معارف ألهية (7)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ
22/01/2024
الدرس : ( 7 )/ بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين .لازال البحث في تفسير بيان اميرالمؤمنين صلوات الله عليه: «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ » ، ولتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، لازال البحث في بيانات و ادلة المُقدِّمة الاولى ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة )، ووصلنا الى الدليل والبيان الرابع : 4ـ بيانه صلى الله عليه واله مخاطباً أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه : «... يا عَلِيّ ... وأَنت السبب فيما بين اللَّـه وبين خلقه بعدي ...»(1). 5ـ بيانه صلى الله عليه واله ، عن جابر بن عبداللَّـه ، قال : «قلتُ لرسول اللَّـه صلى الله عليه واله : أَوَّل شيء خلق اللَّـه تعالىٰ ما هو ؟ فقال : نور نبيِّك يا جابر ، خلقه اللَّـه ثُمَّ خلق منه كُلّ خير ، ثُمَّ أَقامه بين يديه في مقام القرب ما شاء اللَّـه ثُمَّ جعله أَقساماً ، فخلق العرش من قسم ، والكرسي من قسم ، وحملة العرش وخزنة الكرسي من قسم...»(2). 6ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه : «... والنَّبيُّ والعترة ... رأس دائرة الإِيمان ، وقطب الوجود ، وسمآء الجود ... جلَّ مقام آل محمَّد صلى الله عليه واله عن وصف الواصفين ، ونعت الناعتين ، وان يُقاس بهم أَحد من العالمين ... فهم خاصَّة اللَّـه وخالصته ... ومبدء الوجود وغايته ، وقدرة الرَّبّ ومشيئته ...»(3). 7ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «كان اللَّـه ولا شيء معه ، فأَوَّل ما خلق نور حبيبه مُحَمَّد صلى الله عليه واله قبل خلق الماء(4)والعرش والكرسي والسَّماوات والأَرض ، واللوح والقلم ، والجنَّة والنَّار ، والملائكة وآدم وحواء بأربعة وعشرين وأَربعمائة أَلف عام ، فلمَّا خلق اللَّـه تعالىٰ نور نبينا مُحَمَّد صلى الله عليه واله بقي أَلف عام بين يدي اللَّـه عزَّ وجلَّ واقفاً يُسَبِّحه ويحمده ، والحقُّ تبارك وتعالىٰ ينظر إِليه ويقول : يا عبدي ، أَنْتَ المراد والمريد ، وأَنْتَ خيرتي من خلقي ... فخلق اللَّـه منه اثني عشر حجاباً ، أَوَّلها حجاب القدرة ، ثُمَّ حجاب العظمة ، ثُمَّ حجاب العزَّة ، ثُمَّ حجاب الهيبة ، ثُمَّ حجاب الجبروت ... ثُمَّ حجاب الكبرياء ... ثُمَّ إِنَّ اللَّـه تعالىٰ خلق من نور مُحمَّد صلى الله عليه واله عشرين بحراً من نورٍ ، في كلِّ بحر علوم لا يعلمها إِلَّا اللَّـه تعالىٰ ... قال الله تعالىٰ : يا حبيبي ، ويا سيِّد رسلي ، ويا أَوَّل مخلوقاتي ، ويا آخر رسلي ... ثُمَّ قام فقطرت منه قطرات كان عددها مائة أَلف وأَربعة وعشرين أَلف قطرة ، فخلق اللَّـه تعالىٰ من كُلِّ قطرة من نوره نبيّاً من الأَنبياء ، فلَمَّا تكاملت الأَنوار صارت تطوف حول نور مُحَمَّد صلى الله عليه واله كما تطوف الحجاج حول بيت اللَّـه الحرام ...»(5). ودلالته ـ كدلالة سوابقه ـ واضحة أَيضاً ؛ على أَنَّ أَوَّل المخلوقات وأَشرفها وأَعلاها مقاماً وفضلاً وكمالاً طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ، وإِلَّا لَـمَا عبَّر عليه السلام بقوله : «كان اللَّـه ـ أَي : المُسَمَّىٰ (جلَّ وتقدَّس) ـ ولا شيء معه ـ فليس معه (تقدَّس ذكره) صفة إِلٰهيَّة ولا اسم إِلٰهي ، ولا مخلوق البتَّة ـ فأَوَّل ما خلق ـ على الإِطلاق ـ نور حبيبه مُحَمَّد صلى الله عليه واله ». ثُمَّ خلق ـ كما صرَّحت بذلك بيانات الوحي الأُخرىٰ ـ نور أَمير المؤمنين ، ثُمَّ نور فاطمة الزهراء ، ثُمَّ نور الحسن ، ثُمَّ نور الحسين صلوات اللَّـه عليهم. 8ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام : «... ليس شيء أَقرب إِلى اللَّـه من رسوله... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 22 : 147 ـ 148/ ح141. كتاب سليم بن قيس : 215 ـ 216. (2) بحار الأَنوار ، 25 : 21 ـ 22/ح37. (3) المصدر نفسه : 169 ـ 174/ ح38. (4) ينبغي الإِلتفات : أَنَّ لعنوان : (الماء) الوارد في بيانات معارف الوحي ، منها : هذا البيان الشريف ليس السائل المعهود ، بل له رمزيَّة عجيبة وعظيمة جِدّاً ؛ فإِنَّ همزة (ماء) ليست من الحروف الأَصليَّة للكلمة فتكون مقلوبة عن (هاء) ، وكذا أَلفها فتكون مقلوبة عن (واو) ، فيكون أَصلها : (موه) ، أَي : ماهية وأَصل الأَشياء ، وهو : (العلم). ثُمَّ إِنَّ حقيقة (العلم) عَالَمٌ برأسه ، مخلوق من مخلوقات عوالم الخلقة الصَّاعدة ، فوق عَالَم العرش، ولحقيقته نشأة ملكوتيَّة يراها العَالِم ولا يراها الجاهل ؛ لعدم تفعيله لأَبدانه وحواسها وقواها الصاعدة ، فإِنّ العلم ماء حياتها ، فكما أَنَّ للأَبدان الغليظة المعهودة غذاؤها وشرابها المادِّي الغليظ ، وتستدام حياتها به ، وتموت بتركه ، كذلك حال الأَبدان الصَّاعدة وحواسّها وقواها ، لكن غذاؤها ما يناسب تلك العوالم ، وهو : العلم والتسبيح والتحميد وذكر اللَّـه الكريم ، فهذا ليس غذاء الملائكة والمخلوقات الصاعدة فحسب ، بل وغذاء أَبدان الإِنسان الصاعدة وحواسها وقواها. وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الباقر × ـ عن زيد الشحام : «في قول اللَّـه : [فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ] [عبس : 24] قال : قلتُ : ما طعامه ؟ قال : علمه الَّذي يأخذه مِـمَّن يأخذه». بحار الأَنوار ، 2 : 96/ح38. (5) بحار الأَنوار ، 15 : 27 ـ 29