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه المُتقدِّم : «... لا تجعلونا أرباباً وقولوا في فضلنا ما شئتم ؛ فإِنَّكم لا تبلغون كُنْه ما فينا ولا نهايته ... لا تُسَمُّونا أَرباباً وقولوا في فضلنا ما شئتم ؛ فإِنَّكم لن تبلغوا من فضلنا كُنْه ما جعله اللّٰـه لنا ، ولا معشار العشر ...».( 1 ) فإِنَّه برهان وحيانيٌّ دالٌّ على أَنَّ أَهل البيت عليهم السلام وإِنْ كانوا مخلوقين ، لكنَّ جهة المخلوقيَّة فيهم لا يُحاط بها ؛ لأَنَّها فعل اللّٰـه (جلَّ قدسه) ، وقدرته وآيته ، وتجلِّيه وظهوره في مخلوقاته المكرَّمة ؛ طبقات حقائق أَهل البيت (صلوات اللّٰـه عليهم) ، وفعل اللّٰـه (تقدَّس ذكره) ـ كذاته وصفاته وأَسمائه ـ كما قُرِّر في محلِّه لا يُحاط به. ويُضاف إِليه : أَنَّ نفس الإِنسان بعدما لم يمكنه الإِحاطة بذاته ، ولا يفهم سرّ حقيقته وبواطن باطنه فكيف يفهم ويبلغ ويحيط ببواطن حقائق أَهل البيت (صلوات اللّٰـه عليهم) !! 2ـ بيان القاعدة المعرفيَّة الواردة في بيانات أَهل البيت عليهم السلام : (من وصف شيئاً بكُنْهه كان أَعظم من الموصوف). وهي تنحلُّ إِلى قاعدتين : الأُولىٰ : (مَن وصف شيئاً بالكُنْه فقد أَحاط به). الثَّانية : (مَنْ أَحاط بشيءٍ كان أَعظم منه). ودلالة الجميع واضحة(2). 3ـ ما قرَّره أَصحاب المعقول ؛ من اِسْتِحَالَة إِحاطة المعلول بعلَّته وإِنْ كانت واسطة فيضٍ إِلٰهيّ ، وطبقات حقائق أَهل البيت (صلوات اللّٰـه عليهم) الصَّاعدة وتتبعها طبقاتها المتوسطة والنازلة وسائط الفيض الإِلٰهي ، وعلل الوجود الغائيَّة والفاعليَّة لمُطلق العوالم وجملة المخلوقات ـ كما تقدَّم ـ فكيف يُحاط بحقائقهم (صلوات اللّٰـه عليهم)!! ومن كلِّ هذا يتَّضح : أَنَّ من يدَّعي إِحاطته بكُنْه الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ، أَو بكُنه التَّوحيد والأَسماء والصفات والأَفعال الإِلٰهيَّة ، أَو بكُنْه النُّبوَّة والنَّبيّ ، أَو بكُنْه الإِمامة الإِلٰهيَّة والإِمام فقد شطَّ وشطح و اِرْتَطَمَ كما يرتطم الحمار بالطين بـ : الكُفر والشرك ، و الْغُلُوِّ والتقصير ، والتشبيه والتعطيل الجليّ والخفي. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1 ) بحار الانوار ، 26 :1 ـ 7 / ح 1 . (2) بحث هذه القاعدة ودليلها مرَّ ، بل وسياتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) في مباحث التَّوحيد ، فَمَنْ أَراد الاستزادة والتفصيل فليراجع إِنْ شاء
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (267) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (267) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الخامس و الخَمْسُونَ : / / مقام الحُجِّيَّة الْإلَهِيَّة أَعَمُّ من النُّبوَّة والرِّسَالَة الْإلَهِيَّة / / (الْمُلْكُ) عنوان من عناوين الإِمامة الْإلَهِيَّة / من مميِّزات ومختصَّات مدرسة أَهل البيت عليهم السلام : أَنَّها لا تُخصِّص مقام الحُجِّيَّة بالنُّبوَّة والرِّسَالَة الْإلَهِيَّة ، بل تُعمّمه لمقام الإِمامة الْإلَهِيَّة ، وقد ورد ـ مقام الإِمامة الْإلَهِيَّة ـ في بيانات وحيانيَّة كثيرة ، وبعناوين مختلفة ، منها : عنوان : (الْمُلْكُ) ، فانظر : بيان قوله تعالىٰ : [أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ* وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا](1)، أَي : إِماماً يملك الأُمور ؛ فمع أَنَّ طالوت ليس برسول ولا نبيٍّ ، لكنَّه بُعث وقُلِّد بمقاليد سماويَّة مُعيَّنة، وهي بعثة : مُلْكُ واصطفاء إلَهِيَّ ، وحاكميَّة وإِدارة وتدابير إلَهِيَّة . وقوله تقدَّس ذكره : [إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ](2)برهانٌ وحيانيٌّ دالٌّ على أَنَّ طالوت من الْمُصْطَفَيْن ، ومبعوث بعثة إِمامة من قِبَل اللّٰـه سبحانه وتعالىٰ ، وله ولاية تطبيق الشريعة. وقوله جلَّ قوله : [فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ](3) برهان وحيانيّ دالّ على أَنَّ قِوام الإِمامة الْإلَهِيَّة لا يحصل إِلَّا بالتولِّي والتَّبرِّي. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1) البقرة : 246 ـ 247. (2) البقرة : 247. (3) البقرة : 249
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (268) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (268) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السَّادس و الخَمْسُونَ : / / قصور مدارس البشر المعرفيَّة / / ما ذكرته مدارس البشر المعرفيَّة لا يُمثِّل جملة المعارف / هناك أَمْرٌ مهمٌّ جِدّاً في منهج العقائد ، وقَضِيَّةٌ مُهمَّةٌ جِدّاً لا بُدَّ من الْاِلْتِفَاتِ إِليها ، ووعايتها بكُلِّ يَقِظَةٍ ، وإِلَّا فَسَتُطْمَس معالم مُبدَّهة في الدِّين ، وتندرس عن الثقافة الدِّينيَّة في وعي المؤمنين والمسلمين ، ونكون نحن المُقصِّرين والمسؤولين عنها يوم القيامة : أَمام اللّٰـه عزَّوجلَّ وأَمام سيِّد الأَنبياء وسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، حاصلها : ( أَنَّ ما ذُكر وكُتِبَ وقُرِّر وأُلِّف ، وما جُعِلَ منظومة مفهرسة من عقائد ومعارف في كُتُب علم الكلام لدىٰ كُلّ مدرسةٍ وطائفةٍ ومذهبٍ لا يُمثِّل جملة المنظومة العقائديَّة والمعرفيَّة الَّتي تعتنقها وتعتقد بها تلك المدرسة والطائفة والمذهب ) . وللتوضيح خذ الأَمثلة التَّالية : الأَوَّل : (إِمامة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله) ؛ فإِنَّه مَنْ يُراجع كُتُب علم الكلام لدىٰ الفريقين فسيجد أَنَّها لم تذكرها بشكل وقولبة صريحة ، ولم تُركِّز عليها ، نعم ذكرتها ضمناً ، لكنَّه بحث آخر. مع أَنَّ بحثها كأَحد مقاماته صلى الله عليه واله أَمْرٌ مُهمٌّ جِدّاً ؛ فإِنَّ نظرة الوحي لسيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ليست كنظرة العلمانيَّة الغربيَّة والنصرانيَّة المُحرَّفة من أَنَّه داعي تنظيري ، أَو داعي رسولي للقضايا الرُّوحيَّة بين الفرد والملكوت فحسب ، وليست له صلة بالمجتمع ، لكن من يُراجع كُتُب مُحدِّثي ومُفسِّري الفريقين فسيجد أَنَّ إِمامته صلى الله عليه واله أَمْرٌ تسالمت عليه الكلمة ، وهي أَرفع مقاماً ، وأَعلىٰ شأناً ، وأَبلغ خطراً من مقام وشأن وخطر النُّبوَّة والرسالة الإِلٰهيَّتين. وعليه : فبِدَايَةُ إِمَامَةُ أَهل البيت عليهم السلام الإِلٰهيَّة لم تكن بإِمَامَةِ أَمير المؤمنين وبعد استشهاد سيِّد الأَنبياء صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آلهما ، بل من سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله حال حياته في هذه النشأة الأَرضيَّة ، بل قبلها. ومنه يتَّضح : أَنَّ سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله وإِنْ كان خاتِم النُّبوَّة ، لكنَّه ليس بخاتِم الإِمامة الإِلٰهيَّة ، نعم هو إِمَامُ الائِمَّة صلوات اللّٰـه عليهم . المثال الثَّاني : (حُجِّيَّة فاطمة الزهراء صلوات اللّٰـه عليها) ؛ ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (269) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (269) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه السَّادس و الخَمْسين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « قصور مدارس البشر المعرفيَّة » ، وعنوان : « ما ذكرته مدارس البشر المعرفيَّة لا يُمثِّل جملة المعارف » ؛ فإِنَّ ما ذُكر وكُتِبَ وقُرِّر وأُلِّف ، وما جُعِلَ منظومة مفهرسة من عقائد ومعارف في كُتُب علم الكلام لدىٰ كُلّ مدرسةٍ وطائفةٍ ومذهبٍ لا يُمثِّل جملة المنظومة العقائديَّة والمعرفيَّة الَّتي تعتنقها وتعتقد بها تلك المدرسة والطائفة والمذهب ؛ وللتوضيح خذ الأَمثلة التَّالية ، مَرّ البحث عن المثال الأَوَّل ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المثال التالي : المثال الثَّاني : (حُجِّيَّة فاطمة الزهراء صلوات اللّٰـه عليها) ؛ فإِنَّه مَنْ يُراجِع كُتُب علماء كلام الإِماميَّة ـ كـ : كتاب : الباب الحادي عشر ، والتجريد ، وشرحه ، وعقائد الإِماميَّة للشَّيخ المظفر ـ فسيجد أَنَّ هذا الموقع والمقام الإِلٰهيّ للسيِّدة الزهراء صلوات اللّٰـه عليها لم يُسطر ويُبحث بعنوانٍ أَو فصلٍ أَو بابٍ مُستقلٍ ، ولم يراعِ أَصحاب تلك الكُتُب قولبة منظومة بيانات الوحي الإِلٰهي ، نعم ، ذكروها ضمناً ، لكنَّه بحث آخر. وهذه مؤاخذة أَديانيَّة حضاريَّة خطيرة ؛ تُسجَّل على مُتكلِّمي الإِماميَّة. المثال الثَّالث : (الرَّجعة) ؛ فمع أَنَّها من ضروريَّات مدرسة الإِماميَّة، ومتواترة في بيانات أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، بل ضرورة روائيَّة، لكن : مَنْ يُراجع كثير من كُتُب عقائد الإِماميَّة لم يجد لها عين ولا أَثر. المثال الرَّابع : مقام وموقع : (الـمُحدَّث) و(المُلهَم) ؛ فإِنَّ مَنْ يُراجع كُتُب علم كلام مذاهب المخالفين فسيجد أَنَّها لم تتعرَّض لهما ، لكن : مَنْ يُراجع كُتُب حديثهم وكُتُب مُحدِّثيهم وشُرَّاح : البخاري ومسلم وسائر صحاحهم فسيجد أَنَّهم يعتقدون ويؤمنون بهما ؛ وأَنَّهما من مقامات الشَّريعة ، بل من الأُمور المُبدَّهة عندهم . وهذا مؤشِّر على أَنَّ ما كُتِبَ ورقِّم في كُتُب كلام المخالفين لا يُمثِّل جملة منظومة عقائدهم ؛ الثابتة في أَحاديثهم وتفاسيرهم . فالتفت. ومن كلِّ هذا يتَّضح : أَنَّ الباحث إِذا بنىٰ خريطة بحوثه المعرفيَّة والعقائديَّة على ما رقَّمه المُتكلِّمون فسيرتطم لا محالة بمآزق معرفيَّة وعقائديَّة كثيرة جِدّاً ؛ ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (270) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (270) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه السَّادس و الخَمْسين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « قصور مدارس البشر المعرفيَّة » ، وعنوان : « ما ذكرته مدارس البشر المعرفيَّة لا يُمثِّل جملة المعارف » ؛ فإِنَّ ما ذُكر وكُتِبَ وقُرِّر وأُلِّف ، وما جُعِلَ منظومة مفهرسة من عقائد ومعارف في كُتُب علم الكلام لدىٰ كُلّ مدرسةٍ وطائفةٍ ومذهبٍ لا يُمثِّل جملة المنظومة العقائديَّة والمعرفيَّة الَّتي تعتنقها وتعتقد بها تلك المدرسة والطائفة والمذهب ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : ومن كلِّ هذا يتَّضح : أَنَّ الباحث إِذا بنىٰ خريطة بحوثه المعرفيَّة والعقائديَّة على ما رقَّمه المُتكلِّمون فسيرتطم لا محالة بمآزق معرفيَّة وعقائديَّة كثيرة جِدّاً ؛ لأَنَّ الخريطة والفهرسة المعرفيَّة والعقائديَّة الَّتي رسمها جملة من علماء كلام الإِماميَّة ؛ وساروا عليها نشئت نتيجة إِنشغالهم بالجدل والحوار الكلامي مع المذاهب الإِسلاميَّة ، فألجأتهم هذه الحواريَّات الَّتي لا انقطاع لها إِلى نوع تبويب ؛ ورسم خارطة للمعارف والعقائد الإِلٰهيَّة ؛ يفهمها ويلتفت إِليها الطرف الآخر. ومعناه : أَنَّهم اضطروا إِلى تنزيل الخطاب الكلامي والخطاب العقائدي إِلى مستوىٰ معارف وعقائد الطرف ، مع أَنَّه ليس لديه من الإِسلام إِلَّا استقبال الكعبة قَطُّ. وهذا ما صرَّحت به بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق صلوات اللّٰـه عليه : «... لا واللّٰـه ، ما هم على شيءٍ مِـمَّا جاء به رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله إِلَّا استقبال الكعبة فقط»(1). وعليه : فكيف يمكن رسم خارطة وثقافة للمعارف والعقائد الحقَّة المُصْحَرَة في بيانات الوحي الإِلٰهي على وفق هذه الوضعيَّة التجاذبيَّة الكلاميَّة؛ وإِلَّا فستحصل لا محالة لأَصحاب هذه الخرائط والثقافات مشاكل وأَزمات معرفيَّة وعقائديَّة لا حصر ولا منتهىٰ لها. بل سبَّبت وتُسبِّب هذه المنهجيَّة وهذه الثقافات طامَّات معرفيَّة وعقائديَّة أَشدُّ خطراً وضرراً وفتكاً بأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم من خطر وضرر وفتك يزيد بن معاوية وجيشه (عليهم لعائن اللّٰـه) وما فعلوه بسيِّد الشهداء صلوات اللّٰـه عليه وبأَهل بيته وصحبه ؛ لأَنَّ تلك قتلت الأَبدان ، وحرمت أَصحابها الحياة الدُّنيويَّة الزائلة، بخلاف هذه ؛ فإِنَّها تقتل : أَرواح أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ؛ وعلومهم وعقائدهم ومعارفهم ، وتحرم أَتباعهم ، بل جملة البشريَّة ، بل طُرّ المخلوقات الحياة الأُخرويَّة الأَبديَّة ، ومن ثَمَّ لا قياس بين الخطرين والضَّررين والفتكين. وكانت هذه القضيَّة هي السبب في إِعراض أَو غفلة مُتكلِّمي الإِماميَّة ، وأَصحاب العقائد والمعارف عن كثير من أَبواب وأَبحاث العقائد والمعارف الثابتة في بيانات الوحي الوافرة الباهرة. وعلى هذا قس : علم الفلسفة ؛ فإِنَّ تبويبه وفهرسته ورسم خارطته جرت على وفق نتاج بشري ، بل اعترف أَصحابها(2) بذلك ؛ فقالوا : إِنَّ الفلسفة تعني : معرفة حقائق الأَشياء بقدر الطَّاقة البشريَّة. وبين المعرفة على قدر الطاقة البشريَّة ؛ والَّتي مهما علت لا بُدَّ أَنْ تكون محدودة ومتناهية ، وبين المعرفة على وفق طاقة الوحي غيرالمتناهية وغيرالمحدودة فارق من دون قياس ؛ فإِنَّ الثابت في محلِّه أَنَّه لا توجد نسبة رياضيَّة بين المحدود وغيرالمحدودة ، فإِنَّه مهما علت ووُضِعَت للمحدود من قيمٍ وأَرقامٍ إِذا قيس لغيرالمحدود لا بُدَّ أَنْ تكون قيمة المحدود صفراً على جهة الشمال ؛ وإِلَّا ـ أَي : إِذا جُعِلَ للمحدود قيمة وإِنْ كانت ضئيلة جدّاً كالواحد مقابل الترليون ـ لانقلبت ماهيَّة غيرالمتناهي وغيرالمحدود وصارت متناهية ومحدودة ، وبطلان إِنقلاب الماهيَّة ، بل واستحالتها من الواضحات ، بل خلف الفرض أَيضاً. ومِنْ ثَمَّ التبويبات الجارية في علم الفلسفة ـ سوآء أَكانت فلسفة : مشآء أَو إِشراق أَو حكمة متعالية أَو فلسفات غربيَّة حديثة أَو فلسفات أَلسنيَّة أَو فلسفات الهرمونطيقيا (الهرمونتيكيا) التعددية أَو فلسفات الكلام الجديد ـ وحبس المباحث المعرفيَّة والعقائديَّة ؛ وحشر مواد الوحي في هذه التبويبات البشرية كارثة علميَّة. وليس في هذا التعبير رجزٌ حماسيٌّ ، بل بكُلِّ هدوء وبكُلِّ قناعة أَنَّه : كارثة علميَّة ومعرفيَّة وعقائديَّة. وهذه القضيَّة لا بُدَّ من التَّنبُّه إِليها دائماً ؛ فإِنَّ أَصل الفهرسة في علم : (الفقه) و(الأُصول) و(الكلام) و(الفلسفة) و(التفسير) و(العرفان) وغيرها، بل وفي أَيِّ أَيدلوجيَّة حديثة أَو قديمة نتاج بشريّ محدود ، وتبويباتها لا تشمل عَالَم الحقيقة غيرالمتناهية ، ولا تتَّسع لِـمَا هو موجود في تراث الوحي أَبداً ، بل قوالب وبنود أَبواب معارف وعقائد النتاج البشري في علم : (الكلام) و(الفلسفة) و(العرفان) و(التفسير) تختلف عن قوالب وبنود بيانات الوحي ، ومن ثَمَّ يُحاول الكثير من الباحثين في المعارف والعقائد لَيِّ أَعناق العبائر والقوالب الوحيانيَّة ذات السعة والقوَّة والمتانة والرَّصانة غيرالمتناهيَّة ؛ ليستبدلها أَو يحشرها في قوالب النتاج البشري ؛ الهزيلة والهشَّة والضَّيِّقة. وبالجملة : أَنَّ الأُطر والقوالب الَّتي ينبغي أَنْ يُسبح بها في عَالَم المعاني غيرالمتناهية ، واستكشاف الحقائق العيانيَّة غيرالمحدودة : أُطر وقوالب وحيانيَّة، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 65 : 91/ح26. المحاسن : 156. (2) مرجع الضمير : (الفلسفة)
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (271) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (271) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه السَّادس و الخَمْسين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « قصور مدارس البشر المعرفيَّة » ، وعنوان : « ما ذكرته مدارس البشر المعرفيَّة لا يُمثِّل جملة المعارف » ؛ فإِنَّ ما ذُكر وكُتِبَ وقُرِّر وأُلِّف ، وما جُعِلَ منظومة مفهرسة من عقائد ومعارف في كُتُب علم الكلام لَدَى كُلّ مدرسةٍ وطائفةٍ ومذهبٍ لا يُمثِّل جملة المنظومة العقائديَّة والمعرفيَّة الَّتي تعتنقها وتعتقد بها تلك المدرسة والطائفة والمذهب ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وبالجملة : أَنَّ الأُطر والقوالب الَّتي ينبغي أَنْ يُسبح بها في عَالَم المعاني غيرالمتناهية ، واستكشاف الحقائق العيانيَّة غيرالمحدودة : أُطر وقوالب وحيانيَّة، وهي تختلف عن أُطر البشر ؛ فإِنَّ قوالب المعاني الوحيانيَّة أُطر تكوينيَّة غير متناهية ، تُباين قدرة أُطر وقوالب المعاني البشريَّة وسعتها ودقَّتها ، فإِنَّها اِعْتِبَارِيَّة متناهية . وهذه قضيَّة بالغة الأَهميَّة والثمرة والخطورة. فالتفت تربت يداك. وإِلى هذا تشير بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان قوله جلَّ وتقدَّس : [وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ](1) . 2ـ بيان قوله تقدَّس ذكره : [مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ](2). ودلالتهما واضحة. والْاِضْطِرَارُ يجرُّنا للتوسُّع في هذه القضيَّة ؛ لنبيِّن كيفيَّة بُعد الثقافة الإِسلاميَّة المُنتشرة بين المؤمنين فضلاً عن المسلمين عن حقيقة معارف وعقائد وثقافة الوحي الأَصيلة والوسيعة والشفَّافة . بل أَحياناً يكون النتاج المعرفي والعقائدي البشري حجاباً ومانعاً عن الوصول إِلى سعة الحقيقة . نعم الشبهات والإِثارات على النتاج البشري تُنبِّه الإِنسان إلى أَنَّ النتاج الوحياني شيء آخر غير النتاج البشري. ومن كُلِّ هذا يتَّضح : أَنَّ الْاِعْتِمَادَ على تعاريف النُّبوَّة والإِمامة الإِلٰهيَّة المسطورة في كُتُب المُتكلِّمين أَو الفلاسفة أَو العرفاء وغيرهم من أَصحاب كُتُب معارف وعقائد المدارس البشريَّة ؛ والتعامل معها على أَنَّها الحقّ ونهج الصدق طامَّة كُبرىٰ ، وخَضَد لشْوكَة الإِسلام والمسلمين. وعليه : يجب تصحيح كثير من التعاريف المُعتَمَدة في كُتُب معارف البشر ، وربطها ببيانات الوحي المعرفيَّة. وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) لقمان : 27. (2) النحل : 96
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (272) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (272) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السَّابع و الخَمْسُونَ : / / المعرفة المستقبليَّة لسيِّد الأَنبياء وسيِّد الأَوصياء عليهما السلام/ إِنَّ ما ورد في بيان الدعاء الوارد في زيارة الإِمام الحسن العسكري صلوات اللّٰـه عليهم : «... يا دائم يا ديموم يا حي يا قيوم ... أَتوسَّلُ إِليك بحبيبك مُحمَّد ، ووصيِّه عَلِيّ ابن عَمِّه وصهره على ابنته ، اللَّذين خَتَمتَ بهما الشرائع ، وفتحت بِهِمَا التَّأويل والطلائع...»(1) برهان وحيانيٌّ دالٌّ على قاعدة ومعادلة معرفيَّة ، وعبارة مختصرة عن المعرفة المستقبليَّة لحقيقة سيِّد الأَنبياء ولحقيقة سيِّد الأَوصياء صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آلهما ، وخارطة طريق لمعرفة : مقاماتهما الَّتي ستُبتلىٰ بها المخلوقات غادياً في العوالم اللَّاحِقَة ؛ شاءت أَم أَبت. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 99 : 68. مصباح الزائر : 13 ـ 214
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (273) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (273) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّامن و الخَمْسُونَ : / / أَدوار أَهل البيت عليهم السلام الخفيَّة/ هناك أُمور وتدابير وأَنشطة قام بها أَهل البيت عليهم السلام ، وأَدوار مُهمَّة وحسَّاسة وخطيرة قدَّرت يد السَّماء غمرها وإِخفاءها في حياتهم عليهم السلام ؛ وذلك لأَسباب ، منها : أَنَّ طبيعة الدَّور تقتضي الخفاء ، وإِلَّا خار واخترم وانْدَرَسَ الهدف وأَصبح بواراً ؛ لشدَّة المواجهة ، ولسعات الأَقلام المأجورة ، وخَذَفَاتِ الأَلسن ؛ ومن ثَمَّ كان سنخها مغفولاً عنه ، وفي طيِّ النِّسيان. وعليه : فإِذا رَامَ الباحث الْاِطِّلَاع على شخصيَّة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ودورهم وحقيقة منهاجهم وسيرتهم وهديهم كحُجَّة شرعيَّة ودينيَّة ومعرفيَّة تامَّة الشرائط ؛ كيما تُؤم وتُتَّبع وتُقتدىٰ ، ويُتعرَّف على صورةٍ متوازنةٍ ومُتكاملةٍ عن منهاجهم فلا يتحقَّق ذلك من خلال دورهم عليهم السلام المُعلن فحسب ، بل لا بُدَّ من التَّحدُّر والتَّرسُّل ؛ والْاِنْهِمَاك في مزيد تتبُّع ؛ لتُلمس رؤوس الخيوط والقصَّصات ؛ للملمة أَدوارهم ، وقراءة ملفَّاتها الخفيَّة ؛ كيما تتَّضح الصُّورة الكاملة والمتوازنة لمنهاجهم عليهم السلام الحقيقيَّة الكاملة ، وإِلَّا فخَرْط القَتَاد أَهْوَنُ ، وغبن وظلامة لهم عليهم السلام ، وبتر عن الواقع والحقيقة ، وانعكاس على منهج ومسيرة الأَجيال اللَّاحقة. وهذه قضيَّة علميَّة ومعرفيَّة واعتقاديَّة ودينيَّة خطيرة جِدّاً قبل أَن تكون تأريخيَّة ، ولها تداعيات كثيرة على المنهاج العلمي ، والعقائدي ، والمعرفي ، والفقهي ، والسياسي ، والأَخلاقي ، والْاِجْتِمَاعِيّ ، وهلمَّ جرّاً. وللتَّوضيح : خُذ المثالين التَّاليين : الأَوَّل : دور أَمير المؤمنين عليه السلام في الفتوحات الإِسلاميَّة من جانبها المُشرق ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (274) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (274) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و الخَمْسين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « أَدوار أَهل البيت عليهم السلام الخفيَّة » ؛ فإِنَّ هناك أُموراً وتدابيراً وأَنشطة قام بها أَهل البيت عليهم السلام ، وأَدواراً مُهمَّة وحسَّاسة وخطيرة قدَّرت يد السَّماء غمرها وإِخفاءها في حياتهم عليهم السلام ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وللتَّوضيح : خُذ المثالين التَّاليين : الأَوَّل : دور أَمير المؤمنين عليه السلام في الفتوحات الإِسلاميَّة من جانبها المُشرق(1)(2)، فإِنَّه بعدما أُنيط برمَّته به عليه السلام مارسه بصورةٍ خفيَّةٍ ، وعلى اثرها وعوامل أُخرىٰ أُخفي ـ دوره عليه السلام ـ في كُتُب التأريخ ، نعم يوجد كقَصَّصَات وشواهد متناثرة ومبعثرة في كُتُب الفريقين. إِذَنْ : أَصل الفتوحات وتدبيراتها ونجاحاتها في عصر خلفاء السقيفة الثلاثة كانت بيده صلوات اللّٰـه عليه وإِدارته المباركة ؛ بعدما لم تكن لديهم أَيُّ أَهليَّة لإِدارة مجموعة صغيرة وحضيرة من البشر فضلاً عن إِدارة : دولة ، وعسكر ، وأَمن اِجْتِمَاعِيِّ ، واقتصادي ، وهلمَّ جرّاً. بل كانت صفتهم المُميَّزة : الهزيمة ، وعدم الثبات في المواقف ، ولم يُنقل عنهم إِلَّا الجعجعة ، من دون طحن ولا طعن ولا ضرب ولا طعان قَطُّ ، والشجاعة والثبات في المواقف من أَساسيَّات وصفات الركن في القائد والأَمير ، وعلى طرف النقيض من ذلك ثبات ومواقف أَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام ، فأَين الذهب من الرَّغام ، وأَين العذْبُ من الأُجاج!! وذاك التأريخ فاطرقه تسمع الجواب والعجب العجاب ، بل هلمَّ معي لنكشف نقاب البعض ، فلاحظ : 1ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام ، عن عامر بن وائلة ، قال : «سمعتُ عليّاً عليه السلام يقول يوم الشورىٰ : نشدتكم باللّٰـه هل فيكم أَحد قال له رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله حين رجع عمر يجبِّن أَصحابه و يجبِّنُونه قد رَدَّ راية رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله منهزماً ، فقال رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله : لأُعطين الراية غداً رَجُلاً ليس بفرَّار ، يحبّه اللّٰـه ورسوله ، ويحبُّ اللّٰـه ورسوله ، لا يرجع حتَّىٰ يفتح اللّٰـه عليه...»(3). 2ـ ما ورد في الإِرشاد : «ثُمَّ تلت الحديبيَّة خيبر ، وكان الفتح فيها لأَمير المؤمنين عليه السلام بلا ارتياب ، وظهر من فضله في هذه الغزاة ما أَجمع على نقله الرُّواة ، وتفرَّد فيها من المناقب ما لم يشركه فيها أَحَد من النَّاس، فروىٰ ... قالوا: لـمَّا دنا رسول اللّٰه صلى الله عليه واله من خيبر قال للنَّاس: «قفوا» ... فدعا رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله أبا بكر فقال له: «خذ الراية» فأخذها في جمع من المهاجرين ، فاجتهد فلم يغن شيئاً ، فعاد يؤنِّب القوم الَّذين اتَّبعوه ويؤنِّبونه ، فلمَّا كان من الغد تعرَّض لها عمر فسار بها غير بعيد ، ثُمَّ رجع يجبِّن أَصحابه ويجبِّنونه ، فقال النَّبيّ صلى الله عليه واله : «ليست هذه الراية لِـمَنْ حملها ، جيؤني بعليِّ بن أَبي طالب ... يأخذها بحقها ليس بفرار» ...»(4). ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ينبغي الْاِلْتِفَات : أَنَّ الجوانب المُشرقة في الفتوحات تعود إِلى سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله وسائر أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام . (2) هناك جوانب سُود ومظلمة وملفَّات مخزية حصلت بشكل مُمنهج في الفتوحات ، وكنظام بديل عن الإسلام كانت تُقَام فيها الليالي الحمراء ، فصارت سُبَّة وسبباً لتشويه تلك الفتوحات ، بل الإِسلام ، لكنَّه أَمر آخر. (3) بحار الأَنوار ، 21 : 20/ح15. (4) المصدر نفسه : 14 ـ 15/ح11
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (275) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (275) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و الخَمْسين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « أَدوار أَهل البيت عليهم السلام الخفيَّة » ؛ فإِنَّ هناك أُموراً وتدابيراً وأَنشطة قام بها أَهل البيت عليهم السلام ، وأَدواراً مُهمَّة وحسَّاسة وخطيرة قدَّرت يد السَّماء غمرها وإِخفاءها في حياتهم عليهم السلام ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى ذكر مثالين لتوضيح المطلب ، ولازال البحث في المثال الاول ، وهو عن دور أَمير المؤمنين عليه السلام في الفتوحات الإِسلاميَّة من جانبها المُشرق ، وعدم أَهليَّة خلفاء السقيفة لإِدارة مجموعة صغيرة وحضيرة من البشر فضلاً عن إِدارة : دولة ، وعسكر ، وأَمن اِجْتِمَاعِيِّ ، واقتصادي ، وهلمَّ جرّاً ، وهذا ما تشير اليه بيانات الوحي والنقول التاريخية ، وسنذكر نماذج منها ، ووصلنا الى : 3ـ ما ورد عن الواقدي : «... فأخذ أَبو بكر راية المهاجرين فقاتل بها ثُمَّ رجع منهزماً ، ثُمَّ أَخذها عمر من الغد فرجع منهزماً يجبِّن النَّاس ويجبِّنُونه حتَّىٰ ساء رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ذلك ، فقال : «لأُعطينَّ الراية غداً رَجُلاً كرّاراً غير فرَّاراً» ...»(1). 4ـ قول أَبي بكر لعمر في حقِّ أَمير المؤمنين عليه السلام : «أَنسيتَ له يوم أُحد؟ وقد فررنا بأَجمعنا ، وصعدنا الجبل ...»(2). 5ـ قول عمر ، عن أَبي واثلة (وائل خ. ل) شقيق بن سلمة ، قال : «كنت أُماشي عمر بن الخطَّاب إِذْ سمعتُ منه همهمة ، فقلت له : مه يا عمر ، فقال : ويحكَ أَمَا ترىٰ الهزبر القثم ابن القثم ، والضَّارب بالبهم ، الشَّديد على مَنْ طغا وبغا بالسيفين والرَّاية ، فالتفتُ فإذا هو عليُّ بن أَبي طالب ، فقلتُ له: يا عمر ، هو عليُّ بن أبي طالب ، فقال : أُدن مِنِّي أُحدِّثكَ عن شجاعته وبطالته : بايعنا النَّبيّ صلى الله عليه واله يوم أُحد على أَنْ لا نفرَّ ، ومَنْ فرَّ مِنَّا فهو ضالُّ ، ومَنْ قُتِلَ مِنّا فهو شهيد ، والنَّبيّ صلى الله عليه واله زعيمه ، إِذ حمل علينا مائة صنديد تحت كلّ صنديدٍ مائة رَجُل أَو يزيدون ، فأزعجونا عن طاحونتنا ، فرأيتُ عليّاً كالليث يتَّقي الذر (الدرق خ. ل) ، إِذ قد حمل كفّاً من حصىٰ فرمىٰ به في وجوهنا ، ثُمَّ قال : «شاهت الوجوه ، وقُطَّت وبُطَّت ولُطَّت ، إِلى أَين تفرُّون؟ إِلى النَّار؟» فلم نرجع ، ثُمَّ كرَّ علينا الثانية وبيده صفيحة يقطر منها الموت ، فقال: «بايعتم ثُمَّ نكثتم ، فواللّٰـه لأَنتم أَولىٰ بالقتل ممَّنْ أَقتل»، فنظرتُ إِلى عينيه كأنَّهما سليطان يتوقَّدان ناراً ، أَو كالقدحين المملوّين دماً ، فما ظننتُ إِلَّا ويأتي علينا كلّنا ، فبادرت أَنا إِليه من بين أَصحابي فقلتُ : يا أَبا الحسن اللّٰـه اللّٰـه ، فإِنَّ العرب تفرُّ وتكرُّ ، وإِنَّ الكرَّة تنفي الفرَّة ، فكأنَّه استحيىٰ ، فولَّىٰ بوجهه عنِّي ، فما زلت أَسكن روعة فؤادي ، فواللّٰـه ما خرج ذلك الرُّعب من قلبي حتَّىٰ السَّاعة. ولم يبق مع رسول اللّٰـه إِلَّا أَبو دُجانة سماك بن خرشة وأمير المؤمنين عليه السلام ، وكلَّما حملت طائفة على رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله استقبلهم أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه فيدفعهم عن رسول اللّٰـه ، ويقتلهم حتَّىٰ انقطع سيفه ، وبقيت مع رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله نسيبة بنت كعب المازنيَّة ، وكانت تخرج مع رسول اللَّـه صلى الله عليه واله في غزواته تداوي الجرحىٰ ... فقال رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله : «لمقام نسيبة أفضل من مقام فلان وفلان وفلان» ...»(3). 6ـ ما رواه زيد بن وهب : «قلتُ لابن مسعود : انهزم النَّاس عن رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله حتَّىٰ لم يبقَ معه إِلَّا عَلِيّ بن أَبي طالب وأَبو دجانة وسهل بن حنيف ، فقال : انهزم النَّاس إِلَّا عَلِيّ بن أَبي طالب وحده ... وأين كان أَبو بكر وعمر ؟ ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 21 : 21/ح17. (2) الاحتجاج ، 1 : 130. (3) بحار الأَنوار ، 20 : 52 ـ 54
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (276) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (276) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و الخَمْسين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « أَدوار أَهل البيت عليهم السلام الخفيَّة » ؛ فإِنَّ هناك أُموراً وتدابيراً وأَنشطة قام بها أَهل البيت عليهم السلام ، وأَدواراً مُهمَّة وحسَّاسة وخطيرة قدَّرت يد السَّماء غمرها وإِخفاءها في حياتهم عليهم السلام ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى ذكر مثالين لتوضيح المطلب ، ولازال البحث في المثال الاول ، وهو عن دور أَمير المؤمنين عليه السلام في الفتوحات الإِسلاميَّة من جانبها المُشرق ، وعدم أَهليَّة خلفاء السقيفة لإِدارة مجموعة صغيرة وحضيرة من البشر فضلاً عن إِدارة : دولة ، وعسكر ، وأَمن اِجْتِمَاعِيِّ ، واقتصادي ، وهلمَّ جرّاً ، وهذا ما تشير اليه بيانات الوحي والنقول التاريخية ، وسنذكر نماذج منها ، ووصلنا الى: 6ـ ما رواه زيد بن وهب : «قلتُ لابن مسعود : انهزم النَّاس ـ في معركة أُحُد ـ عن رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله حتَّىٰ لم يبقَ معه إِلَّا عَلِيّ بن أَبي طالب وأَبو دجانة وسهل بن حنيف ، فقال : انهزم النَّاس إِلَّا عَلِيّ بن أَبي طالب وحده ... وأين كان أَبو بكر وعمر ؟ قال : كانا ممَّن تنحّىٰ ، قلتُ : وأَين كان عثمان ؟ قال : جاء بعد ثالثة من الوقعة ، فقال له رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله: لقد ذهبت فيها عريضة ؟ ... قلتُ له: إِنَّ ثبوت عليّ عليه السلام في ذلك المقام لعجب ، فقال : إِن تعجَّبت من ذلك فقد تعجَّبت منه الملائكة ...». وفي حديث عمران بن حصين ، قال : «... فرفع رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله رأسه إِليه ، فقال له : ما بالكَ لم تفرَّ مع النَّاس ؟ فقال : يا رسول اللّٰـه ، أأرجع كافراً بعد إِسلامي...»(1). 7ـ عن ابن أَبي الحديد : «روىٰ كثير من أَصحاب الحديث : أَنَّ عثمان جاء بعد ثالثة إِلى رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ، فسأله : إِلى أَين انتهيت ؟ فقال : إِلى الأَعوص فقال : لقد ذهبت فيها عريضة»(2). 8ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام الوارد في أَحداث معركة حنين ، قال : «... فلمَّا صلَّىٰ رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله الغداة انحدر في وادي حنين وهو واد له انحدار بعيد ، وكانت بنو سليم على مُقدّمته فخرج عليهم كتائب هوازن من كلِّ ناحية ، فانهزمت بنو سليم ، وانهزم من وراءهم ، ولم يبق أَحَد إِلَّا انهزم ، وبقي أَمير المؤمنين عليه السلام يُقاتلهم في نفر قليل ، ومرَّ المنهزمون برسول اللّٰـه صلى الله عليه واله لا يلوون على شيءٍ ... فأقبل رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ينادي: «يا معشر الأَنصار أين؟ إِليَّ ، أَنا رسول اللّٰـه» فلم يلو أَحد عليه ، وكانت نسيبة بنت كعب المازنيَّة تحثو في وجوه المنهزمين التراب ، وتقول : أين تفرُّون ؟ عن اللّٰـه وعن رسوله؟ ومرَّ بها عمر فقالت له : ويلك ، ما هذا الَّذي صنعت ؟ فقال لها : هذا أمر اللّٰـه ...»(3). 9ـ ما ذكره ابن أَعثم الكوفي في كتاب الفتوح في فتح نهاوند وحروبها ، واجتماع الأَعاجم بها لاستئصال المسلمين ومحو بلادهم ، وما أَصاب عمر بن الخطَّاب من رعدةٍ ونفضةٍ سمع المسلمون على إِثرها أَطيط أضراسه رعباً وجبناً وهولاً وفزعاً حينما أُخبر بعدَّة وعدد الأَعاجم واستحضاراتهم وما ينونه من خطر بالمسلمين وبلادهم ، وما طرحه أَعلام ورؤوس الصحابة من معالجات ضحلة وهابطة ، وما طرحه أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه من خارطة معالجات ولَّدت نصر المسلمين بعد استنجاد عمر بن الخطَّاب به صلوات اللّٰـه عليه ، قال ابن أَعثم : «وتحرَّكت الأعاجم بأرض نهاوند ، واجتمعوا بها ، وكتب بعضهم إِلى بعضٍ : أَنْ يكون اجتماعهم بها ، قال: ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 20 : 84 ـ 85. (2) المصدر نفسه : 139. شرح نهج البلاغة لابن أَبي الحديد ، 3 : 388. (3) بحار الأَنوار ، 21 : 149 ـ 150
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (277) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (277) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و الخَمْسين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « أَدوار أَهل البيت عليهم السلام الخفيَّة » ؛ فإِنَّ هناك أُموراً وتدابيراً وأَنشطة قام بها أَهل البيت عليهم السلام ، وأَدواراً مُهمَّة وحسَّاسة وخطيرة قدَّرت يد السَّماء غمرها وإِخفاءها في حياتهم عليهم السلام ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى ذكر مثالين لتوضيح المطلب ، ولازال البحث في المثال الاول ، وهو عن دور أَمير المؤمنين عليه السلام في الفتوحات الإِسلاميَّة من جانبها المُشرق ، وعدم أَهليَّة خلفاء السقيفة لإِدارة مجموعة صغيرة وحضيرة من البشر فضلاً عن إِدارة : دولة ، وعسكر ، وأَمن اِجْتِمَاعِيِّ ، واقتصادي ، وهلمَّ جرّاً ، وهذا ما تشير اليه أَدِلَّة وبيانات الوحي والنقول التاريخية ، وسنذكر نماذج منها ، ووصلنا الى الدليل : 9ـ ما ذكره ابن أَعثم الكوفي في كتاب الفتوح في فتح نهاوند وحروبها ، واجتماع الأَعاجم بها لِاِسْتِئْصَال المسلمين ومحو بلادهم ، وما أَصاب عمر بن الخطَّاب من رعدةٍ ونفضةٍ سمع المسلمون على إِثرها أَطيط أضراسه رعباً وجبناً وهولاً وفزعاً حينما أُخبر بعدَّة وعدد الأَعاجم واِسْتِحْضَارَاتهم وما ينونه من خطر بالمسلمين وبلادهم ، وما طرحه أَعلام ورؤوس الصحابة من معالجات ضحلة وهابطة ، وما طرحه أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه من خارطة معالجات ولَّدت نصر المسلمين بعد استنجاد عمر بن الخطَّاب به صلوات اللّٰـه عليه ، قال ابن أَعثم : «وتحرَّكت الأعاجم بأرض نهاوند ، واجتمعوا بها ، وكتب بعضهم إِلى بعضٍ : أَنْ يكون اجتماعهم بها ، قال: فاجتمع أَهل الري وسمنان والدامغان وما والاها بنهاوند في عشرين أَلفا ، وأَهل ساوه وهمذان في عشرة آلاف ، وأهل نهاوند خاصَّة في عشرة آلاف ، وأهل قم وقاشان في عشرين أَلفا ، وأَهل أصفهان في عشرين أَلفاً ، وأَهل فارس وكرمان في أَربعين ألفاً ... فأقبل إِليهم أَهل أذربيجان في ثلاثين أَلفاً ، فذلك خمسون أَلفاً ومائة أَلف ، ما بين فارس وراجل من المرازبة والأَساورة والأَبطال المعدودين ، المذكورين في كُلِّ بلد من أَرض الفرس ، ثُمَّ إِنَّهم جمعوا نيفاً وسبعين فيلاً يريدون التهويل على خيول المسلمين ، ثُمَّ أَقبل بعضهم على بعض فقالوا: ... قد اجتمعتم من كُلِّ بلدٍ ، وليس فيكم إِلَّا رماة الحدق وأَحلاس السيوف والدرق ، فتعالوا بنا حتَّىٰ ننفي مَنْ بقربنا من جيوش العرب ، ثُمَّ إِنَّا نسير إِليهم في ديارهم فنستأصلهم عن جديد الأَرض ... فتعاقدوا على أَمرهم وتعاهدوا وعزموا على جهاد المسلمين ، وبلغ ذلك أَهل الكوفة ، فاجتمعوا إِلى أَميرهم عمَّار بن ياسر ... فقالوا: الرأَي في ذلك أَنْ نكتب إلى أَمير المؤمنين ونعلمه بذلك ... قال عمَّار : أفعل ذلك إِنْ شآء اللّٰـه تعالى ... كتاب عمار بن ياسر إلى عمر بن الخطَّاب ... أَمَّا بعد ... أَنَّ أَهل الري وسمنان وساوه وهمذان ونهاوند وأصفهان وقم وقاشان وراوند واسفندهان وفارس وكرمان وضواحي أَذربيجان قد اجتمعوا بأرض نهاوند في خمسين ومائة أَلف من فارسٍ وراجلٍ من الكفَّار ، وقد كانوا أَمروا عليهم أَربعة من ملوك الأعاجم ، منهم : ذو الحاجب خرزاد بن هرمز وسنفاد بن حشروا ... وأَنَّهم قد تعاهدوا وتعاقدوا وتحالفوا وتكاتبوا وتواصوا وتواثقوا على أَنَّهم يخرجوننا مِنْ أَرضنا ويأتونكم من بعدنا ، وهم جمع عتيد ، وبأس شديد ، ودواب فره ، وسلاح شاك ... فإِنِّي أخبرك يا أَمير المؤمنين أَنَّهم قد قتلوا كُلَّ مَنْ كان مِنَّا في مدنهم ، وقد تقاربوا مِمَّا كُنَّا فتحناه من أَرضهم ، وقد عزموا أَنْ يقصدوا المدائن ويصيروا منها إلى الكوفة ، وقد واللّٰـه هالنا ذلك ، وما أَتانا من أَمرهم وخبرهم ، وكتبتُ هذا الكتاب إِلى أَمير المؤمنين ليكون هو الَّذي يرشدنا وعلى الأُمور يدلّنا ...قال: فلَمَّا ورد الكتاب على عمر بن الخطَّاب ... وقرأه ، وفهم ما فيه وقعت عليه الرعدة والنفضة حتَّىٰ سمع المسلمون أَطيط أَضراسه ، ثُمَّ قام عن موضعه حتَّىٰ دخل المسجد ، وجعل ينادي : أَين المهاجرون والأَنصار؟ أَلَا! فاجتمعوا رحمكم اللّٰـه وأعينوني ... فأَقبل إِليه النَّاس من كُلِّ جانب ... فقال : إِنَّ الفرس ... ليست لهم همَّة إِلَّا المدائن والكوفة ... وهذا يوم له ما بعده من الأَيّام ، فاللّٰـه اللّٰـه يا معشر المسلمين! أَشيروا عَلَيَّ رحمكم اللّٰـه ... وكان أَوَّل من وثب على عمر بن الخطَّاب وتكلَّم طلحة بن عبيد اللّٰـه ، فقال : ... ثُمَّ وثب الزبير بن العوام ، فقال : ... فقال عمر : أريد غير هذين الرأيين ، قال : فوثب عبد الرحمٰن بن عوف الزهري ، فقال : ... فاعمل برأيك ... وسر إِلى أَعداء اللّٰـه بنفسكَ ونحن معكَ ... فقال عمر : أُريد غير هذا الرأي ، فتكلَّم عثمان بن عفان ... فقال : ... وأنا أُشير عليكَ أَنْ تسير أَنتَ بنفسكَ إِلى هؤلاء الفجَّار بجميع من معك من المهاجرين والأَنصار ... ولكنِّي أَرىٰ أَنْ تكتب إلى أَهل الشَّام فيقبلوا عليكَ من شامهم ، وإِلى أَهل اليمن فيقبلوا إِليك من يمنهم ، ثُمَّ تسير بأهل الحرمين مكَّة والمدينة إلى أَهل المصرين البصرة والكوفة ، فتكون في جمع كثير وجيش كبير ، فتلقىٰ عدوِّكَ بالحد والحديد ، والخيل والجنود. فقال عمر: هذا أَيضاً رأي ليس يأخذ بالقلب ، أريد غير هذا الرأي ، قال : فسكت النَّاس ، والتفت عمر ... إلى عَلِيّ رضي اللّٰـه عنه فقال : يا أبا الحسن! لِمَ لا تُشير بشيءٍ كما أشار غيرك؟ قال: فقال عَلِيّ : ... فقد رأَيتُ قوماً أَشاروا عليك بمشورةٍ بعد مشورة فلم تقبل ذلك منهم ، ولم يأخذ بقلبكَ شيء مِمَّا أَشاروا به عليك ؛ لأَنَّ كُلَّ مشير إِنَّما يشير بما يدركه عقله ، وأُعلمكَ ... إِنْ كتبتَ إِلى الشام أَنْ يقبلوا إِليكَ من شامهم لم تأمن من أَنْ يأتي هرقل في جميع النصرانيَّة فيغير على بلادهم ويهدم مساجدهم ويقتل رجالهم ويأخذ أَموالهم ويسبي نساءهم وذُرِّيَّتهم ، وإنْ كتبتَ إلى أَهل اليمن أَنْ يقبلوا من يمنهم أغارت الحبشة أَيضا على ديارهم ونسائهم ... وإِنْ سرتَ بنفسكَ مع أَهل مكَّة والمدينة إلى أَهل البصرة والكوفة ثُمَّ قصدتَ بهم قصد عدوّكَ انتقضت عليك الأَرض من أَقطارها وأَطرافها ، حتَّىٰ إِنَّكَ تريد بأن يكون مَنْ خلَّفته وراءك أَهمُّ إِليكَ مِمَّا تريد أَنْ تقصده ، ولا يكون للمسلمين كانفة تكنفهم، ولا كهف يلجؤون إليه ، وليس بعدك مرجع ولا موئل إذ كُنتَ أَنتَ الغاية والمفزع والملجأ ، فأقم بالمدينة ولا تبرحها ؛ فإنَّه أَهيب لكَ في عدوِّكَ وأَرعب لقلوبهم ؛ فإنَّكَ متىٰ غزوت الأعاجم بنفسكَ يقول بعضهم لبعض : إِنَّ ملك العرب قد غزانا بنفسه ؛ لقلَّة أَتباعه وأَنصاره ، فيكون ذلك أَشدُّ لكلبهم عليكَ وعلى المسلمين ، فأقم بمكانكَ الَّذي أَنتَ فيه ، وابعث من يكفيك هذا الامر ... فقال عمر ... : يا أَبا الحسن ، فما الحيلة في ذلك وقد اجتمعت الأَعاجم عن بكرة أَبيها بنهاوند في خمسين ومائة ألف يريدون استئصال المسلمين؟ ... فقال له عَلِيٌّ بن أبي طالب عليه السلام : الحيلة أَنْ تبعث إِليهم رجلاً مُجرَّباً قد عرفته بالبأس والشدَّة ، فإِنَّكَ أَبصر بجندكَ وأعرف برجالكَ ... فقال له عمر : نِعْمَ ما قلت يا أبا الحسن! ولكنِّي أَحببتُ أَنْ يكون أَهل البصرة والكوفة هم الَّذين يتولون حرب هؤلاء الأَعاجم ... فقال له عَلِيّ رضي اللّٰـه عنه : إِنْ أَحببتَ ذلك فاكتُب إِلى أَهل البصرة أَنْ يفترقوا على ثلاث فرق : فرقة تقيم في ديارهم فيكونوا حرساً لهم يدفعون عن حريمهم ، والفرقة الثانية يقيمون في المساجد يعمّرونها بالأَذان والصَّلاة؛ لكيلا يُعَطَّل الصَّلاة ويأخذون الجزية من أَهل العهد ، لكيلا ينتفضوا عليك، والفرقة الثالثة يسيروا إِلى إِخوانهم من أَهل الكوفة ، ويصنع أَهل الكوفة أَيضاً كصنع أَهل البصرة ، ثُمَّ يجتمعون ويسيرون إِلى عدوَّهم ؛ فإِنَّ اللّٰـه عزَّوجلَّ ناصرهم عليهم ومظفرهم بهم ، فثق باللّٰـه ، ولا تيأس من روح اللّٰـه ؛ إِنَّه لا ييأس من روح اللّٰـه إِلَّا القوم الكافرون. قال : فلَمَّا سمع عمر مقالة عَلِيٌّ كرم اللّٰـه وجهه ومشورته أقبل على النَّاس ، وقال : ويحكم! عجزتم كُلَّكُم عن آخركم أَنْ تقولوا كما قال أبو الحسن ... ثُمَّ أقبل عليه عمر ... فقال : يا أبا الحسن! فأشر عَلَيَّ الآن برجل ترتضيه ويرتضيه المسلمون أَجعله أَميراً وأستكفيه من هؤلاء الفرس ، فقال عَلِيّ رضي اللّٰـه عنه: قد أصبته ، قال عمر : وَمَنْ هو؟ قال : النعمان بن مقرن المزني ، فقال عمر وجميع المسلمين : أصبت يا أبا الحسن! وما لها من سواه...»(1). وهذا(2) بحث متداخل الأَضلاع والزوايا كتداخل أَسنان دوارة الرحىٰ ، ونكتة عذراء ما فُضَّت قَطُّ ، مرَّت عليها الدُّهور والأَزمان وعلماء الإِماميَّة (أَعزَّهم اللّٰـه) حاموا حومها ؛ ولم يطوفوا طورها بنبرة شفة ، فلم تفرز ملفَّاته المُتشابكة ؛ لكنَّه لو فكَّكه الناقد البصير بمراجعة التأريخ ، والاستعانة بملحمة التَّحليل ، وسندان التَّعَمُّق ، وغوص بحر الفكر ؛ لظهرت للخلق أَنباؤها ، ولطفح الخبر اليقين ؛ يعقله الجاهل ويفهمه الغبي ، وانكشف بلا شكٍّ ولا خفاء نقاب الدَّسِّ والظَّنِّ والتَّخمين ، وصار رجوع خيوط الفتوحات طُرّاً في جانبها المشرق كواصف الشَّمس بالضوء إِلى سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله وأَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الفتوح ، أَحمد بن أَعثم الكوفي ، 2 : 389 ـ 295. (2) اسم الإشارة عائد إِلى النكتة المُتقدِّمة ؛ وهي : أَنَّ جميع الفتوحات الإِسلاميَّة في جانبها المُشرق في زمن خلفاء السقيفة الثلاث عائدة إِلى أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (278) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (278) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و الخَمْسين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « أَدوار أَهل البيت عليهم السلام الخفيَّة » ؛ فإِنَّ هناك أُموراً وتدابيراً وأَنشطة قام بها أَهل البيت عليهم السلام ، وأَدواراً مُهمَّة وحسَّاسة وخطيرة قدَّرت يد السَّماء غمرها وإِخفاءها في حياتهم عليهم السلام ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى ذكر مثالين لتوضيح المطلب ، ولازال البحث في المثال الاول ، وهو عن دور أَمير المؤمنين عليه السلام في الفتوحات الإِسلاميَّة من جانبها المُشرق ، وعدم أَهليَّة خلفاء السقيفة لإِدارة مجموعة صغيرة وحضيرة من البشر فضلاً عن إِدارة : دولة ، وعسكر ، وأَمن اِجْتِمَاعِيِّ ، واقتصادي ، وهلمَّ جرّاً ، ووصلنا الى المطلب التالي : وهذا(1) بحث متداخل الأَضلاع والزوايا كتداخل أَسنان دوارة الرحىٰ ، ونكتة عذراء ما فُضَّت قَطُّ ، مرَّت عليها الدُّهور والأَزمان وعلماء الإِماميَّة (أَعزَّهم اللّٰـه) حاموا حومها ؛ ولم يطوفوا طورها بنبرة شفة ، فلم تفرز ملفَّاته المُتشابكة ؛ لكنَّه لو فكَّكه الناقد البصير بمراجعة التأريخ ، والاستعانة بملحمة التَّحليل ، وسندان التَّعَمُّق ، وغوص بحر الفكر ؛ لظهرت للخلق أَنباؤها ، ولطفح الخبر اليقين ؛ يعقله الجاهل ويفهمه الغبي ، وانكشف بلا شكٍّ ولا خفاء نقاب الدَّسِّ والظَّنِّ والتَّخمين ، وصار رجوع خيوط الفتوحات طُرّاً في جانبها المشرق كواصف الشَّمس بالضوء إِلى سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله وأَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام. بل لم يقم للإِسلام شعاع نور قَطُّ إِلَّا ببركته صلى الله عليه واله وسائر أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام ، فلا يُقاس بهم من هذه الأُمَّة أَحد ولا يُسوَّىٰ بهم مَنْ جَرَت نعمتهم عليه أبداً : هم أَساس الدِّين ، وعماد اليقين ، إِليهم يفيء الغالي وبهم يلحق التَّالي ، ولهم خصائص حقّ الولاية ، وفيهم الوصيَّة والوراثة. وليس في ذلك نحو تعصُّب أَو عاطفة ـ وإِنْ كانتا بلحاظهم نوراً ـ بل للشَّواهد التأريخيَّة الصَّارخة بها قصَّاصات كُتُب العامَّة قبل كُتُب الخاصَّة. فانظر : ما تُشير إِليه بيانات الوحي والتقول التأريخيَّة ، منها : بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه في جوابه على سؤال مَنْ قال له : «يا أَمير المؤمنين ، أَرأَيتَ لو كان رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ترك ولداً ذكراً قد بلغ الحلم ، وآنس منه الرشد ، أَكانت العرب تُسَلِّم إِليه أَمرها ؟ قال : لا ، بل كانت تقتله إِنْ لم يفعل ما فعلت ، إِنَّ العرب كرهت أَمر مُحَمَّد صلى الله عليه واله وحسدته على ما آتاه اللّٰـه من فضله ، واستطالت أَيَّامه حتَّىٰ قذفت زوجته ، ونَفَّرت به ناقته ، مع عظيم إِحسانه إِليها ، وجسيم مننه عندها ، وأَجمعت مذ كان حيّاً على صرف الأَمر عن أَهل بيته بعد موته ، ولو لا أَنَّ قريشاً جعلت اسمه ذريعة إِلى الرئاسة وسِلَّماً إلى العزِّ و الإِمرة ، لَـمَا عبدت اللّٰـه بعد موته يوماً واحداً ، ولأَرتدَّت في حافرتها ، وعاد قارحها جذعاً ، وبازلها بكراً ، ثُمَّ فتح اللّٰـه عليها الفتوح ، فأثرت بعد الفاقة ، وتموَّلت بعد الجهد والمخمصة ... ثُمَّ نُسبت تلك الفتوح إلى آراء ولاتها ، وحسن تدبير الأُمراء القائمين بها ، فتأَكَّد عند النَّاس نباهة قوم وخمول آخرين ، فكُنَّا نحن مِـمَّن خمل ذكره ، وخبت ناره ، وانقطع صوته وصيته ، حتَّىٰ أَكل الدَّهر علينا وشرب ، ومضت السنون والأَحقاب بما فيها ، ومات كثير مِـمَّن يعرف ، ونشأ كثير مِـمَّن لا يعرف. وما عسىٰ أَنْ يكون الولد لو كان ! إِنَّ رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله لم يقرِّبني بما تعلمونه من القرب للنَّسب واللحمة ، بل للجهاد والنصيحة ، أَفتراه لو كان له ولد هل كان يفعل ما فعلت ! وكذلك لم يكن يقرب ما قربت ، ثُمَّ لم يكن عند قريش والعرب سبباً للحظوة والمنزلة ، بل للحرمان والجفوة ، اللَّهمَّ إِنَّك تعلم أَنِّي لم أَرد الإِمْرَة ، ولا علو الملك والرياسة ، وإِنَّما أَردتُ القيام بحدودك، والأَداء لشرعكَ ، ووضع الأُمور في مواضعها ، وتوفير الحقوق على أَهلها ، والمضي على منهاج نبيّكَ ، وإِرشاد الضال إِلى أَنوار هدايتك»(2). ودلالته واضحة. وقوله صلوات اللّٰـه عليه : «ثُمَّ نُسبت تلك الفتوح إِلى آراء ولاتها ، وحسن تدبير الأُمراء القائمين بها ، فتأَكَّد عند النَّاس نباهة قوم وخمول آخرين» يُعرِّض وبسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ؛ فإِنَّ ما قدَّموه للإِسلام من جهود وآراء وحسن تدبير أَخذته الأُمراء والولاة، واحتالوا عليها ونسبوها لأَنفسهم ظلماً وجوراً ، وهذا ما يشير إِليه تتمَّة هذا البيان الشَّريف : «فكُنَّا نحن مِـمَّن خمل ذكره ، وخبت ناره ، وانقطع صوته وصيته ، حتَّىٰ أَكل الدَّهر علينا وشرب ، ومضت السنون والأَحقاب بما فيها، ومات كثير مِـمَّن يعرف ، ونشأ كثير مِـمَّن لا يعرف». / رجوع المسلمين إِلى جادَّة الحقِّ/ / قتل المستولي الثالث وتولية أَمير المؤمنين عليه السلام بالإِجماع/ / الإِجماع على تولية أَمير المؤمنين عليه السلام سابقة لم تحدث في التأريخ ولن تحدث/ ومنه تَتَّضح : نكتة محاصرة أَهل مصر والعراق والبحرين القديمة والصَّحابة للمستولي الثالث عثمان وإِزالته عن ملكه ؛ ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) اسم الإشارة عائد إِلى النكتة المُتقدِّمة ؛ وهي : أَنَّ جميع الفتوحات الإِسلاميَّة في جانبها المُشرق في زمن خلفاء السقيفة الثلاث عائدة إِلى أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه. (2) نهج البلاغة ، شرح ابن أَبي الحدد المعتزلي ، 20 : 298 ـ 299/ح414
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (279) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (279) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و الخَمْسين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « أَدوار أَهل البيت عليهم السلام الخفيَّة » ؛ فإِنَّ هناك أُموراً وتدابيراً وأَنشطة قام بها أَهل البيت عليهم السلام ، وأَدواراً مُهمَّة وحسَّاسة وخطيرة قدَّرت يد السَّماء غمرها وإِخفاءها في حياتهم عليهم السلام ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى ذكر مثالين لتوضيح المطلب ، ولازال البحث في المثال الاول ، وهو عن دور أَمير المؤمنين عليه السلام في الفتوحات الإِسلاميَّة من جانبها المُشرق ، وعدم أَهليَّة خلفاء السقيفة لإِدارة مجموعة صغيرة وحضيرة من البشر فضلاً عن إِدارة : دولة ، وعسكر ، وأَمن اِجْتِمَاعِيِّ ، واقتصادي ، وهلمَّ جرّاً ، ووصلنا الى المطلب التالي : / رجوع المسلمين إِلى جادَّة الحقِّ/ / قتل المستولي الثالث وتولية أَمير المؤمنين عليه السلام بالإِجماع/ / الإِجماع على تولية أَمير المؤمنين عليه السلام سابقة لم تحدث في التأريخ ولن تحدث/ ومنه تَتَّضح : نكتة محاصرة أَهل مصر والعراق والبحرين القديمة والصَّحابة للمستولي الثالث عثمان وإِزالته عن ملكه ؛ فبعدما اتَّسع الخرق على الرَّاقع ، وبان الصبح لذي عينين ؛ لبريق حال أَمير المؤمنين عليه السلام ، ولمعان صفاته وأَفعاله ، فانبثق نور الحقيقة وتجلَّىٰ ظلام الجهل ، فشُمَّ برق النجاة ؛ طَأْطَأَتْ على إِثره رؤوس المسلمين فأَرحلوا مطايا التَّشمر : فقتلوا عثمان ونصَّبوا سيِّدَ الأَوصياء عليّ بن أَبي طالب عليه السلام بانتخابٍ شعبيٍّ لم يتمَّ ذلك لأَحدٍ من المستولين الثلاثة الَّذين راموا كسر راية الهدىٰ ، ومحو الكلمة الَّتي الزمها اللّٰـه للمتقين ، فإِنَّ الأَوَّل قد أَتىٰ بالسيف والإِرغام ، والثَّاني بالتَّنصيب ، والثَّالث بالثَّلاثة ، بل لم تتمَّ لأَحدٍ من المسلمين قَطُّ ، بل ولا لجملة البشريَّة. فانظر : بيانات الوحي والنقول التأريخيَّة ، منها : بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «... فإِنَّ اللّٰـه عزَّوجلَّ بعث محمَّداً صلى الله عليه واله للنَّاس كافَّة ... وكان من بعده ما كان من التَّنازع في الأَمر ، وتولَّىٰ أَبو بكر ، وبعده عمر ، ثُمَّ عثمان ، فلَمَّا كان من أَمره ما كان أَتيتموني فقلتم : «بايعنا» فقلتُ : «لا أَفعل» فقلتم : «بلىٰ» فقلت : «لا» وقبضتُ يدي فبسطتُّموها ، ونازعتكم فجذبتموها ، وتداككتم عَلَيَّ تداك الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها ، حتَّىٰ ظننتُ أَنَّكم قاتلي ، وأَنَّ بعضكم قاتل بعض ، فبسطتُ يدي فبايعتموني مختارين ...»(1). فأَين يوجد مِثْل هذا ؟! أَظنَّ ظانٌّ أَنَّه يوجد في غير آل الرسول صلى الله عليه واله ؟! كلا وربُّ الرَّاقصات. وهذا لم يكن محض صدفة ، بل لحضوره عليه السلام السَّاخن في السَّاحة والميدان ، وهذا ما قصده عثمان حين وجَّه خطابه له عليه السلام بقوله : «إِنْ تربصتَ بي فقد تربصتَ بِمَنْ هو خيرٌ منِّي ومِنكَ ...»(2). وهذه صفحة من صفحات سيرته عليه السلام المغمورة ، بعدما اِشْتَبَهْت الأَقلامُ وشطَّ الكلامُ وشطح المقالُ ، فنسبوه صلوات اللّٰـه عليه خَطَأً واشتباهاً بعد رحيل سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : جليس داره مدَّة خمسة وعشرين سنة، ونسوا أَنَّه : الشَّمسُّ الطَّالعة للعَالَم وهي بالأُفق بحيث لا تنالها الأَيدي والأَبصار ، والبدر المنير ، والسِّراج الزَّاهر ، والنُّور السَّاطع ، والنَّجم الهادي في غياهب الدُّجىٰ ، والبيد القفار ، ولُـجَج البحار. الثَّاني : دور الإِمام الصَّادق عليه السلام ، فهناك صفحات جمَّة مُغيَّبة في حياته الشَّريفة ، منها : إِتِّبَاع أَهالي دول المغرب العربي(3) ـ مصر وتونس والجزائر والمغرب ـ لمدرسة أَهل البيت عليهم السلام ؛ فإِنَّه تمَّ على يديه الكريمتين ، فقد ربَّىٰ جماعة من تلامذته ، بل وبعض أَبنائه وأَحفاده وأرسلهم إِلى تلك الدُّول. هذه هي البذرة الأُوْلىٰ لولادة الدَّولة الإِسماعليَّة والفاطميَّة. وعصارة القول : ينبغي لطالب الحقيقة السَّعي ومحاولة كشف ملفَّات وأَدوار أَهل البيت عليهم السلام الخفيَّة ؛ لتتمَّ النَّظرة الشَّاملة والكاملة والمتوازنة لحقائقهم عليهم السلام ؛ الجامعة لمجالات وعلوم لا حصر لها ، وأَنَّ كلَّ واحدٍ منهم صلوات اللّٰـه عليهم : رَجُل التَّدبير ، والفتح الثقافي والعقائدي والمعرفي في السِّرِّ والعلن. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1) الإِحتجاج ، 1 : 236. (2) المصدر نفسه : 229. (3) هناك قبيلة من أَكبر قبائل البربر الأمازيغ ، تقطن دول : تونس والجزائر والمغرب تسمَّىٰ : (كتامة) لا زالت باقية على مدرسة أَهل البيت عليهم السلام
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (280) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (280) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه التَّاسع و الخَمْسُونَ : / / كميَّة تراث الوحي الواصلة إِلينا نَزُرٌ يسير / هناك مادَّة ومعلومة رجاليَّة ، ومادَّة ومعلومة درائيَّة ضروريّة ونفيسة جِدّاً ؛ يلزم أَنْ تعيش في الذهن ، يُستفاد منها في مباحث رجاليَّة وحديثيَّة ودرائيَّة كثيرة جِدّاً ، ينبغي صرف النظر إِليها ، وعدم الغفلة أَو التَّغافل عنها ، حاصلها : أَنَّ مصادر تراث حديث مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الواصلة إِلينا في العصر الرَّاهن لا تُمثِّل كم التراث الحديثي الواصل في القرن الرابع(1)، بل ولا القرن الخامس(2)، أَو السَّادس(3) أَو السَّابع(4) أَو الثَّامن(5) أَو التَّاسع(6) أَو العاشر(7) أَو الحادي عشر(8)؛ فإِنَّ كميَّته الواصلة في هذه القرون أَوسع وأَكثر مِـمَّا وصل إِلينا في هذا العصر ، بل كلَّما تقدَّمت القرون ـ والعياذ باللّٰـه تعالىٰ ـ تآكل تُراث الحديث. والْاِلْتِفَات إلى هذه الظاهرة ينفع في أُمورٍ كثيرةٍ. وللتوضيح : لاحظ الأَمثلة التالية(9): الأَوَّل : كُتُب المقاتل ؛ فإِنَّ من يستقصي مِئات المصادر الرجاليَّة والحديثيَّة القديمة كـ : كتاب : (رجال الكشي) و(رجال النجاشي) و(فهرست الشَّيخ الطوسي) و(فهرست منتخب الدِّين ؛ لابن بابويه) فسيجد أَنَّ الفارق بين ما وصل إِلينا من مَقاتل وما وصل إِليهم شاسع جِدّاً. الثَّاني : كُتُب المزار ؛ فإِنَّ مَنْ يتتبَّع عنوان : (المزار) المسطور في كُتُب الرِّجَال والحديث وغيرها فسيجد أَنَّ الفارق بين ما وصل إِلينا من تصانيف وكُتُب المزار ، وما وصل إِلى المُتقدِّمين شاسع جِدّاً. وعلى هذا قس : كُتُب : (الأَدعية) و(التَّفسير) و(الحديث) وغيرها من كُتُب التراث الدِّيني. وعليه : كيف يحقُّ لمُحقِّقٍ أَو باحثٍ أَو ناقدٍ بناء استظهاراته وتساؤولاته وإِشكالاته على عدم معروفيَّة كتاب مُعيَّنٍ وصل إِلينا في العصر الراهن من كُتُب المَقاتل أَو كُتُب الزيارات أَو كُتُب الأَدعية ، وعدم معروفيَّة دعاء مُعيَّن وصل إِلينا ، أَو عدم معروفيَّة زيارة مُعيَّنة اِعْتِمَاداً على ما وصل إِلينا من مصادر كُتُب الأَدعية والمزارات. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) القرن الرَّابع الهجري قرن : ابن قولويه الابن أُستاذ الشَّيخ المفيد ، وقرن الشَّيخ الصدوق والمفيد. (2) القرن الخامس قرن : السيِّد المرتضىٰ ، والشَّيخ الطوسي. (3) القرن السَّادس قرن : ابن إِدريس الحلِّي ، وقطب الدِّين الراوندي ، والمشهدي ـ صاحب كتاب: (مزار المشهدي). (4) القرن السَّابع قرن : المحقِّق الحلِّي ، وابن طاووس. (5) القرن الثَّامن قرن : العلَّامة الحلِّي. (6) القرن التَّاسع قرن : فخر المحقِّقين ابن العلَّامة الحلِّي ، والشهيد الأَوَّل. (7) القرن العاشر قرن : الشَّهيد الثاني ، ووالد الشَّيخ البهائي. (8) القرن الحادي عشر قرن : المجلسيين ، والحرّ العاملي ، والسيِّد هاشم البحراني ، والفيض الكاشاني. (9) هذه الأَمثلة مُهمَّة جِدّاً
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (281) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (281) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السِّتُّون : / /حقيقة الإِمامة الإِلهيَّة والإِمام عليهم السلام في نوره / ينبغي الْاِلْتِفَات : أَنَّ حقيقة الإِمام والإِمامة الإِلٰهيَّة ليست في بدن الإِمام صلوات اللّٰـه عليه ، وإِنَّما في نوره وفي طبقات حقيقته عليه السلام الصَّاعدة. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «... الإِمام ... ظاهره أَمر لا يُملك ، وباطنه غيب لا يُدرك ... وهل يُعرف أَو يُوصف أَو يُعلم أَو يُفهم أَو يُدرك أَو يُملك مَنْ هو شعاع جلال الكبرياء ، وشرف الأَرض والسَّماء؟ جلَّ مقام آل مُحمَّد صلى الله عليه واله عن وصف الواصفين ، ونعت النَّاعتين ، وأَنْ يقاس بهم أَحد من العالمين ... الإِمام ... بشر ملكيّ ، وجسد سماويّ ، وأَمر إِلٰهيّ ، وروح قدسيّ ، ومقام عليّ ، ونور جليّ ، وسرّ خفيّ ، فهو ملك الذات ، إِلهٰيُّ الصفات ... وهذا كلّه لآلِ مُحمَّد لا يُشاركهم فيه مشارك ... خلقهم اللّٰـه من نور عظمته ، وولَّاهم أَمر مملكته ، فهم سرّ اللّٰـه المخزون ... و ... الكواكب العلوية ، والأَنوار العلويَّة المشرقة من شمس العصمة الفاطميَّة ، وفي سماء العظمة المُحمَّديَّة ، والأَغصان النبويَّة الثابتة في دوحة الأَحمديَّة والأَسرار الإِلهيَّة المودعة في الهياكل البشريَّة ...»(1). وهذه المرتبة والدرجة أَعظم من مرتبة ودرجة الآخرة الأَبديَّة ، ومن ثَمَّ من مُقوِّمات معرفة الإِمامة الإِلٰهيَّة ؛ ومعرفة الإِمام من أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم : معرفتهم ومعرفة مقاماتهم وشؤونهم في هذا العالم الأَرضي ، وفي العوالم التَّالية ، والعوالم السَّالفة كـ : (عَالَم النور). وعليه : فأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم وإِنْ كانوا من حيث أَبدانهم الشَّريفة المُقدَّسة هم أَبناء الجزيرة العربيَّة ، لكنَّهم من حيث أَنوارهم المُقدَّسة هم أَبناء الملكوت وأَبناء السَّاحة الرُّبوبيَّة. وعلى هذا قس : النُّبوَّة وحقيقة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله. وإِلى هذا تشير بيانات الوحي ، منها : بيان قوله جلَّت آلاؤه : [قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ](2). ودلالته واضحة ؛ فإِنَّه أَخذ (الوحي) كأَحد الفصول والمراتب الصَّاعدة لحقيقة ذات سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، وحيث عَبَّر عنه بصيغة الفعل المضارع (يوحي) ، المفيد للتجدُّد والْاِسْتِمْرَار التَأْبِيدي ؛ دلَّ ذلك على أَنَّ أَحد مراتب ذاته صلى الله عليه واله المُقدَّسة : بحر وحي زخَّار ، لا ينزف ولا نهاية له أَبد الآباد ودهر الدُّهور ، ما دام اللّٰـه (عزَّوجلَّ) حاجة في خلقه. وعليه : فلا بُدَّ أَنْ يكون هذا النحو من الوحي فوق عَالَم الآخرة الأَبديَّة ، بل وفوق العرش ، بل وفوق عَالَم الأَسماء والصفات الإِلٰهيَّة المعهودة. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 25 : 169 ـ 174/ح38. (2) الكهف : 110
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (282) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (282) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الحادي و السِّتُّون : / / ثبوت آليَّات إِمامة أَهل البيت عليهم السلام منذُ بدأ الخليقة/ إِنَّه حينما يرد في بيانات الوحي : أَنَّ الإِمام من أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم أُوتي منصب الإِمامة الإِلٰهيَّة في سنِّ (كذا) فمعناه : أَنَّ إِمامته وبعثة الإِمامة الإِلٰهيَّة فُعِّلت في حقِّه في هذه النشأة الأَرضيَّة في ذلك السنّ المُبارك ، أَمَّا ما زوِّد به من آليَّات الإِمامة الإِلٰهيَّة كـ : (العِلْم اللَّدُنِّيّ) لم تُعطَ له في ذلك السن فحسب ، بل وليس من حين ولادته ، ولا في أَرحام أُمَّهاته(1) أَو أَصلاب آبائه صلوات اللّٰـه عليهم ، وإِنَّما مُنذُ أَوَّل وجوده وكينونته في العوالم السَّالفة. وهذه نكتة مُهمَّة جِدّاً يجدر الْاِلْتِفَات إِليها. ومنه تتَّضح كثير من بيانات الوحي الواردة في المقام ، منها : 1ـ ما ورد عن أَمير المؤمنين عليه السلام في بيان ولادة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... ومحمَّد صلى الله عليه واله سقط من بطن أُمِّه ، واضعاً يده اليسرىٰ على الأَرض ، ورافعاً يده اليُمنىٰ إِلى السَّماء ويُحرِّك شفتيه بالتَّوحيد ، وبدا من فيه نوراً...»(2). 2ـ ما ورد عن سيِّد الأَنبياء في بيان ولادة أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آلهما : «... ولقد هبط حبيبي جبرئيل في وقت ولادة عَلِيّ ، فقال: يا حبيب اللّٰـه ، العَلِيّ الأَعلىٰ يقرء عليكَ السَّلَام ويُهنئكَ بولادة أَخيكَ عَلِيّ، ويقول : هذا أَوَان ظهور نُبوَّتك ، وإِعلان وحيكَ ، وكشف رسالتكَ ، إِذ أَيدتكَ بأَخيكَ ووزيركَ وصنوكَ وخليفتكَ ، ومَنْ شددتُ به أَزركَ ، وأَعلنتُ به ذكركَ ، فقم إِليه واستقبله بيدكَ اليمنىٰ ... فقمتُ مبادراً فوجدتُ فاطمة بنتُ أَسد أُمّ عَلِيّ وقد جاء لها المخاض ... فقال حبيبي جبرئيل : ... أُمدد يدكَ يا مُحمَّد ، فمددتُ يدي اليمنىٰ نحو أُمَّه فإذا أَنا بعَلِيٍّ على يدي ، واضعاً يده اليمنىٰ في أُذنه اليمنىٰ ، وهو يؤذِّن ويُقيم بالحنيفيَّة ، ويشهد بوحدانيَّة اللّٰـه (عزَّوجلَّ) وبرسالاتي(3)، ثُمَّ انثنىٰ إِلَيَّ وقال : السَّلَام عليكَ يا رسول اللّٰـه، ثُمَّ قال لي : يا رسول اللّٰـه أَقرء ؟ قلتُ: اِقرء ، فوالَّذي نفس مُحمَّد بيده ، لقد ابتدأ بالصحف الَّتي أَنزلها اللّٰـه (عزَّوجلَّ) على آدم ، فقام بها ابنه شيث؛ فتلاها من أَوَّل حرف فيها إِلى آخر حرف فيها ، حتَّىٰ لو حضر شيث لأَقَرَّ لَه أَنَّه أَحفظ له منه ، ثُمَّ تلا صحف نوح ، ثُمَّ صحف إِبراهيم ، ثُمَّ قرأ توراة موسىٰ حتَّىٰ لو حضر موسىٰ لأَقرَّ له بأَنَّه أَحفظ لها منه ، ثُمَّ قرأ زبور داود حتَّىٰ لو حضر داود لأَقرَّ بأَنَّه أَحفظ لها منه ، ثُمَّ قرأ إِنجيل عيسىٰ حتَّىٰ لو حضر عيسىٰ لأَقَرَّ بأَنَّه أَحفظ لها منه ، ثُمَّ قرأ القرآن الَّذي أَنزله اللّٰـه عَلَيَّ من أَوَّله إلى آخره ، فوجدته يحفظ كحفظي له السَّاعة من غير أَنْ أَسمع منه آية ، ثُمَّ خاطبني وخاطبته بما يُخاطَب الأَنبياء الأَوصياء ، ثُمَّ عاد إِلى حال طفوليَّته ، وهٰكذا أَحَد عشر إِماماَ من نسله ...»(4). 3ـ بيان الإِمام الرضا صلوات اللّٰـه عليه : «للإِمام علامات : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ينبغي الْاِلْتِفَات : أَنَّه ليس المراد من معنىٰ : «الأَرحام المُطهَّرة» الوارد في بيانات الوحي الواصفة لأَحد العوالم السالفة الَّتي مرَّ بها أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم طهارة تلك الأَرحام من الفاحشة فحسب ، بل مطهَّر من مطلق الذنوب. وهذه ضرورة دينيَّة متواترة عند الإِماميَّة (أَعزَّهم اللّٰـه) ، فجملة الأَرحام الَّتي مرَّت بها حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم في عَالَم الأَرحام مطهَّرة ومعصومة إِلى حواء. وعلى هذا قس: بيان قوله تعالىٰ الوارد في حقِّ سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : [وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: 219] ، فإِنَّه برهانٌ وحيانيٌّ دالٌّ على أَنَّ جميع آباء وأَجداد سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ـ ويتبعه سائرأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ـ إِلى آدم عليه السلام مُوحِّدين ، بل معصومين : إِمَّا أَنبياء أَو أَوصياء. وهذه ضرورة دينيَّة أُخرىٰ متواترة أَيضاً ومجمع عليها عند الإِماميَّة (أَعزَّهم اللّٰـه تعالىٰ). فانظر : ما ذكره صاحب البحار المجلسي رحمه الله : «اتَّفقت الإِماميَّة (رضوان اللّٰـه عليهم) على أَنَّ والدي الرسول وكُلّ أَجداده إِلى آدم عليه السلام كانوا مسلمين ، بل كانوا من الصدِّيقين : إِمَّا أَنبياء مرسلين ، أَو أَوصياء معصومين ، ولعلَّ بعضهم لم يظهر الإِسلام تقيَّة أو لمصلحة دينيَّة. قال أَمين الدِّين الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان : «قال أَصحابنا : ... أَنَّ آباء النَّبيّ صلى الله عليه واله إِلى آدم كُلّهم كانوا مُوحِّدين ، وأَجمعت الطائفة على ذلك ، ورووا عن النَّبيّ صلى الله عليه واله أَنَّه قال : «لم يزل ينقلني اللّٰـه من أَصلاب الطَّاهرين إِلى أَرحام المطهَّرات حتَّىٰ أَخرجني في عَالَمكم هذا ، لم يدنسني بدنس الجاهليَّة». ولو كان في آبائه عليه السلام كافر لم يصف جميعهم بالطهارة ، مع قوله سبحانه : [إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]. ولهم في ذلك أدلَّة ليس هنا موضع ذكرها. انتهىٰ». مجمع البيان، 4 : 322...». بحار الأَنوار ، 15 : 117. (2) بحار الأَنوار ، 15 : 260ـ 261/ح11. الاحتجاج : 118 ـ 119. (3) في روضة الواعظين : (برسالتي). وفي الروضة : (ويشهد لِلّٰـه بالوحدانية وبرسالتي). (4) بحار الأَنوار ، 35 : 21ـ 22/ح5. الروضة : 17 ـ 18. روضة الواعظين : 72 ـ 74
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (283) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (283) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الحادي و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « ثبوت آليَّات إِمامة أَهل البيت عليهم السلام منذُ بدأ الخليقة » ؛ فإِنَّ ما زوِّد به الامام عليه السلام من آليَّات الإِمامة الإِلٰهيَّة كـ : (العِلْم اللَّدُنِّيّ) ثابتة له مُنذُ الازل ، ومنه تتَّضح كثير من بيانات الوحي الواردة في المقام ، تقدم شطر منها ، ووصلنا الى البيان والدليل الثَّالث : 3ـ بيان الإِمام الرضا صلوات اللّٰـه عليه : «للإِمام علامات : ... وإِذا وقع إِلى الأَرض من بطن أُمِّه وقع على راحتيه ، رافعاً صوته بالشَّهادتين...»(1). 4ـ ما ورد في بيان ولادة الحُجَّة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه ، عن نسيم ومارية : «أَنَّه لَـمَّا خرج صاحب الزمان من بطن أُمّه سقط جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبابتيه إلى السَّماء ، ثُمَّ عطس وقال : الحمد للّٰـه ربِّ العالمين ، وصلَّىٰ اللّٰـه على مُحمَّد وآله عبداً داخراً لِلّٰـه ، غير مستنكف ولا مستكبر، ثُمَّ قال : زعمت الظلمة : أَنَّ حُجَّة اللّٰـه داحضة ، ولو أُذن لنا في الكلام لزال الشَّكَّ»(2). ودلالة الجميع قد اِتَّضَحَت ، ولا غبار عليها. / باستشهاد سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله انقطعت درجة من درجات الوحي / ثُمَّ إِنَّ عقيدتنا نحن الإِماميَّة بعدم انقطاع عِلْم أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم اللَّدُنِّيّ بعد استشهاد سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ورحيله إِلى الرفيق الأَعلىٰ. ومنه تتَّضح : بيانات الوحي الواردة في المقام ، منها : 1ـ بيان شعر فاطمة الزهراء صلوات اللّٰـه عليها الوارد في حقّ أَبيها صلى الله عليه واله بعد رحيله : ( 3) «قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا فغبتَ عنَّا وكلّ الخير محتجب»(4) 2ـ بيان زيارته صلى الله عليه واله : «... أُصبنا بكَ يا حبيب قلوبنا ، فما أَعظم المصيبة بكَ حيث انقطع عنَّا الوحي ، وحيث فقدناكَ ، فإِنَّا للّٰـه وإِنّا إِليه راجعون ...»(5). فإِنَّ المراد منها ليس انقطاع تمام الوحي عن سائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، بل انقطاع درجة ونور عظيم ومرتبة صاعدة من مراتبه عنهم صلوات اللّٰـه عليهم. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 25 : 116/ح1. الخصال ، 2 : 106. عيون الأَخبار : 119 ـ 120. (2) بحار الأَنوار ، 73 : 53/ح5. مختار الخرائج : 216. (3) بحار الأَنوار ، 29 /ب : 11 : 52/ح4. (4)المصدر نفسه :108 . (5) بحار الأَنوار ، 99 : 212/ح1
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (284) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (284) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّاني و السِّتُّون : / / مقام الإِمامة الإِلهيَّة أَعظم من مقام نبوَّة سائر الأَنبياء عليهم السلام/ إِنَّ إِمامة أَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت الأَطهار صلوات اللّٰـه عليهم أَعظم مرتبة ، وأَخَطرشَأَنَاً وهولاً ، وأَرفع مقاماً من نَبوَّات سائر أَنبياء أُولي العزم ـ كالنَّبِيِّ إِبْرَاهِيمَ ـ عليهم السلام ، بل إِنَّما كانت لهم قيمة ؛ لكونهم وقعوا في سلسلة التَّمهيد لنبوَّة سيِّد الأَنبياء ؛ وإِمامة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم. بل ما كان يتمتَّع به سائر أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام من إِمامة فمع أَنَّ مقامها ومرتبتها ودرجتها تأتي بعد إِمامة الدائرة الاِصطِفائيَّة الثانية لأَهل البيت ـ كإِمامة أَبِي طَالِب وأَبِي الفضل العبّاس ـ صلوات اللّٰـه عليهم. فانظر : بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله: «إِنَّ موسىٰ سأَل ربَّه (عزَّوجلَّ) فقال : يا ربّ اجعلني من أُمَّة مُحمَّد ، فأوحىٰ اللّٰـه تعالىٰ إِليه : يا موسىٰ ، إِنَّكَ لا تصل إِلى ذلك»(1). 2ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام: «... إِنَّ نور أَبي يوم القيامة يُطفئ أَنوار الخلائق(2) إِلَّا خمسة أَنوار : نور مُحمَّد صلى الله عليه واله ، ونوري ، ونور الحسن والحسين، ونور تسعة من ولد الحسين ، فإِنَّ نوره من نورنا الَّذي خلقه اللّٰـه تعالىٰ قبل أَنْ يخلق آدم بألفي عام»(3). 3ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن يوسف بن أَبي سعيد ، قال : «... إِذا كان يوم القيامة ، وجمع اللّٰـه تبارك وتعالىٰ الخلائق كان نوح صلَّىٰ اللّٰـه عليه أَوَّل مَنْ يُدعا به ، فيقال له : هل بَلَّغتَ ؟ فيقول : نعم. فيقال له : مَنْ يشهد لكَ ؟ فيقول : مُحمَّد بن عبد اللّٰـه صلى الله عليه واله. قال : فيخرج نوح صلَّىٰ اللّٰـه عليه فيتخطَّىٰ النَّاس حتَّىٰ يجئ إِلى مُحمَّد صلى الله عليه واله وهو على كثيب المسك ومعه عَلِيّ عليه السلام ... فيقول نوح لمُحمَّد صلى الله عليه واله: يا مُحمَّد ، إِنَّ اللّٰـه تبارك وتعالىٰ سألني : هل بَلَّغتَ ؟ فقلتُ : نعم ، فقال : مَنْ يشهد لكَ ؟ فقلتُ : مُحمَّد ، فيقول : يا جعفر ويا حمزة ، اذهبا واشهدا له ؛ أَنَّه قد بَلَّغ. فقال أَبو عبد اللّٰـه عليه السلام: فجعفر وحمزة هما الشَّاهدان للأَنبياء عليهم السلام بما بلَّغوا. فقلتُ : جعلتُ فداك ، فَعَلِيّ عليه السلام أَين هو ؟ فقال : هو أعظم منزلة من ذلك»(4). لكنَّها(5) مُتقدِّمة على نَبوَّاتهم ؛ فإِمامة النَّبيّ إِبراهيم عليه السلام نالها بعد أَنْ تمتَّع بالنُّبوَّة ثُمَّ الرِّسالة ثُمَّ الخلَّة. لكن : هذا لا يُنافي أَنَّ النُّبوَّة فضيلة من الفضائل اللدنيَّة الاِصطفائيَّة الإِلٰهيَّة ، لم تكن مُتوفِّرة لدىٰ أَئمَّة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم. نعم ، سينالون صلوات اللّٰـه عليهم أَجرها ومقامها في الآخرة الأَبديَّة؛ ببركة طاعاتهم الأُخرىٰ. وبالجملة : أَنَّ إِمامة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم من أَصحاب الدائرة الاِصطِفائيَّة الأُولىٰ مُتقدِّمة بالضرورة على إِمامة أَهل البيت عليهم السلام من أَصحاب الدائرة الاِصطِفائيَّة الثانية، كـ: (أَبي الفضل العبَّاس ، وعبدالمطلب، وعبداللّٰـه ، وأَبي طالب ، وحمزة ، وجعفر الطيار). وإِمامة أَهل البيت من أَصحاب الدائرة الاِصطِفائيَّة الثانية مُتقدِّمة على إِمامة سائر أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام فضلاً عن تقدُّمها على إِمامة سائر الرُّسُل والأَنبياء والأَوصياء والأَصفياء عليهم السلام. وإِمامة أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام مُتقدِّمة على نبوَّاتهم ورسالاتهم الإِلٰهيَّة ؛ لأَنَّهم نالوها بعد النُّبوَّة والرسالة فتكون أَعظم. وعليه : تكون إِمامة أَهل البيت من أَصحاب الدائرة الاِصطِفائيَّة الأُولىٰ صلوات اللّٰـه عليهم مُتقدِّمة بمراتب ودرجات على نُبُوَّة سائر أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام فضلاً عن نُبُوَّة سائر الأَنبياء والرُّسُل عليه السلام. فالتفت واغتنم تربت يداك. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 26 : 268/ح3. عيون أَخبار الرضا عليه السلام : 200. (2) في المصدر : (ليطفئ أَنوار الخلائق كُلّهم). (3) بحار الأَنوار ، 35 : 69/ح3. الإِحتجاج : 122. أَمالي الشَّيخ : 192. (4) بحار الأَنوار ، 7 : 282 ـ 283/ح4. (5) مرجع الضمير : (إِمامة سائر أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام) ، فتكون العبارة كالتَّالي : «إِنَّ إِمامة سائر أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام ـ مع أَنَّ إِمامة أَهل البيت من أَصحاب الدائرة الاِصطفائيَّة الأُولىٰ عليهم السلام مُتقدِّمة عليها، بل وإِمامة أَهل البيت من أَصحاب الدائرة الاِصطفائيَّة الثانية عليهم السلام مُتقدِّمة عليها أَيضاً ، لكنَّها (أَي : إِمامة سائر أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام) ـ مُتقدِّمة على نبوَّاتهم ورسالاتهم الإِلٰهيَّة»
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (285) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (285) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّالث و السِّتُّون : / /إِمامة أَهل البيت عليهم السلام تدفع وترفع اِصْطِكَاك وتَخَاصُم المخلوقات المُكرَّمة/ إِنَّه لولا أَصحاب الكساء صلوات اللّٰـه عليهم ، وهذا البيت والأُسرة الكونيَّة الْعَوَالِمِيَّة لحصل الْاِصْطِكَاك والتَّصَادُم والتَّخَاصُم والْاِخْتِلَاَف بين جملة كُمَّل البشر ـ الأَنبياء والرُّسل والأَوصياء والأَصفياء عليهم السلام ـ في إِدارة الدولة الإِلٰهيَّة ، بل ولحصل ذلك أَيضاً بين من يديرها من سائر المخلوقات كالملائكة ، وإِلى هذا الْاِصْطِكَاك تُشير بيانات الوحي ، منها : بيان قوله جلَّ قوله : [مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ](1). وحَلّ ذلك الْاِصْطِكَاك والتَّصَادُم والتَّخَاصُم والْاِخْتِلَاَف لا يكون إِلَّا بالأيادي الإِلٰهيَّة : أَهل البيت الأَطهار : سيِّد الأَنبياء وسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم. وإِلى هذا تشير بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «... ويطيعنا كُلَّ شيءٍ حتَّىٰ السَّماوات والأَرض ، والشَّمس والقمر والنجوم ، والجبال والشجر والدواب والبحار ، والجنَّة والنَّار ...»(2). 2ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً : «... الإِمام كلمة اللّٰـه ، وحُجَّة اللّٰـه، ووجه اللّٰـه ، ونور اللّٰـه ، وحجاب اللّٰـه ، وآية اللّٰـه يختاره اللّٰـه ويجعل فيه ما يشاء ، ويوجب له بذلك الطَّاعة والولاية على جميع خلقه ، فهو وليَّه في سماواته وأَرضه ، أَخذ له بذلك العهد على جميع عباده ، فَمَنْ تقدَّم عليه كفر باللّٰـه من فوق عرشه ، فهو يفعل ما يشاء ، وإِذا شَاءَ اللّٰـه شَاءَ ... ويرىٰ ما بين المشرق والمغرب ؛ فلا يخفىٰ عليه شيء من عَالَم المُلك والملكوت ... فالولاية هي حفظ الثغور ، وتدبير الأُمور ، وتعديد الأَيّام والشهور ... والنَّبيّ والعترة ... رأس دائرة الإِيمان ، وقطب الوجود ، وسمآء الجود ، وشرف الموجود، وضوء شمس الشرف ، ونور قمره ... فالإِمام هو السراج الوهاج ، والسبيل والمنهاج ... والغدير المُغدَق ، والمنهج الواضح المسالك ، والدليل إذا عمت المهالك ، والسحاب الهاطل ، والغيث الهامل ... والبحر الَّذي لا ينزف ... مهيمن اللّٰـه على الخلائق ، وأمينه على الحقائق ، حُجَّة اللّٰـه على عباده ... هذا كلّه لآل مُحمَّد لا يشاركهم فيه مشارك ... خلقهم اللّٰـه من نور عظمته، وولاهم أَمر مملكته ، فهم سرّ اللّٰـه المخزون ، وأَوليآؤه المُقَرَّبون ... السَّماوات والأَرض عند الإِمام كيده من راحته يعرف ظاهرها من باطنها، ويعلم برها من فاجرها ، ورطبها ويابسها ... فهم ... مَبْدَأٌ الوجود وغايته ، وقدرة الربّ ومَشِيَّته ... وحجج اللّٰـه على الأَوَّلين والآخرين ... وأَنَّ اللّٰـه لم يخلق أَحداً إِلَّا وأَخذ عليه الإِقرار بالوحدانيّة ، والولاية للذُّرِّيَّة الزَّكِيَّة ، والبراءة من أَعدائهم ...» (3). 3ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً : «... وأَنا أَمير المؤمنين ... ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) صٓ : 69. (2) بحار الأَنوار ، 26 : 7/ح1. (3) بحار الأَنوار ، 25 : 169 ـ 174/ح38
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (286) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (286) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّالث و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « إِمامة أَهل البيت عليهم السلام تدفع وترفع اِصْطِكَاك وتَخَاصُم المخلوقات المُكرَّمة » ؛ فإِنّه لولا أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم لحصل الْاِصْطِكَاك والتَّصَادُم والتَّخَاصُم والْاِخْتِلَاَف بين جملة كُمَّل البشر ـ الأَنبياء والرُّسل والأَوصياء والأَصفياء عليهم السلام ـ في إِدارة الدولة الإِلٰهيَّة ، بل ولحصل ذلك أَيضاً بين من يديرها من سائر المخلوقات كالملائكة ، وإِلى كل هذا تُشير بيانات الوحي ، تقدم شطر منها ، ووصلنا الى البيان والدليل الثَّالث : 3ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً : «... وأَنا أَمير المؤمنين ... وخليفة ربّ العالمين ... والحُجَّة على أَهل السَّماوات والأَرضين وما فيهما وما بينهما...»(1). 4ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه ، عن سلمان ، قال : «... ثُمَّ إِنَّ أَمير المؤمنين عليه السلام أَمر الريح فسارت بنا إِلى جبل قاف فانتهيت(2) إِليه ، وإِذا هو من زمرّدة خضراء ، وعليها مَلَك على صورة النسر ، فلَمَّا نظر إِلى أَمير المؤمنين عليه السلام قال المَلَكُ : السَّلام عليك يا وصيّ رسول اللّٰـه وخليفته ، أَتأذن لي في الكلام ؟ فردَّ عليه السَّلام وقال له : إِنْ شئتَ تكلَّم ، وإِنْ شئتَ أَخبرتُكَ عمَّا تسألني عنه . فقال المَلَكُ : بل تقول أَنتَ يا أَمير المؤمنين ، قال : تريد أَنْ آذن لكَ أَنْ تزور الخضر عليه السلام . قال : نعم . فقال عليه السلام : قد أذنتُ لك ، فأسرع المَلَكُ ... فقال سلمان : يا أمير المؤمنين ، رأيتُ المَلَكَ ما زار الخضر إِلَّا حين أَخذ إذنكَ . فقال عليه السلام : والَّذي رفع السَّمآء بغير عمد ترونها ، لو أَنَّ أَحدهم رام أَنْ يزول من مكانه بقدر نفس واحد لَـمَا زال حتَّىٰ آذن له ، وكذلك يصير حال ولدي الحسن وبعده الحسين وتسعة من ولد الحسين ...»(3). 5ـ بيان الإِمام الصادق عليه السلام ، عن المفضَّل ، قال : «... قلتُ له : يا بن رسول اللّٰـه ، فعلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام يدخل محبيه الجنَّة ومبغضيه النَّار أَو رضوان ومالك ؟ فقال : ... فعليّ بن أَبي طالب إِذاً قسيم الجنَّة والنَّار عن رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ، ورضوان ومالك صادران عن أمره ...»(4). 6ـ بيان الإِمام الجواد عليه السلام : «... إِنَّ اللّٰـه تبارك وتعالىٰ لم يزل متفرِّداً بوحدانيَّته ، ثُمَّ خلق مُحمَّداً وعليّاً وفاطمة فمكثوا أَلف دهر ، ثُمَّ خلق جميع الأَشياء فأشهدهم خلقهم ، وأجرىٰ طاعتهم عليها ، وفوَّض أُمورهم إليهم ...»(5). 7ـ بيان زيارتهم صلوات اللّٰـه عليهم : «... السَّلام على أُمراء الإِسلام، وملوك الأَديان ... السَّلام على كهوف الكائنات وظلّها ...»(6). ودلالة الجميع واضحة. ومنه يتَّضح : الجمّ الغفير من بيانات الوحي الْأُخْرَى، منها : أَوَّلاً : بيان سيِّد الأَنبياء مُخاطباً أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آلهما : «يا عَلِيُّ ، كُنتَ مع الأَنبياء سرّاً ، ومعي جهراً»(7). ثانياً : بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «كُنتُ مع الأَنبياء باطناً ومع رسول اللّٰـه ظاهراً»(8). وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 53 : 46 ـ 49/ح20. (2) في المصدر : (فانتهينا). (3) بحار الأَنوار ، 27 : 33 ـ 40/ح5. المختصر : 71 ـ 76. (4) بحار الأَنوار ، 39 : 195/ح5. علل الشرائع : 65. (5) بحار الأَنوار ، 15 : 19/ح29. (6) المصدر نفسه ، 99 : 53. (7) مشارق أَنوار اليقين : 248. الأَنوار النعمانيَّة ، 1 : 309. (8) مصباح الهداية : 142
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (287) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (287) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، وصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الرَّابع والسِّتُّون : / / مجالات العِلْم اللَّدُنِّيّ والمَلَكُوتَي واللَّاهُوتِيّ/ إِنَّ بيان قوله تعالىٰ : [وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ](1)، وبيان قوله تقدَّس ذكره : [قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا](2)، برهانان وحيانيَّان دالَّان على أَنَّ العِلْمَ اللَّدُنِّيّ والمَلَكُوتَي واللَّاهُوتِيّ الَّذي يتمتَّع به سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله وسائر أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام يُستثمر ويُستخدم في موارد خاصَّة ، ليس منها : استخدامه في الأُمور العاديَّة ، بل ولا في الجانب العسكري والأَمني وإِقامة الدِّين والدفاع عنه. وحينئذٍ لا بُدَّ للمعصوم عليه السلام من المكابدة والمُجاهدة في تحصيل معلوماتها وعلومها من خلال سلوك الأَسباب الطبيعيَّة. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الأعراف : 188. (2) الجن : 25
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (288) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (288) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الخامس والسِّتُّون : / / كلام الإِمام وحيٌ إِلهيٌّ / ينبغي الْاِلْتِفَات : أَنَّ الوحي الإلٰهي على مراتب ودرجات ، منها : كلام الإِمام المعصوم عليه السلام ؛ فإِنَّه وإِنْ لم يكن وحياً نبويّاً ، لكنَّه وحي إِمامة إِلٰهيَّة وعلم لدنِّيّ. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «إِنَّ للّٰـه عموداً من نور ، حجبه اللّٰـه عن جميع الخلائق ، طرفة عند اللّٰـه ، وطرفه الآخر في أُذن الإِمام ، فإِذا أَراد اللّٰـه شيئاً أَوحاه في أُذن الإِمام عليه السلام »(1). 2ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن صالح بن سهل ، قال : «كنتُ جالساً عنده فقال لي اِبْتِدَاءً منه : يا صالح بن سهل ، إِنَّ اللّٰـه جعل بينه وبين الرسول رسولاً ؛ ولم يجعل بينه وبين الإِمام رسولاً ، قال : قلتُ : وكيف ذاك ؟ قال: جعل بينه وبين الإِمام عموداً من نور ينظر اللّٰـه به إِلى الإِمام ، وينظر الإِمام به إِليه ، فإِذا أَراد علم شيء نظر في ذلك النور فعرفه»(2). ودلالته ـ كدلالة سابقة ـ واضحة. ومنه يتَّضح : مَدَى اِنْحِطَاط وشذوذ منهج بعض من ينتمي من الباحثين إِلى مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، فإنَّه يتعامل مع البيانات النبويَّة وبيانات سائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم كتعامله مع كلام العلماء ؛ فله الأَخذ به وله الإِعراض عنه. وهذا المنهج وأَشباهه ونظائره يكشف بنحو : (الإِنْ)(3) عن وجود خلل عقائديّ ومعرفيّ خطير في دخيلة هذا الباحث وفي منظومته العقائديَّة والمعرفيَّة ، وأَنَّ لديه مناقشة ونقار ـ والعياذ باللّٰـه تعالىٰ ـ في أَصل إِمامة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ؛ وإِلَّا فبَعْد الْاِعْتِقَاد والبناء والْاِلْتِزَام بإِمامتهم عليهم السلام ؛ وأَنَّهم أَوصياء ومعصومون ؛ وكلامهم نمط وحي إِلٰهيّ لدنِّيّ؛ كيف يكون المخلوق بالخيار في كلامهم صلوات اللّٰـه عليهم بين الأَخذ والردّ ، كحال كلام العلماء!! وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 26 : 134/ح9. بصائر الدرجات ، 2 : 340/ح1570 ـ 1. (2) المصدر نفسه : 134 ـ 135/ح10. بصائر الدرجات ، 2 : 340/ح1571ـ2. المختصر : 128. (3) أَي : بالبرهان الإِنِّي ، أَي : أَنَّ الْاِنْطِلَاق يكون من المعلول إِلى العلَّة
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (289) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (289) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السَّادس والسِّتُّون : / / مقام الولاية الإِلهيَّة الْكُبْرَى لأَهل البيت عليهم السلام/ إِنَّ مقام الولاية الإِلٰهيَّة الْكُبْرَى ـ الوارد في بيان قوله تعالىٰ : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ](1) أي : أصحاب الروح الامري ؛ حقيقة الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ الصاعدة ، المشار اليها في بيان قوله (تعالىٰ ذكره) : [وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا] (2) ، والتي ورثها سائرأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم بالوراثة الاِصطِفائيَّة، والمشار اليها في بيانات الوحي الْأُخْرَى ، منها : بيان الامام الصادق عليه السلام : «... فينا روح رسول الله صلى الله عليه واله »(3) ـ وما قد يُعبَّر عن هذه الولاية الإِلٰهيَّة بـ : (الدولة الإِلٰهيَّة) لسيِّد الأَنبياء ولسائرأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الثابتة والحاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات أَرفع شأناً وأَخطر دوراً وأَعظم هولاً من دون قياس من إِمامتهم صلوات اللّٰـه عليهم السياسيَّة ، وحُجِّيَّتهم الإِلٰهيَّة في هذه النَّشْأَة الأَرضيَّة ؛ فإِنَّ الدولة الإِلٰهيَّة لا تقتصر على الحاكميَّة الإِلٰهيَّة في النَّشْأَة الأَرضيَّة ، وإِنَّما تعتمد على حاكميَّة اللّٰـه في طُرِّ العوالم وعلى سائر المخلوقات ـ كما تقدَّم ـ . إِذَنْ : ليس المراد من ولاية أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الولاية السياسيَّة في حقبة زمنيَّة ضيِّقة ، أَو حقبة زمنيَّة خاصَّة بِعَالَم النَّشْأَة الأَرضيَّة ، بل شاملة لِكُلِّ العوالم ؛ وجميع المخلوقات الإِلٰهيَّة غير المتناهية ، وشاملة لكافَّة أُمورها وأَحوالها(4) وشؤونها . وإِلى هذا تشير بيانات الوحي الوافرة الباهرة ، منها: ما تقدَّم ، ويضاف إِليها : بيان قوله جلَّ ثناؤه : [وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ](5). فإِنَّه برهان وحيانيٌّ دالٌّ على أَنَّ غاية النَّشْأَةُ الأَرضيَّة إِلى حين ، وخلافة خليفة اللّٰـه ليست مقرونة بها ، كحال ولاية اللّٰـه ودينه . بعد الْاِلْتِفَات : أَنَّ هناك فوارق بين الدِّين والشريعة(6)، منها : أَوَّلاً : أنَّ دين اللّٰـه واحد ؛ وهو دين الإِسلام . فانظر : بيانات الوحي ، منها : بيان قوله تعالىٰ ذكره : [إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ](7). بخلاف الشَّريعة ؛ فإِنَّها مُتعدِّدة. فلاحظ : بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان قوله تبارك وتعالىٰ : [لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا](8). ثانياً : أَنَّ دين الإِسلام شامل لجميع المخلوقات وجملة العوالم غير المتناهية ؛ من بداية الخلقة إِلى ما لا نهاية ، ومن ثَمَّ يكون عَالَم الآخرة الأَبديَّة محكوماً به ؛ فهو النظام الحاكم لأَهل الجنَّة في الجنان ، ولأَهل النَّار في النيران. بخلاف الشريعة ؛ فإِنَّها مختصَّة بالنَّشْأَة الأَرضيَّة ، وبالثقلين (الإِنس والجن) ، وهذا ما يُوضِّح نكتة اشتقاقها ؛ فإِنَّها مشتقَّة من الشروع والْاِبْتِدَاء. وعليه : فالموقعيَّة العقائديَّة والمعرفيَّة المرتبطة تداعياتها بالدِّين تكون أَعظم هولاً ، وأَخطر أَثراً ، وأَعظم فائدةً من الموقعيَّة العقائديَّة المرتبطة تداعياتها بالشريعة. وحيث إِنَّ ولاية أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ومقاماتهم من الدِّين، بل من أُصوله وأُسسه فلا تختصُّ بالنشأة الأَرضيَّة ، بل شاملة لكُلِّ العوالم ؛ وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتداعياتها أَخطر وأَعظم هولاً. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... وليبعثن اللّٰـه أَحياء من آدم إلى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه واله كُلّ نبيٍّ مرسل ، يضربون بين يدي بالسيف هام الأَموات والأَحياء والثقلين جميعاً. فيا عجباً وكيف لا أَعجب من أَمواتٍ يبعثهم اللّٰـه أَحياء يُلبُّون زمرة زمرة بالتَّلبية : لبيكَ لبيكَ يا داعي اللّٰـه ... وإنَّ لي الكرَّة بعد الكرَّة ، والرَّجعة بعد الرَّجعة ، وأَنا صاحب الرَّجعات والكرَّات، وصاحب الصولات والنقمات ، والدولات العجيبات ... وَأَنا الحاشر إلى اللّٰـه ... وَأَنا صاحب الجنَّة والنَّار ، وأسكن أَهل الجنَّة الجنَّة ، وأسكن أَهل [النَّار] النَّار ، وإِلَيّ تزويج أَهل الجنَّة ، وإِلَيّ عذاب أَهل النَّار ، وإِلَيّ إِياب الخلق جميعاً ، وأَنا الاياب الَّذي يؤوب إِليه كُلّ شيء بعد القضاء ، وإِلَيّ حساب الخلق جميعاً ... وأنا المؤذن على الأَعراف ... وَأَنا خازن الجنان وصاحب الأَعراف ، وَأَنا ... الحُجَّة على أَهل السماوات والأَرضين وما فيهما وما بينهما ، وَأَنا الَّذي احتجَّ اللّٰـه به عليكم في ابتداء خلقكم ...» (9). ودلالته واضحة على شمول إِمامة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم لجملة المخلوقات وسائر العوالم ، منها : عَالَم البرزخ ، وعَالَم الرَّجعة ـ آخرة الدُّنيا ـ ، وعَالَم القيامة ، وعَالَم الآخرة الأَبديَّة ـ الجنَّة والنَّار الأَبديَّتان ـ وعَالَم الذَّرِّ والميثاق ؛ وبقيَّة العوالم. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)النساء : 59 . (2)الشورى :52 . (3) بحار الأَنوار ، 25 : 62 ـ63/ح41. بصائر الدرجات : 136 . (4) مرجع الضمير في (أُمورها) ، و (أَحوالها) ، و(شؤونها) : «كُلّ العوالم وجميع المخلوقات». (5) البقرة : 35 ـ 36. (6) ينبغي أَنْ لا يُخلط ـ كما خلطت كثير من كُتُب علم الكلام ـ بين مباحث الدِّين ، ومباحث الشريعة. (7) آل عمران : 19. (8) المائدة : 48. (9) بحار الأَنوار ، 53 : 46 ـ 49/ح20
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (290) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (290) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه السَّادس و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « مقام الولاية الإِلهيَّة الْكُبْرَى لأَهل البيت عليهم السلام » ؛ فإِنّ مقام الولاية الإِلٰهيَّة الْكُبْرَى لسيِّد الأَنبياء ولسائرأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الثابتة بالْبَيَانَات والأَدِلَّة الْوَحْيَانيَّة والعقليَّة المتواترة ، والحاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات أَرفع شأناً وأَخطر دوراً وأَعظم هولاً من دون قياس من إِمامتهم صلوات اللّٰـه عليهم السياسيَّة ، وحُجِّيَّتهم الإِلٰهيَّة في هذه النَّشْأَة الأَرضيَّة ؛ فإِنَّ الدولة الإِلٰهيَّة لا تقتصر على الحاكميَّة الإِلٰهيَّة في النَّشْأَة الأَرضيَّة ، وإِنَّما تعتمد على حاكميَّة اللّٰـه في طُرِّ العوالم وعلى سائر المخلوقات، وقد تقدم في الدرس السابق شطرمن هذا البحث ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... وليبعثن اللّٰـه أَحياء من آدم إلى محمَّد صلى الله عليه واله كُلّ نبيٍّ مرسل ، يضربون بين يدي بالسيف هام الأَموات والأَحياء والثقلين جميعاً. فيا عجباً وكيف لا أَعجب من أَمواتٍ يبعثهم اللّٰـه أَحياء يُلبُّون زمرة زمرة بالتَّلبية : لبيكَ لبيكَ يا داعي اللّٰـه ... وإنَّ لي الكرَّة بعد الكرَّة ، والرَّجعة بعد الرَّجعة ، وأَنا صاحب الرَّجْعَات والكرَّات، وصاحب الصولات والنقمات ، والدولات العجيبات ... وَأَنا الحاشر إلى اللّٰـه ... وَأَنا صاحب الجنَّة والنَّار ، وأسكن أَهل الجنَّة الجنَّة ، وأسكن أَهل [النَّار] النَّار ، وإِلَيّ تزويج أَهل الجنَّة ، وإِلَيّ عذاب أَهل النَّار ، وإِلَيّ إِيَاب الخلق جميعاً ، وأَنا الْإِيَاب الَّذي يؤوب إِليه كُلّ شيء بعد القضاء ، وإِلَيّ حساب الخلق جميعاً ... وأنا المؤذن على الأَعراف ... وَأَنا خازن الجنان وصاحب الأَعراف ، وَأَنا ... الحُجَّة على أَهل السماوات والأَرضين وما فيهما وما بينهما ، وَأَنا الَّذي احتجَّ اللّٰـه به عليكم في ابتداء خلقكم ...» (1). ودلالته واضحة على شمول إِمامة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم لجملة المخلوقات وسائر العوالم ، منها : عَالَم البرزخ ، وعَالَم الرَّجعة ـ آخرة الدُّنيا ـ ، وعَالَم القيامة ، وعَالَم الآخرة الأَبديَّة ـ الجنَّة والنَّار الأَبديَّتان ـ وعَالَم الذَّرِّ والميثاق ؛ وبقيَّة العوالم. 2ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن المُفضَّل بن عمر ، قال : «... فقلت له: يابن رسول اللّٰـه فَعَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام يدخل محبّه الجنَّة ومبغضه النَّار أَو رضوان ومالك ؟ فقال: ... فَعَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام إذاً قسيم الجنَّة والنَّار عن رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ، ورضوان ومالك صادران عن أَمره بأمر اللّٰـه تبارك وتعالىٰ ، يا مُفَضَّل ، خذ هذا فإنَّه من مخزون العلم ومكنونه ، لا تخرجه إِلَّا إِلى أَهله»(2). ودلالته قد اتَّضحت. / هول وعظمة وخطر ولاية الزهراء عليها السلام الإِلهيَّة/ ومنه يتَّضح : أَنَّ بيانات الوحي الظافرة الوافرة بعدما رسمت لفاطمة الزهراء صلوات اللّٰـه عليها مَوْقِعِيَّة في الدِّين ؛ فلا تكون ولايتها ولاية إِمامة سياسيَّة مختصَّة بهذه النشأة الأَرضيَّة ، بل ولاية إِلٰهيَّة كُبْرَى شاملة لجملة العوالم وطُرّ المخلوقات. ومن ثَمَّ ليس من المناسب للباحث في علم الكلام وغيره التساؤل عن ثبوت إِمامتها السياسيَّة في هذه النشأة ، فإِنَّ ما تتمتَّع به صلوات اللّٰـه عليها من ولاية إِلٰهيَّة كُبْرَى هي أَعظم خطراً وأَرفع شأناً أَعْلَى مقاماً من دون قياس من الإِمامة السياسيَّة ؛ والرسالات الإِلٰهيَّة الأَرضيَّة ، مع أَنَّ الثابت في بيانات الوحي والمُسلَّمات العقائديَّة والفقهيَّة : أَنَّ لها صلوات اللّٰـه عليها أَدواراً في حكومة سيِّد الأَنبياء وحكومة أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آليهما السياسيَّتين في عَالَم آخرة الدُّنيا (الرَّجعة). وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 53 : 46 ـ 49/ح20. (2) المصدر نفسه ، 39 : 194 ـ 196/ح5. علل الشرائع : 65
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (291) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (291) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السَّابع والسِّتُّون : / / طبقات تحمُّل علوم أَهل البيت عليهم السلام/ إِنَّ بعض ما أُعطي لأَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم لا يحتمله إِلَّا مَنْ كَتَبَ اللَّـه في قلبه الإِيمان. فانظر : بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «إِنَّ أَمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إِلَّا مَنْ كَتَبَ اللَّـه في قلبه الإِيمان»(1). ودلالته واضحة. وبعضها الآخر لا يحتمله إِلَّا نبيٌّ مرسلٌ ، أَو ملكٌ مُقَرَّب ، أَو مؤمنٌ مُـمتحنٌ. فلاحظ : بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «إِنَّ حديث آل مُـحمَّد صعب مستصعب ، لا يؤمن به إِلَّا مَلَك مُقَرَّبٌ ، أَو نَبِيٌّ مرسل ، أَو عبد امتحن اللَّـه قلبه للإِيمان... وإِنَّما الهالك : أَنْ يُحدَّث بشيءٍ منه لا يحتمله فيقول : واللَّـه ، ما كان هذا شيئاً ، والإِنكار هو الكفر»(2). 2ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام ، عن جابر بن يزيد ، قال : «... يا جابر ، حديثنا صعب مستصعب ، أَمرد ، ذكوان ، وعر أَجرد ، لا يحتمله واللَّـه إِلَّا نَبِيٌّ مُرْسَل ، أَو مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، أَو مؤمن مُمتحن ، فإذا ورد عليك يا جابر شيءٌ من أَمرنا فلان له قلبكَ فاحمد اللَّـه ، وإِنْ أَنكرته فردَّه إِلينا أَهل البيت ، ولا تقل: كيف جاء هذا ؟ وكيف كان ؟ وكيف هو ؟ فإنَّ هذا واللَّـه الشرك باللَّـه العظيم»(3). ودلالتها واضحة. وبعضها الثالث لا يحتمله لا نبيّ مرسل ـ كـ : النَّبيِّ إِبراهيم عليه السلام ـ ولا مَلَك مُقَرَّب ـ كـ : جبرئيل عليه السلام ـ ولا مؤمن ممتحن ـ كـ : سلمان رضوان اللَّـه عليه ـ إِلَّا مَنْ شاؤوا صلوات اللَّـه عليهم. فانظر : بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن أَبي الصَّامت ، قال : «إِنَّ حديثنا صعب مستصعب ، شريف كريم ، ذكوان ذكيٌّ وعر ، لا يحتمله مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، ولا نبيٌّ مرسَلٌ ، ولا مؤمن مُـمْتَحن. قلتُ: فَمَنْ يحتملهُ جعلتُ فداك ؟ قال: مَنْ شئنا يا أَبا الصامت. قال أبو الصَّامت : فظننتُ أَن للَّـه عباداً هُم أفضل من هؤلاء الثلاثة»(4). وبعضها الرَّابع لا يحتمله إِلَّا هم صلوات اللَّـه عليهم. فلاحظ : بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن أَبي الصَّامت ، قال : «سمعتُ أَبا عبداللَّـه عليه السلام يقول : إِنَّ من حديثنا مالا يحتمله مَلَك مُقَرَّب ، ولا نبيٌّ مُرسَل، ولا عبد مؤمن. قلتُ : فَمَنْ يحتمله ؟ قال : نحن نحتمله»(5). وإِلى كُلِّ هذا أَشارت بيانات الوحي الاخرى، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... إنَّ عندنا سرّاً مِنْ سرِّ اللَّـه ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 2 : 195/ح41. (2) بحار الأَنوار ، 2 : 189/ح21. (3) المصدر نفسه : 208/ح102. (4) بحار الأَنوار ، 2 : 192/ح34. (5) بحار الأَنوار ، 2 : 193/ح36
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (292) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (292) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه السَّابع و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « طبقات تحمُّل علوم أَهل البيت عليهم السلام » ؛ وتقدم : أَنَّ تحمل المخلوقات لعلوم ومعارف أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصاعدة على طبقات ومراتب اربع : احدها : لا يتحملها إِلَّا مَنْ كَتَبَ اللَّـه في قلبه الإِيمان . ثانيها : لا يحتملها إِلَّا نبيٌّ مرسلٌ ، أَو ملكٌ مُقَرَّب ، أَو مؤمنٌ مُـمتحنٌ . ثالثها : لا يحتملها لا نبيّ مرسل ـ كـ : النَّبيِّ إِبراهيم عليه السلام ـ ولا مَلَك مُقَرَّب ـ كـ : جبرئيل عليه السلام ـ ولا مؤمن ممتحن ـ كـ : سلمان رضوان اللَّـه عليه ـ إِلَّا مَنْ شاؤوا صلوات اللَّـه عليهم . رابعها : لا يحتملها ـ أيضا ـ لا نبيّ مرسل ـ كـ : النَّبيِّ إِبراهيم عليه السلام ـ ولا مَلَك مُقَرَّب ـ كـ : جبرئيل عليه السلام ـ ولا مؤمن ممتحن ـ كـ : سلمان رضوان اللَّـه عليه ـ إِلَّا هم صلوات اللَّـه عليهم ، وقد تقدم في الدرس السابق شطر من هذا البحث وأَدِلَّته وبياناته ، ووصلنا الى المطلب التالي : وإِلى كُلِّ هذا أَشارت بيانات الوحي الاخرى، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... إنَّ عندنا سرّاً مِنْ سرِّ اللَّـه ، وعلماً من علم اللَّـه لا يحتمله مَلَك مُقَرَّب ، ولا نبيّ مُرسَل ، ولا مؤمن أَمتحن اللَّـه قلبه للإِيمان ، واللَّـه ما كلَّف اللَّـه أَحَداً ذلك الحمل غيرنا ، ولا استعبد بذلك أَحداً غيرنا ، وإِنَّ عندنا سرّاً من سرِّ اللَّـه ، وعلماً من علم اللَّـه أَمرنا اللَّـه بتبليغه ، فبلَّغنا عن اللَّـه (عزَّوجلَّ) ما أَمرنا بتبليغه ، ما نجد له موضعاً ، ولا أَهلاً ولا حمَّالة يحملونه حتَّىٰ خلق اللَّـه لذلك أَقواماً ؛ خُلقوا من طينةٍ خُلق منها مُـحمَّد صلى الله عليه واله وذرِّيَّته ، ومن نور خلق اللَّـه منه مُـحمَّداً وَذُرِّيَّته ، وصنعهم بفضل صنع رحمته الَّتي صنع منها مُـحَمَّداً صلى الله عليه واله ؛ فبَّلغناهم عن اللَّـه (عزَّوجلَّ) ما أَمرنا بتبليغه ، فقبلوه واحتملوا ذلك ، وبلغهم ذاك عنَّا فقبلوه واحتملوه ، وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إِلى معرفتنا وحديثنا ، فلولا أَنَّهم خُلقوا من هذا لَـمَا كانوا كذلك ، ولا واللَّـه ما احتملوه. ثُمَّ قال: إِنَّ اللَّـه خلق قوماً لجهنَّم والنَّار ؛ فأَمرنا أَنْ نُبَلِّغهم كما بلَّغناهم فاشمأزوا من ذلك ، ونفرت قلوبهم وردوه علينا ، ولم يحتملوه ، وكذبوا به ... فطبع اللَّـه على قلوبهم وأَنساهم ذلك ، ثُمَّ أَطلق اللَّـه لسانهم ببعض الحقِّ ، فهم ينطقون به وقلوبهم منكرة ؛ ليكون ذلك دفعاً عن أَوليائه وأَهل طاعته ، ولولا ذلك ما عُبد اللَّـه في أَرضه ، فأمرنا بالكفِّ عنهم ، والكتمان منهم ، فاكتموا مِـمَّن أَمر اللَّـه بالكفِّ عنهم ، واستروا عمَّن أَمر اللَّـه بالستر والكتمان منهم ، قال : ثُمَّ رفع يده وبكىٰ وقال : اللَّهُمَّ ، إِنَّ هؤلاء لشرذمةٍ قليلون فاجعل محياهم محيانا، ومماتهم مماتنا ، ولا تُسَلِّط عليهم عدواً لك فتفجعنا بهم ؛ فإِنَّكَ إِن فجعتنا بهم لم تُعبد أَبداً في أَرضك»(1). ودلالة الجميع واضحة . / نكتة اِبْتِلَاَءات بعض الأَنبياء عليهم السلام/ وهذا ما يُوضِّح : نكتة وفلسفة تعرُّض بعض الأَنبياء عليهم السلام السَّابقين إِلى الاِبْتِلَاَءات ، منهم : النَّبيّ آدم عليه السلام ؛ فإِنَّه لَـمَّا عُرضت عليه بعض مقامات وشؤون أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم توقَّف فعوقب باِبْتِلَاَئه المعروف وأُخرج من الجنَّة ، وعفي عنه بعد أَن رجع واستغفر وتاب ، لكنَّه لم يُجعل من أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام بسبب توقفه. وهكذا النَّبيّ أَيوب عليه السلام ؛ فابتُلي بالمرض وسائر اِبْتِلَاَءاته إِلى أَنْ تاب فأدركته السعادة بأَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم. وعلى هذا قس حال النَّبيّ يونس عليه السلام ، فأبتُلي بالحوت ، وحُبس في بطنه إِلى أَنْ تاب وقَبَل ولاية أَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، منضمّاً إِليه بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه ، قال : «إِنَّ اللَّـه تعالىٰ عرض ولاية عَلِيّ بن أبي طالب عليه السلام على أَهل السَّماوات وأَهل الأَرض فقبلوها ما خلا يونس بن متى ، فعاقبه اللَّـه وحبسه في بطن الحوت ؛ لإنكاره ولاية أَمير المؤمنين عَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام حتَّىٰ قبلها». قال أبو يعقوب(2): «فنادىٰ في الظلمات أَنْ لا إِلٰه إِلَّا أَنْتَ سبحانك إِنِّي كنت من الظالمين لإنكاري ولاية عَلِيّ بن أبي طالب عليه السلام ». قال أبو عبد اللَّـه: فأنكرتُ الحديث فعرضته على عبداللَّـه بن سليمان المدنيّ ؛ فقال لي : «لا تجزع منه ؛ فإنَّ أَمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالب عليه السلام خطب بنا بالكوفة ، فحمد اللَّـه تعالىٰ وأَثْنَى عليه ، فقال في خطبته : «فلولا إِنَّه كان من المُقِرِّين للبث في بطنه إلى يوم يُبعثون». فقام إِليه فلان بن فلان وقال: يا أَمير المؤمنين ؛ إِنَّا سمعنا اللَّـه(3): [فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ]. فقال : أُقعد يا بكّار : «فلولا إِنَّه كان من المُقِرِّين للبث ... إلى آخِر الآية»(4)»(5). 2ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه ، مُخاطِباً سلمان (رضوان اللَّـه عليه) : «... يا سلمان ، أَنا الَّذي دُعيت الأُمم كُلِّها إِلى طاعتي فكفرت فعُذِّبت بالنَّار...». قال ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 25 : 385 ـ 386/ح44. المحتضر : 154 ـ 155. (2) أَبو يعقوب ـ هذا ـ وأَبو عبداللَّـه الآتي ذكره من أَصحاب رواة وإسناد هذا الحديث الشريف. (3) في المصدر : (إِنَّا سمعنا اللَّـه يقول). (4) الصافات : 143. (5) بحار الأَنوار ، 26 : 333 ـ 334/ح16. تفسير فرات الكوفي : 94
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (293) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (293) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه السَّابع و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « طبقات تحمُّل علوم أَهل البيت عليهم السلام » ؛ وتقدم : أَنَّ تحمل المخلوقات لعلوم ومعارف أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصاعدة على طبقات ومراتب اربع : احدها : لا يتحملها إِلَّا مَنْ كَتَبَ اللَّـه في قلبه الإِيمان . ثانيها : لا يحتملها إِلَّا نبيٌّ مرسلٌ ، أَو ملكٌ مُقَرَّب ، أَو مؤمنٌ مُـمتحنٌ . ثالثها : لا يحتملها لا نبيّ مرسل ـ كـ : النَّبيِّ إِبراهيم عليه السلام ـ ولا مَلَك مُقَرَّب ـ كـ : جبرئيل عليه السلام ـ ولا مؤمن ممتحن ـ كـ : سلمان رضوان اللَّـه عليه ـ إِلَّا مَنْ شاؤوا صلوات اللَّـه عليهم . رابعها : لا يحتملها ـ أيضا ـ لا نبيّ مرسل ـ كـ : النَّبيِّ إِبراهيم عليه السلام ـ ولا مَلَك مُقَرَّب ـ كـ : جبرئيل عليه السلام ـ ولا مؤمن ممتحن ـ كـ : سلمان رضوان اللَّـه عليه ـ إِلَّا هم صلوات اللَّـه عليهم ، وقد تقدم في الدرسين السابقين شطر من هذا البحث وأَدِلَّته وبياناته ، ووصلنا الى المطلب التالي : / نكتة اِبْتِلَاَءات بعض الأَنبياء عليهم السلام/ وهذا ما يُوضِّح : نكتة وفلسفة تعرُّض بعض الأَنبياء عليهم السلام السَّابقين إِلى الاِبْتِلَاَءات ، منهم : النَّبيّ آدم عليه السلام ؛ فإِنَّه لَـمَّا عُرضت عليه بعض مقامات وشؤون أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم توقَّف فعوقب باِبْتِلَاَئه المعروف وأُخرج من الجنَّة ، وعفي عنه بعد أَن رجع واستغفر وتاب ، لكنَّه لم يُجعل من أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام بسبب توقفه. وهكذا النَّبيّ أَيوب عليه السلام ؛ فابتُلي بالمرض وسائر اِبْتِلَاَءاته إِلى أَنْ تاب فأدركته السعادة بأَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم. وعلى هذا قس حال النَّبيّ يونس عليه السلام ، فأبتُلي بالحوت ، وحُبس في بطنه إِلى أَنْ تاب وقَبَل ولاية أَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، منضمّاً إِليه بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه ، قال : «إِنَّ اللَّـه تعالىٰ عرض ولاية عَلِيّ بن أبي طالب عليه السلام على أَهل السَّماوات وأَهل الأَرض فقبلوها ما خلا يونس بن متى ، فعاقبه اللَّـه وحبسه في بطن الحوت ؛ لإنكاره ولاية أَمير المؤمنين عَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام حتَّىٰ قبلها». قال أبو يعقوب(1): «فنادىٰ في الظلمات أَنْ لا إِلٰه إِلَّا أَنْتَ سبحانك إِنِّي كنت من الظالمين لإنكاري ولاية عَلِيّ بن أبي طالب عليه السلام ». قال أبو عبد اللَّـه: فأنكرتُ الحديث فعرضته على عبداللَّـه بن سليمان المدنيّ فقال لي : «لا تجزع منه ؛ فإنَّ أَمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالب عليه السلام خطب بنا بالكوفة ، فحمد اللَّـه تعالىٰ وأَثْنَى عليه ، فقال في خطبته : «فلولا إِنَّه كان من المُقِرِّين للبث في بطنه إلى يوم يُبعثون». فقام إِليه فلان بن فلان وقال: يا أَمير المؤمنين ؛ إِنَّا سمعنا اللَّـه(2): [فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ]. فقال : أُقعد يا بكّار : «فلولا إِنَّه كان من المُقِرِّين للبث ... إلى آخِر الآية»(3)»(4). 2ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه ، مُخاطِباً سلمان (رضوان اللَّـه عليه) : «... يا سلمان ، أَنا الَّذي دُعيت الأُمم كُلِّها إِلى طاعتي فكفرت فعُذِّبت بالنَّار...». قال سلمان: ... وأَنتَ قصَّة أَيُّوب وسبب تغيُّر نعمة اللَّـه عليه. فقال أَمير المؤمنين عليه السلام: «أتدري ما قصَّة أَيُّوب ، وسبب تغيُّر نعمة اللَّـه عليه ؟ قال: اللَّـه أعلم وأَنْتَ يا أمير المؤمنين. قال: لَـمَّا كان عند الانبعاث للنطق شَكَّ أَيُّوب في ملكي ، فقال: هذا خطب جليل وأَمر جسيم. قال اللَّـه (عزَّوجلّ) : يا أَيُّوب أَتَشكُّ في صُورَةٍ أقمته أَنا؟ إِنِّي ابتليتُ آدم بالبلاء فوهبته له وصفحت عنه بالتسليم عليه بأَمرة المؤمنين ، وأنت تقول : خطب جليل ، وأَمر جسيم ؟! فوعزَّتي لأُذيقنَّك من عذابي أَو تتوب إِلَيّ بالطَّاعة لأَمير المؤمنين. ثُمَّ أَدركته السَّعادة بي ؛ يعني : أَنَّه تاب وأذعن بالطَّاعة لأَمير المؤمنين عليه السلام وعلى ذرِّيَّته الطَّيبين عليهم السلام »(5). 3ـ بيان تفسير الإِمام الباقر صلوات اللَّـه عليه ، وبيان نُكْتَة عدم جعل النَّبيّ آدم عليه السلام من أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام : «في قول اللَّـه عزَّوجلَّ : [وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا] (6) قال: عهد إِليه في مُـحمَّد والأَئمَّة من بعده فترك ، ولم يكن له عزم فيهم أَنَّهم هكذا...»(7). 4ـ بيان الإِمام الرضا صلوات اللَّـه عليه : «... وإِنَّ آدم عليه السلام لَـمَّا أَكرمه اللَّـه (تعالىٰ ذكره) بإسجاد ملائكته له ، وبإدخاله الجنَّة قال في نفسه : هل خلق اللَّـه بشراً أَفضل منِّي ؟ فعلم الله (عزَّوجلَّ) ما وقع في نفسه، فناداه : ارفع رأسَكَ يا آدم ، فانظر إِلى ساق عرشي ، فرفع آدم رأسه فنظر إِلى ساق العرش فوجد عليه مكتوباً : لا إِلٰه إِلَّا اللَّـه، مُـحَمَّد رسول اللَّـه، عَلِيّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، وزوجته فاطمة سيِّدة نساء العالمين ، والحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنَّة. فقال آدم عليه السلام: يا ربّ ، مَنْ هؤلاء ؟ فقال (عزَّوجلَّ): من ذُرِّيَّتك ، وهم خير منكَ ومن جميع خلقي ، ولولاهم ما خلقتكَ ولا خلقتُ الجنَّة والنَّار ، ولا السَّماء والأَرض ، فإِيَّاك أَنْ تنظر إِليهم بعين الحسد فأُخرجكَ عن جواري. فنظر إِليهم بعين الحسد ، وتمنَّىٰ منزلتهم ، فتسلَّط الشَّيطان عليه حتَّىٰ أكل من الشَّجرة الَّتي نُهي عنها ، وتسلَّط على حوَّاء ؛ لنظرها إِلى فاطمة عليها السلام بعين الحسد حتَّىٰ أَكلت من الشَّجرة كما أَكل آدم ، فأخرجهما اللَّـه (عزَّوجلَّ) عن جنَّته ، وأَهبطهما عن جواره إِلى الأرض» (8). ودلالة الجميع واضحة. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أَبو يعقوب ـ هذا ـ وأَبو عبداللَّـه الآتي ذكره من أَصحاب رواة وإسناد هذا الحديث الشريف. (2) في المصدر : (إِنَّا سمعنا اللَّـه يقول). (3) الصافات : 143. (4) بحار الأَنوار ، 26 : 333 ـ 334/ح16. تفسير فرات الكوفي : 94. (5) بحار الأَنوار ، 26 : 292 ـ 293/ح52. كنز جامع الفوائد : 264 ـ 265. وفيه : (أَنَّه تاب إِلى اللَّـه). (6) طٰه : 115. (7) بحار الأَنوار ، 11 : 35/ح31. علل الشرائع : 52. (8) بحار الأَنوار ، 26 : 273/ح15. عيون الأَخبار : 170
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (294) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (294) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّامن والسِّتُّون : / / تفسير أَسماء وصفات وأَفعال أَهل البيت عليهم السلام بلغة حضاريَّة / إِنَّه بعدما كانت حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة موجودات في عوالم علويَّة صاعدة ، وكانت أَسماء وصفات إِلٰهيَّة حاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتُديرها وتُدبِّر أُمورها وشؤونها وأَحوالها كانت أَسمائهم صلوات اللّٰـه عليهم وأَوصافهم وأَفعالهم منظومة ودورة معارف ؛ يبلغ المُتدبِّر بها أَعالي الجنان ، ويسبح ويغور في بحور عوالم معارف غير متناهية. وعليه : فينبغي أَنْ لا تُفسَّر ولا تُقرأ بسطحيَّة وبلغة جافَّة؛ وأَنْ لا تُحصر بالبُعد النَّفسي والفردي ، بل لا بُدَّ أَنْ تُفسَّر وتُقرأ بتفسير وقراءة عصريَّة حضاريَّة ، وبالبُعد المجتمعي والأُممي والحضاري الإِلٰهيّ ، وبالبُعد العوالمي الشَّامل لجملة عوالم الخلقة ومخلوقاتها غيرالمتناهية. وخذ على ذلك الأَمثلة التالية : / شجاعة أَهل البيت عليهم السلام شجاعة قيادة إِلهيَّة / الأَوَّل : (شجاعة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليه) ؛ فإِنَّها وإِنْ كانت تحتاج إِلى عضلات بدنيَّة ، وجرأة نفسيَّة وروحية وعقليَّة وغيرها من الأَبعاد الفرديَّة ، لكنَّها لا تقتصر على ذلك ، بل هي شجاعة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة وقيادة إِلٰهيَّة ؛ يتحمَّلون فيها مصير أَجيال جملة المخلوقات وفي طُرِّ العوالم ، فشجاعتهم صلوات اللّٰـه عليهم ليست كشجاعة عنترة بن شداد ـ مثلاً ـ تحتاج إِلى عضلات وجرأة نفسيَّة وروحيَّة فحسب ـ كما كُنَّا ولا زلنا نلهج بهذا التَّفسير المُنحط والخاطئ ، وأشعارنا وأَدبيَّاتنا وخطاباتنا وكتاباتنا ومنابرنا قائمة على ذلك ، والمُضرّ بهم صلوات اللّٰـه عليهم أَشدُّ من دون قياس من إِضرار يزيد بن معاوية وجيشه (عليهم لعائن اللّٰـه) بسيد الشهداء وأَهل بيته وصحبه صلوات اللّٰـه عليهم ؛ لأَنَّ تلك قتلت الأَبدان وحرمت أَهلها حياة فانية ، بينما هذه قتلت وتقتل أَرواح ومعارف وعلوم أَهل البيت عليهم السلام وتحرم المسلمين ، بل البشريَّة ، بل المخلوقات حياة أَبديَّة ، ومن ثَمَّ تحتاج نفوسنا وأَرواحنا وعقولنا وقلوبنا وطبقات حقائقنا ووجوداتنا إِلى التطهير من نجاسة ورجاسة هذه التفسيرات ـ وإِنَّما قُطْب أَقطاب شجاعتهم صلوات اللّٰـه عليهم : قيادة إِلٰهيَّة. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، والنقول التأريخيَّة(1)، منها : 1ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «... أَنَا أَخو رسول اللّٰـه وابن عمِّه ، وسيف نقمته ، وعماد نصرته ، وبأسه وشدَّته ، أَنَا رحىٰ جهنَّم الدائرة ، وأَضراسها الطَّاحنة ، أَنا مؤتم البنين والبنات ، وقابض الأَرواح، وبأس اللّٰـه الَّذي لا يردّه عن القوم المجرمين ، أَنا مجدل الأَبطال وقاتل الفرسان ، ومبير من كفر بالرحمٰن ...»(2).(3) 2ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً : «...... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ينبغي الْاِلْتِفَات : أَنَّ التأريخ علم جَمّ ، ومواد خطيرة دائماً ، فإِنَّه ليس سلسلة أَحداث فحسب ، وإِنَّما عبارة عن حقول مُتعدِّدة ، وحضارة مُتجسِّدة ومُتجسِّمة في كلِّ أَبعادها ، ومن ثَمَّ لا بُدَّ أَنْ يقرأه ويدرسه المُتخصِّصون بعلوم عديدة ، منها : علم : (أَمنيّ) و(عسكريّ) و(نفسيّ) و(سياسيّ) و(اقتصاديّ) و(تجاري) و(صناعي) و(زراعي) و(حضاري) و(قانوني) و(حقوقي) و(أَخلاقي). (2) بحار الأَنوار ، 33 : 283/ح547. (3) يجدر الْاِلْتِفَات : أَوَّلاً : أَنَّ جميع أَسباب : القوَّة والقدرة والقيادة والإِدارة والحُكم وما شاكلها بيد أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، لكنَّهم يستعملونها بطريقة سلميَّة ، مدنيَّة ، حضاريَّة. فراجع بياناتهم صلوات اللّٰـه عليهم وسِيَرهم وأَحوالهم وشؤونهم تجد صدق ما نقول واضحاً وجليّاً. ثانياً : أَنَّ أَحد أَسباب قوَّة وقدرة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم : أَنَّهم ينصفون عدوّهم قبل أَنْ ينصفوا وليَّهم ، فذاك أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه يأمر ذويه بإِنصاف قاتله ابن ملجم (لعنة اللّٰـه عليه) حتَّىٰ في صغائر ومحقَّرات الأُمور ، مع أَنَّه اِعْتَدَى عليه بالغدر والغيلة والفتك والدجل ، وبدناءة لا أَخلاقيَّة في المواجهة والمجابهة ، بل ولا أَخلاقيَّة في العدوان ، ومع كُلّ هذا وغيره لم يكن لِعَلِيّ الطهر صلوات اللّٰـه عليه إِلَّا الإِنصاف معه ، فأَي نفس هذه
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (295) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (295) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « تفسير أَسماء وصفات وأَفعال أَهل البيت عليهم السلام بلغة حضاريَّة » ؛ فإِنَّه بعدما كانت حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة موجودات في عوالم علويَّة صاعدة ، وكانت أَسماء وصفات إِلٰهيَّة حاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتُديرها وتُدبِّر أُمورها وشؤونها وأَحوالها كانت أَسمائهم صلوات اللّٰـه عليهم وأَوصافهم وأَفعالهم منظومة ودورة معارف ؛ يبلغ المُتدبِّر بها أَعالي الجنان ، ويسبح ويغور في بحور عوالم معارف غير متناهية. وعليه : فينبغي أَنْ لا تُفسَّر ولا تُقرأ بسطحيَّة وبلغة جافَّة؛ وأَنْ لا تُحصر بالبُعد النَّفسي والفردي ، بل لا بُدَّ أَنْ تُفسَّر وتُقرأ بتفسير وقراءة عصريَّة حضاريَّة ، وبالبُعد المجتمعي والأُممي والحضاري الإِلٰهيّ ، وبالبُعد العوالمي الشَّامل لجملة عوالم الخلقة ومخلوقاتها غيرالمتناهية ، وخذ على ذلك الأَمثلة التالية : لازال الكلام في المثال الأَوَّل ، وكان تحت عنوان : « شجاعة أَهل البيت عليهم السلام شجاعة قيادة إِلهيَّة » ؛ فإِنَّها و إِنْ كانت تحتاج إِلى عضلات بدنيَّة ، وجرأة نفسيَّة وروحية وعقليَّة وغيرها من الأَبعاد الفرديَّة ، لكنَّها لا تقتصر على ذلك ، بل هي شجاعة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة وقيادة إِلٰهيَّة ؛ يتحمَّلون فيها مصير أَجيال جملة المخلوقات وفي طُرِّ العوالم ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، والنقول التأريخيَّة ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل الثَّاني : 2ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً : «... واللّٰـه لو تظاهرت العرب على قتالي لما ولَّيت ، ولو أَمكنتني الفرصة من رقابها لما بقَّيت ...»(1). 3ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً ، في إِجابته لليهوديّ الَّذي سأل عن علامات الأَوصياء ، قال : «... وأَمَّا السَّادسة يا أَخا اليهود فإِنّا وردنا مع رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله مدينة أَصحابك خيبر على رجالٍ من اليهود وفرسانها من قريش وغيرها ، فتلقَّونا بأَمثال الجبال من الخيل والرِّجَال والسلاح ، وهم في أَمنع دارٍ ، وأَكثر عدد ، كُلّ ينادي يدعو(2) ويبادر إلى القتال ، فلم يبرز إِليهم من أَصحابي أَحد إِلَّا قتلوه ، حتَّىٰ إِذا احمَّرت الحدق ، ودُعيتُ إِلى النِّزال، وأهمَّت كلّ امرئ نفسه ، والتفت بعض أَصحابي إِلى بعض وكلّ يقول : يا أَبا الحسن ، انهض ، فأنهضني رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله إِلى دارهم ، فلم يبرز إِلَيَّ منهم أَحدٌ إِلَّا قتلته ، ولا يثبت لي فارس إِلَّا طحنته ، ثُمَّ شددتُ عليهم شَدَّة اللَّيث على فريسته حتَّىٰ أَدخلتهم جوف مدينتهم مسدّداً عليهم ، فاقتلعتُ باب حصنهم بيدي حتَّىٰ دخلتُ عليهم مدينتهم وحدي ، أَقتل مَنْ يظهر فيها من رجالها ، وأَسبي مَنْ أَجد من نسائها حتَّىٰ افتتحتها وحدي ، ولم يكن لي فيها معاون إِلَّا اللّٰـه وحده»(3). 4ـ ما ورد عن أَحواله صلوات اللّٰـه عليه يوم خيبر أَيضاً ، عن أَبي رافع مولىٰ رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ، قال : «فلَمَّا دنا من الحصن خرج إِليه أَهله فقاتلهم ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 21 : 26/ح25. أَمالي الصدوق : 307. (2) خ . ل : (ويدعو). (3) بحار الأَنوار ، 38 : 179/ح1. الخصال ، 2 : 14 ـ 25. الاختصاص : 163 و 181
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (296) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (296) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « تفسير أَسماء وصفات وأَفعال أَهل البيت عليهم السلام بلغة حضاريَّة » ؛ فإِنَّه بعدما كانت حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة موجودات في عوالم علويَّة صاعدة ، وكانت أَسماء وصفات إِلٰهيَّة حاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتُديرها وتُدبِّر أُمورها وشؤونها وأَحوالها كانت أَسمائهم صلوات اللّٰـه عليهم وأَوصافهم وأَفعالهم منظومة ودورة معارف ؛ يبلغ المُتدبِّر بها أَعالي الجنان ، ويسبح ويغور في بحور عوالم معارف غير متناهية. وعليه : فينبغي أَنْ لا تُفسَّر ولا تُقرأ بسطحيَّة وبلغة جافَّة؛ وأَنْ لا تُحصر بالبُعد النَّفسي والفردي ، بل لا بُدَّ أَنْ تُفسَّر وتُقرأ بتفسير وقراءة عصريَّة حضاريَّة ، وبالبُعد المجتمعي والأُممي والحضاري الإِلٰهيّ ، وبالبُعد العوالمي الشَّامل لجملة عوالم الخلقة ومخلوقاتها غيرالمتناهية. وخذ على ذلك الأَمثلة التالية : لازال الكلام في المثال الأَوَّل ، وكان تحت عنوان : « شجاعة أَهل البيت عليهم السلام شجاعة قيادة إِلهيَّة » ؛ فإِنَّها و إِنْ كانت تحتاج إِلى عضلات بدنيَّة ، وجرأة نفسيَّة وروحية وعقليَّة وغيرها من الأَبعاد الفرديَّة ، لكنَّها لا تقتصر على ذلك ، بل هي شجاعة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة وقيادة إِلٰهيَّة ؛ يتحمَّلون (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) فيها مصير أَجيال جملة المخلوقات وفي طُرِّ العوالم ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، والنقول التأريخيَّة ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل والنَّقْلِ التَّارِيخِيِّ الرَّابع : 4ـ ما ورد عن أَحوال أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه يوم خيبر أَيضاً ، عن أَبي رافع مولىٰ رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ، قال : «فلَمَّا دنا من الحصن خرج إِليه أَهله فقاتلهم ، فضربه رجلٌ من اليهود فطرح ترسه من يده ، فتناول عَلِيٌّ عليه السلام باب الحصن فتترَّس به عن نفسه ، فَلَم يَزَلْ في يده وهو يُقاتل حتّىٰ فتح اللّٰـه عليه، ثُمَّ أَلقاه من يده ، فلقد رأيتني في سبعة نفر أَنا منهم نجهد على أَنْ نقلب ذلك الباب فما استطعنا أَنْ نقلبه»(1). 5ـ عن أَبي جعفر عليه السلام ، قال : «حدَّثني جابر بن عبد اللّٰـه : أَنَّ عليّاً عليه السلام حَمَلَ الباب يوم خيبر حتَّىٰ صعد المسلمون عليه ، فاقتحموها ففتحوها ، وإِنَّه حُرِّك بعد ذلك فَلَمْ يحمله أَربعون رجلاً»(2). وعن جابر أَيضاً : «ثُمَّ اجتمع عليه سبعون رَجُلاً فكان جهدهم أَنْ أَعادوا الباب»(3). 6ـ عن عبد اللّٰـه بن عمرو بن العاص ، قال : «إِنَّ رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله دفع الرَّاية يوم خيبر إِلى رَجُلٍ من أَصحابه فرجع منهزماً ، فدفعها إِلى آخر فرجع يُجبِّن أَصحابه ويُجبِّنونه ، قد ردَّ الرَّاية منهزماً ، فقال رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله: «لأُعطين الراية غداً رَجُلاً يحبُّ اللّٰـه ورسوله ، ويحبُّه اللّٰـه ورسوله ، لا يرجع حتَّىٰ يفتح اللّٰـه على يديه» فَلَمَّا أصبح قال : ادعوا لي عَلِيّاً ، فقيل له : يا رسول اللّٰـه ، هو رمد، فقال : ادعوه ، فلمَّا جاء تفل رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله في عينيه وقال: «اللَّهُمَّ ، ادفع عنه الحرّ والبرد» ثُمَّ دفع الراية إِليه ومَضَى ، فَمَا رجع إِلى رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله إِلَّا بفتح خيبر. ثُمَّ قال : إِنَّه لَـمَّا دَنَا من القموص أَقبَلَ أَعداء اللّٰـه من اليهود يرمونه بالنَّبل والحجارة ، فحمل عليهم عَلِيّ عليه السلام حتَّىٰ دَنَا من الباب ، فثنَّىٰ رجله ثُمَّ نزل مُغْضِباً إِلى أَصل عتبة الباب فاقتلعه ، ثُمَّ رمىٰ به خلف ظهره أَربعين ذراعاً. قال ابن عمرو : ما عجبنا من فتح اللّٰـه خيبر على يدي عَلِيّ عليه السلام ، لكنَّا عجبنا مِنْ قلعه الباب ورميه خلفه أَربعين ذراعاً ، ولقد تكلَّف حمله أَربعون رجلاً فما أَطاقوه...»(4). 7ـ عن الإِمام الصَّادق ، عن آبائه عليهم السلام : «إِنَّ أَمير المؤمنين عليه السلام قال في رسالته إلى سهل بن حنيف رَحِمَهُ اللَّهُ ، واللّٰـه ما قلعتُ باب خيبر ورميت به خلف ظهري أَربعين ذراعاً بقوَّة جسديَّة ، ولا حركة غذائيَّة ، لكنِّي أُيدتُ بقوَّةٍ ملكوتيَّةٍ ، ونفس بنور ربِّها مضيئة ...»(5). 8ـ سأل عمر أَمير المؤمنين عليه السلام عن ذلك اليوم : «يا أبا الحسن ، لقد اقتلعتَ منيعاً ، وأَنتَ ثلاثة أَيَّام خميصاً ، فهل قلعتها بقوَّةٍ بشريَّةٍ ؟! فقال : ما قلعتها بقوَّةٍ بشريَّةٍ ، ولكن قلعتُها بقوَّةٍ إِلٰهيَّة ، ونفس بلقاء ربِّها مطمئنَّة رضيَّة»(6). 9ـ عن سلمان الفارسي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قال : «... قلنا : يا أَمير المؤمنين ، من هؤلاء ؟ قال: ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 21 : 4. (2) المصدر نفسه. (3) المصدر نفسه. (4) بحار الأَنوار ، 21 : 26/ح24. (5) المصدر نفسه /ح25. (6) بحار الأَنوار ، 21 : 40/ح37
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (297) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (297) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « تفسير أَسماء وصفات وأَفعال أَهل البيت عليهم السلام بلغة حضاريَّة » ؛ فإِنَّه بعدما كانت حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة موجودات في عوالم علويَّة صاعدة ، وكانت أَسماء وصفات إِلٰهيَّة حاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتُديرها وتُدبِّر أُمورها وشؤونها وأَحوالها كانت أَسمائهم صلوات اللّٰـه عليهم وأَوصافهم وأَفعالهم منظومة ودورة معارف ؛ يبلغ المُتدبِّر بها أَعالي الجنان ، ويسبح ويغور في بحور عوالم معارف غير متناهية. وعليه : فينبغي أَنْ لا تُفسَّر ولا تُقرأ بسطحيَّة وبلغة جافَّة؛ وأَنْ لا تُحصر بالبُعد النَّفسي والفردي ، بل لا بُدَّ أَنْ تُفسَّر وتُقرأ بتفسير وقراءة عصريَّة حضاريَّة ، وبالبُعد المجتمعي والأُممي والحضاري الإِلٰهيّ ، وبالبُعد العوالمي الشَّامل لجملة عوالم الخلقة ومخلوقاتها غيرالمتناهية. وخذ على ذلك الأَمثلة التالية : لازال الكلام في المثال الأَوَّل ، وكان تحت عنوان : « شجاعة أَهل البيت عليهم السلام شجاعة قيادة إِلهيَّة » ؛ فإِنَّها وإِنْ كانت تحتاج إِلى عضلات بدنيَّة ، وجرأة نفسيَّة وروحية وعقليَّة وغيرها من الأَبعاد الفرديَّة ، لكنَّها لا تقتصر على ذلك ، بل هي شجاعة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة وقيادة إِلٰهيَّة ؛ يتحمَّلون (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) فيها مصير أَجيال جملة المخلوقات وفي طُرِّ العوالم ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، والنقول التأريخيَّة ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل والنَّقْلِ التَّارِيخِيِّ التَّاسع : 9ـ عن سلمان الفارسي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قال : «... قلنا : يا أَمير المؤمنين ، من هؤلاء ؟ قال: بقيَّة قوم عاد ، كُفَّار لا يؤمنون باللّٰـه (عزَّوجلَّ) أَحببتُ أَن أُريكم إِيّاهم ، وهذه المدينة وأَهلها أُريد أَنْ أهلكهم وهم لا يشعرون . قلنا : يا أمير المؤمنين ، تهلكهم بغير حُجَّة ؟ قال: لا ، بل بحُجَّةٍ عليهم. فدنا منهم وترآءىٰ لهم ، فَهَمُّوا أَنْ يقتلوه ، ونحن نراهم وهم يرون(1)، ثُمَّ تباعد عنهم ودنا مِنَّا ، ومسح بيده على صدورنا وأَبداننا وتكلَّم بكلماتٍ لم نفهمها ، وعاد إِليهم ثانية حتَّىٰ صار بإِزائهم وصعق فيهم صعقة. قال سلمان : لقد ظننَّا أَنَّ الأَرض قد انقلبت ، والسَّمآء قد سقطت ، وأَنَّ الصَّواعق مِنْ فيه قد خرجت، فَلَمْ يَبْقَ منهم في تلكَ السَّاعة أَحد ، قلنا : يا أمير المؤمنين ، ما صنع اللّٰـه بهم ؟ قال : هلكوا وصاروا كُلَّهم إِلى النَّار. قلنا : هذا معجز ، ما رأينا ولا سمعنا بمثله. فقال عليه السلام: أَتريدون أَنْ أُريكم أَعجب من ذلك ؟ فقلنا: لا نطيق بأسرنا على احتمال شيء آخر ، فَعَلَىٰ مَنْ لا يتوالاك ؛ ويؤمن بفضلكَ وعظيم قدرك على اللّٰـه عزَّوجلَّ لعنة اللّٰـه ، ولعنة اللاعنين والملائكة والخلق أَجمعين إِلى يوم الدِّين ...»(2). 10ـ ما ورد عن أَبي بكر مُخاطباً عمر ، ومُحذِّراً إِيّاه من أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «... ناشدتك اللّٰـه يا عمر لَـمَا تركتني من أَغاليطكَ وتربيدكَ ، فواللّٰـه لو هَمَّ بقتلي وقتلكَ لقتلنا بشماله دون يمينه ، وما ينجينا منه إِلَّا ثلاث خصال ... أَنسيت له يوم أُحد وقد فررنا بأَجمعنا ، وصعدنا الجبل ، وقد أَحاطت به ملوك القوم وصناديدهم ، موقنين بقتله ، لا يجد عنه محيصاً للخروج من أَوساطهم ، فلَمَّا أَنْ سدَّد القوم رماحهم نكس نفسه عن دابَّته حتَّىٰ جاوزه طعان القوم ، ثُمَّ قام قائماً في ركابه وقد طرق عن سرجه ... ثُمَّ عهد إِلى رئيس القوم فضربه ضربة على رأسه فبقي على فكٍّ ولسان ، ثُمَّ عمد إِلى صاحب الراية العظمىٰ فضربه ضربة على جمجمته ففلقها ، فمرَّ السيف يهوي في جسده فبرأه ودابَّته نصفين ، فلَمَّا أَن نظر القوم إلى ذلك انحطوا من بين يديه ، فجعل يمسحهم بسيفه مسحاً حتَّىٰ تركهم جراثيم خموداً على تلعةٍ من الأَرض ، يتمرَّغون في حسرات المنايا ، يتجرَّعون كؤوس الموت ، قد اختطف أَرواحهم بسيفه ، ونحن نتوقَّع منه أَكثر من ذلك ، ولم نكن نضبط أَنفسنا من مخافته ، حتَّىٰ ابتدأتَ أَنتَ إِليه فكان منه إِليك ما تعلم، ولولا أَنَّه أَنزل اللّٰـه إِليه آية من كتاب اللّٰـه لَكُنَّا من الهالكين ، وهو قوله : [وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ](3)...»(4). ودلالته ـ كدلالة سوابقه ـ واضحة. ثُمَّ إِنَّه ينبغي الْاِلْتِفَات في المقام إِلى النقاط الثلاث التَّالية : الأُوْلَىٰ : أَنَّ هناك مُميِّزات وخصائص ونعوت اختصَّ بها أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه من بين جملة الخلائق ، منها : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) في المصدر : (وهم لا يروننا). (2) بحار الأَنوار ، 27 : 33 ـ 40/ح5. (3) النحل : 96. (4) بحار الأَنوار ، 29 : 140 ـ 145/ح30. الإِحتجاج ، 1 : 127 ـ 130
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (298) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (298) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « تفسير أَسماء وصفات وأَفعال أَهل البيت عليهم السلام بلغة حضاريَّة » ؛ فإِنَّه بعدما كانت حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة موجودات في عوالم علويَّة صاعدة ، وكانت أَسماء وصفات إِلٰهيَّة حاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتُديرها وتُدبِّر أُمورها وشؤونها وأَحوالها كانت أَسمائهم صلوات اللّٰـه عليهم وأَوصافهم وأَفعالهم منظومة ودورة معارف ؛ يبلغ المُتدبِّر بها أَعالي الجنان ، ويسبح ويغور في بحور عوالم معارف غير متناهية. وعليه : فينبغي أَنْ لا تُفسَّر ولا تُقرأ بسطحيَّة وبلغة جافَّة؛ وأَنْ لا تُحصر بالبُعد النَّفسي والفردي ، بل لا بُدَّ أَنْ تُفسَّر وتُقرأ بتفسير وقراءة عصريَّة حضاريَّة ، وبالبُعد المجتمعي والأُممي والحضاري الإِلٰهيّ ، وبالبُعد العوالمي الشَّامل لجملة عوالم الخلقة ومخلوقاتها غيرالمتناهية. وخذ على ذلك الأَمثلة التالية : لازال الكلام في المثال الأَوَّل ، وكان تحت عنوان : « شجاعة أَهل البيت عليهم السلام شجاعة قيادة إِلهيَّة » ؛ فإِنَّها وإِنْ كانت تحتاج إِلى عضلات بدنيَّة ، وجرأة نفسيَّة وروحية وعقليَّة وغيرها من الأَبعاد الفرديَّة ، لكنَّها لا تقتصر على ذلك ، بل هي شجاعة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة وقيادة إِلٰهيَّة ؛ يتحمَّلون (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) فيها مصير أَجيال جملة المخلوقات وفي طُرِّ العوالم ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، والنُّقول التأريخيَّة ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل والنَّقْلِ التَّارِيخِيِّ العاشر : 10ـ ما ورد عن أَبي بكر مُخاطباً عمر ، ومُحذِّراً إِيّاه من أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «... ناشدتك اللّٰـه يا عمر لَـمَا تركتني من أَغاليطكَ وتربيدكَ ، فواللّٰـه لو هَمَّ بقتلي وقتلكَ لقتلنا بشماله دون يمينه ، وما ينجينا منه إِلَّا ثلاث خصال ... أَنسيت له يوم أُحد وقد فررنا بأَجمعنا ، وصعدنا الجبل ، وقد أَحاطت به ملوك القوم وصناديدهم ، موقنين بقتله ، لا يجد عنه محيصاً للخروج من أَوساطهم ، فلَمَّا أَنْ سدَّد القوم رماحهم نكس نفسه عن دابَّته حتَّىٰ جاوزه طعان القوم ، ثُمَّ قام قائماً في ركابه وقد طرق عن سرجه ... ثُمَّ عهد إِلى رئيس القوم فضربه ضربة على رأسه فبقي على فكٍّ ولسان ، ثُمَّ عمد إِلى صاحب الراية العظمىٰ فضربه ضربة على جمجمته ففلقها ، فمرَّ السيف يهوي في جسده فبرأه ودابَّته نصفين ، فلَمَّا أَن نظر القوم إلى ذلك انحطوا من بين يديه ، فجعل يمسحهم بسيفه مسحاً حتَّىٰ تركهم جراثيم خموداً على تلعةٍ من الأَرض ، يتمرَّغون في حسرات المنايا ، يتجرَّعون كؤوس الموت ، قد اختطف أَرواحهم بسيفه ، ونحن نتوقَّع منه أَكثر من ذلك ، ولم نكن نضبط أَنفسنا من مخافته ، حتَّىٰ ابتدأتَ أَنتَ إِليه فكان منه إِليك ما تعلم، ولولا أَنَّه أَنزل اللّٰـه إِليه آية من كتاب اللّٰـه لَكُنَّا من الهالكين ، وهو قوله : [وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ](1)...»(2). ودلالته ـ كدلالة سوابقه ـ واضحة. ثُمَّ إِنَّه ينبغي الْاِلْتِفَات في المقام إِلى النقاط الثلاث التَّالية : الأُوْلَىٰ : أَنَّ هناك مُميِّزات وخصائص ونعوت اختصَّ بها أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه من بين جملة الخلائق ، منها : أَنَّ يد ساحة القدس الإِلٰهيَّة قدَّرت أَنْ لا يدخل صلوات اللّٰـه عليه في جيشٍ قَطُّ ويُهزَم. ومعناه : أَنَّ لسؤدده صلوات اللّٰـه عليه تموِّج بنحو يجعل الجيش الَّذي يُشارك فيه لا يُهزَمُ أَبداً. الثَّانية : أُصيب أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه في معركة أُحد بجراحات عجيبة وبالغة الشدَّة والخطورة ، بقيت الزهراء صلوات اللّٰـه عليها تداويها وتعالجها لأَشهر عديدة ، ولعلَّه أُصيب فيها بجراحات أَكثر مِـمَّا أُصيب به بدن سيِّد الشهداء صلوات اللّٰـه عليه يوم العاشر من المُحرَّم ، والَّتي أَحصتها بيانات الروايات بـ : (1800) جرح ، وهذه ضريبة البطولة الَّتي قام بها صلوات اللّٰـه عليه في معركة أُحد. الثَّالثة : المعروف في كُتُب التأريخ : أَنَّ المسلمين انتصروا في بادي الأَمر في معركة أُحد لكنَّهم انهزموا بعد ذلك. والحقُّ : أَنَّ لهذه الواقعة تتمَّة حذفتها أَقلام أَصحاب السقيفة والدولة الأُمويَّة ؛ لكونها مرتبطة بأَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه ، وهي : أَنَّ المسلمين انتصروا بعد ذلك ، فكانت خاتمة معركة أُحد اِنْتِصَاراً للمسلمين. وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي والقصَّاصات والنُّقول التأريخيَّة ، منها : ما ذكره أَبو بكر في هذا الدَّليل ، وما ذكره عمر في الدَّليل التَّالي ، ويضاف إِليهما : أَوَّلاً : بيان زيارة أَمير المؤمنين عليه السلام يوم الغدير ، عن الإِمام الهادي عليه السلام: «... ويوم أُحُدٍ إِذ يُصعِدُون ولا يلوُون على أَحدٍ ، والرَّسُولُ يدعوهم في أُخراهم ، وأَنتَ تذُودُ بُهَمَ المشركين عن النَّبيِّ ذات اليمين وذات الشَّمال ؛ حتَّىٰ رَدَّهُمُ اللّٰـهُ تعالىٰ عنكما خائفين ، ونَصَرَ بِكَ الخاذِلِين...»(3). ثانياً : لو كانت قريش قد انتصرت في نهاية المعركة فلماذا لم يغيروا على المدينة المنوَّرة ويسبوا نسائها وأَطفالها ، ويسلبوا أَموالها ، فقريش الَّتي أَكلت نساؤها كبد حمزة عليه السلام كيف يُعقل أَنْ لا تفعل ذلك ، وركبوا الجمال وانصرفوا إِلى مكَّة عائدين. ومنه يتَّضح : السِّرّ في ما بلغ إِليه أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه من مقاماتٍ الهية ، بعدما لم يكن بين اللّٰـه (العزيز الجبَّار) وبين أَحدٍ من خلقه قرابة ، فاللّٰـه وإِنْ كان كريماً ، لكنَّه يعطي كُلَّ مخلوقٍ بحسبه. 11ـ ما ورد عن أَبي واثلة(4) شقيق بن سلمة ، قال : «كنتُ أُماشي عمر بن الخطَّاب إِذْ سمعتُ منه همهمة ، فقلتُ له : مه يا عمر ، فقال : ويحكَ، أَمَا ترىٰ الهزبر القثم ابن القثم الضَّارب بالبهم ، الشَّديد على مَنْ طغا وبغا(19) بالسَّيفين والراية ، فالتفتُ فإذا هو عَلِيُّ بن أبي طالب ، فقلتُ له : يا عمر ، هو عَلِيُّ بن أبي طالب ، فقال : ادن منِّي أُحدِّثُّكَ عن شجاعته وبطالته ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) النحل : 96. (2) بحار الأَنوار ، 29 : 140 ـ 145/ح30. الإِحتجاج ، 1 : 127 ـ 130. (3) بحار الأَنوار ، 97 : 365. (4) هكذا في الكتاب ومصدره ، وفيه وهم ، والصحيح : أَبي وائل. راجع : التقريب ، وأسد الغابة ، وغيرهما. (البحار)
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (299) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (299) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « تفسير أَسماء وصفات وأَفعال أَهل البيت عليهم السلام بلغة حضاريَّة » ؛ فإِنَّه بعدما كانت حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة موجودات في عوالم علويَّة صاعدة ، وكانت أَسماء وصفات إِلٰهيَّة حاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتُديرها وتُدبِّر أُمورها وشؤونها وأَحوالها كانت أَسمائهم صلوات اللّٰـه عليهم وأَوصافهم وأَفعالهم منظومة ودورة معارف ؛ يبلغ المُتدبِّر بها أَعالي الجنان ، ويسبح ويغور في بحور عوالم معارف غير متناهية. وعليه : فينبغي أَنْ لا تُفسَّر ولا تُقرأ بسطحيَّة وبلغة جافَّة؛ وأَنْ لا تُحصر بالبُعد النَّفسي والفردي ، بل لا بُدَّ أَنْ تُفسَّر وتُقرأ بتفسير وقراءة عصريَّة حضاريَّة ، وبالبُعد المجتمعي والأُممي والحضاري الإِلٰهيّ ، وبالبُعد العوالمي الشَّامل لجملة عوالم الخلقة ومخلوقاتها غيرالمتناهية. وخذ على ذلك الأَمثلة التالية ،لازال الكلام في المثال الأَوَّل ، وكان تحت عنوان : « شجاعة أَهل البيت عليهم السلام شجاعة قيادة إِلهيَّة » ؛ فإِنَّها وإِنْ كانت تحتاج إِلى عضلات بدنيَّة ، وجرأة نفسيَّة وروحية وعقليَّة وغيرها من الأَبعاد الفرديَّة ، لكنَّها لا تقتصر على ذلك ، بل هي شجاعة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة وقيادة إِلٰهيَّة ؛ يتحمَّلون (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) فيها مصير أَجيال جملة المخلوقات وفي طُرِّ العوالم ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، والنُّقول التأريخيَّة، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل والنَّقْلِ التَّارِيخِيِّ التالي : 11ـ ما ورد عن أَبي واثلة(1) شقيق بن سلمة ، قال : «كنتُ أُماشي عمر بن الخطَّاب إِذْ سمعتُ منه همهمة ، فقلتُ له : مه يا عمر ، فقال : ويحكَ، أَمَا ترىٰ الهزبر القثم ابن القثم الضَّارب بالبهم ، الشَّديد على مَنْ طغا وبغا(2) بالسَّيفين والراية ، فالتفتُ فإذا هو عَلِيُّ بن أبي طالب ، فقلتُ له : يا عمر ، هو عَلِيُّ بن أبي طالب ، فقال : ادن منِّي أُحدِّثُّكَ عن شجاعته وبطالته ، بايعنا النَّبيّ صلى الله عليه واله يوم أُحد على أَنْ لا نفرَّ ، وَمَنْ فَرَّ مِنَّا فهو ضال ، وَمَنْ قُتِلَ مِنَّا فهو شهيد ، والنَّبيّ صلى الله عليه واله زعيمه ، إِذْ حمل علينا مائة صنديد ، تحت كُلّ صنديدٍ مائة رَجُلٍ أَو يزيدون ، فأزعجونا عن طاحونتنا ، فرأيتُ عَلِيّاً كاللَّيث يَتَّقي الذر(3)، إِذْ قد حمل كفّاً مِنْ حصىٰ فرمىٰ به في وجوهنا ، ثُمَّ قال : «شاهت الوجوه ، وقُطَّت وبُطَّت ولُطَّت ، إِلى أَين تفرُّون ؟ إِلى النَّار ؟» فلم نرجع ، ثُمَّ كَرَّ علينا الثانية وبيده صفيحة يقطر منها الموت ، فقال : «بايعتم ثُمَّ نكثتم ، فواللّٰـه ، لأَنتم أَولىٰ بالقتل مِـمَّن أَقتُل» ، فنظرتُ إِلى عينيه كأَنَّهما سليطان يتوقَّدان ناراً ، أَو كالقدحين المملوّين دماً ، فما ظننتُ إِلَّا ويأتي علينا كلّنا، فبادرتُ أَنا إِليه من بين أَصحابي ، فقلت : يا أَبا الحسن ، اللّٰـه اللّٰـه ، فإنَّ العرب تفرّ وتكرّ ، وإِنَّ الكرَّة تنفي الفرَّة ، فكأنَّه استحيىٰ ، فولَّىٰ بوجهه عنِّي، فما زلتُ أُسَكِّن روعة فؤادي ، فواللّٰـه ما خرج ذلك الرُّعب من قلبي حتَّىٰ السَّاعة ...»(4). 12ـ احتجاجه صلوات اللّٰـه عليه في خبر الشورىٰ : «... نشدتكم باللّٰـه ، هل فيكم أَحَد قتل من بني عبد الدار تسعة مبارزة(5)، كلّهم بأخذ اللواء ، ثُمَّ جاء صُوأب الحبشي مولاهم وهو يقول : واللّٰـه لا أَقتُل بسادتي إِلَّا مُحمَّداً ، قد أَزبد شدقاه واحمرَّت عيناه ، فاتَّقيتموه وحُدتُم عنه ، فخرجتُ إِليه ، فلَمَّا أقبل كأنَّه قبَّة مبنيَّة ، فاختلفتُ أَنا و هو ضربتين ، فقطعته بنصفين ، وبقيت رجلاه وعجزه وفخذاه قائمة على الأَرض ، تنظر إِليه المسلمون ويضحكون منه؟ قالوا : اللَّهُمَّ ، لا»(6). 13ـ ما ورد في معركة صفين : «... وخرج العبَّاس بن ربيعة بن الحارث الهاشمي فأبلىٰ ... فقال معاوية : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) هكذا في الكتاب ومصدره ، وفيه وهم ، والصحيح : أَبي وائل. راجع : التقريب ، وأسد الغابة ، وغيرهما. (البحار). (2) هكذا في نسخة المُصنِّف. وفيه تصحيف. والصحيح : إِمَّا : (طغىٰ وبغىٰ) ، كما في المصدر ، أَو (طغا وبغىٰ). والأَوَّل يأتي من اليائي والواوي كليهما. (حاشية البحار). (3) خ . ل : (الدرق). (4) بحار الأَنوار ، 20 : 52 ـ 53. (5) في المصدر : (مبارزة غيري). (6) بحار الأَنوار ، 20 : 69/ح4. الخصال ، 2 : 121 و 124
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (300) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (300) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « تفسير أَسماء وصفات وأَفعال أَهل البيت عليهم السلام بلغة حضاريَّة » ؛ فإِنَّه بعدما كانت حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة موجودات في عوالم علويَّة صاعدة ، وكانت أَسماء وصفات إِلٰهيَّة حاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتُديرها وتُدبِّر أُمورها وشؤونها وأَحوالها كانت أَسمائهم صلوات اللّٰـه عليهم وأَوصافهم وأَفعالهم منظومة ودورة معارف ؛ يبلغ المُتدبِّر بها أَعالي الجنان ، ويسبح ويغور في بحور عوالم معارف غير متناهية. وعليه : فينبغي أَنْ لا تُفسَّر ولا تُقرأ بسطحيَّة وبلغة جافَّة؛ وأَنْ لا تُحصر بالبُعد النَّفسي والفردي ، بل لا بُدَّ أَنْ تُفسَّر وتُقرأ بتفسير وقراءة عصريَّة حضاريَّة ، وبالبُعد المجتمعي والأُممي والحضاري الإِلٰهيّ ، وبالبُعد العوالمي الشَّامل لجملة عوالم الخلقة ومخلوقاتها غيرالمتناهية. وخذ على ذلك الأَمثلة التالية ، لازال الكلام في المثال الأَوَّل ، وكان تحت عنوان : « شجاعة أَهل البيت عليهم السلام شجاعة قيادة إِلهيَّة » ؛ فإِنَّها وإِنْ كانت تحتاج إِلى عضلات بدنيَّة ، وجرأة نفسيَّة وروحية وعقليَّة وغيرها من الأَبعاد الفرديَّة ، لكنَّها لا تقتصر على ذلك ، بل هي شجاعة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة وقيادة إِلٰهيَّة ؛ يتحمَّلون (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) فيها مصير أَجيال جملة المخلوقات وفي طُرِّ العوالم ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، والنُّقول التأريخيَّة، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل والنَّقْلِ التَّارِيخِيِّ التالي : 13ـ ما ورد في معركة صفين : «... وخرج العبَّاس بن ربيعة بن الحارث الهاشمي فأبلىٰ ... فقال معاوية : من خرج إِلى هذا فقتله فله كذا وكذا. فوثب رَجُلان من لخم من اليمن فقالا : نحن نخرج إِليه فقال : اُخْرُجَا ، فأيَّكما سبق إِلى قتله فله من المال ما ذكرتُ وللآخر مِثْل ذلك، فخرجا إِلى مقرِّ المبارزة وصاحا بالعبَّاس ، ودعواه إلى القتال ، فقال : استأذن صاحبي وأَعود إِليكما ، وجاء إِلى عَلِيٍّ عليه السلام ليستأذنه ، فقال له : أعطني ثيابكَ وسلاحكَ وفرسكَ ، ولبسها وركب الفرس وخرج إِليهما [فظنَّا] أَنَّه على العبَّاس ... فتقدَّم إِليه أَحد الرجلين فالتقيا ضربتين ، ضربه عَلِيّ عليه السلام على مراق بطنه قطعه بإثنتين ، فظنَّ أَنَّه أخطأه ، فلَمَّا تحرَّك الفرس سقط قطعتين، وغار فرسه وصار إِلى عسكر عَلِيّ عليه السلام ، وتقدَّم الآخر فضربه عَلِيٌّ عليه السلام فأَلحقه بصاحبه ... و... في وصف ليلة الهرير : ... إِنَّ قتلاه عرفوا في النهار ؛ فإنَّ ضرباته كانت على وتيرة واحدة ؛ إِن ضرب طولاً قَدَّ ، أَو عرضاً قَطَّ وكانت كأَنَّها مكواة بالنَّار»(1) (2). وعلى هذا قس : شجاعة سائرأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم من أَصحاب الدائرة الاِصطِفائيَّة الأُولىٰ ، بل وأَصحاب الدائرة الاِصطِفائيَّة الثانية كـ : أَبي الفضل العبَّاس عليه السلام. وبالجملة : هناك فارق سنخيٌّ مهول وعظيم جِدّاً ، بل من دون قياس بين شجاعة وبطولة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ؛ المُنطلِقة من الصفات والأَسماء الإِلٰهيَّة ـ كـ : اسم : (الجبَّار ، والمُتكبِّر ، والقهَّار ، والقابض ، والخافض ، والمُذِل ، والخبير ، والعظيم ، والمُقيت ، والحقّ ، والقوي ، والمتين، والمُميت ، والقادر ، والمُقتدِر ، والمتعال ، والمُنتَقِم ، ومالك المُلك ، والجامع ، والمانع ، والضَّار) ـ ، و شجاعة وبطولة ما عداهم ، المُنطلِقة من الصفات الرُّوحيَّة والنزعات النفسانيَّة. ومنه يتَّضح : أَنَّ ثبات أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه يوم أُحد وما شاكله : ثبات كفاءة قيادة إِلٰهيَّة ، وشجاعة إِدارة ربانيَّة ، وثبات مُعالجة إِلٰهيَّة لحلحلة الأَزمات. بخلاف فرار جملة الصحابة في ذلك اليوم وما شاكله ؛ فإِنَّه: فرار عن كفاءة قيادة ، وجبن عن إِدارة ومعالجة وحلحلة الأَزمات. ومن ثَمَّ لا يجوز ولا يحقُّ لأَحدٍ منهم البَتَّة التَّصدِّي لإِدارة أُمور المسلمين أَو بعضهم ؛ وذلك من باب السالبة بانتفاء موضوعها. / زهد أَهل البيت عليهم السلام زهد قيادة إِلهيَّة / المثال الثَّاني : (زهد أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم) ؛ ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 32 : 601/ح475. (2) ظنَّ كثير خطأً : أَنَّ غاية غايات أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه من حرب الجمل وصفِّين والنهروان هزيمة وإِبادة الطرف ونسفه عسكريّاً ، والحقُّ : أَنَّ الَّذي كان يتوخَّاه أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه وأنجزه : (فَقْئُ الفتنة). وإِلى هذا أَشارت بياناته صلوات اللّٰـه عليه ، منها : أَوَّلاً : بيانه عليه السلام : «... فأَنا فقأتُ عين الفتنة بباطنها وظاهرها ...». بحار الأَنوار ، 26 : 152ـ 153/ح40. المحتضر : 87. ثانياً : بيانه عليه السلام أَيضاً : «... فأَنا فقأتُ عين الفتنة ، ولم يكن ليجترئ عليها أَحد غيري ، بعد أَنْ ماج غيهبها ، واشتدَّ كلبها ...». بحار الأَنوار ، 41 : 348 ـ 349/ح61. نهج البلاغة ، 1: 199 ـ 201. ثالثاً : بيانه عليه السلام أَيضاً : «أنا فقأتُ عين الفتنة ، ولولا أَنا ما قوتل أَهل النهروان ولا أَصحاب الجمل ، ولولا أَنِّي أَخشىٰ أَنْ تتَّكلوا فتدعوا العمل لأخبرتكم بالَّذي قضىٰ اللّٰـه على لسان نبيّكم لـمَنْ قاتلهم ؛ مبصراً بضلالهم ، عارفاً للهدىٰ الَّذي نحن عليه». بحار الأَنوار ، 33 : 356/ ح588. رابعاً : بيان الإِمام الباقر في تفسيره لبيان أَمير المؤمنين عليهما السلام : «... فقأت عين الفتنة ، وأَقتل أُصول الضلالة ...». بحار الأَنوار ، 39: 348ـ 349/ح20 . مناقب آل أَبي طالب ، 1 : 512 ـ 514. ودلالة الجميع واضحة ؛ فإِنَّه عليه السلام ـ مثلاً ـ بيَّن في حرب الجمل : أَنَّ أُمّ المؤمنين والصحابي يُقتلا إِذا زاغا عن جادَّة الدِّين وحارباه ؛ فإِنَّ مُوقعيَّة أُمّ المؤمنين والصحابي لا تعني المقايضة على أَصل الدِّين. وهذه البصيرة العظيمة وبيان المراتب أَعظم من دون قياس من الإِنتصار والحسم العسكري في معركة الجمل وهزيمة عائشة ومَنْ ضلَّ من الصحابة ، وأَعظم من دون قياس أَيضاً من الإِنتصار عسكريّاً على معاوية في حرب صفِّين ، فإِنَّ سن وترسيخ الثوابت الإِنسانيَّة ، بل الحضاريَّة العوالميَّة أَعظم من الحسم العسكري ، فمثلاً : كان المُعتقد السَّائد عند المسلمين دينيّاً وسياسيّاً : أَنَّ القرآن النَّاطق ـ وهو : الإِمام من أَهل البيت عليهم السلام ـ لا يعدل ولا يُعادل القرآن الصامت ـ المصحف الشريف ـ ، لكن : أَمير المؤمنين عليه السلام أَثبت في معركة صفِّين بطلان وضحالة هذا الإِعتقاد ؛ وأَنَّ القرآن الصامت لا يقي الفتنة ، ولا يعطي الهداية من دون القرآن النَّاطق. وهذه عبرة وبصيرة سنَّها وأَنجزها أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه في معركة صفِّين أَعظم من إِبادة معاوية وجيشه. وعلى هذا قس ما حصل في معركة النهروان ؛ فإِنَّ ما حقَّقه صلوات اللّٰـه عليه فيها من إِنجاز حضاري أَعظم من دون قياس من الحسم والإِنتصار العسكري وهزيمة أَصحاب النهروان ؛ فإِنَّهم كانوا أَصحاب فتنة فقأها صلوات اللّٰـه عليه وبنىٰ فيها بصيرة حضاريَّة ، عظيمة وخطيرة في المسلمين ، بل في البشريَّة ، بل وفي جملة المخلوقات ؛ فإِنَّ الخوارج كانوا يتمترسون بـ : (سبُّوح قدُّوس) ، وبـ : شعار (لا حكم إِلَّا لِلّٰـه) ؛ وهو شعار حقّ وعدل ، لكن الزيغ كان يكمن في منهاجهم ، ومعناه : أَنَّ الشعار العادل ينبغي أَن لا يغرَّ العاقل ، فلا بُدَّ من النظر إِلى ما ورائه ، ومن ثَمَّ أَجاب صلوات اللّٰـه عليه عن شعارهم هذا : أَنَّه : «كلمة حقّ أُريد بها باطل...». [بحار الأَنوار، 33 : 338/ح583] ، ومعناه : أَنَّ كلمة الحقّ قد تكون فتنة ؛ ومن ثَمَّ المصحف الشريف قد يكون فتنة ، وأُمومة المؤمنين قد تكون فتنة ، وصحبة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله قد تكون فتنة. وهذه الفتن لا تُرفع ولا تُفقأ عينها إِلَّا بأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم. إِذَنْ : القرآن الصَّامت لا محالة يكون فتنة إِذا تُرك القرآن النَّاطق. ثُمَّ إِنَّه لا يمكن تأسيس هذه البصيرة وما شاكلها في المسلمين ، بل في جملة البشريَّة ، بل في كافَّة المخلوقات وفي طُرِّ العوالم إِلَّا بيد أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه ؛ فإِنَّه مَنْ كان يجرأ على قتال أُمّ المؤمنين والصحابة كالزبير وطلحة إِذا عادوا أَصل الدِّين غير أَمير المؤمنين عليه السلام مؤسس دين الإِسلام بعد سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله. والخلاصة : أَنَّ العبرة الَّتي توخَّاها أَمير المؤمنين عليه السلام من حروبه أَعظم من دون قياس من المكاسب السياسيَّة والعسكريَّة. وهذه بصيرة بنيويَّة عقائديَّة ، معرفيَّة ، حضاريَّة ، ونظام الدِّين ، تبقىٰ شاخصة إِلى ما بعد عَالَم الآخرة الأَبديَّة ، يجب على المخلوق الْاِلْتِفَات إِليها والعضّ عليها بضرس قاطع
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (301) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (301) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « تفسير أَسماء وصفات وأَفعال أَهل البيت عليهم السلام بلغة حضاريَّة » ؛ فإِنَّه بعدما كانت حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة موجودات في عوالم علويَّة صاعدة ، وكانت أَسماء وصفات إِلٰهيَّة حاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتُديرها وتُدبِّر أُمورها وشؤونها وأَحوالها كانت أَسمائهم صلوات اللّٰـه عليهم وأَوصافهم وأَفعالهم منظومة ودورة معارف ؛ يبلغ المُتدبِّر بها أَعالي الجنان ، ويسبح ويغور في بحور عوالم معارف غير متناهية. وعليه : فينبغي أَنْ لا تُفسَّر ولا تُقرأ بسطحيَّة وبلغة جافَّة؛ وأَنْ لا تُحصر بالبُعد النَّفسي والفردي ، بل لا بُدَّ أَنْ تُفسَّر وتُقرأ بتفسير وقراءة عصريَّة حضاريَّة ، وبالبُعد المجتمعي والأُممي والحضاري الإِلٰهيّ ، وبالبُعد العوالمي الشَّامل لجملة عوالم الخلقة ومخلوقاتها غيرالمتناهية. وخذ على ذلك الأَمثلة التالية ، وصل الكلام الى المثال التالي : / زهد أَهل البيت عليهم السلام زهد قيادة إِلهيَّة / المثال الثَّاني : (زهد أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم) ؛ فإِنَّه ليس زهداً نفسيّاً فرديّاً ، بل زهد أُممي ومجتمعي وحضاري ؛ وزهد قيادة إِلٰهيَّة ، ونظام تدبير إِلٰهي لجملة العوالم وكافَّة المخلوقات ، مُنطلِق من الأَسمآء والصفات والفضائِل الإِلٰهيَّة. / أَمانة أَهل البيت عليهم السلام / المثال الثَّالث : (أَمانتهم صلوات اللّٰـه عليهم) : فإِنَّها ليست فرديَّة وبُعداً نفسيّاً ، بل أَمانة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة وأَمانة قيادة إِلٰهيَّة ، يُتحمَّل فيها مصير طُرّ العوالم وسائر المخلوقات ، مُنطلِقة من الأَسمآء والصفات والفضائل الإِلٰهيَّة. / عطف أَهل البيت عليهم السلام / المثال الرابع : (عطفهم ورأفتهم صلوات اللّٰـه عليهم) ؛ فإِنَّها ليست فرديَّة وذا بُعد نفسي فحسب ، بل عطف ورأفة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة ، وعطف ورأفة قيادة إِلٰهيَّة ، وكفاءة نظام اقتصادي شامل لجملة أَرجاء الدولة الإِسلاميَّة الإِلٰهيَّة ؛ الشَّاملة لطرِّ العوالم وجميع المخلوقات ، مُنطلِقة من الأَسماء والصفات والفضائل الإِلٰهيَّة ، تشمل كافَّة طبقات المخلوقات المحرومة. / عدل أَهل البيت عليهم السلام / المثال الخامس : (عدلهم صلوات اللّٰـه عليهم) ؛ فإِنَّه ليس فرديّاً ونفسيّاً فحسب ، وإِنَّما عدل أُمَّة ومجتمع وحضارة ، وعدل إِدارة وقيادة ومنظومة إِلٰهيَّة ، وكفاءة نظام إِدارة وقيادة عادلة شامل لكافَّة أَرجاء الدولة الإِسلاميَّة الإِلٰهيَّة ؛ الشاملة لكلِّ العوالم وجملة المخلوقات ، مُنطلِقة من الأَسمآء والصفات والفضائل الإِلٰهيَّة. / بيعة الغدير لأَهل البيت عليهم السلام في الحاضرة الدوليَّة في العصر الراهن / ومن كُلِّ ما تقدَّم تتَّضح : فلسفة سجود وخضوع أَرواح وعقول نُخب البشريَّة في العصر الراهن ، وإِقرارها : بيعة غدير أُخرىٰ لأَمير المؤمنين ولسائر أَهل البيت الأَطهار صلوات اللّٰـه عليهم في أَروقة الأُمم المُتَّحدة على عهده صلوات اللّٰـه عليه لمالك الأَشتر رضوان اللَّـه عليه : «... ثُمَّ اعْلَم يا مالك ... النَّاس ... صنفان : إِمَّا أَخٌ لَكَ في الدِّين ، وإِمَّا نظيرٌ لَكَ في الخَلْقِ ...»(1) (2). وهذه أُمميَّة أَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم لا يصحُّ تفسيرها ببعد فرديٍّ أَو نفسيٍّ. / صفة : (كظم الغيظ) / وعلى هذا قس : سائر أَسماء وصفات وفضائل أَهل البيت عليهم السلام كـ : (صفة كظم الغيظ) ، فإِنَّ ما جرىٰ على الإِمام موسىٰ بن جعفر عليهما السلام في السجن ومكابدته ومعاناته ينبغي أَنْ لا يقتصر تفسيرها على البعد الفردي والنفسي ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) نهج البلاغة ، المختار من كتب أَمير المؤمنين عليه السلام ورسائله : 450 ـ 451/ 53 ، من عهد له عليه السلام ، كتبه للأشتر النخعي رضوان اللَّـه عليه. (2) إِنَّ أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه بيَّن في عهده هذا لمالك الأشتر رضوان اللَّـه عليه : كيفيَّة اللولب النسقي بين وظائف وأجنحة وأَعضاء الدولة. وبعدما يقرب من أَلف وأَربعمائة عام أَبصرت نخب البشر لما يقرب من مئتي دولة في الأُمم المُتَّحدة : أَنَّ في هذا العهد خارطة مستقبليَّة لإِدارة تنمية حضارة البشر. وهذا يُدلِّل ـ بعدما وصلت عقليَّة البشر في العصر الراهن في كيفيَّة إِدارة الدولة إِلى الحكومة الالكترونيَّة، وهي أَحد آليَّات الإِنسيابيَّة ـ على أَنَّ ما ذكره صلوات اللّٰـه عليه في هذا العهد معادلات جبَّارة
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (302) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (302) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « تفسير أَسماء وصفات وأَفعال أَهل البيت عليهم السلام بلغة حضاريَّة » ؛ فإِنَّه بعدما كانت حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة موجودات في عوالم علويَّة صاعدة ، وكانت أَسماء وصفات إِلٰهيَّة حاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتُديرها وتُدبِّر أُمورها وشؤونها وأَحوالها كانت أَسمائهم صلوات اللّٰـه عليهم وأَوصافهم وأَفعالهم منظومة ودورة معارف ؛ يبلغ المُتدبِّر بها أَعالي الجنان ، ويسبح ويغور في بحور عوالم معارف غير متناهية. وعليه : فينبغي أَنْ لا تُفسَّر ولا تُقرأ بسطحيَّة وبلغة جافَّة؛ وأَنْ لا تُحصر بالبُعد النَّفسي والفردي ، بل لا بُدَّ أَنْ تُفسَّر وتُقرأ بتفسير وقراءة عصريَّة حضاريَّة ، وبالبُعد المجتمعي والأُممي والحضاري الإِلٰهيّ ، وبالبُعد العوالمي الشَّامل لجملة عوالم الخلقة ومخلوقاتها غيرالمتناهية. وخذ على ذلك الأَمثلة التالية ، وصل الكلام الى المثال التالي : / صفة : (كظم الغيظ) / وعلى هذا قس : سائر أَسماء وصفات وفضائل أَهل البيت عليهم السلام كـ : (صفة كظم الغيظ)(1)، فإِنَّ ما جرىٰ على الإِمام موسىٰ بن جعفر عليهما السلام في السجن ومكابدته ومعاناته ينبغي أَنْ لا يقتصر تفسيرها على البعد الفردي والنفسي ، وإِنَّما كظم غيظ أُمميّ ومجتمعيّ وحضاريّ ، وقيادة إِلٰهيَّة ، وكفاءة نظام إِدارة وقيادة إِلٰهيَّة شاملة لجملة أَرجاء الدولة الإِسلاميَّة الإِلٰهيَّة ؛ الشَّاملة لجميع العوالم وسائر المخلوقات ، مُنطلقة من الأَسماء والصفات والفضائل والأَفعال الإِلٰهيَّة ، ومن ثَمَّ استفزاز الدولة العبَّاسيَّة العظمىٰ(2) له صلوات اللّٰـه عليه ليس بما هو رَجُلٌ فردٌ ، بل بما لديه قاعدة شعبيَّة ، وإِمكانيَّات مجتمعيَّة وأُمميَّة وحضاريَّة وإِلٰهيَّة ، فأَرادت أَنْ تذهب به إِلى المنازلة المُعلنة ؛ كيما تُبيد إِنجازاته وإِنجازات آبائه وأَجداده المجتمعيَّة والأُمميَّة والحضاريَّة والإِلٰهيَّة العظيمة، وبنيانهم الحضاريّ والإِلٰهيّ الخطير، فكظم عليه السلام هذا الاستفزاز(3)، فأَراد هارون العبَّاسي السفيه(4) إِبادة حضارة دين الإِسلام وإِقامة مقامها : ما أَسَّسه من مجون وإِباحيَّة وانفلات ماديّ ، ولُغَة الدم والسجون ، فأَبىٰ صلوات اللّٰـه عليه إِلَّا أَنْ يجعل اللُّغَةَ : لُغَة الإِنسانيَّة ، ولُغَة المنطق ، ولُغَة المبادئ ، ولُغَة العقل والتعقُّل ، وإِنْ استلزم ذلك إِبادة بدنه الشَّريف. وثوريَّته صلوات اللّٰـه عليه ليست كثوريَّة وتطرُّف الزيديَّة ؛ وثوريَّة الثوار وتطرُّفهم ، وتطرُّف الخط الثوري الأَحمق ، بل ثوريَّة حضارة وإِنسانيَّة. وبعبارة أُخرىٰ : اجتمعت في الإِمام الكاظم صلوات اللّٰـه عليه : سُنَّة الإِمام الحسن وسُنَّة الإِمام الحسين عليهما السلام ، فإِنَّ معاوية (عليه اللعنة) أَراد استفزاز الإِمام الحسن صلوات اللّٰـه عليه ليحاربه ؛ كيما يُبيد كُلَّ موروث أَصحاب الكساء عليهم السلام ، لكنَّه صلوات اللّٰـه عليه لم يعطه تلك الذريعة ، وحافظ على جيشٍ مُؤلَّفٍ من (70) أَلف مُقاتل مُحترف. إِذَنْ : ليس حال الإِمام الكاظم وسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم كحال الجموديِّين ـ خلافاً لِـمَا تخيَّله البعض ـ ، بل حراك من دون هوادة ، لكن بخُلقٍ وتعقُّلٍ. وإِلى هذا الخط تشير بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... أَنَّ إِمارة بني أُميَّة كانت بالسيف والعسف والجور ، وأَن إِمامتنا بالرفق والتألف والوقار والتَّقيَّة ، وحسن الخلطة والورع والإِجتهاد ، فرغِّبُوا النَّاس في دينكم ، وفيما أَنتم فيه»(5). وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) لابأس بالْاِلْتِفَات إِلى أَنَّ صفة : (كظم الغيظ) وردت في بيانات الوحي في حقِّ اثنين من أَهل البيت عليهم السلام بصفةٍ خاصَّةٍ : أَمير المؤمنين والإِمام موسىٰ الكاظم عليهما السلام ، أَمَّا سائرأَهل البيت عليهم السلام فإِنَّها تُذكر لهم بصفةٍ جمعيَّةٍ. فانظر : بيانات الوحي الواردة في حقِّ أَمير المؤمنين عليه السلام ، منها : بيان زيارته عليه السلام يوم الغدير : «... وَأَشْهَدُ اَنَّكَ لَمْ تَزَلْ لِلْهَوى مُخالِفاً ، وَللِتُّقىٰ مُحالِفاً ، وَعَلى كَظْمِ الْغَيْظِ قادِراً ، وَعَنِ النّاسِ عافِياً غافِراً... وَأَنْتَ الْكاظِمُ لِلْغَيْظِ ، وَالْعافي عَنِ النّاسِ ، وَاللّٰـهُ يُحِبُّ الْـمُـحْسِنينَ...». بحار الأَنوار ، 97 : 360 ـ 368. ولاحظ : بيانات الوحي الواردة في حقِّ الإِمام موسىٰ بن جعفر عليهما السلام ، منها : بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... أَوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إِسرائيل ... فإذا انقضت مدَّة جعفر قام بالأَمر بعده موسىٰ ويُدعىٰ بالكاظم ...». بحار الأَنوار ، 36 : 304 ـ 306/ح144. كفاية الأَثر : 8 ـ 9. (2) اعترف المُؤرِّخون والباحثون بأَنَّ السلطة العبَّاسيَّة أَوسع نطاقاً وأَقوىٰ اقتداراً وقوَّة من أَوج السلطة الأَمويَّة مساحة ورقعة وكيفيَّة وجبروتاً وآليَّاتاً. لكن : في موازاة ذلك قام المنافس الوحيد : نظام مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ؛ فإِنَّ السلطة العباسيَّة لم يكن لها أَيّ منافس ورقيب يتناطح ويتدافع معها بقدر مدرسة أَهل البيت عليهم السلام. وهذه قضيَّة أُخرىٰ وظاهرة ثابتة باعتراف المؤرخين والباحثين ، ولم تنشأ من باب الصدفة. ثُمَّ إِنَّه بقدر اِتِّسَاع رقعة الدولة الإِسلاميَّة بعد استشهاد سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، واِتِّسَاع رقعة النظام المُتسلِّط على المسلمين والبلدان الإِسلاميَّة اتَّسعت بموازاة ذلك قدرة نظام مدرسة أَهل البيت عليهم السلام. إِذَنْ : مدرسة أَهل البيت عليهم السلام هي الفصيل الوحيد المراقب ، والَّذي تتوجَّس منه السلطات خوفاً ورعباً ، والضَّاج لمضاجعها ، والمنافس الرقيب ، صاحب القدرة المتنامية في مدافعة سلطة السقيفة ، وسلطة بني أُميَّة ، وسلطة بني العبَّاس ، وصاحب القدرة والإِمكانيَّات والسيطرة على المسلمين وبلدانهم. وهذه الظاهرة لا زالت قائمة إِلى يومنا هذا منذُ بدايات أَيّام السقيفة. (3) ينبغي الْاِلْتِفَات : أَنَّ في شخصيَّة الإِمام الكاظم صلوات اللّٰـه عليه جهات ملحميَّة عديدة ، وبيانات أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم المستفيضة والموارد التاريخيَّة المنقولة عند الفريقين تُعزِّز: أَن أَمواج أَحداث كانت معتركة في شخصيَّته. (4) إِطلاق صفة السَّفاهة على هارون العبَّاسيّ ليس من باب التحامل ، وإِنَّما لبيان واقع ؛ فإِنَّه لم يعش حقيقة العلم ، وإِنَّما عاش العنف وسفك الدماء ، وتجنيد العلم لبساط وبلاط جوره ، ولتثبيت وتوسيع قدرته ونفوذه التسلطي الدكتاتوري. بعد الْاِلْتِفَات : أَنَّ العلم إِنْ جُنِّدَ للتسلُّط والدكتاتوريَّة والقدرة الذاتيَّة والإِستبداد فتلك طامَّة كبرىٰ وخطر عظيم ، بخلاف تجنيد القدرة للعلم ففتح عظيم. وإِلى هذا تشير بيانات الوحي ، منها : الحديث المشهور عن سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «إِذا رأيتم العلماء على أَبواب الملوك فبئس العلماء وبئس الملوك ، وإِذا رأيتم الملوك على أَبواب العلماء فنعم العلماء ونعم الملوك». ومن ثَمَّ كيف يُقال عن الدولة العبَّاسيَّة : أَنَّها دولة من العصور الذهبيَّة في الإسلام ، وعصرها عصر ذهبيّ في الإسلام وهي تخاف الفكر وتقمعه ، وتُقبع الإِمام الكاظم عليه السلام طوال أَربعة عشر سنة في قعر السجون ، فكفىٰ ضحكاً على ذقون البشر ؛ فإِنَّ تلك آثار هارون وقصوره الَّتي بناها لأَلف ليلة وليلة حمراء والجواري الَّتي يتكنَّس بها على الحدود العراقيَّة السوريَّة في منطقة الرقَّة لا زالت آثارها وآثار اللعب والدف والهوس والهلوسة والنزوات الخسيسة إلى الآن موجودة. (5) بحار الأَنوار ، 66 : 170/ح11. الخصال ، 2 : 8
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (303) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (303) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه التَّاسع والسِّتُّون : / / روح القدس أَحد أَرواح أَهل البيت عليهم السلام / / الوراثة الاِصْطِفَائيَّة/ هناك مطلب لطالما بقيت البحوث العلميَّة المُعقَّدة مُترجِّلة فيه ، وقد سبَّب عدم فهمه : الانحراف والقول بالتناسخ لدىٰ جملة من الفرق الصوفيَّة، والعرفانيَّة والباطنيَّة ، بل والمسيحيَّة المنحرفة ، ينبغي لْاِلْتِفَات إِليه، حاصله : أَنَّ الثابت في بيانات الوحي المتواترة : أَنَّ رُوح القدس ـ وهو حقيقة القرآن الكريم الصَّاعدة ، والوارد في بيان قوله تعالىٰ : [وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا](1)ـ مودع في ذوات الأَنبياء عليهم السلام ، وأَحد أَرواحهم من النَّبيّ آدم عليه السلام إِلى سيَّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، ثُمَّ سائر أَهل البيت عليهم السلام. فانظر : بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام ، عن جابر ، قال : «سألته عن علم العَالِم ، فقال : يا جابر ، إِنَّ في الأَنبياء والأَوصياء خمسة أَرواح : روح القدس ، وروح الإِيمان ، وروح الحياة ، وروح القوَّة ، وروح الشهوة ، فبروح القدس يا جابر عرفوا (خ.ل : علمنا) ما تحت العرش إلى ما تحت الثرىٰ ، ثُمَّ قال : يا جابر ، إِنَّ هذه الأَرواح يصيبها الحدثان إِلَّا أَنَّ روح القدس لا يلهو ولا يلعب»(2). 2ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن أَبي بصير ، قال : «سألته عن قول اللّٰـه عزَّوجلَّ : [يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ](3)فقال : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الشورى : 52. (2) بحار الأَنوار ، 25 : 55/ح15. بصائر الدرجات : 132. (3) النحل : 2
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (304) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (304) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التَّاسع والسِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « روح القدس أَحد أَرواح أَهل البيت عليهم السلام » وعنوان : « الوراثة الاِصْطِفَائيَّة » ؛ فإِنَّ رُوح القدس ـ وهو حقيقة القرآن الكريم الصَّاعدة ، والوارد في بيان قوله تعالىٰ : [وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا](1)ـ مودع في ذوات الأَنبياء عليهم السلام ، وأَحد أَرواحهم من النَّبيّ آدم عليه السلام إِلى سيَّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، ثُمَّ سائر أَهل البيت عليهم السلام ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل التالي : 2ـ بيان الإِمام الباقرعليه السلام أَيضاً ، عن أَبي بصير ، قال : «سألته عن قول اللّٰـه عزَّوجلَّ : [يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ](2)فقال : جبرئيل الَّذي نزل على الأَنبياء ، والرُّوح تكون معهم ومع الأَوصياء ، لا تفارقهم ، تفقِّههم وتسدِّدهم من عند اللّٰـه ...»(3). 3ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن أَبي بصير ، قال : «قلتُ لأَبي عبداللّٰـه عليه السلام : جُعِلْتُ فداك ، أَخبرني عن قول اللّٰـه تبارك وتعالىٰ : [وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا](4) قال: يا أَبا مُحمَّد ، خَلْقٌ واللّٰـه أَعظم من جبرئيل وميكائيل ، وقد كان مع رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله يخبره ويسدِّده ، وهو مع الأَئمَّة عليهم السلام يخبرهم ويسدِّدهم»(5). 4ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «... فينا روح رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله »(6). 5ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن إِبراهيم بن عمر ، قال : «قلت لأَبي عبداللّٰـه عليه السلام: أخبرني عن العلم الَّذي تعلمونه ، أَهو شيء تعلَّمونه من أَفواه الرجال بعضكم من بعض ، أَو شيء مكتوب عندكم من رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ؟ فقال: الأَمر أعظم من ذلك ، أَمَا سمعتَ قول اللّٰـه عزَّوجلَّ في كتابه : [وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ](7) قال : قلتُ : بلىٰ ، قال : فلَمَّا أَعطاه اللّٰـه تلك الرُّوح علم بها، وكذلك هي إِذا انتهت إِلى عبد علم بها العلم والفهم ـ يُعَرِّض بنفسه عليه السلام ـ»(8). 6ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن الحارث بن المغيرة ، قال : « إِنَّ الأَرض لا تُترك بغير عَالِـمٍ . قلت : الَّذي يعلم عَالِـمكم ما هو ؟ قال : وراثة من رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ومن عَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام ، عِلْمٌ يستغنىٰ به عن النَّاس ولا يستغني النَّاس عنه. قلتُ : وحكمة تقذف في صدره أَو تُنكتُ في أُذنه ؟ قال : ذاك وذاك»(9). وهذه وغيرها الكثير براهين وحيانيَّة دالَّة على وراثة ، لكنَّها ليست ماديَّة اِعْتِبَارِيَّة ، بل اِصطفائيَّة تكوينيَّة ملكوتيَّة ، لكنَّه لا تعني القول بالتناسخ الباطل بالضَّرورة الدِّينيَّة ، وإِنَّما تعني : أَنَّ هناك جُنداً وجواهراً وخوادماً ملكوتيَّة ، تنتقل للخدمة من صفيٍّ مُتقدِّم إِلى آخر متأخر زماناً. وإلى هذا أَشارت بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : ما ورد في بيانات الروايات ، أَنَّه : «أتت فاطمة بنت رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله بإبنيها الحسن والحسين عليهما السلام إِلى رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله في شكواه الَّذي توفِّي فيه فقالت : يا رسول اللّٰـه ، هٰذان ابناك فورِّثهما شيئاً. فقال : أَمَّا الحسن فإِنَّ له هيبتي وسؤددي ، وأَمَّا الحسين فإِنَّ له شجاعتي وجودي»(10). وهذه وراثة اِصطفائيَّة ، فالهيبة والسؤدد جُنْدٌ روحانيَّة ملكوتيَّة مغروزة في ذات سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، وجواهر مُجرَّدة ومُسخَّرة لحقيقته وذاته صلى الله عليه واله المُقدَّسة ، انتقلت إِلى ذات الإِمام المجتبىٰ عليه السلام ، لكن من دون زوالها عن ذاته صلى الله عليه واله الشَّريفة ، هذه حال الوراثة الاِصطفائيَّة. وعلى هذا قس : ما ورِثه سيِّد الشهداء عليه السلام من جدِّه صلى الله عليه واله من شجاعة وجود. بل وكُلُّ وراثة تحصل من هذا القبيل لكلِّ معصومٍ ، لكنَّها لا تزول ولا تتزلزل عن ذات المورِّث ، بل تبقىٰ على حالتها السَّابقة ، بخلاف الوراثة الماديَّة. / الوراثة الاِ صطفائيَّة لا تحجب الوراثة الماديَّة / وهذه الوراثة الاِصطفائيَّة لا تحجب ـ بالضرورة الدِّينيَّة ـ عن الوريث الوراثة الماديَّة ، خلافاً لِـمَا أَصرَّ عليه أَصحاب سُنَّة السقيفة ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الشورى : 52. (2) النحل : 2. (3) بحار الأَنوار ، 25 : 63/ح43. بصائر الدرجات : 137. (4) الشورى : 52. (5) بحار الأَنوار ، 25 : 59/ح27. بصائر الدرجات : 135. (6) المصدر نفسه : 62/ح41. بصائر الدرجات : 136. (7) الشورى : 52. (8) بحار الأَنوار ، 25 : 62/ح40. بصائر الدرجات : 136. (9) المصدر نفسه ، 26 : 62/ح141. بصائر الدرجات ، 2 : 120/ ح1169 ـ 1. (10) بحار الأَنوار ، 43 : 263/ح10. إرشاد المفيد : 169. إعلام الورىٰ : 210
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (305) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (305) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التَّاسع والسِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « روح القدس أَحد أَرواح أَهل البيت عليهم السلام » وعنوان : « الوراثة الاِصْطِفَائيَّة » ؛ فإِنَّ رُوح القدس ـ وهو حقيقة القرآن الكريم الصَّاعدة ، والوارد في بيان قوله تعالىٰ : [وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا](1)ـ مودع في ذوات الأَنبياء عليهم السلام ، وأَحد أَرواحهم من النَّبيّ آدم عليه السلام إِلى سيَّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، ثُمَّ سائر أَهل البيت عليهم السلام ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل التالي : 6ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام أَيضاً ، عن الحارث بن المغيرة ، قال : « إِنَّ الأَرض لا تُترك بغير عَالِـمٍ . قلت : الَّذي يعلم عَالِـمكم ما هو ؟ قال : وراثة من رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ومن عَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام ، عِلْمٌ يستغنىٰ به عن النَّاس ولا يستغني النَّاس عنه. قلتُ : وحكمة تقذف في صدره أَو تُنكتُ في أُذنه ؟ قال : ذاك وذاك»(2). وهذه وغيرها الكثير براهين وحيانيَّة دالَّة على وراثة ، لكنَّها ليست ماديَّة اِعْتِبَارِيَّة ، بل اِصطفائيَّة تكوينيَّة ملكوتيَّة ، لكنَّه لا تعني القول بالتناسخ الباطل بالضَّرورة الدِّينيَّة ، وإِنَّما تعني : أَنَّ هناك جُنداً وجواهراً وخوادماً ملكوتيَّة ، تنتقل للخدمة من صفيٍّ مُتقدِّم إِلى آخر متأخر زماناً. وإلى هذا أَشارت بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : ما ورد في بيانات الروايات ، أَنَّه : «أتت فاطمة بنت رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله بإبنيها الحسن والحسين عليهما السلام إِلى رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله في شكواه الَّذي توفِّي فيه فقالت : يا رسول اللّٰـه ، هٰذان ابناك فورِّثهما شيئاً. فقال : أَمَّا الحسن فإِنَّ له هيبتي وسؤددي ، وأَمَّا الحسين فإِنَّ له شجاعتي وجودي»(3). وهذه وراثة اِصطفائيَّة ، فالهيبة والسؤدد جُنْدٌ روحانيَّة ملكوتيَّة مغروزة في ذات سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، وجواهر مُجرَّدة ومُسخَّرة لحقيقته وذاته صلى الله عليه واله المُقدَّسة ، انتقلت إِلى ذات الإِمام المجتبىٰ عليه السلام ، لكن من دون زوالها عن ذاته صلى الله عليه واله الشَّريفة ، هذه حال الوراثة الاِصطفائيَّة. وعلى هذا قس : ما ورِثه سيِّد الشهداء عليه السلام من جدِّه صلى الله عليه واله من شجاعة وجود. بل وكُلُّ وراثةٍ تحصل من هذا القبيل لكلِّ معصومٍ ، لكنَّها لا تزول ولا تتزلزل عن ذات المورِّث ، بل تبقىٰ على حالتها السَّابقة ، بخلاف الوراثة الماديَّة. / الوراثة الاِ صطفائيَّة لا تحجب الوراثة الماديَّة / وهذه الوراثة الاِصطفائيَّة لا تحجب ـ بالضرورة الدِّينيَّة ـ عن الوريث الوراثة الماديَّة ، خلافاً لِـمَا أَصرَّ عليه أَصحاب سُنَّة السقيفة ، من أَنَّ وراثة الكُمَّل ـ كوراثة فاطمة الزهراء عليها السلام من أَبيها صلى الله عليه واله وراثة اِصطفائيَّة ملكوتيَّة فقط ـ تحجب الوراثة الماديَّة. وغير خفيٍّ : أَنَّ هذه جرأَة على الشَّريعة القويمة ، وهتك لأَستار السُّنَّة الكريمة ، تضع منها الحبلىٰ لشناعتها ، وتضحك منها الثكلىٰ لغرابتها. وهذا ما أَشارت إِليه بيانات الوحي الوافرة الباهرة ، منها : بيان خطبة فاطمة الزهراء عليها السلام : «... أَيُّها المسلمون ، أَأُغلب على إرثي؟ يا بن أَبي قحافة ، أَفي كتاب اللّٰـه ترث أَباك ولا أَرث أَبي؟ لقد جئت شيئاً فريَّا! أَفعلىٰ عمد تركتم كتاب اللّٰـه ونبذتموه وراء ظهوركم؟! إِذ يقول: [وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ](4)، وقال فيما اقتصَّ من خبر يحيىٰ بن زكريّا إِذْ قال : [فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ](5)، وقال: [وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ](6)، وقال: [يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ](7)، وقال : [إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ](8)، وزعمتم أَنْ لَا حظوة لي ولا أرث من أَبي ، ولا رحم بيننا، أَفخصَّكم اللّٰـه بآية أَخرج منها أَبي؟! أَم هل تقولون : أَهل ملتين لا يتوارثان؟ أَو لستُ أَنا وأَبي من أَهل ملَّة واحدة ؟ أَم أَنتم أَعلم بخصوص القرآن وعمومه من أَبي وابن عمي؟! فدونكم مخطومة مرحولة تلقاكَ يوم حشركَ ، فنعم الحَكَم اللّٰـه ، والزعيم محمَّد ، والموعد القيامة ، وعند السَّاعة يخسر المبطلون ، ولا ينفعكم إِذ تندمونَ ، و[لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ](9)، و[مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ](10)...»(11). ودلالته واضحة. / القول بثبوت الوراثة الماديَّة لفاطمة عليها السلام دون الاِ صطفائيَّة / هذا ، وقد زاد كثير من علماء الخاصَّة فضلاً عن غيرهم في الطين بِلَّة ؛ فناقشوا في وراثتها عليها السلام الاِصطفائيَّة ، ثُمَّ ادَّعوا ثبوت المادِيَّة في حقِّها عليها السلام حسب، لكنَّها : عثرة فاحشة ، وزلَّة عظيمة طائشة ، ودعوة ساقطة عن كلِّ قيمةٍ واعتبارٍ ، وعريَّة عن كلِّ شاهد ومِثْال ، ويرد عليها ما أَوردناه على سابقتها حرفاً بحرف ، بل المُتمعِّن في بيانات الوحي الباهرة الوافرة يراها صارخة ومثبتة لهذه الحقيقة كالأُولىٰ ، فإِنَّهما كفرسي رهان ورضعي لبان يجريان في حقِّها عليها السلام ، والعصمة لأَهلها. / وراثة الصلاح والفساد / بل الوارد في بيانات الوحي : أَنَّ المؤمن الصالح ، بل والشَّخص الطالح لا يورِّث المال فحسب ، بل والصلاح إِنْ كان صالحاً ، والفسق والفجور إِنْ كان طالحاً. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الشورى : 52. (2) المصدر نفسه ، 26 : 62/ح141. بصائر الدرجات ، 2 : 120/ ح1169 ـ 1. (3) بحار الأَنوار ، 43 : 263/ح10. إرشاد المفيد : 169. إعلام الورىٰ : 210. (4) النمل : 16. (5) مريم : 5 ـ 6. (6) الأنفال : 75. (7) النساء : 11. (8) البقرة : 180. (9) الأنعام : 67. (10) الزمر : 40. (11) بحار الأَنوار ، 29 : 226 ـ 227. الاحتجاج ، 1 : 138 ـ 139
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (306) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (306) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التَّاسع والسِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « روح القدس أَحد أَرواح أَهل البيت عليهم السلام » وعنوان : « الوراثة الاِصْطِفَائيَّة » ؛ فإِنَّ رُوح القدس ـ وهو حقيقة القرآن الكريم الصَّاعدة ، والوارد في بيان قوله تعالىٰ : [وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا](1)ـ مودع في ذوات الأَنبياء عليهم السلام ، وأَحد أَرواحهم من النَّبيّ آدم عليه السلام إِلى سيَّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، ثُمَّ سائر أَهل البيت عليهم السلام ، و وصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى العنوان التالي : / وراثة الصلاح والفساد / بل الوارد في بيانات الوحي : أَنَّ المؤمن الصالح ، بل والشَّخص الطالح لا يورِّث المال فحسب ، بل والصلاح إِنْ كان صالحاً ، والفسق والفجور إِنْ كان طالحاً. فانظر : بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان قوله تعالىٰ : [وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ](1). ثانياً : بيان الإِمام الباقر والصَّادق عليهما السلام : «يحفظ الأَطفال بصلاح آبائهم ؛ كما حفظ اللّٰـه الغلامين بصلاح أَبويهما»(2). ثالثاً : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «إِنَّ اللّٰـه يحفظ ولد المؤمن إِلى أَلف سنة ، وإِنَّ الغلامين كان بينهما وبين أَبيهما سبعمائة سنة»(3). رابعاً : بيانه عليه السلام أَيضاً : «إِنَّ اللّٰـه ليفلح بفلاح الرَّجُل المؤمن ولده وولد ولده ، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله ، فلا يزالون في حفظ اللّٰـه؛ لكرامته على اللّٰـه ، ثُمَّ ذكر الغلامين ، فقال : [وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا] أَلَم تر أَنَّ اللّٰـه شكر صلاح أَبويهما لهما»(4). خامساً : بيان الإِمام الرِّضا عليه السلام : «أَوحىٰ اللّٰـه عزَّوجلَّ إِلى نبيٍّ من الأَنبياء إِذا أُطعتُ رضيتُ ، وإِذا رضيتُ باركتُ ، وليس لبركتي نهاية ، وإِذا عُصيتُ غضبتُ ، وإِذا غضبتُ لعنتُ ، ولعنتي تبلغ السَّابع من الوراء»(5). ومنه يتَّضح : ما ورد في حقِّ الإِمام الحُجَّة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه : «أنَّ القائم عليه السلام يقتل أَولاد قتلة الحسين عليه السلام ؛ لرضاهم بفعل آبائهم»(6). وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الكهف : 82. (2) بحار الأَنوار ، 71 : 236/ح1. (3) المصدر نفسه/ح2. (4) المصدر نفسه /ح3. (5) بحار الأَنوار ، 73 : 341/ح23. (6) المصدر نفسه
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (307) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (307) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السَّبعون : / /طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة تُحيط وتُهيمن على جملة المخلوقات / هناك قاعدة ومنظومة عقليَّة نُقِّحت في مباحث علوم المعقول ـ كـ : المباحث : الفلسفيَّة والكلاميَّة والعرفانيَّة ـ يجدر الْاِلْتِفَات إِليها ، حاصلها : «أَنَّ المخلوق السَّابق والمُتقدِّم في الصدور ـ بعد ما كان وجود ما دونه من المخلوقات وكمالاتها مُتَشَعِّبة عنه فلا بُدَّ أَنْ ـ يُحيط ـ المخلوق السَّابق والمُتقدِّم في الوجود ـ بما دونه من المخلوقات ويُهيمن عليها ؛ بمدد وقدرة من اللّٰـه عزَّوجلَّ». وحيث إِنَّ الثَّابت في بيانات الوحي المُتواترة : أَنَّ طبقات حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة وأَنوارهم خُلِقَت قبل جملة سائر المخلوقات ؛ فلا بُدَّ أَنْ تكون تلك الحقائق والأَنوار والطَّبقات الشَّريفة المقدَّسة لأَهل البيت عليهم السلام مُحيطة بطرِّ العوالم وكافَّة المخلوقات ، ومُهيمنة عليها هيمنة اللَّطيف على الأَغلظ ، ومن ثَمَّ تكون لهم صلوات اللّٰـه عليهم ولاية ـ كولاية اللّٰـه تعالىٰ ـ على سائر المخلوقات وعوالمها غير المتناهية. وصلى الله على محمد واله الاطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (308) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (308) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الْحَادي و السَّبعون : / / توظيف الأَضْدَاد أَحد صفات أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم الإِلهيَّة/ هناك فوارق جمَّة بين حقيقة وشؤون الإِمام من أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم ، وحقيقة وشؤون سائرالمخلوقات ، منها : إِنَّ طبقات حقيقة الإِمام من أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم الصَّاعدة وتتبعها طبقات حقيقته صلوات اللّٰـه عليه المتوسطة والنَّازلة بعد ما كانت نظام عَالَم الوجود قاطبة ، والوسيلة الإِلٰهيَّة ، والسَّبيل والسَّبب والباب والحجاب والرباط الإِلٰهيّ الأَدنىٰ والفارد بين الباريّ ـ المُسَمَّىٰ ـ (جلَّ قدسه) ، وكافَّة العوالم وكُلّ المخلوقات غير المتناهية بقضِّها وقضيضها انعكست فيها جميع أَسماء وصفات وشؤون الذات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة إِلَّا الأُلوهيَّة ؛ لخروجها تخصُّصاً وموضوعاً ـ كما تَقَدَّمَ تحقيق جميع ذلك ـ ، ومن تلك الأَسماء والصفات والشؤون المنعكسة : (صفة توظيف الأَضْدَاد)، فالإمام عليه السلام كالباري ـ المُسَمَّىٰ ـ (عزَّ ذكره) يوظِّف الأَضْدَادَ ، ويوفِّق ويلائم بينها ، ويجعل كلّاً في محلِّه ، فيوظِّف ويُوفِّق ويلائم مثلاً بين : (الغضب والرويَّة) ، وبين : (الإِقدام والإِحجام) ، وبين : (الشَّجاعة والرحمة والرأفة) وهلمَّ جرَّ. فلاحظ: 1ـ ما ذكره الشريف الرضي في حقِّ أَمير المؤمنين صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : «مَنْ سمع كلامه لا يشكُّ أَنَّه كلام مَنْ قبع في كِسر بيت ، أَو انقطع في سفح جبل ، لا يسمع إِلَّا حسّه ، ولا يرىٰ إِلَّا نفسه ، ولا يكاد يوقن بأَنَّه كلام مَنْ ينغمس في الحرب ؛ مصلتاً سيفه فيقطُّ الرقاب ، ويجدل الأَبطال ، ويعود به ينطف دماً ويقطر مهجاً ، وهو مع ذلك زاهد الزهَّاد ، وبدل الأَبدال ، وهذه من فضائله العجيبة ، وخصائصه الَّتي جمع بها بين الأَضْدَاد»(1). 2ـ ما ذكره ابن أبي الحديد في الشرح في حقِّ أَمير المؤمنين صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً : «كان أَمير المؤمنين عليه السلام ذا أَخلاق متضادَّة ، فمنها : أَنَّ الغالب على أَهل الإِقدام والمغامرة والجرأة أَنْ يكونوا ذوي قلوب قاسية وفتك وتنمُّر وجبريَّة، والغالب على أهل الزهد ورفض الدُّنيا ، وهجران ملاذّها والْاِشْتِغَال بمواعظ النَّاس وتخويفهم المعاد وتذكيرهم الموت أَنْ يكونوا ذوي رقَّة ولين وضعف قلب وخور طبع ، وهاتان حالتان متضادَّتان ، وقد اجتمعتا له عليه السلام. ومنها : أَنَّ الغالب على ذوي الشَّجاعة وإراقة الدماء أَنْ يكونوا ذوي أَخلاق سبعيَّة ، وطباع حوشيَّة ، وغرائز وحشيَّة ، وكذلك الغالب على أَهل الزهادة وأَرباب الوعظ والتذكير ورفض الدنيا أَنْ يكونوا ذوي انقباض في الأَخلاق، وعبوس في الوجوه ، ونفار من النَّاس واستيحاش ، وأَمير المؤمنين عليه السلام كان أَشجع النَّاس وأَعظمهم إراقة للدم ، وأَزهد النَّاس وأَبعدهم عن ملاذ الدُّنيا ، وأكثرهم وعظاً وتذكيراً بأَيَّام اللّٰـه ومثلاته ، وأَشدَّهم اجتهاداً في العبادة وآداباً لنفسه في المعاملة ، وكان مع ذلك أَلطف العَالَم أَخلاقاً ، وأسفرهم وجهاً ، وأَكثرهم بشراً ، وأَوفاهم هشاشة وبشاشة، وأَبعدهم عن انقباض موحش ، أَو خلق نافر ، أَو تجهَّم مباعد ، أَو غلظة وفظاظة ينفر معهما نفس ، أَو يتكدَّر معهما قلب حتَّىٰ عيّب بالدُّعابة ، ولَـمَّا لم يجدوا فيه مغمزاً ولا مطعناً تعلَّقوا بها واعتمدوا في التنفير عنه عليها «وتلك شكاة ظاهر عنكَ عارها» وهذا من عجائبه وغَرَائِبه اللَّطِيفَةُ»(2). وهذا بخلاف سائر المخلوقات، فليست لها المُكْنَة من ذلك. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 40 : 165. (2) بحار الأَنوار ، 40 : 89. شرح نهج البلاغة لابن أَبي الحديد ، 1 : 24 ـ 25
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (309) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (309) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّاني و السَّبعون : / /خارطة جملة عوالم الخلقة برسم وتخطيط أَهل البيت عليهم السلام / إِنَّ المستفاد من بيانات الوحي : أَنَّ خارطة مسار جملة عالم الدُّنيا برسم وتخطيط أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم ، بل وخرائط مسارات كافَّة العوالم وجميع مخلوقاتها ، كـ : عَالَم البرزخ ، وعَالَم الرجعة ، وعَالَم القيامة ، وعَالَم الآخرة الأَبديَّة ، وعوالم ما بعدها ، بل وعوالم ما قبل هذه النشأة الأَرضيَّة لم تكن إِلَّا بتخطيطهم صلوات اللَّـه عليهم وهندستهم وتنفيذهم. فانظر : بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... أَنا دحوتُ أَرضها، وأَنشأتُ جبالها ، وفجَّرتُ عيونها ، وشققتُ أَنهارها ، وغرستُ أَشجارها ، وأَطعمتُ ثمارها ، وأَنشأتُ سحابها ، وَأَسمعتُ رعدها ، ونوَّرتُ برقها ، وأَضحيتُ شمسها ، وأَطلعتُ قمرها ، وأَنزلتُ قطرها ، ونصبتُ نجومها ... وسكنتُ أَطوادها ، وأَنشأتُ جواري الفلك فيها ، وأَشرقتُ شمسها ... ادخلوا الباب سجّداً أغفر لكم خطاياكم وأزيد المحسنين ، بي وعلى يديّ تقوم السَّاعة...»(1). 2ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : ««... أَنَا مُنزل الملائكة منازلها ... أَنا المُنادي لهم : أَلستُ بربِّكم ؛ بأَمر قيُّوم لم يزل ... أَنا صاحب الهبات بعد الهبات ولو أَخبرتكم لكفرتم ... أَنا منشئ الأَنام ... أَنا صاحب النجوم ، أَنا مُدبِّرها بأَمر ربّي ... أَنا المُعطِي ، أَنا المُبذِل ، أَنا القابض يدي على القبض ... أَنا صاحب القطر والمطر ، أَنا صاحب الزلازل والخسوف ... أَنا صاحب الغيث بعد القنوط...»(2). 3ـ بيان خطبته عليه السلام أَيضاً : «أَنَا عندي مفاتيح الغيب ... ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 39: 348. (2) مشارق أَنوار اليقين في أَسرار أَمير المؤمنين عليه السلام ، الخطبة الإِفتخاريَّة: 165 ـ 166
مَعَارِف إِلْهِيَّة : ( 310) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (310) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّاني و السَّبعين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « خارطة جملة عوالم الخلقة برسم وتخطيط أَهل البيت عليهم السلام » ؛ فإِنَّ المستفاد من بيانات الوحي : أَنَّ خارطة مسار جملة عالم الدُّنيا برسم وتخطيط أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم ، بل وخرائط مسارات كافَّة العوالم وجميع مخلوقاتها ، كـ : عَالَم البرزخ ، وعَالَم الرجعة ، وعَالَم القيامة ، وعَالَم الآخرة الأَبديَّة ، وعوالم ما بعدها ، بل وعوالم ما قبل هذه النشأة الأَرضيَّة لم تكن إِلَّا بتخطيطهم صلوات اللَّـه عليهم وهندستهم وتنفيذهم ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل التالي : 3ـ بيان خطبة أَمير المؤمنين عليه السلام أَيضاً : «أَنَا عندي مفاتيح الغيب ... أَنا أَقمتُ السَّماوات بأَمر ربِّي ... أَنا أَمر الحي الَّذي لا يموت ، أَنا ولي الحقّ على سائر الخلق ... أَنا المفوَّض إِلَيَّ أَمر الخلائق ، أَنَا خليفة الإِلٰه الخالق ... أَنا أرسيتُ الجبال الشَّامخات ، وفجَّرتُ العيون الجاريات ... أَنَا مُقدِّر الأَقوات ، أَنا ناشر الأَموات ، أَنا منزل القطر ، أَنَا مُنَوِّر الشَّمس والقمر والنجوم ، أَنَا قيِّم القيامة ... أَنَا محصي الخلائق وإِنْ كثروا ...»(1). 4ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، الوارد في حقِّ أَهل البيت عليهم السلام : «... هذا كُلّه لآل محمَّد لا يُشاركهم فيه مُشارك ... خلقهم اللّٰـه من نور عظمته ، وولَّاهم أَمر مملكته ...»(2). 5ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن سلمان (رضوان اللَّـه عليه) ، قال: «... وإنَّ اللَّـه عزَّوجلَّ جعل أَمر الدُّنيا إِلَيّ ...قال سلمان: ...ثُمَّ إِنَّ أَمير المؤمنين عليه السلام أَمر الريح فسارت بنا إلى جبل قاف فانتهيت(3) إليه ، وإذا هو من زمرِّدة خضراء وعليها(4) مَلَك على صورة النسر ، فلَمَّا نظر إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال المَلَك : السَّلَامُ عَلَيْكَ يا وصيّ رسول اللَّـه وخليفته ، أَتأذن لي في الكلام؟ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلام وقال له: إِنْ شئتَ تكلَّم ، وإِنْ شئتَ أَخبرتُكَ عمَّا تسألني عنه. فقال المَلَك: بل تقول أنت يا أمير المؤمنين. قال: تُريد أَنْ آذن لَكَ أَنْ تزور الخضر عليه السلام ، قال: نعم، فقال عليه السلام: قد أذنتُ لَكَ ... فقال سلمان : يا أَمير المؤمنين ، رأيتُ المَلَك ما زار الخضر إِلَّا حين أَخذ إذنكَ. فقال عليه السلام: والَّذي رفع السماء بغير عمدٍ ، لو أَنَّ أَحدهم رام أَنْ يزول من مكانه بقدر نفسٍ واحدٍ لَـمَا زال حتَّىٰ آذن له ، وكذلك يصير حال ولدي الحسن ، وبعده الحسين وتسعة من ولد الحسين... والَّذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة إِنِّي لأَملك من ملكوت السَّماوات والأَرض ما لو علمتم ببعضه لما احتمله جنانكم...»(5). 6ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام: «إِنَّ اللَّـه لم يزل فرداً مُتَفَرِّداً في الوحدانيَّة ، ثُمَّ خلق محمَّداً وعليّاً وفاطمة عليهم السلام ... وفوَّض أَمر الأَشياء إِليهم في الحُكم والتصرُّف والإِرشاد ، والأَمر والنهي في الخلق ؛ لأَنَّهم الولاة فلهم الأَمر والولاية والهداية ، فهم أَبوابه ونوَّابه وحجَّابه ، يُحلِّلون ما شآء ، ويُحرِّمون ما شآء ، ولا يفعلون إِلَّا ما شآء ، عباد مُكرمون ، لا يسبقونه بالقول ، وهم بأمره يعملون...»(6). 7ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن المفضَّل بن عمر ، قال: «... فقلتُ له: يابن رسول اللَّـه ، فعَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام يُدخل مُحبّه الجنَّة ومبغضه النَّار أَو رضوان ومالك ؟ فقال: يا مفضَّل ... فَعَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام إِذاً قسيم الجنَّة والنَّار عن رسول اللَّـه صلى الله عليه واله ، ورضوان ومالك صادران عن أَمره بأمر اللَّـه (تبارك وتعالىٰ)، يا مفضَّل ، خُذ هذا ؛ فإِنَّه من مخزون العلم ومكنونه ، لا تخرجه إِلَّا إِلى أَهله»(7). 8ـ إِطلاق بيانه عليه السلام ، عن إِسماعيل بن عبد العزيز ، قال : «قال لي جعفر بن مُحمَّد عليه السلام : إِنَّ رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله كان يُفوَّض إِليه ... وإنَّ اللّٰـه فوَّض إِلى مُحمَّد صلى الله عليه واله نبيّه فقال: [مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا](8)، فقال رَجُلٌ: إِنَّما كان رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله مفوَّضاً إِليه في الزَّرع والضَّرع ، فلوّىٰ جعفر عليه السلام عن عنقه مُغضباً ، فقال: في كُلِّ شيءٍ ، واللّٰـه في كُلِّ شيءٍ»(9). 9ـ بيان زيارتهم صلوات اللَّـه عليهم الجامعة: «...السَّلام عليكم يا أَهل بيت النُّبوَّة ، وموضع الرسالة ... وقادة الأُمم ... وساسة العباد ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) المصدر نفسه : 269 ـ 270. (2) بحار الأَنوار ، 25 : 169 ـ 174/ح38. (3) في المصدر : (فانتهينا). (4) في نسخة : (من زمرِّدة خضرة وعليه). (5) بحار الأَنوار، 27: 33 ـ 40/ح5. المحتضر: 71 ـ 76. (6) بحار الأَنوار ، 25: 339/ح21. (7) بحار الأَنوار ، 39 : 194ـ 196/ح5. علل الشرائع : 65. (8) الحشر : 7. (9) بحار الأَنوار ، 17 : 9/ ح16. بصائر الدرجات : 111 ـ 112
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (311) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (311) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّاني و السَّبعين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « خارطة جملة عوالم الخلقة برسم وتخطيط أَهل البيت عليهم السلام » ؛ فإِنَّ المستفاد من بيانات الوحي : أَنَّ خارطة مسار جملة عالم الدُّنيا برسم وتخطيط أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، بل وخرائط مسارات كافَّة العوالم وجميع مخلوقاتها ، كـ : عَالَم البرزخ ، وعَالَم الرجعة ، وعَالَم القيامة ، وعَالَم الآخرة الأَبديَّة ، وعوالم ما بعدها ، بل وعوالم ما قبل هذه النشأة الأَرضيَّة لم تكن إِلَّا بتخطيطهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وهندستهم وتنفيذهم ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل التالي : 9ـ بيان زيارتهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الجامعة: «...السَّلام عليكم يا أَهل بيت النُّبوَّة ، وموضع الرسالة ... وقادة الأُمم ... وساسة العباد ... اِصْطَفَاكُم بعلمه ... وفوَّض إِليكم الأُمور ، وجعل لكم التَّدبير ، وعرَّفكم الأَسباب ... وأَعطاكم المقاليد ، وسخَّر لكم ما خلق ... إِياب الخلق إِليكم ، وحسابهم عليكم ، وفصل الخطاب عندكم ... وأَمره إِليكم ... لم تزالوا بعين اللَّـه وعنده ، وفي ملكوته تأمرون ، وله تخلفون ، وإِيَّاه تُسبِّحون ، وبعرشه محدقون ، وبه حافُّون حتَّىٰ مرَّ بكُم علينا ، فجعلكم في بيوتٍ أَذن اللَّـه أَنْ تُرفع ويُذكر فيها اسمه ...»(1). 10ـ بيان زيارة أَمير المؤمنين صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : «...السَّلام عليك يا أَمير المؤمنين عَلِيّ بن أَبي طالب ... السَّلام عليكَ يا ... صاحب الدُّنيا ... السَّلام عليكَ يا حافظ سرّ اللّٰـه ، وممضي حكم اللّٰـه ، ومجلي إِرادة اللّٰـه ، وموضع مشيَّة اللّٰـه ... وولي الملك الديَّان ... السَّلام عليكَ يا عماد الجبَّار ... السَّلام عليكَ يا مشهوراً في السَّماوات العليا ومعروفاً في الأَرضين السَّابعة السُّفْلَى ... السَّلام عليكَ أَيُّها النَّازل من عليِّين ، والعَالِم بما في أَسفل السَّافلين ... اجتباكَ اللّٰـه لقدرته ، فجعلكَ عصا عزِّه ، وتابوت حكمته ...»(2). ودلالة الجميع واضحة ، ولا غبار عليها. ومن ثَمَّ لا تكون بياناتهم المعرفيَّة وسِيَرهم وأَفعالهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ استراتيجيَّة حضارة فحسب ، بل واستراتيجيَّة عوالم ومخلوقات لا يعيها(3) سائرالبشر ، بل ولا سائر الأَنبياء والملائكة المُقرَّبين عليهم السلام. ومن ثَمَّ فلسفة بياناتهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وسِيَرِهم وأَفعالهم ليست محدودة بأَمد زمانيّ دنيويّ ، بل ولا بعَالَم الدُّنيا برمَّته ؛ فإِنَّ ساحة القدس الإِلٰهيَّة وظفتهم لرسم خارطة مسار جملة العوالم وطرّ المخلوقات. ومنه يتَّضح : مدىٰ وضوح جملة الخريطة التَّكوينيَّة واستراتيجيَّة العوالم ومخلوقاتها لدىٰ أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ . (1) بحار الأَنوار، 99/ الزيارة الثالثة: 146 ـ 159. (2) المصدر نفسه ، 97 : 347 ـ 352. المزار الكبير : 97 ـ 101. (3) مرجع الضمير : (بيانات أَهل البيت عليهم السلام المعرفيَّة وسِيَرهم وأَفعالهم)
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (312) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
الدَّرْسُ (312) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الثَّالث و السَّبعون : / / انتماءات المخلوق واِصْطِفَافَاته لابُدَّ أَنْ تكون في ظلِّ أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ / / معنى الهويَّة المهدويَّة / / ضرورة الأَخذ بمجموع مناهج أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ / إِنَّ ما ورد في بيان دعاء النُّدْبَة الشَّريف : «... اللَّهُمَّ صلِّ على مُحَمَّدٍ وآل مُحمَّدٍ ... واجعلنا مِمَّن يأخذ بحجزتهم ويمكث في ظلهم ...» (1) توصية عظيمة ، وبند وميزان عظيم ، ومعناه : أَنَّه يجب على الفقيه والعَالِم والمرجع والمؤمن والسياسي والتَّاجر والعسكري والأَمني وهلمَّ جرّاً الحذر في انتماءاته واِصْطِفَافَاته في جملة الأَصعدة ، ويجب عليه المُكوث في ظلِّ أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، ويأخذ بحجزتهم ليس إِلَّا ، ويجعل تلويناته دائماً مع مسارهم ومنظومتهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. وهناك قضيَّة ونُكْتَةُ لطيفة أُخرىٰ أَشار إِليها هذا البيان الشَّريف ، حاصلها : أَنَّه يجب على المخلوق أَنْ لا يُلوِّن نفسه ومسيرته بلون ومسيرة أَحد أَهل البيت الأَربعة عشر معصوماً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ خاصَّة ، بل عليه الأَخذ بلون ومسيرة مجموع الأَربعة عشر معصوماً. هذا هو معنىٰ الهويَّة المهدويَّة. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 99 : 109
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (313) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات
الدَّرْسُ (313) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه الرَّابع و السَّبعون : / / (المعرفة) أَعظم ما يهبه المعصوم عليه السلام لزائره/ إِنَّ المعرفة أَعظم هديَّة وذخيرة ودرس يُعطيه المعصوم عليه السلام لزائره ، لكن بشرط أَن يكون الزائر عارفاً بحقِّه ، ويفهم ما يقرأه من حقائق ومعاني الزيارة. والمعرفة الحقَّة هي العملة الصَّعبة في عَالَم : القبر والبرزخ والرَّجعة والقيامة والآخرة الأَبديَّة وما بعدها. وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي ، منها : بيان قوله تقدَّس ذكره : [ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ](1). ودلالته واضحة. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) المجادلة : 11
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (314) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (314) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ الأُوْلَى : / الفَائِدَةُ : (1) / / خطورة البحث المنهجي/ يجدر الْاِلْتِفَات : أَنَّ البحث المنهجي هو السبب المؤدِّي لإختلاف وتشتُّت مدارس ومذاهب البشر الفكريَّة والمعرفيَّة. / الفَائِدَةُ : ( 2 ) / / ضحالة اِستجداء بطاقة الإِيمان والإِسلام من غير مدرسة أَهل البيت عليهم السلام / ينبغي الْاِلْتِفَات : أَنَّه عار على مَنْ يُريد استجداء بطاقة الإِيمان والإِسلام من غير مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ؛ فإِنَّ ما عداهم مغلوب على أَمره . وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء ، مُخاطباً أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آلهما : «... يا عَلِيّ ، أَنْتَ بابي الَّذي أُوتىٰ منه ، وَأَنا باب اللّٰـه ، فَمَنْ أَتاني من سواكَ لم يصل ، وَمَنْ أَتىٰ سواي لم يصل ...»(1). 2ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... فإِنما ذهب النَّاس إِلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض ، وذهب مَنْ ذهب إِلينا إِلى عيون صافية تجري عليهم بإِذن الله تعالىٰ لا انقطاع لها ولا نفاد»(2). 3ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، مُخاطباً كُمَيل بن زياد (رحمه الله) «... يا كُميل ، لا تأخذ إِلَّا عَنَّا تَكُن مِنَّا. يا كُمَيل ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 40: 204/ح10. تفسير فرات : 12. (2) بحار الأَنوار ، 24: 249 ـ 250/ح4. تفسير فرات : 45. بصائر الدرجات : 146. مختصر البصائر : 52
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (315) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (315) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة الثَّانية ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « ضحالة اِستجداء بطاقة الإِيمان والإِسلام من غير مدرسة أَهل البيت عليهم السلام » ؛ فإِنَّه عار على مَنْ يُريد استجداء بطاقة الإِيمان والإِسلام من غير مدرسة أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم ؛ فإِنَّ ما عداهم مغلوب على أَمره ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل الثَّالث : 3ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام أَيضاً ، مُخاطباً كُمَيل بن زياد (رحمه الله) «... يا كُميل ، لا تأخذ إِلَّا عَنَّا تَكُن مِنَّا. يا كُمَيل ، ما من حركةٍ إِلَّا وَأَنتَ محتاج فيها إِلى معرفة ... يا كُمَيل ، إِنَّما المؤمن مَنْ قال بقولنا ، فَمَنْ تخلَّفَ عنَّا قصر عنَّا ، وَمَنْ قصر عنَّا لم يلحق بنا ، وَمَنْ لم يكُن معنا ففي الدرك الأَسفل من النَّار ... يا كُمَيل ، لا تغتر بأَقوامٍ يُصَلُّونَ فيطيلون ، ويصومون فيداومون ، ويتصدَّقون فيحسبون أَنَّهم موقوفون ... يا كُمَيل ، إِنَّما تستحق أَنْ تكون مُستقرّاً إِذا لزمت الجادَّة الواضحة الَّتي لا تخرجكَ إِلى عوجٍ ، ولا تزيلك عن منهج ما حمَّلناكَ عليه وما هديناك إِليه ...»(1). 4ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام : «مَنْ دان الله بغير سماع عن صادق أَلزمه الله التيه إِلى يوم القيامة»(2). 5ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «كُلُّ ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل»(3). 6ـ بيانه عليه السلام الوارد في حقِّ من يعرض عن علوم أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم، ويأخذ بعلوم ما عداهم : «يمصُّون الثماد ، ويدعون النهر العظيم ، قيل له : وما النَّهر العظيم؟ قال : رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله والعلم الَّذي آتاه الله ، إِنَّ الله جمع لمحمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله سُنن النَّبيِّين من آدم هلمَّ جرّاً إِلى مُحمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله. قيل له : وما تلك السُّنن ؟ قال : علم النَّبيِّين بأَسره ، وإِنَّ الله جمع لمُحمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله علم النَّبيِّين بأَسره، وإِنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله صيَّر ذلك كلّه عند أَمير المؤمنين عليه السلام ...»(4). والمراد من الثَّمد : الماء القليل لا مادَّة له ، أَو ما يبقىٰ في الجلد ، أَو ما يظهر في الشتاء ويذهب في الصيف. ذكره الفيروزآبادي. 7ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام الوارد في حقِّ المخالفين لأَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم: «... ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 74: 266 ـ 277/ح1. بشارة المُصطفىٰ : 171. (2) بصائر الدرجات ، 1 : 49/ ح62ـ2. (3) بحار الأَنوار ، 2: 94/ح32. بصائر الدرجات : 511/ ح21. مختصر البصائر : 198/ ح179ـ20. (4) بحار الأَنوار ، 26: 166 ـ 167/ح21. بصائر الدرجات : 32
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (316) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (316) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة الثَّانية ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « ضحالة اِستجداء بطاقة الإِيمان والإِسلام من غير مدرسة أَهل البيت عليهم السلام » ؛ فإِنَّه عار على مَنْ يُريد استجداء بطاقة الإِيمان والإِسلام من غير مدرسة أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم ؛ فإِنَّ ما عداهم مغلوب على أَمره ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل السَّابع : 7ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام الوارد في حقِّ المخالفين لأَهل البيت عليهم السلام: «... لا والله ما هم على شيء مِمّا جاء به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله إِلَّا استقبال الكعبة فقط»(1). 8ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «... وكذب مَنْ قال : إِنَّه معنا وهو مُتعلِّق بفروع غيرنا»(2). 9ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «... فما جعل الله لأَحدٍ خيراً في خلاف أَمرنا»(3). 10ـ بيان زيارة أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : «... الرَّاغب عنكم مارق ، واللازم لكم لاحق ، والمُقصِّر عنكم زاهق ، والحقُّ معكم وفيكم ومنكم وإِليكم ، وَأَنتم أَهله ومعدنه ، وميراث النُّبوَّة عندكم ... ونوره معكم، وبرهانه منكم ، وأَمره إِليكم ، مَنْ والاكم فقد وَالَى الله ، ومَنْ أَطاعكم فقد أَطاع الله ... وَمَنْ اعتصم بكم فقد اعتصم بالله ...»(4). ودلالة الجميع واضحة. إِذَنْ : لا بُدَّ من استعطاء بطاقة الإِيمان والإِسلام من مدرسة أَهل البيت صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ حصراً. وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 65: 91/ح26. المحاسن : 156. (2) بحار الأَنوار ، 24: 303 ـ 304/ح15. كنز الفوائد : 2ـ 3. (3) بحار الأَنوار ، 17: 3/ح1. بصائر الدرجات ، 2: 238/ح1367ـ4. الكافي ، 1: 265/ح1. تفسير العيَّاشي ، 1: 259/ح203. (4) بحار الأَنوار ، 150 ـ 151
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (317) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (317) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية : / الْفَائِدَةُ : (3) / / خطورة الهويَّة العقائديَّة / إِنَّ أَكبر مُجنِّد وأَكبر مُسخِّر للمخلوق على الإِطلاق : الهويَّة العقائديَّة ؛ فإِنَّها تُجنِّد جملة طبقات المخلوق. / الْفَائِدَةُ : (4) / / خطورة العقيدة / العقيدة أَكبر ميزان لتجنيد المخلوقات وانتماءاتها إِلى أَيِّ مسيرٍ كان. وصلى الله على محمد واله الاطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (318) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (318) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية : / الْفَائِدَةُ : (5) / / أَعظم أَنواع التواضع/ ينبغي صرف النظر إِلى أَنَّ أَعظم أَنواع تواضع المخلوق لباريه (تقدَّس ذكره) : تعظيمه لمن عظمه (جلَّ قدسه) بقدره. / الْفَائِدَةُ : (6) / / أَعظم انوع الصدق الكذب/ ينبغي الْاِلْتِفَات : أَنَّ أَعظم الصدق : الصدق في الحقائق الأَزليَّة ، وأَعظم الكذب والجحود والغشّ : الكذب والجحود والغشّ في الحقائق الأَزليَّة أَيضاً. وهذه أَخطر من دون قياس من الصدق والكذب والجحود والغشّ في عَالَم السياسة والأُمور العامَّة ؛ لاِرْتِبَاطها بالحياة والنَّشْأَةِ الأُخْرَوِيَّة الأَبديَّة ، وبالمصير الأَبدي للمخلوقات. وصلى الله على محمد واله الاطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (319) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (319) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية : / الْفَائِدَةُ : (7) / / المعرفة الإِلٰهيَّة والسعي اِليها / ينبغي الْاِلْتِفَات : أَنَّ المعرفة الإِلٰهيَّة ناموس مُقدَّس ، والسعي إِليها ناموس مُقَدَّس أَيضاً يقضُّ مضجع فِطَر المخلوقات. / الْفَائِدَةُ : (8) / / قلعة الفكر والرؤية العقائدية أَخْطَرُ قلعة يداهمها العدو/ إِنَّ أَخْطَرَ قلعة يغير عليها العدو : قلعة الفكر والرؤية العقائديَّة ؛ فإِنَّ أَمكنه زحزحة المخلوق عن الورع في العقيدة فسوف يتنجَّس باطنه وظاهره بكُلِّ نجاسةٍ ورجاسةٍ. ثُمَّ إِنَّ أَطهر الطهارات في التَّعَقُّل. وصلى الله على محمد واله الاطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (320) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (320) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية : / الْفَائِدَةُ : (9) / / عتاب بيانات الوحي لِـمَن قصَّر في جملة علوم إِلٰهيَّة / إِنَّ ما ورد في بيان قوله عزَّ من قائل: [أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ] (1) برهانٌ وحيانيٌّ يحمل في طيَّاته عتاباً لجملة البشر ـ إِلَّا أَصحاب البصيرة واليقين ـ؛ لتقصيرهم في علومٍ إِلٰهيَّة مُهمَّةٍ وعظيمةٍ وخطيرةٍ ومهولةٍ جِدّاً. / الْفَائِدَةُ : (10) / / إِقصاء أَهْلُ الْبَيْتِ عليهم السلام عن دورهم العلمي والمعرفي / إِنَّ أَعظم ظلم جرىٰ على البشريَّة لا يَكمُن في إِقصاء أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عن الحُكم ودورهم السياسي ؛ وإِقامتهم للعدل الإِلٰهيّ بين بني البشر ـ سوآء كان عدلًا اقتصاديّاً أَو تجاريّاً أَو أَمنيّاً أَو مجتمعيّاً أَو غيرها ـ بل في إِبعادهم عن أَنْ يكونوا مُعلِّمين وهداة ومربِّين ومزكِّين إِلٰهيِّين للبشريَّة جمعاء. بعد الْاِلْتِفَات : أَنَّ المخلوق يصبح حيوانا وبهيمة ، بل أَضلّ سبيلاً من دون نور العلم ، فأَعظم شيء في كمال المخلوق تنمية روحه وعقله وقلبه ونوره. فانظر : بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : «النَّاس إِثنان : عَالِم ، ومُتَعَلِّم ، وسائر النَّاس هَمَج ، والهَمَج في النَّار» (2) . والمراد : من (سائر النَّاس) : باقي النَّاس ، باتِّفاق أَهل اللُّغة ، كما في اللِّسان. والمراد : من (الهَمَج) ـ بالتَّحريك ـ جمع هَمجَة ، وهي : ذباب صغير كالبعُّوض يسقط على وجوه الغنم والحمير وأَعينها. ذكره الجوهري. وبالجملة : مقام سيِّد الأَنبياء وسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ في كونهم مُعلِّمين وهداة ومربِّين ومُزكِّين إِلٰهيِّين أَعظم من مقام الولاية السياسيَّة ، ومقام القيادة والقدرات الماليَّة والعسكرية. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الأَعراف: 185 . (2) بحار الأَنوار ، 1 : 187 / ح3
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (321) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (321) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية : / الْفَائِدَةُ : (11) / / نظرة حوزة النَّجف اِتِّجاه الفلسفة / إِنَّ حوزة النَّجف ليست لها نظرة سلبيَّة اِتِّجاه الفلسفة ـ حديثة كانت أَم قديمة ، إِسلاميَّة كانت أَم يونانيَّة أَو علمانيَّة وماديَّة أَم غيرها ـ ، وإِنَّما مرادها : عدم صحَّة اعتکاف مُتعلِّمها عليها ؛ وأَنْ لا يجعلها قبلة وكعبة يحوم حومها ، وآية كُبرىٰ ، ووحي لا يُدانيه ريب ؛ فإِنَّه نحو إِفْرَاط وغُلُوّ صارخ ، بل يجعل اِتِّجاهه بعد تحصيل هذه العلوم البشريَّة وغيرها في صراط الوحي ؛ فإِنَّ الاطِّلاع على آراء ونتاج البشر شيء ممدوح وراجح شرعاً ، وحثَّت عليه بيانات الوحي. فلاحظ: بیان أَمير المؤمنين ، عن أَبي عبدالله صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِما قال : «سُئِلَ أَمير المؤمنين عليه السلام عن أَعلم النَّاس ، قال : مَنْ جمع علم النَّاس إِلى علمه»(1). وإِنَّما الإِشكال في الاعتكاف عليها ؛ فإِنَّه بدل سوء ، ونظرة خاطئة تؤدِّي إِلى الحرمان ، وتحجير للعقول وإِماتةٍ للحقائق ، وغُلُوٍّ وتطرُّفٍ مقيت في الفلسفة ونتائج البشر ، و تقصير خطير في حقِّ بيانات الوحي. وهذا ليس حطّاً لمقام الفلسفة والعلوم البشريَّة وَأَصحابها، وإِنَّما بيان حقيقة وتنبيه على شيءٍ جسيم جرىٰ على غير أَصلٍ فنِّيٍّ وقاعدة صناعيَّة ؛ فيكون منهج خُدْعَة مخالف لصريح ما قامت عليه بيانات الوحي البحور الخضم الزَّاخرة ، والَّتي يعب عبابها وتصطخب أَمواجها ، وفيها درر زاهرة وجواهر ناصعة ، ونور ساطع في العقل البشري يتجلَّىٰ كالشَّمس الضَّاحية ، وهناك يخسر المبطلون ، ويعرف الباطلون غبّ ما أَسَّسَهُ الأَوَّلون ؛ فإِنَّ معارف وكلمات ومعاني وحقائق نتاج الفلاسفة ، بل جملة البشر مهما علا شأنها وشأوها تبقىٰ محدودة ومتناهية ، بخلاف معارف وكلمات ومعاني وحقائق بيانات الوحي ، فإِنَّها غير متناهية ، ولا توجد نسبة رياضيَّة بين المتناهي وغير المتناهي ؛ فإِنَّه مهما أُضيف إِلى المتناهي من قيم يبقىٰ متناهياً ، بخلاف غير المتناهي ، فإِنَّه مهما أُخذ منه يبقىٰ غير متناهي فتكون نسبة المتناهي إِلى غير المتناهي لا شيء وصفراً على جهة الشمال ، وإِلَّا ـ أَي : لو جُعل للمتناهي قيمة ولو واحد بالمليار ـ لانقلبت النِّسبة ؛ وصار غير المتناهي متناهياً ، وبطلان انقلاب النِّسبة من أَوضح الواضحات ، بل وخلف الفرض. وعليه : كيف يصغي الفلاسفة ومَنْ جرىٰ على شاكلتهم إِلى كلمات البشر ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 1: 167/ح10
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (322) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (322) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (11) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « نظرة حوزة النَّجف اِتِّجاه الفلسفة » ؛ فإِنَّ حوزة النَّجف ليست لها نظرة سلبيَّة اِتِّجاه الفلسفة ، وإِنَّما مرادها : عدم صحَّة اعتکاف مُتعلِّمها عليها ؛ وأَنْ لا يجعلها قبلة وكعبة يحوم حومها ، ووحي لا يُدانيه ريب ؛ فإِنَّه نحو إِفْرَاط وغُلُوّ صارخ ، بل يجعل اِتِّجاهه بعد تحصيل هذه العلوم البشريَّة وغيرها في صراط الوحي ؛ فإِنَّ الاطِّلاع على آراء ونتاج البشر شيء ممدوح وراجح شرعاً ، وحثَّت عليه بيانات الوحي ، وإِنَّما الإِشكال في الاعتكاف عليها ؛ فإِنَّه بدل سوء ، ونظرة خاطئة تؤدِّي إِلى الحرمان ، وتحجير للعقول وإِماتةٍ للحقائق ، وغُلُوٍّ وتطرُّفٍ مقيت في الفلسفة ونتائج البشر ، و تقصير خطير في حقِّ بيانات الوحي. ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وعليه : كيف يصغي الفلاسفة ومَنْ جرىٰ على شاكلتهم إِلى كلمات البشر ونظريَّاتهم ويُتأَمَّل ويُتدبَّر فيها بتروِّي ومحاولة استخراج أَبعادها ، ولا يُتروَّىٰ ولا يُعتنىٰ ببيانات الوحي وَأَحكامه ومعارفه ، فأَيُّ قسمةٍ ضِيْزَى ؛ ومنهجٍ وعلمانيَّةٍ وعمايةٍ هذه ، وَأَيُّ قضيَّةٍ مثيرةٍ للتعجب والغرابة والشناعة هذه ؛ فإِنَّه بعدما كان شعار أَصحاب الفلسفة ـ مشاء أَو اشراق أَو حكمة متعالية كانوا أَم ماديُّون أَم غيرهم ـ وشعار بحوثهم : عقليَّة حياديَّة ؛ تدور وراء كُلّ واقعيَّة وحقيقة ووراء كُلّ شاردةٍ وواردةٍ منهما ، لكنَّهم أَوَّل مَنْ يُخالفه من دون برهانٍ ولا مبرِّرٍ عقليٍّ أَو نقليٍّ إِلَّا دعوىٰ : أَنَّ الأَخذ بالوحي تعبُّدٍ ظنِّيٍّ ومن مقولة الْاِنْقِيَاد المُبهم ، لكنَّها أَعظم ظلامة وقطيعة بين بني البشر وبيانات الوحي ورجالاته ؛ فإِنَّ معنىٰ التَّعبُّد بأَلفاظ الوحي هو : التَّمسُّك بقوالب بياناته والغور في بحور معانيها وحقائقها الطَّمْطَامة غير المتناهية. إِذَنْ : ليس معنىٰ التَّعبُّد ببيانات الوحي الجمود على أَلفاظها وعناوينها؛ فإِنَّ ذلك حَشْوِيَّة وقشريَّة مذمومة شرعاً وعقلاً ، بل التَّمسُّك بقوالب بيانات الوحي والغور في بحور معانيها وحقائقها الطمطامة المُتلاطمة غير المتناهية أَبد الآباد ودهر الدهور ، وهنا تكمن الصعوبة ، وتظهر حذاقة الفقيه المُتضلِّع وقوَّة فقاهته. وبالجملة : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (323) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (323) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (11) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « نظرة حوزة النَّجف اِتِّجاه الفلسفة » ؛ فإِنَّ حوزة النَّجف ليست لها نظرة سلبيَّة اِتِّجاه الفلسفة ، وإِنَّما مرادها : عدم صحَّة اعتکاف مُتعلِّمها عليها ؛ وأَنْ لا يجعلها قبلة وكعبة يحوم حومها ، ووحي لا يُدانيه ريب ؛ فإِنَّه نحو إِفْرَاط وغُلُوّ صارخ ، بل يجعل اِتِّجاهه بعد تحصيل هذه العلوم البشريَّة وغيرها في صراط الوحي ؛ فإِنَّ الاطِّلاع على آراء ونتاج البشر شيء ممدوح وراجح شرعاً ، وحثَّت عليه بيانات الوحي ، وإِنَّما الإِشكال في الاعتكاف عليها ؛ فإِنَّه بدل سوء ، ونظرة خاطئة تؤدِّي إِلى الحرمان ، وتحجير للعقول ، وإِماتةٍ للحقائق ، وغُلُوٍّ وتطرُّفٍ مقيت في الفلسفة ونتائج البشر ، و تقصير خطير في حقِّ بيانات الوحي. ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وبالجملة : لم يتعامل الفلاسفة مع نتاج الوحي ورجالاته ـ الأَنبياء والأَوصياء والأَصفياء عليهم السلام ـ وسدُّوا أَبوابهم من هذه الجهة ، مع أَنَّه ينبغي لهم أَنْ يتعاملوا معه ومعهم على أَدنىٰ التقادير كتعاملهم مع نتاج البشر ورجالاته وأَنَّهم أَصحاب علم ومعلومة ، فما بال (باء) هؤلاء تجر و(باء) بيانات الوحي ورجالاته لاتجر، وما بال صاحب كتاب (نهاية الحكمة) ينقل عن أَرِسْطُو وهيكَل وكانت(Kant) وغيرهم ويتعامل مع كلماتهم ونتاجاتهم ولا ينقل ولا يتعامل البتَّة مع كلمات أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم وبياناتهم وعلومهم ومعارفهم؟! ولماذا اللُّغة العقليَّة والذوقيَّة متوفِّرة في كلمات أُولئك البشر وغير متوفِّرة في كلمات أَهل البيت عليهم السلام وبياناتهم وعلومهم ومعارفهم؟! فهل أَنَّهم صلوات اللّٰـه عليهم لم يخوضوا ـ والعياذ باللّٰـه تعالىٰ ـ في البحوث والعلوم العقليَّة والذوقيَّة؟ لكن بياناتهم صلوات اللّٰـه عليهم ، بل وبيانات القرآن الكريم طافحة بتلك الأَبحاث والعلوم. ولا توجد ردود وأَجوبة برهانيَّة وعقليَّة ونقليَّة لدىٰ الفلاسفة وغيرهم على جملة هذه الْأسْئِلَة وغيرها. وعليه : فلا يَتَمَسَّك بمثل هذه المناهج إِلَّا من تدهور في هوَّة الضَّلالة ، وقذف به تعصُّبه في أَرحبة الجهالة ، بل هي كفر وخروج عن حوزة الإِيمان وحيطة الإِسلام ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (324) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (324) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (11) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « نظرة حوزة النَّجف اِتِّجاه الفلسفة » ؛ فإِنَّ حوزة النَّجف ليست لها نظرة سلبيَّة اِتِّجاه الفلسفة ، وإِنَّما مرادها : عدم صحَّة اعتکاف مُتعلِّمها عليها ؛ وأَنْ لا يجعلها قبلة وكعبة يحوم حومها ، ووحي لا يُدانيه ريب ؛ فإِنَّه نحو إِفْرَاط وغُلُوّ صارخ ، بل يجعل اِتِّجاهه بعد تحصيل هذه العلوم البشريَّة وغيرها في صراط الوحي ؛ فإِنَّ الاطِّلاع على آراء ونتاج البشر شيء ممدوح وراجح شرعاً ، وحثَّت عليه بيانات الوحي ، وإِنَّما الإِشكال في الاعتكاف عليها ؛ فإِنَّه بدل سوء ، ونظرة خاطئة تؤدِّي إِلى الحرمان ، وتحجير للعقول ، وإِماتةٍ للحقائق ، وغُلُوٍّ وتطرُّفٍ مقيت في الفلسفة ونتائج البشر ، و تقصير خطير في حقِّ بيانات الوحي. ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وعليه : فلا يَتَمَسَّك بمثل هذه المناهج إِلَّا من تدهور في هوَّة الضَّلالة ، وقذف به تعصُّبه في أَرحبة الجهالة ، بل هي كفر وخروج عن حوزة الإِيمان وحيطة الإِسلام ، وفيها استجابة لهتاف الشَّيطان الغوي ، وإِطفاءً لنور الدِّين الجلي ، وفيها من الظلم والجور ما لا يتحمَّله أَحد. وهذه حقيقة ناصعة اصفقت على إِثباتها بيانات الوحي الَّتي يفوتها العد والحصر ، المُتجلِّية كالشَّمس الضَّاحية بأَوضح دلالة وأَبين ظهور في ذمِّها وذمّ أَصحابها ، فمَنْ شآء فليؤمن ، وَمَنْ شآء فليكفر ، إِنَّ يوم الفصل كان ميقاتاً ، يوم تشخص فيه الأَبصار ، وتظلم له الأَقطار ، ويعطَّل فيه حروم العسار ، وينفخ فيه الصُّور فتزهق كُلّ مهجةٍ ، وتبكم كُلّ لهجةٍ ، وتذلّ الشم الشوامخ ، والصم الرواسخ ؛ فيصير صلدها سراباً رقرقاً ، ومعهدها قاعاً سملقاً ، فلا شفيع يشفع ولا حميم ينفع ، ولا معذرة تدفع ، فهلمَّ معي لنكشف نقاب جملة من تلك البيانات الوحيانيَّة ، ونطَّلع على لبابها : 1ـ بيان قوله جلَّ قوله : [قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا](1). 2ـ بيان قوله عزَّ قوله : [وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ](2). 3ـ بيان قوله عزَّ من قائل : [مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ](3). 4ـ بیان خطبة سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... معاشر النَّاس ، ما من علمٍ إِلَّا وقد أَحصاه الله فيَّ ، وكُلّ علمٍ علمته فقد أَحصيته في إِمام المُتَّقين ، وما من علمٍ إِلَّا وقد علَّمته عَلِيّاً ، وهو الإِمام المُبين ، معاشر النَّاس ، لا تضلُّوا عنه ، ولا تنفروا منه ، ولا تستنكفوا من ولايته ، فهو الَّذي يهدي إِلى الحقِّ ، ويعمل به ، ويزهق الباطل وينهىٰ عنه ... فاحذورا أَنْ تُخالفوه فتصلوا ناراً وقودها النَّاس والحجارة أُعدَّت للكافرين ...»(4). 5 ـ بيان وصيَّة أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه لكُمَيل بن زياد رحمه الله : «... ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الكهف : 109. (2) لقمان : 27. (3) النحل : 96. (4) بحار الأَنوار ، 37: 201 ـ 218/ح86. اليقين : 113 ـ 125
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (325) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (325) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (11) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « نظرة حوزة النَّجف اِتِّجاه الفلسفة » ؛ فإِنَّ حوزة النَّجف ليست لها نظرة سلبيَّة اِتِّجاه الفلسفة ، وإِنَّما مرادها : عدم صحَّة اِعْتِكَاف مُتعلِّمها عليها ؛ وأَنْ لا يجعلها قبلة وكعبة يحوم حومها ، ووحي لا يُدانيه ريب ؛ فإِنَّه نحو إِفْرَاط وغُلُوّ صارخ ، بل يجعل اِتِّجاهه بعد تحصيل هذه العلوم البشريَّة وغيرها في صراط الوحي ؛ فإِنَّ الاطِّلاع على آراء ونتاج البشر شيء ممدوح وراجح شرعاً ، وحثَّت عليه بيانات الوحي ، وإِنَّما الإِشكال في الاِعْتِكَاف عليها ؛ فإِنَّه بدل سوء ، ونظرة خاطئة تؤدِّي إِلى الحرمان ، وتحجير للعقول ، وإِماتةٍ للحقائق ، وغُلُوٍّ وتطرُّفٍ مقيت في الفلسفة ونتائج البشر ، و تقصير خطير في حقِّ بيانات الوحي ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل الخامس : 5ـ بيان وصيَّة أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه لكُمَيل بن زياد رحمه الله : «... يا كميل ، لا تأخذ إِلَّا عنَّا تكن مِنَّا ، يا كميل ، ما من حركة إِلَّا وَأَنتَ محتاج فيها إِلى معرفةٍ ... إِنَّما المؤمن مَنْ قال بقولنا ، فَمَنْ تخلَّف عنَّا قصر عَنَّا ، ومن قصر عَنَّا لم يلحق بنا ، وَمَنْ لم يُكن معنا ففي الدَّرك الأَسفل من النَّار ...»(1). 6ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً : «... ذهب النَّاس إِلى عيونٍ كدرة يفرغ بعضها في بعض ، وذهب مَنْ ذهب إِلينا إِلى عين صافية تجري بأُمور(2) لا نفاد لها ولا انقطاع»(3). 7ـ بيان الإِمام الباقر صلوات اللّٰـه عليه : «مَنْ دان الله بغير سماع عن صادق أَلزمه الله التيه إِلى يوم القيامة»(4). 8 ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً : «كُلُّ ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل»(5). 9ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيَضاً : «أَمَا إِنَّه ليس عند أَحد علم ولا حَقٌّ ولا فتيا إِلَّا شيءٌ أُخذ عن عَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام وعنَّا أَهل البيت ... فإِذا اختلف عليهم أَمرهم قاسوا وعملوا بالرأي ، وكان الخطأ من قبلهم إِذا قاسوا ، وكان الصَّواب إِذا اتَّبعوا الآثار من قبل عَلِيّ عليه السلام »(6). 10ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً : «... أَلَا تأخذون الذَّهب من الحجر؟ أَلَا تقتبسون الضياء من النُّور الأَزهر؟ أَلَا تأخذون اللؤلؤ من البحر؟ خذوا الكلمة الطيِّبة مِمَّن قالها وإِنْ لم يعمل بها ؛ فإِنَّ الله يقول : [الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ](7)...»(8). 11ـ بيان الإِمام الصَّادق صلوات اللّٰـه عليه : «... ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 74: 266 ـ 277/ح1. (2) في المختصر : (تجري بأمر ربِّها). (3) بحار الأَنوار ، 24: 253/ح14. بصائر الدرجات : 146. مختصر البصائر : 55. (4) بصائر الدرجات ، 1: 49/ح62 ـ 2. (5) مختصر البصائر : 98/ح179 ـ 20. (6) بحار الأَنوار ، 2: 95/ح36. (7) الزمر : 18. (8) بحار الأَنوار ، 75: 170/ح4. تحف العقول : 291
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (326) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (326) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (11) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « نظرة حوزة النَّجف اِتِّجاه الفلسفة » ؛ فإِنَّ حوزة النَّجف ليست لها نظرة سلبيَّة اِتِّجاه الفلسفة ، وإِنَّما مرادها : عدم صحَّة اِعْتِكَاف مُتعلِّمها عليها ؛ وأَنْ لا يجعلها قبلة وكعبة يحوم حومها ، ووحي لا يُدانيه ريب ؛ فإِنَّه نحو إِفْرَاط وغُلُوّ صارخ ، بل يجعل اِتِّجاهه بعد تحصيل هذه العلوم البشريَّة وغيرها في صراط الوحي ؛ فإِنَّ الاطِّلاع على آراء ونتاج البشر شيء ممدوح وراجح شرعاً ، وحثَّت عليه بيانات الوحي ، وإِنَّما الإِشكال في الاِعْتِكَاف عليها ؛ فإِنَّه بدل سوء ، ونظرة خاطئة تؤدِّي إِلى الحرمان ، وتحجير للعقول ، وإِماتةٍ للحقائق ، وغُلُوٍّ وتطرُّفٍ مقيت في الفلسفة ونتائج البشر ، و تقصير خطير في حقِّ بيانات الوحي ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل الحادي عشر : 11ـ بيان الإِمام الصَّادق صلوات اللّٰـه عليه : «... والله لحسبكم أَنْ تقولوا إِذا قلنا ، وتصمتوا إِذا أَصمتنا ، ونحن فيما بينكم وبين الله ؛ فما جعل الله لأَحدٍ خيراً في خلاف أَمرنا»(1). 12ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً : «نحن أَصل كُلّ خير ، ومن فروعنا كُلّ برٍّ ... وكذب من قال : إِنَّه معنا وهو مُتعلِّق بفرع غيرنا»(2). 13ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً : « ... تمصُّون الرواضع وتدعون النهر العظيم. فقيل : ما تعني بذلك ؟ قال : إِنَّ اللّٰـه تعالىٰ أَوحىٰ إِلى رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله علم النَّبيِّين بأسره ، وعلَّمه الله ما لم يُعلِّمهم ، فأسرَّ ذلك كُلّه إِلى أَمير المؤمنين عليه السلام ...»(3). 14ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه : «... لم نزل أَنواراً حول العرش نُسَبِّح فيُسبِّح أَهل السَّمآء لتسبيحنا ، فلَمَّا نزلنا إِلى الأَرض سبَّحنا فسبَّح أَهل الأَرض ، فكُلُّ علمٍ خرج إِلى أَهل السَّماوات والأَرض فمنَّا وعنَّا...»(4). 15ـ بيانه صلوات اللّٰـه عليه أَيضاً : «... ما من شيءٍ يحتاج إِليه ولد آدم إِلَّا وقد خرجت فيه السُّنَّة من الله ومن رسوله ، ولولا ذلك ما احتجَّ علينا بما احتجَّ ... [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي](5) ـ حتَّى فرغ من الآية ـ ؛ فلو لم يكمل سُنَّته وفرائضه وما يحتاج إِليه النَّاس ما احتجَّ به»(6). ودلالة الجميع واضحة. وعصارة القول: أَنَّ مسير البحث عند الفلاسفة ـ ومن جرىٰ على شاكلتهم ـ غير منفتح على آفاق الوحي ، بل محبوس على نتاج البشر ، وهو محدود ومتناهي ، بل جملة كبيرة وكثير مِمَّا يعتمدون عليه وإِنْ كانت صورته قطعاً ويقيناً لكنَّ واقعه ظنّاً ؛ بدليل : اختلاف وتباين أَقوالهم وآراؤهم في جلِّ المسائل ، والأَولىٰ بالشعار الَّذي يرفعه الفلاسفة ـ وهو : معرفة الحقيقة على قدر وسع الطَّاقة البشريَّة ـ أَنْ لا يحبسوا مسير البحث ويجعلوه ضيِّقاً ، بل توسعته لأُفق الوحي غير المتناهي أَبداً ؛ لاستخراج ما فيه من براهين وحقائق علمية ومعرفية . بعد الْاِلْتِفَات : أَنَّ لغة بيانات الوحي المعرفيَّة لغة علميَّة وعقليَّة ومعرفيَّة تكوينيَّة ، وليست ظنيَّة. وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 17: 3/ح1. بصائر الدرجات ، 2: 238/ ح1367 ـ 4. (2) بحار الأَنوار ، 24: 303 ـ 304/ح15. كنز الفوائد : 2ـ3. (3) بحار الأَنوار ، 40: 211 ـ 212/ح11. مختصر البصائر : 108. (4) بحار الأَنوار ، 25: 24/ح41. (5) المائدة : 3. (6) بصائر الدرجات ، 2: 481 ـ 482/ح1852 ـ 51
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (327) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (327) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية : / الْفَائِدَةُ : (12) / / إِ قْصَاء الفلاسفة ومَنْ شاكلهم لرجالات الوحي/ / اِنكفاء أَصحاب المذاهب الإِسلاميَّة عن أَهل البيت عليهم السلام / انَّه بعدما لم يكن الأَنبياء والأَوصياء عليهم السلام خارجين عن دائرة البشريَّة فلماذا يَقصي كلامهم الفلاسفة ومَنْ جرىٰ على شاكلتهم ، بل هذه المُؤَاخَذَة تُسجَّل أَيضاً على أَصحاب المذاهب الإِسلاميَّة ؛ فإِنَّهم اِنكَفؤوا ولم يتعاطوا مع أَهل البيت الأَطهار صلوات اللّٰـه عليهم كما تعاطوا مع غيرهم(1)، مع أَنَّ مدرسة أَهل البيت عليهم السلام منفتحة على الجميع ، وتلك كُتُبنا مملوءة بأَقوال أَصحاب المذاهب ، بل هناك أَقوال لهم لم تُحفظ إِلَّا في كُتُب أَصحابنا ، كـ : كتاب : (الخلاف) ، و (التبيان) للشَّيخ الطُّوسي ، و(مجمع البيان) للطبرسي ، وهذا خير دليل على انفتاح مدرسة أَهل البيت عليهم السلام وأَتباعهم. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) توجد لدىٰ أَهل الخلاف كُتُب حديثيَّة وكُتُب تفسيريَّة ـ كتفسير الثعلبي ـ وكُتُب دورات رجاليَّة مخطوطة كثيرة ختموا عليها بعدم الطَّبع ؛ لاِحْتِوَائها على ذكر وفضائل وتراجم أَهل البيت عليهم السلام ورواة وفقهاء مدرستهم عليهم السلام ، وهذا من الأُمور الخطيرة (والعياذ باللّٰـه تعالىٰ) لإِبادة السُّنَّة الشَّريفة
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (328) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (328) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية : / الْفَائِدَةُ : (13) / / بعض خصائص مبحث (حسبنا كتاب الله ) / من خصائص مبحث : (مدى فضاعة وانحطاط مقولة "حسبنا كتاب الله " ) : أَنَّه يوقف الباحث على مباحث أُخرىٰ مُهمَّة وخطيرة جِدّاً ، منها : مبحث النزاع الدستوري ، وهو من أَعقد النزاعات الحاصلة بين سلطات الدولة الثلاث ـ التشريعيَّة ، والتنفيذيَّة ، والقضائيَّة ـ فإِنَّه لابُدَّ من الإِلتجاء في حلِّه : الإِحتكام لجهةٍ عُليا ، لها سيادة الحسم لِـمِثْلِ هذه القضايا والمواقف والنِّزَاعات والصِّرَاعات ، وهي : (المحكمة الدستوريَّة) ؛ فإِنَّ أَصحابها يتمتَّعون بمُكْنَةِ وقدرةِ الوقوف على بواطن قوالب أَلفاظ ومعاني وحقائق دستوريَّة لم تكن عند غيرهم ـ كـ : رئيس الدولة ، ورئيس البرلمان ، ورئيس السلطة القضائيَّة ، وأَصحاب الخبرة من الكُتل البرلمانيّة ـ مع أَنَّهم من أَبناء اللُّغَة الَّتي كُتِبَ بها الدُّستور ، ومن ثَمَّ يُضطرُّ ـ بعدما كانت حقيقة الدستور ليست قائمة في الأَلفاظ ، بل في معانيه وحقائقه الَّتي لا يُخبرها إِلَّا الخبير الدستوري ـ في الأُمور الشائكة المُتعلِّقة به إلى مُفسِّرٍ ومُترجمٍ لغوامضه ومبهماته ، وصاحب علم ومعرفة أَرفع في قراءته وتفسيره. ويُصطلح على مَنْ يتمتَّع بهذه المُكْنَة والقدرة بـ : (الترجمان) ، والمراد منه : مَنْ يتمتَّع بعلمٍ ومعرفةٍ وإِحاطةٍ بمنظومة العلم ، يتمكَّن من خلالها : معرفة أُصول تشريع ذلك العلم وفروعه. وعليه : فهل يحقُّ في مِثْلِ تلك الخلافات والنِّزَاعات والصِّرَاعات أَنْ يقول قائلهم : «حسبنا دستور الدولة» !! فإِنَّ نقوش وأَلفاظ فقراته بعدما كانت صمَّاء لا تنطق بنبرة شفة ، وكان المتجاذبون كُلّ يجرّ النَّار إِلى قرصه فلا تشفع ـ تلك النقوش والأَلفاظ ـ في حلِّ مسائله وقضاياه المُعقَّدة ، لاسيما الشائكة ، وحينئذٍ لا تكون يد الحلّ إِلَّا عند من يُحيط بعمق وجذور وبواطن : قوالب أَلفاظه ، ومعانيه ، وحقائقه ليس إِلَّا. هكذا حال الإِختلافات الشرعيَّة والدينيَّة لاسيما المعرفيَّة منها ، بل والعقائديَّة ، والنِّزَاعات والصِّرَاعات بين أَصحاب المذاهب والأَديان والملل، فلا تُحلُّ إِلَّا بيد مَنْ كان مُحيطاً بعمق وجذور وبواطن قوالب التَّشريعات والمعارف والعقائد الإِلٰهيَّة ، وبواطن معانيها وحقائقها ، ولا يوجد ذلك إِلَّا في أَهل البيت الأَطهار (صلوات اللَّـه عليهم). وهذا ما أَشارت إليه بيانات الوحي ، منها : بيان خطبة فاطمة الزهراء صلوات اللَّـه عليها(1): «... وطاعتنا نظاماً للملَّة ، وإِمامتنا أَماناً من الفرقة ...»(2). وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) لا بأس في المقام بالْاِلْتِفَات إِلى القضايا الأَربع التَّالية : الأُولىٰ : المعروف : أَنَّ لفاطمة صلوات اللَّـه عليها خطبتين ، لكنَّه ثبت بالتتبُّع الناقص أَنَّ لها أَربع خطب في أَربعة مواطن ، وليست لها أَربع نسخ لخطبةٍ واحدة ، وأَحد هذه المواطن : في المسجد النبوي. وهي الخطبة المعروفة. الأُخرىٰ : عندما أَتتها صلوات اللَّـه عليها نساء المهاجرين والأَنصار. وهذه أَيضاً خطبة معروفة. ثالثها : حينما أَتتها عائشة بنت طلحة ، فخطبت صلوات اللَّـه عليها ، ونشرتها ابنة طلحة. رابعها : عند قبر حمزة عليه السلام أَو في مكان آخر. الثَّانية : أَنَّ خُطْب فاطمة الزهراء صلوات اللَّـه عليها كانت تشريح وتحليل للأَوضاع دقيق ورقيق. الثَّالثة : أَنَّ أَمير المؤمنين والبتول فاطمة صلوات اللَّـه عليهما جناحان وفرسان نوران نبويَّان إِلٰهيَّان في مواجهة تربية هذه الأُمَّة وتمرُّدها ، لكن الأُمَّة لم تتحمَّل ولم تخضع ولم تنصاع تربويّاً لهما صلوات اللّٰـه عليهما ، ولا زالت إِلى الآن. الرابعة : المعروف ـ بحسب تدبُّر كثير من أَكابر الفريقين ـ : أَنَّ فاطمة الزهراء صلوات اللَّـه عليها حينما احتجَّت في قضيَّة فدك احتجَّت بحجج لا تدافع بينها ؛ بل بينها تمام الموافقة والموائمة والمؤازرة ؛ فإِنَّه يمكن للإِنسان تَملُّك الشيء الواحد بأسباب مُتعدِّدة لا تضارب بينها. الحُجَّة الأُولىٰ : أَنَّها وارثة أَبيها صلَّىٰ اللَّـه عليهما وعلى آلهما وراثة اصطفائيَّة. وقد اعترف علماء العامَّة والجمهور بـ : أَنَّ وراثة النَّبيّ سليمان من أَبيه النَّبيّ داود عليهما السلام الواردة في بيان قوله تعالىٰ : [وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ] [النمل: 16] وراثة اِصطِفائيَّة. وحيث إِنَّ لسيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ولاية على الفيء شاملة لكلّ الأَرض ؛ انتقل هذا الإِرث بالوراثة الاِصطِفائيَّة من ضمنه أَرض فدك ـ بنصِّ بيان قوله تعالىٰ المُتقدِّم وغيره ـ بعد استشهاده صلى الله عليه واله إِلى قرباه : فاطمة الزهراء وأَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت عليهم السلام. لكن : هذه القضيَّة غفل عنها الكثير من الخاصَّة ، وحصروا وراثتها عليها السلام من أَبيها صلى الله عليه واله بالوراثة الماليَّة الماديَّة. والحقُّ : أَنَّ إِرث فيء الأَرض وإِن كان ماليّاً ماديّاً ، لكنَّ ماليَّته ليست ماليَّة ماديَّة فرديَّة فقط ؛ لأَنَّه لَـمَّا كانت ـ هذه الماليَّة ـ لها سعة شاملة لجملة الأَرض كانت ولاية اِصطِفائيَّة. الحجَّة الثَّانية : أَنَّ أَبيها صلى الله عليه واله وهب أَرض فدك لها. الحُجَّة الثَّالثة : أَنَّ أَرض فدك كانت تحت يدها حين استشهاد أَبيها صلى الله عليه واله ؛ فتكون داخلة في ملكها ؛ لقاعدة اليد من دون حاجة إِلى بيِّنة. الحُجَّة الرابعة : أَنَّ أَرض فدك سداد دين مهر أُمّها خديجة ، وهذا إِرث اِصطِفائي ورثته من أُمِّها صلوات اللّٰـه عليهما. (2) بحار الأَنوار ، 29 : 223
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (329) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (329) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية : / الْفَائِدَةُ : (14) / / نسيان أَو تناسي ما أُسس / هناك ظاهرة موجودة في الحياة العلميَّة لكُبَّار العلماء من الفقهاء والمُتكلِّمين والفلاسفة والعرفاء وَأَصحاب أَسرار المعارف وغيرهم ؛ فإِنَّهم يُدركون أُموراً ويُؤسِّسون عليها مبانيهم ، لكنَّهم تصيبهم بعد ذلك الغفلة عنها ، ولا يلتفتون إِليها ، ولا يُراعونها في مباحث أُخرىٰ ، وكأَنَّهم نسوا بالمرَّة ما أَسَّسوه ، وأَسَّسوا بناءً آخر على طرف النقيض من سابقه. وصلى الله على محمد واله الاطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (330) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (330) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية : / الْفَائِدَةُ : (15) / / توظيف علم فقه الفروع لقراءة العقائد والمعارف الإِلهيَّة / هناك نُكْتَةٌ منهجيَّة يجدر صرف النَّظر إِليها ، حاصلها : أَنَّ التَّضَلُّع في فقه الفروع مُؤثِّرٌ جِدّاً في علوم المعارف الدِّينيَّة ؛ لأَنَّ أَبواب فقه الفروع مفاتيح نازلة للمعارف الإِلٰهيَّة لا سيما العقائديَّة ، بل العقائد من دون فقه الفروع تولِّد أَزمة وطامَّة كُبرىٰ ، وكذا العكس. وبالجملة : كُلُّ بابٍ فقهيٍّ ينفتح على دهاليز وسرادقات وعرشيَّات عقائديَّة ومعرفيَّة ، وتكون تلك الأَبواب مفاتيح لتلك الدَّهاليز والسرادقات والعرشيَّات. ومن ثَمَّ ذكر كُبَار الفقهاء وأَصحاب المعارف الإِلٰهيَّة : أَنَّ مَنْ يتمرَّس ويتضلَّع في علم فقه الفروع ويُوظِّفه لقراءة العقائد والمعارف الإِلهيَّة سيخرج لا محالة بنتائج عقليَّة ومعرفيَّة مبهرة وعجيبة جِدّاً. هذه هي الغاية الأَهم من علم فقه الفروع ، فهو أَحد لغات تفاسير العقائد والمعارف الإِلٰهيَّة ، وأَشرف الوظائف العلميَّة لفقه الفروع. ومن مباحث علم فقه الفروع المُتعلِّقة بالعقائد مبحث : الفرق بين بحث الولاية والملكيَّة. ومبحث : الفرق بين الخلافة والولاية والنيابة والوكالة. ومبحث : الفرق بين الحقّ والملكيَّة والولاية والخلافة والنيابة والوكالة. وهذه طبقات من السيطرة تصير ولاية ما أَنْ تقوىٰ كمّاً وكيفاً. ومن ثَمَّ قالوا : إِنَّ المُلكيّة ما أَنْ تتَّسع بلحاظ المملوك تتبدَّل تلك الملكيَّة إِلى ولاية ، ولا تبقىٰ على حالها كملكيَّةٍ بسيطةٍ. / مهر الزَّهراء عليها السلام صعد من ولايتها / ومنه يتَّضح : ما ورد في بيانات الوحي الواردة في حقِّ مهر فاطمة الزهراء صلوات اللّٰـه عليها ؛ وَأَنَّه نصف ملك الأَرض ؛ فإِنَّها مُشيرة إِلى ولايتها ، وأَنَّ عقد مهرها صعد من ولايتها عليها السلام . وصلى الله على محمد واله الاطهار
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (331) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (331) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية: / الْفَائِدَةُ : (16) / / حقيقة التواتر السَّنَدِيّ/ / التواتر السَّنَدِيّ لاينفع في أَبْحَاثِ العقائد/ يجدر الْاِلْتِفَات : أَنَّ التَّواتر السَّنَدِيّ لا ينفع في أَبْحَاثِ العقائد ؛ لأَنَّه لا يُورِث إِلَّا اليقين الحسِّي ، والمطلوب في أَبْحَاثِ العقائد تحصيل اليقين العَقلي ، وفيه (1 ) لا يُفرَّق بين الرواية المتواترة والضعيفة سنداً ، لأَنَّ البيان والبرهان العقلي المُستفاد من المتون والمضامين هو المطلوب في هذه الأَبحاث. ويُضاف إِليه : أَنَّ الخبر المُتواتر سنداً قد يكون متنه ظنِّيّ الدلالة فعاد إِلى الظَّنِّ ، وهو لا ينفع في أُسس وأُصول العقائد. فالتفت. ثُمَّ إِنَّه يجب على الَّذي ليس له باع عقليّ في صناعة وأَبْحَاثِ العقائد ترك أَبْحَاث وتحقيقات هذا الباب ، ولا يلجه ولا يتصدَّىٰ له ، وليترك المجال لأَهله. بعد الْاِلْتِفَات : أَنَّ لغة بيانات الوحي المعرفيَّة : لغة عقليَّة وحيانيَّة ، وهي أَعظم من نتاج العقل البشري الأَرضي بما لا يَتَنَاهَى. وصلى الله على محمد واله الاطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1 ) مرجع الضمير: اليقين العقلى
مَعَارِف إِلْهِيَّة : (332) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
الدَّرْسُ (332) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية: / الْفَائِدَةُ : (17) / / تَفَوُّقُ الشَّيْخ الطوسي على النَّجَاشِيِّ في باب الجرح والتعديل/ ذهب البعض إِلى أَنَّ النَّجَاشِيّ أَقوىٰ علماء الإِماميَّة في علم الرِّجَال. والحقّ : أَنَّه وإِنْ كان كذلك في علم الأَنساب والتَّراجم والتأريخ وعلم الأَسمآء والكُنىٰ ، لكنَّه ليس كذلك في علم العقائد ؛ والَّذي هو أَخطر وأَهمّ العلوم لتنقيح المُفردات الرجاليَّة وتوثيق الرُّواة ، ومن ثَمَّ لا يُعتَمَد على جرحه وتعديله. ثُمَّ إِنَّ مَنْ لم يلتفت إِلى هذه القضيَّة فسيجني على تراث الوحي ، وعلى باب الجرح والتَّعديل عند الإِماميَّة وغيرهم ، فالتفت. وصلى الله على محمد واله الاطهار.