الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (200 ـ 400 ) المقصد الأَوَّل / الباب الأَوَّل | معارف إِلٰهيَّة : (227) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /

معارف إِلٰهيَّة : (227) ، مسائل وفوائد و قواعد في معارف الإِماميَّة / المُقدَّمة / تنبيهات /

01/09/2024


الدرس (227) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين ، وصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى) في الدرس (201 ) الى مُقدَّمة (المسائل العقائديَّة والمعرفيَّة ، المستفادة من عقائد و معارف الإمامِيَّة ؛عقائد ومعارف مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ) ، وقبل الدخول في صميم البحث لابُدَّ من تقديم تنبيهات وفوائد وقواعد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المسائل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شآء الله تعالىٰ) أَوَّلاً (74) تنبيها، ووصلنا ( بحمد الله تعالى) الى التَّنْبِيه العشرين ، وكان تحت عنوان (الحُجَج والمُحْكَمَات على مراتب طوليَّة) ؛ فلِحُجِّيَّة الخبر مراتب طوليَّة من عدَّة جهات ، أَهمُّها ثلاث : الأُوْلَىٰ : حُجِّيَّة المتن. الثَّانية : صحَّة وحُجِّيَّة الكتاب. الثَّالثة : حُجِّيَّة الطَّريق والسَّند. ولازال الكلام في أَدلَّة تراتب هذه الحُجَج الثلاث ، ووصلنا في هذا الدرس الى الدليل والبيان الثاني : 2ـ بيان قوله جلَّ قوله : [وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ] ( 1)( 2). فـ : (النفر) : إِشارة إِلى مرحلة الرُّواية ؛ والنقل الحسِّيّ ؛ وهو مُقدِّمة. و (التَّفقُّه) ـ المُشار إِليه في بيان قوله جلَّ قوله : [لِيَتَفَقَّهُوا] ـ وهو: الفهم(3): إِشارة إِلى الفهم العقلي لمضامين متون بيانات الوحي في المرحلة الثانية ، وهو: ذو المُقدِّمة ؛ والغاية الأَسْمَىٰ ؛ المُشار إِليها بلام الغاية : [لِيَتَفَقَّهُوا] ( 4). 3ـ بيان قوله جلَّ جلاله : [ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا] ( 5). وتقريب الدلالة واضح ؛ فإِنَّه مع عدم تماميَّة السَّند ونسبة الصُّدور ـ إِذ بحسب ما فرضه بيان الآية الكريمة أَنَّه خبر فاسق ـ ، ومع عدم صحَّة طرحه ، أَو الأَخذ به بعماية هناك مسلك ثالث أَوصىٰ به بيان الآية الكريمة وأَوجبه ، وهو : (فحص المتن والمضمون ، والتَّبيُّن منه). وهذه التَّوصية الوحيانيَّة دالَّة على أَنَّ الأَساس والعُمدة والرُّكن الرَّكين في حُجِّيَّة الخبر والأَخذ والعمل به هو : (تبيُّن المتن والمضمون). نعم ، السَّند المُعتبر معاضد لحُجِّيَّة الخبر ، لكنَّ الرُّكن الرَّكين والعُمدة فيها هو : (حُجِّيَّة المتن والمضمون). 4ـ بيان قوله جلَّ وعلا : [فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ] ( 6). ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)التوبة : 122. ( 2) ينبغي الاِلتفات : أَنَّ القرآن الكريم هو : دستور اللّٰـه الخالد ، لكنَّ دستوريَّته وخلوده ومُؤدَّاه وفائدته وخطره وعلومه وعقائده ومعارفه لا تختصُّ بهذه النَّشأَة الأَرضيَّة ، ولا يُخاطب به الجنّ والإِنس فحسب ، بل شاملة لجملة العوالم وكافَّة المخلوقات ؛ لأَنَّه من الدِّين ، وهو شامل للجميع ، ومِنْ ثَمَّ خطاباته الواردة بلسان : «يا أَيُّها الَّذين آمنوا» شاملةٌ لكافَّة المؤمنين ، منهم : جملة الملائكة عليهم السلام ، فلذا ورد في بيانات الوحي : «أَنَّ الملائكة ، منهم المُقَرَّبين ـ كـ : جبرئيل وإِسرافيل وميكائيل عليهم السلام ـ حينما ينزل وحي القرآن الكريم على سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله يتعلَّمون منه صلى الله عليه واله ذلك القرآن المُنَزَّل». ( 3) ينبغي الاِلتفات : أَنَّ (الفهم) : أَمرٌ غيبيٌّ ، صادر من عوالم غيبيَّة صاعدة ، تتحكَّم فيها طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ، ومرتبتها فوق عَالَم الآخرة الأَبديَّة ، وهي فوق عَالَم السَّماوات السَّبع بعوالم ومراتب ، والكلُّ من عوالم الأَجسام. ( 4) يجدر الاِلتفات في المقام إِلى الأُمور الأَربعة التَّالية : الأَوَّل : أَنَّ المعرفة الإِلٰهيَّة ناموس مُقدَّس ، والسعي إِليها ناموس مُقَدَّس أَيضاً يقضُّ مضجع فِطَر المخلوقات. الثَّاني : أَنَّ أَعظم نِعَمِ اللّٰـه الواردة في بيان قوله تعالٰ : [ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا] [النحل: 18] النعم المعرفيَّة والمعنويَّة ، وليست البدنيَّة. الثَّالث : أَنَّ أخطر قلعة يغير عليها العدو : قلعة الفكر والرؤية العقائديَّة ؛ فإِنَّ أَمكنه زحزحة المخلوق عن الورع في العقيدة فسوف يتنجَّس باطنه وظاهره بكُلِّ نجاسةٍ ورجاسةٍ. ثُمَّ إِنَّ أَطهر الطهارات تكمن في التَّعَقُّل. الرابع : أَنَّ التكليف في العوالم اللاحقة لا ينقطع ، بل يزداد ويشتدُّ ، وهو شامل لكافَّة المخلوقات. ( 5) الحجرات : 6. ( 6) الزمر : 17 ـ 18