الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (200 ـ 400 ) المقصد الأَوَّل / الباب الأَوَّل | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (297) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (297) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /

11/11/2024


الدَّرْسُ (297) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « تفسير أَسماء وصفات وأَفعال أَهل البيت عليهم السلام بلغة حضاريَّة » ؛ فإِنَّه بعدما كانت حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة موجودات في عوالم علويَّة صاعدة ، وكانت أَسماء وصفات إِلٰهيَّة حاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتُديرها وتُدبِّر أُمورها وشؤونها وأَحوالها كانت أَسمائهم صلوات اللّٰـه عليهم وأَوصافهم وأَفعالهم منظومة ودورة معارف ؛ يبلغ المُتدبِّر بها أَعالي الجنان ، ويسبح ويغور في بحور عوالم معارف غير متناهية. وعليه : فينبغي أَنْ لا تُفسَّر ولا تُقرأ بسطحيَّة وبلغة جافَّة؛ وأَنْ لا تُحصر بالبُعد النَّفسي والفردي ، بل لا بُدَّ أَنْ تُفسَّر وتُقرأ بتفسير وقراءة عصريَّة حضاريَّة ، وبالبُعد المجتمعي والأُممي والحضاري الإِلٰهيّ ، وبالبُعد العوالمي الشَّامل لجملة عوالم الخلقة ومخلوقاتها غيرالمتناهية. وخذ على ذلك الأَمثلة التالية : لازال الكلام في المثال الأَوَّل ، وكان تحت عنوان : « شجاعة أَهل البيت عليهم السلام شجاعة قيادة إِلهيَّة » ؛ فإِنَّها وإِنْ كانت تحتاج إِلى عضلات بدنيَّة ، وجرأة نفسيَّة وروحية وعقليَّة وغيرها من الأَبعاد الفرديَّة ، لكنَّها لا تقتصر على ذلك ، بل هي شجاعة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة وقيادة إِلٰهيَّة ؛ يتحمَّلون (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) فيها مصير أَجيال جملة المخلوقات وفي طُرِّ العوالم ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، والنقول التأريخيَّة ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل والنَّقْلِ التَّارِيخِيِّ التَّاسع : 9ـ عن سلمان الفارسي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قال : «... قلنا : يا أَمير المؤمنين ، من هؤلاء ؟ قال: بقيَّة قوم عاد ، كُفَّار لا يؤمنون باللّٰـه (عزَّوجلَّ) أَحببتُ أَن أُريكم إِيّاهم ، وهذه المدينة وأَهلها أُريد أَنْ أهلكهم وهم لا يشعرون . قلنا : يا أمير المؤمنين ، تهلكهم بغير حُجَّة ؟ قال: لا ، بل بحُجَّةٍ عليهم. فدنا منهم وترآءىٰ لهم ، فَهَمُّوا أَنْ يقتلوه ، ونحن نراهم وهم يرون(1)، ثُمَّ تباعد عنهم ودنا مِنَّا ، ومسح بيده على صدورنا وأَبداننا وتكلَّم بكلماتٍ لم نفهمها ، وعاد إِليهم ثانية حتَّىٰ صار بإِزائهم وصعق فيهم صعقة. قال سلمان : لقد ظننَّا أَنَّ الأَرض قد انقلبت ، والسَّمآء قد سقطت ، وأَنَّ الصَّواعق مِنْ فيه قد خرجت، فَلَمْ يَبْقَ منهم في تلكَ السَّاعة أَحد ، قلنا : يا أمير المؤمنين ، ما صنع اللّٰـه بهم ؟ قال : هلكوا وصاروا كُلَّهم إِلى النَّار. قلنا : هذا معجز ، ما رأينا ولا سمعنا بمثله. فقال عليه السلام: أَتريدون أَنْ أُريكم أَعجب من ذلك ؟ فقلنا: لا نطيق بأسرنا على احتمال شيء آخر ، فَعَلَىٰ مَنْ لا يتوالاك ؛ ويؤمن بفضلكَ وعظيم قدرك على اللّٰـه عزَّوجلَّ لعنة اللّٰـه ، ولعنة اللاعنين والملائكة والخلق أَجمعين إِلى يوم الدِّين ...»(2). 10ـ ما ورد عن أَبي بكر مُخاطباً عمر ، ومُحذِّراً إِيّاه من أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه : «... ناشدتك اللّٰـه يا عمر لَـمَا تركتني من أَغاليطكَ وتربيدكَ ، فواللّٰـه لو هَمَّ بقتلي وقتلكَ لقتلنا بشماله دون يمينه ، وما ينجينا منه إِلَّا ثلاث خصال ... أَنسيت له يوم أُحد وقد فررنا بأَجمعنا ، وصعدنا الجبل ، وقد أَحاطت به ملوك القوم وصناديدهم ، موقنين بقتله ، لا يجد عنه محيصاً للخروج من أَوساطهم ، فلَمَّا أَنْ سدَّد القوم رماحهم نكس نفسه عن دابَّته حتَّىٰ جاوزه طعان القوم ، ثُمَّ قام قائماً في ركابه وقد طرق عن سرجه ... ثُمَّ عهد إِلى رئيس القوم فضربه ضربة على رأسه فبقي على فكٍّ ولسان ، ثُمَّ عمد إِلى صاحب الراية العظمىٰ فضربه ضربة على جمجمته ففلقها ، فمرَّ السيف يهوي في جسده فبرأه ودابَّته نصفين ، فلَمَّا أَن نظر القوم إلى ذلك انحطوا من بين يديه ، فجعل يمسحهم بسيفه مسحاً حتَّىٰ تركهم جراثيم خموداً على تلعةٍ من الأَرض ، يتمرَّغون في حسرات المنايا ، يتجرَّعون كؤوس الموت ، قد اختطف أَرواحهم بسيفه ، ونحن نتوقَّع منه أَكثر من ذلك ، ولم نكن نضبط أَنفسنا من مخافته ، حتَّىٰ ابتدأتَ أَنتَ إِليه فكان منه إِليك ما تعلم، ولولا أَنَّه أَنزل اللّٰـه إِليه آية من كتاب اللّٰـه لَكُنَّا من الهالكين ، وهو قوله : [وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ](3)...»(4). ودلالته ـ كدلالة سوابقه ـ واضحة. ثُمَّ إِنَّه ينبغي الْاِلْتِفَات في المقام إِلى النقاط الثلاث التَّالية : الأُوْلَىٰ : أَنَّ هناك مُميِّزات وخصائص ونعوت اختصَّ بها أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه من بين جملة الخلائق ، منها : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) في المصدر : (وهم لا يروننا). (2) بحار الأَنوار ، 27 : 33 ـ 40/ح5. (3) النحل : 96. (4) بحار الأَنوار ، 29 : 140 ـ 145/ح30. الإِحتجاج ، 1 : 127 ـ 130