الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الالهية ، من الدرس (401 ـ 600 ) المقصد الاول / المقدمة | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (547) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (547) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ

20/07/2025


الدَّرْسُ (547) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (181) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « القيمة العِلْميَّة للاِحتمال » ؛ فإِنَّ للتَّصَوُّرَات والِاحتمالات قيمة عِلْمِيَّة ، ملزمة للباحث في جملة العلوم ؛ لكون الحقيقة والواقعيَّة أَوْسَع نِطَاقاً وأُفْقاً بما لا يتناهىٰ من اِستِكْشَافات واِكْتِشَافَات القدرة والطَّاقَة البشريَّة ، كما اِعترف بذلك أَصحاب العلوم البشريَّة كالفلاسفة ، فمعرفة البشر للحقائق ليست بِوُسِعِ ما للحقيقة من سَعَةٍ . ومنه يتَّضح: أَنَّ الفلاسفة والعرفاء ومَنْ جرىٰ علىٰ شاكلتهم من الَّذين يتجنَّبون بيانات معارف الوحي ليست لديهم حياديَّة في البحث الْعِلْمِيِّ وَالْمَعْرِفِيِّ ، ولا يطلبون الحقيقة بما هي هي ، وأَغلقوا علىٰ أَنفسهم آفاق من التَّصوُّرات والِاحتمالات الْعِلْمِيَّة وَالْمَعْرِفِيَّة ؛ فإِنَّهم لا يتعاطون مع بيانات الوحي كمواد مُورِثة للتَّصوُّرات والِاحتمالات الْعِلْمِيَّة وَالْمَعْرِفِيَّة ومنبع لهما كما يتعاطون مع كلمات أَصحاب العلوم البشريَّة ـ كالفلاسفة والعرفاء ـ ، فما بالهم يكترثون بكلمات سائر البشر ولا يكترثون بكلمات الوحي وبكلمات رجالاته ؛ ومن باب ومنهج : « لا تنظر إِلى مَنْ قال ، وانظر إِلى ما قال » ، فمع أَنَّهم يرفعون شعار : (حريَّة البحث والتنقيب الْعِلْميّ والمعرفيّ الحر، وعدم التَّقليد)، لكنَّ تعاملهم مع بيانات الوحي ورجالاته علىٰ طرف نقيض من ذلك ، فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا ، فقد اقحموا الجانب التَّعصُّبي والنَّفسي في بحوثهم من دون مُبَرِّر ، فما دامت هناك علوم ومعارف مُدَّعَاة في بيانات الوحي فعلىٰ الباحث عن الحقيقة الاِنفتاح عليها ، لا من باب التَّعَبُّد والتَّسليم المُبهَم ، ولا بداعي التَّصديق والتَّسليم بالمُسلَّمَات والمشهورات المقبولة ، ولا بداعي الحبّ والخوف من العقوبة وطمع المثوبة ، بل من باب أَنَّها تولِّد تصوُّرات ودرجات من العِلْم والمعرفة ، وآفاق من الِاحتمالات والحِيْطَة والإِحاطة الْعِلْمِيَّة وَالْمَعْرِفِيَّة .. ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وهذا المنهج من الفحص الواسع أَحَد معاني عنوان: (الدِّين)، فإِنَّ لِلدِّين في منطق الوحي مراتب ودرجات من المعاني ؛ فما تَتطَلَّع إِليه البشريَّة من الوصول إِلى الحقائق بأَوْسَعِ قَدَر مع صدق الِالتزام الْعِلْمِيّ بهذا الشعار هو: (الدِّين). وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي ، منها : بیان خُطْبَةُ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... أَوَّل الدِّين معرفتُهُ ، وكمال معرفته التَّصديق بِهِ ، وكمالُ التَّصديق به توحیدُهُ ، وكمالُ توحيده الإِخلاصُ له ، وكمالُ الإِخلاص له نفي الصَّفَات عنه ... »(1). فإِنَّ ظاهر كلامه الشَّريف (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) : المُقابلة بين أَصل المعرفة والتَّصديق ، ومن ثَمَّ لا يُظنّ مغايرة منطق الدِّين لمنطق العِلْم ، بل العَلَاقَة بينهما كالعَلَاقَة بين الشيء ونفسه شريطة أَنْ لا يُقحم مع العِلْم سياسات وَأَهداف أُخرىٰ ، وتعصُّبات ومصادرات وتَحَكُّمَات علىٰ الآخَرين ، فالعِلْمُ لو صدق لكان هو الدِّين ، ومن ثَمَّ العَلْمَانِيَّة ليست صيغة مبالغة للعِلْمِ بقدر ما هي شِعَار يُوَظَّف لسياسات مُعيَّنة ؛ تُخَادَع بها فِطَر البشر ، وإِلَّا لكانت ـ العَلْمَانِيَّة ـ نفس الدِّين الخالص . نعم الدِّين قد يُسيَّس أَيضاً تحت مآرب غير المعصوم . ... وتتمَّة البحث تأتي (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) نهج البلاغة ، الخطبة الأُولىٰ : 45