مَعَارِف إِلْهِيَّة : (590) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ
01/09/2025
الدَّرْسُ (590) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (200) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « خلوّ المقام وهذه الأَبحاث من شائبة الغُلُوّ » ، وعنوان : « لا شائبة ولا شبهة غُلُوّ في مقامات أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ » ؛ فإِنَّه لا تُوجد في جملة هذه الأَبحاث وما سيأتي (إِنْ شاء اللَّـه تعالىٰ) أَيّ شائبة غُلُوّ ـ وخروج عن الجادَّة والمنزلة الوسطىٰ الَّتي ليلها كنهارها جادَّة ومنزلة أَهْلُ الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ـ لأَنَّنا نعضُّ بضرس قاطعٍ على ضابطةٍ وقاعدةٍ معرفيَّةٍ وعقليَّةٍ بديهيَّةٍ ، مستفادة من بيانات الوحي المعرفية ، ضربها وقنَّنها علماء المعقول في القرنين الأَخيرين في باب الغُلُوّ والتَّقصير ، سيأتي (إِنْ شاء اللَّـه تعالىٰ) بيانها في بابها ، مضروبة للتمييز بين الغُلُوّ والتَّقصير في صفات الخالق ـ المُسَمَّىٰ ـ صاحب الذات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة (جلَّ ذكره) وأَسمائه وأَفعاله وكمالاته وشؤونه ، وصفات المخلوق وأَسمائه وأَفعاله وكمالاته وشؤونه ، وهي : « أَنَّ صفات الخالق ـ المُسَمَّىٰ ـ (تقدَّس ذكره) وأَسمائه وأَفعاله وكمالاته وشؤونه تحكمها وواقعة في إِطار ضابطة : (ما منه الوجود) ، بخلاف صفات المخلوق وأَسمائه وأَفعاله وكمالاته وشؤونه فتحكمها وواقعة في إِطار ضابطة : (ما به الوجود) » . بل هذه الضابطة أُستحدثت في الآونة الأَخيرة وتوسَّعت بقاعدة وضابطة بديهيَّة أَيضاً ، أَكثر دِقَّة وغوراً وعمقاً ، وهي : « أَنَّ ما منه الوجود على ضربين : أَحدهما : (ما منه الوجود أَصالة وبالذات) . الآخر : (ما منه الوجود حكاية ومن الغير) » . والأَوَّل مختصٌّ ومنحصرٌ بـ : (الذات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة) أَزلاً وأَبداً . والثَّاني وجود ظلِّي وحاكٍ ، يأتي في الممكنات ، مفاض عليها من ساحة القدس الإِلٰهيَّة . نظيره : المرآة المنطبعة فيها صورة الشَّاخص الخارجي . وإِلى هذا النحو الثاني تُشير بيانات الوحي الأُخرىٰ ، منها : بيان قوله عزَّ من قائل الحاكي لخبر النَّبيّ عيسىٰ عَلَيْهِ السَّلاَمُ في احتجاجه على بني إِسرائيل : [أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ] (1) ، وبيان قوله جلَّ ذكره : [قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ] (2). ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : ومن ثَمَّ ما تمتَّع به النَّبيّ عيسىٰ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وسائر المخلوقات المُكرَّمة ؛ منهم : إِسرافيل وعزرائيل عَلَيْهِما السَّلاَمُ تمتَّع به أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وزيادة ؛ فيحيون ويميتون بفعلٍ أَلطف ، وأَعظم هيمنة ، وأَشدُّ سلطنة وقدرة وقوَّة على وفق القاعدة ؛ ومن دون أَيّ شائبة غُلُوّ في المقام . بل البراهين والبيانات الوحيانيَّة قائمة على ذلك . فلاحظ ، منها : 1ـ بيان الإِمام زين العابدين صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن الثمالي ، قال : « قلتُ له : جُعِلْتُ فداك ، الأَئمَّة يعلمون ما يُضمر ؟ فقال : علمتُ واللَّـه ما علمت الأَنبياء والرُّسل ، ثُمَّ قال لي : أزيدكَ ؟ قلتُ : نعم . قال : ونزاد ما لم تزد الأَنبياء »(3). 2ـ بيان الإِمام الصادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « إِنَّ عيسىٰ بن مريم عَلَيْهِ السَّلاَمُ أُعطي حرفين كان يعمل بهما ، وأُعطي موسىٰ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَربعة أَحرف ، وأُعطي إِبراهيم عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثمانية أَحرف ، وأُعطي نوح خمسة عشر حرفاً ، وأُعطي آدم خمسة وعشرين حرفاً ، وإِنَّ اللَّـه تبارك وتعالىٰ جمع ذلك كلّه لمحمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ (4)، وإِنَّ اسم اللَّـه الأَعظم ثلاثة وسبعون حرفاً ، أَعطىٰ(5) محمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ اثنين وسبعين حرفاً ، وحجب عنه حرفاً واحداً »(6). ودلالته ـ كدلالة سابقه ـ واضحة . ... وتتمَّة البحث تأتي (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) آل عمران: 49 . (2) السجدة: 11. (3) بحار الأَنوار، 26: 55/ح114. بصائر الدرجات: 66. (4) في البصائر: (وإِنَّه جمع اللَّـه ذلك لمحمَّد ’ وأَهل بيته). (5) في البصائر: (أَعطىٰ اللَّـه). (6) بحار الأَنوار، 17: 134/ح11. أُصول الكافي، 1: 230. بصائر الدرجات: 57.