معارف ألهية(31 )تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ
15/02/2024
الدرس : (31) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين .لازال البحث في تفسير بيان اميرالمؤمنين صلوات الله عليه ـ الكاشف عن بعض طبقات حقيقته الصاعدة ـ : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »، ومر أَنَّه لتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، تم الكلام عن المُقدِّمة الاولى في الدرس (6 ـ 8 ) ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ) ، وعن المُقدِّمة الثانية في الدرس (9 ـ 10 )، وكانت تحت عنوان : (الصفات والأسمآء الإِلهيَّة مخلوقات إِلهيَّة) ، وعن المُقدِّمة الثالثة في الدرس (11 ـ 20 )، وكانت تحت عنوان ( طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة صفات وأَسماء إِلهيَّة ) ، وعن المُقدِّمة الرابعة في الدرس (21 )، وكانت تحت عنوان : ( حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة فوق الصفات والأَسماء الحسنى ) ، ووصلنا في الدرس (22 )الى المُقدِّمة الخامسة ، وكانت تحت عنوان : (تجلِّي الصفات والأَسمآء الإِلهيَّة في حقائق أَهل البيت عليهم السلام ) ، والى ما تقدم من بحث في هذه المقدمة تشير كثير من بيانات الوحي ، سنذكر(إِنْ شآء الله تعالىٰ) ثلاثة منها ، لازال البحث في البيان الاول ، وهو بيان امير المؤمنين عليه السلام : « ...لا تجعلونا اربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم ؛ فانكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته ... » ودلالته قد اِتَّضحت ؛ فإِنَّ جملة الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة قد انعكست وظهرت وتجلت في طبقات حقائق اهل البيت عليهم السلام الصاعدة إِلَّا الأُلوهيَّة ؛ لخروجها موضوعاً وتخصُّصاً ، ومن تلك الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة : (عدم التناهي ) ، واستحالة احاطة المتناهي بغير المتناهي ، ومر الكلام في العنوان التالي : « خلوّ المقام وهذه الأَبحاث من شائبة الغلو » و«لا شائبة ولا شبهة غلو في مقامات ُأَهل البيت عليهم السلام » ، ووصل البحث ( بحمد الله تعالى ) الى المطلب التالي : / طبقات تحمُّل علوم ومعارف أَهل البيت عليهم السلام/ وبالجملة : أَنَّ بعض ما أُعطي من علوم ومعارف الهية لأَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم على مراتب وطبقات غير متناهية ؛فبعضها لا يحتمله إِلَّا من كتب اللَّـه في قلبه الإِيمان. فانظر : بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «إِنَّ أَمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إِلَّا من كتب اللَّـه في قلبه الإِيمان»(1). وبعضها الآخر لا يحتمله إِلَّا نبيٌّ مرسلٌ ، أَو ملكٌ مُقَرَّب ، أَو مؤمنٌ مُـمتحنٌ. فلاحظ : بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : ما تقدَّم. وبعضها الثالث لا يحتمله لا نبيّ مرسل ـ كـ : النَّبيِّ إِبراهيم ـ ولا مَلَك مُقَرَّب ـ كـ : جبرئيل عليه السلام ـ ولا مؤمن ممتحن ـ كـ : سلمان رضوان اللَّـه عليه ـ إِلَّا مَنْ شاؤوا صلوات اللَّـه عليهم. فانظر : بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن أَبي الصَّامت ، قال : «إِنَّ حديثنا صعب مستصعب ، شريف كريم ، ذكوان ذكيٌّ وعر ، لا يحتمله مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، ولا نبيٌّ مرسَلٌ ، ولا مؤمن مُـمْتَحن. قلتُ: فَمَنْ يحتملهُ جعلتُ فداك ؟ قال: مَنْ شئنا يا أَبا الصامت. قال أبو الصَّامت : فظننتُ أَن للَّـه عباداً هُم أفضل من هؤلاء الثلاثة»(2). وبعضها الرَّابع لا يحتمله إِلَّا هم صلوات اللَّـه عليهم. فلاحظ : بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن أَبي الصَّامت ، قال : «سمعتُ أَبا عبداللَّـه عليه السلام يقول : إِنَّ من حديثنا مالا يحتمله مَلَك مُقَرَّب ، ولا نبيٌّ مُرسَل، ولا عبد مؤمن. قلتُ : فَمَنْ يحتمله ؟ قال : نحن نحتمله»(3). وإِلى كُلِّ هذا أَشارت بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «... إنَّ عندنا سرّاً مِنْ سرِّ اللَّـه ، وعلماً من علم اللَّـه لا يحتمله مَلَك مُقَرَّب ، ولا نبيّ مُرسَل ، ولا مؤمن أَمتحن اللَّـه قلبه للإِيمان ، واللَّـه ما كلَّف اللَّـه أَحَداً ذلك الحمل غيرنا ، ولا استعبد بذلك أَحداً غيرنا ، وإِنَّ عندنا سرّاً من سرِّ اللَّـه ، وعلماً من علم اللَّـه أَمرنا اللَّـه بتبليغه ، فبلَّغنا عن اللَّـه (عزَّوجلَّ) ما أَمرنا بتبليغه ، ما نجد له موضعاً ، ولا أَهلاً ولا حمَّالة يحملونه حتَّىٰ خلق اللَّـه لذلك أَقواماً ؛ خُلقوا من طينةٍ خُلق منها مُـحمَّد صلى الله عليه واله وذرِّيَّته ، ومن نور خلق اللَّـه منه مُـحمَّداً وَذُرِّيَّته ، وصنعهم بفضل صنع رحمته الَّتي صنع منها مُـحَمَّداً صلى الله عليه واله ؛ فبَّلغناهم عن اللَّـه (عزَّوجلَّ) ما أَمرنا بتبليغه ، فقبلوه واحتملوا ذلك ، وبلغهم ذاك عنَّا فقبلوه واحتملوه ، وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إِلى معرفتنا وحديثنا ، فلولا أَنَّهم خُلقوا من هذا لَـمَا كانوا كذلك ، ولا واللَّـه ما احتملوه. ثُمَّ قال: إِنَّ اللَّـه خلق قوماً لجهنَّم والنَّار ؛ فأَمرنا أَنْ نُبَلِّغهم كما بلَّغناهم فاشمأزوا من ذلك ، ونفرت قلوبهم وردوه علينا ، ولم يحتملوه ، وكذبوا به ... فطبع اللَّـه على قلوبهم وأَنساهم ذلك ، ثُمَّ أَطلق اللَّـه لسانهم ببعض الحقِّ ، فهم ينطقون به وقلوبهم منكرة ؛ ليكون ذلك دفعاً عن أَوليائه وأَهل طاعته ، ولولا ذلك ما عُبد اللَّـه في أَرضه ، فأمرنا بالكفِّ عنهم ، والكتمان منهم ، فاكتموا مِـمَّن أَمر اللَّـه بالكفِّ عنهم ، واستروا عمَّن أَمر اللَّـه بالستر والكتمان منهم ، قال : ثُمَّ رفع يده وبكىٰ وقال : اللَّهُمَّ ، إِنَّ هؤلاء لشرذمةٍ قليلون فاجعل محياهم محيانا، ومماتهم مماتنا ، ولا تُسَلِّط عليهم عدواً لك فتفجعنا بهم ؛ فإِنَّكَ إِن فجعتنا بهم لم تُعبد أَبداً في أَرضك»(4). / نكتة إِبتلاءات بعض الأَنبياء عليهم السلام / وهذا ما يُوضِّح : نكتة وفلسفة تعرُّض بعض الأَنبياء عليهم السلام السَّابقين إِلى الإِبتلاءات ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 2 : 195/ح41. (2) بحار الأَنوار ، 2 : 192/ح34. (3) المصدر نفسه : 193/ح36. (4) بحار الأَنوار ، 25 : 385 ـ 386/ح44. المحتضر : 154 ـ 155