معارف الهية ( 57 )، تعريف حقيقة الامام وامامة اهل البيت عليهم السلام
12/03/2024
الدرس ( 57 ) بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، لازال البحث في تعريف حقيقة الامام عليه السلام وامامة اهل البيت عليهم السلام الالهية ، ومر الكلام في الدرس ( 54) انه لابد من التعرض لبيانات الوحي ليتجلى ذلك التعريف ، واذا رجعنا الى تلك البيانات لوجدناها على طوائف ، تذكر كل طائفة منها بعض خصائص ذلك التعريف وفصوله واجناسه ، وسنذكر ( ان شاء الله تعالى ) ( 13 ) طائفة ، مر الكلام عن الطائفة الاولى في الدرس ( 54 ) وعن الطائفة الثانية والثالثة في الدرس ( 55 ) ، ولازال البحث ( بحمد الله تعالى ) في الطائفة الرابعة ، ووصل الكلام الى البيان الثاني من هذه الطائفة : 2ـ بيان الإِمام الرِّضا × : «... إِنَّ الإِمامة : أَجلّ قدراً ، وأَعظم شأناً، وأَعلىٰ مكاناً ، وأَمنع جانباً ، وأَبعد غوراً من أَن يبلغها النَّاس بعقولهم ، أَو ينالوها بآرائهم ، أَو يقيموا إِماماً باختيارهم. إِنَّ الإِمامة : خَصَّ اللَّـه بها إِبراهيم الخليل × ، بعد النُّبوَّة والخلَّة ، مرتبة ثالثة ، وفضيلة شرَّفه بها ، وأَشاد بها ذكره ، فقال : [إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا](1) ، فقال الخليل × ـ سروراً بها ـ : [وَمِنْ ذُرِّيَّتِي](2)، قال اللَّـه عزَّوجلّ: [لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ](3)، فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالمٍ إلى يوم القيامة ، وصارت في الصَّفوة ، ثُمَّ أَكرمه اللَّـه عزَّوجلَّ بأن جعلها في ذرِّيَّته : أَهل الصَّفوة والطَّهارة ، فقال عزَّوجلَّ : [وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ](4)، فلم تزل في ذرِّيَّته يرثها بعض عن بعض ، قرناً فقرناً حتَّىٰ ورثها النَّبيّ ’ ، فقال اللَّـه عزَّوجلَّ: [إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ](5) ، فكانت له خاصَّة فقلَّدها ’ عليّاً ؛ بأمر اللَّـه عزَّوجلَّ على رسم ما فرضها اللَّـه عزَّوجلَّ ، فصارت في ذرِّيَّته الأَصفياء ، الَّذين آتاهم اللَّـه العلم والإيمان بقوله عزَّوجلَّ : [وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ](6)، فهي في ولد عَلِيّ × خاصَّة إلى يوم القيامة ؛ إِذ لا نبيّ بعد مُحمَّد ’ ، فمن أَين يختار هؤلاء الجهال ؟! إنَّ الإِمامة هي : منزلة الأَنبياء ، وإرث الأَوصياء. إِنَّ الإِمامة : خلافة اللَّـه عزَّوجلَّ وخلافة الرسول ، ومقام أَمير المؤمنين ، وميراث الحسن والحسين ^ ، إِنَّ الإِمامة : زمام الدِّين ، ونظام المسلمين ، وصلاح الدُّنيا ، وعزّ المؤمنين. إنَّ الإِمامة : أُس الإِسلام النامي ، وفرعه السَّامي ، بالإِمام تمام الصَّلاة ...»(7). ودلالته واضحة ؛ فإنَّ الدِّين وأركانه وأُسسه وأَعمدته أُمورٌ مجعولةٌ بالجعل الإِلٰهي التَّكويني ، وحيث إِنَّ الإِمامة الإِلٰهيَّة من الدِّين ، بل من أَركانه وأُسسه وأَعمدته كانت مجعولة بالجعل الإِلٰهي التَّكويني أَيضاً. وهذا ما أَشار إِليه بيان قوله صلوات اللَّـه عليه : «إِنَّ الإِمامة : خصَّ اللَّـه بها إِبراهيم الخليل × بعد النُّبوَّة والخلَّة ، مرتبة ثالثة ... فقال: [إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا](8)». بل الإِمامة هبة إِلٰهيَّة تكوينيَّة ، ووراثة اِصطِفائيَّة ، وهي أُمور إِلٰهيَّة اِصطِفائيَّة تكوينيَّة ، وروح تنتقل من صفيٍّ إِلى صفيٍّ آخر. وهذا ما أَشار إِليه بيان قوله صلوات اللَّـه عليه : «فلم تزل في ذرِّيَّته يرثها بعض عن بعض ، قرناً فقرناً حتَّىٰ ورثها النَّبيّ ’ ... فكانت له خاصَّة فقلَّدها صلَّىٰ اللَّـه عليه وآله عليّاً ×؛ بأمر الله (عزَّوجلَّ) على رسم ما فرضها اللَّـه (عزَّوجلَّ) فصارت في ذرِّيَّته الأَصفياء ، الَّذين آتاهم اللَّـه العلم والإِيمان ... فهي في ولد عَلِيّ × خاصَّة إِلى يوم القيامة ... الإِمامة : ... إرث الأَصفياء ... وميراث الحسن والحسين ‘». بل الإِمامة : تقليدٌ إِلٰهيٌّ اصطفائيٌّ تكوينيٌّ. وهذا ما أَشار إِليه صلوات اللَّـه عليه بقول : «فكانت ـ الإِمامة ـ له خاصَّة فقلَّدها ’ عَليّاً ...». إِذَنْ : الإِمامة الإِلٰهيَّة أَمر تكوينيّ. وعليه : قس سائر أَبواب العقائد: (التَّوحيد ، والنُّبُوَّة ، والرِّسالة ، والمعاد) حرفاً بحرف ؛ فإِنَّ الجميع يرتضع من ثدي واحد. وهذه قضيَّة مُهمَّة جِدّاً ، ينبغي مراعاتها في موارد البحث والإِستنباط. إِمامة أَهل البيت ^ شراكة مقامات الطَّائفة الخامسة : ما دلَّ على أَنَّ إِمامة أَهل البيت (صلوات اللَّـه عليهم) شراكة مقامات تابعة لسيِّد الأَنبياء ’ (9)، وأَحد تلك الشراكات : ... وتتمة البحث تاتي ( ان شاء الله تعالى ) ، وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) البقرة : 124. (2) البقرة : 124. (3) البقرة : 124. (4) الأنبياء : 72 ـ 73. (5) آل عمران : 68. (6) الروم : 56. (7) بحار الأَنوار ، 25 : 120 ـ 128/ح4. عيون أَخبار الرِّضا × ، 1 : 163/ح1. كمال الدِّين: 380 ـ 383. معاني الأَخبار : 33 ـ 34. (8) البقرة : 124.