مَعَارِف إِلْهِيَّة : (290) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
04/11/2024
الدَّرْسُ (290) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه السَّادس و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « مقام الولاية الإِلهيَّة الْكُبْرَى لأَهل البيت عليهم السلام » ؛ فإِنّ مقام الولاية الإِلٰهيَّة الْكُبْرَى لسيِّد الأَنبياء ولسائرأَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الثابتة بالْبَيَانَات والأَدِلَّة الْوَحْيَانيَّة والعقليَّة المتواترة ، والحاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات أَرفع شأناً وأَخطر دوراً وأَعظم هولاً من دون قياس من إِمامتهم صلوات اللّٰـه عليهم السياسيَّة ، وحُجِّيَّتهم الإِلٰهيَّة في هذه النَّشْأَة الأَرضيَّة ؛ فإِنَّ الدولة الإِلٰهيَّة لا تقتصر على الحاكميَّة الإِلٰهيَّة في النَّشْأَة الأَرضيَّة ، وإِنَّما تعتمد على حاكميَّة اللّٰـه في طُرِّ العوالم وعلى سائر المخلوقات، وقد تقدم في الدرس السابق شطرمن هذا البحث ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان أَمير المؤمنين عليه السلام : «... وليبعثن اللّٰـه أَحياء من آدم إلى محمَّد صلى الله عليه واله كُلّ نبيٍّ مرسل ، يضربون بين يدي بالسيف هام الأَموات والأَحياء والثقلين جميعاً. فيا عجباً وكيف لا أَعجب من أَمواتٍ يبعثهم اللّٰـه أَحياء يُلبُّون زمرة زمرة بالتَّلبية : لبيكَ لبيكَ يا داعي اللّٰـه ... وإنَّ لي الكرَّة بعد الكرَّة ، والرَّجعة بعد الرَّجعة ، وأَنا صاحب الرَّجْعَات والكرَّات، وصاحب الصولات والنقمات ، والدولات العجيبات ... وَأَنا الحاشر إلى اللّٰـه ... وَأَنا صاحب الجنَّة والنَّار ، وأسكن أَهل الجنَّة الجنَّة ، وأسكن أَهل [النَّار] النَّار ، وإِلَيّ تزويج أَهل الجنَّة ، وإِلَيّ عذاب أَهل النَّار ، وإِلَيّ إِيَاب الخلق جميعاً ، وأَنا الْإِيَاب الَّذي يؤوب إِليه كُلّ شيء بعد القضاء ، وإِلَيّ حساب الخلق جميعاً ... وأنا المؤذن على الأَعراف ... وَأَنا خازن الجنان وصاحب الأَعراف ، وَأَنا ... الحُجَّة على أَهل السماوات والأَرضين وما فيهما وما بينهما ، وَأَنا الَّذي احتجَّ اللّٰـه به عليكم في ابتداء خلقكم ...» (1). ودلالته واضحة على شمول إِمامة أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم لجملة المخلوقات وسائر العوالم ، منها : عَالَم البرزخ ، وعَالَم الرَّجعة ـ آخرة الدُّنيا ـ ، وعَالَم القيامة ، وعَالَم الآخرة الأَبديَّة ـ الجنَّة والنَّار الأَبديَّتان ـ وعَالَم الذَّرِّ والميثاق ؛ وبقيَّة العوالم. 2ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن المُفضَّل بن عمر ، قال : «... فقلت له: يابن رسول اللّٰـه فَعَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام يدخل محبّه الجنَّة ومبغضه النَّار أَو رضوان ومالك ؟ فقال: ... فَعَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام إذاً قسيم الجنَّة والنَّار عن رسول اللّٰـه صلى الله عليه واله ، ورضوان ومالك صادران عن أَمره بأمر اللّٰـه تبارك وتعالىٰ ، يا مُفَضَّل ، خذ هذا فإنَّه من مخزون العلم ومكنونه ، لا تخرجه إِلَّا إِلى أَهله»(2). ودلالته قد اتَّضحت. / هول وعظمة وخطر ولاية الزهراء عليها السلام الإِلهيَّة/ ومنه يتَّضح : أَنَّ بيانات الوحي الظافرة الوافرة بعدما رسمت لفاطمة الزهراء صلوات اللّٰـه عليها مَوْقِعِيَّة في الدِّين ؛ فلا تكون ولايتها ولاية إِمامة سياسيَّة مختصَّة بهذه النشأة الأَرضيَّة ، بل ولاية إِلٰهيَّة كُبْرَى شاملة لجملة العوالم وطُرّ المخلوقات. ومن ثَمَّ ليس من المناسب للباحث في علم الكلام وغيره التساؤل عن ثبوت إِمامتها السياسيَّة في هذه النشأة ، فإِنَّ ما تتمتَّع به صلوات اللّٰـه عليها من ولاية إِلٰهيَّة كُبْرَى هي أَعظم خطراً وأَرفع شأناً أَعْلَى مقاماً من دون قياس من الإِمامة السياسيَّة ؛ والرسالات الإِلٰهيَّة الأَرضيَّة ، مع أَنَّ الثابت في بيانات الوحي والمُسلَّمات العقائديَّة والفقهيَّة : أَنَّ لها صلوات اللّٰـه عليها أَدواراً في حكومة سيِّد الأَنبياء وحكومة أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليهما وعلى آليهما السياسيَّتين في عَالَم آخرة الدُّنيا (الرَّجعة). وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 53 : 46 ـ 49/ح20. (2) المصدر نفسه ، 39 : 194 ـ 196/ح5. علل الشرائع : 65