مَعَارِف إِلْهِيَّة : (505) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ
07/06/2025
الدَّرْسُ (505) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (141) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « مُميِّزَات قوالب بيانات الوحي » ؛ فإِنَّ لقوالب بيانات الوحي مُـمَيِّزات ، منها : الأَوَّل : أَنَّها مرآة مهولة ، لا تنفد معانيها وحقائقها ، ولا تنتهي ولا تتناهىٰ عند حدٍّ أَزلاً وأَبداً . الثَّاني : أَنَّها تعصم شيئاً فشيئاً مَنْ يتمسَّك بها من الزَّيغ والزَّلل والِانحراف . الثَّالث : أَنَّها لا تدع لِمَنْ يتمسَّك بها ثغرةً ومجالاً للنقض عليه ، ويكون في حِصْنٍ حَصِين من تشكيك المُشَكِّكين ؛ وسهام المغرضين والمُعترضين ، وهذا ما تُشير إِليه بيانات وبراهين الوحي ، ووصل الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والبرهان السادس : 6ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن محمَّد الحلبي ، قال : « قال لي أَبو عبدالله عليه السلام : إِنَّه مَنْ عرف دينه من كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ زالت الجبال قبل أَنْ يزول ، ومَنْ دخل في أَمر بجهل خرج منه بجهلٍ ، قلتُ : وما هو في كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ ؟ قال : قول الله عَزَّ وَجَلَّ : [مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا](1) ، وقوله عَزَّ وَجَلَّ : [مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ](2) ، وقوله عَزَّ وَجَلَّ : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ](3) ، وقوله تبارك اسمه : [إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ](4)، وقوله عَزَّ وَجَلَّ : [فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا](5) ، وقوله عَزَّ وَجَلَّ : [يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ](6)، ومِنْ ذلك قول رسول الله لِعَلِيّ عليه السلام : «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاه فَعَلِيّ مولاه ، اللَّهُمَّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر مَنْ نصره ، واخذل مَنْ خذله ، وَأَحِبّ مَنْ أَحَبَّه ، وابغض من أَبغضه »(7) (8) . ودلالة الجميع واضحة. ... وتتمَّة البحث تاتي (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ . (1) الحشر: 7. (2) النساء: 80. (3) النساء: 59. (4) المائدة: 55. (5) النساء: 65. (6) المائدة: 67. (7) بحار الأَنوار، 23: 102ـ 103/ح11. بشارة المُصطفىٰ: 156ـ 157. (8) ) يَنْبَغِي صرف النظر في المقام إِلى النقطتين التَّاليتين : الْأُولَى : / خُطْبَةُ الغدير موسوعةٌ عِلْمِيَّةٌ ومَعْرِفِيَّةٌ تُروىٰ بعدَّة طُرق / إِنَّ خُطْبَة الغدير خُطْبَةٌ عظيمةٌ ، وموسوعةٌ عِلْمِيَّةٌ ومَعْرِفِيَّةٌ ووحيانيَّةٌ كاملةٌ ، ولها عِدَّة طُرُق، وفي كُلِّ طريقٍ تُروىٰ به جملة مقاطع لم تُذكر في الطُّرُق الأُخرىٰ. النقطة الثَّانية : / أَخَذ سَيِّد الْأَنْبِيَاء البيعة لأَمِير الْمُؤْمِنِينَ وسائر أَهْل الْبَيْتِ عليهم السلام مرَّات عديدة / إِنَّ سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَخَذَ البيعة لأَمِير الْمُؤْمِنِينَ ولسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ في غير موقعة الغدير كرَّات ومرَّات : أَحَدَها : في الأَيَّام الأُولىٰ من الدَّعوة السِّرِّيَّة البالغة خمس سنوات ، بحسب جملة من الروايات الحديثيَّة والتَّأريخية ، وحين نزل بيان قوله تعالىٰ : [وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ] [الشعراء : 214] ، وكانت هذه البيعة في نطاق بني هاشم ، وقد وردت في روايات متواترة عند الفريقين ، فعقد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مجلساً لثلاث مرَّات ضَمَّ أَربعين رجُلاً من كُبَّار بني هاشم . الأُخرىٰ : عقدها في نِطَاق المهاجرين . الثَّالثة : عقدها في نِطَاق ثلَّة من الأَنصار. وهلمَّ جرّاً، إِلى نهاية العهد النَّبويّ ، فأَخذها من أَبي طالبٍ وجعفرٍ وحمزةٍ عليهم السلام ، بل كان يأخذها صلى الله عليه واله في ليلة كُلّ غزوةٍ وحربٍ في نِطَاقٍ خاصٍّ، فأَخذها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ علىٰ أَمير المؤمنين وعلىٰ فاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر عليهم السلام ، بل وأَخذها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ في نِطَاقٍ عامٍّ بين المهاجرين والأَنصار، وفي مواطن عديدة وحسَّاسة. ثُمَّ إِنَّ جميع هذه البُيُوعَات ليست منشأً للإِلزام ـ فإِنَّه تَمَّ عِدَّة مرَّات في بداية عالم الخلقة ، فاخذت في عَالَم : الذَّرِّ ، والميثاق ، والأَصلاب وَهَلُمَّ جَرّاً ـ ، وإِنَّما هي تجديدٌ لذلك العهد وتوكيدٌ له. فلاحظ : بيانات الوحي المُشيرة لذلك ، منها : 1ـ بيان سَيِّد الْأَنْبِيَاء مُخاطباً أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِما وعلىٰ آلهما : «أَنْتَ الَّذي احتجَّ الله به في اِبتداء الخلق حيث أَقامهم فقال: [أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ]، قالوا جميعاً : [بَلَى] [الأَعراف: 172]، فقال : محمَّد رسولي ، فقالوا جميعاً : بلىٰ ، فقال : وعَلِيٌّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ، فقال الخلق جميعاً : لا ؛ اِستكباراً وعتوّاً عن ولايتكَ إِلَّا نفر قليل ، وهم أَقلّ القليل ، وهم أَصحاب اليمين ». بحار الأَنوار، 26: 285/ح43. اليقين: 46ـ 47. 2ـ بيان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « إِنَّ الله عرض ولايتي علىٰ أَهل السَّماوات وعلىٰ أَهل الأَرض ، أَقرَّ بها مَنْ أَقَرَّ وَأَنكرها مَنْ أَنكر ، أَنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتَّىٰ أَقَرَّ بها ». بحار الأَنوار، 26: 282/ح34. بصائر الدرجات: 22. 3ـ بيان الإِمام الباقر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، قال : « لو يعلم النَّاس متى سُمِّيَ عَلِيّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ لم ينكروا حقَّه . فقيل له : متى سُمِّيَ ؟ فقرأ : [وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى] الآية [الأَعراف: 172]، قال : مُحمَّد رسول الله صلى الله عليه واله ، وعَلِيّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ». بحار الأنوار، 26: 285/ح٤٤. اليقين: 55. 4ـ بيانه ( صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) أَيضاً : «إِنَّ الله تبارك وتعالىٰ حيث خلق الخلق ... قال: [أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ] [الأَعراف: 172]. قال: ثُمَّ أَخذ الميثاق علىٰ النَّبيِّين فقال : أَلستُ بربِّكم ؟ ... وأَنَّ هذا محمَّد رسول الله ، وَأَنَّ هذا عَلِيٌّ أَمير المؤمنين ؟ قالوا : بلىٰ ، فثبتت لهم النُّبوَّة ، وأَخذ الميثاق علىٰ أُولي العزم أَنِّي ربّكم ، ومُحمَّد رسول الله ، وَعَلِيّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وأَوصياؤه من بعده ولاة أَمري وخزَّان علمي ، وأَنَّ المهديّ أَنتصر به لديني ، وأظهر به دولتي ، وأَنتقم به من أَعدائي ، وأُعْبَد به طوعاً وكرها . قالوا : أَقررنا وشهدنا يا ربّ ، ولم يجحد آدم ولم يقرّ فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي ، ولم يكن لآدم عزم علىٰ الإِقرار به وهو قوله عَزَّ وَجَلَّ : [وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا] [طه: 115]». بحار الأنوار، ٢٦: ٢٧٩/ح22. بصائر الدرجات: 21. 5ـ بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « في قوله : [وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ] [الأَعراف: 172]، قال : أخرج الله من ظهر آدم ذرِّيَّته إِلى يوم القيامة كالذَّرِّ فعرَّفهم نفسه ، ولولا ذلك لم يعرف أَحد ربّه ، وقال : أَلَست بربِّكم ؟ قالوا : بلىٰ ، وأَنَّ محمَّداً رسول الله ، وَعَلِيّاً أَمير المؤمنين ». بحار الأَنوار، 26: 280/ح23. بصائر الدرجات: 21. ودلالة الجميع واضحة