الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة ، من الدرس (200 ـ 400 ) المقصد الأَوَّل / الباب الأَوَّل | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (299) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (299) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /

13/11/2024


الدَّرْسُ (299) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « تفسير أَسماء وصفات وأَفعال أَهل البيت عليهم السلام بلغة حضاريَّة » ؛ فإِنَّه بعدما كانت حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة موجودات في عوالم علويَّة صاعدة ، وكانت أَسماء وصفات إِلٰهيَّة حاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتُديرها وتُدبِّر أُمورها وشؤونها وأَحوالها كانت أَسمائهم صلوات اللّٰـه عليهم وأَوصافهم وأَفعالهم منظومة ودورة معارف ؛ يبلغ المُتدبِّر بها أَعالي الجنان ، ويسبح ويغور في بحور عوالم معارف غير متناهية. وعليه : فينبغي أَنْ لا تُفسَّر ولا تُقرأ بسطحيَّة وبلغة جافَّة؛ وأَنْ لا تُحصر بالبُعد النَّفسي والفردي ، بل لا بُدَّ أَنْ تُفسَّر وتُقرأ بتفسير وقراءة عصريَّة حضاريَّة ، وبالبُعد المجتمعي والأُممي والحضاري الإِلٰهيّ ، وبالبُعد العوالمي الشَّامل لجملة عوالم الخلقة ومخلوقاتها غيرالمتناهية. وخذ على ذلك الأَمثلة التالية ،لازال الكلام في المثال الأَوَّل ، وكان تحت عنوان : « شجاعة أَهل البيت عليهم السلام شجاعة قيادة إِلهيَّة » ؛ فإِنَّها وإِنْ كانت تحتاج إِلى عضلات بدنيَّة ، وجرأة نفسيَّة وروحية وعقليَّة وغيرها من الأَبعاد الفرديَّة ، لكنَّها لا تقتصر على ذلك ، بل هي شجاعة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة وقيادة إِلٰهيَّة ؛ يتحمَّلون (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) فيها مصير أَجيال جملة المخلوقات وفي طُرِّ العوالم ، وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، والنُّقول التأريخيَّة، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل والنَّقْلِ التَّارِيخِيِّ التالي : 11ـ ما ورد عن أَبي واثلة(1) شقيق بن سلمة ، قال : «كنتُ أُماشي عمر بن الخطَّاب إِذْ سمعتُ منه همهمة ، فقلتُ له : مه يا عمر ، فقال : ويحكَ، أَمَا ترىٰ الهزبر القثم ابن القثم الضَّارب بالبهم ، الشَّديد على مَنْ طغا وبغا(2) بالسَّيفين والراية ، فالتفتُ فإذا هو عَلِيُّ بن أبي طالب ، فقلتُ له : يا عمر ، هو عَلِيُّ بن أبي طالب ، فقال : ادن منِّي أُحدِّثُّكَ عن شجاعته وبطالته ، بايعنا النَّبيّ صلى الله عليه واله يوم أُحد على أَنْ لا نفرَّ ، وَمَنْ فَرَّ مِنَّا فهو ضال ، وَمَنْ قُتِلَ مِنَّا فهو شهيد ، والنَّبيّ صلى الله عليه واله زعيمه ، إِذْ حمل علينا مائة صنديد ، تحت كُلّ صنديدٍ مائة رَجُلٍ أَو يزيدون ، فأزعجونا عن طاحونتنا ، فرأيتُ عَلِيّاً كاللَّيث يَتَّقي الذر(3)، إِذْ قد حمل كفّاً مِنْ حصىٰ فرمىٰ به في وجوهنا ، ثُمَّ قال : «شاهت الوجوه ، وقُطَّت وبُطَّت ولُطَّت ، إِلى أَين تفرُّون ؟ إِلى النَّار ؟» فلم نرجع ، ثُمَّ كَرَّ علينا الثانية وبيده صفيحة يقطر منها الموت ، فقال : «بايعتم ثُمَّ نكثتم ، فواللّٰـه ، لأَنتم أَولىٰ بالقتل مِـمَّن أَقتُل» ، فنظرتُ إِلى عينيه كأَنَّهما سليطان يتوقَّدان ناراً ، أَو كالقدحين المملوّين دماً ، فما ظننتُ إِلَّا ويأتي علينا كلّنا، فبادرتُ أَنا إِليه من بين أَصحابي ، فقلت : يا أَبا الحسن ، اللّٰـه اللّٰـه ، فإنَّ العرب تفرّ وتكرّ ، وإِنَّ الكرَّة تنفي الفرَّة ، فكأنَّه استحيىٰ ، فولَّىٰ بوجهه عنِّي، فما زلتُ أُسَكِّن روعة فؤادي ، فواللّٰـه ما خرج ذلك الرُّعب من قلبي حتَّىٰ السَّاعة ...»(4). 12ـ احتجاجه صلوات اللّٰـه عليه في خبر الشورىٰ : «... نشدتكم باللّٰـه ، هل فيكم أَحَد قتل من بني عبد الدار تسعة مبارزة(5)، كلّهم بأخذ اللواء ، ثُمَّ جاء صُوأب الحبشي مولاهم وهو يقول : واللّٰـه لا أَقتُل بسادتي إِلَّا مُحمَّداً ، قد أَزبد شدقاه واحمرَّت عيناه ، فاتَّقيتموه وحُدتُم عنه ، فخرجتُ إِليه ، فلَمَّا أقبل كأنَّه قبَّة مبنيَّة ، فاختلفتُ أَنا و هو ضربتين ، فقطعته بنصفين ، وبقيت رجلاه وعجزه وفخذاه قائمة على الأَرض ، تنظر إِليه المسلمون ويضحكون منه؟ قالوا : اللَّهُمَّ ، لا»(6). 13ـ ما ورد في معركة صفين : «... وخرج العبَّاس بن ربيعة بن الحارث الهاشمي فأبلىٰ ... فقال معاوية : ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) هكذا في الكتاب ومصدره ، وفيه وهم ، والصحيح : أَبي وائل. راجع : التقريب ، وأسد الغابة ، وغيرهما. (البحار). (2) هكذا في نسخة المُصنِّف. وفيه تصحيف. والصحيح : إِمَّا : (طغىٰ وبغىٰ) ، كما في المصدر ، أَو (طغا وبغىٰ). والأَوَّل يأتي من اليائي والواوي كليهما. (حاشية البحار). (3) خ . ل : (الدرق). (4) بحار الأَنوار ، 20 : 52 ـ 53. (5) في المصدر : (مبارزة غيري). (6) بحار الأَنوار ، 20 : 69/ح4. الخصال ، 2 : 121 و 124