مَعَارِف إِلْهِيَّة : (571) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ
13/08/2025
الدَّرْسُ (571) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (196) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « أَنواع الإِحاطة » ؛ فإِنَّ الإِحاطة على أَنحاء ثلاثة : أَحدها : الإِحاطة الْمَادِّيَّة الجغرافيَّة . وهذه لا تُحيط إِلَّا بالسَّطح والظَّاهر فقط . ثانيها : الإِحاطة لْمَادِّيَّة غير الجغرافيَّة . وهذه تُحيط بالظَّاهر والباطن ، لكنَّها تبقىٰ مَادِّيَّة وجسمانيَّة ولها مقدار . ثالثها : الإِحاطة التجرُّديَّة ، وهذه إِحاطة وجوديَّة ، تكون فيها للمُحيط هيمنة وإِحاطة وقدرة أَعظم وجوداً وكمالاً من هيمنة وإِحاطة وقدرة ووجود وكمال المُحاط . ومجالها : إِذا لم يكن المُحيط من عَالَم المادَّة والأَجسام ، وإِنَّما كان من عَالَم المُجرَّدات تجرُّداً تامّاً ـ كـ : الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ، وعَالَم الأَسماء والصِّفات الإِلٰهيَّة ؛ طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ـ ، فتكون نِسْبَة المُحيط إِلى جملة المُحاط ظاهره وباطنه نِسْبَة واحدة . ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : نظيره : نقطة مركز الدائرة بلحاظ جميع نقاط محورها(1) ، فإِنَّ نسبتها إِلى الجميع واحدة ؛ من دون أَيّ تبعُّض وتفاوت . مثالها : ما أَشارت إِليه بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان قوله جلَّ ثناؤه : [الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى] (2). أَي : أَنَّ قربه وقدرته وسيطرته وهيمنته على جملة المخلوقات واحدة ، لا تتبعَّض ولا تتفاوت ، فهو سبحانه وتعالىٰ : [لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ] (3) . إِذنْ : نِسْبَة المخلوقات بالنِّسْبَة إِليه (جلَّ ذكره) تتوحَّد ، فلا يغيب شيء عنه ؛ فجملة العوالم وكافَّة المخلوقات غير المتناهية في حضور واحدٍ لديه . وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : 1ـ بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ؛ فإِنَّه سُئل : « عن قوله اللَّـه عَزَّ وَجَلَّ : [الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى] ، فقال : استوىٰ من كُلِّ شيء ، فليس شيء أَقرب منه من شيء »(4). 2ـ بيان الإِمام الكاظم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن يعقوب بن جعفر الجعفري ، قال : « ذُكر عنده قوم زعموا أَنَّ اللَّـه تبارك وتعالىٰ ينزل إِلى السَّماء الدُّنيا ، فقال : إِنَّ اللَّـه لا ينزل ولا يحتاج إِلى أَنْ ينزل ، إِنَّما منظره في القرب والبُعد سوآء ، لم يبعد منه قريب ، ولم يقرب منه بعيد ، ولم يحتج إلى شيءٍ ، بل يُحتاج إِليه ... »(5). 3ـ بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً ، عن القاسم بن يحيىٰ ، عن جدِّه الحسن ، قال : « وسُئِلَ عن معنىٰ قول اللَّـه : [عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى] ، قال : استولىٰ على ما دقَّ وجلَّ »(6). ثانياً : بيان قوله جلَّ قوله : [أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ](7). ومعناه : أَنَّه (تقدَّس ذكره) لا يحدّه ولا يحبسه مكان ولا زمان . ثالثاً : بيان قوله عزَّ من قائل : [وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا](8). ودلالته قد اِتَّضحت . وبالجملة : النِّسْبَة بين الشيء الواحد والأَشياء الكثيرة إِنْ كانت واحدة ولم تختلف فالإِحاطة منه لها تجرُّديَّة ، وإِلَّا فماديَّة . إِذنْ : في عَالَم المُجرَّدات تجرُّداً تامّاً ـ كـ : طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ـ لا توجد أَبداً نِسب مُتكثِّرة ، وإِنَّما نِسبة فاردة . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مرجع الضمير : (الدائرة). (2) طٰه : 5 . (3) الإخلاص : 3 . (4) بحار الأَنوار ، 55: 7/ح5. (5) المصدر نفسه ، 3: 311/ح5. (6) المصدر نفسه : 336/ح45. أُصول الكافي، 1/باب: معاني الأَسماء واشتقاقها: 80/ح3. (7) فُصِّلَت : 54. (8) النساء : 126