مَعَارِف إِلْهِيَّة : (576) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ
18/08/2025
الدَّرْسُ (576) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (198) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « غائيَّة الخالق (عَزَّ وَجَلَّ) تختلف عن غائيَّة المخلوق » ؛ فإِنَّ غائيَّته تعالىٰ : أَنَّ الكُلَّ يستعينُ به (جلَّ وتقدَّس) ، ويتوجَّه إِليه وإِنْ كان ملحداً أَو كافراً أَو عابدِ وثنٍ ؛ شعر بذلك أَم لا ، فإِنَّ من فرَّ منه (تقدَّست أَسماؤه) كرَّ إِليه ، فلا ملجأ منه إِلَّا إِليه ، فمَنْ أَلحد أَو أَشرك أَو كفر به أَو عصاه فقد هرب منه ومن أَسماء الجمال والرَّحمة الإِلٰهيَّة والتجئ إِليه وإِلى أَسماء الجلال والقهر والعذاب الإِلٰهيَّة ، فالمطيع يتوجَّه إِليه (عظمت آلاؤه) ويستعين به من خلال الاسم الإِلٰهي : (الرحمٰن ، والرحيم ، والغفَّار ، والوهاب ، والرزَّاق ، والباسط ، والرافع ، والمُعزّ ، والشكور ، والحفيظ ...) ، بخلاف المُلحد والمُشرك والكافر والعاصي ، فإِنَّهم يتوجَّهون إِليه (جلَّ اسمه) ويستعينون به أَيْضاً لكن من خلال الاسم الإِلهي : (القهَّار ، والقابض ، والمُذِل ، والمقيت ، والمنتقم ، والمانع ، والضَّار ...) ، فكلٌّ يعبُد اللَّـه ـ المُسَمَّىٰ ـ صاحب الذات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ـ وليس الاسم ـ ويستعين ويلوذ به ، ويتضعضع ويخشع وينقاد ويفتقر إِليه ، ويستمدُّ منه ، لكن ليس الجميع : عبادة واستعانة ولوذ وتضعضع وخشوع وانقياد وافتقار واستمداد طائع وطاعة ، وإِنَّما بعضها : استعانة ولوذ وتضعضع وخشوع وانقياد وافتقار واستمداد معصية وعاصي . ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : وبالجملة : أَنَّه ليس لمخلوق البَتَّة ـ وإِنْ كان غيّاً غاوياً ـ انقطاع تام عن اللَّـه ـ المُسَمَّىٰ ـ (عزَّ اسمه) ، بل لا بُدَّ له من الاتِّجاه والتوجُّه إِليه (عزَّ وجهه) والإِستعانة به ، لكنَّ اتِّجاه وتوجُّه العاصي ليس اِتِّجاه وتوجُّه واستعانة لدار الجنان وبأسماء الجمال ـ خلافاً لِـمَا توهَّمه ابن عربي(1) وجملة من العرفاء والصوفيَّة ـ وإِنَّما اِتِّجَاه واِسْتِعَانَة إِلى قذف نفسه بين أَغلال ودركات وأَطباق عذاب نار الجحيم ، وبأَسماء الجلال ـ كـ : اسم المنتقم والجبَّار ـ . وقد تقدَّم : أَنَّ جملة أَسماء وصفات وشؤون الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ـ إِلَّا الأُلوهيَّة ؛ لخروجها موضوعاً وتخصُّصاً ـ قد اِنعكست وتجلَّت في حقيقة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وحقائق سائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ، منها : هذه الصِّفة والشأن الإِلٰهيّ ؛ أَي : أَنَّ جملة المخلوقات غير المتناهية وفي كافَّة العوالم غير المتناهية أَيضاً من بداية عَالَم الخلقة إِلى ما لا نهاية مُتَّجهة ومُتوجَّهة إِلى طبقات حقائق أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ـ شعرت بذلك المخلوقات أَم لا ـ ومستعينة بهم (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)؛ ومُستمدَّة منهم وجودها وحولها وقوَّتها وقدرتها وغناها واستدامتها ـ شعرت بذلك المخلوقات أَم لا ـ. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) لَا بَأْسَ بالْاِلْتِفَات في المقام إِلى الأَمرين التَّاليين : الأَمر الأَوَّل : /مسلك ابن عربي في الفصوص مسلك جبريّ/ إِنَّ صريح مسلك ابن عربي في كتاب الفصوص مسلك جبريٌّ ، كما ذكر ذلك بصريح عبائره في موارد عديدة ؛ ظنّاً منه بأَنَّه معلمٌ توحيديٌّ . لكنَّه زلل معرفي وتوحيديّ . الأَمر الثَّاني: /أَصل فكرة كتاب الفصوص لابن عربي مأخوذة من بيانات أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ/ إِنَّ أصل فكرة كتاب الفصوص لابن عربي مأخوذة من بيانات أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . نعم أَخذ من الصوفيَّة أَيضاً ، لكن حيث إِنَّ الصُّوفيَّة من الفرق الباطنيَّة ، والباطنيَّة باتِّفَاق جملة المسلمين أَنَّها مُتشعِّبَة عن مدرسة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، فيعود أَصل ما أَخذه من الصوفيَّة لأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، فعادت أَصل فكرة كتابه إِلى بياناتهم ( صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)