الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الالهية ، من الدرس (401 ـ 600 ) المقصد الاول / المقدمة | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (570) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (570) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ

12/08/2025


الدَّرْسُ (570) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (196) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « أَنواع الإِحاطة » ؛ فإِنَّ الإِحاطة على أَنحاء ثلاثة : أَحدها : الإِحاطة الْمَادِّيَّة الجغرافيَّة . وهذه لا تُحيط إِلَّا بالسَّطح والظَّاهر فقط . ثانيها : الإِحاطة لْمَادِّيَّة غير الجغرافيَّة . وهذه تُحيط بالظَّاهر والباطن ، لكنَّها تبقىٰ مَادِّيَّة وجسمانيَّة ولها مقدار . وصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى النحو التالي : ثالثها : الإِحاطة التجرُّديَّة ، وهذه إِحاطة وجوديَّة ، تكون فيها للمُحيط هيمنة وإِحاطة وقدرة أَعظم وجوداً وكمالاً من هيمنة وإِحاطة وقدرة ووجود وكمال المُحاط . ومجالها : إِذا لم يكن المُحيط من عَالَم المادَّة والأَجسام ، وإِنَّما كان من عَالَم المُجرَّدات تجرُّداً تامّاً ـ كـ : الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ، وعَالَم الأَسماء والصِّفات الإِلٰهيَّة ؛ طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ـ ، فتكون نِسْبَة المُحيط إِلى جملة المُحاط ظاهره وباطنه نِسْبَة واحدة . نظيره : نقطة مركز الدائرة بلحاظ جميع نقاط محورها(1) ، فإِنَّ نسبتها إِلى الجميع واحدة ؛ من دون أَيّ تبعُّض وتفاوت(2). مثالها : ما أَشارت إِليه بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان قوله جلَّ ثناؤه : [الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى](3). أَي : أَنَّ قربه وقدرته وسيطرته وهيمنته على جملة المخلوقات واحدة ، لا تتبعَّض ولا تتفاوت ، فهو سبحانه وتعالىٰ : [لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ](4) . ... وتتمَّة البحث تأتي (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مرجع الضمير : (الدائرة). (2) لَا بَأْسَ بالْاِلْتِفَات في المقام إِلى الأَمرين التَّاليين : الأَمر الأَوَّل : /الدَّائرة والكرة من اقدس الأَشكال المخلوقة/ اعتبر علماء الرياضيَّات والهندسة منذ القِدَم : أَنَّ الدائرة أَو الكرة من أَقدس الأَشكال المخلوقة ، وتُؤخذ کمثال حسِّي وتقريبي لبيان أَوَّليَّة الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة الُمقدَّسة وأَنَّها عين آخريَّتها ، وليست للذَّات الإِلٰهيَّة المقدَّسة حالة تصرُّم ولا حالة ترقُّب لأُمور أُخرىٰ ، فهي كالنقطة المركزيَّة في الدَّائرة ؛ فإِنَّها إِذا قيست إِلى نقاط محورها كانت أَوَّليَّة هذه النقاط بالنِّسبة إِلى مركز الدَّائرة عين آخریَّتها ، وليست هناك حالة تصرُّم في الأَوَّليَّة ، ولا حالة ترقُّب في الآخريَّة ، وهي تُحيط بالكُلِّ ؛ فنسبة نقطة مركز الدَّائرة إِلى بدايات نقاط محورها عين نسبتها إِلى مُتوسِّطات نقاط محورها ، وعين نسبتها إِلى نهايات نقاط محورها . الأَمر الثَّاني : /الدَّائرة والكرة رمزان رياضيَّان معرفيَّان يوضِّحان علاقة اللَّطيف بالأَغلظ/ الدَّائرة والكرة رمزان رياضیَّان معرفیَّان عظيمان لتقريب علوم ومباحث المعارف الإِلٰهيَّة إِلى الأَذهان والعقول ، ولشرح وبيان جملة أُمور ، منها : علاقة ونسبة الجسم اللَّطيف إِلى كافَّة بقاع الجسم الأَغلظ واجزاءه وشراشره ؛ فإِنَّها واحدة ، كنقطة مركز الدَّائرة أَو الكرة بلحاظ الجسم المُتحرِّك في مُحيطها ، فإِنَّ نقاط المحيط إِذا قيست إِلى الجسم الُمتحرِّك فيها كانت متفاوتة في البعد والقرب ، لكنَّها إِذا قيست إِلى مركز دائرتها أَو مركز كرتها كانت في البُعد والقرب سوآء ، فأَوَّليَّتها عين آخريَّتها ، وآخريَّتها عين أَوَّليَّتها . وهذا المثال وإِنْ كان جسمانيّاً وحسيّاً وماديّاً ، ويُقرِّب من جهة ويُبعِّد من جهات ، لكنَّه بديع ، ويوضِّح علاقة اللطيف بالأَغلظ ونسبته إِليه ، والمخلوقات وإِنْ كان ماضيها غير حاضرها ومستقبلها ، وحاضرها غير ماضيها ومستقبلها ، ومستقبلها غير ماضيها وحاضرها ، لكنَّها إِذا قیست إِلى باريها (تقدَّس ذكره) كانت نسبتها إِليه تعالىٰ واحدة من دون أَي تفاوت ، فأَوَّليَّته تعالىٰ عين آخريَّته ، وآخريَّته عين أَوَّليَّته ، وأَزلیَّته عین سرمديَّته ، ولا يتجدَّد فيه شيء ، ولا يتصرَّم ولا يتبدَّد منه شيء ، وهو في كُلِّ شيءٍ . وتصوُّر هذه المعادلات يستعصي على أَذهان عقول رواد العلوم البشريَّة ـ كروَّاد : الفيزياء ، والكيمياء ، والاحياء ، والرياضيَّات ، والهندسة ، والفضاء ـ ؛ لكونهم مُتخلِّفين في المعرفة العقليَّة ـ إِلَّا الموحدون منهم ـ فالعين العقليَّة ليست بمُتطوِّرة ولا نامية لديهم ، كحال الحيوانات ؛ فإِنَّ جانب الحسِّ وإِنْ كان قويّاً لديها ، لكن جانب العقل ضعيف عندها . وعليه : فلا تُبْنَىٰ الحضارة والتنمية البشريَّة اعتماداً على الجانب الحيواني والحسِّ فقط ، بل وعلى الجانب العقلي ، وهو الأَخطر والأَعظم والأَهم . (3) طٰه : 5 . (4) الإخلاص : 3