معارف ألهية(29)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ
13/02/2024
الدرس : (29) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين .لازال البحث في تفسير بيان اميرالمؤمنين صلوات الله عليه ـ الكاشف عن بعض طبقات حقيقته الصاعدة ـ : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »، ومر أَنَّه لتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، تم الكلام عن المُقدِّمة الاولى في الدرس (6 ـ 8 ) ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ) ، وعن المُقدِّمة الثانية في الدرس (9 ـ 10 )، وكانت تحت عنوان : (الصفات والأسمآء الإِلهيَّة مخلوقات إِلهيَّة) ، وعن المُقدِّمة الثالثة في الدرس (11 ـ 20 )، وكانت تحت عنوان ( طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة صفات وأَسماء إِلهيَّة ) ، وعن المُقدِّمة الرابعة في الدرس (21 )، وكانت تحت عنوان : ( حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة فوق الصفات والأَسماء الحسنى ) ، ووصلنا في الدرس (22 )الى المُقدِّمة الخامسة ، وكانت تحت عنوان : (تجلِّي الصفات والأَسمآء الإِلهيَّة في حقائق أَهل البيت عليهم السلام ) ، والى ما تقدم من بحث في هذه المقدمة تشير كثير من بيانات الوحي ، سنذكر(إِنْ شآء الله تعالىٰ) ثلاثة منها ، لازال البحث في البيان الاول ، وهو بيان امير المؤمنين عليه السلام : « ...لا تجعلونا اربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم ؛ فانكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته ... » ودلالته قد اِتَّضحت ؛ فإِنَّ جملة الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة قد انعكست وظهرت وتجلت في طبقات حقائق اهل البيت عليهم السلام الصاعدة إِلَّا الأُلوهيَّة ؛ لخروجها موضوعاً وتخصُّصاً ، ومن تلك الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة : (عدم التناهي ) ، واستحالة احاطة المتناهي بغير المتناهي ، ومر الكلام في العنوان التالي : « خلوّ المقام وهذه الأَبحاث من شائبة الغلو » و«لا شائبة ولا شبهة غلو في مقامات ُأَهل البيت عليهم السلام » ، ووصل البحث ( بحمد الله تعالى ) الى المطلب التالي : / نكتة عدم استيعاب عقول المخلوقات لشؤون أَهل البيت عليهم السلام / نعم ، لَـمَّا كانت هذه المعارف الإِلٰهيَّة بكراً لم تُفتق من قبل قطُّ بهذا الشَّكل والبيان ، ولم يُنبس بها ببنت شفة مع أَنَّ بيانات الوحي زاخرة بها فمن الطبيعي يحصل فيها توقُّف وتردُّد لدىٰ مَنْ يُخبر من ضعيفيِّ الإِيمان بمقاماتهم صلوات اللَّـه عليهم وبصفاتهم وأَسمائهم وكمالاتهم وفضائلهم وشؤونهم وأَحوالهم ؛ وإِنْ قام عليها الدَّليل القطعي. مضافاً : أَنَّ ما جادت به يد ساحة القدس الإِلٰهيَّة على أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم عطايا لا تتحمَّل تصوُّرها طاقة وقابليَّة مخلوق قَطُّ ، ولا يمكن خطورها على بالٍ قَطُّ فمن الطبيعي أَيضاً حصول توقُّف وتردُّد لدىٰ من يطَّلع عليها من ضعيفيِّ الإِيمان أَو يُخبر بها وإِنْ قام عليها الدَّليل القطعي. بعد الإِلتفات : أَنَّ لازم ذلك التوقُّف والشَّكّ والتردُّد : إِلحاد وشرك وكفر باللَّـه (العزيز الجبَّار). وهذا ما نبَّهت عليه وحذَّرت منه بيانات الوحي ، منها: 1ـ إِطلاق بيان الحديث القدسي : «... يا مُـحَّمَّد ... وعزَّتي وجلالي، لو لقيني جميع خلقي يشكُّونَ فيكَ طرفة عين ، أَو يبغضون صفوتي مِنْ ذُرِّيَّتكَ لأَدخلتهم ناري ولا أُبالي...»(1). 2ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «إِنَّ حديث آل مُـحمَّد صعب مستصعب ، لا يؤمن به إِلَّا مَلَك مُقَرَّبٌ ، أَو نَبِيٌّ مرسل ، أَو عبد امتحن اللَّـه قلبه للإِيمان... وإِنَّما الهالك : أَنْ يُحدَّث بشيءٍ منه لا يحتمله فيقول : واللَّـه ، ما كان هذا شيئاً ، والإِنكار هو الكفر»(2). 3ـ بيان الإِمام الباقر عليه السلام ، عن جابر بن يزيد ، قال : «... يا جابر ، حديثنا صعب مستصعب ، أَمرد ، ذكوان ، وعر أَجرد ، لا يحتمله واللَّـه إِلَّا نَبِيٌّ مُرْسَل ، أَو مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، أَو مؤمن مُمتحن ، فإذا ورد عليك يا جابر شيءٌ من أَمرنا فلان له قلبكَ فاحمد اللَّـه ، وإِنْ أَنكرته فردَّه إِلينا أَهل البيت ، ولا تقل: كيف جاء هذا ؟ وكيف كان ؟ وكيف هو ؟ فإنَّ هذا واللَّـه الشرك باللَّـه العظيم»(3). ودلالتها واضحة. وبالجملة : لعظم هول ما أُعطي لأَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم وعظم خطره يحصل لدىٰ من يطَّلع عليها أَو يُخبر بها وإِنْ كان بدليل قطعيٍّ يقينيٍّ توقُّفاً أَو شَكّاً أَو تردُّداً أَو إِلحاداً أَو شركاً أَو كفراً بعضه جليّ ، والآخر خفيّ على دركات غيرمتناهية ، مشمولة ببيان قوله تعالىٰ : [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ](4)، يرجع إِلى مدىٰ تحمُّل قابِليَّات واستعدادات المخلوق. / حيلولة أَهل البيت عليهم السلام مِنْ نشر علومهم عند مَنْ لا يتحمَّلها/ ولأَجل الحيلولة من وقوع المخلوقات وفي جملة العوالم ؛ في هذه المحاذير المعرفيَّة العقائديَّة الجسيمة الخطيرة الفادحة ، القاصمة للظهر ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 18 : 397/ح100. اليقين في أُمرة أَمير المؤمنين : 89 ـ 91. (2) بحار الأَنوار ، 2 : 189/ح21. (3) بحار الأَنوار ، 2 : 208/ح102. (4) يوسف : 106