مَعَارِف إِلْهِيَّة : (540) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ
13/07/2025
الدَّرْسُ (540) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الْفَائِدَةِ التالية : / الْفَائِدَةُ : (176)/ / تعدُّد الأَحْكَام التَّكوينيَّة باللِّحَاظِ الذِّهْنِي / إِنَّه قد يُعبَّر عن الأَحْكَام التَّكوينيَّة للجسمانيَّات بـ : (الأَحْكَام العقليَّة)، ومرادهم : الأَحْكَام التَّكوينيَّة الَّتي يُدْرِكها العقل . وهكذا قد يُعبَّر عن الأَحْكَام العقليَّة بـ : (الأَحْكَام التَّكوينيَّة)، ومرادهم أَيضاً : الأَحْكَام التَّكوينيَّة الَّتي يُدْرِكها العقل . إِذَنْ : سوآء عُبِّر عن هذه الأَحْكَام بـ : (الأَحْكَام العقليَّة) أَو بـ : (الأَحْكَام التَّكوينيَّة) فالمراد واحد. نعم هناك فارق بينهما باللِّحَاظ الذِّهْنِي ؛ فإِنَّ تسميتها بالأَحْكَام العقليَّة وذلك صفة للحُكْم بلحاظ آلة الِإدْرَاك ، وهو العقل ، فهذا وصف لآليَّة إِدْرَاك الحُكْم ، لا أَنَّه وصف لنفس الحُكْم ، بخلاف تسميتها بالأَحْكَام التَّكوينيَّة ؛ فإِنَّه وصف لنفس الحُكْم . وأَيضاً يُعبَّر عن الأَحْكَام التَّكوينيَّة بالأَحْكَام العقليَّة ؛ لتمييز الأَحْكَام التَّكوينيَّة الَّتي يُدْرِكها العقل من دون واسطة عن الأَحْكَام التَّكوينيَّة الَّتي يُدْرِكها العقل أَيضاً ؛ لكن بتوسُّط العلوم التَّجريبيَّة في العلوم الطَّبيعيَّة(1) ـ الفيزياء والكيمياء ـ فَيُدْرِكها العقل ، لكن بتوسُّط الآليَّات التَّجريبيَّة . وبالجملة : حقيقة أَحْكَام الفيزياء والكيمياء ليست أَحْكَاماً تجريبيَّة ، وإِنَّما أَحْكَامٌ تكوينيَّة أَيضاً ، لكنَّ العقل يُدْرِكها بتوسُّط التَّجربة ، وتُسَمَّىٰ أَحكاماً تجريبيَّة بلحاظ آليَّة الإِثبات والإِحراز والِاكتشاف . إِذَنْ : هذا الوصف ـ كالأَحْكَام العقليَّة ـ وصف لآليَّة إِدْرَاك الحُكْم ، لا أَنَّه وصف لحقيقة الحُكْم وذاته ، وإِلَّا فالحُكْم في الثَّلاثة واحدٌ ، وهو (الحُكْم التَّكويني). وبالجملة : الأَحْكَام التَّكوينيَّة قد يُعَبَّر عنها تارة بـ : (الأَحْكَام العقليَّة)، وأُخرىٰ بـ : (الأَحْكَام التَّكوينيَّة)، وثالثة بـ : (الأَحْكَام التَّجريبيَّة) والمراد واحدٌ . وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) يَنْبَغِي الْاِلْتِفَات في المقام إِلى الْأُمُور التَّالية : الأَوَّل : أَنَّ العلوم الطبيعيَّة ـ كعِلْمِ الفيزياء ـ مُؤثِّرة جِدّاً في علوم المعارف الإِلٰهيَّة ، وتُروِّض الباحث فيه بشكل أَعظم ، وهذا ما أَكَّدت عليه بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ في توحيد المُفَضَّل ؛ فإِنَّه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بدأ في البحوث الطبيعيَّة ـ كتشريح بدن : الإِنسان ، والحيوان ، والنبات ، ووظائف الأَعضاء ـ ليصل إِلى دفئ التَّدبير الملكوتي . ومعناه : أَنَّ الاِطِّلاع الثقافي على باب الطبيعيَّات والمُعَبَّر عنه حديثاً بـ : (العلوم التجريبيَّة) ـ والَّتي جرت سيرة الفلاسفة في أَبحاثهم وتصانيفهم من التَّعَرُّض إِليه ـ والاِطِّلاع على لباب علوم هذا الباب نافع جِدّاً . / نُكْتَة اِهتمام أَصحاب المدارس المعرفيَّة البشريَّة بمباحث الطَّبيعيَّات/ وبعبارة أُخرىٰ : قد تسأل عن سبب اِهتمام الفلاسفة والمتكلِّمين والعرفاء والصُّوفيَّة بمباحث الجسم والصُّورة وعوالم الجسمانيَّات ، فمع أَنَّها القسم الأَصغر من عَالَم التَّكوين والخلقة والمخلوقات والوجود ـ وغيرها هو الأَعظم هولاً وتكويناً وقدرة وكمالاًـ ، لكنَّهم خصَّصوا لها ـ تقريباً ـ ثلثي مباحث الأُمور العامَّة (الالٰهيَّات بالمعنىٰ الأَعم). والجواب : أَنَّ نُكْتَة ذلك الاهتمام مراعاة لحال الإِنسان ؛ فإِنَّ إِدراك المخلوق لِـمَا هو أَقرب إِليه يكون أَوضح لديه . ثُمَّ إِنَّ اتقان هذا المبحث بشكلٍ رياضيّ وهندسيٍّ ضروري جِدّاً . بعد الْاِلْتِفَات: أَنَّ ظاهره وإِنْ كان سهلاً لكنَّ في واقعه زوايا غامضة جِدّاً وصعبة المراس . فالتفت . إِذَنْ : الاِطِّلاع على نتائج البحوث الطبيعيَّة ومتابعتها ، والاِطِّلاع والأُنس بالعلوم الطبيعيَّة اجمالاً مفيد ومؤثِّر في علوم المعارف الإِلٰهيَّة ؛ لأَنَّها ـ العلوم الطبيعيَّة ـ فعل من أَفعال السَّاحة الإِلٰهيَّة المُقدَّسة . ثُمَّ إِنَّ الباحث حينما يتعرَّف على طبائع العلوم والطَّبائع المُختلفة تبدأ أَبواب المعرفة بالله ؛ ومعرفة توحيده وَأَسماءه وصفاته وأَفعاله (جلَّ قدسه) ومعرفة سائر أَبواب ومباحث التَّوحيد تنفتق لديه شيئاً فشيئاً . الثَّاني : أَنَّ عِلْم الفيزياء قديماً وحديثاً مُفيد لبحوث التَّوحيد ، بل لبحوث مُطلق المعارف الإِلٰهيَّة ؛ فإِنَّه لغةٌ علميَّةٌ . الثَّالث : أَنَّ عِلْم الفيزياء : عبارة عن خواص الأَجسام أَو المواد