الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الإِلٰهيَّة | معارف ألهية(42)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ

معارف ألهية(42)تفسير بيان اميرالمؤمنين عليه السلام : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» وبيانه : « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ

26/02/2024


الدرس : (42) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم أَجمعين .لازال البحث في تفسير بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه ـ الكاشف عن بعض طبقات حقيقته الصاعدة ـ : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام ايضا: « أَنا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة، أَنا النقطة والخطُّ »، ومر أَنَّه لتفسير كلامه الشريف هذا لابد من تقديم ثمان مقدمات ، تم الكلام عن المُقدِّمة الاولى في الدرس (6 ـ 8 ) ، وكانت تحت عنوان : (أَوَّل المخلوقات وأَشرفها حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة ) ، وعن المُقدِّمة الثانية في الدرس (9 ـ 10 )، وكانت تحت عنوان : (الصفات والأسمآء الإِلهيَّة مخلوقات إِلهيَّة) ، وعن المُقدِّمة الثالثة في الدرس (11 ـ 20 )، وكانت تحت عنوان ( طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة صفات وأَسماء إِلهيَّة ) ، وعن المُقدِّمة الرابعة في الدرس (21 )، وكانت تحت عنوان : ( حقائق أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة فوق الصفات والأَسماء الحسنى ) ، وعن المُقدِّمة الخامسة في الدرس (22 ـ 37 )، وكانت تحت عنوان : (تجلِّي الصفات والأَسمآء الإِلهيَّة في حقائق أَهل البيت عليهم السلام ) ، وعن المُقدِّمة السَّادسة في الدرس (38 )، وكانت تحت عنوان : (هيمنة المخلوق المُتقدِّم وعلوّ كمالاته) ، وعن المُقدِّمة السَّابعة في الدرس (39 )، وكانت تحت عنوان : (أَنواع الإِحاطة) ، وعن المُقدِّمة الثامنة في الدرس (40 )، وكانت تحت عنوان : (غائيَّة الخالق (عزَّ وجلَّ) تختلف عن غائيَّة المخلوق) ، ووصل بنا البحث ( بحمد الله تعالى ) في هذا الدرس الى تفسيرٌ آخر لبيان أَمير المؤمنين عليه السلام المُتقدِّم ؛ فنقول : / تفسيرٌ آخر لبيان أَمير المؤمنين عليه السلام المُتقدِّم / ومنه يتَّضح : وجهٌ وتفسيرٌ آخرٌ لبيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه المُتقدِّم : «أَنا النقطة الَّتي هي تحت الباء» ، وبيانه عليه السلام أَيضاً : «أَنَا النقطة أَنا الخطُّ ، أَنا الخطُّ أَنا النقطة ، أَنا النقطة والخطُّ» ، فإِنَّ مراده صلوات اللَّـه عليه من : (الخطِّ) : الصراط والخطّ المُستقيم الفارد والحصري الموصل إِلى ساحة القدس الإِلٰهيَّة. وإِلى هذا أَشارت بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله مخاطباً أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه : «يا عَلِيّ ، أَنتَ ... ركن الدِّين ، وأَنْتَ مصباح الدجىٰ ، وأَنْتَ منار الهدىٰ ...مَنْ تبعك نجا ، وَمَنْ تخلَّفَ عنك هَلَك ، وأَنت الطريق الواضح ، وأَنْتَ الصراط المُستقيم ...»(1). ثانياً : بيانه صلى الله عليه واله ، مخاطباً أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه أَيضاً : «يا عَلِيّ، أنت حُجَّة اللَّـه ، وأَنْتَ باب اللَّـه ، وأَنْتَ الطَّريق إلى اللَّـه ، وأَنْتَ النبأ العظيم ، وأَنْتَ الصراط المستقيم ...»(2). ثالثاً : بيان أَمير المؤمنين صلوات اللَّـه عليه : «... وأَنَا الصراط المُستقيم ، وأَنَا النبأ العظيم الَّذي هم فيه مختلفون ، وَلَا أَحَد اختلف إِلَّا في ولايتي...»(3). ودلالة الجميع واضحة. ومراده صلوات اللَّـه عليه من : (النقطة) : نقطة (باء الاستعانة) ، وهي(4) روحها ومركزها ، ولولاها لَـمَا تشخَّصت ، وهي(5) أَوَّل حرف ورد في القرآن الكريم ، ومعناها : أَنَّ جملة العوالم وسائر المخلوقات ـ مؤمنة كانت أَم لا ـ لا يمكنها إِلَّا أَنْ تستعين بالذات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ، وتمدّ حولها وقوتها وفقرها الذاتي ليس إِلَّا منه (جلَّ شأنه). وهذه الصفة والاسم والكمال والشأن الإِلٰهي قد انعكس وظهر وتجلَّىٰ في طبقات حقيقة أَمير المؤمنين عليه السلام وحقائق سائر أَهل البيت صلوات اللَّـه عليهم الصَّاعدة ، فكانت طرّ العوالم وجميع المخلوقات ـ شعرت بذلك أَم لا ـ لا يمكنُها إِلَّا أَنْ تستعين بتلك الطبقات ، وتمدُّ منها حولها وقوَّتها ، وفقرها الذاتي الخارم لجملة شراشرها ، ولكافَّة جزئيَّات وذرَّات حقائقها. مضافاً : أَنَّ طبقات حقيقة أَمير المؤمنين عليه السلام وطبقات حقائق سائر أَهل البيت عليهم السلام الصَّاعدة هي الوسيلة والواسطة الحصريَّة ، والسبب والرباط الإِلٰهي الأَدنىٰ في قوس الصعود لولوج المخلوق وأَعماله ساحة القدس الإِلٰهيَّة ، والوسيلة أَيضاً والواسطة الحصريَّة والسبب الوحيد لتمتُّعه في قوس النزول بالفيض الإِلٰهي ، فمن دون الإِستعانة بطبقات حقائقهم صلوات اللَّـه عليهم الصَّاعدة لن يتمكَّن مخلوقٌ البتَّة ، أَبد الآباد ودهر الدُّهور ، ولا أَعماله في جملة العوالم من الوصول إِلى ساحة القدس الإِلٰهيَّة ، وكذا لن يتمكَّن البتَّة من استمداد حوله وقوَّته وعطائه إِلَّا بعد نشب أَظفاره بطبقات حقائقهم صلوات اللَّـه عليهم الصَّاعدة والإٍستعانة بها ، شعر بذلك المخلوق أَم لا. وهذا ما تشير إِليه بيانات الوحي ، منها : بيان سيِّد الأَنبيّاء صلى الله عليه واله : «...فقال له أصحاب رسول اللَّـه صلى الله عليه واله : ما أَسوأ حال هذا واللَّـه. قال رسول اللَّـه صلى الله عليه واله : أَوَ لَا أُنَبِّئكم بأَسوأ حالاً من هذا ؟ قالوا : بلىٰ يا رسول اللَّـه. قال : رَجُل حضر الجهاد في سبيل اللَّـه ، فقُتِلَ مُقبلاً غير مدبر ، والحور العين يطَّلَّعن إِليه ، وخزَّان الجنان يتطلَّعون ورود روحه عليهم ، وأَملاك الأَرض(6) يتطلَّعون نزول حور العين إِليه ، والملائكة وخزَّان الجنان فلا يأتونه. فتقول ملائكة الأَرض حوالي(7) ذلك المقتول : ما بال الحور العين لا ينزلن إِليه ؟ وما بال خزَّان الجنان لا يردون عليه ، فينادون من فوق السمآء السَّابعة : يا أَيَّتها الملائكة ، انظروا إِلى آفاق السمآء ودوينها ، فينظرون فإذا توحيد هذا العبد وإِيمانه برسول اللَّـه صلى الله عليه واله وصلاته وزكاته وصدقته وأَعمال بِرّه كُلّها محبوسات دوين السمآء ، قد طبَّقت آفاق السمآء كلِّيّاً كالقافلة العظيمة ، قد ملأت ما بين أَقصىٰ المشارق والمغارب ، ومهابّ الشمال والجنوب ، تُنادي أَملاك تلك الأَثقال(8) الحاملون لها ، الواردون بها : ما بالنا لا تفتح لنا أَبواب السَّماء لندخل إِليها بأعمال(9) هذا الشَّهيد. فيأمر اللَّـه بفتح أَبواب السَّمآء فتفتح ، ثُمَّ ينادي : يا هؤلاء الملائكة(10) أدخلوها إِنْ قدرتم ، فلا تقلَّهُم(11) أَجنحتهم ولا يقدرون على الارتفاع بتلك الأَعمال ، فيقولون : يا ربّنا ، لا نقدر على الارتفاع بهذه الأَعمال ، فيناديهم منادي ربّنا عزَّوجلَّ : يا أَيُّها الملائكة ، لستم حُمَّال هذه الأَثقال(12) الصَّاعدين(13) بها ، إِنَّ حملتها الصاعدين بها مطاياها الَّتي ترفعها إِلى دوين العرش ، ثُمَّ تقرّها في درجات الجنان. فيقول الملائكة : يا ربّنا ، ما مطاياها ؟ فيقول اللَّـه تعالىٰ : وما الَّذي حملتم من عنده ؟ فيقولون: توحيده لك ، وإِيمانه بنبيِّكَ. فيقول اللَّـه تعالىٰ : فمطاياها موالاة عَلِيّ أَخي نبيّي ، وموالاة الأَئمَّة الطَّاهرين ، فإِنْ أَتَت فهي الحاملة الرَّافعة الواضعة لها في الجنان. فينظرون فإذا الرَّجُل مع ماله من هذه الأَشياء ليس له موالاة عَلِيّ والطَّيِّبين من آله ومعاداة أعدائهم. فيقول اللَّـه (تبارك وتعالىٰ) للأَملاك الَّذين كانوا حامليها : اعتزلوها والحقوا بمراكزكم من ملكوتي، ليأتيها مَنْ هو أَحَقّ بحملها ووضعها في موضع استحقاقها. فتلحق تلك الأَملاك بمراكزها المجعولة لها. ثُمَّ ينادي منادي رَبّنا (عزَّوجلَّ) : يا أَيَّتها الزبانية ، تناوليها وحطِّيها إِلى سواء الجحيم ؛ لأَنَّ صاحبها لم يجعل لها مطايا من موالاة عَلِيّ عليه السلام والطَّيِّبين من آله، قال : فتُنادي(14) تلك الأَملاك ، ويقلب اللَّـه تلك الأَثقال أَوزاراً وبلايا على باعثها(15)؛ لِـمَا فارقها عن مطاياها من موالاة أَمير المؤمنين عليه السلام . ونادت تلك الملائكة إِلى مخالفتهِ لِعَلِيٍّ عليه السلام وموالاته لأَعدائه ، فيسلِّطها اللَّـه (عزَّوجلَّ) وهي في صورة الأُسود على تلك الأَعمال ، وهي كالغربان والقرقس(16)، فيخرج من أَفواه تلك الأُسود نيران تحرقها ، وَلَا يبقىٰ(17) له عمل إِلَّا أُحبط (18)، ويبقىٰ عليه موالاته لأعداء عَلِيّ عليه السلام ، وجحده ولايته فيقرّ (19) ذلك في سوآء الجحيم ، فإِذا هو قد حبطت أَعماله ، وعظمت أَوزاره وأثقاله ...»(20). ودلالته واضحة. /خاتمة/ قضيَّتان لا بأس بالإِلتفات إِ ليهما ، وهي : / القضيَّة الأُولى: / / طبقات حقائق أَهل البيت عليهم السلام علل غائيَّة/ هناك قاعدة تُذْكَر في المباحث المعرفيَّة ، وهي : «أَنَّ الموجود ... وتتمة البحث تاتي (إِنْ شآء الله تعالىٰ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 44 : 100/ح20. أمالي الصدوق : 184. (2) بحار الأَنوار ، 24 : 111/ح46. عيون الأخبار : 181. (3) بحار الأَنوار ، 26 : 1 ـ 7/ح1. (4) مرجع ضمير (وهي) : (نقطة باء الإستعانة). مرجع ضمير (روحها) و (مركزها) : (باء الاستعانة). (5) مرجع الضمير : (باء الإِستعانة). (6) في المصدر : (وأَملاك السمآء وأَملاك الأَرض). (7) في نسخة : (حول). (8) في نسخة : (الأَعمال). وفي نسخة من المصدر : (الأَفعال). (9) في نسخة : (أَعمال). (10) في المصدر : (يا هؤلاء الأَملاك). (11) في المصدر : (فلا تقلها). ( 12) في نسخة: (الأَعمال). (13) في نسخة (الصاعدون). (14) في نسخة : (فتأتي). (15) في نسخة من المصدر : (على فاعلها). (16) في نسخة : (والقرقش). (17) في نسخة : (فلا يبقىٰ). (18) وفي نسخة : (إِلَّا حبط). (19) في المصدر : (فيقرَّه). (20) بحار الأَنوار ، 27 : 187 ـ 190/ح46. التفسير المنسوب إِلى الإِمام العسكري عليه السلام: 27 ـ 29