مَعَارِف إِلْهِيَّة : (578) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ
20/08/2025
الدَّرْسُ (578) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (198) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « غائيَّة الخالق (عَزَّ وَجَلَّ) تختلف عن غائيَّة المخلوق » ؛ فإِنَّ غائيَّته تعالىٰ : أَنَّ الكُلَّ يستعينُ به (جلَّ وتقدَّس) ، ويتوجَّه إِليه وإِنْ كان ملحداً أَو كافراً أَو عابدِ وثنٍ ؛ شعر بذلك أَم لا ، فإِنَّ من فرَّ منه (تقدَّست أَسماؤه) كرَّ إِليه ، فلا ملجأ منه إِلَّا إِليه ، فمَنْ أَلحد أَو أَشرك أَو كفر به أَو عصاه فقد هرب منه ومن أَسماء الجمال والرَّحمة الإِلٰهيَّة والتجئ إِليه وإِلى أَسماء الجلال والقهر والعذاب الإِلٰهيَّة ، فالمطيع يتوجَّه إِليه (عظمت آلاؤه) ويستعين به من خلال الاسم الإِلٰهي : (الرحمٰن ، والرحيم ، والغفَّار ، والوهاب ، والرزَّاق ، والباسط ، والرافع ، والمُعزّ ، والشكور ، والحفيظ ...) ، بخلاف المُلحد والمُشرك والكافر والعاصي ، فإِنَّهم يتوجَّهون إِليه (جلَّ اسمه) ويستعينون به أَيْضاً لكن من خلال الاسم الإِلهي : (القهَّار ، والقابض ، والمُذِل ، والمقيت ، والمنتقم ، والمانع ، والضَّار ...) ، فكلٌّ يعبُد اللَّـه ـ المُسَمَّىٰ ـ صاحب الذات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ـ وليس الاسم ـ ويستعين ويلوذ به ، ويتضعضع ويخشع وينقاد ويفتقر إِليه ، ويستمدُّ منه ، لكن ليس الجميع : عبادة واستعانة ولوذ وتضعضع وخشوع وانقياد وافتقار واستمداد طائع وطاعة ، وإِنَّما بعضها : استعانة ولوذ وتضعضع وخشوع وانقياد وافتقار واستمداد معصية وعاصي . وبالجملة : أَنَّه ليس لمخلوق البَتَّة ـ وإِنْ كان غيّاً غاوياً ـ انقطاع تام عن اللَّـه ـ المُسَمَّىٰ ـ (عزَّ اسمه) ، بل لا بُدَّ له من الاتِّجاه والتوجُّه إِليه (عزَّ وجهه) والإِستعانة به ، لكنَّ اتِّجاه وتوجُّه العاصي ليس اِتِّجاه وتوجُّه واستعانة لدار الجنان وبأسماء الجمال وإِنَّما اِتِّجَاه واِسْتِعَانَة إِلى قذف نفسه بين أَغلال ودركات وأَطباق عذاب نار الجحيم ، وبأَسماء الجلال ـ كـ : اسم المنتقم والجبَّار ـ . وقد تقدَّم : أَنَّ جملة أَسماء وصفات وشؤون الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ـ إِلَّا الأُلوهيَّة ؛ لخروجها موضوعاً وتخصُّصاً ـ قد اِنعكست وتجلَّت في حقيقة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وحقائق سائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ، منها : هذه الصِّفة والشأن الإِلٰهيّ ؛ أَي : أَنَّ جملة المخلوقات غير المتناهية وفي كافَّة العوالم غير المتناهية أَيضاً من بداية عَالَم الخلقة إِلى ما لا نهاية مُتَّجهة ومُتوجَّهة إِلى طبقات حقائق أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ـ شعرت بذلك المخلوقات أَم لا ـ ومستعينة بهم (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)؛ ومُستمدَّة منهم وجودها وحولها وقوَّتها وقدرتها وغناها واستدامتها ـ شعرت بذلك المخلوقات أَم لا ـ . وإِلى كُلِّ هذا تُشير بيانات الوحي ، منها : وصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى البيان والدليل الرابع : رابعاً : بيانه ـ أي : الإِمام الصَّادق ـ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً : « ... والَّذي نفسي بيده ، لملائكة اللّٰـه في السَّماوات أَكثر من عدد التراب (في الأَرض) ، وما في السَّماء موضع قدم إِلَّا وفيها ملك (يُسبح للّٰـه ويُقدِّسه) ، ولا في الأَرض شجرة ولا مِثْل غرزة إِلَّا وفيها ملك موكّل بها ؛ يأتي اللّٰـه كلّ يومٍ بعملها(1) ـ واللّٰـه أعلم بها ـ وما منهم أحد إِلَّا ويتقرَّب إِلى اللّٰـه في كُلِّ يومٍ بولايتنا أَهْل الْبَيْتِ ، ويستغفر لمحبّينا ، ويلعن أَعدائنا ، ويسأل اللّٰـه أَنْ يُرسل عليهم العذاب إِرسالاً »(2). خامساً : بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً ، مخاطباً رَجُلٌ من أهل اليمن : « ... علم عَالِم المدينة ... يسير في ساعة من النهار مسيرة الشَّمس سنة حتَّىٰ يقطع اثنىٰ عشر أَلف عَالَم مثل عَالمَكم هذا ، وما يعلمون أَنَّ اللّٰـه خلق آدم ولا إبليس ، قال : فيعرفونكم ؟ قال : نعم ، وما افترض عليهم إِلَّا ولايتنا ، والبراءة مِنْ عدونا »(3). سادساً : بيان زيارة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : « ... يا آل رسول اللّٰـه ... يتقرَّب أَهل السَّماء بحبِّكم ، وبالبراءة من أَعدائكم ، وتواتر البكاء على مصابكم ، والإِستغفار لشيعتكم ومحبّيكم ... »(4). ودلالتها قد اِتَّضحت أَيضاً ؛ فإِنَّ الثَّابت في البراهين الوحيانيَّة والعقليَّة : أَنَّ جملة المخلوقات طائعة ومُسلِّمة للّٰـه (تعالىٰ ذكره) تكويناً ، شعرت بذلك المخلوقات أَم لا. فانظر: بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان قوله تبارك وتعالىٰ : [ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ](5) . 2ـ بيان قوله جلَّ قوله : [ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ](6). وحيث إِنَّ أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ هم الوسيلة والواسطة الإِلٰهيَّة الحصريَّة بينه (جلَّ شأنه) وبين سائر العوالم وجملة المخلوقات ، ولا يمكن وصول مخلوق أَو شأن من شؤونه وأَعماله وعباداته قَطُّ إِلى ساحة القدس الإِلٰهيَّة إِلَّا من خلال إِطاعتهم(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) والتَّشَبُّث بهم تكويناً ، وقد ثبت ـ فيما تقدَّم ـ : أَنَّ جملة المخلوقات طائعة وساجدة وذاكرة ومسبحة دائماً للّٰـه تكويناً ، فتكون جميعها طائعة تكويناً لأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بالتَّبع ، شعرت بذلك المخلوقات أَم لا. مضافاً : أَنَّه ثبت في الأَبحاث السَّابقة : أَنَّ طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة بعدما كانت حقيقتها فانية في حكاية الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة انعكست فيها جميع شؤون وصفات وأَسماء الذَّات المُقدَّسة إِلَّا الأُلوهيَّة، ومن شؤون الذَّات المُقدَّسة : أَنَّه أَسلم للّٰـه ما في السَّماوات والأَرض كذلك يكون شأن طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) خ . ل: (بعلمها). (2) بصائر الدرجات، 1: 152 ـ 153/ح283 ـ 9. تفسير القمي، 2: 255. (3) بصائر الدرجات، 2: 270/ح1433 ـ 16. الاختصاص: 319. (4) بحار الأَنوار، 99: 164. (5) آل عمران: 83. (6) التغابن: 1