معارف ألهية (13)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ
28/01/2024
الدرس : (13)/ بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين .لازال البحث في تفسير بيان اميرالمؤمنين صلوات الله عليه : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »، ومر انه لتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، تم الكلام عن المُقدِّمة الاولى في الدرس (6 ـ 8 ) ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ) ، وعن المُقدِّمة الثانية في الدرس (9 ـ 10 )، وكانت تحت عنوان : (الصفات والأسمآء الإِلهيَّة مخلوقات إِلهيَّة) ، ووصل بنا البحث في الدرس (11 ) الى المُقدِّمة الثالثة ، وكانت تحت عنوان ( طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة صفات وأَسماء إِلهيَّة ) ، وقد تقدمت بيانات و ادلة هذه المُقدِّمة ، ووصلنا ( بحمد الله تعالى ) الى العنوان التالي : ومن كُلِّ ما تقدم تتَّضح : كثير من بيانات الوحي ، وصل الكلام بنا الى البيان الرابع : 4ـ بيانه عليه السلام أَيضاً في رسالته إِلى سهل بن حنيف & : «... واللَّـه ، لو تظاهرت العرب على قتالي لَـمَا ولَّيت ، ولو أَمكنتني الفرصة من رقابهم لَـمَا بقَّيت ...»(1). ودلالته قد اتَّضحت أَيضاً ؛ فإِنَّه بعدما كانت طبقات حقيقة أَمير المؤمنين صلوات الله عليه النازلة ظهورات وتجلِّيات لطبقات حقيقته المتوسطة ، وطبقات حقيقته عليه السلام المتوسطة ظهورات وتجلِّيات لطبقات حقيقته الصَّاعدة ، ولَـمَّا كانت طبقات حقيقته صلوات الله عليه الصاعدة صفات وأَسماء إِلٰهيَّة ـ كـ : اسم : (المنتقم)(2) و(الضَّار) و(المقتدر) و(القوي) و(المقيت) و(المذل) و(المُتكبِّر) و(القهَّار) ـ أَمكن لو أُتيحت له الفرصة من رقاب مَنْ خالفه من العرب لَـمَا أَبقىٰ منها عين ولا أَثر. وهذا ما يُوضِّح : نكتة ما ورد من أَحوال أَهل البيت عليهم السلام العظيمة المهولة العجيبة الغريبة من أَصحاب الدائرة الإِصطفائيَّة الأُولىٰ ـ الأَربعة عشر معصوماً ـ وأَصحاب الدائرة الإِصطفائيَّة الثانية من بني هاشم ، كأَبي الفضل العبَّاس عليه السلام ؛ فإِنَّه ورد في حقِّه أَنَّه قتل في يوم العاشر من المحرَّم مقتلة عظيمة من جيش يزيد بن معاوية (عليهم اللعنة) ، فإِنَّه عليه السلام بعدما كان من أَصحاب الدائرة الإِصطفائيَّة الثَّانية كان باباً من أَبواب أَصحاب الدائرة الإِصطفائيَّة الأُولىٰ ، فتكون طبقات حقيقته النَّازلة والمتوسطة والصَّاعدة تجلِّيات وظهورات لطبقات حقائقهم صلوات الله عليهم ، فيكون عليه السلام وطبقات حقيقته اسم الإِسم الإِلٰهي ، وآية عظمىٰ للآيات الإِلٰهيَّة الأَعظم ؛ طبقات حقائق أَهل البيت صلوات الله عليهم الصَّاعدة ، فتصدر منه تلك الشؤون والأَفعال من دون حزازة ولا شبهة ولا إِشكال ، بعدما كان الجميع فيض من ساحة القدس الإِلٰهيَّة ، ومن ثَمَّ لا يُقاس فعله عليه السلام وفعلهم صلوات الله عليهم بأَفعال البشر. ولا يُقال ما يقوله بعض أَصحاب المنابر ؛ وأَنَّه لو جيء بأَربعة آلاف دجاجة ـ مثلاً ـ لاحتاج ذبح كُلّ واحدةٍ إِلى كذا من الوقت ، ولاحتاج المجموع إلى فترة أَوسع من زمان المعركة فكيف يُقال : إِنَّ أَبا الفضل العبَّاس قتل على المشرعة أَربعة آلاف فارس!! فإِنَّه يُقال : إِنَّ سنخ فعله عليه السلام وسنخ أَفعال سائرأَصحاب الدائرة الإِصطفائيَّة الثانية كسنخ أَفعال أَصحاب الدائرة الإِصطفائيَّة الأُولىٰ تختلف عن سنخ أَفعال سائر البشر. فانظر : بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان أَمير المؤمنين صلوات الله عليه : «... وصرتُ أَنا صاحب أمر النَّبيّ صلى الله عليه واله ، قال اللَّـه عزَّ وجلَّ : [يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ](3)» ، وهو : روح اللَّـه ... فمن أَعطاه اللَّـه هذا الروح فقد أَبانه من النَّاس ، وفوَّض إِليه القدرة ، وأَحيىٰ الموتىٰ ، وعلم بما كان وما يكون ، وسار من المشرق إِلى المغرب ، ومن المغرب إِلى المشرق في لحظة عين ، وعلم ما في الضمائر والقلوب ، وعلم ما في السَّماوات والأَرض ...»(4). ثانياً : بيانه صلوات الله عليه أَيضاً : «... والإِمام ... بشرٌ ملكيّ ، وجسدٌ سماويٌّ ، وأَمرٌ إِلٰهيٌّ ، وروحٌ قدسيٌّ ، ومقامٌ عَلِيٌّ ، ونورٌ جليٌّ ، وسرٌّ خفيٌّ ، فهو ملك الذَّات ، إِلٰهيُّ الصفات ... وهذا كُلّه لآل مُـحَمَّد لا يُشاركهم فيه مُشارك ...»(5). ثالثاً : بيانه صلوات الله عليه أَيضاً ، عن سلمان : «...قال : أتريدون أَنْ أُريكم عجباً ؟ قلنا : نعم ، قال : غُضُّوا أَعينكم ، ففعلنا ، ثُمَّ قال: افتحوها ، ففتحناها فإذا نحن بمدينة ما رأينا أَكبر منها ، والأَسواق فيها قائمة ، وفيها أُناس ما رأينا أَعظم من خلقهم على طول النخل ، قلنا : يا أمير المؤمنين من هؤلاء ؟ قال : بقيَّة قوم عاد ، كُفَّار لا يؤمنون باللَّـه (عزَّوجلَّ) أَحببتُ أَنْ أُريكم إِيّاهم ، وهذه المدينة وأَهلها أُريد أَنْ اهلكهم وهم لا يشعرون. قلنا : يا أَمير المؤمنين ، تهلكهم بغير حُجَّةٍ ؟ قال : لا ، بل بحُجَّة عليهم ، فدنا منهم وترآءىٰ لهم فهمُّوا أَنْ يقتلوه ... ثُمَّ تباعد عنهم ودنا مِنَّا ، ومسح بيده على صدورنا وأَبداننا ، وتكلَّم بكلمات لم نفهمها وعاد إِليهم ثانية حتَّىٰ صار بإِزائهم وصعق فيهم صعقة . قال سلمان : لقد ظننَّا أَنَّ الأَرض قد انقلبت ، والسَّماء قد سقطت ، وأَنَّ الصواعق من فيه قد خرجت ، فلم يبقَ منهم في تلك السَّاعة أحد . قلنا : يا أَمير المؤمنين ، ما صنع الله بهم ؟ قال: هلكوا وصاروا كُلّهم إِلى النَّار. قلنا : هذا مُعجز ، ما رأينا ولا سمعنا بمثله. فقال عليه السلام: أَتريدون أَنْ أُريكم أَعجب من ذلك ؟ فقلنا : لا نطيق بأسرنا على احتمال شيء آخر ، فعلىٰ من لا يتوالاك ، ويؤمن بفضلك وعظيم قدرك على الله (عزَّوجلّ) لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والخلق أَجمعين إِلى يوم الدِّين ...»(6). ودلالته ـ كدلالة سابقيه ـ واضحة. 5ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «واللَّـه ، إِنِّي لديَّان النَّاس يوم القيامة ... وإِنَّ جميع الرسل والملائكة والأَرواح خُلقوا لخلقنا ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 21 : 26/ح25. أَمالي الصدوق : 307. (2) المراد من الاسم الإِلٰهي : (المنتقم) : تطهير الأَرض من أَسباب الشرّ والشرور ، والفساد والمفسدين. وليس المراد منه : الإِنتقام والتشفِّي ؛ فإِنَّه (عزَّوجلَّ) لا يحتاج إلى خلقه ؛ كيما ينتقم ويتشفَّىٰ منهم. وعلى هذا قس سائر أَسماء الجلال الإِلٰهيَّة. (3) غافر : 15. (4) بحار الأَنوار ، 26 : 1ـ 7/ح1. (5) بحار الأَنوار ، 25 : 169 ـ 174/ح38. (6) المصدر نفسه، 27 : 33ـ 40/ح5. المحتضر : 71 ـ 76