الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة | معارف ألهية(25)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ

معارف ألهية(25)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ

09/02/2024


الدرس : (25)/ بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين .لازال البحث في تفسير بيان اميرالمؤمنين صلوات الله عليه ـ الكاشف عن بعض طبقات حقيقته الصاعدة ـ : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »، ومر انه لتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، تم الكلام عن المُقدِّمة الاولى في الدرس (6 ـ 8 ) ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ) ، وعن المُقدِّمة الثانية في الدرس (9 ـ 10 )، وكانت تحت عنوان : (الصفات والأسمآء الإِلهيَّة مخلوقات إِلهيَّة) ، وعن المُقدِّمة الثالثة في الدرس (11 ـ 20 )، وكانت تحت عنوان ( طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة صفات وأَسماء إِلهيَّة ) ، وعن المُقدِّمة الرابعة في الدرس (21 )، وكانت تحت عنوان : ( حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة فوق الصفات والأَسماء الحسنى ) ، ووصلنا في الدرس (22 )الى المُقدِّمة الخامسة ، وكانت تحت عنوان : (تجلِّي الصفات والأَسمآء الإِلهيَّة في حقائق أَهل البيت عليهم السلام ) ، والى ما تقدم من بحث في هذه المقدمة تشير كثير من بيانات الوحي ، سنذكر(إِنْ شآء الله تعالىٰ) ثلاثة منها ، لازال البحث في البيان الاول ، وهو بيان امير المؤمنين عليه السلام : « ...لا تجعلونا اربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم ؛ فانكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته ... » ودلالته قد اتضحت ؛ فان جملة الصفات والاسماء الالهية قد انعكست وظهرت وتجلت في طبقات حقائق اهل البيت عليهم السلام الصاعدة الا الالوهية ؛ لخروجها موضوعا وتخصصا ، ومن تلك الصفات والاسماء الالهية : (عدم التناهي ) ، واستحالة احاطة المتناهي بغير المتناهي ، وهذا ما اشار اليه بيان القاعدة المعرفية المتقدمة : « ان من وصف شيئا بكنهه كان اعظم من الموصوف » ، ووصل البحث ( بحمد الله تعالى ) الى المطلب التالي : وإِلى جملة ذلك أَشارت بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، عن جابر بن عبداللَّـه الأَنصاري ، قال : «... فقلتُ : يا رسول اللَّـه ، هذه حالنا فكيف حالكَ و حال الأَوصياء بعدكَ في الولادة ؟ فسكت رسول اللَّـه صلى الله عليه واله مليّاً ثُمَّ قال : يا جابر ، لقد سألت عن أمرٍ جسيم ، لا يحتمله إِلَّا ذو حظ عظيم ، إِنَّ الأَنبياء و الأَوصياء مخلوقون من نور عظمة اللَّـه جلّ ثنآؤه ... فأمرهم يجلُّ عن أَنْ يوصف ، وأَحوالهم تدّقُّ عن أَنْ تُعلم ؛ لأَنَّهم نجوم اللَّـه في أَرضه ... وأَنواره في بلاده ... يا جابر ، هذا من مكنون العلم ومخزونه ، فاكتمه إِلَّا من أَهله»(1). 2ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه : «... مَنْ ذا ينال معرفتنا أَو يعرف درجتنا أَو يشهد كرامتنا أَو يدرك منزلتنا ؟ حارت الأَلباب والعقول ، وتاهت الأَفهام فيما أَقول ، تصاغرت العظماء وتقاصرت العلماء ، وكلَّت الشعراء ، وخرست البلغاء ، ولكنت الخطبآء ، وعجزت الفصحآء ، وتواضعت الأَرض والسمآء عن وصف شأن الأَوليآء. وهل يُعرف أو يُوصف أو يُعلم أَو يُفهم أَو يُدرك أَو يُملك من هو شعاع جلال الكبريآء ، وشرف الأَرض والسَّمآء ؟ جلَّ مقام آل مُحمَّد صلى الله عليه واله عن وصف الواصفين ونعت الناعتين ، وأَنْ يُقاس بهم أَحد من العالمين ، كيف وهم الكلمة العليآء، والتَّسمية البيضاء ، والوحدانيَّة الكبرىٰ الَّتي أَعرض عنها من أَدبر وتولَّىٰ ، وحجاب اللَّـه الأَعظم الأَعلىٰ...»(2). 3ـ بيان الإِمام الصَّادق صلوات اللَّـه عليه ، عن مالك بن أَعين ، قال: «أَقبل إِلَيَّ أَبو عبداللَّـه عليه السلام فقال : ... يا مالك ، تراك فقد أَفرطت في القول في فضلنا ؟ إِنَّه ليس يقدر أَحد على صفة اللَّـه وكُنْه قدرته وعظمته ، فكما لا يقدر أَحد على كُنْه صفة الله وكُنْه قدرته وعظمته ، وللَّـه المثل الأَعلىٰ ، فكذلك لا يقدر أَحد على صفة رسول اللَّـه صلى الله عليه واله وفضلنا ، وما أعطانا اللَّـه ، وما أَوجبه من حقوقنا ...»(3). ودلالة الجميع واضحة. وبالجملة : مَنْ يتخيَّل إِمكانيَّة إِكتناه (الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة) ، أَو إِمكانيَّة إِكتناه حقائق وذوات : (الأَسماء والصفات الإِلٰهيَّة) أَو (الآيات الإِلٰهيَّة الكبرىٰ) أَو (المخلوقات العظمىٰ) طبقات حقائق أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم الصَّاعدة ولو كان ذلك تخيُّلا بسبر فكره وبقراءته ومطالعته للمباحث الفكريَّة والمعرفيَّة والعقائديَّة والفلسفيَّة فقد ارتطم ـ كما يرتطم الحمار بالطين ـ بالوهم والكفر والإِلحاد الجلي أَو الخفي شعر بذلك أَم لا ، ووقع في محذور الفرعونيَّة ، وصار جبتاً وطاغوتاً ، وصيَّر نفسه صنماً ليُعكف ويُطاف عليها. بعد الالتفات : أَنَّ حقيقة صنم الفكر تكمن في أَن يُجعل طواف الفكر حول غير المعصوم. ومن كُلِّ هذا تتَّضح : كثير من بيانات الوحي ، منها : بيان سيِّد الأَنبياء مخاطباً أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليهما وعلى آلهما : «ما عرفني إِلَّا اللَّـه وأنتَ»(4) ؛ فإِنَّ معرفة الباري (تبارك اسمه) بسيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله معرفة ووصف بالكُنْه ، ومعرفة أَمير المؤمنين عليه السلام به صلى الله عليه واله معرفة ووصف بوجه ، أَي : من خلال أَسمائه صلى الله عليه واله وصفاته وأَفعاله وآثاره. نعم ، المعرفة في بيان قوله صلى الله عليه واله مخاطباً أَمير المؤمنين عليه السلام أَيضاً : «ما عرفكَ إِلَّا اللَّـه وأَنا»(5) أَنَّ كلا المعرفتين بالكُنْه. بخلاف بيانه صلى الله عليه واله مخاطباً أَمير المؤمنين عليه السلام أَيضاً : «ما عرف اللَّـه إِلَّا أَنا وأَنتَ»(6) أَنَّ كلا المعرفتين من وجه ، ومن خلال الأَسمآء والصفات والأَفعال والآثار الإِلٰهيَّة. /خلط الملائكة بين الذات المُقدَّسة وحقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة/ ومن كُلِّ ما تقدَّم تتَّضح : نكتة حصول الخلط والإِشتباه لدىٰ جملة الملائكة عليهم السلام ـ منهم المُقرَّبين ؛ كـ : إِسرافيل وجبرئيل عليهما السلام ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 57 : 352 ـ 353/ح36. الفقيه : 589. (2) بحار الأَنوار ، 25 : 169ـ174/ح38. (3) بحار الأَنوار ، 71 : 226/ح18. المحاسن : 143. (4) مختصر بصائر الدرجات : 125. مناقب آل أَبي طالب ، 3 : 267. إِرشاد القلوب ، 2 : 209. (5) مختصر بصائر الدرجات : 125. (6) المصدر نفسه