معارف ألهية (10)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ
25/01/2024
الدرس : (10 ) بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين .لازال البحث في تفسير بيان اميرالمؤمنين صلوات الله عليه: «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ » ، ومر انه لتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، تم الكلام عن المُقدِّمة الاولى في الدرس (6 _ 8 ) ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ) ، ووصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى ) في الدرس (9 ) الى المُقدِّمة الثانية ، وكانت تحت عنوان : ( الصفات والأسمآء الإِلهيَّة مخلوقات إِلهيَّة ) ، ولازال البحث في بيانات و ادلة هذه المُقدِّمة ، ووصلنا الى الدليل والبيان الثالث : 3ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «إِن اللَّـه (تبارك وتعالىٰ) خلق اسماً بالحروف غير منعوت ، وباللَّفظ غَيرَ مُنْطَقٍ ، وبالشَّخصِ غَيْرَ مُـجَسَّدٍ ، وبالتَّشبيه غير موصوفٍ ... مُبَعَّدٌ عنه الحُدُودُ ، محجوبٌ عنه حِسُّ كُلِّ مُتَوَهِّم، مُسْتَتِرٌ غَيْرُ مَستُورٍ ، فجعله كلمةً تامَّةً على أربعة أَجزاءٍ معاً ، ليس منها واحدٌ قبل الآخر ، فأظهَرَ منها ثلاثة أَسماءٍ ؛ لفاقةِ الخلقِ إِليها ، وحَجَبَ واحداً منها، وهو الاسمُ المكنُونُ المُخزُونُ بهذه الأَسماء الثلاثة الَّتي ظَهَرَت(1)، فالظاهِرُ هو: (اللَّـه ، وتبارك ، وسبحان)(2)، ولكلِّ اسمٍ مِنْ هذه أَربعة أَركان ، فذلك اثني عشر رُكناً ، ثُمَّ خلق لكلِّ ركنٍ منها ثلاثين اسماً فعلاً منسوباً إِليها ، (فهو الرحمٰن ، الرَّحيم ، الملك ، القدوس ...) فهذه الأَسماءُ وما كان من الأَسمآء الحُسنىٰ حتَّىٰ تَتِمَّ ثلاثَ مائةٍ وستينَ اسماً فهي نسبةٌ لهذه الأَسماء الثلاثة ، وهذه الأَسمآءُ الثلاثةُ أَركانٌ ، وَحَجَبَ الاسمَ الواحد المَكنُونَ المَخزُونَ بهذه الأَسمآءِ الثلاثةِ ، وذلك قوله عزَّ وجلَّ : [قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى](3). 4ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «اسم اللَّـه غير اللَّـه ...» (4). 5ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «... والاسمُ غيرُ المُسَمَّىٰ ... إِنَّ للَّـه تسعةً وتسعين اسماً ، فلو كان الاسمُ هو المُسَمَّىٰ لكان كُلُّ اسمٍ منها إِلٰهاً ، ولكنَّ اللَّـهَ معنىً يُدَلُّ عليه بهذه الأَسماء ، وكُلُّها غيْرُهُ ...» (5). ودلالة الجميع واضحة على أَنَّ الأَسمآء الإِلٰهيَّة ـ ذاتيَّة كانت أَم فعليَّة ـ مخلوقات من عَالَم الأَسماء والصفات الإِلٰهيَّة ، وجميعها غير المُسَمَّىٰ بها ؛ صاحب: الذات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ، وهو (تقدَّس ذكره) : فوقها ، ومهيمن عليها ، ومُمدِّها ، وغني عنها ، وهي مفتقرةٌ إِليه جلَّ قدسه ، ولا إِستقلاليَّة لها عنه ولو بمقدار مثال حبَّة من خردلٍ أَزلاً وأَبداً ، فحقيقتها نظير: حقيقة الحرف؛ والصورة المرآتيَّة ؛ فإِنَّها قائمة بغيرها ، وصاحبة وجود طفيليّ ، كسائرالمخلوقات من هذه الجهة. ثُمَّ إِنَّه ينبغي الإِلتفات: أَنَّ لفظ وعنوان: (المعنىٰ) يُستعمل ويُطلق ويُراد به: تارة : الصُّورة الذهنيَّة المقصودة. وأُخرىٰ : الحقيقة والواقعيَّة الخارجيَّة المقصودة ، من باب : عنيت الشيء، أَي : قصدَّته . وهذا النحو من الإِستعمال هو مراد الإِمام صلوات الله عليه بقوله : «ولكنَّ اللَّـه ـ أَي : المُسَمَّىٰ ـ معنىً» أَي : حقيقة وواقعيَّة خارجيَّة يُعنىٰ ويُقصد ، و «يُدَلُّ عليه بهذه الأَسمآء». ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) في الكافي : (فهذه الأَسمآء الَّتي ظهرت). (2) في التوحيد المطبوع والكافي : (هو الله تبارك وتعالىٰ). (3) بحار الأَنوار ، 4 : 166/ح8. أُصول الكافي ، 1 : 78/ح1. مع اختلاف يسير. (4) بحار الأَنوار : 160/ح6. (5) أُصول الكافي ، 1 : 62/ح2