الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة | معارف ألهية(24)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ

معارف ألهية(24)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ

08/02/2024


الدرس : (24)/ بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين .لازال البحث في تفسير بيان اميرالمؤمنين صلوات الله عليه ـ الكاشف عن بعض طبقات حقيقته الصاعدة ـ : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »، ومر انه لتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، تم الكلام عن المُقدِّمة الاولى في الدرس (6 ـ 8 ) ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ) ، وعن المُقدِّمة الثانية في الدرس (9 ـ 10 )، وكانت تحت عنوان : (الصفات والأسمآء الإِلهيَّة مخلوقات إِلهيَّة) ، وعن المُقدِّمة الثالثة في الدرس (11 ـ 20 )، وكانت تحت عنوان ( طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة صفات وأَسماء إِلهيَّة ) ، وعن المُقدِّمة الرابعة في الدرس (21 )، وكانت تحت عنوان : ( حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة فوق الصفات والأَسماء الحسنى ) ، ووصلنا في الدرس (22 )الى المُقدِّمة الخامسة ، وكانت تحت عنوان : (تجلِّي الصفات والأَسمآء الإِلهيَّة في حقائق أَهل البيت عليهم السلام ) ، والى ما تقدم من بحث في هذه المقدمة تشير كثير من بيانات الوحي ، سنذكر(إِنْ شآء الله تعالىٰ) ثلاثة منها ، لازال البحث في البيان الاول ، وهو بيان امير المؤمنين عليه السلام : « ...لا تجعلونا اربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم ؛ فانكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته ... » ودلالته قد اتضحت ؛ فان جملة الصفات والاسماء الالهية قد انعكست وظهرت وتجلت في حقائق اهل البيت عليهم السلام الصاعدة الا الالوهية ؛ لخروجها موضوعا وتخصصا ، ومن تلك الصفات والاسماء الالهية : (عدم التناهي ) ، واستحالة احاطة المتناهي بغير المتناهي ، ووصل الكلام بنا ( بحمد الله تعالى ) في هذه المُقدِّمة الى البحث التالي : وهذا ما قرَّره أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم في قاعدة معرفيَّة وعقليَّة جزلة وبديهيَّة ، خطيرة الثمار ، عظيمة الفائدة ، يأتي (إِنْ شاء اللَّـه تعالىٰ) التَّعَرُّض لبيانها وبيان أَدلَّتها (1)، وهي : (أَنَّ مَنْ وصف شيئاً بكُنْه كان أَعظم من الموصوف). وهذه القاعدة الشَّريفة تنحلُّ إِلى قاعدتين : الأُولىٰ : (أَنَّ مَنْ وصف شيئاً بالكُنْه فقد أَحاط به). الثَّانية : (أَنَّ مَنْ أَحاط بشيءٍ كان أَعظم منه). والمراد من الإِحاطة في هذه القاعدة : أَعمُّ من التَّجرُّديَّة والعقليَّة والجسميَّة(2). وهذه القاعدة غفلت عنها أَجيال العلماء ، بل لم يُسلِّم بها فلاسفة الإِماميَّة فضلاً عن غيرهم مع بداهتها ، نعم سلَّم بها أَهل المعرفة ؛ اقتباساً من بيانات الوحي ، وتفطَّنوا إِلى إِشاراتها(3) الإِرشاديَّة ؛ وأَنَّ كُلَّ معرفةٍ بالذات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة لا تخرج عن الظُّهور والتَّجلِّي ، أَي : معرفة بالآيات ؛ ومن وجه. وعليه : فلا يمكن لجملة المخلوقات من رأس هرمها ؛ فعل اللَّـه ومخلوقه الأَوَّل : سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله فما دون وصف كُنْه (الذَّات الأَزليَّة المُقدَّسة) أَزلاً وأَبداً ، وعبر جملة العوالم والنَّشَآت ، وإِلَّا فدعوىٰ كفر وإِلحاد. وهذا أَحد تفاسير بيان قوله تعالىٰ: [وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ](4). نعم ، يمكن للمخلوق معرفته (سبحانه وتعالىٰ) من وجه ، ومن خلال أَسمائه وصفاته وأَفعاله وآثاره ، وهذه المعرفة على درجات غير متناهية. وعلى هذا قس معرفة فعل اللَّـه ومخلوقه الأَوَّل ؛ سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ؛ فإِنَّه لا يمكن لسائر جملة المخلوقات من فعل اللَّـه ومخلوقه الثاني أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه فما دون معرفته صلى الله عليه واله ووصفه بالكُنْه. وهذا ما أَشارت إِليه بيانات الوحي ، منها : بيان قوله تعالىٰ ذكره : [انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا](5). وهكذا الحال في معرفة فعل اللَّـه ومخلوقه الثاني ؛ أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه ؛ فإِنَّه لا يمكن لسائر جملة المخلوقات من فعل اللَّـه ومخلوقه الثالث فاطمة الزهراء صلوات اللَّـه عليها فما دون معرفته صلوات اللَّـه عليه ووصفه بالكُنْه. وهذا ما أَشارت إِليه بيانات الوحي أَيضاً ، منها : بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله مخاطباً أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه : «ما عرَفَكَ إِلَّا اللَّـه وأَنا»(6). وكذا الحال في معرفة فعل اللَّـه ومخلوقه الثالث ؛ فاطمة الزهراء صلوات اللَّـه عليها ؛ فإِنَّه لا يمكن لسائركافَّة المخلوقات ، وفي جملة عوالم الخلقة أَبد الآباد ودهر الدهور من فعل اللَّـه ومخلوقه الرَّابع الإِمام الحسن المجتبىٰ صلوات اللَّـه عليه فما دون معرفتها صلوات اللَّـه عليها ووصفها بالكُنْه. وعلى هذا قس احوال سائر أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم بحسب مراتبهم في الحُجِّيَّة. وإِلى جملة ذلك أَشارت بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، عن جابر بن عبداللَّـه الأَنصاري ، قال : «... فقلتُ : يا رسول اللَّـه ، هذه حالنا فكيف حالكَ و حال الأَوصياء بعدكَ في الولادة ؟ فسكت رسول اللَّـه صلى الله عليه واله مليّاً ثُمَّ قال : ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مَنْ أَراد الإِطِّلاع على بيان هذه القاعدة وبيان أَدلَّتها فليراجع ما سيأتي (إِنْ شاء اللَّـه تعالىٰ) في باب الأَسماء والصفات الإِلٰهيَّة في مسألة خاصَّة بها. (2) سيأتي (إِنْ شاء اللَّـه تعالىٰ) التعرُّض لأَنواع الإِحاطة وضروبها في المُقدّمة السابعة ؛ فانتظر. (3) مرجع الضمير : (بيانات الوحي). (4) آل عمران : 28. (5) الفرقان : 9. (6) مناقب آل أبي طالب ، 3 : 267. إِرشاد القلوب ، 2 : 209