مَعَارِف إِلْهِيَّة : (301) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / تَنْبِيهَات /
15/11/2024
الدَّرْسُ (301) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَة (المَسَائِلُ العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى التَّنْبِيه الثَّامن و السِّتَّيْن ، ولازال البحث فيه ، وكان تحت عنوان : « تفسير أَسماء وصفات وأَفعال أَهل البيت عليهم السلام بلغة حضاريَّة » ؛ فإِنَّه بعدما كانت حقائق أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم الصَّاعدة موجودات في عوالم علويَّة صاعدة ، وكانت أَسماء وصفات إِلٰهيَّة حاكمة على جملة العوالم وكافَّة المخلوقات غيرالمتناهية ، وتُديرها وتُدبِّر أُمورها وشؤونها وأَحوالها كانت أَسمائهم صلوات اللّٰـه عليهم وأَوصافهم وأَفعالهم منظومة ودورة معارف ؛ يبلغ المُتدبِّر بها أَعالي الجنان ، ويسبح ويغور في بحور عوالم معارف غير متناهية. وعليه : فينبغي أَنْ لا تُفسَّر ولا تُقرأ بسطحيَّة وبلغة جافَّة؛ وأَنْ لا تُحصر بالبُعد النَّفسي والفردي ، بل لا بُدَّ أَنْ تُفسَّر وتُقرأ بتفسير وقراءة عصريَّة حضاريَّة ، وبالبُعد المجتمعي والأُممي والحضاري الإِلٰهيّ ، وبالبُعد العوالمي الشَّامل لجملة عوالم الخلقة ومخلوقاتها غيرالمتناهية. وخذ على ذلك الأَمثلة التالية ، وصل الكلام الى المثال التالي : / زهد أَهل البيت عليهم السلام زهد قيادة إِلهيَّة / المثال الثَّاني : (زهد أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم) ؛ فإِنَّه ليس زهداً نفسيّاً فرديّاً ، بل زهد أُممي ومجتمعي وحضاري ؛ وزهد قيادة إِلٰهيَّة ، ونظام تدبير إِلٰهي لجملة العوالم وكافَّة المخلوقات ، مُنطلِق من الأَسمآء والصفات والفضائِل الإِلٰهيَّة. / أَمانة أَهل البيت عليهم السلام / المثال الثَّالث : (أَمانتهم صلوات اللّٰـه عليهم) : فإِنَّها ليست فرديَّة وبُعداً نفسيّاً ، بل أَمانة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة وأَمانة قيادة إِلٰهيَّة ، يُتحمَّل فيها مصير طُرّ العوالم وسائر المخلوقات ، مُنطلِقة من الأَسمآء والصفات والفضائل الإِلٰهيَّة. / عطف أَهل البيت عليهم السلام / المثال الرابع : (عطفهم ورأفتهم صلوات اللّٰـه عليهم) ؛ فإِنَّها ليست فرديَّة وذا بُعد نفسي فحسب ، بل عطف ورأفة أُمميَّة ومجتمعيَّة وحضاريَّة ، وعطف ورأفة قيادة إِلٰهيَّة ، وكفاءة نظام اقتصادي شامل لجملة أَرجاء الدولة الإِسلاميَّة الإِلٰهيَّة ؛ الشَّاملة لطرِّ العوالم وجميع المخلوقات ، مُنطلِقة من الأَسماء والصفات والفضائل الإِلٰهيَّة ، تشمل كافَّة طبقات المخلوقات المحرومة. / عدل أَهل البيت عليهم السلام / المثال الخامس : (عدلهم صلوات اللّٰـه عليهم) ؛ فإِنَّه ليس فرديّاً ونفسيّاً فحسب ، وإِنَّما عدل أُمَّة ومجتمع وحضارة ، وعدل إِدارة وقيادة ومنظومة إِلٰهيَّة ، وكفاءة نظام إِدارة وقيادة عادلة شامل لكافَّة أَرجاء الدولة الإِسلاميَّة الإِلٰهيَّة ؛ الشاملة لكلِّ العوالم وجملة المخلوقات ، مُنطلِقة من الأَسمآء والصفات والفضائل الإِلٰهيَّة. / بيعة الغدير لأَهل البيت عليهم السلام في الحاضرة الدوليَّة في العصر الراهن / ومن كُلِّ ما تقدَّم تتَّضح : فلسفة سجود وخضوع أَرواح وعقول نُخب البشريَّة في العصر الراهن ، وإِقرارها : بيعة غدير أُخرىٰ لأَمير المؤمنين ولسائر أَهل البيت الأَطهار صلوات اللّٰـه عليهم في أَروقة الأُمم المُتَّحدة على عهده صلوات اللّٰـه عليه لمالك الأَشتر رضوان اللَّـه عليه : «... ثُمَّ اعْلَم يا مالك ... النَّاس ... صنفان : إِمَّا أَخٌ لَكَ في الدِّين ، وإِمَّا نظيرٌ لَكَ في الخَلْقِ ...»(1) (2). وهذه أُمميَّة أَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم لا يصحُّ تفسيرها ببعد فرديٍّ أَو نفسيٍّ. / صفة : (كظم الغيظ) / وعلى هذا قس : سائر أَسماء وصفات وفضائل أَهل البيت عليهم السلام كـ : (صفة كظم الغيظ) ، فإِنَّ ما جرىٰ على الإِمام موسىٰ بن جعفر عليهما السلام في السجن ومكابدته ومعاناته ينبغي أَنْ لا يقتصر تفسيرها على البعد الفردي والنفسي ، ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) نهج البلاغة ، المختار من كتب أَمير المؤمنين عليه السلام ورسائله : 450 ـ 451/ 53 ، من عهد له عليه السلام ، كتبه للأشتر النخعي رضوان اللَّـه عليه. (2) إِنَّ أَمير المؤمنين صلوات اللّٰـه عليه بيَّن في عهده هذا لمالك الأشتر رضوان اللَّـه عليه : كيفيَّة اللولب النسقي بين وظائف وأجنحة وأَعضاء الدولة. وبعدما يقرب من أَلف وأَربعمائة عام أَبصرت نخب البشر لما يقرب من مئتي دولة في الأُمم المُتَّحدة : أَنَّ في هذا العهد خارطة مستقبليَّة لإِدارة تنمية حضارة البشر. وهذا يُدلِّل ـ بعدما وصلت عقليَّة البشر في العصر الراهن في كيفيَّة إِدارة الدولة إِلى الحكومة الالكترونيَّة، وهي أَحد آليَّات الإِنسيابيَّة ـ على أَنَّ ما ذكره صلوات اللّٰـه عليه في هذا العهد معادلات جبَّارة