معارف ألهية(32)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ
16/02/2024
الدرس : (32) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين .لازال البحث في تفسير بيان اميرالمؤمنين صلوات الله عليه ـ الكاشف عن بعض طبقات حقيقته الصاعدة ـ : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »، ومر أَنَّه لتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، تم الكلام عن المُقدِّمة الاولى في الدرس (6 ـ 8 ) ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ) ، وعن المُقدِّمة الثانية في الدرس (9 ـ 10 )، وكانت تحت عنوان : (الصفات والأسمآء الإِلهيَّة مخلوقات إِلهيَّة) ، وعن المُقدِّمة الثالثة في الدرس (11 ـ 20 )، وكانت تحت عنوان ( طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة صفات وأَسماء إِلهيَّة ) ، وعن المُقدِّمة الرابعة في الدرس (21 )، وكانت تحت عنوان : ( حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة فوق الصفات والأَسماء الحسنى ) ، ووصلنا في الدرس (22 )الى المُقدِّمة الخامسة ، وكانت تحت عنوان : (تجلِّي الصفات والأَسمآء الإِلهيَّة في حقائق أَهل البيت عليهم السلام ) ، والى ما تقدم من بحث في هذه المقدمة تشير كثير من بيانات الوحي ، سنذكر(إِنْ شآء الله تعالىٰ) ثلاثة منها ، لازال البحث في البيان الاول ، وهو بيان امير المؤمنين عليه السلام : « ...لا تجعلونا اربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم ؛ فانكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته ... » ودلالته قد اِتَّضحت ؛ فإِنَّ جملة الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة قد انعكست وظهرت وتجلت في طبقات حقائق اهل البيت عليهم السلام الصاعدة إِلَّا الأُلوهيَّة ؛ لخروجها موضوعاً وتخصُّصاً ، ومن تلك الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة : (عدم التناهي ) ، واستحالة احاطة المتناهي بغير المتناهي ، ومر الكلام في العنوان التالي : « طبقات تحمُّل علوم ومعارف أَهل البيت عليهم السلام » ، ووصل البحث ( بحمد الله تعالى ) الى المطلب التالي : / نكتة إِبتلاءات بعض الأَنبياء عليهم السلام/ وهذا ما يُوضِّح : نكتة وفلسفة تعرُّض بعض الأَنبياء عليهم السلام السَّابقين إِلى الإِبتلاءات ، منهم : النَّبيّ آدم عليه السلام ؛ فإِنَّه لَـمَّا عُرضت عليه بعض مقامات وشؤون أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم توقَّف فعوقب بإِبتلائه المعروف وأُخرج من الجنَّة ، وعفي عنه بعداً أَن رجع واستغفر وتاب ، لكنَّه لم يُجعل من أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام بسبب توقفه. وهكذا النَّبيّ أَيوب عليه السلام ؛ فابتُلي بالمرض وسائر إِبتلاءاته إِلى أَنْ تاب فأدركته السعادة بأَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم. وعلى هذا قس حال النَّبيّ يونس عليه السلام ، فأبتُلي بالحوت ، وحُبس في بطنه إِلى أَنْ تاب وقَبَل ولاية أَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، منضمّاً إِليه بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه ، قال : «إِنَّ اللَّـه تعالىٰ عرض ولاية عَلِيّ بن أبي طالب عليه السلام على أَهل السَّماوات وأَهل الأَرض فقبلوها ما خلا يونس بن متى ، فعاقبه اللَّـه وحبسه في بطن الحوت ؛ لإنكاره ولاية أَمير المؤمنين عَلِيّ بن أَبي طالب عليه السلام حتَّىٰ قبلها». قال أبو يعقوب(1): «فنادىٰ في الظلمات أَنْ لا إِلٰه إِلَّا أَنْتَ سبحانك إِنِّي كنت من الظالمين لإنكاري ولاية عَلِيّ بن أبي طالب عليه السلام ». قال أبو عبد اللَّـه: فأنكرتُ الحديث فعرضته على عبداللَّـه بن سليمان المدنيّ فقال لي : «لا تجزع منه ؛ فإنَّ أَمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالب عليه السلام خطب بنا بالكوفة ، فحمد اللَّـه تعالىٰ وأَثنىٰ عليه ، فقال في خطبته : «فلولا إِنَّه كان من المُقِرِّين للبث في بطنه إلى يوم يُبعثون». فقام إِليه فلان بن فلان وقال: يا أَمير المؤمنين ؛ إِنَّا سمعنا اللَّـه(2): [فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ]. فقال : أُقعد يا بكّار ؛ «فلولا إِنَّه كان من المُقِرِّين للبث ... إلى آخِر الآية»(3)»(4). 2ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه ، مُخاطِباً سلمان (رضوان اللَّـه عليه) : «... يا سلمان ، أَنا الَّذي دُعيت الأُمم كُلِّها إِلى طاعتي فكفرت فعُذِّبت بالنَّار...». قال سلمان: ... وأَنتَ قصَّة أَيُّوب وسبب تغيُّر نعمة اللَّـه عليه. فقال أَمير المؤمنين عليه السلام : «أتدري ما قصَّة أَيُّوب ، وسبب تغيُّر نعمة اللَّـه عليه ؟ قال: اللَّـه أعلم وأَنْتَ يا أمير المؤمنين. قال: لَـمَّا كان عند الانبعاث للنطق شَكَّ أَيُّوب في ملكي ، فقال: هذا خطب جليل وأَمر جسيم. قال اللَّـه (عزَّوجلّ) : يا أَيُّوب أَتَشكُّ في صورة أقمته أَنا؟ إِنِّي ابتليتُ آدم بالبلاء فوهبته له وصفحت عنه بالتسليم عليه بأَمرة المؤمنين ، وأنت تقول : خطب جليل ، وأَمر جسيم ؟! فوعزَّتي لأُذيقنَّك من عذابي أَو تتوب إِلَيّ بالطَّاعة لأَمير المؤمنين. ثُمَّ أَدركته السَّعادة بي ؛ يعني : أَنَّه تاب وأذعن بالطَّاعة لأَمير المؤمنين عليه السلام وعلى ذرِّيَّته الطَّيبين عليهم السلام »(5). 3ـ بيان تفسير الإِمام الباقر صلوات اللَّـه عليه ، وبيان نكتة عدم جعل النَّبيّ آدم عليه السلام من أَنبياء أُولي العزم عليهم السلام : «في قول اللَّـه عزَّوجلَّ : [وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا](6) قال: عهد إِليه في مُـحمَّد والأَئمَّة من بعده فترك ، ولم يكن له عزم فيهم أَنَّهم هكذا...»(7). 4ـ بيان الإِمام الرضا صلوات اللَّـه عليه : «... وإِنَّ آدم عليه السلام لَـمَّا أَكرمه اللَّـه (تعالىٰ ذكره) بإسجاد ملائكته له ، وبإدخاله الجنَّة قال في نفسه : هل خلق اللَّـه بشراً أَفضل منِّي ؟ فعلم الله (عزَّوجلَّ) ما وقع في نفسه، فناداه : ارفع رأسَكَ يا آدم ، فانظر إِلى ساق عرشي ، فرفع آدم رأسه فنظر إِلى ساق العرش فوجد عليه مكتوباً : لا إِلٰه إِلَّا اللَّـه، مُـحَمَّد رسول اللَّـه، عَلِيّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، وزوجته فاطمة سيِّدة نساء العالمين ، والحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنَّة. فقال آدم عليه السلام : يا ربّ ، مَنْ هؤلاء ؟ فقال (عزَّوجلَّ): من ذُرِّيَّتك ، وهم خير منكَ ومن جميع خلقي ، ولولاهم ما خلقتكَ ولا خلقتُ الجنَّة والنَّار ، ولا السَّماء والأَرض ، فإِيَّاك أَنْ تنظر إِليهم بعين الحسد فأُخرجكَ عن جواري. فنظر إِليهم بعين الحسد ، وتمنَّىٰ منزلتهم ، فتسلَّط الشَّيطان عليه حتَّىٰ أكل من الشَّجرة الَّتي نُهي عنها ، وتسلَّط على حوَّاء ؛ لنظرها إِلى فاطمة عليها السلام بعين الحسد حتَّىٰ أَكلت من الشَّجرة كما أَكل آدم ، فأخرجهما اللَّـه (عزَّوجلَّ) عن جنَّته ، وأَهبطهما عن جواره إِلى الأرض»(8). ودلالة الجميع واضحة. / نكتة توقُّف المخلوق في قبول مقامات وكمالات أَهل البيت عليهم السلام / ثُمَّ إِنَّه مَنْ يتوقَّف في قبول مقامات وكمالات وشؤون أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم ـ بعد قيام الدَّليل القطعي عليها ـ أَو يتردَّد فيها ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أَبو يعقوب ـ هذا ـ وأَبو عبداللَّـه الآتي ذكره من أَصحاب رواة وإسناد هذا الحديث الشريف. (2) في المصدر : (إِنَّا سمعنا اللَّـه يقول). (3) الصافات : 143. (4) بحار الأَنوار ، 26 : 333 ـ 334/ح16. تفسير فرات الكوفي : 94. (5) بحار الأَنوار ، 26 : 292 ـ 293/ح52. كنز جامع الفوائد : 264 ـ 265. وفيه : (أَنَّه تاب إِلى اللَّـه). (6) طٰه : 115. (7) بحار الأَنوار ، 11 : 35/ح31. علل الشرائع : 52. (8) بحار الأَنوار ، 26 : 273/ح15. عيون الأَخبار : 170