معارف ألهية(33)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ
17/02/2024
الدرس : (33) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين .لازال البحث في تفسير بيان اميرالمؤمنين صلوات الله عليه ـ الكاشف عن بعض طبقات حقيقته الصاعدة ـ : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »، ومر أَنَّه لتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، تم الكلام عن المُقدِّمة الاولى في الدرس (6 ـ 8 ) ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ) ، وعن المُقدِّمة الثانية في الدرس (9 ـ 10 )، وكانت تحت عنوان : (الصفات والأسمآء الإِلهيَّة مخلوقات إِلهيَّة) ، وعن المُقدِّمة الثالثة في الدرس (11 ـ 20 )، وكانت تحت عنوان ( طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة صفات وأَسماء إِلهيَّة ) ، وعن المُقدِّمة الرابعة في الدرس (21 )، وكانت تحت عنوان : ( حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة فوق الصفات والأَسماء الحسنى ) ، ووصلنا في الدرس (22 )الى المُقدِّمة الخامسة ، وكانت تحت عنوان : (تجلِّي الصفات والأَسمآء الإِلهيَّة في حقائق أَهل البيت عليهم السلام ) ، والى ما تقدم من بحث في هذه المقدمة تشير كثير من بيانات الوحي ، سنذكر(إِنْ شآء الله تعالىٰ) ثلاثة منها ، لازال البحث في البيان الاول ، وهو بيان امير المؤمنين عليه السلام : « ...لا تجعلونا اربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم ؛ فانكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته ... » ودلالته قد اِتَّضحت ؛ فإِنَّ جملة الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة قد انعكست وظهرت وتجلت في طبقات حقائق اهل البيت عليهم السلام الصاعدة إِلَّا الأُلوهيَّة ؛ لخروجها موضوعاً وتخصُّصاً ، ومن تلك الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة : (عدم التناهي ) ، واستحالة احاطة المتناهي بغير المتناهي ، ومر الكلام في العنوان التالي : « طبقات تحمُّل علوم ومعارف أَهل البيت عليهم السلام » ، ووصل البحث ( بحمد الله تعالى ) الى المطلب التالي : /نكتة توقُّف المخلوق في قبول مقامات وكمالات أَهل البيت عليهم السلام / ثُمَّ إِنَّه مَنْ يتوقَّف في قبول مقامات وكمالات وشؤون أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم ـ بعد قيام الدَّليل القطعي عليها ـ أَو يتردَّد فيها فضلاً عن مَنْ يُنْكِرُها فَلْيَعْلَم ـ بل ليراجع نفسه فسيجد ـ أَنَّ منشأ ذلك أَحد أُمور ثلاثة لا رابع لها ، وإِلَّا فتسويلات شيطانيَّة فإِنَّه : إِمَّا أَنْ يكون منشأ توقُّفه وتردُّده وإِنكاره (والعياذ باللَّـه تعالىٰ) في فاعليَّة الباري (تبارك وتعالىٰ) ، كمُعتقد اليهود. وإِمَّا أَنْ يكون ـ منشأ توقُّفه وتردُّده وإِنكاره ـ (والعياذ باللَّـه تعالىٰ) في قابليَّة واستعداد واستحقاق طبقات حقائق أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم، كمعتقد المُقصِّرة وبعض النَّواصب. وإِمَّا أَنْ يكون ـ منشأ توقُّفه وتردُّده وإِنكاره ـ (والعياذ باللَّـه تعالىٰ) جهلاً بهم صلوات اللَّـه عليهم ، أَو حسداً لهم ، أَو حقداً أَو تكبُّراً عليهم ، كحال إبليس والبعض الآخر من النَّواصب. وهذا كالأَوَّل والثَّاني إِلحاد وكفر جلي ، لا يُبْقي ولا يَذَر ؛ فإِنَّ يداه (عزَّ ذكره) مبسوطتان ينفق كيف يشآء ، وقابليَّة طبقات حقائق أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم واستعدادها واستحقاقها للفضل والكمال لا حدَّ ولا منتهىٰ ولا غاية لها ، والجهل وجنده كالحسد والحقد والتكَبُّر لاسيما إِذا كان في حقِّ أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم عَالَمٌ من البحر الأُجاج ظُلْمَانِيّاً ، فوق عَالَم جهنَّم ونار الآخرة الأَبديَّة (أعاذنا اللَّـه تعالىٰ منها) ، ومهيمن عليها ، بل هي قطرة في بحره وبحور جنده الظلمانيَّة الأُجاج المتلاطمة ، كما أَشار إِلى ذلك بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام في حديث جنود العقل والجهل(1). وإِلى الأَوَّل أَشارت بيانات الوحي ، منها : بيان قوله جلَّ ذكره : [وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ](2). وإِلى الأَوَّل والثَّاني أَشارت بياناته الأُخرىٰ ، منها : بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه : «... أَنَا صاحب النَّار ، أَقُولُ لَـهَا : خُذِي هٰذا ، وذري هذا ... أَنَا صاحب الهدَّة ، وَأَنَا صاحب اللَّوح المحفوظ ... أَنَا صاحب المعجزات والآيات ... أَنَا الَّذي حملتُ نوحاً في السَّفينة بأمر ربِّي ، وَأَنَا الَّذي أَخرجتُ يونس من بطن الحوت بإِذنِ رَبِّي ، وَأَنَا الَّذي جاوزتُ بموسىٰ بن عمران البحر بأمر رَبِّي ، وَأَنَا الَّذي أخرجتُ إبراهيم من النَّار بإِذن رَبِّي ، وَأَنَا الَّذي أَجريتُ أَنهارها ، وَفَجَّرتُ عيونها ، وغرستُ أَشجارها بإِذن رَبِّي ، وَأَنَا عذاب يوم الظِّلَّة ، وَأَنَا المنادي من مكان قريب قد سمعه الثقلان : الجنّ والإِنس وفهمه قوم ... لا تُسَمُّونا أَرْباباً وقولوا في فضلنا ما شئتم ، فإِنَّكم لن تبلغوا من فضلنا كُنْه ما جعله اللَّـه لَنَا ، ولا معشار العشر ... ولو قال قائل : لِمَ ، وكيف ، وَفِيم ؟ لكفر وأَشرك ؛ لأَنَّه لا يُسأل عمَّا يفعل وهم يُسألون ... مَنْ آمن بما قلتُ ... فهو مؤمن ممتحن ... وَمَنْ شَكّ وعَنَدَ وجَحَدَ ووقف وتحيَّر وارتاب فهو مقصِّر وناصب ... الويل كُلّ الويل لِـمَنْ أَنكر فضلنا وخصوصيَّتنا ، وما أَعطانا اللَّـه ربُّنا ؛ لأَنَّ مَنْ أَنْكرَ شيئاً مِـمَّا أَعطانا اللَّـه فقد أَنْكرَ قدرة اللَّـه عزَّوجلَّ ومشيَّته فينا ... وَحَقَّتْ كلمة العذاب على الكافرين ، أَعني الجاحدين بِكُلِّ ما أَعطانا اللَّـه مِنَ الفضل والإِحْسان» (3). ودلالته واضحة ولا غبار عليها. وإِلى الثَّالث أَشارت بياناته الأُخرىٰ ، منها : 1ـ بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه مخاطباً حذيفة بن اليمان : «يا حذيفة ، لا تُحَدِّث النَّاس بما لا يعلمون فيطغوا ويكفروا ، إِنَّ من العلم صعباً شديداً محمله ، لو حملته الجبال عجزت عن حمله ، إِنَّ علمنا أهل البيت يُستنكر ويبطل ويُقتل رواته ، ويُساء إِلى مَنْ يتلوه بغياً وحسداً لما فَضَّلَ اللَّـه به عترة الوصي ، وصي النَّبيّ ’ ...»(4). 2ـ بيان تفسير أَبي جعفر عليه السلام ، عن بريدة ، قال : «كنتُ عند أَبي جعفر عليه السلام فسألته عن قوله اللَّـه تعالىٰ : [أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ](5)؛ قال: فنحن النَّاس ، ونحن المحسودون على ما آتانا اللَّـه من الإِمامة دون خلق اللَّـه جميعاً [فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا](6)جعلنا منهم الرسل والأَنبياء والأَئِمَّة عليهم السلام ، فكيف يقرُّون بها في آل إِبراهيم ، ويُكَذِّبون بها في آل محمَّد عليهم السلام ؟ [فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا](7)»(8). 3ـ بيان تفسير الإِمام الصَّادق عليه السلام ، عن إِبراهيم ، قال : « قلت لأَبي عبداللَّـه عليه السلام : جُعِلْتُ فداك ، ما تقول في هذه الآية: [أَم يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا](9)، قال : نحن النَّاس الَّذين قال اللَّـه ، ونحن المحسودون ، ونحن أَهل المُلك ، ونحن ورثنا النَّبيِّين ، وعندنا عصا موسىٰ ، وإِنَّا لخزَّان اللَّـه في الأَرض ، لسنا بِخُزَّانٍ على ذهب ولا فضَّة ...»(10). 4ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، عن الكناني ، قال : «قال أَبو عبداللَّـه عليه السلام : يا أَبا الصباح ، نحن قوم فرض اللَّـه طاعتنا ، لنا الأَنفال ، ولنا صفو الـمال ، ونحن الرَّاسخون في العلم ، ونحن المحسودون الَّذين قال اللَّـه : [أَم يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ]»(11). ودلالة الجميع واضحة. ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أُصول الكافي، 1: 17/ح14. (2) المائدة : 64 . (3) بحار الأَنوار ، 26 : 1 ـ 7/ح1. (4) بحار الأَنوار ، 28 : 70 ـ 71/ح31. غيبة النعماني : 70 ـ 72. (5) النساء : 54 . (6) النساء : 54 . (7) النساء : 55 . (8) بحار الأَنوار ، 23 : 298/ح44. تفسير فرات : 28. (9) النساء : 54 . (10) بحار الأَنوار ، 23 : 299/ح50. (11) المصدر نفسه : 194/ح20. بصائر الدرجات : 55