الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (200 ـ 400 ) المقصد الأَوَّل / الباب الأَوَّل | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (256) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (256) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /

30/09/2024


الدَّرْسُ 256) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه التالي : / التَّنْبِيه السَّادس و الْأَرْبَعُون: / / تطوُّر النظام السياسي بنموِّ العقل البشري/ مرَّ عقل الإِنسان وفكره وسلسلة مدارس البشر إِلى يومنا هذا ـ ولا زالت منذُ كانت البشريَّة تعيش في الكهوف ، ثُمَّ البداوة ، ثُمَّ العشيرة والقبيلة ، ثُمَّ الريف ، ثُمَّ المدينة ، ثُمَّ الأَمصار(1) ـ بتأريخ في تطوير النظام السياسي. إِذَنْ : مرَّت البشريَّة بسلسلة مدارس تطوَّر فيها العقل البشري إِلى أَنْ وصل إلى صياغات وآليَّات عديدة ؛ نبذ فيها البشر الاِسْتِبْدَاد والتَّعَجْرُف ـ والَّذي رُبَما يُسَمَّىٰ بـ : (الدِّيكْتَاتُورِيَّة) ونظام حاكميَّة الفرد ، وهو نوع من العدالة السياسيَّة والعدالة الحقوقيَّة ـ وحاول تخطِّي الاِسْتِبْدَاد الفردي إِلى الاِسْتِبْدَاد : الحزبي والقومي والعنصري والعرقي والشعوبي ، لكن جميع ذلك خطوط وأَلوان من الاِسْتِبْدَاد مرَّت عبر الأَجيال والحضارات ؛ ترقَّىٰ عنها العقل البشري وتجاوزها في العصر الرَّاهن. إِذَنْ : تخطَّىٰ العقل البشري عقبات من الاِسْتِبْدَاد ، ووصل إِلى مرحلة كُلَّما كانت مشاركة المجتمع والمجموع أَكثر كُلَّما كانت الرقابة ؛ وكان العدل والعدالة والحريَّة ؛ وعدم التفرُّد وعدم الاِسْتِبْدَاد مُتحقِّقاً أَكثر. إِنْ قُلْتَ : على هذا كيف تؤمن مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم بحكومة الفرد المعصوم ؛ فإِنَّه نحو دِيكْتَاتُورِيَّة واِسْتِبْدَاد فردي. قلتُ : هذا قياس مع الفارق ؛ فإِنَّ مدرسة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم تؤمن بالمشاركة للجميع والمجموع في كُلِّ طبقات المجتمع ، ودور المعصوم عليه السلام دورٌ ضروريٌّ ، وقطب مُنَسِّق ومُحرِّك في النُّظم والإِدارة والتَّدبير. بخلاف الدِّيكْتَاتُورِيَّة فإِنَّها تعني : إِعاقة حصول الجميع على الفُرص المُستحقَّة ليصلوا إِلى التنامي العام . بعد الْاِلْتِفَات : أَنَّ الإِعاقة الفكريَّة والرُّوحيَّة أَخطر من دون قياس من الإِعاقة البدنيَّة ؛ لأَنَّ الإِعاقة البدنيَّة لا تُعيق المخلوق عن التكامل ، بخلاف الإِعاقة الفكريَّة والرُّوحيَّة ؛ فإِنَّها تُعيقه عن التكامل ، بل قد يحصل من صاحبها دماراً للبشريَّة ، ودور المعصوم عليه السلام يجعل الفرص مُتاحة في كُلِّ الجوانب والمجالات ، فلا تُعيق شريحة من المجتمع شريحة أُخرىٰ ، سوآء أَكان في الجانب الْاِقْتِصَادِي أَو الْاِجْتِمَاعِيّ أَو الحقوقي أَو الرُّوحي أَو التعليمي أَو التنموي أَو غيرها. وبعبارة أُخرىٰ : أَنَّه لا بُدَّ لحركة البشر من لولبٍ في هندسة : النظام المروي ، ونظام الشبكة المائيَّة ، ونظام الشبكة الكهربائيَّة ، ونظام الشبكة الزراعيَّة ، ونظام الشبكة الْاِقْتِصَادِيَّة ، ونظام الشبكة التجاريَّة ، وهلمَّ جرّاً؛ مُنسِّق وقُطب رحىٰ يُسبِّب اِنسيابيَّة جميع الأَطراف. هكذا حال دور الإِمام عليه السلام في اِنسيابيَّة الدولة الْإلَهِيَّة وإدارتها؛ ببركة ما مُتِّع به من العِلْم اللَّدُنِّيّ ؛ وسائر الآليَّات والمقامات والفضائل والكمالات الْإلَهِيَّة ، بخلاف سائرالبشر ؛ فإِنَّهم لَـمَّا لم يتمتَّعوا بذلك العِلْم اللَّدُنِّيّ وبسائر الآليَّات والمقامات والفضائل والكمالات الْإلَهِيَّة عجزوا عن القيام بدور المعصوم تنظيراً فضلاً عن التطبيق ، ومن ثُمَّ كُلَّما أَتوا بنظامٍ لإِدارة الدولة أَو النظام(2) السياسي أَو النظام الْاِقْتِصَادِي وما شاكلها تجده سرعان ما تتكشَّر ثغراته ونواقصه وتناقضاته وينهار. / رجوع إِلى صلب الموضوع/ إِذَنْ : حصل لدىٰ العقل البشري نوع تنمويَّة في الإِدارة والتدبير ، بعد الْاِلْتِفَات : أَنَّه كُلَّما تكاملت البشريَّة كُلَّما تعقَّدت ثقافتها : الأَمنيَّة والعسكريَّة والسياسيَّة والْاِقْتِصَادِيَّة والصحيَّة والمروريَّة وهلمَّ جرّاً ، وصعب : نظمها وتدبيرها وإِدارتها. وهذا برهانٌ عقليٌّ دالٌّ على علوِّ سُؤدد سيِّد الأَنبياء وسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ، وتقدُّمهم على جملة سائركُمَّل المخلوقات ؛ فإِنَّ العقل البشري بعدما كان في دوامة التنامي والتكامل غيرالمتناهي كان يتعطَّش دائماً ويطلب مُعَلِّماً أَكبر وأَعظم : شأناً ومقاماً ؛ ورفعةً وفضلًا وكمالًا. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الأَمصار جمع : مصر ، ومعناه : البلد المشتمل على المدن والأَرياف. (2) هذا وما بعده عطف على كلمة : (الدولة) ، فتكون العبارة كالتالي : «ومن ثَمَّ كُلَّما أَتوا بنظام لإِدارة الدولة ، أَو أَتوا بنظام لإِدارة النظام السياسي ، أَو أَتوا بنظام لإِدارة النظام الْاِقْتِصَادِي ...»