معارف الهية ( 56 )تعريف حقيقة الامام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية
11/03/2024
الدرس ( 56 ) بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، لازال البحث في تعريف حقيقة الامام عليه السلام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية ، ومر الكلام في الدرس ( 54) انه لابد من التعرض لبيانات الوحي ليتجلى ذلك التعريف ، واذا رجعنا الى تلك البيانات لوجدناها على طوائف ، تذكر كل طائفة منها بعض خصائص ذلك التعريف وفصوله واجناسه ، وسنذكر ( ان شاء الله تعالى ) ( 13 ) طائفة ، مر الكلام عن الطائفة الاولى في الدرس ( 54 ) وعن الطائفة الثانية والثالثة في الدرس ( 55 ) ، ووصل البحث ( بحمد الله تعالى ) الى الطائفة الرابعة : الإِمامة الإِلهيَّة حقيقة تكوينيَّة الطَّائفة الرَّابعة : ما دلَّ على أَنَّ الإِمامة الإِلٰهيَّة حقيقة تكوينيَّة. ويُمثلِّها : 1ـ بيان أَمير المؤمنين × : «... أنا صاحب أمر النبي ’ ، قال اللَّـه عزَّوجلَّ : [يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ](1)، وهو : روح اللَّـه ، لا يعطيه ولا يلقي هذا الرُّوح إِلَّا على ملكٍ مُقَرَّبٍ أَو نَبِيٍّ مرسلٍ ، أَو وصيٍّ منتجبٍ ، فَمَنْ أعطاه اللَّـه هذا الرُّوح فقد أبانه من النَّاس، وفوَّض إِليه القدرة ، وأَحيىٰ الموتىٰ ، وعلم بما كان وما يكون ، وسار من المشرق إلى المغرب ، ومن المغرب إلى المشرق في لحظة عين ، وعلم ما في الضمائر والقلوب ، وعلم ما في السَّماوات والأرض... أَنا أَمير كُلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ مِـمَّن مضىٰ ، ومِـمَّن بقي ، وأُيدتُ بروح العظمة ... لا تُسمُّونا أَرباباً وقولوا في فضلنا ما شئتم فإِنَّكم لن تبلغوا من فضلنا كُنْه ما جعله اللَّـه لنا ، ولا معشار العشر ؛ لأَنَّا : آياتُ اللَّـه ودلائله ، وحُجج اللَّـه وخلفاؤه وأُمناؤه وأئمَّته ، ووجه اللَّـه ، وعين اللَّـه ، ولسان اللَّـه ، بنا يُعذِّب اللَّـه عباده ، وبنا يُثيب ، ومن بين خلقه طَهَّرنا واختارنا واصطفانا ، ولو قال قائل : لِـمَ ، وكيف ، وفيم ؟ لكفر وأَشرك ؛ لأَنَّه : [لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ](2) ... أَنا أُحيي وأُميت بإِذن ربِّي ، أَنا أُنبئكم بما تأكلون وما تدَّخرون في بيوتكم بإِذن ربِّي ، وأَنَا عَالِمٌ بضمائر قلوبكم ، والأَئمَّة من أَولادي ^ يعلمون ويفعلون هذا إذا أَحَبُّوا وأَرادوا ؛ لأَنَّا كُلُّنا واحد ... ونحن إِذا شئنا شاء اللَّـه، وإِذا كرِهْنا كرِهَ اللَّـهُ ، الويل كلّ الويل لمَن أَنكر فضلنا وخصوصيَّتنا ، وما أَعطانا اللَّـهُ ربُّنا ؛ لأَنَّ مَنْ أنكر شيئاً مِـمَّا أَعطانا اللَّـه فقد أَنكر قدرة اللَّـه عزَّوجلَّ ومشيَّته فينا... لقد أَعطانا اللَّـه ربُّنا ما هو أَجلُّ وأَعظم وأَعلىٰ وأكبر من هذا كُلِّه ... قد أَعطانا ربُّنا عزَّوجلَّ علمنا للاسم الأَعظم ؛ الَّذي لو شئنا خرقت السَّماوات والأَرض ، والجنَّة والنَّار ، ونعرج به إلى السَّماء ، ونهبط به الأَرض ، ونُغَرِّب ونُشَرِّق ، وننتهي به إلى العرش فنجلس عليه بين يدي اللَّـه عزَّوجلَّ ، ويطيعنا كلَّ شيءٍ حتَّىٰ السَّماوات والأَرض ، والشَّمس والقمر والنجوم ، والجبال والشَّجر والدواب والبحار ، والجنَّة والنَّار ، أعطانا اللَّـه ذلك كلّه بالاسم الأَعظم الَّذي عَلَّمَنا وخصَّنا به ، ومع هذا كلّه نأكل ونشرب ونمشي في الأَسواق ، ونعمل هذه الأَشياء بأَمر ربّنا ، ونحن عباد اللَّـه المكرمون الَّذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، وجعلنا معصومين مُطَهرين ... وحقَّت كلمة العذاب على الكافرين ، أَعني: الجاحدين بكلِّ ما أَعطانا اللَّـه من الفضل والإِحسان ...» ( 3 ) . وتقريب الدلالة واضح ؛ فإِنَّ جميع هذه الآثار أُمور تكوينيَّة ، ولقاعدة السنخيَّة لابُدَّ أَنْ يكون المؤثِّر ـ وهو الإِمامة الإِلٰهيَّة ـ أَمرا تكوينيا أَيضاً. مضافاً : أَنَّ الأَثر يدلُّ على المؤثِّر ، وجميع آثار إِمامة أَهل البيت ^ الإِلٰهيَّة هذه أُمورٌ تكوينيَّةٌ ، فتكون إِمامتهم صلوات اللّٰـه عليهم الإِلٰهيَّة أَمراً تكوينيّاً أَيضاً. 2ـ بيان الإِمام الرِّضا × : «... إِنَّ الإِمامة : أَجلّ قدراً ، وأَعظم شأناً، وأَعلىٰ مكاناً ، وأَمنع جانباً ، وأَبعد غوراً من أَن يبلغها النَّاس ... وتتمة البحث تاتي ( ان شاء الله تعالى ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) غافر : 15. (2) الأنبياء : 23. (3) بحار الأَنوار ، 26: 1 ـ 7/ح1.