معارف الهية ( 46 ) تعريف حقيقة الامام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية
01/03/2024
الدرس ( 46 ) بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، لازال البحث في تعريف حقيقة الامام عليه السلام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية ، ووصل الكلام ( بحمد الله تعالى ) الى المطلب التالي : تعاريف المدارس البشريَّة للإِمامة الإِلهيَّة لكن: مَنْ يُراجع كُتُب أَصحاب علم الكلام وعلم الفلسفة والعرفان ، وكُتُب وسائر أَصحاب المدارس المعرفيَّة البشريَّة ، قديماً وحديثاً ، عند الخاصَّة والعامَّة فسيجد أَنَّهم عرَّفوها بتعاريف ، منها : 1ـ الإِمامة : رئاسة عامَّة دينيَّة ، مشتملة على ترغيب عموم النَّاس في حفظ مصالحهم الدِّينيَّة والدنيويَّة ، وزجرهم عمَّا يضرَّهم بحسبها(1). 2ـ الإِمامة : خلافة الرسول في إقامة الدِّين ؛ بحيث يجب اتباعه على كافَّة الأُمَّة(2). 3ـ الإِمامة : رئاسة عامَّة في أُمور الدِّين والدُّنيا(3). 4ـ الإِمامة : خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدِّين وسياسة الدُّنيا(4). جملة مُؤاخذات على تعاريف المدارس البشريَّة للإِمامة الإِلهيَّة وغير خفيٍّ على الناقد البصير عندما يعمل نظره في ملحمة التَّحليل ، وسندان التَّعَمُّق ، ويغوص في بحر التَّفكير يجد أَنَّها تعاريف ناقصة ، وقاصرة وهابطة ، ومُنْحَطَّة جِدّاً ، مُميتة للحقائق ، ومُحجِّرة للعقول ، وقاتلة لروح التَّفكير الحر ، والبحث العلمي(5)، والتَّصَدِّي للمسؤوليَّة(6) الدِّينيَّة والشَّرعيَّة ، ومولِّدة لهبوطٍ عقائديٍّ ومعرفيٍّ لدىٰ جملة البشريَّة ، بل مُطلق المخلوقات خطير وشنيع وفظيع جِدّاً ، وذلك من وجوه ، منها (7) (8): المُؤاخذة الأُولى : حصر دور الإِمامة الإِلهيَّة على البعد السياسي إِنَّها قصرت دور إِمامة أَهل البيت ^ الإِلٰهيَّة وولايتها ومهامِّها ... وتتمة البحث تاتي ( ان شاء اله تعالى ) ،وصلى الله على محمد واله الاطهار ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) قواعد العقائد ، الخواجة نصير الطوسي: 108. (2) المواقف : 211. (3) المصدر نفسه. (4) المُقدِّمة، ابن خلدون: 191. (5) هذا عطف على كلمة : (التَّفكير) ، فتكون العبارة هكذا : (وقاتلة لروح البحث العلمي). (6) هذا عطف على كلمة : (الحقائق) ، فتكون العبارة كالتَّالي : (ومميتة للتصدِّي للمسؤوليَّة الدِّينيَّة والشَّرعيَّة). (7) هذا القصور في تعاريف القوم والهبوط المعرفي والمؤاخذات والإشكالات والتساؤلات الواردة على إِثره على حقيقة الإِمام والإِمامة الإِلٰهيَّة إِلى يومنا هذا تأتي كذلك في تعاريفهم لنبوَّة سيِّد الأَنبياء ’ ورسالته ، بل وللنُّبُوَّة بشكل عام ، وللرسالات السَّماويَّة. (8) هذه التَّعاريف الهابطة ، بل الخاطئة في بيان حقيقة إِمامة أَهل البيت (صلوات اللَّـه عليهم) الإِلٰهيَّة نشأت نتيجة الجدل الكلامي الدَّائر بين المدارس الكلاميَّة ؛ فانشغل علماء الخاصَّة عن استخراج درر معارف بيانات الوحي ؛ فهبط مستوىٰ بحث علم الكلام والمعارف هبوطاً خطيراً. وبعبارة أُخرىٰ : أَنَّ للجدل والخصومة في الدِّين آفات ؛ لأَنَّها تنزل بصاحبها عن سعة الحقيقة غير المتناهيَّة ؛ وعن أُفق الحقيقة الواسع وغيرالمتناهي للدِّين إِلى أُفق ضيِّق ؛ وهو ما يمليه عليه الطرف الآخر ، ومِنْ ثَمَّ أَحد آفات المداراة بقول مطلق وفي كُلِّ شيءٍ ـ فإِنَّها وإِنْ كانت زينة ، لكنَّها ـ : تُلوِّن المُداري وتُلوِّثه باعتقادات ومباني وما يُدين به الطرف من حيث لا يشعر. وعلى هذا قس : حال التَّقيَّة حرفاً بحرف ؛ فإِنَّها كثيراً ما تُعمي وتطمس الحقيقة.