الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الالهية ، من الدرس (401 ـ 600 ) المقصد الاول / المقدمة | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (549) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (549) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ

22/07/2025


الدَّرْسُ (549) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (181) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « القيمة العِلْميَّة للاِحتمال » ؛ فإِنَّ للتَّصَوُّرَات والِاحتمالات قيمة عِلْمِيَّة ، ملزمة للباحث في جملة العلوم ؛ لكون الحقيقة والواقعيَّة أَوْسَع نِطَاقاً وأُفْقاً بما لا يتناهىٰ من اِستِكْشَافات واِكْتِشَافَات القدرة والطَّاقَة البشريَّة ، كما اِعترف بذلك أَصحاب العلوم البشريَّة كالفلاسفة ، فمعرفة البشر للحقائق ليست بِوُسِعِ ما للحقيقة من سَعَةٍ . ومنه يتَّضح : أَنَّ الفلاسفة والعرفاء ومَنْ جرىٰ علىٰ شاكلتهم من الَّذين يتجنَّبون بيانات معارف الوحي ليست لديهم حياديَّة في البحث الْعِلْمِيِّ وَالْمَعْرِفِيِّ ، ولا يطلبون الحقيقة بما هي هي ، وأَغلقوا علىٰ أَنفسهم آفاق من التَّصوُّرات والِاحتمالات الْعِلْمِيَّة وَالْمَعْرِفِيَّة ؛ فإِنَّهم لا يتعاطون مع بيانات الوحي كمواد مُورِثة للتَّصوُّرات والِاحتمالات الْعِلْمِيَّة وَالْمَعْرِفِيَّة ومنبع لهما كما يتعاطون مع كلمات أَصحاب العلوم البشريَّة ـ كالفلاسفة والعرفاء ـ ، فما بالهم يكترثون بكلمات سائر البشر ولا يكترثون بكلمات الوحي وبكلمات رجالاته ؛ ومن باب ومنهج : « لا تنظر إِلى مَنْ قال ، وانظر إِلى ما قال » ، فمع أَنَّهم يرفعون شعار : (حريَّة البحث والتنقيب الْعِلْميّ والمعرفيّ الحر، وعدم التَّقليد)، لكنَّ تعاملهم مع بيانات الوحي ورجالاته علىٰ طرف نقيض من ذلك ، فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا ، فقد اقحموا الجانب التَّعصُّبي والنَّفسي في بحوثهم من دون مُبَرِّر ، فما دامت هناك علوم ومعارف مُدَّعَاة في بيانات الوحي فعلىٰ الباحث عن الحقيقة الاِنفتاح عليها ، لا من باب التَّعَبُّد والتَّسليم المُبهَم ، ولا بداعي التَّصديق والتَّسليم بالمُسلَّمَات والمشهورات المقبولة ، ولا بداعي الحبّ والخوف من العقوبة وطمع المثوبة ، بل من باب أَنَّها تولِّد تصوُّرات ودرجات من العِلْم والمعرفة ، وآفاق من الِاحتمالات والحِيْطَة والإِحاطة الْعِلْمِيَّة وَالْمَعْرِفِيَّة .. ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وعصارة القول : أَنَّ الأَخذ بالتَّصوُّرات والِاحتمالات العِلْمِيَّة أَذْعَن لها أَصحاب المعقول في عِلْمِ المنطق ، بل وأَصحاب الأَبحاث العِلْمِيَّة الحديثة ؛ فإِنَّها قائمةٌ علىٰ ذلك ، بل ويأخذون بالاسطورة ؛ لكونها تُحْدِث تصوُّراً واحتمالاً، لكن جحده الفلاسفة ومن جرىٰ علىٰ شاكلتهم في الجملة ؛ فيأخذون بها في موارد العلوم غير الدِّينيَّة ، ويهجروها في موارد العلوم الدِّينية ، فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا ، نعم أَحَد أَسبابه : التَّرويج الإِعْلَامي ؛ فإِنَّه مُؤثِّرٌ ويجعل العقل لا يَحْكُم بميزان وبواقعيَّة موضوعيَّة نزيهة ، وهذا نحو تلاعب في الحُرِّيَّات ؛ فإِنَّه لماذا لا يُؤَخذ بالمقولة الدِّينيَّة بنزاهة ومن دون تشويه كما يُؤَخَذ بالمقولة غير الدِّينيَّة ، أَوَ ليس العقل حَاكِماً بضرورة الإِنْصَاف ؛ وأَنَّ العدل في الفِكْرِ أَهمّ من العدل في السياسة والمال والحقوق البدنيَّة والقوانين المدنيَّة ؟!! فهل يُسَوِّغ العقل إِبْعَاد المقولة الدِّينيَّة بذريعة عدم تماميَّة حُجِّيَّتها في نفسها؟! أَوَ ليس المواد الدِّينيَّة ـ وعلىٰ أَقَلِّ الِاحتمالات ـ تُحْدِث تصوُّراً واِحتمالاً؟ أَوَ ليس الِانفتاح العِلْمِيّ والمعرفيّ علىٰ الحقيقة بما لها من سِعَة مسلك سياسي وثقافي ومعرفي ، وأَصْل فِكْرِيّ وعِلْمِيّ وعقليّ لدىٰ أَصحاب المعقول كالفلاسفة ؟! وعليه : فإِذا تشَرْنَقَ الباحث والمُسْتَنْبِط بكلمات البشر ؛ وهجر بيانات الوحي وكلمات رجالاته ـ المُورِثة علىٰ أَقلِّ الِاحتمالات للتَّصوُّرات والِاحتمالات ـ فقد سلك منهجاً للعقل منه نَبْوَة؛ لأَنَّه مع ورود الِاحتمال يبطل الِاستدلال. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ