الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (200 ـ 400 ) المقصد الأَوَّل / الباب الأَوَّل | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (279) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (279) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /

24/10/2024


الدَّرْسُ (279) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و الخَمْسين ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « أَدوار أَهل البيت عليهم السلام الخفيَّة » ؛ فإِنَّ هناك أُموراً وتدابيراً وأَنشطة قام بها أَهل البيت عليهم السلام ، وأَدواراً مُهمَّة وحسَّاسة وخطيرة قدَّرت يد السَّماء غمرها وإِخفاءها في حياتهم عليهم السلام ، ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى ذكر مثالين لتوضيح المطلب ، ولازال البحث في المثال الاول ، وهو عن دور أَمير المؤمنين عليه السلام في الفتوحات الإِسلاميَّة من جانبها المُشرق ، وعدم أَهليَّة خلفاء السقيفة لإِدارة مجموعة صغيرة وحضيرة من البشر فضلاً عن إِدارة : دولة ، وعسكر ، وأَمن اِجْتِمَاعِيِّ ، واقتصادي ، وهلمَّ جرّاً ، ووصلنا الى المطلب التالي : / رجوع المسلمين إِلى جادَّة الحقِّ/ / قتل المستولي الثالث وتولية أَمير المؤمنين عليه السلام بالإِجماع/ / الإِجماع على تولية أَمير المؤمنين عليه السلام سابقة لم تحدث في التأريخ ولن تحدث/ ومنه تَتَّضح : نكتة محاصرة أَهل مصر والعراق والبحرين القديمة والصَّحابة للمستولي الثالث عثمان وإِزالته عن ملكه ؛ فبعدما اتَّسع الخرق على الرَّاقع ، وبان الصبح لذي عينين ؛ لبريق حال أَمير المؤمنين عليه السلام ، ولمعان صفاته وأَفعاله ، فانبثق نور الحقيقة وتجلَّىٰ ظلام الجهل ، فشُمَّ برق النجاة ؛ طَأْطَأَتْ على إِثره رؤوس المسلمين فأَرحلوا مطايا التَّشمر : فقتلوا عثمان ونصَّبوا سيِّدَ الأَوصياء عليّ بن أَبي طالب عليه السلام بانتخابٍ شعبيٍّ لم يتمَّ ذلك لأَحدٍ من المستولين الثلاثة الَّذين راموا كسر راية الهدىٰ ، ومحو الكلمة الَّتي الزمها اللّٰـه للمتقين ، فإِنَّ الأَوَّل قد أَتىٰ بالسيف والإِرغام ، والثَّاني بالتَّنصيب ، والثَّالث بالثَّلاثة ، بل لم تتمَّ لأَحدٍ من المسلمين قَطُّ ، بل ولا لجملة البشريَّة. فانظر : بيانات الوحي والنقول التأريخيَّة ، منها : بيان أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «... فإِنَّ اللّٰـه عزَّوجلَّ بعث محمَّداً صلى الله عليه واله للنَّاس كافَّة ... وكان من بعده ما كان من التَّنازع في الأَمر ، وتولَّىٰ أَبو بكر ، وبعده عمر ، ثُمَّ عثمان ، فلَمَّا كان من أَمره ما كان أَتيتموني فقلتم : «بايعنا» فقلتُ : «لا أَفعل» فقلتم : «بلىٰ» فقلت : «لا» وقبضتُ يدي فبسطتُّموها ، ونازعتكم فجذبتموها ، وتداككتم عَلَيَّ تداك الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها ، حتَّىٰ ظننتُ أَنَّكم قاتلي ، وأَنَّ بعضكم قاتل بعض ، فبسطتُ يدي فبايعتموني مختارين ...»(1). فأَين يوجد مِثْل هذا ؟! أَظنَّ ظانٌّ أَنَّه يوجد في غير آل الرسول صلى الله عليه واله ؟! كلا وربُّ الرَّاقصات. وهذا لم يكن محض صدفة ، بل لحضوره عليه السلام السَّاخن في السَّاحة والميدان ، وهذا ما قصده عثمان حين وجَّه خطابه له عليه السلام بقوله : «إِنْ تربصتَ بي فقد تربصتَ بِمَنْ هو خيرٌ منِّي ومِنكَ ...»(2). وهذه صفحة من صفحات سيرته عليه السلام المغمورة ، بعدما اِشْتَبَهْت الأَقلامُ وشطَّ الكلامُ وشطح المقالُ ، فنسبوه صلوات اللّٰـه عليه خَطَأً واشتباهاً بعد رحيل سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : جليس داره مدَّة خمسة وعشرين سنة، ونسوا أَنَّه : الشَّمسُّ الطَّالعة للعَالَم وهي بالأُفق بحيث لا تنالها الأَيدي والأَبصار ، والبدر المنير ، والسِّراج الزَّاهر ، والنُّور السَّاطع ، والنَّجم الهادي في غياهب الدُّجىٰ ، والبيد القفار ، ولُـجَج البحار. الثَّاني : دور الإِمام الصَّادق عليه السلام ، فهناك صفحات جمَّة مُغيَّبة في حياته الشَّريفة ، منها : إِتِّبَاع أَهالي دول المغرب العربي(3) ـ مصر وتونس والجزائر والمغرب ـ لمدرسة أَهل البيت عليهم السلام ؛ فإِنَّه تمَّ على يديه الكريمتين ، فقد ربَّىٰ جماعة من تلامذته ، بل وبعض أَبنائه وأَحفاده وأرسلهم إِلى تلك الدُّول. هذه هي البذرة الأُوْلىٰ لولادة الدَّولة الإِسماعليَّة والفاطميَّة. وعصارة القول : ينبغي لطالب الحقيقة السَّعي ومحاولة كشف ملفَّات وأَدوار أَهل البيت عليهم السلام الخفيَّة ؛ لتتمَّ النَّظرة الشَّاملة والكاملة والمتوازنة لحقائقهم عليهم السلام ؛ الجامعة لمجالات وعلوم لا حصر لها ، وأَنَّ كلَّ واحدٍ منهم صلوات اللّٰـه عليهم : رَجُل التَّدبير ، والفتح الثقافي والعقائدي والمعرفي في السِّرِّ والعلن. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1) الإِحتجاج ، 1 : 236. (2) المصدر نفسه : 229. (3) هناك قبيلة من أَكبر قبائل البربر الأمازيغ ، تقطن دول : تونس والجزائر والمغرب تسمَّىٰ : (كتامة) لا زالت باقية على مدرسة أَهل البيت عليهم السلام