مَعَارِف إِلْهِيَّة : (384) ، مَسَائِلُ وفَوَائِدُ وقَوَاعِدُ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَة / فَوَائِدٌ
06/02/2025
الدَّرْسُ (384) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد العقائديَّة والمعرفيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد علميَّة ومعرفيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية: / الْفَائِدَةُ : (58) / / العقل الكُلِّيُّ والجُزْئِيُّ / ينبغي الِالتفات: أَنَّ العقل المُدبِّر لعَالَم الأَكوان يُسمَّىٰ: «عقلاً كُلِّيّاً». والمراد من الكُلِّيَّة في المقام: السَّعَة والإِحاطة والكمال والهيمنة الوجوديَّة التَّكوينيَّة، وإِلَّا فعقلاً جزئيّاً. وبعبارة أُخرىٰ: أَنَّ المراد من العقل الكُلِّيّ ذلك العقل الَّذي له اِرتباط بنفس كُلِّيَّة. والمراد من العقل الجزئيّ ذلك العقل الَّذي له اِرتباط بنفس جزئيَّة. ومعناه: أَنَّ صفة الكُلِّيَّة والجزئيَّة تكون بلحاظ المُتأثِّر والقابل والمُنْفَعِل بالعقل؛ وهو النَّفس؛ فإِنَّه إِنْ كانت نفساً كُلِّيَّة سُمِّي العقل المُرتبط والمُؤثِّر بها عقلاً كُلِّيّاً، وإِنْ كانت ـ النَّفس ـ جزئيَّة سُمِّي العقل المُرتبِط والمُؤثِّر بها عقلاً جزئيّاً. وإِلَّا فحقيقة العقل: جوهر مُجرَّد تجرُّداً نسبيّاً(1) ذاتاً وفعلاً؛ في عَالَم فوق عَالَم الآخرة الأَبديَّة وتحت العرش، ولا يحتاج في أَصل وجوده ولا فعليَّته وفعله إِلى نفسٍ أَو بدن أَو شيء آخر يحلُّ فيه. وَإِنْ شِئْتَ فَقُل: المراد من العقل الكُلِّيِّ والعقول الكُلِّيَّة في اِصطِلاح أَبواب المعارف والمباحث العقليَّة ليس الكُلِّيَّ المنطقي ـ أَعني: المفهوم القابل للإِنطباق علىٰ أَكثر مِنْ مصداق ـ بل الكُلِّيّ باِصطِلَاح علم الِاقتصاد ـ أَعني: الكُلّ، أَي: السَّعَة والإِحاطة والشُّموليَّة الخارجيَّة. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) يجدر الاِلتفات في المقام إِلى القضايا الثَّلاث التَّالية: /القضيَّة الأُولَىٰ:/ /للعقل مادَّة وصورة عقليَّة/ إِنَّه وإِنْ لم تكن للعقل أَبعاد الجسم الثَّلاثة ـ الطول والعَرَض والعمق (الارتفاع) ـ لكنَّ له مادَّة لطيفة وصورة، لكنَّها ليست صاحبة أَبعاد جغرافيَّة، فهو وإِنْ لم يكن جسماً بالمعنىٰ الأَوَّل ـ أَي: صاحب الأَبعاد الثَّلاثة ـ لكنَّه جسم بالمعنىٰ الثَّاني ـ أَي: صاحب مادَّة وصورة ؛ليست لها الأَبعاد الجغرافيَّة الثَّلاثة ـ، فالتفت، وتأَمَّل جيِّداً. /القضيَّة الثَّانية:/ /مُصْطَلَح وعنوان (المادَّة)/ إِنَّ مُصْطَلَح وعنوان (المادَّة) : يُطلق في العلوم التَّجريبيَّة ويُراد منه: الطاقة المُتَكثِّفَة. ويُطلق في العلوم العقليَّة ويُراد منه: جوهر مُتَّصف بأَبعاد الجسم الثلاثة ـ الطول والعَرَض والعمق ـ، وحينئذٍ يكون قابلاً للإِنقسام، فتكون له صورة. والْحَقُّ : أَنَّ مُصْطَلَح وعنوان (المادَّة)أَعَمُّ من ذلك ، ولا ينحصر بأَبعاد الجسم الثلاثة ، كما سَيَتَّضِح (إِنْ شَآءَ اللَّهُ تَعَالَى)في القضيَّة التالية . /القضيَّة الثَّالثة:/ /حقيقة (المادَّة)/ /المادَّة جسمانيَّة وغير جسمانيَّة كالعقليَّة/ المُرَاد من المادَّة ـ سوآء كانت جسمانيَّة أَو غيرها ـ في المباحث العقليَّة: وجود قوَّة وقابليَّة علىٰ التكامل والنَّمو والتطوُّر والِاشْتِدَاد الكمالي. وعليه: فالمادَّة الجوهريَّة لا تلازم الأَبعاد الجسمانيَّة ـ خلافاً لأَكثر الفلاسفة والُمتكلِّمين؛ فإِنَّهم بَنَوا علىٰ التَّلازم ـ ومن ثَمَّ يمكن تصوُّر مادَّة عقليَّة تتكامل من خلالها العوالم والنَّشَآت قبل هذا العَالَم وبعده