مَعَارِف إِلْهِيَّة : (274) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
19/10/2024
الدَّرْسُ (274) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و الخَمْسين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « أَدوار أَهل البيت عليهم السلام الخفيَّة » ؛ فإِنَّ هناك أُموراً وتدابيراً وأَنشطة قام بها أَهل البيت عليهم السلام ، وأَدواراً مُهمَّة وحسَّاسة وخطيرة قدَّرت يد السَّماء غمرها وإِخفاءها في حياتهم عليهم السلام ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وللتَّوضيح : خُذ المثالين التَّاليين : الأَوَّل : دور أَمير المؤمنين عليه السلام في الفتوحات الإِسلاميَّة من جانبها المُشرق(1)(2)، فإِنَّه بعدما أُنيط برمَّته به عليه السلام مارسه بصورةٍ خفيَّةٍ ، وعلى اثرها وعوامل أُخرىٰ أُخفي ـ دوره عليه السلام ـ في كُتُب التأريخ ، نعم يوجد كقَصَّصَات وشواهد متناثرة ومبعثرة في كُتُب الفريقين. إِذَنْ : أَصل الفتوحات وتدبيراتها ونجاحاتها في عصر خلفاء السقيفة الثلاثة كانت بيده صلوات اللّٰـه عليه وإِدارته المباركة ؛ بعدما لم تكن لديهم أَيُّ أَهليَّة لإِدارة مجموعة صغيرة وحضيرة من البشر فضلاً عن إِدارة : دولة ، وعسكر ، وأَمن اِجْتِمَاعِيِّ ، واقتصادي ، وهلمَّ جرّاً. بل كانت صفتهم المُميَّزة : الهزيمة ، وعدم الثبات في المواقف ، ولم يُنقل عنهم إِلَّا الجعجعة ، من دون طحن ولا طعن ولا ضرب ولا طعان قَطُّ ، والشجاعة والثبات في المواقف من أَساسيَّات وصفات الركن في القائد والأَمير ، وعلى طرف النقيض من ذلك ثبات ومواقف أَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام ، فأَين الذهب من الرَّغام ، وأَين العذْبُ من الأُجاج!! وذاك التأريخ فاطرقه تسمع الجواب والعجب العجاب ، بل هلمَّ معي لنكشف نقاب البعض ، فلاحظ : 1ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام ، عن عامر بن وائلة ، قال : «سمعتُ عليّاً عليه السلام يقول يوم الشورىٰ : نشدتكم باللّٰـه هل فيكم أَحد قال له رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله حين رجع عمر يجبِّن أَصحابه و يجبِّنُونه قد رَدَّ راية رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله منهزماً ، فقال رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله : لأُعطين الراية غداً رَجُلاً ليس بفرَّار ، يحبّه اللّٰـه ورسوله ، ويحبُّ اللّٰـه ورسوله ، لا يرجع حتَّىٰ يفتح اللّٰـه عليه...»(3). 2ـ ما ورد في الإِرشاد : «ثُمَّ تلت الحديبيَّة خيبر ، وكان الفتح فيها لأَمير المؤمنين عليه السلام بلا ارتياب ، وظهر من فضله في هذه الغزاة ما أَجمع على نقله الرُّواة ، وتفرَّد فيها من المناقب ما لم يشركه فيها أَحَد من النَّاس، فروىٰ ... قالوا: لـمَّا دنا رسول اللّٰه صلى الله عليه واله من خيبر قال للنَّاس: «قفوا» ... فدعا رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله أبا بكر فقال له: «خذ الراية» فأخذها في جمع من المهاجرين ، فاجتهد فلم يغن شيئاً ، فعاد يؤنِّب القوم الَّذين اتَّبعوه ويؤنِّبونه ، فلمَّا كان من الغد تعرَّض لها عمر فسار بها غير بعيد ، ثُمَّ رجع يجبِّن أَصحابه ويجبِّنونه ، فقال النَّبيّ صلى الله عليه واله : «ليست هذه الراية لِـمَنْ حملها ، جيؤني بعليِّ بن أَبي طالب ... يأخذها بحقها ليس بفرار» ...»(4). ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ينبغي الْاِلْتِفَات : أَنَّ الجوانب المُشرقة في الفتوحات تعود إِلى سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله وسائر أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام . (2) هناك جوانب سُود ومظلمة وملفَّات مخزية حصلت بشكل مُمنهج في الفتوحات ، وكنظام بديل عن الإسلام كانت تُقَام فيها الليالي الحمراء ، فصارت سُبَّة وسبباً لتشويه تلك الفتوحات ، بل الإِسلام ، لكنَّه أَمر آخر. (3) بحار الأَنوار ، 21 : 20/ح15. (4) المصدر نفسه : 14 ـ 15/ح11