مَعَارِف إِلْهِيَّة : (548) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ
21/07/2025
الدَّرْسُ (548) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (181) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « القيمة العِلْميَّة للاِحتمال » ؛ فإِنَّ للتَّصَوُّرَات والِاحتمالات قيمة عِلْمِيَّة ، ملزمة للباحث في جملة العلوم ؛ لكون الحقيقة والواقعيَّة أَوْسَع نِطَاقاً وأُفْقاً بما لا يتناهىٰ من اِستِكْشَافات واِكْتِشَافَات القدرة والطَّاقَة البشريَّة ، كما اِعترف بذلك أَصحاب العلوم البشريَّة كالفلاسفة ، فمعرفة البشر للحقائق ليست بِوُسِعِ ما للحقيقة من سَعَةٍ . ومنه يتَّضح: أَنَّ الفلاسفة والعرفاء ومَنْ جرىٰ علىٰ شاكلتهم من الَّذين يتجنَّبون بيانات معارف الوحي ليست لديهم حياديَّة في البحث الْعِلْمِيِّ وَالْمَعْرِفِيِّ ، ولا يطلبون الحقيقة بما هي هي ، وأَغلقوا علىٰ أَنفسهم آفاق من التَّصوُّرات والِاحتمالات الْعِلْمِيَّة وَالْمَعْرِفِيَّة ؛ فإِنَّهم لا يتعاطون مع بيانات الوحي كمواد مُورِثة للتَّصوُّرات والِاحتمالات الْعِلْمِيَّة وَالْمَعْرِفِيَّة ومنبع لهما كما يتعاطون مع كلمات أَصحاب العلوم البشريَّة ـ كالفلاسفة والعرفاء ـ ، فما بالهم يكترثون بكلمات سائر البشر ولا يكترثون بكلمات الوحي وبكلمات رجالاته ؛ ومن باب ومنهج : « لا تنظر إِلى مَنْ قال ، وانظر إِلى ما قال » ، فمع أَنَّهم يرفعون شعار : (حريَّة البحث والتنقيب الْعِلْميّ والمعرفيّ الحر، وعدم التَّقليد)، لكنَّ تعاملهم مع بيانات الوحي ورجالاته علىٰ طرف نقيض من ذلك ، فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا ، فقد اقحموا الجانب التَّعصُّبي والنَّفسي في بحوثهم من دون مُبَرِّر . وعصارة القول : أَنَّه ما دامت هناك علوم ومعارف مُدَّعَاة في بيانات الوحي فعلىٰ الباحث عن الحقيقة الاِنفتاح عليها ، لا من باب التَّعَبُّد والتَّسليم المُبهَم ، ولا بداعي التَّصديق والتَّسليم بالمُسلَّمَات والمشهورات المقبولة ، ولا بداعي الحبّ والخوف من العقوبة وطمع المثوبة ، بل من باب أَنَّها تولِّد تصوُّرات ودرجات من العِلْم والمعرفة ، وآفاق من الِاحتمالات والحِيْطَة والإِحاطة الْعِلْمِيَّة وَالْمَعْرِفِيَّة .. ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وبالجملة : أَنَّ أَحَد معاني الدِّين: الاِنفتاح علىٰ آفاق التَّصوُّر والتَّصوُّرات ، وهو درجة من درجات العِلْم والِاحتمال والحِيْطَة . وإِلى هذا تُشير بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان قوله جلَّ وتقدَّس : [إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ](1). فالرَّجاء يعني الِاحتمال ، فإِذا راعاه الإِنسان فهو دين وديانة وتديُّن . 2ـ بیان قوله جلَّ قدسه : [بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ](2). وهذا حوارٌ وحِجَاجٌ منه (عَزَّ وَجَلَّ) مع البشر، وهو دالٌّ علىٰ أَنَّ الفحص والبحث والتَّنْقِيب العِلْمِيّ نوع مُسَاءَلَة ومُدَايَنَة منه ( تَقَدَّسَ ذِكْرُهُ) للبشر ، ولون هذه المُدَايَنَة ليس اِنْقِيَاد مُبهم ، ولا طمع ولا خوف ، ولا صَرَامَة إِكراه ، وَلَا اِنْضِبَاط إِلجَاء ، بل هو اِستجابة للعِلْم التَّصَوُّري والِاحتمال . ... وتتمَّة البحث تأتي (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) يونس : 7 ـ 8. (2) يونس : 39