الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (200 ـ 400 ) المقصد الأَوَّل / الباب الأَوَّل | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (278) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (278) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /

23/10/2024


الدَّرْسُ (278) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و الخَمْسين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « أَدوار أَهل البيت عليهم السلام الخفيَّة » ؛ فإِنَّ هناك أُموراً وتدابيراً وأَنشطة قام بها أَهل البيت عليهم السلام ، وأَدواراً مُهمَّة وحسَّاسة وخطيرة قدَّرت يد السَّماء غمرها وإِخفاءها في حياتهم عليهم السلام ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى ذكر مثالين لتوضيح المطلب ، ولازال البحث في المثال الاول ، وهو عن دور أَمير المؤمنين عليه السلام في الفتوحات الإِسلاميَّة من جانبها المُشرق ، وعدم أَهليَّة خلفاء السقيفة لإِدارة مجموعة صغيرة وحضيرة من البشر فضلاً عن إِدارة : دولة ، وعسكر ، وأَمن اِجْتِمَاعِيِّ ، واقتصادي ، وهلمَّ جرّاً ، ووصلنا الى المطلب التالي : وهذا(1) بحث متداخل الأَضلاع والزوايا كتداخل أَسنان دوارة الرحىٰ ، ونكتة عذراء ما فُضَّت قَطُّ ، مرَّت عليها الدُّهور والأَزمان وعلماء الإِماميَّة (أَعزَّهم اللّٰـه) حاموا حومها ؛ ولم يطوفوا طورها بنبرة شفة ، فلم تفرز ملفَّاته المُتشابكة ؛ لكنَّه لو فكَّكه الناقد البصير بمراجعة التأريخ ، والاستعانة بملحمة التَّحليل ، وسندان التَّعَمُّق ، وغوص بحر الفكر ؛ لظهرت للخلق أَنباؤها ، ولطفح الخبر اليقين ؛ يعقله الجاهل ويفهمه الغبي ، وانكشف بلا شكٍّ ولا خفاء نقاب الدَّسِّ والظَّنِّ والتَّخمين ، وصار رجوع خيوط الفتوحات طُرّاً في جانبها المشرق كواصف الشَّمس بالضوء إِلى سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله وأَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام. بل لم يقم للإِسلام شعاع نور قَطُّ إِلَّا ببركته صلى الله عليه واله وسائر أَهل البيت الأَطهار عليهم السلام ، فلا يُقاس بهم من هذه الأُمَّة أَحد ولا يُسوَّىٰ بهم مَنْ جَرَت نعمتهم عليه أبداً : هم أَساس الدِّين ، وعماد اليقين ، إِليهم يفيء الغالي وبهم يلحق التَّالي ، ولهم خصائص حقّ الولاية ، وفيهم الوصيَّة والوراثة. وليس في ذلك نحو تعصُّب أَو عاطفة ـ وإِنْ كانتا بلحاظهم نوراً ـ بل للشَّواهد التأريخيَّة الصَّارخة بها قصَّاصات كُتُب العامَّة قبل كُتُب الخاصَّة. فانظر : ما تُشير إِليه بيانات الوحي والتقول التأريخيَّة ، منها : بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه في جوابه على سؤال مَنْ قال له : «يا أَمير المؤمنين ، أَرأَيتَ لو كان رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ترك ولداً ذكراً قد بلغ الحلم ، وآنس منه الرشد ، أَكانت العرب تُسَلِّم إِليه أَمرها ؟ قال : لا ، بل كانت تقتله إِنْ لم يفعل ما فعلت ، إِنَّ العرب كرهت أَمر مُحَمَّد صلى الله عليه واله وحسدته على ما آتاه اللّٰـه من فضله ، واستطالت أَيَّامه حتَّىٰ قذفت زوجته ، ونَفَّرت به ناقته ، مع عظيم إِحسانه إِليها ، وجسيم مننه عندها ، وأَجمعت مذ كان حيّاً على صرف الأَمر عن أَهل بيته بعد موته ، ولو لا أَنَّ قريشاً جعلت اسمه ذريعة إِلى الرئاسة وسِلَّماً إلى العزِّ و الإِمرة ، لَـمَا عبدت اللّٰـه بعد موته يوماً واحداً ، ولأَرتدَّت في حافرتها ، وعاد قارحها جذعاً ، وبازلها بكراً ، ثُمَّ فتح اللّٰـه عليها الفتوح ، فأثرت بعد الفاقة ، وتموَّلت بعد الجهد والمخمصة ... ثُمَّ نُسبت تلك الفتوح إلى آراء ولاتها ، وحسن تدبير الأُمراء القائمين بها ، فتأَكَّد عند النَّاس نباهة قوم وخمول آخرين ، فكُنَّا نحن مِـمَّن خمل ذكره ، وخبت ناره ، وانقطع صوته وصيته ، حتَّىٰ أَكل الدَّهر علينا وشرب ، ومضت السنون والأَحقاب بما فيها ، ومات كثير مِـمَّن يعرف ، ونشأ كثير مِـمَّن لا يعرف. وما عسىٰ أَنْ يكون الولد لو كان ! إِنَّ رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله لم يقرِّبني بما تعلمونه من القرب للنَّسب واللحمة ، بل للجهاد والنصيحة ، أَفتراه لو كان له ولد هل كان يفعل ما فعلت ! وكذلك لم يكن يقرب ما قربت ، ثُمَّ لم يكن عند قريش والعرب سبباً للحظوة والمنزلة ، بل للحرمان والجفوة ، اللَّهمَّ إِنَّك تعلم أَنِّي لم أَرد الإِمْرَة ، ولا علو الملك والرياسة ، وإِنَّما أَردتُ القيام بحدودك، والأَداء لشرعكَ ، ووضع الأُمور في مواضعها ، وتوفير الحقوق على أَهلها ، والمضي على منهاج نبيّكَ ، وإِرشاد الضال إِلى أَنوار هدايتك»(2). ودلالته واضحة. وقوله صلوات اللّٰـه عليه : «ثُمَّ نُسبت تلك الفتوح إِلى آراء ولاتها ، وحسن تدبير الأُمراء القائمين بها ، فتأَكَّد عند النَّاس نباهة قوم وخمول آخرين» يُعرِّض وبسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم ؛ فإِنَّ ما قدَّموه للإِسلام من جهود وآراء وحسن تدبير أَخذته الأُمراء والولاة، واحتالوا عليها ونسبوها لأَنفسهم ظلماً وجوراً ، وهذا ما يشير إِليه تتمَّة هذا البيان الشَّريف : «فكُنَّا نحن مِـمَّن خمل ذكره ، وخبت ناره ، وانقطع صوته وصيته ، حتَّىٰ أَكل الدَّهر علينا وشرب ، ومضت السنون والأَحقاب بما فيها، ومات كثير مِـمَّن يعرف ، ونشأ كثير مِـمَّن لا يعرف». / رجوع المسلمين إِلى جادَّة الحقِّ/ / قتل المستولي الثالث وتولية أَمير المؤمنين عليه السلام بالإِجماع/ / الإِجماع على تولية أَمير المؤمنين عليه السلام سابقة لم تحدث في التأريخ ولن تحدث/ ومنه تَتَّضح : نكتة محاصرة أَهل مصر والعراق والبحرين القديمة والصَّحابة للمستولي الثالث عثمان وإِزالته عن ملكه ؛ ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) اسم الإشارة عائد إِلى النكتة المُتقدِّمة ؛ وهي : أَنَّ جميع الفتوحات الإِسلاميَّة في جانبها المُشرق في زمن خلفاء السقيفة الثلاث عائدة إِلى أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه. (2) نهج البلاغة ، شرح ابن أَبي الحدد المعتزلي ، 20 : 298 ـ 299/ح414