الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة | معارف ألهية(34)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ

معارف ألهية(34)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ

18/02/2024


الدرس : (34) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين .لازال البحث في تفسير بيان اميرالمؤمنين صلوات الله عليه ـ الكاشف عن بعض طبقات حقيقته الصاعدة ـ : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »، ومر أَنَّه لتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، تم الكلام عن المُقدِّمة الاولى في الدرس (6 ـ 8 ) ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ) ، وعن المُقدِّمة الثانية في الدرس (9 ـ 10 )، وكانت تحت عنوان : (الصفات والأسمآء الإِلهيَّة مخلوقات إِلهيَّة) ، وعن المُقدِّمة الثالثة في الدرس (11 ـ 20 )، وكانت تحت عنوان ( طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة صفات وأَسماء إِلهيَّة ) ، وعن المُقدِّمة الرابعة في الدرس (21 )، وكانت تحت عنوان : ( حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة فوق الصفات والأَسماء الحسنى ) ، ووصلنا في الدرس (22 )الى المُقدِّمة الخامسة ، وكانت تحت عنوان : (تجلِّي الصفات والأَسمآء الإِلهيَّة في حقائق أَهل البيت عليهم السلام ) ، والى ما تقدم من بحث في هذه المقدمة تشير كثير من بيانات الوحي ، سنذكر(إِنْ شآء الله تعالىٰ) ثلاثة منها ، لازال البحث في البيان الاول ، وهو بيان امير المؤمنين عليه السلام : « ...لا تجعلونا اربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم ؛ فانكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته ... » ودلالته قد اِتَّضحت ؛ فإِنَّ جملة الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة قد انعكست وظهرت وتجلت في طبقات حقائق اهل البيت عليهم السلام الصاعدة إِلَّا الأُلوهيَّة ؛ لخروجها موضوعاً وتخصُّصاً ، ومن تلك الصفات والأَسمآء الإِلٰهيَّة : (عدم التناهي ) ، واستحالة احاطة المتناهي بغير المتناهي ، ومرالبحث في العنوان التالي : « طبقات تحمُّل علوم ومعارف أَهل البيت عليهم السلام » ، ووصلنا ( بحمد الله تعالى ) الى المطلب التالي : / مقامات كُمَّل المخلوقات لا تُعطى إِلاَّ بقدر معرفتهم بأَهل البيت عليهم السلام / ثُمَّ إِنَّ كمَّل المخلوقات ـ منهم : الملائكة المُقرَّبين ، والأَنبياء والمرسلين، والأَوصياء والأَصفياء عليهم السلام ـ لم يُعطوا تلك المقامات والكمالات ولم يُفضَّل بعضهم على الآخر إِلَّا بقدر معرفتهم بأَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم ، وبقدر تحمُّل قابليَّاتهم لأَسرارهم. وإِلى هذا تُشير بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان الحديث القدسي ، عن ربِّ العزَّة (تقدَّس ذكره) ، مخاطباً سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... وَإِنِّي جعلتكم محنة لخلقي ، أَمتحن بكم جميع عبادي وخلقي في سمائي وأَرضي وما فيهنَّ ؛ لأَكمل الثواب لمن أَطاعني فيكم ، وأَحلّ عذابي ولعنتي على مَنْ خالفني فيكم وعصاني ، وبكم أُميِّز الخبيث من الطَّيِّب...»(1). ودلالته قد اتَّضحت ؛ فإِنَّ جملة المخلوقات ، منهم : كافَّة الملائكة لا سيما المُقرَّبين ، وجميع الأَنبياء والمرسلين ، وسائر الأَوصياء والأَصفياء عليهم السلام لم يُعطَ أَحدٌ منهم مقاماً ـ كـ : مقام : المقرَّبيَّة ، والنُّبُوَّة والرسالة ، والوصاية والإِصطفاء ـ ولا كمالاً ولا فضيلة ، ولا شأناً إِلٰهيّاً البتة في هذا العَالَم ، وفي العوالم السَّابقة واللاحقة ، ولم يُمَيَّز خبيثٌ عن طيِّبٍ إِلَّا بعد الابتلاءات والإِمتحانات في قدر معرفته بـ : أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم وطاعته لهم ، ومدىٰ تحمُّل أَسرارهم ومعارفهم. 2ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «... والَّذي نفسي بيده ، ما استوجب آدم أَنْ يخلقه اللَّـه وينفخ فيه من روحه وأَنْ يتوب عليه ، ويردَّه إِلى جنَّته إِلَّا بنبوَّتي والولاية لِعَلِيّ بعدي ، والَّذي نفسي بيده ما أَرىٰ إِبراهيم ملكوت السَّماوات والأَرض ، ولا اتَّخذه خليلاً إِلَّا بنبوَّتي والإِقرار لِعَلِيّ بعدي ، والَّذي نفسي بيده، ما كلَّمَ اللَّـه موسىٰ تكليماً ، ولا أَقام عيسىٰ آية للعالمين إِلَّا بنبوَّتي ومعرفة عَلِيّ بعدي ، والَّذي نفسي بيده ، ما تنبَّأ نبيٌّ إِلَّا بمعرفتي ، والإِقرار لنا بالولاية ، ولا استأهل خلق من اللَّـه النظر إِليه إِلَّا بالعبوديَّة له ، والإِقرار لِعَلِيّ بعدي...»(2). 3ـ بيانه صلى الله عليه واله أَيضاً : «ما تكاملت النُّبوَّة لِنَبِيٍّ في الأَظلَّة حتَّىٰ عرضت عليه ولايتي وولاية أَهل بيتي ، ومُثِّلوا له فأَقَرُّوا بطاعتهم وولايتهم»(3). ودلالته ـ كدلالة سابقه ـ واضحة. 4ـ إِطلاق بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه : «... أَنَا مُنزل الملائكة منازلها ... أَنَا صاحب الهبات بعد الهبات ولو أَخبرتكم لكفرتم ... أنَا المعطي، أَنا المبذل ، أَنا القابض يدي على القبض...»(4). وهذا أَحد تفاسير هذا البيان الشَّريف. 5ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام : «ما نُبِّئ نبيّ قَطُّ إِلَّا بمعرفة حقِّنا ، وبفضلنا على من سوانا»(5). ودلالته قد اِتَّضحت ؛ فإِنَّ مقام النُّبُوَّة لم يُعطَ لنبيٍّ قَطُّ إِلَّا بعد معرفته في العوالم السَّالفة بحقائق أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم ، ومعرفة : حقّهم وحقوقهم وبفضلهم على جملة المخلوقات وفي جميع العوالم. 6ـ بيانه عليه السلام أَيضاً : «... فَمَنْ أَراد اللَّـه أَنْ يُطَهِّر قلبه من الجنِّ والإِنس عرَّفه ولايتنا ، ومن أَراد أَنْ يطمس على قلبه أَمسكَ عنه معرفتنا... واللَّـه ، ما استوجب آدم أَنْ يخلقه اللَّـه بيده ، وينفخ فيه من روحه إِلَّا بولاية عَلِيّ عليه السلام ، وما كلَّم الله موسىٰ تكليماً إِلَّا بولاية عِليّ عليه السلام ، ولا أَقَام اللَّـه عيسىٰ بن مريم آية للعالمين ، إِلَّا بالخضوع لِعَلِيّ عليه السلام ، ثُمَّ قال : اجمل الأَمر : ما استأهل خلق من اللَّـه النظر إليه إِلَّا بالعبوديَّة لنا»(6). ودلالته واضحة. 7ـ بيانه عليه السلام أَيضاً ، الوارد في حقِّ فاطمة الزهراء عليها السلام : «... وهي الصِّدِّيقة الكبرىٰ ، وعلى معرفتها دارت القرون الأُولىٰ»(7). ودلالته قد اِتَّضحت أَيضاً ؛ فإِنَّ مقامات كُمَّل المخلوقات ـ كـ : الملائكة المُقرَّبين ، والأَنبياء والمرسلين ، والأَوصياء والأَصفياء عليهم السلام ـ وغيرهم وكمالاتهم وشؤونهم لم تعطها يد ساحة القدس الإِلٰهيَّة لهم في العوالم السَّابقة ـ وهي الأَساس ـ إِلَّا على قدر معرفتهم بـ : مراتب طبقات حقيقة فاطمة الزهراء صلوات اللَّـه عليها ، وبـ : مقاماتها ، وكمالاتها ، وفضائلها ، وشؤونها. ولوجود تفاوت في معرفتهم بها فُضِّل بعضهم على الآخر. 8 ـ بيان الإِمام الحسن العسكري عليه السلام : «... فالكليم أُلبس حلَّة الإِصطفاء لَـمّا عهدنا منه الوفاء ...»(8). ودلالته قد اِتَّضحت أَيضاً ؛ فإِنَّ النَّبيَّ موسىٰ عليه السلام نال الإِصطفاء والنُّبُوَّة والرِّسالة ؛ وسائر المراتب والمقامات الإِلٰهيَّة ؛ لَـمَّا عهد أَهل البيت صلوات اللّٰـه عليهم منه الوفاء والإِخلاص لهم. 9ـ بيان زيارتهم صلوات اللَّـه عليهم : «... حتَّىٰ لا يبقىٰ مَلَك مُقرَّب، ولا نَبِيّ مُرْسَل ، ولا صِدِّيق ولا شهيد ، ولا عَالِم ، ولا جاهل ، ولا دني ولا فاضل ، ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح ، ولا جبَّار عنيد، ولا شيطان مريد، ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إِلَّا عرَّفه جلالة أَمركم ، وعظم خطركم ، وكبير شأنكم ، وجلالة قدركم ، وتمام نوركم ، و صدق مقاعدكم ، وثبات مقامكم ، وشرف محلَّكم ، ومنزلتكم عنده، وكرامتكم عليه ، وخاصَّتكم لديه ، وقرب مجلسكم منه...»(9). ودلالته قد اِتَّضحت أَيضاً ؛ فإِنَّ أَحد فلسفات هذا العرض وعلله في بداية الخلقة ، والتعريف بمقامات أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم وكمالاتهم وشؤونهم وذلك لإِختبار وامتحان جملة المخلوقات ؛ ليُعطىٰ كُلّ ذي قابليَّة حقَّه وشأنه في المسؤوليَّات المستقبليَّة. ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 18 : 399 ـ 400/ح101. (2) بحار الأَنوار ، 40 : 95 ـ 97/ح116. كتاب سليم : 168 ـ 170. (3) بصائر الدرجات ، 1 : 161/ح300 ـ 7. (4) مشارق أَنوار اليقين، الخطبة الافتخارية: 165 ـ 166. (5) بحار الأَنوار ، 26 : 281/ح28. بصائر الدرجات ، 1 : 51. (6) بحار الأَنوار: 294/ ح56. الاختصاص : 250. (7) بحار الأَنوار ، 43 : 105/ح19. (8) ب المصدر نفسه، 26 : 364 ـ 365/ح50. (9) بحار الأَنوار ، 99 : 152